الموانيء
..
والمدن الساحلية حكايات مليئة بالدموع والذكريات..
سفر ووداع..
تلاق وفراق
»أحبة وأشقاء«.. خروج للمجهول وعودة للمحبوب،
حلم بالعالم البعيد الجديد..
وفرار من قسوة الواقع الأليم من أحلام تشبه الأمواج
تتلاطم وتنكس علي الشاطئ في جمال بديع للصورة،
وللأسف يأس الفكرة.
»الرحيل« مابين شاطئين أحدهما يفتح ذراعيه جاذبا..
والآخر طارد..
ماله متحركة تبلع مواطنيها وتدفنهم فيها حيث لاغد أفضل للواقع الأسود،
والشاطئ الجاذب في الجانب الآخر خائن:
أضواؤه البعيدة تخفي قسوة عدم الترحاب بالغريب الذي سيظل دائما
غريبا بسبب لونه
.. وجنسه .. وعرقه.
لكن مهما قيل ويقال يظل للأفق البعيد سحر لايقاوم..
وكأنه »النداهة« تقوم بالغواية
»الغريب«
يستمع لغنائها العذب من بعيد..
ليكتشف عند الاقتراب أنه مجرد
»نواح«
لكنه »سحر المجهول«.
ولعل من أشهر حكايات الموانئ والمدن الساحلية في العالم مدينة
»الهافر« التي تعد أقرب مدينة ساحلية فرنسية إلي إنجلترا.
الحالمون بالحياة في المملكة والهاربون والفارون من أراضيهم البعيدة
يقصدونها وهم يحلمون بحياة أفضل في هذه المدينة تنكسر الأحلام ويبتلع البحر
(المانش) آمال .. وأجساد الراغبين في الابتعاد عن أوطانهم والرحيل منها..
حيث عانوا من فقرها رغم خيراتها..
وفساد حكامها..
فأصبحت لقمة العيش البعيدة المغموسة بالحرية أملا لهم حتي لو كان الوصول
إليها بطرق غير شرعية محفوفة بالمخاطر وثمنها يصل لحد الموت.
وفي الفيلم الذي حمل اسم المدينة
»لوهافر« للمخرج الفنلندي
»آكي
كوريسماكي«
الذي شارك في المسابقة الرسمية والذي حصل
من قبل علي الجائزة الكبري للمهرجان عام
٢٠٠٢
عن فيلمه
»رجل بلا ماض« وكان متوقعا أن يحصل فيلمه
»لوهافر«
علي جائزة أيضا لكنها اختيارات لجان التحكيم!..
وإن كانت لجنة تحكيم النقاد الدولية
(الفيبرس) قد منحته جائزتها.
وآكي كوريسماكي هو الشقيق الأصغر للمخرج الفنلندي ميكا كوريسماكي وقد اشترك
معه عام
1981
في إخراج فيلم
saima gestute.
»لوفاهر«
يروي قصة مارسيل ماركس الكاتب السابق البوهيمي كما كان يطلق عليه
..
وهجر القلم والأوراق والكتابة ليستقر في هذه المدينة الساحلية يقوم بتلميع
الأحذية وحياته تسير علي وتيرة واحدة مابين عمله وزوجته والحانة التي
يرتادها كل يوم يتسامر فيها مع بعض الأصدقاء ويتبادل كأسا من النبيذ..
حياة هادئة بعيدة عن كل صخب الأحداث التي تدور في العالم..
حتي يأتي يوم تذهب زوجته للمستشفي مصابة بالمرض اللعين وتطلب منه ألا
يزورها لمدة أسبوعين أثناء تناولها علاجا جديدا.
وتشاء الظروف أن يلتقي طفلا صغيرا لم يتعد أعوامه العشرة نجح في الهروب من
»هناجر«
لتهريب أشخاص قادمين من أفريقيا للوصول إلي إنجلترا.
وفي الوقت الذي يتم القبض علي الجميع ينجح الصغير في الهرب..
ويقرر مارسيل بعد العثور عليه أن يساعده في الوصول إلي إنجلترا.. حيث توجد
والدته..
ولذلك يخبئه في منزله رغم صدور قانون شديد الصرامة الآن في فرنسا عن مساعدة
من لايحمل أوراقا حتي ولو بإعطائه جرعة ماء ليشرب،
الغرامة تصل إلي مئات الألوف من اليوروهات بالإضافة لعقوبة الحبس.. في
رحلة إيصال الطفل وتهريبه يتعاون معه جيرانه في الحي العتيق الذي يسكن
فيه منذ زمن.. رغم أن واحدا من هؤلاء الجيران يبلغ
عنه المحقق الذي يبدو شديد الصرامة لايخلو من إنسانية كبيرة..
تساعد الرجل في أن يجعل الصغير يرحل..
وكأن الأعمال الطيبة لاتموت ويكافيء الله أصحابها.
فعندما يذهب ماكس للمستشفي مصطحبا زوجته لايجدها ويعتقد أنها توفيت، لكن
الطبيب يصارحه بأن ماحدث معها هو معجزة حقيقية فلا أحد يشفي من هذا الداء.
وكأن الشفاء هو هدية السماء لهذا الرجل الذي ساعد طفلا صغيرا في البقاء علي
الحياة والحصول علي مستقبل أفضل مضحيا بكل ما كان يمتلكه من أموال لتهريبه.
لقد نجح آكي كوريسماكي في تقديم ملحمة إنسانية وهي الهجرة
غير الشرعية التي تعاني منها السواحل الجنوبية لأوروبا وضحايا الزوارق
والموت غرقا كل يوم بالعشرات..
فأحلامهم حتي لو كانت كاذبة أكبر بكثير من مخاوفهم والسبب المباشر قسوة
الحياة وصعوبتها في بلادهم.
وكثيرة هي الأفلام التي تناولت حياة
هؤلاء المهاجرين وطرق هجرتهم،
لكن لعل أقساها وأسوأها هؤلاء الأفارقة الذين يأتون
عبر الصحراء في هناجر ثلاجات خاوية حتي أن البعض يحترق أو يختنق داخل هذه
(الهناجر)
في الرحلة من داخل أفريقيا إلي الساحل
.. لتبدأ رحلة أخري قاسية لمن بقي علي قيد الحياة..
ونجا من محاولات القبض عليه..
ليكمل سفره إلي
(الهافر)
ليصل إلي الشاطئ البريطاني.
ولقد أسند آكي بطولة فيلمه إلي كل من الفنانين الفرنسيين
»أندريه ويلمز« في دور مارسيل
..
والعملاق جان بيير داروسان في دور المفتش مونيه والجدير بالذكر أن داروسان
هو بطل فيلم الثلج فوق جبال كليمنجارو للمخرج روبرت جيديجيان الذي عرض في
مسابقة نظرة ما وهو أيضا تدور أحداثه في مارسيليا أشهر مدن موانئ فرنسا.
أما الطفل الصغير الذي قام بدور
»إدرسا« فهو طفل موهوب للغاية واسمه بلوندين ميجل مع مشاركة للفنانة
القديرة كاتي اوتينيني في دور زوجة مارسيل.
والطريف أن الكلبة
»لايكا«
هي حفيدة الكلبة لايكا الشهيرة لأفلام حملت اسمها..
وإن كانت تنتمي للجيل الخامس للكلبة الشهيرة.
وعن
الفيلم يقول آكي إن الفكرة كانت في رأسه منذ عدة سنوات..
لكنه كان محتارا قليلا أين يمكن تصويرها وفي سبيل ذلك قام برحلة طويلة
لتفقد مدن عديدة اشتهرت بوصول المهاجرين إليها بداية
من اليونان.. أسبانيا.. البرتغال لكنه عندما وصل إلي
»الهافر«
وشاهد أماكن إيواء هؤلاء المهاجرين المقبوض عليهم أو المختبئين لحين الرحيل
أخذ القرار ببداية التصوير.
وعندما سأله البعض في المؤتمر الصحفي هل اخترت لبطولة فيلمك طفلا لكي يحمل
الفيلم رمز الأمل..
أجاب بصدق شديد ودون أي افتعال إن أفلامي لاتعرف الرمزية..
لقد أحببت الصبي واعتقدت أن من حقه أن يكون محور الفيلم لتبدو الحكاية أكثر
إنسانية!
الناس الفقراء
توفيت جارتنا..
وتركت صغيرين..
الأول اسمه جيللوم..
والثانية مادلين..
الأول لم يتعلم بعد المشي..
والثانية لم تتعلم بعد حروف الكلام..
في ركن الغرفة المظلمة يقف الصياد الفقير حزينا..
يطلب من امرأته أن تذهب وتحضر الطفلين..
ليكونا شقيقين لأطفالهما الخمسة الصغار..
يصيح في زوجته
غاضبا لماذا لاتتحرك
وهي التي تسمع الكلام..
بهدوء تزيح الستار..
بطيبة قلب قائلة..
لقد أحضرتهما بالفعل..
في قصيدة الناس الفقراء لفيكتور هوجو صاحب الرواية الرائعة البؤساء
.. فربما لاتهون إلا علي الفقير..
فطيبة القلب والحنية والإنسانية لاترتبط بغني وفقير..
فأفقر الناس ماديا قد يملك قلبا
من ذهب وكرما في النفس تجعله أغني وأعز الناس..
وأكثر الناس ثراء قد يكون بخيلا له قلب من حجر..
مما يجعله فقيرا معوزا لحب الناس.
هذه القصيدة
بكلماتها الإنسانية وصورتها الحية علي التضامن كانت وحي الإلهام للمخرج
الأرمني روبرت جديجيان والذي يعيش في
فرنسا في
تقديم فيلمه الثلوج فوق جبال كليمنجارو وهو وإن كان اسم إحدي روايات إرنست
هيمنجواي إلا أن أحداثها تدور في مدينة مارسيليا هذا الميناء الفرنسي الذي
يعيش به أكبر نسبة من العمال الأجانب المهاجرين إلي فرنسا..
وبالمناسبة هي المدينة التي نشأ بها جديجيان وعاش فيها معظم سنوات حياته
وأحب والتقي بها بشريكة حياته الفنانة القديرة إريان أسكاريد بطلة جميع
أفلامه، ولقد كان من حسن حظي أن التقيت بها منذ عدة سنوات في مهرجان
مونبيلبيه وكان لها أكثر من حوار انفردنا به علي صفحات آخر ساعة.
وقبل الحديث عن الفيلم لابد من التنويه عن جديجيان وأسلوبه في العمل فهو
اعتاد أن يعمل مع عدد محدود من الممثلين المقربين له من أصدقائه
.. بالإضافة إلي كونه يمتاز بالوفاء الشديد للأطقم الفنية التي تعمل معه.
وقد اشترك في بطولة الفيلم مع إريان أسكاريد كل من جان بيير داروسان وجيرار
ميلان و مارلين كانتو
..
وقد شارك في كتابة السيناريو مع جديجيان جان لو ميلس ويعتبر جديجيان هذا
الفيلم عودة لجذوره وتحية إلي المدينة التي عاش وتربي فيها.
والفيلم يروي قصة حب وزواج لميشيل وماري كلير استمرت ثلاثين عاما
.. يعيشان معا في سعادة
غامرة وسط أولادهما وأحفادهما وأصدقائهما..
ولما كان ميشيل يعمل في الميناء وظروف العمل سيئة والنقابة العمالية غير
قادرة علي حماية الجميع،
كان طبيعيا أن يتم الاستغناء عن بعض العمال،
وقد قرر ميشيل بصفته مسئولا أن يتم ذلك عن طريق القرعة.. وبالفعل يتم فصل
بعض العمال ويضيف اسمه إليهم.
لينضم إلي طابور العاطلين للمرة الأولي منذ سنوات طويلة..
وفي الاحتفال بعيد زواجه يحصل من أبنائه علي تذاكر سفر إلي تنزانيا
بالإضافة لمبلغ من المال.. لكن في اليوم الثاني يتعرض لهجوم هو وزوجته
وشقيقها وزوجها لاثنين من اللصوص يجردانهم من كل شيء حتي دبلة الزواج
وبالصدفة يكتشف ميشيل أحد اللصين وهو شاب تم فصله من العمل ويعول شقيقين
صغيرين ويرعاهما
..
فقد سرق الشاب للحاجة الشديدة..
وعلي الرغم من تنازل ميشيل وزوجته عن البلاغ
إلا أن الحق الجنائي للدولة يظل قائما لايمكن إسقاطه..
ولذا يقرر أن يصطحب الطفلين إلي منزله لرعايتهما
.. وفي نفس الوقت يكتشف أن زوجته كانت تتوجه إليهما كل يوم لترعاهما.. فهما
صغيران لاذنب لهما.
وحقيقة..
بالقلوب الرحيمة تستمر الحياة.
أخر ساعة المصرية في
14/06/2011
قراءة في مهرجان »كان« ال ٤٦:
ســاركــوزي الرئيــس
الفرنســي سقط فنيا.. ونجح سياسيا..!
رسالة كان:نعمة الله
حسين
القاموس السياسي يخلو من كلمات ومعان هامة في الحياة..
»الرحمة«.. »الشرف« .. »الأخلاق« فبقدر أهميتها في التعامل اليومي والحياتي
لتستقيم »العيشة« بقدر ما تفتقر إليها السياسة..
وتفتخر أنها بلا قلب،
ولا تعرف الرحمة وكل شيء مباح ومسموح به لتحقيق الفوز علي الخصم.
الاجتياح أو
(
La conquete)
لا توجد كلمة أفضل أو أصدق تعبيرا
منها في كيفية وصول الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لأعلي السلطة منذ بداية
ظهوره السياسي عام 2002 حتي انتخابه رئيسا للجمهورية في عام
2007.
ولهذا لم يكن
غريبا أن يكون مشواره السياسي ورغبته في اعتلاء السلطة نموذجا
دراميا يصلح لأن يكون فيلما سينمائيا..
ليكون بذلك أول فيلم في تاريخ السينما الفرنسية يروي قصة رئيس جمهورية
فرنسا أثناء توليه الحكم.
»الاجتياج«
من إخراج إكسافيه دورنجييه وبطولة كل من دنيس بوداليدس
..
فلورانس بيرنل
..
بيرنارد لوكوك
.. هيبوليت جيراردو
..
وصامويل لابارث.
عن سيناريو وحوار باتريك روتمان أما مستشار الكتابة في كل ما يخص الرئيس
ساركوزي فقد تم الاستعانة بالصحفي السياسي بجريدة لوموند مايكل درامون
والذي صاحب ساركوزي منذ بداياته السياسية حتي وصل إلي الرئاسة.
في هذا الفيلم الذي ألقي الضوء علي الصراعات القوية التي خاضها ساركوزي
تجاه الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك ورئيس وزرائه فيلبان.
وكيف أن الوصول لقمة السلطة كلف ساركوزي هناءه واستقراره العائلي والعاطفي
حيث وهو في قمة النجاح وعلي بعد خطوات قليلة من قصر الرئاسة كانت زوجته
»سيسيليا« تتركه وترحل مع رجل آخر،
وهو الذي جمع الحب بينهما لمدة تزيد عن العشرين عاما..
وكانت بمثابة المستشارة الأولي له..
والمشاركة في كل حملاته الانتخابية.
الفيلم يصور
كواليس الصراع السياسي وكيف أن السياسة لا قلب لها ولا ترحم..
كما أنه نجح في أن يلقي الضوء علي شخصية ساركوزي الذي كان يسعي منذ البداية
لقصر الإليزيه وفي سبيل تحقيق هذا الحلم ووثوقه الشديد في الوصول إليه دفع
الثمن غاليا من حياته.
ولقد استعان مخرج الفيلم وكاتب السيناريو بما يقارب أكثر من عشرة آلاف صورة
لساركوزي فقط مابين أعوام
2002 إلي 2007.
كما قرأ كاتب السيناريو والحوار باتريك بوتمان مايزيد عن الستين كتابا
ليخرج الفيلم بتلك الصورة الصادقة.
والجدير بالذكر أن هناك مشاهد عديدة تم تصويرها في قصر الإليزيه..
وعندما سئل العاملون في الفيلم عن ذلك قالوا إنهم كانوا يشعرون بالراحة لأن
التصوير تم في شهر أغسطس وهو شهر الإجازات،
ولذلك كان العمل يتم تصويره في هدوء بعيدا عن كل ضغوط
..
وإن كان هذا لم يمنع من بناء ديكورات خاصة بقصر الإليزيه..
ومكتب الرئيس.
أما الفنان دنيس الذي قام بدور ساركوزي فيقول:
إنه يختلف سياسيا مع توجهات الرئيس الفرنسي،
لكنه بدون شك يعتبر شخصية ثرية ليتم تجسيدها علي الشاشة..
وقد التقي دنيس بساركوزي في منتصف العمل بالفيلم وهو يقول إن هذا اللقاء
كان ضروريا للغاية بالنسبة له.
ولعل أهم ما ميز دنيس هو قدرته علي تقليد صوت ساركوزي وطريقة كلامه.. وهي
موهبة يتمتع بها..
أما بالنسبة لأزياء الرئيس فقد تم الاستعانة
»بخياط« خاص في الحي السادس عشر بباريس كان يقوم بالحياكة لكبار رجال
السياسة.. وكان قد عمل من قبل لدي كريستيان ديور.
أما الباروكة التي استخدمها دنيس فقد كانت أكثر من واحدة..
وتم تصنيعها في بلجيكا وقد استغرق إعدادهما مايقرب من 1200 ساعة.. لتخرج في
النهاية بصورة تبدو طبيعية لشعر ساركوزي.
إن ساركوزي
كما يقول في الفيلم والحياة ظل
يعد نفسه لمدة ثلاثين عاما ليصل إلي كرسي الرئاسة..
فهل كان مطلوبا منه أن يجرد نفسه من كل الأسلحة المقبولة وغير المقبولة..
أم كان عليه دخول المعركة مستخدما كل الأسلحة المشروعة وغير المشروعة..
إنها السياسة التي لاتستحي من شيء ولهذا فهي دائما
بعيدة عن الأخلاقيات.
وإذا كان ساركوزي وفيلمه لم ينالا حظا وافرا في النجاح الفني..
إلا أن ساركوزي يعتبر من الناس المحظوظين فالقبض علي منافسه علي مقعد
الرئاسة القادم دومينيك ستراوس دي كين باتهامه بالتحرش بإحدي خادمات فندق
شهير في أمريكا واحتجازه هناك استعدادا لتقديمه للمحاكمة..
كل ذلك
يعد في مصلحة ساركوزي ويزيد في أسهمه لفترة رئاسة ثانية.. حيث كان دومينيك
يعد المنافس الأول له..
وبعض الخبثاء يقولون إنه من منطلق قبح السياسة واللا أخلاق لها أن هذه
مؤامرة مدبرة ضد دومينيك لإقصائه عن الرئاسة والقضاء علي طموحاته السياسية.
الوجه القبيح للسياسية
يصبح الحديث معادا ومكررا مهما اختلفت وتنوعت جغرافية المكان..
وتغير البعد الزمني والتاريخي..
وترجمة اللسان بعدة لغات..
إلا أن المعني واحد لمدي قبح السياسة..
التي لم يكن لها وجه جميل علي الإطلاق حتي في أكثر أنظمة الحكم ديمقراطية.
وفي مهرجان كان حظيت السياسة باهتمام أهل الفن وانعكست علي الجماهير..
فبالإضافة لفيلم عن ساركوزي كان هناك فيلم فرنسي آخر للمخرج بيير شوللر
اسمه »تمرين الدولة« بطولة أوليفيه جورميه وميشيل بلان وزابو بريتمان.
الفيلم مزيج من قصة واقعية وحكايات من الخيال وإن كانت كلها تحدث وحدثت
بصور متغيرة في بلدان متعددة.
ضاعت منها الحرية والديمقراطية وذلك من خلال برتران سان جان وزير النقل
الذي
يستيقظ علي إثر مكالمة هاتفية بعد حادثة وقعت له
..
راح ضحيتها مدير مكتبه.. إن الخفايا السياسية لرجال من الممكن أن يضحوا
بحياتهم وتلتهمهم الكتل السياسية المضادة لهم، لأننا كما أشرنا أن للسياسة
وجها قبيحا للغاية لاينفع معه التجمل.. وأيضا لاتوجد أخلاقيات في عالم
السياسة مهما قيل وحاولوا أن يقنعونا.
شر انتقام
بقدر ما يعطينا الحب من قوة..
فإنه للأسف الشديد للانتقام والرغبة في الثأر قوة أكبر.. فما بالكم لو كان
الانتقام أو الثأر باسم الحب.
وكعادة المخرج الأسباني الرائع ألمودوفار الذي عودنا ألا يترك ثأره أبدا
ويأخذه بيد أبطاله..
فإنه يعود لمسابقة مهرجان كان الرسمية للمرة الخامسة بأحدث أفلامه »هذا
الجلد الذي أسكنه«
يلتقي فيه بنجمه المفضل
»انطونيو بانديراس«
بعدما يقرب من أحد عشر عاما فآخر فيلم اشترك فيه أنطونيو من إخراج
»ألمو«
كان عام
1999 وهو »إمسك بي«.
وفي هذا الفيلم الجديد الذي شاركت في بطولته باربار ليني
.. وإيلينا أنابا والفنان الشاب جان كورنيه..
يقدم ألمودوفار قصة انتقام شديدة العنف استوحي أحداثها من مسلسل فرنسي
لتييري جونكيه وهو عن طبيب شهير
»روبرت« يعمل في مجال التجميل ويمتلك مستشفي خاصا تجري فيه جراحات بعيدة عن
أعين ومراقبة المستشفيات وذلك للأثرياء..
بعض هذه العلميات مسموح بها وآخر
يدخل في إطار الممنوع.
روبرت طبيب التجميل الناجح يتعرض لأكثر من مأساة في الحياة..
حيث تهجره زوجته مع رجل تعرف إنه شقيقه دون أن يدري ذلك .. لكنها تتعرض
لانفجار السيارة فيتركها العشيق متفحمة ليعثر عليها روبرت وهي ماتزال علي
قيد الحياة ليظل يرعاها لمدة سنوات طوال قبل أن تفيق وتنظر لوجهها في
المرآة فتلقي بنفسها من النافذة..
ويسخر روبرت كل وقته لاختراع جلد جديد يقاوم كل الحرائق والاعتداءات عليه..
وتكون الصدمة التالية عندما يذهب مع ابنته في إحدي الحفلات ليعثر عليها بعد
ذلك في حالة هيستيرية شديدة بعدما تم الاعتداء عليها ومحاولة اغتصابها،
وبالتالي يتم إيداعها أحد المستشفيات ويمنع من زيارتها..
لأنها كانت تعتقد لأنه هو الذي عثر عليها بأنه المعتدي عليها.،.
كما اعتقد هو أن بعض زملائه لم يعالجوها كما يجب وبعد البحث توصل إلي الشاب
الذي قام بمحاولة الاعتداء عليها..
ليأخذه ويخفيه في
»قبو«
لفترة طويلة قبل أن يجري تجاربه عليه ويحوله من
»شاب«
إلي »فتاة«. قائلا لمساعديه أن هذه رغبته في التحول..
يجري الجراحة بنجاح
.. وهو يحاول كل يوم أن يروض الشاب كإنسان..
وقد حول وجهه بالجلد الجديد إلي صورة طبق الأصل من ابنته
»فيرا«
لكن الفتي الذي لم ينس أبدا مافعله روبرت معه..
يحاول أن يكتسب ثقته ويوهمه بأنه وقدأصبح فتاة فإنه علي استعداد لإقامة
علاقة عاطفية معه..
وعندما يقع روبرت في هواها ويبدأ بإعطائها أو إعطائه
الثقة يثور عليه ويقتله..
ليعود إلي والدته ليروي لها ماحدث ويستكمل طريقه.
الفيلم مليء بالمشاعر المتناقضة مابين مشاعر أبوة وعواطف جياشة وكراهية
شديدة تدمر الجميع
..
وقد كان متوقعا أن يحصل
»دوفار« علي إحدي الجوائز لكنه خرج من المولد بلا حمص وإن كان اقنعنا لأقصي
درجة.
أحبابنا يا عين ما هم معانا..
أحبابنا يا عين ما هم معانا..
كلمات في أغنية شهيرة أمتعتنا وإن كانت آلمتنا كثيرا لأن هؤلاء الأحباب
أصبحوا بعاد.. افتقدناهم ومازلنا نفتقدهم..
وفي فيلم الختام
»المحبوبين« للمخرج »كريستوف أوتوريه«
يقدم تحية خاصة جدا من خلال مشاهد جميلة جاك ديمر المخرج الفرنسي القدير..
ويعيد لأذهاننا ثنائيات فيلم
»ليدو موازيل دي روشتور الذي قامت كاترين ببطولته مع شقيقتها الراحلة.
في
»المحبوبين«
هذا الفيلم الغنائي البسيط الذي جمع بين كاترين وابنتها كيارا من خلال قصة
حب أم وابنتها تتكرر مع فارق زمني مابين عواصم العالم الشهيرة باريس براغ..
لنذن .. إنها مجموعة علاقات حب يلقي الزمن بصماته عليها،
لأنها تظل محفورة في القلب والعقل الزمني
غير قادر علي محوها..
لأن في حياة كل منا حبا كبيرا يظل يسكن الوجدان مهما اعتقدنا إنه يموت أو
إلي زوال بل إنه في الحقيقة خالد لأنه ببساطة ساكن فينا.
من بداية أحداث الفيلم عام
63 إلي نهاية عام
2008
أي علي مدي خمسة وأربعين عاما ولعل ملخص الفيلم يكمن في كلمات الأغنية التي
تغنيها »مادلين«
والتي يعبر عن حالها
..
وحال ابنتها مع الاختلاف في السنين لكن في النظرة للحب والحياة وهي
»انت لست هنا
..
لكن شيئا لم يتغير
أستطيع أن أحيا بدونك
لكن ما قد يقتلني هو إنني يا حبيبي
لا أستطيع أن أحيا دون أن أحبك
وهذه
حقيقة فالحبيب قد يغيب لكن الحب يظل موجودا دائما.
أخر ساعة المصرية في
07/06/2011 |