محمد خلف المزروعي: مهرجان أبوظبي السينمائي صار حدثاً ثابتا
على الأجندة الثقافية الإقليمية والدولية.
توافقت كلمة مدير عام هيئة أبوظبي للثقافة والتراث محمد خلف المزروعي
في افتتاح فعاليات مهرجان ابوظبي السينمائي في دورته الخامسة مع روح فيلم
الافتتاح، التي تدعو إلى نبذ العنف وإقامة حوار إنساني بين الثقافات
والحضارات.
وأكد المزروعي على الدور الذي تلعبه فعاليات هيئة أبوظبي للثقافة
والتراث في ترسيخ الحوار العربي العربي والعربي الغربي، لافتا إلى أن
المهرجان صار حدثا ثابتا على الأجندة الثقافية الإقليمية والدولية.
ويرجع الفضل في ذلك على نحو ما إلى النخبة المميزة على الدوام من
فعالياته كالشبكات التعليمية والحلقات النقاشية وورش العمل، فضلا عن فاعلية
المهرجان في الارتقاء بالإبداع السينمائي على اختلاف ميادينه.
ورأى المزروعي أن المهرجان يبرهن على أن ثمة إمكانات كبيرة للوصول إلى
سينما جيدة في الإمارات. ففي كل عام ينجح البرنامج في جمع المزيد من الزوار
معا للاحتفاء بالسينما واكتشافها باعتبارها شكلا فنيا جادا، بهدف خلق
وتهيئة بيئة مناسبة وملهمة للجمهور والسينمائيين من مختلف أرجاء العالم.
وأكد عيسى سيف راشد المزروعي مدير المشاريع في هيئة أبوظبي للثقافة
والتراث، على إن المهرجان استطاع توسيع وتطوير قاعدته الجماهيرية والتواصل
مع فئات جديدة، واستكشف مختلف الثقافات من خلال جذبه لأبرز الأفلام
العالمية في الشرق والغرب. وقال نسعى إلى أن نكون مركزا عالميا للفنون.
وقال بيتر سكارليت، المدير التنفيذي لمهرجان أبوظبي السينمائي، حول
برنامج المهرجان لدورته الخامسة 2011، أن
مهرجان مثل مهرجاننا – وكل مهرجان يستحق هذه الصفة – متواجد لأسباب
مغايرة.
"نعرض الأفلام في برامجنا لسبب بسيط، بمعنى أو آخر، لأن أحدنا من فريق
البرمجة قد وقع في حب الفيلم. ندور العالم خلال العام، نكتشف، نتحرى، ونسعى
لاكتشاف أروع الأعمال التي صنعت في كل مكان، ونعود بها إلى أبوظبي، لنساعد
في فتح نافذة للناس هنا على الحاصل في بقية أرجاء العالم".
وأضاف سكارليت "واحدة من أروع الأشياء المرتبطة بمهرجاننا، ولعله
أيضاً أمر فريد من نوعه من خلال مشاهداتي في السنتين والنصف اللتين عشتهما
في أبوظبي، يتمثل بأن متابعي المهرجان يشملون الجميع، مقيمون ومواطنون
إماراتيون، وأعتقد أنهم أدركوا بأن بإمكانهم أن يتعلموا كل شيء من مشاهدتهم
الأفلام، وأن هذه المشاهدة تتيح لهم الفرصة للتفاعل في ما بينهم وتشكيل
مجتمع حقيقي أثناء جلوسهم في صالة العرض، مجتمعين على كونهم مشاهدين".
وأعربا مخرج ومنتج فيلم "السيد لزهر" الذي عرض في حفل الافتتاح عن
سعادتهما أن يحظى فيلمها بعرض افتتاح مهرجان أبوظبي السينمائي، وقالا إن
الأمر يبدو كحلم بالنسبة لهما أن يعرض فيلمها هنا ليلة افتتاح كبرى
المهرجانات العربية.
وفي امسية خليجية وتألق سينمائي لنجوم ونجمات العالمين العربي والغربي
زادتها نسمات الخليج العربي حيث يقع فندق فيرمونت باب البحر رقة وجمالا،
افتتح المهرجان الذي تتواصل فعالياته حتى الثاني والعشرين من تشرين الاول-
اكتوبر الجاري.
ويشارك نجوم الفن السابع من مختلف دول العالم في فعاليات المهرجان
منهم المخرج مرجان ساترابي، والممثلة ماريا دي ميديروس والممثلان محمود عبد
العزيز وليلى علوي من مصر ونيكولاس جودين وجان بينوا دانكل، ثنائي الفرقة
الموسيقية "آير"، المخرجة صافيناز بوصبايا، والمنتج فيليب مينيل من فيلم
"إل غوستو" والمخرج ديفيد دوسا، والمنتجة إميلي بيلزات من فيلم "زهور الشر"
والممثلة إيفان راشيل وود من فيلم "منتصف شهر مارس"والضيف الخاص الممثل سيف
خان.
فيلم الافتتاح
قصة المهاجر العربي إلى أوروبا وأميركا هربا من تصاعد العنف ضد
الحريات وسيطرة المد الأصولي وتردي الأوضاع السياسية والاجتماعية والثقافية
وغيرها الصعبة التي تمر بها بلاده، والظروف التي يمر بها لإقامة علاقة مع
البلد الجديد المختلف ثقافيا وفكريا وإنسانيا، هي قصة حوار الثقافات أو
الحضارات التي لم يلتف إليها الأدب العربي فضلا عن السينما والمسرح إلا
قليلا وبشكل في الأغلب صارخ وضوضائي، ومن زوايا أحادية غالبا ومن ثم قلما
كانت تحمل عمقا، على الرغم من أنها القصة قصة إنسانية بامتياز تأتي في عمق
العلاقات الحضارية.
هذه القصة هي محور موضوع "السيد لزهر" فيلم افتتاح مهرجان أبوظبي
السينمائي الدولي في دورته الخامسة "13 ـ 22 أكتوبر" للمخرج الكندي فيليب
فالاردو، والمأخوذ عن مسرحية "بشير لزهر" ـ "BASHIR
LAZHAR" ـ للكاتبة الكندية الشهيرة إفلين دي لا شامايير ـ "Quebec Playwright Evelyne"
ـ والتي عرضت على كبرى المسارح الكندية خلال العام 2008 بإخراج دانيال
بريار، ونالت نجاحا جماهيرا كبير نتيجة واقعيها ومعالجتها الإنسانية.
مسرحية "بشير لزهر" تناولت الوقائع المأسوية التي شهدتها الجزائر
أواخر الألفية الثانية وأوائل الألفية الثالثة، حيث سعت الكاتبة من خلالها
للإدلاء بشهادة عن الحقبة العصيبة التي عاشتها الجزائر المعاصرة كما تقدم
تحية لشجاعة الجزائريين والجزائريات الذين واجهوا تلك المخاطر بحزم وإقدام،
من خلال المشوار المحفوف بالمعاناة لجزائري صاحب مقهى "بشير لزهر" فر من
بلده جراء الأحداث الأليمة التي ألمت به وقدم إلى كيبيك للتحضير لوصول
زوجته وأبنائه.
الفيلم الذي جاء رقيقا ولامس عصب الموضوع دون أن يتورط في الانفعال أو
المباشرة، طرح قضية العنف الإنساني في عمقه الأصيل وطرق معالجته التي ينبغي
أن تبدأ من الطفولة، فهذه المدرسة التي شنقت نفسها في الفصل الذي تدرس فيه
لأطفال تتراوح أعمارهم من بين 11 و13 سنة، لم تفعل ذلك إلا نتيجة لحالة من
الإحباط والفقد، وهؤلاء الأطفال الذين كانوا يعشقونها ضربهم عنفها مع روحها
وجسدها، وهذا المدرس القادم من الجزائر هربا من القمع والإرهاب والمد
الأصولي الذي اغتال أسرته "زوجته وابنه وابنته" حرقا، ويعاني من الكوابيس
ويسعى لعدم العودة إلى الجزائر خوفا من الموت اغتيالا، ويمنح حق اللجوء،
وإن تمالك إلا أنه يترنح روحيا وجسديا.
الفيلم الذي لم يخرج عن سياق الرؤية والفكرة التي سعت إليها المؤلفة
حيث يصب في خانة اللقاء والتقارب بين الحضارات، حقق ذلك من خلال تتقاطع
مواضيع الهجرة والطفولة والعنف والتدريس والحوار، فـ "بشير" واجه في بلد
المهجر مشاكل من نوع آخر، حين استدعي لاستخلاف المعلمة مارتين لاشانس التي
انتحرت بالمدرسة التي تعمل بها، فاصطدم هناك بالأزمة التي تعيشها المنظومة
التربوية في كندا وبمشاكل يأس وعنف الأطفال والبطالة وصدام الحضارات الذي
تجلى في رفض مديرة المدرسة لاقتراحاته وأخيرا رحيله عن المدرسة كونه ناقش
في حوار مفتوح تلاميذه في أمر اغتيال مارتين.
لكن سعى إلى تلقين تلاميذ فصله قيم التسامح والعدل والحنان والجود
ونبذ العنف نجح، على الرغم غير أنه أدرك صعوبة تلك المهمة النبيلة وسط
مجتمع كندي يعيش واقع صدام الثقافات الذي بات يشكل هاجسا يؤرق السلطات و
المربين خاصة وأن أحداث 11 سبتمبر كانت لا تزال عالقة بالأذهان.
لقد استطاع الفيلم أن يقدم صورة إنسانية عميقة وصادقة عن واقع
المهاجرين ومتاعبهم وأحزانهم وما يواجهونه من ضرورة توطيد العلاقات
الإنسانية و الإيمان، وكون بشير معلما يمثل علامة على فتح الآفاق بمستقبل
واعد يجسده هؤلاء الأطفال الذين يدرس لهم بشير وتقع على عاتقه مهمة تعليمهم
و تنوير عقولهم.
هذا الفيلم الجميل إخراجا وأداء تمثيليا وتصويرا تعمد البعد عن التكلف
والانفعال والمباشرة، والتي لعبت الإيحاءات فيه دورا بارزا في نقل الرسالة
الحسية والسينمائية.
ميدل إيست أنلاين في
13/10/2011
أبوظبي السينمائي: مخرجو الخليح على لائحة المنافسة
أبوظبي - من محمد
الحمامصي
مشاركة سعودية باربعة افلام، وفوتغرافي عراقي يعرض لتجربته في
الاغتراب، وحكاية من عُمان عن واقع معاصر.
تؤكد مشاركة مخرجي الخليج في مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي في دورته
الخامسة ـ 13 ـ 22 أكتوبر ـ تشرين الاول حرص السينمائيين الشباب في منطقة
الخليج على طموح عام يجمعهم مع أشقائهم من مخرجي الإمارات يتمثل في العمل
على بناء صناعة سينمائية تستهدف الكشف عن رؤاهم وأفكارهم وقضاياهم خاصة
وعامة.
الأمر الذي أدركته إدارة مهرجان أبوظبي السينمائي فضمت إليها منذ
العام الماضي مسابقة أفلام الإمارات، وهي المسابقة التي تتبنى وتحتضن الرؤى
السينمائية المختلفة سواء وثائقية أو روائية قصيرة، لتصبح صناعة السينما في
الخليج عامة والإمارات خاصة ركنا أساسيا من منصة المهرجان.
المشاركة السعودية هذا العام تتنافس بأربعة أفلام إحداها "البعد"
للمخرج ذياب الدوسري روائي قصير، وثلاثة أفلام وثائقية قصيرة :"طائرة
ورقية" للمخرج بدر الحمود، و"ليلة العمر" للمخرج فهمي فرحات، و"فوتون"للمخرج
عوض الحمزاني، فيما تنافس سلطنة عمان بثلاثة أفلام منها فيلمان روائيان
قصيران "قبل الغروب" للمخرج عيسى الصبحي، و"رنين" للمخرج ميثم الموسوي،
والثالث "دوائر" للمخرج عبد العزيز البطاشي وثائقي قصير، وتشارك قطر بفلمين
وثائقي قصير "أبناء الشمس"للمخرج أحمد عبد الناصر، وروائي قصير"الخليج
حبيبي" للمخرج مهدي علي علي، أما الفيلم الروائي "لولوة" للمخرج أسامة
السيف فيمثل البحرين.
وتتمحور قضايا الأفلام حول قضايا البعد الإنساني ويغلب علي معالجاتها
الفنية البعد الثقافي والتراثي، ففيلم الوثائقي السعودي "ليلة عمر" يروي
قصة حب تدور أحداثها في منطقة مكة المكرمة، كاشفا عن الخصوصية التي تتميز
بها تقاليد الزواج في الحجاز. بينما تدور أحداث فيلم "فوتون" حول هجرة
الضوء منعكساً عبر موشور المصور العراقي المقيم في السويد سفيان الخزرجي،
حيث يقدم حكايته وكيف هاجر من العراق إلى السويد ليصبح مصورا فوتغرافيا
ويحصل على لقب أفضل مصور في السويد لعشر سنين متتالية وكذلك لقب أفضل مصور
في اسكندنافيا، برؤية مغايرة تعتمد فكرة رحلة الفوتوغرافي المنبثق من روح
المبدع المغترب من خلال المصالحة المعقودة مع النفس في ظل التناقضات التي
يفرضها غياب الوطن وحضوره بين مكانين وزمنين.
أما فيلم "الخليج حبيبي" فيناقش قصة شاب فرنسي عاطل عن العمل يحاول
عرض مشروعه العقاري في شارع "الشانزاليزيه" على رجل خليجي لتحقيق حلم
صديقته الفرنسية بالعيش في الخليج.
ويركز فيلم "لولوة" على التحرش الجنسي كظاهرة اجتماعية مركّبة وشائكة.
ويتناول المخرج الموضوع من منظور شخصي ومجتمعي،. ويروي قصة لولوة، وهي
فتاة باهرة الجمال تتعرض لمضايقات عديدة من أحد أفراد عائلتها ومن إحدى
الشخصيات البارزة في المجتمع، ويسلط الفيلم الضوء على التداعيات التي
يجلبها ذلك إلى عائلتها وردود الفعل العكسية من قبل المجتمع ككل، كل ذلك
بسبب توريط أشخاص أبرياء في حوادث مؤلمة.
وهناك أيضاً فيلم المغامرات "رنين" والذي يروى قصة فتى فضولي يلتقي
بفتاة مريضة فى مستشفى كئيب لتبدأ بينهما علاقة صداقة جديدة،
ويشكل فيلم "قبل الغروب" للمخرج عيسى الصبحي مثالاً متميزا للدراما
التجريبية فى عمان ويتحدث عن حياة طفل ذو أعاقة فى قدميه.
في الإطار نفسه يأتي "دوائر" منطلقا من فكرة أن الأطفال لا يدركون
الدوائر التي تحيطهم، أينما يذهبون، لذلك ما أن يمسكون بالقلم يمارسون
اللعب برسم دائرة بداخل دائرة.
ميدل إيست أنلاين في
13/10/2011
فيلم كندي يفتتح مهرجان أبوظبي السينمائي
ميدل ايست أونلاين/ أبوظبي
المزروعي يعتبر المهرجان منتدى للسينمائيين العرب والأجانب، وفرصة
لاكتشاف المواهب الجديدة من خلال دعم مادي للمخرجين.
افتتح مساء الخميس مهرجان أبوظبي السينمائي بالفيلم الكندي (السيد
لزهر) الذي يتناول قصة لاجيء جزائري في كندا يعمل معلما لتلاميذ مدرسة
ابتدائية يعانون صدمة نفسية بعد انتحار غامض لمدرستهم.
وفي الفيلم الذي قالت إدارة المهرجان في بيان إنه من بين الافلام
المرشحة للمنافسة على جائزة الاوسكار لأفضل فيلم اجنبي يسعى البطل بشير
لزهر إلى مساعدة التلاميذ الصغار على تجاوز محنتهم في وقت يواجه فيه مأساة
خاصة نظرا لشكوك حول شرعية وجوده في البلاد.
وتستمر الدورة الخامسة للمهرجان عشرة أيام وتتضمن عدة أنشطة وأقساما
يعرض فيها 179 فيلما روائيا وتسجيليا من 42 دولة إضافة إلى ست مسابقات
مختلفة للأفلام الطويلة والقصيرة.
ويرأس لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الروائية الطويلة المخرج السوري نبيل
المالح وتضم اللجنة في عضويتها كلا من الممثلة المصرية ليلى علوي والممثلة
الفرنسية ماريان دينيكور والمخرج الهولندي جورج سلوزر والمنتجة البريطانية
لوسيندا انغلهارت.
وقال محمد خلف المزروعي المدير العام لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث
التي تنظم المهرجان في حفل الافتتاح إن المهرجان في دورته الخامسة يأتي في
مقدمة المهرجانات العربية واعتبره "منتدى للسينمائيين العرب والأجانب...
وفرصة لاكتشاف المواهب" الجديدة من خلال دعم مادي للمخرجين في مرحلة كتابة
السيناريو أو مرحلة الإنتاج النهائية.
ويحتفل المهرجان بمئوية الروائي المصري نجيب محفوظ (1911-2006) ومرور
150 عاما على ميلاد الشاعر الهندي رابندرانت طاغور (1861- 1941) باعتبارهما
حاصلين على جائزة نوبل. وينشر المهرجان دراسة عن علاقة محفوظ بالسينما
ويقيم معرضا لملصقات الأفلام المأخوذة عن أعماله إضافة إلى تنظيم مائدة
مستديرة حول سينما محفوظ.
كما يعرض المهرجان ثمانية أفلام مأخوذة عن أعمال محفوظ هي (بداية
ونهاية) و(بين السماء والأرض) لصلاح أبو سيف و(درب المهابيل) لتوفيق صالح
و(الجوع) لعلي بدرخان و(بين القصرين) لحسن الإمام و(اللص والكلاب) لكمال
الشيخ إضافة إلى الفيلمين المكسيكيين (بداية ونهاية) لأرتورو روبنيستين
و(حارة المعجزات) لجورج فونس وهما مأخوذان عن روايتي (بداية ونهاية) و(زقاق
المدق).
ويعرض المهرجان الجمعة الفيلم الوثائقي المصري (التحرير 2011.. الطيب
والشرس والسياسي) الذي يتناول فيه ثلاثة مخرجين هم تامر عزت وآيتن أمين
وعمرو سلامة في 95 دقيقة جوانب من الاحتجاجات الشعبية الحاشدة التي كان
ميدان التحرير في القاهرة مركزا لها وانتهت بخلع الرئيس حسني مبارك في
فبراير شباط الماضي.
ميدل إيست أنلاين في
14/10/2011
بوسترات أفلام محفوظ تتألق في مهرجان أبوظبي
السينمائي
كتب ـ محمد الحمامصي
تكشف هذه البوسترات عن أن محفوظ كان مدرسة سينمائية كبرى تخرج فيها
عدد كبير من المخرجين والمنتجين والمصورين والنجوم.
المعرض الاستعادي لبوسترات أفلام نجيب محفوظ الذي يقيمه مهرجان أبوظبي
السينمائي في دورته الخامسة ـ 13 ـ 22 أكتوبر/تشرين الأول الجاري ـ في إطار
برنامجه الخاصة عن صاحب نوبل سينمائيا، حمل الكثير من الذكريات لدى كافة
زوار ومتابعي المهرجان الذين كانوا يقفون عندها طويلا، حيث توسط القاعات
الرئيسية التي تدار فيها اجتماعات ومناقشات السينمائيين من صناع ونجوم
والإعلاميين في فندق فيرمونت باب البحر.
البوسترات جاءت أصلية لجميع الأفلام سوءا منها المأخوذة عن قصصه أو
تلك التي قام بكتابة السيناريو والحوار لقصصها، وذلك رغم مرور فترة زمنية
تتجاوز الخمسين عاماً على عرض هذه الأفلام في دور العرض السينمائية المصرية
خصوصاً والعربية عموماً.
المعرض ضم أربعين بوستراً لأربعين فيلما من أفلام الكاتب، منها: (بين
القصرين)، (قصر الشوق)، (ميرامار)، (السراب)، (الحرافيش)، (الهاربة)،
(المذنبون)، (صاحب الصورة)، (أهل القمة)، (الكرنك)، وغيرها، وهي أفلام
تشكّل علامات بارزة في تاريخ السينما العربية، ويقع الكثير منها ضمن أفضل
مئة فيلم في تاريخ هذه السينما المصرية.
تكشف هذه البوسترات عن أن محفوظ كان مدرسة سينمائية كبرى تخرج فيها
عدد كبير من المخرجين والمنتجين والمصورين والنجوم والنجمات الكبار، بعد أن
أصبحت شخصياتهم التي أدوها في تلك الأفلام بصمات متألقة في مسيراتهم الفنية
عبر أجيال من مختلف شرائح الجماهير، وكذا بصمات مهمة في مسيرة السينما.
من أبرز الأسماء التي حملتها البوسترات من الرواد: أمينة رزق، ويوسف
وهبي، تحية كاريوكا، بهيجة حافظ وعقيلة راتب، ومن الجيل التالي: شادية،
نادية لطفي، سعاد حسني، فريد شوقي، محمود مرسي، يحيى شاهين، عماد حمدي، عمر
الشريف فضلاً عن نجوم من الجيل المعاصر: محمد صبحي، نور الشريف، محمود
عبدالعزيز، ميرفت أمين، نبيلة عبيد، محمود حميده، يوسف شعبان وآخرون.
خلال المهرجان يتم تقديم ـ من بين الأفلام الأربعين لمحفوظ ـ ثمانية
أفلام مأخوذة عن أعماله، أو أسهم هو ذاته بكتابة السيناريو أو القصة
السينمائية لها، بنسخ حديثة أُعيد طبعها وترجمتها خصيصاً لبرنامج محفوظ
الاستعادي هذا.
لقد تعرضت أفلام نجيب محفوظ لقضايا إنسانية جوهرية في المجتمع العربي
تتجاوز رؤيتها في المحلية إلى العالمية، ولا تزال تلك القضايا التي عالجها
مثار جدل واسع، لم يتم التخلص منها بعد كالقمع البوليسي الذي يُمارس ضد
حرية التعبير، فيلم (الكرنك)، أيضاً قضية الفساد التي تؤرق الكثير من
المجتمعات الآن سلط عليها الضوء في فيلم (المذنبون) الذي قليلاً ما عُرض
نتيجة معالجته الجريئة والصادمة لهذا الملف، كذلك القضايا الفكرية الخاصة
بعلاقة السلطة برأس المال وعلاقتها بالمثقفين وعلاقة المثقف بذاته، والتي
عالجها في أفلام (قلب الليل) و(أهل القمة)، و(ميرامار) لا تزال جميعها
محوراً أساسياً في كل النقاشات الدائرة اليوم على مستوى العالم العربي،
أيضا عالج قضية المرأة واستعباد التقاليد والعادات وكثير من الأفكار
العربية لها، من خلال عمليه بين القصرين وقصر الشوق، ولازلنا حتى اللحظة
نهزأ من خطاب الست أمينة في بين القصرين وهي تخاطب "يحيي شاهين" بـ "سي
السيد"، والإفراط في التضييق على اختيارات المرأة وعملها.
كل هذه القضايا وغيرها التي عالجتها أعمال محفوظ شكلت ـ برأينا ـ
أسبابا رئيسية في الدفع بقدوم لربيع العربي الآن، باعتبارها كانت العوامل
الداخلية التي دفعت الجماهير العربية في عدد من الدول كمصر وتونس وسوريا
واليمن للخروج بحثا عن الحرية وإسقاطا لسلطة الفساد والقمع معاً.
وعلى مستوى آخر تشكّل سيناريوهات نجيب محفوظ وحواراته في هذه الأفلام
درساً مهماً لا بد أن يلتفت له كل كتاب السينما الآن، فهي لم تكن مجرد
كلمات وقصص للفرجة والتسلية خالية من الدلالة والبعد، بل ركزت على أن توحي
وتشي وتهمز وتفضح وتحرض في جرأة بالغة دون مباشرة أو انفعال نحو التغيير،
وهذه تمثًل قمة الرسالة السامية لدور الفن السينمائي.
اللفتة التي تُحسب لمهرجان أبوظبي السينمائي أن أداءه التكريمي
والاحتفالي بمحفوظ لم يقتصر على معرض لبوسترات الأفلام وعروض لأهم أفلامه
بنسخ مرممة وحديثة، ولكن يمتد لجلسات وحوارات تطال تفاصيل دوره في السينما
على مدار أيام المهرجان العشرة.
يشار إلى أن محفوظ ولد عام 1911 ونشر روايته الأولى عام 1939 وأتبعها
بنحو ثلاثين رواية ومائة قصة قصيرة، وبدأ منذ أواخر أربعينيات القرن الماضي
الكتابة مباشرة للسينما، وقدّم أكثر من 25 سيناريو وقصة سينمائية أصلية،
وكان من أوائل الكتاب العرب الذين كرسوا جهوداً كبيرة للكتابة السينمائية،
وخلال حياته المهنية عمل مديراً لجهاز الرقابة على المصنفات الفنية
(السينما تحديداً) ومديراً عاماً لمؤسسة دعم السينما في مصر.
ميدل إيست أنلاين في
14/10/2011 |