قصة حب بسيطة بين شاب مسلم وفتاة مسيحية تتسبب فى اشتعال فتنة طائفية
تحصد أرواح العديد من الرجال والشباب من الجانبين، تلك هى الفكرة الأساسية
لفيلم «هلا لوين» بطولة وإخراج نادين لبكى، والذى شاركت به هذا العام فى
مسابقة «نظرة ما» بمهرجان «كان» السينمائى الدولى بفرنسا، وحصدت به جائزة
«فرانسوا شاليه»، التى تمنح لأفضل فيلم يشارك بمسابقة «نظرة ما».
تتحدث «نادين» خلال السطور التالية عن توقعات الفوز ومتاعب التصوير
وقدرتها على التوفيق بين عملها كمخرجة، وعملها كممثلة وأشياء أخرى.
■
من أبلغك بترشيح فيلمك «هلا لوين» لمسابقة «نظرة ما» فى مهرجان «كان»؟
- أبلغنى المنتج بعد أن تلقى اتصالاً من لجنة الاختيار، وكان خبراً
سعيداً للغاية، لكنه فى الوقت نفسه كان مسؤولية، واختيار فيلم لنا فى
مسابقة كبيرة بمهرجان كبير يعطينا ثقة كبيرة، ويؤكد لنا أننا على الطريق
الصحيح، وهذا يبعث على الفرحة، كما أن وجوده كفيلم عربى وحيد فى تلك
المسابقة يجعلنى أشعر بمسؤولية كبيرة.
■
أليس متعباً لك العمل كممثلة ومخرجة فى التوقيت ذاته؟
- بالتأكيد متعب، لأن كلاً منهما مهنة مستقلة بذاتها، لكن هذه المتاعب
أتحملها بحيث لا تؤثر على مستوى العمل الفنى ككل، وكنت آخذ الوقت الكافى
للتمثيل، ثم أفصل نفسى عن التمثيل وأعود للعمل كمخرجة، وتعودت على ذلك
وتحملت مسؤوليته على عاتقى، وأتمنى أن يكون العمل ككل عند حسن ظن الناس.
■
أنتِ اقتربت من تابوه طالما ابتعد عنه سينمائيون كبار وهو الفتن الطائفية،
ألم تشعرى بخوف من الاقتراب لهذا التابوه وتناوله سينمائياً؟
- أكيد، كنت أشعر بخوف، لأن هذا الموضوع دقيق ويحتاج لتحرى الحقيقة
تماماً احتراماً لطرفى الموضوع، الصعوبة الكبرى كانت فى عمل توازن بين
تناول الفتن الطائفية المبنية على أساس دينى، وفى الوقت نفسه احترام هذا
الدين، ولا أقول إنها سبب الفتن، ولولاها لما كانت الفتن، وهذا التوازن كان
صعباً، فأنت تريد أن تنبذ الفتن ولا تنبذ الدين، وعلى الرغم من صعوبة
الموضوع فقد حاولت تناوله بشكل بسيط، بل إننى قدمته بأسلوب الراوى، وقلت فى
بداية الفيلم «كان ياما كان، كان فى زمان، ضيعة (أى مكان أو حارة)»،
كما ختمت الفيلم بصوت الراوى أيضاً، وهذا للتبسيط لتبدو الحكاية حدوتة
سهلة الهضم، وكان يمكننى أن أحكى عن دينين افتراضيين ليس لهما وجود، حتى
أكون فى الأمان من أى انتقاد، وكان بإمكانى استخدام الرمزية، وتناول فريقى
كرة قدم مثلاً، لكننى تعمدت إظهار الحقيقة بشكل بسيط، وسلطت الضوء على
الاختلاف وثقافة تقبل الآخر التى نفتقدها، فنحن نتظاهر بأننا منسجمون معاً،
وقطبان لأمة واحدة، بينما بيننا احتقان طائفى يشتعل على أسس دينية،
والأحداث فى الفيلم تشتعل حين يقوم طفل مسلم بكسر الصليب، فيعتقد المسيحيون
أنه فعل متعمد من شخص كبير، لنرى تفاهة السبب وبشاعة النتيجة، شباب يموتون
ونساء يصبحن أرامل.
■
فى فيلمك رأينا رجال الدين الإسلامى والمسيحى يحاولون التهدئة.. لكن هذا
عكس الواقع لأنهم هم الذين يشعلون الفتنة فما رأيك؟
- معك حق، وأنا جعلت الفيلم هكذا كنوع من الفانتازيا، وهذا هو حلم
السلام أن نجد رجال الدين من الجانبين يحاولون التهدئة، لكن هذا فعلاً عكس
الواقع.
■
رغم جمود القضية إلا أننا لم نشعر بملل أثناء مشاهدته، ربما بسبب جرعة
الكوميديا الموجودة.. فهل قصدت ذلك؟
- بالتأكيد، هناك أمران اعتمدت عليهما فى التخفيف من حدة القضية،
الأول جرعة الكوميديا البسيطة التى راعيت ألا تكون كبيرة، حتى لا يعتقد
البعض أننى أستخف بالقضية، والأمر الثانى هو سخونة الحدث، فهذا فى حد ذاته
كان يخفف من جمود قضية العلاقة بين المسلمين والأقباط.
■
من وجهة نظرك ما معايير اختيار فيلمك فى مسابقة «نظرة ما»؟
- لا تستطيع التكهن بمعايير اختيار أى فيلم، ولكن مجرد اختياره
يطمئننى، الاختيار قد يكون لموضوعه، أو تقنياته، أو إخراجه.
■
الفيلم حصل على جائزة «فرانسوا شاليه» التى تمنح لأفضل عمل فى مسابقة «نظرة
ما».. فهل كان هذا مفاجأة لك؟
- لا، كنت أتوقع الجائزة، لأننا تعبنا وتناولنا قضية صعبة، وبأسلوب
بسيط، وحتى لو لم نحصد أى جائزة كان سيكفينى شرف الاشتراك بمسابقة رسمية فى
أهم مهرجان سينمائى فى العالم، وقد سبق أن شاركت فى لجان تحكيم بمهرجانات
أخرى، وأعرف كيف يكون هذا الأمر صعباً، لأن فوز أى فيلم يكون قراراً
بالإجماع لكل أو معظم الأعضاء فى لجنة التحكيم.
■
فى نهاية الفيلم وجدنا بعض المسلمات تحولن للمسيحية، وبعض المسيحيات تحولن
للإسلام، وهذه الفانتازيا قد تجعلك عرضة للاتهام بالاستخفاف بالدين.. فما
ردك؟
- بالطبع لم أقصد الاستخفاف بالدين، وإنما أردت أن يرتدى كل شخص رداء
الآخر، لو كل واحد يصير هو الآخر، كيف سيكون الوضع، أنا لم أقصد استخفافاً،
وإنما جعلت كل واحد يتبنى وجهة نظر الآخر.
■
أنتِ قدمت حلاً كوميدياً للقضاء على التعصب الطائفى.. فهل يعنى هذا عدم
وجود حل واقعى وحقيقى؟
- لا أعرف، فأنا ليست عندى حلول، وبالتأكيد الحل صعب لأنه محتاج إعادة
نظر فى ثقافة كل من يختلف مع الآخر، وأنا قدمت فى الفيلم حلاً كوميدياً،
وهو أن تضع النساء المسلمات والمسيحيات مخدرات وحشيشاً لأزواجهن فى الطعام
لينام الرجال فى الجانبين ولا يتقاتلا، والنساء فعلت هذا حفاظاً على
الأرواح وحقنا للدماء، فهن لا يردن أن يكُنّ أرامل.
■
التصوير ليلاً وفى أكثر من لوكيشن تصوير.. هل كان مزعجاً لفريق العمل؟
- كان عملاً شاقاً بالفعل، لأنه طويل ومشاهد كثيرة تم تصويرها ليلاً،
كما أننا صورنا فى ٣ أماكن مختلفة متباعدة جغرافياً، وهذا ما زاد من
المشقة، ولكننا نحصد ثمار جهدنا بالمشاركة فى مهرجان كبير فى حجم «كان».
■
قضية التعصب الدينى وتناولها سينمائياً بالتأكيد واجهت صعوبات رقابية؟
- الحقيقة أن الرقيب فى لبنان كانت عينه على العمل منذ بداية كتابته،
لكن لم يمنعنا من أى شىء، وكنا نعمل بعلمه ومعه حتى لا يعترض فى النهاية
على شىء، ونتيجة لذلك لم تكن هناك اعتراضات أو حذوفات بعد نهاية التصوير،
كما لم تكن هناك مطالبة بتعديلات، وإنما كانوا يريدون أحياناً تفسيرات لعلة
وجود أى مشهد بهذه الصورة.
■
هناك خطأ درامى كان من الممكن الاستغناء عنه، وهو الأتوبيس الذى يحمل
روسيات ويتعطل أمام ضيعة «منطقة» الفتن الطائفية؟
- هذا كانت ضرورته الترويح عن الرجال بالمنطقة وإلهاءهم بالرقص والشرب
فلا يتقاتلوا ولا تتأجج الفتن الطائفية بينهم، والبعض أبلغنى بأن هذا الدور
كان من الممكن أن تلعبه نساؤهم دون الحاجة فعلاً لهذا الخط الدرامى، أو دون
الحاجة لأتوبيس روسيات، ولكنها وجهة نظرى، فقد رأيت أن هذا أفضل.
■
متى سيطرح فيلم «هلا لوين» للجمهور فى فرنسا ومصر وباقى الدول؟
- سيطرح للجمهور الفرنسى يوم ١٤ سبتمبر، بينما لم يحدد بعد تاريخ عرضه
فى مصر وباقى الدول العربية، ولكنه سيعرض بالتأكيد فى مصر.
■
أخيراً هل تتصورين أن فيلماً يناقش الاحتقان الطائفى يمكن أن يمر ويعرض
بسلام فى دول تعانى الاحتقان الطائفى كلبنان ومصر؟
- من يعرف؟!، أنا لا أعرف، ولكننى سأحاول عرضه بمصر ولبنان، لأننى أرى
أن هذا قد يساهم فى تهدئة الاحتقان، ولن يؤجج الفتنة.
شاهد فيديو «حوار نادين لبكى» على الرابط التالى:
www.almasryalyoum.com/node/٤٥٢٧٣٣
المصري اليوم في
28/05/2011
أمريكا تفوز بسعفة «كان» وجائزتان للعرب
وإسرائيل فى سابقة لا
تتكرر كثيرا
لحظة تاريخية فارقة لا يمكن أن ينساها أى سينمائى تلك التى ينادى فيها
باسمه للصعود إلى سجادة «كان» الحمراء ليتسلم جائزة أكبر وأعرق مهرجان
سينمائى فى العالم، وبينما تتسلط عدسات المصورين ناحية قصر المهرجان لتسجيل
تلك اللحظات يصعد المخرج الأمريكى تيرنس ماليك لتسلم أرفع جائزة بمهرجان
«كان».. السعفة الذهبية عن فيلم «شجرة الحياة» ليتوالى بعدها باقى الجوائز.
إسرائيل التى شاركت بفيلمين فى المسابقة الرسمية حصدت جائزة أفضل
سيناريو عن فيلم «حارة شالوم» أو «هامش» بينما تخرج دون جوائز من مسابقة
سينفونداسيو على الرغم من مشاركتها بفيلمين فى سباق ضم ١٦ فيلما قصيرا هى
مشروعات تخرج لمعاهد السينما المختلفة بعدة دول.
أما نادين لبكى التى شاركت بفيلم «هلا لوين»- وهو إنتاج لبنانى فرنسى
مصرى مشترك- فى مسابقة «نظرة ما» فلم يذهب جهدها هباء بعدما أعلن فوزها
بجائزة فرانسوا شاليه، وبهذا يصبح لإسرائيل والعرب نصيب من جوائز الدورة
الرابعة والستين لمهرجان «كان» السينمائى الدولى فى سابقة لا تتكرر كثيرا.
المشاركة العربية الرسمية كانت بفيلم واحد فقط هو «هلا لوين» وحصد جائزة،
بينما بلغت المشاركة الإسرائيلية ٤ أفلام «اثنين فى الرسمية واثنين فى
سينفونداسيو» وحصدت جائزة واحدة فقط!.
جوائز المسابقة الرسمية
السعفة الذهبية: للمخرج تيرنس ماليك عن فيلم «شجرة الحياة».
السعفة الذهبية لأفضل فيلم قصير: لفيلم «عبور» للمخرجة ماريانا فرودا.
جائزة لجنة تحكيم الفيلم القصير: لفيلم «المجموعة ٤٦ السيئة» إخراج
وانا ديستوب.
الجائزة الكبرى: مناصفة: للمخرج التركى نورى بلجى عن فيلم «حدث ذات
مرة فى الأناضول»، وللمخرجين البلجيكيين جان بيير ولوك دردين عن فيلمهما
«الطفل ذو الدراجة».
جائزة لجنة التحكيم للممثلة الفرنسية مايوين لو بيسكو عن فيلم
«بوليس».
أفضل سيناريو: الإسرائيلى جوزيف سيدار عن فيلم «حارة شالوم» أو
«هامش».
أفضل ممثلة: الأمريكية كريستين دانست عن فيلم «كآبة».
أفضل ممثل: للفرنسى جان دوجاردين عن فيلم «الفنان».
أفضل مخرج: للدنماركى نيكولا ويندينج عن فيلم «القيادة».
جوائز مسابقة «نظرة ما»:
■
الجائزة الكبرى: بالمناصفة بين الفيلم الألمانى «وقوف اضطرارى على الطريق
الصحيح» للمخرج أندريا دريسن، والفيلم الكورى «اريرانج» للمخرج كيم كى دوك.
■
جائزة لجنة التحكيم الخاصة: لفيلم «إلينا» للمخرج أندريا زاياجينتسيف.
■
جائزة أفضل إخراج: للمخرج محمد رسولوف عن فيلم «دو أوميد أى ديدار».
■
جائزة فرانسوا شاليه: لفيلم «هلا لوين» للمخرجة نادين لبكى.
جائزة الكاميرا الذهبية:
■
لفيلم «لاس أكاكياس» للمخرج بابلو جيورجيلى.
جوائز مسابقة سينفونداسيون:
■
الجائزة الأولى: للفيلم الألمانى «الخطاب».
■
الجائزة الثانية: للفيلم الفرنسى «درارى».
■
الجائزة الثالثة: للفيلم الكورى الجنوبى «طيران بالليل».
المصري اليوم في
28/05/2011
تداعيات قضية «فون ترير»
بقلم
سمير فريد
أرسل القارئ أيمن منجد يوم ٢٤ مايو رسالة يقول فيها إن لارس فون ترير
لم يقل فى مؤتمره الصحفى إنه «متعاطف» مع هتلر، وإنما إنه «يتفهم» زعيم
الحزب الألمانى النازى الذى تولى الحكم فى ألمانيا عام ١٩٣٣، وأشعل الحرب
العالمية الثانية عام ١٩٣٩، وأحالنى القارئ إلى موقع على اليوتيوب فيه
مقاطع فيديو من المؤتمر، وقال إنه يرى فارقاً كبيراً بين التفهم والتعاطف.
والقارئ على حق فى الفارق الكبير بين التفهم والتعاطف، ولكن مقاطع
الفيديو التى يشير إليها إذا لم تكن تتضمن عبارة «إننى أتفهم هتلر، وأتعاطف
معه بقدر قليل» تكون ناقصة لأن هذه هى الترجمة الحرفية الدقيقة لما قاله،
وسمعته بنفسى فى المؤتمر، ونشر فى كل صحف المهرجان فى اليوم التالى، ويمكن
العودة إلى أرشيف هذه الصحف على الإنترنت والتأكد من ذلك.
وفى تقرير يرسل للمشتركين فى «فارايتى»، أرسل يوم ٢٣ مايو فى اليوم
التالى لإعلان جوائز مهرجان كان، كتب ليو باراكلوج أن بيتر ألابيك جنيسن
منتج أفلام فون ترير طوال العقدين الماضيين، صرح بأن الأزمة لم تؤد إلى
إلغاء عقود توزيع الفيلم الجديد للمخرج الدنماركى «مناخوليا» وأنه قال
كلاماً «غبياً»، ولكنه ليس الشخص الذى يتحول فجأة فى ليلة سوداء إلى معاد
للسامية كل ما هنالك أنه حاول أن يكون طريفاً على طريقته».
وفى تقرير آخر كتبه دافى ماكنارى، وأرسلته «فارايتى يوم ٢٤ مايو أن
فون ترير أعلن اعتذاره مرة أخرى عن هتلر والنازية وقال إنه لم يكن جاداً،
وإنما كان يمزح، وذلك فى تعقيب على رسالة بعث بها جافاد شاما كيودراى، نائب
وزير الثقافة الإيرانى لشؤون السينما إلى جيل جاكوب، رئيس مهرجان كان،
ونشرت فى الصحف الإيرانية يوم ٢٣ مايو. وجاء فى هذه الرسالة «إنه لأمر محزن
أن نرى بصمات فاشية على سلوك إدارة المهرجان تجاه لارس فون ترير»، وأنه
«ربما أصبح من الضرورى إعادة تعريف حرية التعبير فى الموسوعات، وإن سلوك
إدارة المهرجان وإرغام فون ترير على الاعتذار أكثر من مرة يستدعى إلى
الذاكرة أسلوب كنائس العصور الوسطى مع جاليليو».
وقال فون ترير فى تعقيبه «حرية التعبير من حقوق الإنسان الأساسية،
ولكن كلماتى فى المؤتمر الصحفى فى المهرجان لم تكن ذكية، وكانت ملتبسة
ومؤلمة من دون ضرورة»، وقال «كانت الفكرة التى أقصدها أن الوحشية المفرطة
تكمن داخل كل إنسان، ولو فسرنا الكوارث التاريخية بأنها تعود إلى وحشية فرد
بعينه لدمرنا إمكانية فهم آليات الإنسان، وهى ضرورية لتجنب المزيد من
الجرائم ضد الإنسانية».
ومن الجدير بالذكر أن مهرجان كان عرض فيلمين إيرانيين ممنوعين من
العرض فى إيران، وأدان الحكم ضد المخرجين بناهى وراسولوف بالسجن ست سنوات
والمنع من العمل لمدة عشرين سنة!
المصري اليوم في
28/05/2011
التقصير
بقلم
سمير فريد
يمكن القول بأن مهرجان «كان» السينمائى الدولى الأهم من نوعه فى
العالم كان على مستوى ثورة ٢٥ يناير، وكذلك المائة سينمائى مصرى الذين
صنعوا فيلم الثورة «١٨ يوماً» الذى عرض فى المهرجان، فقد اختار مهرجان
فرنسا الأكبر مصر لتكون أول بلد ضيف فى تاريخ المهرجان منذ عام ١٩٤٦، ونجح
السينمائيون المصريون المائة فى صنع فيلم رائع، رغم ضيق الوقت، ولكن هناك
تقصيراً هائلاً من الحكومة المصرية ممثلة فى وزارة الثقافة، ووزارة
الإعلام، ووزارة السياحة، ووزارة الخارجية، ووزارة الطيران، ونقابة
السينمائيين، وغرفة صناعة السينما، وجمعيات ومؤسسات السينما المدنية.
لقد أعلن المهرجان رسمياً فى ١٤ أبريل احتفاله بمصر السينما والثورة،
وتحدد يوم الاحتفال ١٨ مايو، أى بعد أكثر من شهر، وربما تبدو هذه فترة
زمنية غير كافية لاشتراك مصرى يرتفع إلى مستوى الحدث (أول بلد ضيف فى تاريخ
أكبر مهرجان للسينما)، ولكن هذا غير صحيح. فلو كان هناك عقل ينسق بين هذه
الوزارات والجهات الحكومية والشعبية لتم استغلال الحدث على نحو كان من
الممكن أن يجعل مصر حديث المهرجان الذى حضره أكثر من ٥ آلاف صحفى، وأكثر من
١٥ ألف سينمائى من كل أنحاء العالم، وكان من الممكن أن يساهم فى تنشيط
السياحة فى مصر والترويج للثقافة المصرية، والتأكيد على أن الثورة تفتح
آفاقاً جديدة لمصر والعالم العربى كله مع الدنيا كلها.
كان هذا الوقت كافياً لإعداد نسخة جديدة مترجمة إلى الإنجليزية
والفرنسية من فيلم «شىء من الخوف» إخراج حسين كمال مثلاً، وليس ما توفر من
نسخة لفيلم «البوسطجى» لنفس المخرج على طريقة «الجودة بالموجود»، وكان
الوقت كافياً لإعداد برنامج خاص عن الأفلام التى بشرت بالثورة طوال العقد
الماضى، وعرضت فى السوق، وإصدار كتالوج عنها، وكان الوقت كافياً لإعداد
كتاب ولو صغير الحجم عن تاريخ السينما المصرية، وحقائق وأرقام هذه السينما،
وكان الوقت كافياً لإعداد كتالوج فوتوغرافى عن الثورة، وبالتأكيد كان الوقت
كافياً لإصدار ملف صحفى شامل عن فيلم «١٨ يوماً» باللغات العربية
والإنجليزية والفرنسية، ولإعداد ملصق عن الفيلم، وملصق عن البلد الضيف،
ولكن صدر ملف هزلى بالإنجليزية فقط!
كان من الضرورى أن يلبى وزير الثقافة دعوة وزير ثقافة فرنسا، وأن يحضر
حفل المهرجان الرسمى، بل يحضره أكثر من وزير، ولم يكن المطلوب أكثر من
زيارة لعدة ساعات، ولكن أحداً لم يدرك أهمية الحدث، بل إن ممثلاً مصرياً
مثقفاً كان من أوائل الفنانين الذين اشتركوا فى الثورة، وهو عمرو واكد، حضر
المهرجان وقاطع الفيلم الذى اشترك فى إنتاجه وتمثيله، مما أثار دهشة
الجميع، ولم يقدر بدوره معنى أول بلد ضيف فى تاريخ المهرجان، وقال إن المهم
الاشتراك فى المسابقة!
samirmfarid@hotmail.com
المصري اليوم في
30/05/2011 |