حين تتوالي المهرجانات السينمائية تصير المعرفة أفضل والرؤية
أكثر وضوحا وتتبع الفروق بين هذا المهرجان.. أو ذاك مهم للناقد بقدر ما هو
ممتع لأنك تكتشف - كما حدث معي - ان كل مهرجان أخذ من البيئة المحيطة به
ومن توجهات مجتمعه الروح والمذاق والنظام.. مهما حاول أن يغير أو يدعي
العكس.. أقول هذا بعد نهاية مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته
الواحدة والثلاثين وذهابي إلي دبي لحضور مهرجانها السينمائي في دورته
الرابعة التي افتتحت مساء الأحد الماضي علي مسرح قصر المدينة الفاخر الذي
يسع ألفي مدعو وجهت لهم الدعوات.. كان أهم مافي الافتتاح وجود النجم
الأمريكي الكبير جورج كلوني والذي وان تم اختياره لمرات متعددة كأكثر نجوم
هوليوود وسامة إلا أنه يكشف فيما يقوله ويسلكه عن عقل مثقف ومنظم وذكاء
يتفوق علي الوسامة وفي حديثه الأول لنشرة مهرجان دبي يؤكد علي أهمية
التواصل والحوار مع العالم العربي والإسلامي من خلال اللجوء إلي مصر
والإمارات والدول المعتدلة للبحث عن عوامل مشتركة تخص أصحاب الثقافات
المختلفة!!
كلوني صعد إلي المسرح بعد عبدالحميد جمعة رئيس المهرجان وألقاء
كلمة الشيخ احمد بن سعيد آل مكتوم الرئيس الفخري ثم مسعود أمرالله المدير
الفني للمهرجان وسايمون فيلد مدير البرامج الدولية الذي قدم فيلم الافتتاح
"مايكل كلاتبون" أحدث أفلام كلوني.. الغريب في الأمر هو عدم صعود النجمة
الأمريكية شارون ستون إلي منصة الافتتاح لتحيي الجمهور برغم وجودها في
المكان وحيث اعتلت منصة أخري في اليوم التالي هي حملة المهرجان بجمع
التبرعات لدعم ابحاث مرض الإيدز وحماية الناس منه وتوفير المعلومات حول
العلاج والوقاية وهي حملة تقودها مؤسسة "أمنار" غير الربحية وترعاها حرم
الشيخ حمد بن راشد حاكم دبي ويبدو أن المسئولين عن المهرجان فضلوا ترك
المساحة كاملة لكل نجم أو اعتبروا وجود كلوني وحده يكفي.. مع هذا فليس
بالنجوم وحدهم تعيش المهرجانات وتقوي وإنما بالسينما ومبدعيها وتنوعها وهو
ما تحققه هذه الدورة التي تستمر حتي 16 من الشهر الحالي ويشارك فيها 141
فيلما و52 دولة مسجلة زيادة بنسبة الضعف في الحضور والمشاركة وعدد الجوائز
عن الدورة الأولي عام 2004 من بين الأفلام القادمة - 73 فيلما تعرض لأول
مرة - كما قيل في النشرة - في الشرق الأوسط تنتظم هي وغيرها والنشرة التي
أقصدها ليست المطبوعة الرسمية للمهرجان وأنما مطبوعة تخص شركة جودنيوز
المصرية وتنشر كل جديد للمهرجان بشكل بارع لم يحدث من قبل!
"أسمهان"
الراقصة
في ثاني أيام المهرجان عرض الفيلم المصري "ألوان السما السبعة"
سيناريو زينب عزيز لليلي علوي وفاوق الفيشاوي والمخرج سعيد هنداوي وقد
استقبل استبقبالا طيبا ويعرض في المسابقة الرسمية للفيلم الروائي مع عشرة
أفلام أخري من بينها فيلمان آخران من مصر هما "في شقة مصر الجديدة" تأليف
وسام سليمان واخراج محمد خان وبطولة غادة عادل وخالد أبوالنجا و"بلد
البنات" تأليف علا الشافعي واخراج عمرو ببيومي وبطولة من الوجوه الجديدة.
أما مسابقة الأفلام الوثائقية فتضم 13 فيلما منها فيلم مصري واحد هو "صنع
في مصر" سيناريو واخراج كريم جوري الذي ترك مصر صغيرا إلي فرنسا وعاد بعد
سنوات طويلة ليبحث عن جذوره وأهله وليس معه إلا صورة قديمة لوالديه التقطت
ذات يوم في القاهرة. أما مسابقة الأفلام القصيرة فلم يشارك فيها أي فيلم
مصري وهو أمر غريب لأن إنتاج الفيلم القصير ينمو في مصر بسرعة بينما نجد
أربعة أفلام أردنية تشارك من بلد بدأ صناعة السينما منذ ثلاثة أعوام فقط
ويعرض فيلمه الروائي الأول الطويل "كابتن أبي رائد" في هذا المهرجان وليست
السينما الأردنية فقط وإنما الإماراتية أيضا وحيث شارك فيلمان من الإمارات
في مسابقة الفيلم القصير كما تتضمن برامج المهرجان برنامج "أصوات اماراتية"
الذي يتضمن عددا من أهم الأفلام التي قدمها السينمائيون الجدد في الإمارات
من بينها الأفلام الفائزة بجوائز المسابقة المحلية عن هذا العام وغيره
ثلاثة عشر برنامجا تبدأ ببرنامج "العروض الافتتاحية" التي تعني تقديم فيلم
ما في اطار احتفالي علي السجادة الحمراء وفي القاعة الكبري ويعقبه عشاء علي
مدي أيام المهرجان وفي اليوم التالي كان العرض الافتتاحي للفيلم الأمريكي
التحريك "النمل" الذي بدأ عرضه العالمي منذ وقت قصير وحقق أرباحا قياسية
وفي اليوم الثالث لدبي عرض فيلم "لولا" من الإنتاج الفرنسي وإخراج المغربي
نبيل عيوش ويقوم بتمثيله نجوم من أمريكا والمغرب ولبنان رغم انه عن مصر
فبطلته الأمريكية تلتقي بحبيبها زكريا في نيويورك وتتبعه إلي مصر لكنها
تصطدم بالوجه المحافظ الطارد لأسرته الكبيرة وتنصرف إلي تحقيق حلمها في
العمل كراقصة شرقية وتتجه إلي الراقصة الكبيرة المعتزلة "اسمهان" التي
اعتزلت بعد حادثة شرف واختفت عن العالم وتطاردها لكي تعلمها الرقص الشرقي
وتتعلم وتخترق ليالي وافراح القاهرة وتمزج بين الايقاع الشرقي والغربي ثم
تقرر العودة لبلادها الفيلم يحتاج لوقفة أخري فالصورة جميلة ولكن السيناريو
يحتاج إلي مناقشة.
شاهين..
وداني جلوفر
ويكرم المهرجان هذا العام المخرج الكبير يوسف شاهين ويعرض له
فيلمين "باب الحديد" و"هي فوضي" وفي كتالوج المهرجان كتب عنه الناقد محمد
رضا مدير المسابقة العربية ومسعود أمرالله المدير الفني أنه لم يحقق مخرج
عربي ما حققه يوسف شاهين من انتصارات وانجازات سينمائية كما يكرم ايضا
المخرج الكوري الكبير ايم كوون نيك الذي اخرج أول أفلامه عام 1962 وقفز
بالفيلم الكوري قفزات متتالية وثالث المكرمين هو الفنان الممثل الأمريكي
الكبير داني جلوفر كرمه مهرجان القاهرة منذ سنوات بعد رحلة عمل ونجومية
طويلة أسس شركة لانتاج أفلام سياسية وتاريخية واجتماعية للمخرجين من العالم
الثالث وافريقيا بالتحديد وبالمهرجان برنامج لسينما افريقيا وسينما آسيا
واحتفال بالسينما الهندية وبرنامج للأفلام العالمية التي تتناول قضايا
عربية مثل أوضاع العرب في أمريكا بعد 11 سبتمبر 2001 وأيضا برنامج للأفلام
الوثائقية التي تطرح قضايا العصر واختير برنامج "الجسر الثقافي" الذي يتيح
فرصة المناقشة للعلاقة بين الثقافات.
الجمهورية المصرية في 13
ديسمبر 2007
|