بمناسبة
الدورة الستين لمهرجان كان حذفوا من عنوانه كلمة "دولي" وكلمة "أفلام"
باعتباره أشهر من أن يُعرف وأكبر من أن ينص علي دوليته.. فكر رئيس المهرجان
جيل جاكوب في إنتاج فيلم ليس تحية إلي المهرجان. وإنما إلي فن السينما الذي
عمل المهرجان من أجل رفعته طوال 60 دورة واختار 34 مخرجا ومخرجة واحدة
لاخراج 33 فيلما كل منها 3 دقائق "فيلمان من اخراج الاخوين كوين والاخوين
داردين" للتعبير عن مشاعر وأفكار كل منهم تجاه فن السينما اليوم.
أغلب
المخرجين من الذين فازوا بالسعفة الذهبية أكبر جوائز المهرجان. أو من الذين
كان للمهرجان دور في إلقاء الضوء علي أفلامهم. وكان اشتراكهم في المهرجان
تغريرا لقوته في نفس الوقت. وما يؤكد ذلك أن المخرجة الوحيدة "النيوزلندية
جين كامبيون" هي الوحيدة من بين المخرجات التي فازت بالسعفة في تاريخ
المهرجان حتي الآن. من العالم العربي اشترك في الفيلم من مصر يوسف شاهين
ومن فلسطين إيليا سليمان.
يوسف
شاهين عبر عن علاقته بالمهرجان. وجاء بممثل شاب وممثلة شابة ليقوما بدوره
ودور زوجته عندما حضرا عرض "ابن النيل" في كان 1952 "لم يكن قد تزوج وربما
يقصد نجمة الفيلم فاتن حمامة". وكيف انه صدم عندما أشارت صحيفة فرنسية
واحدة فقط إلي الفيلم. وذكرت أنه عرض بعد الفيلم التشيكي! وننتقل من يوسف
شاهين الشاب إلي يوسف شاهين منذ عشر سنوات عندما فاز بالجائزة التذكارية
للمهرجان رقم 50 عن مجموع أفلامه. ونري مشاهد تسجيلية لاستلامه الجائزة.
وكلمته التي ألقاها علي المسرح وجاء فيها انه انتظر هذه اللحظة 47 عاما.
أثار
الفيلم تعليقات ساخرة لأنه الفيلم الوحيد الذي يعبر عن أهمية فوز مخرجه في
المهرجان. ووصل الهجوم إلي حد أن تود مكارثي كبير نقاد "فارايت" استخدم
كلمة "عار".
أما فيلم
إيليا سليمان فلم يلفت نظر أحد من نقاد المهرجان وهو فيلم عبثي يصور فيه
المخرج نفسه بإحدي دور العرض السينمائي. ثم في حمام الدار والموبايل يسقط
منه. وبعد انتهاء الفيلم يصعد علي المسرح للمناقشة. ولكن لا يدور حوار.
وإنما يأتي أحدهم ويبلغ مدير المناقشة أن هناك سيارة تعطل الحركة في موقف
السيارات!
في فيلم
الإسرائيلي آموس جتياعي نشاهد الجمهور داخل إحدي دور العرض في دارسو عام
1936. ثم في حيفا بعد 70 سنة. وفجأة يتم الإعلان عن إيقاف العرض لوجود غارة
علي حيفا. ويتم قصف السينما وتتناثر جثث المتفرجين من الشباب. ولا أحد يدري
ما هي العلاقة بين دارسو 1936 وحيفا بعد 70 سنة في هذا السياق. واستقبل
الفيلم علي نحو سلبي في مقال واحد وتجاهلته المقالات الأخري.
بعيداً عن
الأفلام الثلاثة للمصري والفلسطيني والإسرائيلي. جاءت أغلبية الأفلام
الثلاثين الأخري أكثر من رائعة. وكان وقوف صناع الأفلام علي السجادة
الحمراء قبل عرض الفيلم لحظة غير عاد ية. فربما لم يسبق اجتماع كل هذا
العدد من كبار مخرجي العالم في صورة واحدة. وكان علي حق من تساءل لماذا لم
يعرض هذا الفيلم في الافتتاح بحضور كل هذا العدد من المخرجين الكبار. كما
كان بولانسكي علي حق أيضا عندما غادر المؤتمر الصحفي الذي جمعه مع مخرجي
الفيلم الآخرين "تغيب يوسف شاهين ولارس فوي ترير وزانج ييمو فقط" وقال إن
الأسئلة ليست علي المستوي المتوقع. وانه يفضل تناول الغداء. وقد كان من
واجب إدارة المهرجان أن تتفق مسبقا مع عدد من الصحفيين والنقاد الكبار
للاشتراك في المؤتمر الذي يضم كل هؤلاء الكبار.
مرتبة
الفيلم تم
إهداؤه إلي فيلدمين الذي ترك برحيله فراغا. بل وهناك فيلمان تحية إليه
للروسي كونتشالوفسكي الذي يصور جمهورا يشاهد فيلم فيلدمين "ثمانية ونصف".
واليوناني انجلوبولوس الذي تؤدي فيه جان مورو مونولوجاً فذاً ترثي فيه
ماستردياني ممثل الدور الرئيسي في "ثمانية ونصف" وغيره من أفلام فيلدمين.
الكثير من
الأفلام يرثي دور العرض السينمائي التي تغلق في العديد من دول العالم.
والفيلم الوحيد الذي يؤكد علي أن دور العرض لاتزال حية أول فيلم في
المجموعة وعنوانه "سينما الصيف" بالعربية لأن مخرجه الفرنسي ريموند
ديبارديون صوره في مصر. وبالتحديد في الإسكندرية. وفيه نري مجموعة من
الشباب والشابات الفرحين بدخول سينما صيفي ومن بينهم فتيات محجبات.
والكثير
من الأفلام عبر عن رؤية مخرجه للسينما والعالم بأسلوبه الخاص. فمن غير
المكسيكي إيناريتيو يفكر في أن يكون الفيلم عن امرأة عمياء تتابع أحد
الأفلام عن طريق شرح جيبتي لما يدور علي الشاشة. ومن غير الياباني كيتانو
يصور أحد العمال وهو يشاهد فيلما وحده في بقايا سينما. ورغم تقطع الفيلم
"يقوم كيتانو بدور عامل العرض". ومن غير الإيطالي موريتي يحكي عن نفسه وعن
ابنه والعلاقة مع دور العرض "صور في دار العرض التي يملكها في روما". ومن
غير البرتغالي أولفيرا "98 سنة" يصور فيلما بالأبيض والأسود وبأسلوب
الأفلام الصامتة "الحوار المكتوب في لوحات منفصلة" عن لقاء بين بابا
الكاثوليك والزعيم السوفيتي علي خروكشوف "يقوم بدوره ميشيل بيكولي" في
الستينيات من القرن الماضي.
سواريه
يصور
الدانماركي لارس فون ترير نفسه في انتظار عرض فيلم في سواريه مهرجان كان
وبجواره رجل أعمال يحدثه عن نفسه وكيف انه ناجح جدا ولديه 7 سيارات بمعدل
سيارة لكل يوم من أيام الأسبوع. ولا ينطق فون ترير بكلمة واحدة إلا عندما
يسأله جاره عن مهنته. فيرد "قاتل". ويمسك بفأس ويحطم رأسه.
يعبر
بولانسكي عن قمة الأصالة عندما يقدم رجلا يتأوه في دار عرض تعرض فيلما من
أفلام البورنو. ويتصور مدير السينما انه أنفعل مع الفيلم. ولكن يتبين انه
سقط من البلكون إلي الصالة وتحطمت عظامه. فالفيلم الذي تخرج به فنان
السينما من المعهد في بولندا كان ثلاث دقائق أيضا. وكان عن رجل يصطاد
السمك. ولكن في منظر كبير جداً "كلوز أب" نري السنارة تمزق خده. وتسحبه حتي
يغرق في الماء.
انتحار
يهودي
تحت عنوان
"انتحار آخر يهودي في العالم في آخر سينما في العالم" يصور الكندي كروتنبرج
نفسه وهو ينتحر في حمام دار عرض في المستقبل. ويصوره علي التليفزيون علي
الهواء. ويدور علي شريط الصوت حوار بين مذيع ومذيعة يغطيان الحدث. ويؤكدان
أنه تاريخي. وعندما تسأل المذيعة عن ما هي السينما يرد زميلها كانت هناك
بالفعل هذه الأماكن ثم تحولت إلي مواقف للسيارات قبل ان تنتهي تماما..
وماذا يكون اليهود: يقال انهم الذين أسسوا هوليود في أمريكا.
يقدم
البرازيلي والتر سالس ربما أجمل كل الأفلام ال 33 حيث يصور في لقطة واحدة
ديالوج غنائي بين اثنين من الفرق الجوالة أمام دار عرض محطمة تعرض فيلم
تردفو "400 ضربة". يقول مهرجان كان يحتفل هذا العام ب 60 سنة. ويرد زميله
وماذا تكون كان. فيرد ميناء في فرنسا. ومن يكون رئيسه. يرد اسمه جيل جاكوب.
وماذا يفعلون في المهرجان. يشاهدون الأفلام بكل اللغات. هذا ما يحبه
الفرنسيون. وآخر لغة يتعلقون بها اللغة الكورية.
في فيلم
البريطاني لوش. وفي لقطة واحدة أيضاً. نري طابورا أمام شباك تذاكر إحدي دور
العرض. ومن بين الواقفين في الطابور رجل وابنه الصغير يتحاوران. ويعطلان
سير الطابور لترددهما في اختيار أي فيلم. وفي النهاية يقرر الابن مشاهدة
مباراة في كرة القدم. ويوافقه الأب.
الجمهورية المصرية
في 23 مايو 2007
|