في حدث أعتبره من أهم أحداث مهرجان أبو ظبي في دورته الخامسة (13-22أكتوبر)، وأكثرها إثارة ومتعة، عرض برنامج
خاص من الأفلام الصامتة الكلاسيكية القديمة مكون من أكثر من عشرة أفلام
قصيرة أنتجت في الفترة بين عامي 1902 و1907 بالاضافة الى فيلم من تلك التي
صنعت عام 1937 من نوع الرسوم المتحركة من اخراج أوب ايوركس
Ub Iwerks وهو الرسام الذي اخترع شخصية ميكي ماوس قبل أن يستخدمها وولت ديزني
وترتبط باسمه حتى يومنا هذا.
أما أهم الأفلام التي عرضت في تلك الأمسية الخاصة، فكان بالطبع الفيلم
الشهير "رحلة الى القمر" من اخراج الفرنسي جورج ميلييه، أحد رواد السينما
الفرنسية والسينما العالمية، ويعتبر أيضا صاحب أول فيلم في تاريخ السينما
من نوع الخيال العلمي هو فيلمنا هذا.
ويعتبر عرض "رحلة إلى القمر" (1902) في نسخته الملونة، العرض
السينمائي الثاني بعد عرضه في مهرجان كان الماضي، بعد أن تمكن خبراء
المعامل من استعادة الألوان الأصلية وترميم الفيلم الأصلي من عدة نسخ تم
الحصول عليها من فرنسا وهولندا وجمهورية التشيك، وهو عمل استغرق عدة سنوات
الى ان اكتمل العام الماضي فقط.
وكانت النسخة الأصلية للفيلم التي تم تلوينها بطريقة يدوية قبل سنوات
طويلة من دخول الألوان إلى الأفلام السينمائية، قد فقدت تماما، ولكن خبراء
الحفريات السينمائية تمكنوا من العثور على تلك النسخ الثلاث التي كانت
تعاني من نواقص وعيوب كثيرة وتمكنوا من التوصل إلى السياق الأصلي للفيلم
الشهير الذي يروي كيف يتوصل العلماء الى اختراع كبسولة فضاء تنطلق عبر
صاروخ نحو القمر (قبل أكثر من خمسين عاما من أول رحلة الى الفضاء الخارجي
بطريقة مشابهة وكأن الواقع استمد الاختراع من الخيال أي من السينما!
وبعد وصول العلماء الى القمر بطبوغرافيته العجيبة، تظهر لهم كائنات
غريبة (تظهر باللون الأخضر في الفيلم) ذات سحنة مخيفة، تطاردهم وتتعقبهم
مما يجعلهم يقفزون بالكبسولة الفضائية من على سطح القمر لتسقط الكبسولة بهم
في أعماق محيط من المحيطات الموجودة على سطح الأرض، ويتم انقاذهم ثم
استقبالهم استقبالا رسميا كأبطال ويمنحون أنواط الشجاعة.
من أهم الأفلام التي عرضت أيضا، خلال هذا البرنامج المثير، فيلم من
تلك التي تمت استعادة نسخها الأصلية للممثل والمخرج الكوميدي الأمريكي
الشهير بستر كينون.
وشاهدنا أيضا فيلما يابانيا يصور مجموعة من لاعبي الأكروبات (عنوان
الفيلم "أكروبات يابانية") يقدمون استعراضا مثيرا من خلال فقرات مختلفة
يعرضونها أمام الكاميرا، وهو أيضا من أوائل الأفلام التي تم اضافة الألوان
لها عن طريق التلوين اليدوي قبل اختراع الألوان بالطبع.
وعرض فيلم صامت بعنوان "ذبابة الأكروبات" (أبيض وأسود) يصور كيف تقوم
ذبابة نراها مكبرة على الشاشة، بتحريك عصي وأشياء مختلفة والتلاعب بها كما
لو كانت أحد لاعبي الأكروبات. ولعل هذا الفيلم وهو من انتاج 1907، من أوائل
الأفلام التي استخدمت فيها الخدع البصرية.
قدم البرنامج المؤرخ السينمائي الفرنسي سيرج برومبرج بطريقة رجال
العرض الذين كانوا يقدمون الأفلام القديمة على المسرح، أمام حشد من الكبار
والصغار الذين جلسوا يصفقون ويتفاعلون مع الأفلام واحدا بعد الآخر في
استمتاع وكأننا عدنا في الزمن إلى الوراء، إلى عصر لم نعشه، هو عصر السينما
الصامتة. وكان برومبرج يقدم الأفلام بطريقة مرحة ويسبقها بمعلومات مثيرة عن
الفيلم وصانعه وظروف عرضه، ولم ينس طوال الوقت، أن يؤكد على أنه باحث عن
الأفلام القديمة التي من الممكن أن تكون موجودة في حوزة أي واحد منا دون أن
يدرك أهميتها.
والمثير أيضا أن هذا المؤرخ ورجل العرض العبقري الذي يجيد الانجليزية
ويتحدثها بلسان أهلها، كان يقدم الفيلم ثم يتجه الى آلة الكيبورد التي تعطي
صوت البيانو، لكي يعزف الموسيقى الأصلية التي كانت تصاحب تلك العروض من
خلال "النوتة" الموسيقية، وهو عازف ماهر لاشك في ذلك، أضاف بعزفه الحي
المباشر للموسيقى المصاحبة للأفلام، متعة أخرى إلى متعة المشاهدة.
جدير بالذكر أن فيلم "رحلة إلى القمر" تحديدا عرض في نسخة حديثة أضيفت
إليها الموسيقى الأصلية التي كانت تصاحب الفيلم في عروضه الصامتة في الزمن
القديم.
عين على السينما في
17/10/2011
عدنان مدانات: مهرجانا أبوظبي ودبي شرعا
تقليداً جديداً
في عمل المهرجانات السينمائية
كتب ـ محمد الحمامصي
الناقد الأردني يرى أن غالبية من يلجأ للتمويل الأجنبي لا يجد بدائل حيث لا
توجد في العديد من الدول العربية أسس لتمويل حقيقي للأفلام.
أكد الناقد السينمائي الأردني عدنان مدانات أنه يجرى في الفترة
الأخيرة حوارا بين النقاد العرب حول إمكانية استخدام مصطلح "السينما
العربية"، وقال: "الحقيقة الأفضل فى القول إنتاج الأفلام السينمائية فى
العالم العربي أو من قبل مخرجين عرب، لأن كلمة سينما عربية مصطلح غير دقيق
خاصة في وجود، أولاً أقطاب لكل قطر عربي وتقاليد خاصة بالسينما، ثانياً
بسبب اختلاط التمويل فى غالبية الأحيان خاصة بالنسبة لسينما المخرجين
الشباب، التمويل يكون من عدة جهات أجنبية في غالبيتها، والتمويل أحياناً
يعتبر هوية للفيلم، لمن تعود حقوق الفيلم بالنهاية للمخرج أم للمنتج،
بالتأكيد المنتج هو صاحب السطوة الأكبر على حظوظ الفيلم، والقول بسينما
عربية بشكل عام غير دقيق، جميعنا نستخدم تعبير سينما عربية لكنه في واقع
الحال غير دقيق.
·
هل يعني ذلك أنه ليس هناك خصوصية
للسينما في العالم العربي تمنحها الحق في أن تقول هناك سينما عربية؟
** بالواقع هذا سؤال نظري شديد التعقيد والصعوبة ومهم جداً، يعني في
بعض البلدان تلاحظ أن الأفلام تمتلك سمات عامة متقاربة سواء من حيث
المواضيع المتناولة أو طريقة المعالجة أو الإشارات والرموز والدلالات
المستخدمة في الأفلام التي تنتمي إلى تاريخ حضري معين، أعتقد أن هذا الأمر
غير متوفر في الأفلام العربية بمعنى أنه يصعب الحديث عن ما يسمى بالخصوصية
التراثية في السينما العربية أو في الأفلام العربية بشكل عام، السينما فن
تقني معاصر وهذه التقنيات عالمية، خبرات الأفلام العربية ليست في قامة
خبرات أفلام عالمية عديدة أو تاريخ سينما العالم الحديث، وبالتالي حتى
الحديث عن خصوصية تراثية أو ذات هوية وطنية محددة في الأفلام بشكل عام صعب،
وبالنسبة للأفلام العربية أصعب، الآن يضرب بالسينما الإيرانية المثل لأنه
لها خصوصية معينة تعتمد بشكل عام على فن الحكاية، بمعنى أن الأفلام
الإيرانية تأخذ حدثا بسيطا أو موضوعا بسيطا وتنجز بمهارة حكاية مشوقة وذات
دلالات وأبعاد، هذه سمة نلاحظها في العديد من الأفلام الإيرانية خاصة التي
انتشرت خارج حدود إيران، الأفلام الأفريقية مثلاً يلاحظ في العديد من هذه
الأفلام مزج الواقع بالفولكلور، التراث الأفريقي يظهر كواقع حي في هذه
الأفلام تعبيرا عن الانتماء أو العناية بالتراث، في السينما العربية أو
الأفلام العربية لا نجد بالحقيقة إلا فيما ندر أفلاما تحاول أن تعكس ملامح
هوية محلية.
·
حتى السينما المصرية لم تستطع
وهي من أوائل السينمات أن تحقق ولو إنجازاً بسيطاً يمكن أن يسمح أن لنا
بالقول إن هناك سينما عربية ممثلة في السينما المصرية؟
** طبعاً السينما المصرية ذات تراث كبير وهي الأكثر والأضخم والأكثر
تجربة في السينما العربية، وخلال سنوات منذ العشرينيات وحتى الآن هناك مئات
من الأفلام المتنوعة، لكن هو سؤال معقد لكن نحاول أن نرسم ملامح عامة،
غالبية الأفلام المصرية بوجه عام ذات طابع تجاري، بمعنى أنها أفلام تروي
قصصا وتقدم شكلا ميلودراميا في غالبيته لمراضاة الجمهور الواسع من رواد
السينما، وهو في غالبيته جمهور شعبي، وهذه ملاحظة مهمة تتحدث عن الجمهور
الواسع في السينما المصرية، جمهور صالات الدرجة الثانية والثالثة بشكل خاص،
وهناك الحركة التي بدأت مع عدد قليل من المخرجين منذ الخمسينيات وبداية
الستينيات نحو سينما تعكس الواقع (السينما الواقعية) أكثر، وهي أفلام قليلة
العدد نسبياً بالنسبة لمجمل الإنتاج في مصر، هذه الأفلام لم تبحث عن خصوصية
تراثية خاصة بقدر ما اهتمت بعكس مشاكل الواقع، يعني اهتمامها بالدرجة
الأولى بالمضمون وليس بشكل فني مميز ذي خصوصية، هذا رغم أنه في أواخر
الستينيات من القرن الماضى صدر البيان الشهير لجماعة السينما المصرية الذي
صاغه عدد من مخرجين شباب ومصورين وسينمائيين بشكل عام حتى نقاد شاركوا
معهم، وأصدروا بيانا دعوا فيه إلى سينما مختلفة عن السينما التجارية،
وحددوا فيه عدة نقاط، إحدى هذه النقاط عكس التعبير عن مشاكل الواقع بشكل
صادق، ونقطة ثانية تقديم سينما ذات هوية مصرية وطنية، هذا النقطة الثانية
لم تتحقق، لأنها تتطلب حرية إبداع خارج متطلبات السوق، معظم ما صنع مخرجو
هذه الجماعة ومن تلاهم أفلاما صنعت ضمن شروط السوق، أفلام جاء تمويلها من
قبل القطاع الخاص السنيمائي، وهذا قطاع تجاري بالدرجة الأولى، بعكس ما يحدث
الآن مثلاً مما يسمى بأفلام مستقلة بتقنيات ديجيتال أو أفلام مثلاً في بعض
الدول تمول من قبل الدولة، سينما الشباب المصريين أو السينما الواقعية صنعت
ضمن آليات السوق لكن بروح جديدة وفكر جديد، وهذا كان يحد من حرية الإبداع
الفني أو ما يسمى التجريب أو البحث عن أشكال جديدة، هذه السمة العامة
بالنسبة للسينما المصرية، الآن الشخصية المصرية بما فيها تتسم بتناقض
المضحك المبكي، شخصية الإنسان الفقير الذي يعيش حياة صعبة مليئة بالمشاكل،
لكن ذلك لم يفقده روح السخرية والقدرة على التعامل مع الحياة، هذه الشخصية
نجحت العديد من الأفلام في التعبير عنها، وهذا ربما يمكن أن نحسبه لصالح
حتى الأفلام التجارية مثلا،ً من هذه الناحية أعتقد أن مخرج مثل حسن الإمام
قدم إنجازات في هذا المجال رغم أنه كان يبحث عن سينما ترفيهية بحتة، وهو من
رفع شعار "الجمهور عاوز كده"، لكنه في العديد من أفلامه تعثر على ملامح
حقيقية للشخصية المصرية على الأقل الشعبية، وهذا برأيي إنجاز، فالمجتمع
المصري فيه العديد من التناقضات ونجد هذه التناقضات في شخصيات أفلامه، كما
في أفلام العديد من المخرجين، لكن ضربت المثل به لأنه من صلب رواد السينما
التجارية بشكل عام، لكن هناك تجارب منفردة على سبيل المثال شادي عبد لسلام
في "المومياء" في موضوعه والشكل يحاول أن يقدم عملا فيه روح التراث كله
للمومياء هذه التجارب قليلة ولا يؤسس الحقيقة عليها.
·
نأتى إلى قضية التمويل.. الآن
المؤسسات العربية وأغلب الكتاب أو المخرجين يلجأون للتمويل الأجنبي، كيف
ترى لخطر هذا التمويل على صناعة السينما بشكل عام؟
** أيضاً السؤال متعدد النواحي . أولاً غالبية من يلجأ للتمويل
الاجنبي يفعل ذلك لأنه لا يجد بدائل، لا توجد في العديد من الدول العربية
أسس لتمويل حقيقي لهذه الأفلام، لا توجد نظرة سينمائية وإن تمكن مخرج ما من
توفير أموال محلية لإنتاج فيلم، فالفيلم لا يحقق عوائد من التوزيع المحلي
بسبب وضع صالات السينما، وبالتالي التمويل الأجنبي من هذه الناحية يحل
مشاكل الإنتاج والتوزيع، إضافة إلى ما يتيحه هذا التمويل من تحرر من آليات
الرقابة الرسمية والاجتماعية بمعنى أنه يتيح للمخرجين الخوض في مواضيع
جريئة نوعاً ما قد يرفضها المجتمع أو لا يتقبلها بشكل كاف، لأن هذه أموال
التمويل الأجنبي أو أفلام التمويل الأجنبي تبحث عن ساحة غير الساحة المحلية
ساحة العروض الخارجية، المهرجانات، ولا يعنيها كثيرا السوق المحلية لأنه
سوق غير مربح أو لا يتيح للأفلام أن تحقق عوائد مالية، هذا جوانب إيجابية
في مسألة التمويل الأجنبي، لكن هناك جوانب سلبية وهى أساسية، أولاً: ما
يرتبط بوجود عناصر مشتركة بين جميع أو معظم هذه الأفلام والتي تمول من
الخارج والتي تعالج أو تطرح جزئيا أو كلياً مواضيع يتم التركيز عليها في
الغرب وليس في العالم العربي، مثلاً حرية المرأة، الشذوذ، شخصية اليهودي،
وهي أكثر النواحى خطورة، وأعتقد من الناحية السياسية بالنسبة للأفلام نجدها
متوفرة في العديد من الإنتاجات ذات التمويل الأجنبي حتى مخرج كبير مثل يوسف
شاهين لا يتمتع بالحصانة ضدها، يطرح قضية التعايش الثقافي الفرنسي المصري،
قبل الشذوذ الجنسي، مثلاً يعني كثير من هذه الأفلام تطرح بالفعل حاجات
الغرب أكثر من حاجات الواقع المحلي، هذه مشكلة.
التمويل الأجنبي يبدأ بالتدخل في مرحلة السيناريو، حيث يعرض السيناريو
على الممول، ويبدأ التدخل تحت شعار المساعدة التقنية من قبل خبراء أجانب
يفترض فيها أن تعني أن يكون الفيلم بعد إنتاجه محكم السيناريو، ومكتوب صح،
وعادة ما يقول الغرب نحن لا نتدخل ولا نملي ولا ولا، لكن نحن نقدم مساعدة
تقنية يقوم بها خبراء، والمشكلة هي أن المساعدة التقنية تتم من قبل كل
ممول، تعرف أن التمويل جزئيا،ً مبلغ قليل من فرنسا، من هولندا، من
الدانمارك، من بلجيكا كل مخرج يجمع فتات تمويل فيلمه، وكل مرة يتعرض لنصيحة
أو لمساعدة تقنية.
الملاحظ بعد انتهاء الفيلم أنه عندما يعرض، فإن ملاحظات النقاد تشير
بأن المخرج يتمتع بإمكانيات وبموهبة لكنه صنع فيلماً ضعيفاً من حيث
السيناريو، هذه هي المفارقة، أن هذه المساعدة التقنية في واقعها لا تؤدى
إلى كتابة نص جيد، لكن نصا مطلوبا للغرب بمواضعيه وبأفكاره وباتجاهاته،
حاول أن تقرأ ما يكتبه النقاد عن الأفلام إذا دائماً الملاحظات السلبية
تنصب عن السيناريو، فيه غموض، فيه تفكك، البنية غير واضحة، دائماً هناك
فبركة للقصص والمواضيع، لكن تجد أن المخرج حرفياً أنتج عملا جيدا خاصة إذا
ما استعان بتقنيين بالسينما الأوروبية.
هذا تناقض، ومن زاوية ثانية هناك العديد من المخرجين ممن كان أذكى من
الممول الأجنبي وأكثر إخلاصاً لقضيتهم تمكنوا من صنع أفلام لا نحصل فيها
على مثل هذه الإملاءات أكثر، وهذا نجده واضحا في العديد من الأفلام
اللبنانية مثلاً فيلم اللبناني اسمه "بيت الزهر"، هو فيلم لبناني بالمطلق
بمواضيعه وقضاياه، فيلم "طيف المدينة" لجان شمعون أيضاً، من مصر أستطيع أن
أذكر على سبيل المثال فيلم ليسرى نصر الله لا أتذكر اسمه، هذا تعامل بذكاء
وخرج بنص خاص به بهذا الفيلم، أحياناً مخرج ذكي وواثق من نفسه يستطيع أن
يصنع فيلماً نظيفاً من هذه الناحية، بمعنى أن هذه الإملاءات ليست دائماً
ملزمة.
·
هل تعتقد أن لديناً أجيالاً
جديدة من المخرجين فى كفاءة أو على الأقل بمستوى سابقيهم من جيل الخمسينيات
والستينيات والسبعينيات؟
** الآن .. الجيل الجديد الجديد نعم، مثلاً بالسينما المصرية شديد
الإعجاب والأمل بمخرج مصرى يصنع أفلام مستقلة اسمه ابراهيم البطوط الذي عمل
أفلام "إيثاكي " و"عين شمس"، هذا أعتقد أنه مخرج واعد جداً بالجديد في
الشكل والمضمون، طبعاً هناك العديد في جيل من المخرجين الشباب بالحقيقة
يقدمون في مصر أفلاما مهمة الآن قليلة العدد من نوع "هليوبولس" أو حتى
"المسافر" لأنه في شكل فني ممتاز، رغم إرباك الموضوع والحكاية بالفيلم،
خاصة جيل الذي يتعامل مع التقنيات الرقمية التي تسهل الكثير من الأمور
بالنسبة للمخرج، طبعاً إلى جانب أحد كبار السينمائيين العرب الذين يقدمون
من فيلم إلى فيلم إنجازا جديدا مثل داود عبدالسيد، باقي الدول العربية
أيضاً هناك مخرجون صعب التذكر أسماء الكل.
·
وماذا بالنسبة للممثلين، مع
ملاحظة بين قوسين، شخصياً أرى أنه من النادر أن نرى من بينهم من يمتلك ثقلا
معرفيا أو وعيا أو رؤية خاصة بثقافة وتاريخ بلده؟
** من الصعب الحكم على الممثلين من الناحية الشخصية، لكن الحكم على ما
يقدمونه من أداء بالأفلام بشكل عام، هناك جيل جديد في السينما المصرية يملك
طريقة جديدة في التمثيل متخلصة من الأداء المسرحي المبالغ فيه الذي كان
يتسم به عمل معظم الممثلين في السنوات الماضية، تخلص من المرض الذي كان
يوصف أو يعبر عنه بجملة "سرقة الكاميرا"، بمعنى أن الممثل يهتم بأن يبرز
حضوره على الشاشة أكثر من غيره ولا يهتم بالأداء، هناك جيل جديد من
الممثلين جيد وهذا يؤثر أيضاً على الجيل الأسبق، وجيل يمتد في أرجاء العالم
العربي وليس في مصر وحدها، أشاهد الأفلام التونسية والمغربية وأعتقد أن
غالبية الممثلين في هذه الأفلام يقدمون أداء ممتازاً. التمثيل للسينما بشكل
عام يفترض من الممثل أن يبدو طبيعياً دون مبالغة، أن يمتلك إحساسا طبيعيا
بالأشياء، وكلما كان طبيعياً وواقعياً أكثر، كلما ما بدأ مقنعاً أكثر،
طبعاً هناك بعض الممثلين يتمتعون بما يوصف بالسينما بسحر الشخصية، يعنى
شخصيته جذابة تملك كاريزما، منهم مثلا المصري خالد أبوالنجا له حضور حتى لو
ما مثل جيد، لكن له حضوره الشخصي، وبشكل عام هناك جيل جديد في كافة العالم
العربي وبالذات في مصر، لأنه في مصر هناك تقاليد من التمثيل الميلودرامي
والمسرحي في السينما، جيل جديد لا يبالغ فى انفعالات، لا يبالغ في الصوت
العالي ويقدم أداء متوازناً أكثر.
·
نأتي إلى مهرجان أبوظبى كيف ترى
صندوق سند لتمويل الأفلام، والأفلام التي يعرضها، وأنت تتابعه منذ دورته
الأولى؟
** مهرجان أبوظبى وأيضاً مهرجان دبي، شرعا تقليداً جديداً في عمل
المهرجانات بشكل عام، المهرجانات وظيفتها أن تعرض الأفلام على الجمهور
وتمنح الجوائز، وهكذا المهرجانات العالمية نادرا ما تضيف إلى هذه الوظيفة
واجبا تمويلىا للأفلام، يعني ترتبط بتمويل الأفلام، في مهرجاني أبوظبى ودبي
في الحقيقة هذا جانب جديد ومهم في وظيفة المهرجان السينمائي، وهناك جانب
يتعلق بالثقافة السينمائية في مهرجان أبوظبي حيث يعرض الأفلام للجمهور في
حضور ممثلين عنها ثم يفتح باب التحاور حولها، الجانب الآخر تمويل مشاريع
الأفلام ومنح جوائز لنصوص تتسابق بحثاً عن تمويل وأعتقد أن هذا مهم جداً،
الآن يبقى أن ذلك لا ينفي الحاجة إلى وجود أو تأسيس شركات سينمائية خاصة
ذات عمل متواصل لإنتاج الأفلام، المهرجان هو موسمي، فترة المهرجان هناك
مسابقة، هناك مشاريع أفلام تقدم وتناقش، يعنى مرة بالعام ويختار منها، لكن
هناك حاجة إلى شركات إنتاج تعمل على مدار العام وبشكل متواصل.
الآن الشق الآخر بخيارات الأفلام المعروضة الواقع مهرجان أبوظبى على
سبيل المثال يعني عدد كبير من الأفلام بحيث يحتار الإنسان فيما يشاهد يعني
برنامج مكتظ، وهذا يعني تنوع هذه الأفلام وهذا العدد الكبير يعطي خيارات
ليس للشخص الواحد بل لأنواع مختلفة من الأشخاص، بمعنى أنواع مختلفة من
الجمهور، يعني كل واحد يبحث عما يريد، من يريد سينما عربية يجد أفلاما
عربية، من يهتم بالوثائقيات يجد أفلاما وثائقية، من يريد أفلاما حصلت على
جوائز في مهرجانات دولية يجد، خيارات متعددة وهذه ميزة جد مهمة.
·
تقول بتأسيس شركات خاصة، أين
الأنظمة العربية أو الحكومات العربية من السينما، باعتبار أن السينما ليست
صناعة ثقافة أو فن أو فكر أو تنوير أو وعى فقط، لكن أيضاً صناعة اقتصادية؟
** هذه مسألة كبيرة ومعقدة مسألة القطاع العام، وهو في غالبية الدول
العربية خاض تجارب فاشلة، لكن المغرب انتعشت في السبع سنوات الماضية حركة
الإنتاج السينمائى بشكل قوي، والسبب هو الدعم الحكومي الذي كان غائباً ثم
تأسس أنشئ دعم حكومي بعمل صندوق لدعم السينما، وأصبح المخرجون المغاربة
يحصلون على دعم مالي كبير لإنجاز أفلامهم، وبالتالى نشطت تقريباً معدل
إنتاج الأفلام في المغرب يقارب معدله في مصر، مصر تراجعت بنسبة من
الستينيات والخمسينيات من ستين أو خمسين فيلما، الآن لم يتجاوز العشرين، في
المغرب الآن هذه النسبة، وهذا يعني أن دور القطاع العام مهم، لكن هذا الدور
لا يتحقق إلا إذا كان هناك وعي رسمي لأهمية السينما، وهذا الوعى غائب
تقريباً في معظم الدول، طبعاً مصر تجربة القطاع العام فشلت، سوريا القطاع
العام لا يزال يعمل بمجال السينما لكنه يراوح مكانه لم يحقق أي قفزات
حقيقية لتوسيع نشاطه، ولا تزال السينما السورية تتبع القطاع العام وتنتج من
فيلم إلى فيلمين في العام لا أكثر، مع أن المؤسسة العامة للسينما منشأة منذ
عام1963، ربما هذا التجارب لم تشجع بقية الحكومات، ربما الوعي بأهمية
السينما غير كاف، خاصة ما تريده الحكومات من السينما، تحصل عليه بسهولة
أكثر من خلال البرامج التليفزيونية، يعنى التليفزيون يؤدى الوظيفة الأدائية
والإعلامية المطلوبة للدولة، وبالتالي لا يعنيهم كثيراً وجود أفلام قد لا
تعرض، ولا تنتشر، وتفشل جماهيرياً، التليفزيون شاشات مفتوحة للعرض ولها
جمهورها الواسع. طبعاً هذا الحديث حول القطاع العام يجري من الستينيات، أي
لا يوجد تطور في هذا المجال منذ أكثر من 50 سنة.
ميدل إيست أنلاين في
17/10/2011
السينما السويدية .. احتفاء بالحب في أبوظبي
كتب ـ محمد الحمامصي
سبعة أفلام تجمع بين الروائية والوثائقية، اهتمت جميعها بمعالجة
موضوعات إنسانية كالحياة الأسرية وفترة المراهقة وعلاقات الحب
وغيرها.
تشارك السينما السويدية في مسابقات مهرجان أبوظبي السينمائي في دورته
الخامسة (13 ـ 22 أكتوبر/تشرين الأول الجاري) بأكثر من سبعة أفلام تجمع بين
الروائية والوثائقية، اهتمت جميعها بمعالجة موضوعات إنسانية كالحياة
الأسرية وفترة المراهقة وعلاقات الحب وغيرها من القضايا التي ترتبط ارتباطا
حميما بعلاقة الإنسان بذاته وبمن حوله.
وجاءت الرؤية السينمائية على ذلك التناسق والانسجام في بساطتها ورقة
مشاهدها وعنفوان وحيوية تعبيراتها، فاستطاعت أن تمس تلك القضايا مسا عميقا
خلا تماما من الانفعال أو المباشرة الساذجة.
ففي فيلم "قوى بألف مرة" يقتحم المخرج بيتر شويلت عالم المراهقين دون
افتعال أو ضجيج أو لعب تجاري رخيص، فالفيلم الذي عرض ضمن عروض السينما
العالمية بالمرجان قدَّم معالجة رائعة للوضع القائم بين المراهقين، وحتى
المعلمين – في هذه المدرسة الثانوية السويدية، حيث الصبية يسيطرون على
الفتيات، والفتيات يخضعن للصبية، وحيث تتشكل المجوعات القوية ممن هو قوي
ومن هو ليس كذلك؟ وهنا تدخل الفتاة الجميلة "ساجا" على الخط، التلميذة
الجديدة التي جابت العالم والمتمتعة بالحكمة التي تمكنها من قلب المدرسة
رأساً على عقب، عندما تقدم نفسها كمثال أعلى قوي للفتيات، الأمر الذي
يدفعهن بالاقتداء بها لتبدأ مراهقتهن في التوازن.
المراهقة أيضا كانت محورا رئيسيا لفيلم "بهلوانيات فتاة" للمخرجة ليزا
أشون وهو من الأفلام المتنافسة في "آفاق جديدة"، حيث يؤكد أنه على الرغم من
أن كثيرين ينظرون إلى فترة المراهقة بوصفها فترة من الاضطراب أو القلق، إلا
إن هذه الفكرة الشائعة لا تخرج هذه المرحلة من طور البراءة، وهو ما تمضي
المخرجة السويدية الشابة في اختباره إلى الحدود القصوى في فيلمها الروائي
الأول، المربك والمحير هذا. بأقل قدر من الكلام وأكبر قدر من الإيماءات
والإيحاءات وتوظيف الحركة والصورة، تروي قصة مراهقتين تربط بينهما علاقة
ملتبسة قوامها صداقة غامضة وتحدّ مستمرّ على التفوق والسيطرة.
ويحتفي أبوظبي السينمائي بالمخرج السويدي العالمي انغمار بيرغمان قدم
أبوظبي السينمائي أكثر من فيلم منها فيلم "ابتسامات ليلة صيف" الحائز على
الجائزة الكبرى في مهرجان كان السينمائي، وفيلم "التوت البري "وفيلم "فاني
والكسندر" آخر أعمال بيرغمان (1982)، وهذا الأخير تحفة سينمائية توجت مسيرة
بيرغمان السينمائية الطويلة واللامعة. هذا الفيلم الحائز على 4 أوسكارات،
يشكل مزيجاً من الواقعية القوية والسحر الروحيّ، التعقيد العاطفي وبساطة
التعبير، وتدور أحداثه في بلدة سويدية صغيرة عند مطلع القرن العشرين، حيث
يقتلع طفلان شقيقان من أجواء عائلتهما المرحة وذلك بعد زواج أمهما الأرملة
من الأسقف المحلي الصارم، الذي يضطران للعيش في ظلّ حكمه الأوتوقراطي
المرعب.
وعلى الرغم من أن فيلم "ابتسامات ليلة صيف" فيلم يرجع إلى خمسينيات
القرن الماضي إلا أنه لا يزال يملك القدرة على العطاء الجمالي والفني
والإنساني، فهذه القصة القديمة الجديدة، الجميع إما مغرم وإما تزوج من
الشخص الخطأ، معالجة كوميديا بشكل رائع حيث الروابط الرومانسية بين ثلاثة
أزواج من القرن التاسع عشر خلال عطلة نهاية الأسبوع في الريف. هناك مسحة من
الحزن التي تنطوي عليها القصة وتنعكس على رؤية المخرج، لكن يظل الفيلم
يتمتع بالخفة والفكاهة.
وفي فيلم "التوت البري" يقدم بيرغمان حالة إنسانية بديعة من خلال إسحق
بورج الأرمل الذي تجاوز عمره الثامنة والسبعين من عمره، وهو أستاذ جامعي
أناني ورجل نكد بارد العواطف، يجد نفسه مجبراً على إعادة تقييم حياته خلال
رحلة طويلة بالسيارة في السويد مع مجموعة من الشباب الذين وافق على
توصيلهم، عندما يتسبب هؤلاء بإطلاق أحلام يقظة وكوابيس تعيده إلى ماضيه
المضطرب.
في العام 1957، وفي خضم نجاحه المهني، وإنما ترنحه على صعيد حياته
الشخصية، أنجز بيرغمان هذا الفيلم الذي غدا واحداً من أقوى التعبيرات
السينمائية حول رجل يتأمل في حياته وموته.
في إطار عروض السينما العالمية أيضا عالج فيلم "شرق ستوكهولم" للمخرج
سيمون كايسير دا سيلفا قضية الحب محاولا أن يقول إن الحب الحقيقي يقوم على
بنية من الأكاذيب. فبعد وفاة طفلة في حادث مأساوي، يلتقي صدفة غريبان
مفعمان بمشاعر الخوف العميق، ويبدآن علاقة حب غامر، لكنّ أحدهما فقط يعرف
السرّ الذي ربط بين حياة كل منهما إلى الأبد.
يلعب الممثلان الإسكندنافيان المعروفان عالمياً ميكائيل برسبراندت
الحائز على أوسكار عن "في عالم أفضل"، الذي عرض العام الفائت في مهرجان
أبوظبي السينمائي، وإيبن هيلي، الدورين الرئيسيين في الفيلم ويقدمان أداءً
آسراً في هذه الدراما الآسرة عن المأساة والولادة من جديد.
وفي المسابقة الوثائقية هناك فيلم "الفصل الأخير - وداعا نيكاراغوا"
للمخرج بيتر توربينشون ويتناول أحداث وقعت في العام 1984 حيث انفجرت قنبلة
خلال المؤتمر الصحافي مع القائد الثوري إيدن باستورا، وذلك في أحد معاقل
الثوار على الحدود بين نيكاراغوا وكوستاريكا. قتل سبعة أشخاص وجرح أكثر من
عشرين شخصاً. أحد الناجين من هذه العملية الصحافي السويدي بيتر توربيورنسون،
يتخلى بعد ربع قرن عن صمته في هذا الفيلم. أكان في مقدوره منع القصف؟ هذا
السؤال طارده منذ ذلك اليوم، لكنه حين يعود إلى نيكاراغوا للتحقيق في حقيقة
هذا الهجوم، يجد جواباً ربما يكون أكثر إثارة للحيرة.
وداخل المسابقة الوثائقية أيضا يتنافس فيلم "القوة السوداء: الشرائط
الأرشيفية 1967 - 1975" للمخرج غوران هوغو اولسون الذي عبر الاستعانة بمادة
أرشيفية كبيرة قام بتصويرها عدد من الصحافيين والسينمائيين السويديين بين
عامي 1967 و1975 حول الفهود السود، يحاول الذهاب إلى ما وراء الصورة
النمطية المعروفة عن هذه الحركة، بوصفها حركة مسلحة وعنيفة فحسب، وذلك من
خلال بعض أبرز رموزها وعدد من المقربين منهم، الذين يعرضون سواء من خلال
المادة الأرشيفية أو من خلال شهادات سجلت حديثاً، الأبعاد الأخرى الفكرية
والثقافية والاجتماعية لهذه الحركة.
بهذا الفيلم "تريشنا" يتجاوز المخرج مايكل وينتبربوتوم ببراعة
الميلودراما الفيكتورية "تيس داربورفيل"، سارداً حكاية الصعود الساذج
والسقوط المأساوي لإمرأة، في خضم كل الجمال والآفات التي تعيشها الهند
المعاصرة. عندما يغرم كل من تريشنا (فريدا بينتو) امرأة هندية ريفية تعيش
مع والدها، وجاي، ابن أحد رجال الأعمال الأثرياء في لندن، بواحدهما الآخر،
يكتشفان أن ما يربط بينهما لا يستطيع الصمود أمام ضغوط المجتمع الريفي خلال
اصطدامه بالحياة الحديثة.
ميدل إيست أنلاين في
17/10/2011 |