مع اقتراب موعد الدورة الرابعة لمهرجان دبي السينمائي الدولي
الذي تنطلق فعالياته في التاسع من شهر ديسمبر المقبل وتستمر لغاية السادس
عشر منه، تتكثف الاستعدادات التي تقوم بها إدارة المهرجان وأقسامه المختلفة
على غير مستوى، من أجل الوصول إلى إظهاره بحلة مختلفة ومتطورة عن دوراته
السابقة.
وشكل اللقاء الذي جمع ظهيرة أول من أمس عبد الحميد جمعة رئيس
المهرجان ومسعود أمرالله المدير الفني بعدد من الإعلاميين العرب والأجانب
في سوق مدينة جميرا، حالة جديدة في عملية التواصل بين أركان المهرجان
والصحافيين المعنيين بتغطية فعالياته. الجلسة اتخذت طابع الحميمية، إذ ليس
هناك منصة يجلس خلفها المتحدثون، ولا مساحة تفصلها عن مقاعد الصحافيين..
توزعنا على مجلسين في قاعة «سيغريتو» وهو مطعم إيطالي صغير.. في أحدهما،
التقى عبد الحميد جمعة الإعلاميين العاملين في وسائل الإعلام الناطقة
بالانجليزية، بينما تجمعنا ومسعود أمر الله على الأرائك المجاورة.
منذ البداية، كان التكتم حول المعلومات الأساسية، عنواناً
للحديث، فلم يبد أي من الرجلين أي تجاوب مع رغبتنا والزملاء الحاضرين في
الكشف عن أسماء الضيوف النجوم وأعضاء لجنة التحكيم وعناوين الأفلام العربية
التي اعتمدت ضمن مسابقة المهر للفيلم العربي وهي الوحيدة ضمن المهرجان. لكن
الحديث رغم كل ذلك، جرى بانسيابية وحرية وانفتاح، وتعامل كل من عبد الحميد
جمعة ومسعود أمرالله برحابة حتى مع الأسئلة الجريئة.. فأجاب جمعة بابتسامة
رداً على سؤال عما إذا كانت إقالة نيل ستيفنسون المدير السابق للمهرجان
ستؤثر سلباً على حضور الضيوف الأجانب..
وقال:«إن علاقاتنا باتت راسخة بالعديد من نجوم السينما وصناعها
في العالم، انطلاقاً من تواصلنا معهم أثناء الدورات الثلاث السابقة، ولم
يكن ستيفنسون وحده في إدارة المهرجان ، إذ كنا نشكل فريق عمل جماعيا وكل
منا له دوره الفاعل في العلاقة مع التظاهرات السينمائية العربية والدولية
والنجوم في الشرق والغرب.. لذا لا أرى في ذلك أي تأثير، وسوف نعلن قريباً
من هم النجوم الذين سيتم تكريمهم، والضيوف الآخرين الذين سيحضرون مع
أفلامهم».
وحين سألنا جمعة عما إذا كان هؤلاء النجوم الذين يستضيفهم
المهرجان يتلقون مكافآت على جاري العادة في مهرجانات أخرى، تغيرت ملامحه
قليلاً، ثم بادرنا بهدوئه المعتاد: «كن على يقين أننا لم ندفع أي مبلغ مالي
لأي نجم كان عربياً أم أجنبياً من ضيوف السجادة الحمراء، منذ انطلاقة
المهرجان ولغاية الآن، ولن نفعل ذلك مستقبلاً، ولقد أخذنا قراراً بذلك.. كل
ما في الأمر أننا نوفر لهم تذاكر السفر والإقامة الراقية والمريحة..
فالمهرجان يجب أن يتمتع باحترام أهل السينما بفعالياته الترفيهية ومحتواه
من العروض، وألا يصبح من دون هدف ولا معنى».
وحول آليات اختيار الضيوف، قال جمعة:« نسعى لاستقطاب أسماء
كبيرة لها تجاربها الإنتاجية المميزة في عالم الفن السابع، لتقدم أفلامها
ورؤيتها الفنية أمام السينمائيين والنقاد والجمهور.. وأحب أن أنوه هنا إلى
أنني قلت للفنان عادل إمام حين التقيته أخيراً: أنت من أصدقاء المهرجان،
واعتبر نفسك ضيفاً دائماً علينا ساعة تشاء».
وفي إجابته عن سؤال حول إمكانية رفع قيمة الجوائز، بادرنا جمعة
بالقول:«لا يجب الخلط بين دور الدولة في دعم صناعة السينما وبين وظيفة
المهرجان الذي يعد مكاناً لعرض الأفلام والاحتفال بها، وأعتقد أن جائزة
كتاب السيناريو التي اعتمدت الدورة الماضية وقيمتها 50 ألف درهم، هي معنوية
أكثر منها مادية وقيمتها أنها تجعل من الحائزين عليها أمام مسؤولية الفعل
المبدع، ومواصلة مسيرتهم وطموحاتهم في عالم السينما..
وأن يقوم رجل مثل المخرج العالمي أوليفر ستون بتسليم الجائزة
التي أقرها محكمون وخبراء موثوقون، فذلك يكفي لمعرفة قيمة هذه الجائزة..
لكن هذا الأمر لا يعفي من قيام الدولة وهيئات المجتمع والمؤسسات ورجال
الأعمال من القيام بواجب الدعم للمواهب المواطنة.. وقد بدأت بوادر ذلك
تتجلى في دعم الفيلم الإماراتي «تنباك» من مدينة دبي للاستوديوهات وإحدى
مجموعات الأعمال والاستثمار في دبي، ولا أخفي مدى سعادتي بهذا الأمر».
وفي ختام حديثه إلينا وعد عبد الحميد جمعة بتغيير جذري في
العلاقة مع الصحافيين الذين سيتولون تغطية الفعاليات، معتبراً أن هناك سوء
فهم لدى البعض حيال المهرجان وقال :« انتم عيوننا التي من دونها لا تصل
أخبارنا إلى الناس، ونريد أن تكونوا شركاءنا وتساعدونا على أداء أفضل».
ولم يكن مسعود أمرالله أقل حذراً في الإجابة عن أسئلة حول
أسماء الأفلام والضيوف، لكنه قال: «إن الجديد لدينا يتمثل في فيلم طويل ضمن
المشاركة الإماراتية، بينما ستكون نسبة الحضور العربي في العروض أكثر من
النصف، حيث يشارك 36 فيلماً في منافسات مسابقة المهر للفيلم العربي، و20
فيلماً في قسم الليالي العربية وتسعة عروض في قسم الأفلام الإماراتية، وهذه
العروض ستكون من أصل 120 فيلماً سوف تعرض طوال أيام المهرجان».
وحول اختيار الأفلام، أوضح أمر الله قائلاً:« إننا نبحث عن
الأفلام التي تعنى بالهم العربي، ونمضي حوالي السبعة شهور قبل أن نستقر على
عدد منها، وقد وردنا أكثر من ثلاثمئة فيلم اخترنا منها 36 عملاً للاشتراك
في المسابقة الرسمية». وعن المغزى من إقامة مسابقة عربية فقط في المهرجان
وعدم تنظيم مسابقة دولية مثل سائر المهرجانات، أجاب أمرالله قائلاً: «نسعى
لخدمة السينما العربية أولاً كوننا مهرجاناً عربياً، فالمهرجانات الدولية
عديدة ، لكن أن تكون هناك مسابقة مخصصة للأفلام العربية، فإن ذلك يضيء
جيداً على أعمال المبدعين العرب أمام صناع السينما والمنتجين العرب
والعالميين».
وختاماً كان سؤالنا عن الرقابة حول الأفلام التي تعرض في
المهرجان ، فبادرنا أمرالله بالقول:«أقولها بكل صراحة ووضوح وثقة أنه لم
يتم التدخل في أي فيلم من الأفلام التي عرضت في الدورات الثلاث السابقة،
ولم نحذف أي مشاهد، ولكننا نحرص في اختيار الأفلام على احترام البيئة التي
نعيش فيها، ومعظم المهرجانات تعامل مع المسألة بالطريقة ذاتها، وينسحب ذلك
على توجه المهرجان حيال المواضيع المطروحة إن كانت سياسية أو اجتماعية..
وأقول أخيراً : ما الفائدة من فيلم نعرضه في المهرجان، يخرج بعد عرضه
المشاهدون في بلدنا وهم منزعجون من محتواه».
البيان الإماراتية في 7
نوفمبر 2007
|