صفحات ذات صلة

كتبوا في السينما

 

انتهت حياة الفنان أحمد زكي بمأساة كما بدأت. فقد عانى النجم الأسمر في بداية حياته من مرض البلهارسيا الذي افترس جسده النحيل وشاء الله أن يشفى منه بعد أن تعاطى أكثر من مئة وعشرين حقنة عاش بعدها حياة حافلة بالشهرة والمجد قبل أن يستسلم جسده للسرطان اللعين الذي فشلت معه كل محاولات الانقاذ.

المأساة في حياة الفنان الكبير لم تكن المرض فقط ولكنها في حالة اليتم التي عاشها في طفولته وأحدثت داخله شرخا لم تفلح الأيام ولا الشهرة والمجد في ترميمه. فقد حرم الطفل أحمد زكي من حنان الأب والأم معا بعد أن مات والده ولم يكن قد أكمل عامه الأول وتزوجت والدته قبل أن يدخل عامه الثاني وانتقل ليعيش وسط أخواله.

هذه الظروف القاسية خلقت داخله حالة من التمرد والرفض وجعلت منه شخصية تأملية وظل طوال حياته يكره الحب الرمادي المقترن بحالة اليتم. كان أحمد زكي يهرب دائما من هذه الذكريات المؤلمة ونادرا ما يتحدث عنها. ويقول عن نفسه أنا إنسان يعاني من الحساسية المفرطة التي تسبب لي متاعب كثيرة، وكان يتمني أن يتصالح مع نفسه لكي يستمتع بوقته ويحافظ على وهج الفنان بداخله.

كان إذا سئل عن المرأة أجاب بأنها الحب والحنان اللذان أفتقدهما وأنه تمنى طوال حياته أن يجد المرأة التي تعوضه عن هذا الحرمان. وفي أحد اللقاءات قال إن كلمة «يتيم» يقابلها عندي «الحب الرمادي» فحين يكون لديك طفل يتيم لا تستطيع أن تشتمه أو تنهره وحتى إذا أخطأ لا يجد من يعاقبه أو يثور عليه مع أنه يحتاج لهذه المشاعر معا،

لكن الطفل اليتيم للأسف لا يعرف سوى اللون الرمادي على طول الخط فيسكنه على الدوام ويجعله شخصية تأملية، بالنسبة لي فقد انعكس هذا الشعور على علاقتي بالمرأة، فأنا في هذه المرحلة افتقدت حضن أمي، وهذا هو أغلى شيء في الوجود، فهي لم تكن موجودة في حياتي وهذا الشعور صعب ومميت وخاصة أنها كانت مع رجل آخر غير والدي.

هذا الاحساس ولد لدي شعوراً بضرورة التعويض في المرأة التي أحبها وأتزوجها وتلك المرأة لو أدركت احساس من ذاق طعم اليتم فإنها تأخذ إنسانا يحلق بها في السماء، وإذا لم تدرك ذلك فإنها تضيع على نفسها فرصة السعادة لأنني سأعطيها الكثير، سأعطيها نفسي ومشاعري، أعطيها الطفل الكامن في أعماقي، فإذا كان الإنسان الذي تربي في حضن أمه يريد حنان الأم من زوجته، فما بالكم بطفل محروم تماما من أمه»!!.

مأساة أحمد زكي عرفناها جميعا بين اليتم والمرض في طفولته المبكرة فقد أصيب بالبلهارسيا مرتين بسبب الاستحمام في ترعة «نويس» إحدى قرى مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية، واضطر في كل مرة لأخذ ستين حقنة، وقد وصل معه هذا المرض إلى مراحل متقدمة لكن الله أنقذه، وكانت ترعة نويس التي اصابته بالبلهارسيا دافعا له على التأمل وكان يمارس فيها هوايته المفضلة في صيد الأسماك مع زملائه.

اتجاهه للتمثيل بدأ بمحض الصدفة، فبعد أن كوّن ورشة (برادة) في الزقازيق باعتباره خريج هذا القسم في مدرسة الزقازيق الصناعية، لكن لحسن الحظ كان في هذه المدرسة رجل مستنير هو الأستاذ كامل إسماعيل نجم ناظر المدرسة الذي جعل المدرسة مركز إشعاع فني من خلال التنافس بين أقسام المدرسة على تقديم العروض المسرحية،

فقد كان الطلبة يتنافسون كل عام بعشرين مسرحية من فصل واحد، أملا في الحصول على الكأس ووجد أحمد زكي تشجيعا من ناظر المدرسة وكانت هذه المرحلة نقطة تحول في حياته لأنه عشق التمثيل والإخراج وبدأ يتردد على قصر ثقافة الزقازيق وكان مركز إشعاعاً ثقافي وفني آخر قرأ فيه معظم الكتب الفنية والآراء النقدية خاصة مقالات علي الراعي وعبدالقادر القط، وشق أحمد زكي طريقه إلى المسرح بعد أن وجد فيه ضالته،

وبدأ يتعامل مع الشخصيات التي يجسدها كطبيب نفساني، ومن فرط عشقه للمسرح رسب في الدبلوم أكثر من مرة، وكان في هذه الفترة قد بدأ يخرج مسرحيات لأقسام أخرى بالمدرسة مثل «الزخرفة والكهرباء والسيارات» وأيضا للمدرسة الثانوية ومدرسة المعلمين وقصر ثقافة الزقازيق يتقاضى عنها مكافآت رمزية.

وفي العام التالي جاء مستعدا ونجح بتفوق وكان الأول على حوالي ألف متقدم، وكان لونه الأسمر ظل علامة مميزة عند الأساتذة وأحيانا مستفزة لمشاعره، فقد وصفه أستاذه الراحل نبيل الألفي وكان أحد الأساتذة بلجنة التحكيم بأنه الميكانيكي الأسمر وذلك لأنه كان حاصلا على دبلوم صنايع، ووصفه عضو آخر بالفلاح الأسود، وكان لونه في بداية حياته عائقا أمام حصوله على البطولات السينمائية خاصة فيلم «الكرنك» الذي رشح لبطولته واستبعد من قبل الجهة المنتجة لنفس السبب .

وكاد هذا الموقف يبعده عن التمثيل لولا أنه انتصر على هذا التحدي وبدأت بشائر النجومية تظهر مع أدائه الرائع لشخصية عميد الأدب العربي طه حسين وفي فيلم «العمر لحظة» الذي نال عنه شهادة تقدير وصعد نجم أحمد زكي بسرعة وانهالت عليه الجوائز إلى أن لُقب في أواخر أيامه برئيس جمهورية التمثيل، وذلك في أعقاب تجسيده الرائع لشخصيتي الزعيمين الراحلين جمال عبدالناصر والسادات.

ارتبط الفنان أحمد زكي منذ طفولته بشخصية الزعيم الراحل جمال عبدالناصر وكان يفخر بأنه ناصري ويقول «إن عبدالناصر أبويا وعمي وهو القدوة»، فقد كان يعتبره الأب الروحي له بعد أن فقد والده، وكان يحلم دائما بأن يقدم هذه الشخصية في مسلسل أو فيلم سينمائي.

وعندما ذهب إلى مهرجان مونبيليه بعد أن شاهدوا مسلسل طه حسين الذي جسد شخصيته وصور جزءا من المسلسل في هذه الجامعة فطن إلى أهمية تجسيد الشخصيات الوطنية في أعمال ناجحة وقرر أن يتبنى مشروعاً قومياً لتقديم قادة ورموز مصر وكان على رأسهم الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، وقتها أعلن أنه على استعداد لأن يقيم خيمة أمام مبنى التلفزيون لكي يحقق هذا المشروع وبالفعل تحقق حلمه وتصدى لإنجاز فيلم «السادات»..

وتحول بسببه إلى مدافع عن اختيارات الرئيس الراحل السياسية خاصة فيما يتعلق بمسألة السلام مع إسرائيل، وعندما تعثر مشروع الفيلم في البداية قرر أن ينتجه لحسابه ومن ماله الخاص وخاض التجربة بنجاح، وكان حلمه الذي لم يكتمل فيلم «حليم» الذي كان يعتبره نموذجا مشابها له في اليتم والحرمان.

البيان الإماراتية بتاريخ 27 مارس 2005

 

ملف أحمد زكي

أحمد زكي يعود إلى القاهرة لاستكمال علاجه فيها

أحمد زكي أستاذ يحلم النجوم بالوقوف أمامه

حكاية صراع الامبراطور مع الالام في الغربة

الفنانون العرب والمصريون يلتفون حول أحمد زكي

محمد هنيدي:أحمد زكي مقاتل مملوء بالإيمان والتفاؤل

تصوير الضربة الجوية بعد الشفاء مباشرة

مديرة منزل احمد زكي تبحث له عن زوجة

ملف أحمد زكي

عاش طفولته يتيماً و وحيداً

اكتشفه ناظر المدرسة ورسب في أول امتحان مسرحي

القاهرة ـ محمد هشام

خسارة كبيرة

رحيل الفنان الاسمر احمد زكي

القاهرة – من رياض ابو عواد

·         ادوار كبيرة ومتميزة قدمها الراحل الكبير على خشبة المسرح وفي السينما والتلفزيون.

بعد صراح طويل مع مرض السرطان رحل صباح الاحد النجم الكبير احمد زكي الذي قدم للشاشة العربية 56 فيلما اخرها فيلم لم ينته العمل فيه بعد عن حياة العندليب الاسمر عبد الحليم حافظ شبيهه في رحلة الصعود الى النجومية وفي اليتم وفي المرض في اواخر ايامهما.

وكان زكي قد نقل منذ ثلاثة اسابيع الى مستشفى دار الفؤاد بعد تدهور مفاجىء في حالته الصحية وانتشار الورم السرطاني الذي بدا في الرئة ليصل الى المخ.

ولد "النمر الاسمر" احمد زكي متولي عبد الرحمن عام 1947 في مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية. بعد وفاة والده وزواج والدته من اخر عاش مع جدته وبدأ حياته الفنية في المدرسة الثانوية في الزقازيق حيث نال اول جائزة تمثيل عن دوره في احدى المسرحيات المدرسية.

حصل على شهادته الجامعية من المعهد العالي للفنون المسرحية في القاهرة عام 1973 بتقدير امتياز وبدا حياته الفنية بالمشاركة في عدة مسرحيات ناجحة مثل "النار والزيتون" و"اولادنا في لندن" و"هالو شلبي" الا ان دوريه في مسرحيتي "مدرسة المشاغبين" و"العيال كبرت" هما اللذان حققا له شهرة كبيرة في العالم العربي ومهدا لدخوله بقوة عالم الشاشة الفضية.

قدم الراحل ايضا ادوارا متميزة في مجموعة من المسلسلات خصوصا حلقات "هو وهي" التي شاركته بطولتها سندريلا الشاشة العربية الفنانة الراحلة سعاد حسني والمسلسل المميز "الايام" عن حياة عميد الادب العربي الراحل طه حسين الذي ابداع من خلاله في اداء دور الضرير.

ومن المسلسلات الاخرى التي قدمها "الغضب" و"لا شيء يهم" و"بستان الشوك" اضافة الى مسلسل اذاعي واحد هو "دموع صاحبة الجلالة" الذي رفض ان يشارك فيه لدى نقله الى الشاشة الصغيرة.

ومن بين الافلام الـ56 التي قدمها زكي للشاشة العربية في بداياته "ابناء الصمت" و"بدور" عام 1974 قبل انقطاعه عن الشاشة لثلاثة سنوات ليعود اليها عام 1977 مع فيلمي "صانع النجوم" و"شفيقة ومتولي" مع الراحلة سعاد حسني التي التقي معها مجددا على الشاشة الفضية في فيلم "الدرجة الثالثة" عام 1988 وفي اخر افلامها "الراعي والنساء" عام 1991.

الا ان انطلاقته الكبرى كانت مع "العمر لحظة" و"وراء الشمس" و"اسكندرية ليه"، في اول واخر لقاء له مع المخرج المصري الكبير يوسف شاهين، و"النمر الاسمر" و"امراة واحدة لا تكفي" و"كابوريا" و"استاكوزا".

احيا احمد زكي بادائه شخصيتي الرئيسين جمال عبد الناصر في "ناصر 56" وانور السادات في "ايام السادات" لحظات تاريخية هامة في تاريخ مصر المعاصر وخصوصا حدث تاميم قناة السويس في "ناصر 56" الذي لم يعشه ابناء الجيل الجديد والذين كانوا من اهم مشاهدي هذا الفيلم.

ومن الافلام التي يعتبرها النقاد علامة في تاريخ احمد زكي الفني "ارض الخوف" "وضد الحكومة" و"زوجة رجل مهم" و"الباطنية" و"البيه البواب" و"سعد اليتيم" و"العمر لحظة" و"الامبرطور" و"الباشا" و"الرجل الثالث".

كانت بدايته مع الجوائز والتقديرات التي تجاوزت الثمانين جائزة محلية وعربية عن ادواره السينمائية حيث حصل عام 1979 على اربعة جوائز هي جائزة وزارة الثقافة عن دوره في "العمر لحظة" وشهادة تقدير في نفس العام من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عن "شفيقة ومتولي" الذي نال عنه ايضا جائزة مهرجان جمعية الفيلم وهي الجهة التي منحته جائزة ثانية في نفس العام عن دوره في فيلم "وراء الشمس".

كما منحه مهرجان دمشق جائزة افضل ممثل عن دوره في "زوجة رجل مهم" عام 1986 وهي نفس الجائزة التي نالها عن نفس الفيلم من مهرجان جمعية الفيلم المصرية وفي العام التالي حصل ايضا على نفس الجائزة على دوره في فيلم "البريء" وفي عام 1988 حصل كذلك على نفس الجائزة من مهرجان الاسكندرية السينمائي الدولي عن دوره في "امرأة واحدة لا تكفي".

ومن اواخر الجوائز التي حصل عليها جائزة المهرجان القومي للسينما المصرية عن دوره في فيلم "ارض الخوف" لداود عبد السيد عام 2000 وجائزة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عن دوره في فيلم "معالي الوزير" لوحيد حامد عام 2003.

تزوج احمد زكي من الفنانة الراحلة هالة فؤاد التي انجب منها ابنه الوحيد هيثم قبل ان ينفصلا بالطلاق.

ميدل إيست أنلاين في 27 مارس 2005

 

صور لأحمد زكي

كل شيء عن أحمد زكي

شعار الموقع (Our Logo)