كتبوا في السينما

سينماتك

جريمة بلا عقاب .. وعقاب بلا جريمة!

مهرجان كان : آمال عثمان

مهرجان كان الـ 60

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

أرشيف

إبحث في سينماتك

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

جريمة بلا عقاب .. وعقاب بلا جريمة .. قبلة موت من عاشقة تتجرع كأس الخيانة .. وقبلة حياة بطعم التوت الأزرق علي شفاه قلب جريح .. رحلة بحث عن الذات وهروب من الآلام .. وذكريات رحلة أليمة علي جدار وطن حزين .. روح سجينة داخل أعماق جسد ميت .. و جسد بلا روح يرتوي بدماء البشر ورائحة القتل .. عالم يعيش فيه الإنسان علي حافة الضياع والوحدة والخوف والاحباطات.. عالم صورت وجهه الحقيقي كاميرات المخرجين .. وعشنا ملامحه وتفاصيله علي شاشة مهرجان 'كان' السينمائي الدولي في عامه الستين .

بداية جميلة وقوية للمهرجان مع فيلم الافتتاح 'ليالي التوت الزرقاء' أول فيلم ناطق باللغة الانجليزية للمخرج الصيني 'وانج كار واي' أحد أهم صناع السينما الصينية .. وأحد الضيوف الدائمين الذين اعتادوا صعود السلالم الحمراء .. ليس فقط مع أحد أفلامه فحسب .. وانما أيضا كرئيس للجنة تحكيم المهرجان خلال العام الماضي .

والفيلم يشارك في المسابقة الرسمية ، وتدور أحداثه في أمريكا ويستعرض مجموعة شخصيات تعاني من الوحدة والانهيار والفشل في علاقاتها العاطفية من خلال بطلة الفيلم 'اليزابيث' التي تلتقي مع شاب يمتلك مقهي صغيرا يشاركها وحدتها، وحزنها علي انهيارعلاقتها، وفقدان حبيبها ..وتتسرب بداخلهما مشاعر حب مع فطيرة التوت الزرقاء .. التي اعتادت أن تهرب بها كل ليلة من وحدتها، وجراحها علي حبها الضائع .. و تقوم برحلة إلي عالم مجهول ..عبر عدة ولايات أمريكية.. بحثا عن ذاتها .. وهروبا من ذكريات وجراح علاقة حب فاشلة.. وتضطر للعمل في أحد البارات ليلا وفي إحدي الكافيتريات نهارا .. أملا في نسيان جراحها، وتدبير المال الذي يكفي لشراء سيارة ، وتنتهي رحلتها­ التي تحولت الي سلسلة من المغامرات في ممفيس ولاس فيجاس ­ من حيث بدأت في نيويورك مع الشاب صاحب المقهي الذي يمنحها 'قبلة حياة' بمذاق التوت الأزرق .. تنتشلها تلك القبلة من الجراح وتعيد لها الحياة من جديد

الطريف أن المخرج ' وانج كارواي' كان قد دعا بعض الصحفيين إلي مشاهدة تصويرمشهد في مطعم بحي سوهو الشهير في نيويورك، وكان مشهد 'القبلة' يجمع بين بطلي الفيلم 'نورا جونز وجود لو'. الذي يحاول إزالة بقايا فطيرة الحلوي التي تركت آثارها علي شفاه نورا،. وقد صور كارواي هذا المشهد، عن طريق مدير التصوير الإيراني الأصل داريوش خونج، نحو 150 مرة علي مدي ثلاثة أيام وتظهر هذه اللقطة علي الشاشة مرات عديدة، ومن زوايا مختلفة.

والفيلم مليء بالمشاعر الانسانية الدافئة .. وجاء اختيار المطربة نورا جونز التي تقف أمام الكاميرا لأول مرة مناسبا تماما لشخصية 'اليزابيث' التي جسدتها في الفيلم ببساطة، وتلقائية وصدق . وكذلك نجح النجم الانجليزي 'جودلو' في إضفاء جاذبية من نوع خاص علي شخصية 'جيرمي' صاحب المقهي .

ونورا جونز بطلة فيلم 'ليالي التوت الزرقاء' متعددة المواهب فهي مغنية وعازفة بيانو ومؤلفة أغاني .. وحققت شهرتها علي مستوي العالم عام 2003 من خلال البومها الشهير come away with me الذي حقق مبيعات أكثر من 20 مليون نسخة في العالم .. وحصل علي 8 جوائز في مسابقة جرامي الشهيرة .

ورغم أن الفيلم عرض في بداية المهرجان قبل مشاهدة أفلام عديدة أخري .. الا أنه من المستبعد أن يخرج المخرج الصيني خالي الوفاض من المهرجان الذي سبق، وحصل منه علي جائزة الاخراج بفيلمه 'سعداء سويا' عام 1997.. كما حصل بطل فيلمه 'ما حالة حب' علي جائزة التمثيل عام 2000 .

***

واذا كانت القبلة في فيلم 'ليالي التوت الزرقاء' بمثابة قبلة حياة تعيد الروح من علي حافة الانهيار والموت.. فان القبلة في الفيلم الكوري الجميل ' BREATH ' كانت بمثابة 'قبلة موت' تلك القبلة التي وضعت بها إمرأة شابة فاتنه، كلمة النهاية لحياة شاب داخل السجن ، في مشهد من أجمل وأصعب المشاهد السينمائية علي الشاشة الكبيرة !

والفيلم الكوري الذي يعرض في المسابقة الرسمية يصور قصة زوجة تتجرع كأس الخيانة من زوجها .. بعد أن فشلت في الهروب من مشاعرالخداع و الألم والغيرة من خلال التماثيل الجميلة التي تصنعها .. ورعايتها وحبها لطفلتها الصغيرة .. فتقرر الإنتقام من زوجها عبر الاتصال بشاب سجين يائس يقوم بمحاولات عديدة للإنتحار و التخلص من حياته ،ويلتقي الاثنان الزوجة والسجين بعد أن وضعتهما الأقدار علي حافة الاختناق، تحت مراقبة مدير السجن الذي يتابع لقاءاتهما عبر شاشة تليفزيونية .

تحاول الفتاة أن تضفي حالة من البهجة والسعادة علي السجين ، وتحول جدران السجن إلي جزء من العالم الخارجي ، و تتطور علاقتهما الغريبة ، في الوقت الذي يعلم فيه الزوج بتلك العلاقة ، ويفشل في منع زوجته من الاستمرار فيها ، ويقرر إنهاء علاقته بالمرأة الأخري، واسترداد زوجته ،التي تقرر ان تنهي حياتها هي والسجين من خلال 'قبلة' عنيفة وخانقة.. يفشل السجين المكبل اليدين بالقيود والأغلال في مقاومتها ، لكن السجان يتدخل قبل أن يتوقف الاثنان عن التنفس وتنتهي حياتهما ..وينتهي الفيلم بموت السجين علي يد زميله في الزنزانة ،وعودة الزوجة إلي حياتها من جديد مع زوجها وطفلتها ..

إذا كانت الغيرة نفس يرهقنا .. فان المغفرة نفس يريحنا .. واذا كان الأمل نفس يبقينا .. فان الحب نفس يحررنا .. هكذا بدت رسالة مخرج فيلم 'التنفس' الكوري كيم كي ويك الحاصل علي جائزة أفضل مخرج في مهرجان برلين عام 2004 وجائزة الأسد الفضي عن فيلم 'سماريا' من مهرجان البندقية.. وقد أدت بطلة فيلمه المشارك في مسابقة المهرجان دورها ببراعة تؤهلها للحصول علي جائزة التمثيل .

***

من أجمل الأفلام التي عرضت في الاسبوع الاول للمهرجان فيلم 'الغواص والفراشات' .. وهو الفيلم الثالث الذي يخرجه 'جوليان شنابل ' الرسام الأمريكي الذي اتجه للإخراج السينمائي وهو مأخوذ عن مذكرات الصحفي الفرنسي 'جان دومينيك بوبي' الذي يروي من خلالها رحلته مع المرض بعد أن داهمته سكتة دماغية، أصابت جسده بالشلل التام وظلت علاقته متواصلة بالعالم حوله من خلال جفن عينه اليسري .. والذي كان وسيلته الوحيدة في كتابة تلك المذكرات التي حققت أعلي مبيعات في فرنسا .. بعد أن تحول من رئيس تحريرأشهر مجلة نسائية في العالم يعيش وسط الفراشات .. إلي مجرد روح سجينة تغوص داخل أعماق جسد ميت .. وتجلت إرادته عندما نجح بمساعدة طبيبته أن يصنع أبجدية خاصة من الحروف ينقلها إلي مرافقيه .. لينسج منها كلمات وعبارات .. أبدع من خلالها مذكراته .

ورغم أن أحداث الفيلم تدور معظمها داخل مستشفي، الا أن المخرج إستطاع أن يحافظ علي ايقاع مدهش ومثير للفيلم ، ابتعد به تماما عن الاسلوب النمطي لنوعية تلك الافلام وبرع الممثل الفرنسي 'ماثيو امانريك' في تجسيد شخصية 'جان دومنيك' ببراعة ، كما شارك في الفيلم الممثل الفرنسي القدير 'جان بيير كاسيل' ،الذي جسد شخصية والد الصحفي لكن القدرلم يمهله لمشاهدة الفيلم ، حيث رحل عن عالمنا في 19 أبريل الماضي عن عمر 74 عاما ..

***

عاد المخرجان الامريكيان 'آثان وجويل كوين' إلي مسابقة المهرجان بفيلمهما 'لا وطن للعجائز' الذي ينتصران فيه للشر ، وينجح القاتل في تنفيذ جرائمه دون عقاب ! تلك هي فكرة الفيلم الذي تدور أحداثه في المنطقة الواقعة بين مدينة تكساس والمكسيك ، حيث يعثر رجل علي شاحنة مليئة بالمخدرات تحيط بها الجثث المتناثرة ، وحقيبة بداخلها مليوني دولار ، وتبدأ سلسلة من المطاردات العنيفة بينه وبين مجرم محترف القتل بقلب بارد ، لاسترداد حقيبة النقود ، حيث يتعقبه من خلال جهاز صغير مخبأ بين الدولارات !

فيلم 'لا وطن للعجائز' مأخوذ عن رواية للكاتب الأمريكي 'كورماك ماكرثي' ، مصنوع بحرفية سينمائية عالية ،لا تختلف كثيرا عن أفلام الأخوين 'كوين' اللذان اعتادا أن يعودا من مهرجان 'كان' باحدي جوائزه ، وقد جسد في الفيلم النجم الشهير 'تومي لي جونز' دور رجل الشرطة العجوز الذي يحاول ان يتصدي للشر .. لكنه يدرك أنه لا مكان إلا للشر في هذا العالم..وهو دور صغير لا يتناسب مع إمكانياته واسمه الكبير .

***

وتستمر الجرائم بلا عقاب علي شاشة مهرجان 'كان' ..من خلال قاتل مجهول يرتوي بدماء الضحايا.. ويلهو بقتل البشر.. في فيلم 'ذودياك' الذي إعتمد علي سيناريو قوي ومحبك دراميا استطاع من خلاله المخرج 'دافيد فنشر' أن يتعقب السفاح الذي ترك جثث ضحاياه في كل مكان .. والفيلم مقتبس عن رواية تحمل نفس الاسم .. تتناول قصة حقيقية شغلت الرأي العام في الستينيات من القرن الماضي، وحققت أعلي نسبة مبيعات في تلك الفترة .. والمخرج دافيد فنيشر جاء إلي هذا المهرجان للمرة الأولي و يعد من ألمع المخرجين الآن بعد أن حقق فيلمه ALIEN3 عام 1992 إيرادات وصلت إلي 300 مليون دولار وقدم بعده فيلم 'سيفين' عام 1995، و 'غرفة الذعر'.

***

وكما أن هناك جرائم بلا عقاب .. فهناك أيضا عقاب بلا جريمة .. في الفيلم الروسي i izgnanie أو العقاب الذي يصور قصة عائلة تنتقل من المدينة إلي إحدي المناطق الريفية، لتعيش في منزل قديم عاش فيه الزوج طفولته، وفجأه تتحول حياة الاسرة في هذا المكان القاسي البعيد من البهجة والسعادة والحب الي الألم والكآبة والحزن ، وتعترف الزوجة لزوجها بأنها حامل من رجل آخر .. وتبدأ رحلة الشك والغموض والعقاب ، لتنتهي بموت الزوجة بعد أن يجبرها زوجها علي الاجهاض ، مقابل ان يصفح عنها، ويغفر لها خطيئتها .. وفي النهاية يكتشف أنها لم تخنه مع شقيقه ، كما صور له خياله!

والفيلم مستوحي من رواية للكاتب الأميركي الأرمني 'ويليم سارويان' ، اخراج انريه زيفياجوينتسيف الحاصل علي جائزة الدب الذهبي من مهرجان برلين عام 2003 عن فيلمه 'العودة'.

***

تقدمت الخارجية الايرانية باحتجاج رسمي ، إلي الملحق الثقافي لسفارة فرنسا في طهران تحتج فيه علي عرض فيلم الرسوم المتحركة 'بيرتوبوليس' الذي يعرض في المسابقة الرسمية للمهرجان ، والمأخوذ عن قصص مصورة للفنانة الإيرانية الاصل 'مرجان سترابي' التي تحمل الجنسية الفرنسية مع زميلها 'فنسنت بارونو' في فيلم إنتاج إيراني فرنسي مشترك .. وتضمنت رسالة الاحتجاج الإشارة إلي أن مهرجان كان هذا العام إختار فيلما يناهض الثورة الإسلامية في إيران وينال من إنجازاتها، ويتناول الفيلم رحلة ذكريات سيدة إيرانية عانت من الغربة بعيدا عن وطنها منذ طفولتها ، بعد أن أرسلها والدها الي النمسا في نهاية السبعينيات خوفا عليها من ملاحقة الاجهزه الأمنية الإيرانية، ويرصد الفيلم التغيرات التي طرأت علي المجتمع الايراني بعد وصول اية الله الخوميني للحكم بعد عزل الشاه. والفيلم لاقي نجاحا كبيرا عند عرضه في المهرجان وقدمت المخرجة خطوطا بسيطة وجميلة ساعدت علي توصيل أفكارها بسهولة ووضوح .

***

لكل مخرج أسلوبه ولغته السينمائية المتفرده التي يصنع بها اسمه وشهرته وتاريخه .. كما لكل مبدع أفكاره وعالمه الخاص الذي يصل من خلاله إلي جمهوره، وعشاق فنه .. لذلك إختارت ادارة المهرجان 35 مخرجا من أشهروأهم نجوم السينما في العالم ، بحيث يمثلون مختلف المدارس والاتجاهات السينمائية .. ليقدموا فيلم الاحتفال بالعيد الستين للمهرجان الذي تصل مدته الي حوالي ساعتين ..

و يحمل عنوان 'لكل سينماه'.. صور فيه كل مخرج 3 دقائق عن السينما برؤيته وأسلوبه الخاص .. في شكل مواقف أو مشاهد قصيرة ومكثفة حمل أغلبها مواقف كوميدية عبثية وساخرة .. حازت معظمها علي اعجاب المشاهدين .. باستثناء عدد قليل جدا منها .. وكان من هذه الأعمال فيلم المخرج الكبير يوسف شاهين.. الذي تحدث فيه عن نفسه وعن أحلامه في جائزة مهرجان كان وعرض لقطات حصوله علي جائزة المهرجان في عامه الخمسين .

اما المخرج الفلسطيني إيليا سليمان الذي فاز فيلمه 'يد إلهية' بالسعفة الذهبية عام 2005 ، فقد صور باسلوبه الساخرنفسه اثناء محاضرة يلقيها في احدي صالات السينما، حيث تغلق سيارته الطريق، ويضطر ان يقطع محاضرته ليحرك السيارة ! وشارك ايضا العديد من الاسماء اللامعه منهم المخرج رومان بولانسكي وكين لوش والمخرج الايراني عباس كياروستامي، والاسرائيلي عاموس غيتاي والدنماركي لارس فون ترير ومانويل أوليفيرا والياباني أكي كيروسماكي والايطالي ناني موريتي والصيني زانج يمو والكندي اتوم اجويان والالماني فيم فندرز والاخوين كوين وجوس فان سان وغيرهم من المخرجين الذين سبق وحصلوا علي السعفة الذهبية ، و تربطهم علاقات حميمة بالمهرجان الذي صنع شهرتهم ومجدهم .

وفيلم 'لكل سينماه' عرض في الأيام الأولي للمهرجان بحضور عدد كبير من المخرجين المشاركين فيه ،ولاقي حضورا كبيرا فاق جميع افلام المهرجان، والغريب أن الفيلم طرح للبيع في الأسواق علي شرائط DVD بعد أيام قليلة من عرضه في قاعة 'لوميير' الكبري بقصر المهرجان .

آمال عثمان

amalosman23@yahoo.com

أخبار النجوم في 26 مايو 2007

 

سينماتك