يتحدث فيلم (هي فوضى) عن الجماهير
وتحكم السلطة الديكتاتورية في مصر.. ممثلة ببعض النماذج السيئة..
هذه الديكتاتورية التي تولد الثورة في النهاية.. هذا ما يقوله فيلم
(هي فوضى)..!!
يتحدث الفيلم عن شخصيتين رئيسيتين..
الأولى حاتم (خالد صالح)، أمين الشركة الذي سمح لنفسه أن يستخدم
صلاحيات أكبر من منصبه، نتيجة تسيب رؤسائه وفسادهم، وليصبح بالتالي
موظفاً مرتشياً وأداة تسلط وتعذيب لكل من يخالف أو يعترض على سياسة
الحكومة، ويعلن صراحة بأنه هو الحكومة.. إضافة إلى الأمراض النفسية
التي تحملها الشخصية، مثل السادية والهوس الجنسي.
الشخصية الثانية هي شريف (يوسف
الشريف)، وكيل النيابة الشاب، الذي يمثل الحارس على القانون
وتقاليد المجتمع، إلا أنه في تصرفاته يبدو متذبذباً، ومتعجرفاً
وذلك من خلال علاقته بحبيبته سيلفيا حيث يتغاضى عن تصرفات غريبة في
سلوكها غير مقبولة من المجتمع، أو في علاقته بوالدته وتلك الرواسب
التي يحملها تجاهها.. هذا إضافة إلى سوء استخدامه لمكانته كوكيل
نيابة في بعض المواقف.
الاثنان (حاتم وشريف) يدخلان صراعاً
حول البنت البريئة الشابة نور (منة شلبي)، وهي ابنة بهية (هالة
فاخر) المرأة المصرية القوية والقادرة على إعادة التوازن للمجتمع
ومواجهة أي أخطار تحيق به.. هكذا هي بهية في أفلام يوسف شاهين..
المهم أن نور تعمل مدرسة لغة إنجليزية، وتربطها علاقة قوية بناظرة
المدرسة التي تعمل بها (هالة صدقي)، المرأة ذات الشخصية القوية
والتي تحمل مبادئ أخلاقية وسياسية لا تحيد عنها، مما يؤثر سلباً
على حياتها الأسرية.. المهم أن نور تفصح لوالدة وكيل النيابة بأنها
مغرمة بابنها وتريد الارتباط به.. ونساعدها الأم على ذلك.. وفي نفس
الوقت نرى بأن أمين الشرطة حاتم يعشقها حد الهوس.. إلا أنها لا
تبادله نفس الشعور.
يصل الصراع إلى ذروته بعد اغتصاب نور
من قبل أمين الشرطة في مشهد درامي مباشر لا ينتمي لأسلوب يوسف
شاهين بتاتاً.. ونرى كيف أن هذا الحدث قد خلط الأوراق بين الدافع
الوطني والدافع الشخصي في مواجهة الشر القادم من أمين الشرطة
حاتم..!!
وبالرغم من التفاوت الكبير في
الإيجابية لكل شخصية باتجاه المجتمع.. إلا أن كليهما يستفيد من
السلطة التي منحت لهما من قبل الدولة أو المجتمع، في أموره
الشخصية، وهي إدانة من قبل الفيلم وإشارة إلى أن الفساد يمكن أن
يتمكن من جميع أفراد السلطة صغيرهم وكبيرهم.. علاوة على ذلك فإن
الصراع الدائر بين الشخصيتين يبدو غير متكافئ تماماً..!!
الفيلم كفكرة وموضوع لا غبار عليه..
جريء وصادم ويقدم إدانة واضحة لسلطة الدولة وسلطة المجتمع، ويكشف
التجاوزات الخارجة عن القانون ومسببات العنف والإرهاب.. إلا أن كل
ذلك جاء بشكل مباشر، ولم يتمكن السيناريو من صياغة الفكرة ويقدمها
من خلال أسلوب فني لماح.. فالفيلم اعتمد على الثنائية التقليدية
(الخير والشر)، وجسد الصراع الدائر بينهما.. بل وتناول هذه
الثنائية بشكل ميلودرامي فج.. اعتمد على الإثارة والأكشن.. اللذان
يتميز بهما أسلوب المخرج خالد يوسف.. ولم يسعى لتقديم أسلوب يعتمد
الهدوء والإيحاء بالرمز والتأمل العميق في الشخصيات والأحداث، الذي
يتميز بهما شاهين في غالبية أفلامه..!! |