بطلة فيلم (في شقة مصر الجديدة) نجوى تتميز بشخصيتها الصعيدية،
وتشعر بالذنب لمجرد شعورها بأنها وراء فصل معلمتها من المدرسة
أثناء المرحلة الإعدادية. وهي أيضاً مقتنعة بما تعلمته من معلمتها
عن الحب وعن إلتقاء كل شخص بنصفه الآخر.. الأمر الذي جعلها ترفض أي
شخص يتقدم لخطبتها، مصممة للبحث عن نصفها الأخر. وهي أيضاً ليست
ساذجة، أو نموذج مكرر للفتاة الريفية الجاهلة بالعالم الذي يحيط
بها.. حيث نراها تشير بأن محطة القطار التي سينزلون بها هي ميدان
رمسيس، لكن رمسيس نفسه تم نقله.. ولكن تبقى نجوى مثال واضح على تلك
البساطة والرومانسية.. فهي خجولة تبحث عن الحب في أغاني ليلى مراد،
لا شروط معينة لفارس أحلامها سوى أن ينجح في أن يشعرها بأنوثتها
وبجمالها.. منذ الوهلة الأولى نراها شخصية شفافة جداً، ونخمن بأنها
غير قادرة على التعامل مع واقع صعب كهذا، ولا يمكنها التصرف لحل أي
مشكلة تواجهها في مجتمع جديد عليها.. لكننا نكتشف العكس فيما بعد،
فهي تحمل في داخلها شخصية قوية، تعرف كيف تتعامل مع أي حدث مفاجئ
بتلقائية وثقة.. نراها كيف تتعامل مع سائق التاكسي (أحمد راتب)،
الذي يأخذها إلى سكن المغتربات، بعد أن فاتها القطار في المساء..
وكيف تتصرف مع بنات السكن، ومديرته (عايدة رياض)، تلك التي تجدها
وحيدة مثلها تبحث عن الحب الضائع. نلاحظ كيف تعبر نجوى عن
انزعاجها، عندما تتحدث بلهجتها الصعيدية بتلقائية تامة، حين تقبلها
لأي صدمة أو خبر مزعج. وكيف أنها تصر على شراء القطع الأصلية عند
تصليح تليفون يحيي المكسور بسببها.. وكيف تتصرف مع تلك الزوجة وهي
في حالة المخاض في دورة المياه بالمحطة.. نتابعها أيضاً في
تصرفاتها مع زميلتها في بيت المغتربات، تلك التي تحاول الانتحار،
وتنجح في إنقاذها من الموت.
أما
شخصية يحيي، فهي تثير الكثير من الأسئلة لدينا ولدى نجوى.. فيحيي
شاب محب للمغامرة والاندفاع.. يستعمل الدراجة في تنقلاته، ويعمل
كسمسار في البورصة، ويقيم علاقة مادية محرمة مع زميلته داليا (مروة
حسين) متخلياً عن أية التزامات مستقبلية بالحب والزواج، ويستغني
عنها في سبيل بحثه عن الحب الصادق.. وبالرغم من اللامبالاة التي
يظهرها للآخرين، إلا أننا نكتشف في مشهد مؤثر كم هو حساس ورقيق هذا
الشاب، وإن مشاكل الحياة الحديثة ومشاغلها قد أنسته تلك البراءة
والنقاء اللذان بداخله.. ففي الإذاعة حين يضطر لمساعدة صديقه أو
مجاملة له، نراه متأثراً وهو يتحدث للمستمع، وينهار ذلك القناع من
البرود الذي يخفي نفسه وراءه، بل نراه يبكي في نهاية المكالمة،
لنكتشف بأن تلك اللامبالاة ليست إلا ستاراً يخفي وراءه إخفاقاته
السابقة وخوفه من الارتباط بأحد.. طبيعة شخصية يحيي وحالته النفسية
متعلقة بطبيعة عمله في البورصة.. شخصيته متقلبة كالبورصة تماماً..
لا تثبت أبداً.. نلاحظ ذلك المزاج المتقلب لطباعه بين الغضب
والسعادة خلال مشهد واحد فقط. فهو شاب واقعي مثال للطهارة والنقاء،
لديه الكثير من الأصدقاء لكنه مازال يشعر بالوحدة.. ناجح في عمله،
بالرغم أنه غير مقتنع به.. يعيش زمن المادية والعولمة مما يجعله لا
يرى ما بداخله.. لا يرى هذا النقاء، إلا بعد أن يلتقي بنجوى.
|