المخرج الدانماركي الذي عوّدنا دائماً على الصدمة والدهشة في آن واحد
لارس فون تراير، يعود إلى المسابقة الرسمية للمرة الثانية عشرة، حصد من
خلال هذا المشوار 5 جوائز، منها السعفة الذهبية عن (راقصة في الظلام) عام
2000، وهذه المرّة بتجربة استثنائية أيضاً بفيلم يقتبس من الخيال العلمي
الشيء الكثير، ويحمل عنوان (ميلانخوليا) أو (كآبة).
مقدمة مؤثرة
يبدأ الفيلم بلقطات مبعثرة، وكأنها تلخيص بسيط لما سيحدث في الفيلم
لاحقاً، وهذه اللقطات التي تستمر لحوالي عشر دقائق تستخدم أسلوب الحركة
البطيئة، كما في فيلمه السابق (آنتي كرايست) والمقدّمة الأولى، ثم تقسيم
الفيلم إلى فصول بعناوين. هذه المرة بطء اللقطة شديد جداً، وكأن اللحظة
مجمّدة في الزمن، والأشياء تأخذ أنفاسها الأخيرة قبل ارتطام كوكب "ميلانخوليا"
بالأرض، فاللقطات ساحرة، واللون فيها آسر، وكأنها لوحات فنية هاربة من
الطبيعة التي تتبدّل في كل لقطة في زمنها وطقسها، ومن نراهم في تلك اللقطات
شخصيات سنتعرف عليها لاحقاً؛ ولكن في هذه اللقطات تحديداً؛ هم أكثر قرباً
من الدمى الشمعية، وفي أوضاع حركية تبدو خائفة، أو نافرة، مثل الحصان في
لحظة سقوطه، أو الفتاة (جوستين) في فستان زفافها المتشابك بجذور الشجر، أو
عندما كانت مع الطفل يغرسان أرجلهما في العشب مخلفين حفراً غائرة؛ أو عندما
تسقط الطيور من السماء ميتة.
الفصل الأول
نتعرف بعد ذلك على شخصية (جوستين ـ كريستين دنست) في يوم زفافها من
(مايكل ـ أليكساندر سكارسغارد) وهما في الطريق إلى منزل أختها (كلير ـ
تشارلوت غينسبرغ) المتزوجة من (جون ـ كيفر سوذرلاند) واللذين يعيشان حياة
باذخة ومترفة.
(جوستين) (وهو عنوان الفصل الأول) فتاة غريبة، وإن كانت تبدو عادية؛
تعيش مرحلة قلقة في العثور على موقع لها في الحياة؛ وتشعر أنها مفرّغة من
الروحانيات؛ ولكنها تشعر بالأمان عندما يقترب العالم من نهايته. فيما أختها
متشبثة بالحياة، وتجد من الصعوبة بمكان فراقها. هذه التداعيات الكئيبة التي
تعيشها (جوستين) ستجعل منها شخصية باهتة، وشرسة وفي تطور التحوّل الجذري
إلى شخصية كئيبة، رافضة، ومتمردّة. هذا الفصل ينتهي بانهيار العلاقات
الاجتماعية بين الشخصيات تقريباً؛ ممهداً للانهيار الآخر والفعلي للكون.
الفصل الثاني
وفي الفصل الثاني المعنون بـ (كلير)، تتحول (جوستين) إلى شخصية
متكاملة وجاهزة للرحيل الأخير، وفي انتظار كوكب (ميلانخوليا) للاصطدام
بالأرض على الرغم من تطمينات (جون) بتجاوز كوكب الأرض. (جوستين) ترى في
الكوكب الآخر غير الكئيب مفتاح سعادتها؛ فتستسلم له تماماً.
(فان تراير) الذي يعاني نفسه من كآبة مزمنة؛ فجّر في المؤتمر الصحافي
الذي أعقب العرض مفاجأة بتصريحاته النارية التي أبدى فيها تعاطفه مع هتلر،
ووصف نفسه بالنازي؛ وأن إسرائيل دولة تُسبب الأذى ما دفع إدارة المهرجان
إلى إصدار بيان جاء فيه أن تراير (شخص غير مرغوب فيه)، ومن ثم أعرب أمس عن
صدمته بقرار المهرجان هذا وأسفه أيضاً لأخذ هذه المزحة على محمل الجد.
بالتأكيد؛ حافظت إدارة المهرجان على بقاء الفيلم بالمسابقة الرسمية،
ولكن تحفظت، بل منعت، استلام تراير لأية جائزة إن تحصل الفيلم عليها.
البيان الإماراتية في
21/05/2011
فيلم تيرينس ماليك المرشح الأقوى لجائزة كان الكبرى
«شجرة الحياة» في انتظار السعفة الذهبية
كان ـ عرفان رشيد
لو افترضنا، من باب إيجاد التنافس لتمتلك المسابقة تبريرها، ولو
افترضنا، جدلاً، بأن المخرج الأميركي تيرينس ماليك (1943 ) قابل للخسارة في
مسابقة سينمائية مع معاصريه، فإن الإقصاء القسري أمر وارد للدانماركي لارس
فون تريير، من إمكانية الحصول على إحدى جوائز الدورة الحالية من المهرجان،
وذلك لاعتباره من قبل «مجلس مدراء المهرجان» «شخصاً غيرُ مرغوب فيه» بسبب
مزحة بليدة حول النازية واليهود نطق بها خلال مؤتمره الصحافي قبل يومين،
أزال بها أية إمكانية لتواجد هذه المنافسة، ويبدو أن تيرينس ماليك سيصعد
على خشبة مسرح لوميير مساء غد لاستلام السعفة الذهبية من بين يدي مواطنه
روبيرت دي نيرو.
تيرينس ماليك، المخرج الأكثر إقلالاً في العالم، بعد الإيطالي الكبير
الراحل جيلّو بونتيكورفو، هو المخرج الذي يتنافس كبار النجوم الهوليووديين
للعمل معه حتى بأجور رمزية، بالضبط مثلما كان الحال مع مواطنه الراحل
الكبير ستانلي كوبريك، فالعمل مع مخرجين من هذا العيار، يعني الدخول إلى
تاريخ السينما الأبدي، وهذا ما فعله النجمان الكبيران براد بيت وشون بين،
الذي سبق وأن عمل مع تيرينس ماليك في فيلمه الثالث «الخيط الأحمر الرفيع».
فخر الاستضافة
خمسة أفلام فقط في ما يربو على أربعين عاماً من العمل ابتدأها بالـ
«الرقصة الوحشية» عام 1973، وتبع ذلك بفيلم «سنوات الفردوس» في عام 1978،
و«الخيط الأحمر الرفيع» في عام 1998، لينتظر سبع سنوات قبل إنجاز شريطه
الرابع «العالم الجديد» في عام 2005 ، وها هو يعود في هذا العام، بعد ست
سنوات، ليقدّم فيلم «شجرة الحياة» الذي لم يُخيّب الترقّب والانتظار، ومن
حق مهرجان «كان» أن يفخر في أنه نال شرف استضافة عمل تيرينس ماليك الأخير،
وربما ستؤرّخ الدورة الحالية بأسرها باسم دورة «شجرة الحياة» وتيرينس
ماليك.
الأب «سيّدي»
تدور أحداث فيلم «شجرة الحياة» في الميدويست الأميركي وتروي يوميات
الصبي جاك أوبراين وهو في الحادية عشر وحياته وهو في الأربعين، وتأثيرات
الأسرة الخاصة، و«المريضة» التي كان والده يرتبط به من خلالها، ويؤدي دور
الوالد براد بيت، ويُجبر أولاده الثلاثة على مناداته بلقب «سيّدي الوالد»
ومناداة والدتهم (أدتها جيسّيكا تشاستين) بلقب «السيدة الوالدة»، ويركّز
«السيّد الوالد» ضغوطه الأكثر على جاك، فيما «السيدة الوالدة»، شديدة
الاختلاف عنه وتحاول، كما هي الحال لدى كل الأمهات، أن توصل إلى أبنائها
مقداراً هائلاً من الحب، من خلال التعامل معهم باعتبارهم كائنات صغيرة هي
أحوج ما تكون إلى الحب، وليسوا «عيّنات» لتثبيت هذا المنطق، أو تلك
الأيديولوجية أو ذلك المعتقد.
قسوة الصرامة
قد يبدو إصرار بعض الآباء على استخدام الصرامة أسلوباً وحيداً مع
الأبناء، لاعتبارهم إيّاها أنها «تجعل منهم رجالاً»، أمراً مقبولاً وقد
تُفسّر تلك الصرامة على أنها «نتاج طبيعي لحب أولئك الآباء المفرط لأولادهم
ورغبتهم في أن يتصلّبوا لمواجهة آلام ومصاعب الحياة»، لكن هؤلاء ومعهم
مبرّرو ذلك السلوك، يتناسون (وربما ليس عمداً) ويجهلون مقدار الدمار الذي
يوّلدونه داخل أولئك الأبناء ويحدّدون مسار حياتهم بأسرها. لذا نجد جاك
أوبراين، وهو في الأربعين (ويؤدّيه براد بيت)، ضائعاً يبحث عن روحه التي
غيّبتها سنوات سلوكيات الأب وصرامته، ويحاول جاك الكهل، اكتشاف متغيّرات
الأشياء، وعندما يُدرك ما هو ضروري عليه أن يفعل فإن كل ما يقع تحت ناظريه
يبدو له بمثابة مُعجزة تتحقّق. وبإمكان جاك، بوعيه الجديد، أن يُسامح والده
ويغفر له ما اقترفه إزاءه من أخطاء، تقترب إلى الخطايا، وإذّاك فقط يبدو
جاك قادراً على مواجهة الحياة من جديد، وإدراك كنه الأشياء والبدء بتحقيق
أمور عديدة. إنه بتحصيل الحاصل يكتشف جمال الحياة في الأربعين من العمر،
ويمنح صفة الحبور لكل ما يُصادفه.
البيان الإماراتية في
21/05/2011
«18يوما».. فيلم واحد وعشرة مخرجين
كان- ا . ف . ب
قدم مساء الاربعاء ضمن فعاليات الدورة الرابعة والستين لمهرجان كان
السينمائي فيلم «18يوما» المصري الذي يضم عشرة افلام قصيرة لعشرة مخرجين
وثقوا للثورة وفق رؤى تقاربت واستعادت ابرز وقائعها محاولة اضفاءها الى
شخصيات حاكت الواقع وشاركت في الثورة.
عرض الفيلم في قاعة العيد الستين للمهرجان بحضور عدد من النجوم
المصريين الذين ارتقوا السلم الاسطوري للمهرجان وسط ترحيب الحضور.
وقرر القيمون على المهرجان اعتبارا من السنة الحالية اختيار بلد ما
لتكريم دوره في الانتاج السينمائي. وارتأى المهرجان هذه السنة تكريم
السينما المصرية.
ودخل الوفد المصري قاعة العرض حيث قوبل بالتصفيق الحار، وشكر مدير
مهرجان كان تييري فريمو في كلمته الترحيبية الوفد المصري وخصوصا ماجدة واصف
على مساعدتها المهرجان في تنظيم التظاهرة المصرية.
مشاركة النجوم
وحضر من النجوم المصريين الذين شاركوا في الفيلم كل من يسرا ومنى زكي
واحمد حلمي وآسر ياسين وخالد ابو النجا، ومعظمهم كانوا من الناشطين
الفعليين على الارض خلال الثورة وشاركوا في تظاهراتها يوميا، كما مخرجو
الشريط الذين حضر منهم الى كان يسري نصرالله وكاملة بو ذكري ومروان حامد
وشريف البنداري ومريم ابو عوف.
وتغيب عمرو واكد عن حفل الاربعاء رغم مشاركته في الشريط، بعدما انتقد
مشاركة اثنين من المخرجين لأنهم نفذوا اشرطة دعائية لحساب الحملة
الانتخابية للرئيس السابق حسني مبارك.
ونشط واكد في مهرجان كان في شرح موقفه للصحافة العربية والاجنبية
وتحدث عن دوره في فيلم «ابراهيم البطوط» الجديد الذي يصور الآن حول الثورة.
وتغيب عن حفل الاربعاء سفير مصر في باريس، بعدما اثار احتمال حضوره
جدلا.
دفاع عن الثورة
وقبيل تقديم الشريط اهدت مريم ابو عوف نيابة عن زملائها الفيلم «الى
كل الارواح التي قضت وهي تدافع عن الثورة والى كل من امضوا وقتهم في ميدان
التحرير لتغيير الاشياء».
وبينما حاول احمد حلمي ممازحة الحاضرين قال يسري نصرلله ان «الثورة
عبرت عن رغبة الشعب المصري بالحرية والكرامة»، واهدى الفيلم اضافة الى
الشعب المصري الى «كل الشعوب التي تناضل من اجل الحرية في سوريا وليبيا
واليمن».
وحمل الشريط الجماعي، حيث لا يظهر اسم المخرج مقرونا بالجزء الذي
انجزه الا في نهاية الفيلم، رؤى المخرجين العشرة للثورة،الصورة المصرية كما
اعادوا صياغتها مستندين الى الوقائع التي تكررت بين جزء وآخر من الشريط.
تنمية الوعي
وكان منفذو العمل صرحوا في اكثر من مناسبة انهم انتجوا الفيلم اساسا
في محاولة لتنمية الوعي بالديموقراطية لدى جميع فئات الشعب المصري، وهو ما
كررته بمناسبة عرض الفيلم لوكالة فرانس برس المخرجة كاملة ابو ذكري.
واستهل العرض بشريط شريف عرفة «احتباس» حيث يصور الوطن مثل مستشفى
للامراض النفسية، نزلاؤهناموا طوال اثنين وثلاثين سنة واستيقظوا فجأة على
الثورة.
ويصور مروان حامد اجواء الاعتقال والتعذيب خلال ايام التظاهرات من
خلال شاب متعلم ورجل امن يمارسان التعذيب على من بات اسمه السجين رقم
«19-19».
اما كاملة ابو ذكري مخرجة الروائي «واحد صفر» الذي نال العديد من
الجوائز فوقعت هنا «خلقة ربنا» عن فتاة تنزل لتكسب رزقها لكنها تمشي مع
المتظاهرين الى مصيرها.
مكاسب مادية
وقدم المخرج محمد علي «الطوفان» ملتفتا فيه الى وضع الفقراء في الثورة
ممن ليس لديهم موقف مما يجري ويسعون للاستفادة من الثورة لتحقيق بعض
المكاسب المادية، لكن بأي ثمن؟
وصورت مريم ابو عوف في تحرير «2/2» ايضا وضع فقير يريد ان يتكسب ببيع
الاعلام المصرية وحتى صور مبارك.
وتميز شريف البنداري في عمله «حظر تجول» الذي صور في الاسكندرية علاقة
جد بحفيده المتمرد والذي يحتج بوجع في المعدة ليخرجه جده الى المستشفى
ويكسرا معا حظر التجول العبثي كما يصوره المخرج.
واعتمد يسري نصرالله المشارك في «داخلي/خارجي» على النجمتين منى زكي
ويسرا، فضلا عن آسر ياسين ليصور رغبة امرأة بالنزول الى ميدان التحرير بعد
ما عرف بـ «واقعة الجمل» ومعارضة زوجها الفكرة.
اما احمد عبدالله، مخرج «ميكروفون» الذي نال عددا من الجوائز اخيرا،
فصور في «شباك» انجذاب شاب لصبية بينما يعيشان الثورة بطريقة مختلفة.
وحكى «اشرف سبيرتو» لاحمد علاء سيرة حلاق ايام الثورة تحول محله الى
نوع من مستشفى ميداني، بينما روى خالد في «كعك الثورة» يوميات شاب بسيط
يعمل خياطا ويتابع الثورة من محله دون ان يجرؤ على الخروج.
وبعد عرض الفيلم اقام مهرجان كان حفلة على شرف المصريين غنت فيها فرقة
«وسط البلد» وحضرها عدد من النجوم المصريين والعرب والاجانب.
القبس الكويتية في
21/05/2011 |