سينماتك

 

افتتاح "مسابقة أفلام من الامارات" بفيلم بسام الذوادي

"حكاية بحرينية" تأكيد الامتداد العروبي للخليج وأفلام الشباب أمام الاختبار

الامارات ـ ريما المسمار

 

 

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

 

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

 

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

 

أرشيف

إبحث في سينماتك

 

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

 

سينماتك

المشهد هنا مختلف، مدينياً وسينمائياً. "مسابقة أفلام من الامارات" هو المهرجان الفيلمي الثالث الذي نشأ في دول الخليج (الامارات/أبو ظبي) بعد مهرجان السينما العربية بدورته اليتيمة في البحرين سنة 2000 و"الشاشة العربية المستقلة" في قطر عام 2001. بالتزامن معه او بعده بقليل ظهر مهرجان مسقط وبعدهما مهرجان دبي ليشكلا مع "المسابقة" المهرجانات الثلاثة التي استطاعت ان تحقق استمرارية ما في المشهد السينمائي الخليجي. ولكن بينما قامت المهرجانات الأخرى على تقديم النتاجات العربية الروائية والوثائقية، انطلق "مسابقة من افلام من الامارات" كتظاهرة صغيرة (كبيرة بعديد أفلامها) متخصصة بعرض الانتاجات الاماراتية البصرية بكافة أشكالها قبل ان تتحول مسابقة للأفلام الخليجية ومهرجاناً بفئات جانبية وعروض تتوخى ايصال جزء من المشهد السينمائي في العالم إلى جمهور مازال بعيداً من هواجس السينما.

للسنة السادسة على التوالي تنعقد "مسابقة أفلام من الامارات" التي افتتحت أسبوع عروضها أول من أمس في أبو ظبي كبرى الامارات آخذة من ملامح محيطها التقشف وبساطة المظهر مقارنة بمهرجان امارتها الشقيقة، دبي، المبهر والبراق. كيف لا تكون المسابقة كذلك ونجومها هم شباب وطلاب يخطون أولى خطواتهم في مجال الفيلم في محاولات لا تتعدى أحياناً كونها خيالات بصرية لا شكل واضح لها. فقط الرغبة في ولوج هذا المجال السهل الممتنع هي الجامع بين الشباب، الرغبة في مقاربة الصورة التي غدت لغة يومية واستحالت مفرداتها قاموساً جامعاً لا يحتاج فهمه إلى تخصص بتوفر الادوات السهلة وانفتاح قنوات المعرفة وتوافرها لأي كان.

ولعل التزامن الحاصل بين انطلاق "المسابقة" من جهة وفورة الافلام الخليجية والاماراتية من جهة ثانية يحث على البحث عن شكل العلاقة بين الاثنين. بمعنى آخر، هل وُلدت المسابقة من حاجة إلى منبر يحتضن التجارب الوليدة؟ أم أن توفر ذلك المنبر أسهم في أن يجاهر أولئك الشباب بأفكارهم وهواجسهم الصغيرة؟ ليست الاجابة عن ذلك السؤال فورية والا وقعت مخاطرة التسطيح والتعجل. بكلام آخر، تحتاج تلك الفورة او الظاهرة إلى دراسة أعمق بقليل (ستتوفر عناصرها مع انتهاء المهرجان) حول العوامل التي أسهمت بتغذبتها والتي يمكن اختصارها سريعاً بالقول ان ثمة وعي أكبر بثقافة الصورة إلى توفر الحقل الدراسي المتخصص مروراً بالتقنية الرقمية التي هي اساس ثورة أي انتاج بصري منذ مطلع التسعينات. تلك عوامل يمكن الجزم بتوفرها او بضرورة توفرها لاحداث فورة انتاج فيلمي. ولكن ثمة ما هو أعمق من السطح ويطاول البنية الاجتماعية لمجتمعات الخليج والذي لا يمكن الجزم به وانما اثارة التساؤلات حوله: هل ثمة تبدل في البيئة الاجتماعية المحافظة أسهم في تعزيز انتاج الصورة في السنوات الخمس الاخيرة في الخليج؟ هل تلك الافلام هي بداية انطلاقة جديدة لسينما خليجية متعثرة منذ بداياتها؟ والأهم هل هي بداية تقوم على أسس فنية مقارنة بالبدايات الاولى التي تغذت من أموال النفط؟ تلك اسئلة سنعود اليها لاحقاً في اطار تحقيقي يتوخى الاحاطة بالتجارب الفيلمية الخليجية ووضعها في سياقها الفني والاجتماعي. ذلك أن اللافت في الشق الاول، أي الفني، وللوهلة الأولى انضواء العديد من التجارب تحت خانة تصدير صورة بمقومات فوق­واقعية سواء أبالتشكيل أو بالترويج. ولعل الاخير صفة لصيقة بتلك التجارب حيث تتبدى رغبة الشباب في الترويج لأنفسهم بما هو امتداد لردود الفعل من حولهم ازاء خروج أفلام خليجية والتي تتراوح بين الحكم المسبق والنظرة الاكزوتيكية. يقابل ذلك عند الشباب استماتة في اثبات الذات تتجلى مفرداتها في صنع صورة ترويجية من خلال مواقع الكترونية محترفة وملصقات مشغولة لأاعمالهم وأحياناً تجهيزات تروج للفيلم ولكنها في الوقت عينه يمكنها ان توازيه كتجربة مستقلة.

على هذا المنوال، يمكن زائر المهرجان ان يعثر على "معرض" من الملصقات والتجهيزات في استقباله عند مدخل هيئة ابو ظبي للثقافة والتراث حيث تتركز عروض المهرجان. مرآة ضخمة باطار برونزي ترمز تشظياتها إلى شيء ما ويتوسطها عنوان أحد الافلام المشاركة في المسابقة. وتلك موجودة في ثلاثة أماكن متقاربة. في زاوية أخرى يقوم ما يشبه المجسم لقبر، تخرج منه يد وتمتد في اتجاه أخرى ملطخة بالدماء الذي يخط عنوان فيلم آخر. بينما يمكن أن تشكل عناوين الأفلام بذاتها مجالاً للبحث والتفكير بما تحمله من ثقل (فضاء مدمج، الموت قادم من الجياد، مرايا الصمت، غرور الظل وسواها) أو من رمزية (حرية، الامل، تمرد، براءة، اليقظة، بارانويا...) ربما تنطبق على التجربة الفيلمية الخليجية بأسرها.

الافتتاح

على الرغم من الدعوة العامة التي ذيلت الاعلان عن افتتاح "مسابقة أفلام من الامارات"، خلا الحفل أول من أمس من الحضور الذي يمكن وصفه بالجمهور على الرغم من أن فيلم الافتتاح، "حكاية بحرينية"، فيلم روائي طويل بمعايير جماهيرية. تشكل معظم الحضور من المخرجين الشباب الذين يجدون في المسابقة فرصة لا تتوفر في مكان آخر لمشاهدة أفلام بعضهم الآخر إلى نفر من الصحافة الخليجية وعدد قليل من الصحافيين العرب. العرض هو الثاني على صعيد الخليج للشريط البحريني بعد مشاركته في مسابقة مهرجان دبي في كانون الاول/ديسمبر الفائت. وهو الشريط الثالث للمخرج بسام الذوادي الذي أخرج أول فيلم بحريني "الحاجز" عام 1990. في فيلمه الجديد الذي يشكل باكورة انتاج "الشركة البحرينية للانتاج السينمائي" يحاول الذوادي ردم الهوة بين محطات تاريخية عربية والانتاج السينمائي المتأخر في منطقة الخليج. الفيلم أقرب الي ترجي الانتماء العربي والتأكيد على أن الخليج امتداد للحلم القومي الذي ازدهر في خمسينات وستينات القرن الماضي. في كلمة الافتتاح، أشار الذوادي إلى ان تلك مرحلة غير محكية من تاريخ الخليج أي علاقته بالتحولات والمتغيرات التي عصفت بالعالم العربي في الفترة المذكورة. على هذا المنوال، يحوك الشريط قصة متعددة الاطراف ومتشعبة الاهتمامات، تدور حوادثها في البحرين بين 1967 و1970. محور الحكاية عائلة بحرينية مؤلفة من أب وزوج جائر وزوجته التي تعاني الأمرين من تشدده وظلمه وبناته الثلاث وابنه المراهق "خليفة". يصح في الفيلم القول انه يتناول أوجه الحياة البحرينية ةربما الخليجية الاجتماعية والسياسية والانسانية. فحكاية الرجل الذي يضرب زوجته والأب الذي يجبر ابنته على الزواج من رجل لا تحبه هي حكايات تتشابه على امتداد دول الخليج كما أكد المخرج في دردشة تلت عرض الفيلم. تتوازى تلك الحكايات الداخلية مع مناخ خارجي عام لمجتمع في طور التفتح، تداعبه أحلام البطولة والنصر من خلال شخص جمال عبد الناصر الذي هو ملجأ الجميع: المرأة المظلومة والرجل الضعيف والشاب الطموح والصبية العاشقة. انه يختزل أحلامهم جميعاً بحياة تتسع لأحلامهم. يجعل المخرج الصبي "خليفة" شاهداً على كل التحولات والذي ربما يمثله ويمثل جيله. والفيلم بذلك ينهل من أفلام عربية مكرسة كأنما هو الآخر وعلى غرار المجتمع الخليجي في الفيلم ينشد الاندماج والانتماء إلى مدى عربي اجتماعي وسياسي في الفيلم وسينمائي خارجه. فحكاية الصبي­الشاهد تستلهم من "حلفاوين" فريد بوغدير و"حكاية الجواهر الثلاث" لمبشيل خليفي. والغليان الشبابي المتأثر بالماركسية وأفكار الثورة التي تتشكل في جلسات المقهى غير بعيدة بأجوائها وتلميحاتها من "كفر قاسم" برهان علوية. خلاصة القول ان "حكاية بحرينية" ـ وللعنوان دلالات كثيرة هنا­ يشبك كل تلك الحكايات والاحلام في اطار عربي جامع كأنما ليقول ان هواجس المجتمع الخليجي ليست خارج هواجس المجتمع العربي ولا أحلامه بعيدة من أحلامه.

تترتب على تلك المعالجة ايجابيات وسلبيات. من الأولى ان الفيلم يحقق جماهيرية عربية من خلال موضوعه واستثمار عناصر مألوفة في السينما العربية (الموسيقى، الصبي كشاهد، شخصيات طريفة، شخصية المجنون...). ولكنه على صعيد آخر، ينفصل عن حاضره ليضع اللوم في شكل غير مباشر في ما آلت اليه أمور المجتمع الخليجي على الهزيمة وانكسار الحلم. فالواضح في الفيلم انه يقيم ارتباطاً بين الاحلام القومية وبين تفتح المجتمع البحريني من خلال العديد من شخصيات الفيلم لاسيما الشباب منهم لتتحول الهزيمة لاحقاً ضربة تقضي على ذلك التفتح والأمل. بهذا المعنى، يحيل الفيلم الاشياء إلى تبسيط ما لاسيما وأن الفيلم مزروع تماماً في الماضي بدون أية نظرة نقدية خلا الجدلية المعروفة بين من أيد استقالة عبد الناصر ومن اعتبرها تخاذلاً. وليس في ذلك مشكلة­أي أن يكون الفيلم منتمياً إلى مرحلة تاريخية­ سوى الخوف من أن يكون ذلك هروباً من مقاربة الحاضر ووسيلة يتيمة لاستمالة جمهور عربي بمداعبة أحلامه وذكرياته القديمة.

في مطلق الأحوال، يعيد فيلم "حكاية بحرينية" وضع البحرين على خارطة السينما العربية ويبدو ملائماً لافتتاح مهرجان معني بالدرجة الاولى بأفلام الشباب القصيرة. ذلك ان الاخيرة تحضر بموازاة حركة أخرى أقل نشاطاً وأكثر احترافاً هي التي تمخضت عنها تجارب روائية خليجية طويلة خلال السنوات الاخيرة منها الفيلمان الاماراتيان "حلم" لهاني الشيباني و"حنين" لمحمد الطريفي إلى الفيلمين السعوديين "ظلال الصمت" لعبد الله المحبسن و"كيف الحال" لايزيدور مسلم.

المسابقة

تتخذ الدورة الحالية شعار "نحو صورة بديلة" وإذ يبدو الأخير مفهوماً على صعيد موقع المهرجان من محيطه كظاهرة سينمائية ثقافية شبه يتيمة في مجتمع استهلاكي تسويقي، يحتاج العثور على دلالاته في الافلام لبعض الوقت من المتابعة لاسيما لأفلام المسابقة. كذلك يمكن الشعار ان ينسحب على باقي فئات المهرجان الجانبية التي تشكل مجتمعة صورة بديلة من الصورة السينمائية الطاغية في المشهد السينمائي الخليجي والتي تختصرها بضعة عروض هوليوودية في الصالات التجارية. يمكن كذلك لحركة الانتاج وتصوير الافلام ان تشكل صورة بديلة لمجتمع محكوم بالمحظورات والممنوعات.

يتشكل البرنامج من مسابقتين اساسيتين: المسابقة الاماراتية والمسابقة الخليجية وكل منها مقسوم بدوره إلى قسمين: أحدهما للمحترفين والآخر للطلاب. يتنافس في مسابقة الافلام الاماراتية أربعة وعشرون فيلماً بعضها تجارب اولى لمخرجيها وبعضها الآخر استكمال لمحاولات سبقت مثل هاني الشيباني مثلاً الذي يشارك بفيلم قصير في عنوان "براءة" بعد مشاركات سابقة من بينها بفيلمه الطويل "حلم". وكذلك الأمر بالنسبة إلى وليد الشحي (حارسة الماء) وعبد الله حسن أحمد (عصافير القيظ) وسعيد سالمين المري (عرس الدم). في المسابقة الخليجية، يتنافس تسعة وعشرون فيلماً من البحرين والكويت وعُمان والسعودية .

تشرف على مشاهدة الافلام واختيار الفائز من بينها لجنة تحكيم مؤلفة من المخرج والناقد قيس الزبيدي رئيساً وعضوية كل من: الصحافي السوري زياد عبد الله، المخرج البحريني بسام الذوادي، الاماراتي اسماعيل عبد الله والاردني حسن ابو شعيرة. وجرياً على عادتها، تختار "مسابقة أفلام من الامارات" ناقداً سينمائياً لمشاهدة الافلام الخليجية ومناقشة مخرجيها في نهاية المهرجان وقد اختير الناقد مصطفى المسناوي لهذه الدورة.

بمحاذاة المسابقة، تقام بانوراما عربية من عشرة أفلام أبرز ما فيها مشروع "فلسطين 2006" الذي يضم مجموعة من المخرجين والهواة، يعكسون في افلام قصيرة لا تتجاوز ثلاث دقائق جو الصيف في لقطة واحدة. أفرز المشروع ثلاثة عشر فيلماً بتواقيع مخرجين بعضهم معروف مثل آن ماري جاسر وليانة بدر واسماعيل هباش. في عروض هذه الفئة أيضاً الفيلم الوثائقي "مخيم نهر البارد" للتونسي شاكر عيادي الذي يصور يوميات مخيم للاجئين الفلسطينيين في طرابلس في لبنان. اما البانوراما الدولية، فتضم ستة عشر فيلماً كلها قصيرة.

يختار المهرجان لهذا العام تيمة "سينما الطريق" التي تتيح عرض المجموعة الكبرى من الافلام واصدار كتاب عنها بتوقيع صلاح سرميني إلى ستة كتب أخرى في سلسلة "كراسات السينما". واختيار تيمة لكل دورة تقليد دأب المهرجان عليه منذ بداياته لما يتيحه له ذلك من هامش لعرض أفلام من العالم. تحت راية العنوان، تنضوي أفلام عربية وأجنبية وتفتتح بفيلم للأخوين لوميير هو "وصول القطار إلى محطة لاسيوتا" الذي كان من بين أوائل الأفلام التي أعلنت عن ولادة السينما. في السياق عينهن يُعرض الشريط الوقائقي "انا التي تحمل تازهور إلى قبرها" لهالة العبد الله وعمار البيك وعشرات الافلام الاخرى القصيرة والمتوسطة والطويلة التي تشكل معظم برنامج العروض.

يستمر البرنامج حتى يوم الثلاثاء المقبل موعد حفل الاختتام وتوزيع الجوائز.

المستقبل اللبنانية في 9 مارس 2007

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك