(الاحتياط واجب ـ 1984) بطولة أحمد زكي ومديحة كامل وابوبكر عزت،
ومن اخراج أحمد فؤاد. والمخرج أحمد فؤاد فنان كوميدي أساساً، ولكن
مشكلته الرئيسية هي العثور على الموضوع أو الفكرة الجيدة والعميقة،
والتي تحمل قيمة خاصة أكثر من كونها دراما لمجرد إضحاك الجمهور.
وهي مشكلة مرتبطة بأزمة السيناريو عموماً في السينما المصرية أكثر
من إرتباطها بأحمد فؤاد شخصياً بالنسبة للدراما الكوميدية.
وهذا لا ينفي ـ بالطبع ـ ان مخرجنا في هذه الحالة يدفع ثمن اخطائه
الشخصية، ومنها سهولة تعامله مع الافلام ومع المتفرج والحياة. ثم
عدم حرصه في البحث عن موضوع جاد يقول من خلاله سيئاً مفيداً
للجمهور وهو يضحكه.
وبفيلمه (الاحتياط واجب) نشعر بانه بدأ يتحسس طريقه وينظر حوله بل
يقيم ماضيه الفني، في محاولة لصنع فيلم جاد ذي قيمة. نقول محاولة..
حيث من بعد هذا الفيلم قدم أحمد فؤاد الفيلم الناجح (بيت
القاصرات)، ومن بعده فيلم (الحدق يفهم).
تقوم فكرة فيلم (الاحتياط واجب) الرئيسية على ان القهر والعنف
والتسلط كلها اساليب لا تجدي لإدارة أي شيء، ولا يمكن ان تثمر
عملاً أو حباً لا على المستوى العام ولا المستوى الخاص.
وتتجسد هذه الفكرة في مستويين أو خطين، الاول يقدم لنا (أحمد زكي)
الاخصائي الاجتماعي الشاب والمعين حديثاً في إصلاحية للشباب
المنحرفين. ومن خلال هذا الخط يريد الفيلم ان يقول بان من نسميهم
الاحداث او المنحرفين، ما هم إلا ضحايا ظروف عائلية اجتماعية
قاسية.. وبتغيير هذه الظروف وتحسينها ومحاولة استخلاص طاقات الخير
الكامنة فيهم، يمكن ان يصبحوا عناصر ايجابية فعالة في هذا المجتمع.
وهذا بالضبط ما حاول فرضه الاخصائي الاجتماعي بقيمه الجديدة على
مجتمع الاصلاحية الخاطئ والوحشي، حيث نكتشف ان المسئولين والمشرفين
فيها يعاملون هؤلاء الشبان بكل اشكال العنف والقهر الممكنة،
باعتبارهم حثالة المجتمع، مع ان انحرافات هؤلاء المشرفين انفسهم
ربما كانت أخطر من انحرافات الشباب الاحداث.
الفيلم لا يستثمر امكانيات تلك الشقاوة والمواقف الصبيانية الطريفة
التي يقوم بها شبان الاصلاحية، لمجرد الاضحاك على حساب القيم
التربوية والاخلاقية، وإنما نشعر بان هذا الجزء الخاص بالإصلاحية
هو أفضل ما في الفيلم. ففي هذا الجزء يقدم الفيلم ما يشبه الدراسة
الجادة لنماذج هؤلاء الشباب اجتماعياً وتربوياً في مواجهة محاولات
الاخصائي لفرض قيم جديدة. كما ان المخرج أحمد فؤاد كان في أفضل
حالاته في هذا الجزء، من حيث تنفيذ تلك المشاهد او سهولة حركة
الكاميرا وانسيابها بتدفق وايقاع محكم، إضافة الى إدارته الجيدة
لفريق الممثلين الجدد (في أول ضهور لهم على الشاشة)، حيث كونوا
مجموعة متجانسة مدهشة. |