صفحات ذات صلة

كتبوا في السينما

 

استطاع أحمد زكي أن يخلد اثنين من أهم الشخصيات الوطنية المصرية من خلال أدائه لدور الرئيس جمال عبد الناصر والرئيس أنور السادات في فيلمين حققا نجاحا لافتا، ويؤكد أحمد زكي اهتمامه هذا بمضمون شخصياته قائلاً (ظلم كبير أن يقول أحد إنني ركزت في شخصية من الشخصيات، حتى لو كانت عادية، على الشكل دون المضمون، فكل شخصية قدمتها بداية من عميد الأدب العربي طه حسين، وحتى السادات، وقبله ناصر، كان هناك تركيز غير عادي على المضمون مثل الشكل تماما، والتركيز على الشكل في مثل هذه الشخصيات مهم جدا وضروري، لأن الجمهور يحفظ الشخصيات خاصة المعاصرة منها، عن ظهر قلب، حركاتها ولفتاتها وسكناتها، وإذا كان هناك <<لزمات>> معينة يريد الجمهور أن يشاهدها مع الشخصية، وليس هناك ربط بين الشخصيات التي أقدمها، فلكل شخصية مجلد قائم بذاته يحكمني فيها فهرس محفور في ذاكرتي ولا أعتمد على الربط بين أداء شخصية وأخرى)..

ومن أطرف الأشياء التي لا تزال مثار تقليد أن حلاقة شعر الأطفال لدي أغلب الأمهات هي حلاقته الشهيرة في فيلمه (كابوريا)، وبشهادة المخرج الكبير يوسف شاهين (أحمد زكي عفريت تمثيل، يملك ألف وجه، ويعد من ممثلينا القلائل الذين يملكون الإحساس والوعي علي الرغم من أننا لم نقدم معا سوى فيلم واحد (إسكندرية ليه)، أما ابن جيله الفنان نور الشريف فقد قال رائعة، قال (إن موهبتي سبعون بالمئة، استكملها بالدراسة والجهد، أما موهبة أحمد فهي كاملة مئة بالمئة)، ولعبقرية أحمد زكي شهد أيضاً الناقد السينمائي كمال رمزي (عظمة الفنان تظهر من خلال تفانيه، وأحمد زكي يتفانى لآخر قطرة، لا يتوقف عن التفكير، طرح الأسئلة، مع كل فيلم جديد يتعامل معه كابنه الصغير، يقف بجواره ويحابي عليه. حتى يشب ويشتد عوده، هذه هي علاقة احمد زكي بفنه وبشخصياته.)..

أشبه بأبطال الأساطير

ولد أحمد زكي (أحمد زكي عبد الرحمن بدوي) في مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية في 18 نوفمبر العام 1949 وبعد وفاة والده وزواج والدته من آخر، تربى يتيما في كنف جده والتحق بالمدرسة الثانوية الصناعية واشترك فورا بفرقة التمثيل بها وبعد فترة قصيرة أصبح المسؤول عن هذه الفرقة، وفي اول تجربة له ألف ومثل وأخرج مسرحية قصيرة نال عنها جائزة علي مستوى المدرسة، وعندما أنهى دراسته الثانوية لم يكن يحلم بشيء سوى الحياة عبر تلك الشخصيات التي لا تموت مثل هاملت وعطيل وماندورز، فسافر إلى القاهرة وقدم أوراقه إلى المعهد العالي للفنون المسرحية العام 1970، ويذكر أنه حين ذهب أول يوم إلى المعهد وجد الكثير من الشباب والبنات وكان معه الفنان سامي العدل والفنانة شهيرة، وعندما نودي عليه دخل لجنة الاختبار وكانت مكونة من كرم مطاوع، سعد ادرش، جلال الشرقاوي، احمد عبد الحليم، عبد الرحيم الزرقاني، المخرج <<احمد زكي>>، وعلي فهمي ورشاد رشدي وكان المطلوب ان يؤدي مشهدين أحدهما بالعامية والآخر بالفصحي وبعد أن أداهما وجد اللجنة تطالبه بأن يؤدي مشاهد أخرى وفعل ذلك فقالوا له أنت ستنجح ولعل هذه من المرات القليلة التي يقال فيها هذا الكلام سلفا وقبل ظهور النتائج رسميا...

تزوج أحمد زكي مرة واحدة من الممثلة الراحلة هالة فؤاد ابنة المخرج السينمائي أحمد فؤاد وأنجب منها ابنه الوحيد هيثم إلا أن الحياة الزوجية بينهما لم تستمر وانتهت بالانفصال قبل أن يداهم مرض السرطان اللعين هالة فؤاد وترحل عن الحياة تاركة لأحمد جرحاً غائراً في نفسه فلم يفكر في الارتباط بغيرها، ربما تحت تأثير الإخلاص المثالي لقصة حب لم تنجح في الواقع فكان لا بد أن تنجح في الخيال، وربما خوفا على شعور ابنه الوحيد هيثم، حتى يجنبه ذلك الإحساس باليتم الذي عاشه أحمد في الصغر بعد رحيل والده وزواج أمه.

وبدأ أحمد زكي عمله السينمائي في مجموعة من الأدوار الصغيرة حيث شارك في أفلام مثل <<بدور>> و<<أبناء الصمت>> ثم <<العمر لحظة>> و<<وراء الشمس>> و<<شفيقة ومتولي>>، وكانت هذه الأدوار كفيلة بإظهار مدى الموهبة التي تسكن هذا الفنان المختلف الذي ما لبث أن لعبت ملامحه لصالحه أخيرا بعد أن لعبت ضده كثيرا، فأحدث انقلاباً في مقاييس النجم بعد تألقه في تجسيد شخصية عميد الأدب العربي طه حسين في المسلسل التلفزيوني الذي أخرجه الراحل يحيى العلمي بعنوان <<الأيام>>.

المخرج داود عبد السيد الذي قدم معه فيلم (أرض الخوف) يفضله في الأفلام الاجتماعية ويرى أنه من الفنانين القلائل في تاريخ السينما المصرية الذي وازن بين النوعية التجارية والفنية فهو قدم العديد من الأفلام الفنية ذات المستوي العالي جدا ونفس الحال في الأفلام التجارية، وهو أيضاً من نوعية الفنانين الذين يحبون ان يعيشوا حالة من التوتر والقلق خاصة أنه دائما ما يعمل علي الدخول في أدق تفاصيله الشخصية التي يلعبها وأقصد جوانياتها حتى يستطيع تجسيدها بأقصى درجه صدق ممكن...

يؤكد الناقد السينمائي رفيق الصبان أن احمد زكي أشبه بأبطال الأساطير اليونانية القديمة فهو يملك سحره الخاص في التمثيل، يذوب في شخصياته حتى الفناء، لذلك صدقناه في دور الفلاح البسيط والصعلوك والضابط والموظف والتاجر والمحامي. هو كل هذه الشخصيات لذلك أسميه ساحر السينما المصرية وعبقريتها الفذة التي ستظل مضيئة بتوهجها الفني الصادق..

ويرى المخرج الكبير علي بدرخان الذي قدم مع أحمد زكي أفلام مثل الكرنك وشفيقة ومتولي ونزوة والرجل الثالث والراعي والنساء أنه مجنون تمثيل، عندما يقرأ سيناريو يهتم به اهتماماً يؤرقه ليل نهار، كان يعيش الشخصية على مدار اليوم ويمكن أن يتصل في الفجر ليقول بإضافة تفصيلة في أحد المشاهد، مثلاً مشهد الفأر الذي خرج من بين فخذيه في فيلم الراعي والنساء هو الذي تخيله وغير ذلك، صعب أن تجد فنانا بحب أحمد زكي لفنه، وإخلاصه للدور الذي يعمل به، وعبقرية الأداء، وأحمد كممثل يعشق أن يستفزه المخرج، وعندما يستفز في مناطق معينه يخرج بالأداء الجميل الذي أريده، دائما كنت أتحداه خاصة في قدرته كممثل..

ويقول الناقد السينمائي مجدي الطيب: إذا تأملنا أعمال أحمد زكي جميعا، ندرك دون جهد أنه فنان لا ينفي نفسه فقط وإنما ينقيها تماما ويدخل التجربة وهو محتشد لها واع بمتطلباتها ومتوحد مع دقائقها وتفاصيلها فلا أظنه دخل تجربة وهو مدعوم بمجموعة من التعبيرات الجاهزة أو الانفعالات الثابتة أو ردود الأفعال الجامدة التي تحد من انطلاقاته وإبداعاته بل ظل قادرا علي ان يفاجئنا دائما بما هو جديد ومثير، فإذا كانت النصيحة التي توجه للممثلين باستمرار أن يجسدوا الشخصية، وهم يفكرون بدلا من أن يغرقوا في عواطفهم، فإن أحمد زكي استوعب النصيحة وأضاف إليها اقتناعه الشديد بأن <<الشغل>> على الشخصية قبل الشروع في تجسيدها يضمن له الصدق ثم التجاوب الجماهيري مع العمل وهو ما تحقق في غالبية أفلام أحمد زكي بنفس الدرجة التي نجح فيها عندما أثبت للجمهور قبل النقاد أن الممثل الجيد ليس أبدا ذلك الممثل الوسيم المصقول الذي يجسد فقط النموذج المثالي للجمال في صورته السطحية والساذجة، فالمظهر لم يعد السبيل لتقديم الموهبة، وإنما براعة الأداء ومهارة الكشف عن مكنونات الشخصية وتناقضاتها وجر المشاهد للتعايش معها والغوص في صراعاتها، وهذا ما فعله احمد زكي مدعوما بروح قلقة لا تعرف الاستسلام، ومشاعر فياضة لا تعرف الاستقرار، وعطاء متجدد لا يعرف النضوب، فالبشرة السمراء لم تحل بينه وبين دخول معركة البحث عن إبداع جديد ومتجدد، بدليل أنه تخلى عن بعض هذه الأسلحة فور ان قرر التحول الى تقديم شخصيات الزعماء، وهي التجربة التي نظر إليها البعض بوصفها مغامرة مجنونة لا تقل جنونا عن شخصية أحمد زكي المشدودة على أوتار من الضعف والقوة والاستكانة والشراسة والكمون والتربص، وأيضا التحفز والتوهج، فالسؤال الذي كان يفرض نفسه على الجميع كيف يتأتى لمن أبدع في تجسيد شخصية رجل الشارع لأنه يعرف طبائع أهله كواحد منهم ومنتم إليهم أن يخرج منها؟ بل كيف يجرؤ <<جندي الأمن المركزي>> و<<الحلاق>> و<<سائق البيجو>> و<<الفلاح>> على ارتداء مسوح الرؤساء؟.. كلها أسئلة تعكس فهما قاصرا لشخصية أحمد زكي، الذي يملك مع روحه القلقة رغبة محمومة في تحدي المستحيل وقدرة منقطعة النظير على التقاط لحظة الإلهام التي يلامس فيها ذروة الشخصية حتى لو بدت بعيدة المنال في نظر قليلي الحيلة ومعدومي الموهبة.

ويقول المخرج رأفت الميهي أن احمد زكي أفضل ممثل في العالم العربي وهو لا يستطيع ان يعيش إلا من خلال التمثيل مثل السمكة التي لا تستطيع الحياة خارج الماء، ويذكر الميهي <<أن أحمد زكي قبل أن يعطي موافقته النهائية علي فيلم (اعترافات زوجية) وهو من تأليفي وإخراجي دعا طلبة وطالبات قسم السيناريو بأكاديمية الفنون لمناقشة العمل وتحديد ايجابياته وسلبياته، ودون أن يعرفوا مؤلفه، امتد الحوار لثلاث ساعات متواصلة واكتشفوا في نصف الساعة الأخيرة منها فقط أن العمل قصتي والسيناريو والحوار لي أيضاً فضجت القاعة بالضحك، وهذا يؤكد حرصه وتفانيه في العمل..

وتؤكد الفنانة ليلي علوي على هذا الجنون الفني الذي يتلبس أحمد زكي في أدائه، وتقول: لقد لمست عبقريته في فيلم (الرجل الثالث) وفيلم (أضحك الصورة تطلع حلوة)، فأنت تكاد تجزم أن هذا الفنان الذي يقف أمامك هو أحمد زكي، ولكنه الضابط الطيار ورب العائلة، هو مدرسة فنية مستقلة بذاتها وأدواتها وأساليبها، ولا أحد يستطيع أن ينكر عليه ذلك لا من النقاد ولا من الممثلين خاصة أبناء جيله الذين يؤكدون على تفرده كفنان..

رفضوه للونه

وتقول الفنانة يسرا: أحمد زكي عبقري بكل ما تحمله الكلمة من معان، تأمل أداءه في فيلم الراعي والنساء، أداء ممثل عالمي حركته، نظرة عينيه، طريقة كلامه، أيضاً قدمت معه (نزوة) للمخرجة إيناس الدغيدي، وأفلام أخرى أكد فيها أنه يملك طاقة فنية هائلة تمسك بزمام أدائه..

الكاتب الكبير أحمد بهجت يحكي قصته مع أحمد زكي فيقول: أتذكر أن أول لقاء لي مع الفنان احمد زكي كان قبل عملي معه فيلم (السادات) بنحو 10 سنوات حين جاء لزيارتي وقال <<انا عايز اعمل فيلم عن الرئيس السادات وعايزك تكتب لي السيناريو والحوار>> أول سؤال لي كان من ينتج هذا الفيلم فقال لي: أنا، <<والحقيقة انه بعد المناقشة الطويلة بيننا شعرت بارتياح للفكرة وكنت سعيدا بأن نكرم رئيسا بعد رحيله.. فمعروف عن تاريخنا أن كل فرعون يتولى الحكم يمحو آثار الذي سبقه.... ما لمسته من حماسة احمد زكي جعلني أنا الآخر أتحمس... يعني كده ممكن نقول أن حماسه عداني وفعلا شعرت بنفس الحماس للفكرة..>>.

ويضيف : كان أداء احمد زكي في دوره لونا من ألوان الإبداع الرفيع. وقد نجح احمد زكي أن يقنعنا أننا نشاهد السادات ولا نراه هو... إن قدرة الممثل على الانسحاب من شخصيته وتقديم شخصيه أخرى هي موهبة يودعها الله سبحانه وتعالى في نفوس بعض الناس. دون البعض... وأحمد زكي لديه هذه الموهبة... لقد شاهدنا السادات في الفيلم وهو غاضب ومعتكر المزاج.. وشاهدناه وهو راض وهادئ. وشاهدناه وهو يتصرف ويواجه مشاكله بأسلوبه الفذ الذي يثير حيرة الناس وعجبهم... وربما لا تنكشف حكمة التصرف للناس إلا بعد فترة من الزمان.. الفيلم متميز وراق. وأحسب انه علامة فارقة في السينما المصرية...

ويتوقف الكاتب الصحافي الكبير سلامة أحمد سلامة عند دور أحمد زكي في فيلم السادات ويقول: وقدم الممثل الكبير أحمد زكي شخصيه السادات بكل منحنياتها. أي بكل قوتها وضعفها. وطموحاتها وأخطائها بدقة شديدة.. أتقن ببراعة بالغة تشخيص السادات بكل ما في شخصيته من أبعاد، فلم يكن السادات شخصية سهلة كما أخطأ في الحكم عليه كثيرون. بل اختلطت لديه عوامل الطيبة والدهاء سواء في سياساته الداخلية او الخارجية. ونجح احمد زكي في أن يخرج هذه الشخصية ببراعة كبيرة.. فهو فنان فريد بامتياز..

ويذكر الكاتب الصحافي عاطف حزين حكايته مع احمد زكي قائلاً: بدأت بفكرة موضوع اقترحتها على رئيس قسم الفن في صحيفة أخبار اليوم منذ اكثر من خمسة عشر عاما، قلت له ألا تتفق معي في أن احمد زكي غير مقاييس النجم في مصر والتي كانت تعتمد على الوسامة اكثر من الموهبة، وعندما وافقني الرأي اتفقنا على عمل تحقيق يحتل أغلب مساحة الصفحة وعرضت الفكرة تلفونيا على أحمد زكي الذي كان انتهى لتوه من تصوير فيلم زوجة رجل مهم وبدأ تصوير فيلم آخر قال لي: أشكرك على هذه اللفتة الطيبة لكن إذا كنت ستسأل اكثر من شخص أرجو أن تعفيني من الحديث عن نفسي، لكنني أرجو ان تسأل المنتج حسين الصباح الذي رفضني في بداية حياتي بسبب لون بشرتي. وقال إنني لا أصلح أن أكون نجما.. قل له ما رأيك الآن؟ وامتثلت لنصيحة احمد زكي وتحدث في التحقيق كثيرون كان من بينهم حسين الصباح الذي قال لي ان امنية حياته الآن هي أن يسمح له أحمد زكي بالجلوس معه، لأنه على يقين من أن أحمد سيرفض العمل معه بسبب تلك الحادثة، ونشر التحقيق في مساحة كبيرة تليق بصاحبه الذي حلت صورته كبطل للتحقيق دون أن يتحدث هو بكلمه واحدة...

في اليوم نفسه اتصل بي على هاتف أخبار اليوم ليشكرني على التحقيق، ويؤكد أن مخاوف حسين الصباح غير صحيحة وأنه يشرفه العمل مع أي منتج ما دام الموضوع يليق به ثم قال لي فجأة: <<أنا بصور فيلم اسمه أحلام هند وكاميليا في مصر الجديدة... فوت عليا نتغدى سوا>>..

السفير اللبنانية بتاريخ 29 مارس 2005

 

ملف أحمد زكي

أحمد زكي يعود إلى القاهرة لاستكمال علاجه فيها

أحمد زكي أستاذ يحلم النجوم بالوقوف أمامه

حكاية صراع الامبراطور مع الالام في الغربة

الفنانون العرب والمصريون يلتفون حول أحمد زكي

محمد هنيدي:أحمد زكي مقاتل مملوء بالإيمان والتفاؤل

تصوير الضربة الجوية بعد الشفاء مباشرة

مديرة منزل احمد زكي تبحث له عن زوجة

ملف أحمد زكي

عبقري ومجنون تمثيل وموهبة مئة بالمئة

(القاهرة) محمد الحمامصي

صور لأحمد زكي

كل شيء عن أحمد زكي

شعار الموقع (Our Logo)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مصر تبكي أحمد زكي  

شارك اكثر من 15 الف شخص بينهم الكثير من الفنانين والمسؤولين الاثنين في تشييع جنازة الفنان المصري احمد زكي وسط اجراءات امنية مشددة شكلت عائقا امام مشاركة الاف اخرين وقفوا بمحاذاة مسجد مصطفى محمود في ضاحية المهندسين في العاصمة المصرية.

وانتظر الالاف تحت وهج الشمس وصول جثمان زكي بينهم نساء محجبات والى جانبهن طالبات جامعة ونساء بالثياب العصرية السوداء من المعجبات بالفنان الراحل.

وتدافع الرجال والشباب في محاولة لاختراق صفوف رجال الامن للاقتراب من مدخل مسجد مصطفى محمود لمتابعة الجنازة والمشاركين فيها من الفنانين والفنانات.

وقبيل صلاة الظهر وصل عدد كبير من نجوم السينما وعالم الفن المصري للمشاركة في جنازة زكي الذي رحل صباح الاحد بعد معاناة استمرت اكثر من عام من مرض سرطان الرئة الذي شخصت اصابته به في كانون الثاني/يناير 2004.

ومن المشاركين زميلاه في مسرحية مدرسة المشاغبين التي عرفت الجمهور المصري والعربي به وهما الفنانان عادل امام وسعيد صالح.

وضربت قوات الامن المصرية طوقا في منطقة مسجد مصطفى محمود الذي انطلقت منه الجنازة ومنعت الصحافيين والجمهور من الدخول على بعد اكثر من خمسين مترا من مقدمة بوابة المسجد بعدما الغت اقامة الصلاة على جثمان الراحل في مسجد عمر مكرم في ميدان التحرير بناء على وصية زكي قبيل وفاته.

ورغم ذلك استطاع عدد كبير من الفنانين دخول المسجد وبينهم محمود ياسين ومحمود عبد العزيز وفاروق الفيشاوي والمطرب محمد منير والفنانات رجاء الجداوي ومنى زكي وفردوس عبد الحميد وكريم عبد العزيز وفتحي عبد الوهاب وماجد كدواني وكمال سليمان ومحمد هنيدي ومنى عبد الغني وحنان ترك واخرون.

وعلى الصعيد الرسمي، حضر عدد من الوزارء منهم وزير الثقافة المصري فاروق حسني وزير الصحة محمد عوض تاج الدين ومدير مكتب رئاسة الجمهورية زكريا عزمي ورئيس مجلس الشورى وامين عام الحزب الوطني الديمقراطي صفوت الشريف.

وفور انتهاء صلاة الظهر نقل النعش محمولا على الاكتاف وملفوفا بالعلم المصري الى سيارة نقل الموتى التي انطلقت به الى المدفن الخاص الذي اشتراه الفنان الراحل في مدينة 6 اكتوبر (40 كيلومتر جنوب غرب القاهرة) ليكون قريبا من شريكته في بعض اهم افلامه الفنانة سعاد حسني التي دفنت هناك قبل ثلاثة اعوام.

ويعتبر زكي من اهم الممثلين العرب. وقد اطلق عليه المخرج المصري الكبير يوسف شاهين لقب عفريت تمثيل فيما عرف شعبيا بلقب النمر الاسمر.

وقد استطاع ان يحيا ذكرى شخصيات تاريخية اثرت على حياة الشعب المصري مثل عميد الادب العربي طه حسين من خلال مسلسل الايام الذي ابدع فيه في اداء دور الضرير اضافة الى ناصر 56 وايام السادات اللذين جسد فيهما شخصية الزعيمين جمال عبد الناصر وانور السادات.

اكتسب زكي حب الجمهور المصري من خلال تجسيده لمعاناته ومشاكله في العديد من افلامه خصوصا تلك التي قدمها مع المخرج الراحل عاطف الطيب ومنها الحب في هضبة الهرم والبريء والهروب اضافة الى زوجة رجل مهم لمحمد خان واحلام هند وكاميليا والمدمن وضد الحكومة وارض الخوف لداود عبد السيد.

ولم يكن زكي يقبل ان يقوم اي بديل بتأدية اللقطات الخطيرة التي تتضمنها مشاهد الفيلم مثل قيامه بحمل اسطوانة غاز مشتعلة ليلقي بها خارج المبنى في فيلم عيون لا تنام كما تعلم السباحة خلال اسبوعين فقط حتى لا يستعين ببديل في فيلم طائر على الطريق. ولم يتورع عن دخول ثلاجة الموتى لعشرة دقائق كي يصور لقطة الموت في فيلم موعد على العشاء.

ومن اشهر افلام الراحل الاخرى الباطنية والبيه البواب وسعد اليتيم والعمر لحظة والامبرطور والباشا والرجل الثالث وامراة واحدة لا تكفي ووراء الشمس واسكندرية ليه، في اول واخر لقاء له مع المخرج المصري الكبير يوسف شاهين، والنمر الاسمر وكابوريا واستاكوزا.

احيا احمد زكي بادائه شخصيتي الرئيسين جمال عبد الناصر في ناصر 56 وانور السادات في ايام السادات لحظات تاريخية هامة في تاريخ مصر المعاصر وخصوصا حدث تاميم قناة السويس في ناصر 56 الذي لم يعشه ابناء الجيل الجديد والذين كانوا من اهم مشاهدي هذا الفيلم.

ومن الافلام التي يعتبرها النقاد علامة في تاريخ احمد زكي الفني كانت بدايته مع الجوائز والتقديرات التي تجاوزت الثمانين جائزة محلية وعربية عن ادواره السينمائية حيث حوقد رحل الفنان قبل ان ينتهى من تصوير فيلم حليم عن حياة المطرب عبد الحليم حافظ، الذي كان تنفيذه حلم عمره، لما هناك من تشابه بين حياة كل منهما بسبب اليتم وصعوبة العيش وصولا الى الى القمة والمعاناة قبيل الموت من المرض.
ولكنه انهى ما يقارب 90 في المائة من مشاهد الفيلم.

وللفنان الراحل ابن وحيد هيثم من مطلقته الراحلة هالة فؤاد.

موقع "القناة"

29 مارس 2005