على مدى أكثر من ثلاثة عقود من الزمان، كان لي شرف لقاء عدد بارز من
كبار المخرجين وأيضاً النجوم، في السينما الهندية اعتبارا من العبقرية
الراحل ساتيجات رآي مروراً بميريتال س حتى اميتاب باتشان وشاروخ خان وغيرهم
من الأسماء الكبيرة، التي طرزت السينما الهندية ببصمات وحروف من نور، وفي
هذه المحطة نتوقف مع أحدث الوجوه، وأبرز جيل الشباب في بوليوود النجم
الهندي الشاب رانفير سينغ الذي تحول مع فيلمه الثاني «الى معبود الجماهير»
بل «اسطورة». حيث تحتفي به المواقع الالكترونية، وراحت صوره تغزو غرف
المراهقات في الهند وغيرها، وللذين لا يعرفون هذا الصبي الشاب، نشير الى
انه وقبل عام تقريباً، قدم مع النجمة الجميلة «أنوشكا شارما» فيلم «باندباجابارات»
(Band Baaja Baraat)
ليحصدا النجاح والشهرة والنجومية، واليوم يأتي فيلمها الجديد «السيدات ضد
ريكي بال»،
ladies vs Ricky BAH،
الذي قدم عرضه العالمي الأول في مهرجان دبي السينمائي الدولي ضمن تظاهرة
«ليال السينما الهندية».
وتلتقي مع النجم رانفير سينغ، الذي يستهل حديثه: انها المرة الأولى
التي اتشرف بها للحديث لصحيفة وصحافي عربي، ومن الكويت على وجه الخصوص، وكل
ما استطيع ان اقوله، بان «دبي» تمثل البوابة الحقيقية للسينما الهندية
للسوق العربي، حيث تمثل السوق العربي، والخليجي على وجه الخصوص، سوقا واعدا
ومتميزة، ومهمة بالنسبة لبوليوود وللسينما الهندية بشكل عام وإلى تفاصيل
الحوار.
·
فيلمك الجديد «السيدات ضد ريكي
بال» مقتبس وبشكل صريح من فيلم أميركي، هل ثمة اشارة الى هذا الأمر؟
نعم، نحن في بوليوود نحترم قانون الملكية الفكرية والفيلم مقتبس من
كثير.. التعديل من الفيلم الأميركي «جون تيكر يجب ان يموت»، وقد شاهدت
الفيلم أكثر من مرة، وحرصت على ان اقدم الشخصية بشكل جديد، ومختلف عن أسلوب
تقديم الشخصية الأصلية.
ويستطرد: الفيلم يتناول قصة شاب يحتال باسم الحب من أجل الحصول على
عشيقاته ونسائه، معي في الفيلم انوشكا شارما (شاركتني بطولة الفيلم الأول)
وأيضاً هنا رديني شارما واساميس وديبانيتا شارما وبارينيتي شوبرا.
·
كيف كانت البداية، خصوصاً أنت لا
تنتمي الى احدى عوائل بوليوود؟
أنا في غاية السعادة لاختراق عوائل بوليوود، الجميع يعرف ان هناك
عدداً من العوائل الأساسية ومنها «كوما» و«كابور» وغيرهما من العوائل التي
تعمل خلف الكاميرا أو امامها، والتي تحرك بوليوود، لقد حلمت بان اصبح
ممثلاً منذ ان كنت طفلاً، وحاولت مرات عدة، حتى حينما ذهبت لدراسة الفنون
في جامعة «انديانا» كان حلمي ان اصبح ممثلا، وهذا ما حرصت عليه حينما عدت
الى مومباي، حيث ولدت عام 1985.. وفور عودتي اتجهت الى الكتابة في المرحلة
الأولى، ولكنني في كل مرة كنت أجد نفسي في التمثيل وامام الكاميرا، وهذا
مارحت أبحث عنه.
·
الانطلاقة؟
حينما تقدمت لاختيار خاص بفيلم «باندا راحا بارات»، حيث تعرفت على
المخرج ياش راح، الذي امن بموهبتي، وحاول اقناع الجهة المنتجة، وكانت
البداية.
·
وفي التجرية الثانية؟
كان التحدي الأكبر، قد تكون التجربة الأولى سهلة رغم صعوبتها، ولكن
الاستمرارية هي الأصعب، وهي التحدي الأكبر، لقد كنت اصلي من أجل ان احصل
على هذه الفرصة، وبهذا العمل الكبير وجهة بالانتاج الكبرى في بوليوود
«واقصد» ياش راج وسعادتي كانت اكبر ان يتجدد اللقاء مع انوشكا شارما، التي
ادين لها بكثير من الفضل في تطوير قدراتي كممثل ومساعدتي في الحضور في عالم
بوليوود الاعلامي الفني... ولعل الجولات التي قمنا بها أخيراً، من أجل
الترويج للفيلم في انحاء الهند، وهنا في دبي، أكدت دعمها الكبير لي ووقوفها
الى جواري.. وهو أمر سأظل مديناً له.
·
هل تفكر فيما هو أبعد من
«بوليوود»؟
جيلي يظل يفكر دائماً في كل ما هو جديد، وبعيد.
وهو ما يمثل حالة دائمة من التحدي، ولا يمكن وصف سعادتي حينما شاهدت
النجم الهندي الكبير انيل كومار أمام النجم العالمي توم كروز في فيلم
«المهمة المستحيلة» الجزء الرابع، ورحت أسأل نفسي لماذا لا أبحث عن هكذا
فرص.. وهو سؤال و بحث مشروع.. ولكن علي قبل هذا ان ارسخ حضوري في ذاكرة
ووجدان المشاهد الهندي.. ومنها تكون الانطلاقة الى العالمية.
كيف شاهدت مدينة «دبي»؟
شيء مثل الخيال، مدينة متطورة، وكل شيء مرتب ومصمم بشكل حضاري مدهش،
واستطيع ان اقول انني وقعت في غرام هذه المدينة التي اتمنى ان اعود اليها،
كما بودي ان اشيد بالمستوى الرفيع للتنظيم في مهرجان دبي السينمائي، وبتلك
الحفاوة التي استقبلنا بها كفريق للفيلم أو كنجوم للسينما الهندية.
·
ماذا تقول لجمهورك؟
سعيد ان يكون لي جمهور، في الكويت أو دبي، أو غيرهما من الدول
العربية، وهو ما يمثل اضافة اعتز بها لرصيدي الفني.. وكل ما اقوله بمناسبة
قرب نهاية العام، انني أتمنى للجميع عاماً سعيداً.. بانتظار مزيد من
التواصل.
anaji_kuwait@hotmail.com
النهار الكويتية في
22/12/2011
مشاركتي في مهرجان دبي السينمائي فرصة للتواصل مع الإبداع
العالمي
هدى حسين: قرأت ثلاثة نصوص بحثاً عن التميز
عبدالستار ناجي
أعرف الفنانة الرائعة هدى حسين منذ مرحلة مبكرة من مشوارها الفني، وفي
كل مرة التقيها، تكشف عن معدن انساني رفيع المستوى ومن قبله احتراف فني
رفيع المستوى كيف لا؟! وقد عاشت هذه الفنانة المتميزة، في رحم اسرة قدمت
الكثير من الكوادر الفنية والاعلامية، بالاضافة للدور البارز الذي اسهمت في
تأسيسه من خلال مسرح الطفل تارة، والدراما التلفزيونية تارات عدة.
وعلى مدى ايام مهرجان دبي السينمائي الدولي، كنت ارصدها، فاذا بها
اكثر حرصا على متابعة جملة العروض والفعاليات والمناسبات، فلكلها كان هناك
عرض سينمائي جديد ومتميز، كانت هناك تتابع وترصد وتحاور.
وهي تذهب الى الحوار، من مخزون ثقافي ومهني وحرفي يعمق المعاني ويثري
كل الدلالات.
وبين العروض والمناسبات يتحرك الحس الصحافي، ونسألها عن الجديد، لترد،
ليس على صعيد الخبر بل بعمق المعنى، حيث تقول:
على مدى الاسابيع القليلة الماضية، قرأت ثلاثة نصوص، وذلك من اجل
البحث عن التميز، وهي بلا ادنى شك نصوص ثرية بالشخصيات والمضامين، ولكنني
ابحث عما هو ابعد، واعمق، لست مستعجلة على شيء، ولا اريد اي حضور، حتى يقال
إنني حاضرة، اريده حضورا مؤثرا وفاعلا يضيف لي ولمشواري وايضا الحرفة التي
انتمي اليها، لا اريد ان اتحدث عن هذا النص او ذاك، فلكل منها ثراؤها
وامامي الان نصان جديدان، وهذا يعني باننا امام حالة فنية سخية، على صعيد
الكتابة والاخراج، والنجوم.
في تجاربك الاخيرة.. ثمة رهان على جيل الشباب؟
نمتلك جيلاً من الشباب عامراً بالحماسة والحضور، وهو في الغالب من
مخرجات المعاهد الفنية، الذين تعرفوا على الحرفة اكاديميا وعمليا، وهم
رهانات المستقبل.
ونستطرد: في الدورة الرمضانية الماضية، قدمت ثلاثة اعمال درامية،
تنوعت واختلفت شخصياتها ومضامينها، وظل التحدي الاساسي بالنسبة لي، ان يكون
حضوري مقرونا بجيل ومرحلة جديدة، من مخرجات المعاهد الفنية، وهذا ما لمسه
الجميع، بالذات في تجربة مسلسل «الملكة».
وهكذا الامر بالنسبة لبقية الاعمال التي قدمتها.
وكيف ترين ابعاد ومضامين الدراما المحلية «الكويتية»؟
كما اسفت، الدراما المحلية الكويتية، ثرية بكم من الكتاب الشباب،
الذين راحوا يحلقون في قضايا وموضوعات ومضامين جديدة، وهكذا الامر على صعيد
الاخراج، وايضا الانتاج، بل ان حركة الانتاج هي الانشط على مستوى دول
المنطقة.
ونتابع: ان سقف الحرية الذي تعيشه الحركة الفنية بجميع قطاعاتها في
الكويت سقف عالٍ، اتاح لنا ان نقدم جميع الشخصيات بعمق، وموضوعية، وشفافية
عالية المستوى، وفي اعمال الاخيرة، تحليل عميق لحالات درامية متعددة، لا
يمكن ان يُقدم لولا ذلك الفضاء السخي من الحريات، وهي نعمة كبرى لا تقدر
بثمن.
علاقتك مع مسرح الطفل تتواصل وبخطوط بيانية ايجابية على صعيد المضامين
والنتائج؟
اعمالي لمسرح الطفل يسبقها كثير من الدراسة التربوية، وهو امر حتمي،
لاننا نستغرق عاما كاملا من التحضير لاي عمل نقدمه، وأحمد الله انني اجد
نفسي محاطة بفريق من الاحترافيين والمهنيين والمبدعين، سواء من خلال النصوص
التي يكتبها شقيقي الكاتب المسرحي عبدالكريم حسين، والاعمال التي تخرجها
شقيقتي المخرجة نجاة حسين، وهو تعاون اثمر العديد من الاعمال، حتى وان ذهبت
الى الموروث العالمي، فانها تعمل على منح تلك الاعمال مناخا محليا، انسانيا
عميقاً.
كيف ترين مشاركتك في مهرجان دبي السينمائي 2011؟
اولا، أتقدم بالشكر للجنة المنظمة لمهرجان دبي السينمائي على دعوتهم
الكريمة، اما فيما يخص مشاركتي فهي فرصة حقيقية للتواصل مع الابداع
العالمي، شاهدت اكبر عدد من العروض، وسرت على البساط الاحمر، والتقيت بكم
من الاسماء والنجوم والخبرات العالمية.
وهو امر من شأنه تطوير الحوار والتعاون الفني المشترك الذي يمثل رهانا
مستقبليا لي شخصيا.
وتتابع: على مدى ايام المهرجان سعدت بلقاء عدد بارز من النجوم، فكان
الحوار وكان الاعجاب المشترك، وايضا التفكير في مشاريع مستقبلية، بإذن
الله.
كلمة اخيرة؟
محبتي للجميع ولقراء «النهار».. وموعدنا شهر رمضان المبارك.. بإذن
الله.
anaji_kuwait@hotmail.com
النهار الكويتية في
25/12/2011
قراءة في أفلام مهرجان دبي الدولي 2011 (1 - 5 )
.. السينما العربية تذهب بعيداً!
عبدالستار ناجي
تفاجئنا اللجنة المنظمة لمهرجان دبي السينمائي الدولي في كل عام بعدد
متميز من الاختيارات السينمائية العربية العالية الجودة بالذات في
التظاهرات الخاصة بالسينما العربية، وهو امر ليس بمستغرب، ولا للحرفية التي
يعمل بها فريق عمل هذه التظاهرة، ومن قبلها المهرجان، الذي يظل رغم كون
موعده في نهاية العام، يحتفظ بكم من الافلام التي تشكل مفاجآت وبصمات
سينمائية تذهب بنا الى فضاءات وآفاق ابعد في مضامينها وحرفياتها، والحديث
هنا يظل يتحرك في محور السينما العربية.
في المحطة الاولى نتوقف عند الفيلم الروائي المصري الجديد «واحد صحيح»
انتاج احمد السبكي وكريم السبكي وتأليف تامر حبيب وتصوير احمد المرسي
ومونتاج احمد حافظ وموسيقى فهد الشلبي واخراج هاني الباجوري وبطولة هاني
سلامة وبسمة وكندة علوش وزيزي البدراوي ورانيا يوسف وياسمين رائيسي وعمرو
يوسف.
شاب يبحث عن زوجة كاملة المواصفات، وهو يذهب في اتجاهات عدة، تارة عبر
مغامرات يحكمها الجسد والرغبة، واخرى عبر معايير القلب وثالثة ورابعة
وهكذا، كم من العلاقات التي تشكل ارباعا او اخماسا، اذا ما اجتمعت بكاملها
فانها تشكل جوهر الواحد الصحيح، او العلاقة الكاملة في معالجة درامية تبدو
بعيدة عن سرب النتاجات السينمائية والظروف الموضوعية التي تمر بها مصر
والسينما المصرية، ولهذا فان الفيلم مخاطر النزول للسوق، المصرية على وجه
الخصوص لغياب البوصلة في اتجاهات المشاهد المصري في هذه المرحلة من تاريخ
مصر والسينما المصرية، في الفيلم تتضح حرفيات هادي الباجوري القادم من عالم
الفيديو كليب ممسكا بادواته وشخصياته، وبحضور شذى تدهشنا بسمة وايضا الوجه
الجديد ياسمين رائيسي.
وفي المحطة الثانية يأتي فيلم «جناح الهوى» «الحب في المدينة» انتاج
كارولين لوكاردي وسيناريو فيولين بيليت وتصوير روبرتا الليجريني ومونتاج
ماري كاسترو وموسيقى ريتشارد هورويتز وبطولة عمر لطفي وداد الما وادريس
الروخ ونسرين الراضي وامل عبوش واخراج عبدالحي العراقي.
في حي من احياء الدار البيضاء نتاج حكاية شاب مغربي «تهامي» ابن
الاسرة المحافظة الذي يرتبط بامرأة متزوجة من رجل عسكري يكبرها في السن،
وقد نختلف في وجهات النظر حول التحليل الذي يذهب اليه الفيلم، والذي يبرر
دائما الفعل المحرم يبرر كل شيء، العلاقة مع المرأة المتزوجة، ومن قبلها
علاقته مع كثيرات اخريات، بل يدعو المشاهد لان يتخذ موقفا سلبيا من موقف
الاب الرافض لممارسات ابنه المحرمة والممنوعة بجميع الاديان، ويبدو العمل
يعاني من خلل صريح وواضح في الطروحات الفكرية، قبل الخلل في بقية المضامين
ومنها بناء الشخصيات.
في المحطة الثالثة يأتي الفيلم الفلسطيني «حبيبي راسك خربان» انتاج
ومونتاج واخراج سوزان يوسف وتصوير بي جي رافال وموسيقى مينو كروسن وتمثيل
ميساء عبدالهادي وقيس ناشف.
قصة حب مأساوية استدعاء للتفاصيل الدقيقة التي تحيط بحكاية «قيس
وليلى» في التراث العربي، ولكن الاحداث هنا تذهب الى القرن الحادي والعشرين
وفي مدينة غزه على وجه الخصوص حيث ذلك الحب الذي يصل بصاحبه الى حد الجنون،
عندها يتفجر ذلك المحب معبرا عن حبه ومكنونات قلبه، حينها يشرع بكتابة
قصائده واشعاره على جدران تلك المدينة المحاصرة، مع مزج احترافي عال
المستوى بين الواقع والفعل الروائي، وايضا الظروف الاجتماعية والتقاليد
وذلك الحب المتفجر.
تذهب بنا المخرجة سوزان يوسف الى ما هو ابعد من حدود الصورة والحكاية،
ومن هنا اهمية هذه التجربة التي ستظل تحصد الجوائز، لانها باختصار شديد،
تذهب الى ابعد من حدود الامكانات والظروف انه الحب في الزمن الصعب.
ومن حصاد السينما العربية في مهرجان دبي السينمائي الدولي في دورته
الثامنة 2011 يأتي الفيلم الاردني «الجمعة الأخيرة» انتاج الهيئة الملكية
للافلام تأليف واخراج يحيى العبدالله تصوير راشيل عون ومونتاج محمد سليمان
وموسيقى الاخوة جبران، وبطولة ياسمين المصري وعلي سليمان منذ اللحظة الاولى،
يدفع بنا الفيلم الى اتون تجربة انسانية، حيث الايام الاربعة التي يواجه
بها ذلك الرجل قدره ومصيره، في البحث عمن يساعده في دفع تكاليف عملية
جراحية تنقذه من النهاية المحتومة، وامام تلك الايام واللحظات يبدأ ذلك
الرجل بكم من الاكتشافات بالذات على صعيد العلاقات الانسانية التي تحيط به،
وهذا ما يجعل فيلم «الجمعة الاخيرة» يبدو شديد الاحترافية على صعيد الشكل
والمضمون، كما يجعله ذا نهج انساني عميق يجعلنا نتجاوز حدود الحكاية،
والاردن ولربما العالم العربي، الى فعل وقضية انسانية يفهمها الجميع وتصل
الى قلوبنا وعقولنا في الوقت ذاته، مقرونا بحرفية سينمائية يسيطر عليها
المخرج الشاب يحيى العبدالله، الذي اعرفه ناقدا ادبيا، فاذا به يحول سخاء
الكلمة الى سخاء الصورة وعمق القضية، وفي الفيلم اشراقات جديدة بالتأمل،
اولها تلك اللغة الموسيقية التي قدمها الاخوة جبران «تريو جبران» وايضا
الممثل الشاب علي سليمان الذي عاش الشخصية وعذاباتها فكان صورة للألم.
وحتى لا نطيل، نكرر.. السينما العربية في مهرجان دبي السينمائي الدولي
في دورته الثامنة 2011 تذهب بعيدا الى حيث الاحتراف السينمائي الذي نفتخر
به ونعتز، ولي وقفات أخرى.
anaji_kuwait@hotmail.com
النهار الكويتية في
25/12/2011
قراءة في أفلام مهرجان دبي الدولي 2011 «3-5»
السينما الخليجية: ترسيخ واكتشاف
عبدالستار ناجي
تمثل السينما الخليجية احدى الرهانات الاساسية لمهرجان دبي السينمائي
الدولي، منذ تسلم السينمائي الاماراتي مسعود امرالله آل علي مهمة المدير
العام لمهرجان دبي السينمائي، والذي يعود له الفضل في تأسيس مهرجان افلام
الامارات، الذي تطور لاحقا ليصبح مهرجان افلام الخليج، ومن هذا المنطلق
والايمان، بأهمية تسليط ضوء اكبر على السينما الاماراتية والخليجية على حد
سواء راح ذلك المبدع يفتح ابوابا ونوافذ ومنافذ على السينما الخليجية
وصناعها، وهي هنا في مهرجان دبي تنال نصيبها من الاهمية والدعم والرعاية،
وقبل هذا وذاك الضوء المقرون بالاكتشافات والترسيخ لعدد من الاسماء.
وتعالوا نتأمل جوانب من نتاجات السينما الخليجية، في الدورة الاخيرة
لمهرجان دبي، التي يأتي في مقدمتها ذلك الحضور المتميز، لعدد من الكوادر
الخليجية، في لجنة تحكيم «المهر الاماراتي» حيث شارك في اللجنة المخرج
الكويتي عبدالله بوشهري الذي قدم للسينما الكويتية والخليجية عددا من
الاعمال من بينها «بطل كويتي» - 2003، و«ماي الجنة» - 2010، و«فقدان احمد»
- 2006، والكاتب والسيناريست الاماراتي احمد سالمين الذي كتب عددا بارزا من
الافلام الاماراتية ومنها «حارسة الماء» و«الباب» مع المخرج وليد الشحي،
وايضا «بنت النوخذة» مع خالد المحمود.
وفي الدورة الثانية لمسابقة «المهر الاماراتي» كنا مع «13» فيلماً
توزعت ما بين الوثائقي الطويل والقصير والافلام الروائية القصيرة.
وتعود المخرجة الاماراتية نجوم الغانم لترسخ حضورها وبصمتها عبر لغة
سينمائية شديدة الحساسية مرهفة المضامين بابعادها الانسانية والاجتماعية
وهي ترصد معاناة «امل» في الفيلم الذي يحمل ذات الاسم، ومنذ اللحظة الاولى،
تأخذنا نجوم الغانم، الى اجواء حكاية سيدة تصل الى الامارات وهي تحمل في
ذهنها كما من الاحلام والمشاريع ولكن الامور تذهب بها وبنا بعيدا في متاهات
تجعل كل تلك الاحلام تتبخر وتتحول حياتها الى هامش بعيد، رغم مكانها
وموقعها في بلدها الاصلي سورية، صراع كتب بعناية وتحليل للظروف المعيشية
التي يعيشها المغتربون، عبر حكاية ترويها لنا الكاتبة والاعلامية امل
حويجة، وبعيون المخرجة نجوم الغانم التي تتعامل مع الموضوع بشفافية تصل في
احيان كثيرة الى الاتهام.
ومن العلامات اللافتة في مسابقة «المهر الاماراتي» تأتي تجربة المخرجة
الشابة سارة العقروبي من خلال فيلمها «الفاكهة المحرمة» التي كتب وبلغة
«ذكية» حكاية شابين اماراتيين «عليا وراشد» اللذين تعودا على الخروج من
احيائهما الشعبية الى حيث دبي الجديدة، بجوانبها العصرية واسواقها ومولاتها
وصخبها، حيث يجدان انفسهما في متاهات تلك «المتعة» العابرة.. وهي متاهات
تقودهما الى حيث الحفل، حتى يجدان انفسهما امام اللقاء المشترك والزواج،
ولكن بعد رحلة مشبعة بالمتناقضات والعمق في التحليل، وفي هذه التجربة
السينمائية، نحن امام شابة تمتلك ادواتها، وايضا رؤيتها لدور السينما
والمضامين التي تقدمها تمثل اختزالاً للألم في مواجهة المتغيرات التي عصفت
بالمجتمع الاماراتي.
اما الكاتب جمال سالم، الذي تابعنا له العديد من النصوص المسرحية والبرامج
التلفزيونية المتميزة، فانه يعود الى السينما حيث كانت البداية، من خلال
فيلم «موت بطيء» الذي يقدم هو الاخر تجربة سينمائية ذات بعد اجتماعي، تسير
في النهج ذاته الذي اشتغلت عليه نجوم الغانم وبشكل او باخر سارة العقروبي.
وهو هنا امام فكرة ذهبية، هي حكاية «بشير» حفار القبور الآسيوي، الذي
عاش لاكثر من «30» عاما في دولة الامارات العربية المتحدة ودفن الكثير من
ابناء هذه الدولة ورجالاتها، حتى يصل اليوم الذي يأتي به القرار باحالته
الى التقاعد، لبلوغه السن القانونية وعندها تبدأ الازمة فكيف لهذا الرجل
الذي عاش في الامارات لاكثر من «30» عاما واجاد حرفته بالتزام وانضباط، ان
يتصور ان عليه ان يغادر الامارات، حيث اعتاد ان يعيش ويعمل ويتنفس ازمة
انسانية، ولحظات مشبعة بالألم والقسوة في مواجهة الواقع واللحظة، وقد
استعان المخرج جمال سالم بعدد من الكوادر الاماراتية في تقديم العمل ومنهم
منصور الفيلي وعبدالله الجفالي.
وضمن تظاهرة «اصوات خليجية» الذي يمثل تظاهرة احتفالية بالانتاج
السينمائي الخليجي، تأتي مجموعة من الاعمال السينمائية ونظرا لازدحام
البرنامج فقد اتيحت لي الفرصة لمشاهدة عدد قليل من افلام هذه التظاهرة
بالذات الفيلم الكويتي»، اتمنى لو كنا راقصين حيث يذهب بنا المخرج الشاب
محمد وليد عياد، في اولى تجاربه الاخراجية الى حكاية فتاة مصابة بمرض تصلب
الانسجة والتي تظل حبيسة كرسيها المتحرك الا ان احلامها تظل مجنحة، تذهب
بعيدا نابضة بالحياة والامل رغم اعاقتها الا انها في احلامها تسافر بخيالها
الى حيث رقص البالية، وكأنها تحاول ان تنعتق من ذلك المرض، والكرسي، الى
حيث عوالم ذلك الخيال الخصب.
وقد جسدت الشخصية بكثير من الحضور والتفاعل «ايما شاه» ومعها في
التجربة الفنان الشاب مساعد
خالد الذي يظل شريكا دائما وفاعلا في النسبة الاكبر من نتاجات السينما
الكويتية.
في تجربة «اتمنى لو كنا راقصين» مخرج يمتلك ادواته، وايضا عمق الرؤية،
واللغة السينمائية، التي تجتهد في تأكيد حضور وتعميق هوية وبصمة ويبقى ان
نقول..
شكرا لمهرجان دبي السينمائي في دورته الثامنة، وشكرا لمسعود امر الله
آل علي، على الاحتفاء بالسينما الاماراتية والخليجية.
anaji_kuwait@hotmail.com
النهار الكويتية في
30/12/2011 |