يتناول فيلم (السادة الرجال ـ 1987) أبعاد العلاقة بين الرجل والمرأة، من
خلال منظور إجتماعي ونفسي. فنحن أمام زوجين، أحمد (محمود عبد العزيز)
وفوزية (معالي زايد)، تشتد بينهما الخلافات ويحاول كل منهما أن يستبد
برأيه.
ويقدم الفيلم، من خلال هذه العلاقة، فكرته الأساسية، وهي أن المرأة عندما
يستقر قرارها على شيء، فهي ستحاول تحقيقه، حتى ولو كلف ذلك حياتها.
فالـزوجة فوزية إمرأة ناضجة تتميز بالأنوثة والجمال، متزوجة من صحفي له
ثقله وسطوته، لكنه ينظر إليها نظرته لمجتمع الحريم، وينهاها على أن تتجاوز
حدودها كإمرأة، ويردد دائماً بأن الرجل هو صاحب الأمر والنهي في الحياة
الأسرية وفي المجتمع ككل. لذا نرى فوزية تتمرد على هذه الحياة ويصل بها
الأمر الى حد الثورة على مجتمع الرجال وعالمهم المضطهد للمرأة، فتقرر أن
تصبح رجلاً، وتصارح صديقتها وزميلتها في العمل سميرة (هالة فؤاد) بقرارها
هذا، بإعتبارها المقربة الوحيده منها، وبإعتبارها تعيش معها كل تفاصيل
حياتها، وتدرك مدى تعاستها في حياتها الزوجية. فتنتهز فوزية فرصة غياب
زوجها في إحدى سفرياته الصحفية، وبالفعل تذهب الى أحد المستشفيات وتجري
عملية حراحية تتحول بعدها الى رجل، كامل الرجولة. وعندها تصبح فوزية هي
فوزي، الشاب الأنيق والوسيم، ومن ثم تعود الى صديقتها سميرة، التي تصعقها
المفاجأة.
ويقدم رأفت الميهي طرحه الإجتماعي والفكري من خلال دراما إجتماعية في إطار
كوميدي ساخر، ينتقد فيه صورة وواقع مجتمع الرجال ممن لا يزالون مرتبطين
بالعلاقات والمفاهيم الإسرية القديمة المتعجرفة.
وتتتابع الأحداث والمواقف الكوميدية الساخرة، حيث يعود الزوج من السفر ليجد
زوجته رجلاً بل أكثر منه رجولة، فيحاول أن يثور على هذا الوضع. ولكن لا
فائدة الآن، فعليه أن يعيش في الوضع الجديد هذا، دون أي إعتراض، خاصة وأن
القانون قد قرر أن يبقى الوضع على ماهو عليه، ليحيا الإثنان تحت سقف واحد.
ويصبح على الزوج المثقف والمتنور أن يتقبل كل شيء تقوم به زوجته السابقة.
وبالتالي علي أن يقبلها كرجل يحيا حياته كما ينبغي، له كلمته وسطوته، ويبحث
عن فتاة يحبها. وبالفعل يتقدم فوزي لخطبة سميرة، التي توافق بدورها على
الزواج منه. والمفاجأة هي أن الزوج أحمد أيضاً راح يبحث عن زوجة أخرى،
وهداه التفكير في صديقة زوجته سميرة. وعندما يذهب إليها طارقاً بابها
طالباً يدها، تظهر له سميرة في ثياب النوم، وبجوارها زوجها الجديد فوزي،
فيكاد يسقط مغشياً عليه.
في فيلم (السادة الرجال) يقدم الميهي موضوعاً مثيراً من الناحية
الإجتماعية، له أبعاده الفكرية والميتافيزيقية، ومن خلال حس درامي كوميدي
ساخر، يبرز تناقضات الواقع، ومن خلال تلك الهوة العميقة بين الرجل والمرأة.
ومثل ما سخر الميهي من المساواة بين الرجل والمرأة، نراه يسخر أيضاً من
المرأة التي تتصور إنها تحل مشكلتها كإمرأة بأن تتحول الى رجل، فحل المشكلة
ليس بإلغائها، حيث نشاهد المتاعب التي واجهها فوزي بعد زواجه من سميرة،
وإكتشافه بأنه يمارس معها نفس ما كان يمارسه الزوج أحمد مع الزوجة فوزية.
فالمشكلة ليست بين المرأة والرجل، بل هي مشكلة المجتمع والواقع المحيط
لهما. كما تمكن الميهي من تقديم هذا الطرح، من خلال معالجة سينمائية موفقة
وفهم واع ومتميز للواقع الإجتماعي في تناقضاته، ومن خلال حسه الفني والخلاق
بمفردات اللغة السينمائية وإمكانيات توضيفها. |