سينماتك

 

مسابقة «أفلام من الإمارات» في دورتها السادسة...

القفاز الذهبي يتشدد أحياناً في اختيار الأعمال

أبو ظبي – فجر يعقوب

 

 

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

 

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

 

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

 

أرشيف

إبحث في سينماتك

 

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

 

سينماتك

 

«نحو صورة بديلة» هو شعار الدورة السادسة لمسابقة «أفلام من الإمارات» التي عقدت في مبنى هيئة الثقافة والتراث (المجمع الثقافي) في أبو ظبي ما بين السادس والثالث عشر من الشهر الجاري. طبعاً، في مطالعة أولية للأفلام المشاركة في هذه الدورة لن يظهر واضحاً تمام الوضوح أن الشعار بحد ذاته قد تجاوز الدورات السابقة، بل هو انطلق منها نحو نوع من التشدد الجزئي في التعامل مع الأفلام التي تقدمت للمشاركة إذ بلغت في هذه الدورة 112 فيلماً توزعت على الأقسام المعلن عنها، وهو الأمر الذي يعكس التطور الايجابي للمشاركين فيها من مختلف الفئات.

هذه الصورة البديلة التي رفع شعارها منظمو المسابقة هي التي سمحت باختيار 25 فيلماً فئة «عام» و49 فيلماً فئة «طلبة» و36 فيلماً «عرض خاص»، فيما استبعد 12 فيلماً لعدم توافر الشروط الفنية والتقنية. أما الأفلام الخليجية، فقد شاركت دول مجلس التعاون الخليجي بـ 58 فيلماً، 18 منها من المملكة العربية السعودية. وما يلفت الانتباه في توزع خريطة هذه الأفلام هو أن الأفلام الروائية تجاوزت مثيلتها التسجيلية بكثير. ففيما بلغت الأولى 25 فيلماً، كان عدد الأفلام التسجيلية فيلمين فقط، ما يشير إلى هوة عميقة بين النوعين يأمل القائمون على المسابقة بتجاوزها في الدورات القادمة.

طبعاً يجيء استبعاد الكثير من الأفلام التسجيلية في هذه الدورة من باب عدم الفهم الكافي والدراية الموضوعية بهذه النوعية من الأفلام من جانب صانعيها، إذ بدت قريبة من البنية الريبورتاجية التي يبشر بها التلفزيون دائماً، وهو ما لم يعد مسموحاً به كما هو الحال مع الدورات السابقة اذ لطالما تسللت هذه النوعية من قبل.

نضوج

أياً تكن حالة «النضوج في الاختيار» التي وصلت إليها الدورة السادسة، فإنها ومن دون شك تلقي بأعباء إضافية على منظميها في هيئة الثقافة والتراث (المجمع الثقافي). فما كان مسموحاً به في الماضي تضاءل إلى الحد الذي أصبحت توجد فيه هناك متطلبات أقوى وأكبر في ما يخص الأفلام المرشحة. على أن هذا التشدد لم يصل إلى أقصاه كما يقول مدير المسابقة ومؤسسها المخرج الاماراتي مسعود أمر الله آل علي، فالهوية السينمائية الاماراتية لا تزال غير واضحة المعالم، يشوبها غموض في الانتاج، ومحاولات في التحايل على سبل الانتاج والتوزيع الذي يقتصر هنا بطبيعة الحال على العرض في المسابقة على رغم أنها تمكنت من أن تصمد على هذه الحال على مدى ست سنوات، وهذا ما لم يحدث من قبل في أي دولة خليجية. فإذا توقفنا مثلاً عند المهرجان الأول للسينما العربية في البحرين في (2000)، نوقن أننا كنا أمام الدورة الأخيرة فعلياً، لأنه وكما قال لنا الناقد السينمائي البحريني حسن حداد في حوار جانبي إن النادي السينمائي البحريني لا يزال غارقاً في تسديد ديونه حتى الآن، مما يعني ان جهود السينمائيين في هذا البلد ستظل تراوح في مكانها حتى اشعار آخر.

تقشف

طبعاً لا تقترب مسابقة «أفلام من الإمارات» من مهرجان دبي السينمائي الدولي في شيء، فهنا يظهر التقشف واضحاً على خطوط العروض المبرمجة في الدورة والندوة الوحيدة المرافقة لها (أدارها لهذه السنة الناقد السينمائي المغربي مصطفى المسناوي). وحتى الأفلام المتنافسة في ما بينها، وان جاء بعضها على حرفية متقدمة، تخضع لنقاشات جانبية بين المخرجين الاماراتيين والخليجيين في ندوات خاصة، على أنه يمكن للمتابع هنا أن يكون شاهداً من موقعه على اندفاع واتقاد يميزان الشباب في محاولاتهم لهذه السنة، والتي ظهرت هنا وكأنها تأطير فردي لتجارب السنوات الماضية، على رغم وجود جماعات الانتاج الفني. فالوصول الفعلي إلى التقنيات الرقمية الخفيفة سمح للرغبات السينمائية بالاقتراب أكثر فأكثر من عالم كان حكراً على الملمين بأسرارالصناعة السينمائية التي كانت تعتبر «ثقيلة».

الآن لم تعد هناك سطوة لهذه التقنيات في عالم هؤلاء الشباب، فقد سقطت سلطات الكثير من محتكري أسباب وأسرار هذا الفن أمام سهولة التجربة والتجريب، حتى وان بدا للوهلة الأولى أنها هي نفسها قد سقطت في فخ العشوائية، إلا أن الفرز جاء نتيجة حال التشدد الجزئي الذي شهدته هذه الدورة، وربما حالات من التشدد أكبر في الدورات القادمة سيحول بالتأكيد دون سريان مفعول هذه العشوائية. هنا تصبح الكاميرا الرقمية الخفيفة في جانب آخر بيئة حاضنة تتنافس مع البيئة نفسها التي وفد منها هذا المخرج أو ذاك.

تكمن الدلالة في ما نقول في استقدام تجربتين مختلفتين لهذه السنة. ففي فيلم «براءة» للمخرج هاني الشيباني وفيلم «حارسة الماء» للمخرج وليد الشحي مثلاً ثمة تجريب واثق وناضج في معنى الصورة نفسها في الفيلم الأول الى درجة أن الصورة هنا تختار أن تكون مرافقة للبيئة التي نقصدها وهي تنفرد أمام الكاميرا، فيما تبدو البيئة الاماراتية في الفيلم الثاني منبسطة أمامها بدفق شاعري أخاذ.

على أن الشق الذي بقي على حاله في المسابقة ظل محافظاً على تكرار الصورة ذاتها، وهي صورة يجب أن نضعها في السياق العام للتطور الاجتماعي الذي تعيشه دول الخليج، ذلك ان التجارب الشابة التي وفدت من هذه الدول تظهر بوضوح تام ان هؤلاء الشباب المسكونين بحس اثبات الذات أمام تكسرات تنوس بين القدرة على مرافقة تجاربهم الوليدة والبسيطة في بعض تجلياتها بأفيشات تحاكي الكثير من التجارب الكبيرة في عالم السينما، وبين التعثر في النفاد إلى ماهية المكان بعمق، تدلل على ذلك اتساع الهوة كما أسلفنا بين حضور الفيلم الروائي على حساب الفيلم التسجيلي الذي يكاد يختفي من قوائم هذه الدورة اذ لا يعود حضور فيلمين فقط تأكيداً على أن هذا النوع وبما يملكه من قدرة على اقحام هؤلاء الشباب في ميادين هذا الفن، وذلك بغية النفاذ بعمق في مضامين هذه البيئة التي ظهرت في بعض الأفلام الروائية وكأنها تحاكي اغتراباً مؤجلاً يرفض تأمل أصحابه له، لأن ما ينقصها (الأفلام) هو القبض على مكونات هذا الاغتراب، ذلك ان مستقبل صانعي هذه الأفلام سيظل مرهوناً بهدف استراتيجي يكمن في الدرجة الأولى في أولوية عرضها كما يقول رئيس لجنة التحكيم لهذه الدورة المخرج العراقي قيس الزبيدي في حوار لنا معه، ناهيك عن أن هؤلاء الشباب يقومون بتمويل أفلامهم بأنفسهم وما يجرى في دولة الامارات – يضيف الزبيدي - لا يشبه ما يجرى في دول عربية أخرى تضج بالمشاريع والورش السينمائية بحثاً عن عناصر يتم تأهيلها للنهوض بصناعة السينما في بلادها، فيما تكشف مسابقة أفلام من الامارات عن عدد كبير من المنخرطين في العملية السينمائية لا يوجد أفق حتى الآن أمام تأهيلهم على الضد من الدول الأخرى.

الحياة اللندنية في 16 مارس 2007

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك