في فيلم (قشر البندق ـ 1995)، نتابع
حديثنا عن الفيلم وشخصياته، حيث وصلنا للحديث عن لجنة التحكيم
للمسابقة، والتي تتكون من: دكتورة علم النفس والأديبة (صافيناز
الجندي)، وهي امرأة محافظة إلا أنها تعاني من الكبت الجنسي بسبب
العنوسة، وتشتاق لممارسة الجنس مع الرياضي. وعندما تختلي به في أحد
الغرف تجهل بأن الغرفة مراقبة بكاميرا تكشف على الهواء كل ما يدور
بينها وبين الرياضي. والمحكم الثاني دكتور في الأغذية من جامعة
كاليفورنيا. والثالث هي ملكة جمال وملكة شواطئ ميامي النجمة (مريم
فخر الدين). أما المحكم الرابع والأخير فهو رجل الأعمال محمود ذهني
(محمود ياسين) الذي اختارته مشرفة المسابقة ليكون عضواً في لجنة
التحكيم بسبب اعتذار مفاجأ لأحد أعضائها. وبالرغم من أنه لا يريد
الاشتراك إلا أن فاطمة تذكره بأنه يدين لها باعتذار وعليه أن يسدده
باشتراكه في لجنة التحكيم لإنقاذ الموقف.
سيناريو الفيلم جيد وخلاق ومكتوب
بعناية فائقة، استطاع به خيري بشارة أن يلفت انتباه المتفرج الى
أحداثه حتى آخر لقطة. فبالإضافة الى الحدث الرئيسي وهو المسابقة،
هناك العديد من الحكايات الثانوية كانت قد ساهمت في ربط الحدث
الرئيسي وتقويته.
فمثلاً هناك حكاية محمود ذهني (محمود
ياسين) رجل الأعمال المشهور والشاعر الفاشل والمتورط في قروض تقدر
بالملايين لذلك نراه يختار هذا الفندق ليختفي عن الأنظار والصحافة
والرأي العام الى أن يحل مشكلته مع المتسببين في توريطه. ولكن أجمل
شيء في هذه الحكاية هو صياغتها في السيناريو. حيث حرص كاتب
السيناريو على ألا تكون محشورة حشراً في السيناريو. فجعل الدكتور
زهدي يكتب رسالة لصديقه القديم عبد العزيز يروي له ويتحدث له في
لحظة صدق عن مشوار حياته خلال ال 25 سنة الأخيرة وعن كل ما يحسه
ويشعر به، حيث يكتشف متأخراً بأنه قد أخطأ الطريق في مشوار حياته.
دون أن يكون لظهور شخصية هذا الصديق على الشاشة ضرورة حتى ولو
للقطة واحدة، مختصراً في هذه الرسالة قصته بكاملها في دقائق
معدودة. بدل المط والتطويل الذي عودتنا عليه أغلب الأفلام المصرية.
حيث يظهر محمود في لقطات سريع وذكية أثناء سرد قصته لصديقه. وهناك
إعلان المسابقة (هات حته.. هات حته) الذي نفذ بخيال جميل ومتناسب
وجو الفيلم العام. كذلك مشهداً يظهر المشارك فتحي الإسكندراني وهو
في طريقه الى الفندق مع مرافقه، يكح بصوت يتناسب مع نغمة المؤثر
الموسيقى للفيلم، وتتبعه عدة لقطات لآخرين يكحون على نفس النغمة،
ليتكون مشهد فنتازي كوميدي جميل. إنه حقاً مشهداً يعد من بين أبرز
المشاهد التي استخدمها المخرج لإعطاء طابعاً خفيفاً مقبولاً
لفيلمه. وهو بالطبع ليس مشهداً شاذاً كما يعتقد، بل هو يتناسب
والجو العام للفيلم. وهناك الكثير من المشاهد والمواقف التي نفذها
المخرج المبدع خيري بشارة بخبرة ودراية، ووصلت الى المتفرج بشكل
جميل وسلس.
بالنسبة للإخراج بشكل عام، نجح خيري
بشارة في تقديم فيلم جميل وسريع الإيقاع، كما نجح في إدارة فريق
عمله الفني في الارتفاع بمستوى الفيلم الفني والتقني. من خلال حركة
كاميرا سريعة وزوايا تصوير موفقة ومنسجمة مع المونتاج السريع
اللاهث والشفاف والمتناسب والحدث الدرامي. هذا إضافة الى الموسيقى
التصويرية والألحان التي أكملت هذا الانسجام العام.
ولا يمكن إلا أن نشير الى ذلك الأداء
الأخاذ من جميع الممثلين كباراً وصغاراً، وإدارتهم الجيدة من قبل
المخرج الحساس خيري بشارة. يبرز منهم الوجه الجديد رانيا محمود
ياسين، التي نجحت في أول تجاربها وقدمت دورها بثقة وتمكن، وأعلنت
عن وجودها على الشاشة. أما الفنانة عبلة كامل صاحبة الأداء
التلقائي الطبيعي، فهي تواصل تألقها الفني من فيلم الى آخر، وذلك
بتوفيقها في اختيار أدوار متميزة وناجحة. |