يلبس المهرجان هذه السنة
وشاحاً أسود. من الملصقات الضخمة التي
يزيّنها وجه فاي داناواي الملائكي الى
الكاتالوغ مروراً بالبادجات التي يضعها
المشاركون في المهرجان على صدورهم. جو قاتم "مؤسلب"
تكسره اعداد هائلة من الناس وصلت الى المدينة، فتغيرت ملامحها وامتلأت
ساحاتها واكتظت مقاهيها فجأة. لكن من يجوب الـ"كروازيت" ذهاباً واياباً تحت
أشعة
الشمس والهواء البارد، لا يعرف ماذا يدور في الصالات المظلمة من مآسٍ...
ليلة
الاربعاء الماضي، احتار المصورون أين
يوجهون عدساتهم ومَن يصوّرون من نجوم "منتصف
الليل في باريس"، فيلم الافتتاح لهذه الدورة الرابعة والستين التي يترأس
لجنة
تحكيمها الممثل الأميركي روبرت دو نيرو. "الثور الهائج" قال انه يشعر بأنه
في عطلة،
وعملية مشاهدة 20 فيلماً في زمن قياسي ليس بالأمر السهل.
كالعادة، اختارت الادارة
فيلماً يصعب إدارجه في أي مكان آخر سوى
الافتتاح. فـ"منتصف الليل في باريس"، يشهد
لتحول وودي آلن وانتقاله منذ فترة الى سينما تعبر الى أمكنة أخرى غير تلك
التي أثار
فيها أجمل قهقهاتنا. فبعد لندن وبرشلونة، ها انه يصنع فيلماً حيث الشخصية
الرئيسية
ليست فتاة مهووسة بالسينما أو رجلاً تمساحاً يغيّر جلده مع كل حدث جديد، بل
مدينة (باريس)
أحبّها مذ زارها عام 1964. بيد أن الفيلم الذي يحمل رقم 42 في مسار رجل لا
يكفّ عن التصوير، وقدّم في السنوات الأخيرة أفلاماً متفاوتة القيمة، يعاني
مشكلة
الانبهار الصبياني بالمكان حدّ تحويله مجموعة بطاقات بريدية، بالرغم من أن
التصوير
هنا تولاّه الايراني داريوس خونجي. الفيلم يتعثر أمام تركيبات آلن
الكلاسيكية،
وهوسه بالألاعيب الكلامية الفذة، لكنه لا يفلح في اعطاء معنى كبير لمضمون
يقع في
تكرار، وإن محبب، لمواقف سبق أن وضع آلن فيها نفسه، وهو الآن يسندها الى
أون
ويلسون، في ما يمكن اعتباره "أناه الأخرى". في لقائه مع الصحافة، لم يتوان
مخرج "أني هول" عن ان يطلق صاروخاً، لا شك في انه سيتحول مادة للجدل في
الأسابيع
المقبلة، اذ قال: "ان تفشل في باريس، أفضل من أن تنجح في مكان
آخر!".
غداة عرض
هذه السقطة، انهالت علينا أفلام على
قدر عال من السوداوية، يعبرها خط تيماتيكي
اساسي، هو البنوة وما يترتب عليها من
مواضيع متصلة بها. حتى مساء الثلثاء، شاهدنا
ستة أفلام شاركت في المسابقة الرسمية، حيث الطفل هو المحور الاساسي. كانت
الانطلاقة
مع "ينبغي لنا أن نتكلم مع كافن" للبريطانية لين رامسي، الذي نال اعجاب
كثيرين
لأسلوبه السينمائي البديع، المتوتر، وذي الشخصية. ايفا (تيلدا
سوينتون في أداء
ممتاز) تخرج صباح كل يوم من منزلها لتجد
كمية من الدهان الأحمر رميت على جدار
منزلها وزجاج سيارتها. النص الحكائي
المستوحى من قصة حقيقية يقحمنا في ثلاثة خطوط
روائية متوازية: الحاضر وماضيان أحداهما
قريب والثاني أقل قرباً، لنكتشف تدريجاً من
خلال الاستعادات الزمنية المختلفة، العقدة التي تقوم عليها تراجيديا الأمّ:
جريمة
فظيعة اقترفها المراهق الضال في متاهات الشر. الاحساس بالمسؤولية، الفراغ
الروحي
والعاطفي، العلاقات العائلية المكلومة، كلها مواضيع تقاربها رامسي في
فيلمها
المشوق، بالكثير من البسيكولوحيا والقليل من الأخلاق. هناك المشهد الفظيع
حيث نرى
ايفا مستاءة من بكاء ابنها المتواصل حين كان لا يزال طفلاً، لكنها لا
تستطيع فعل
شيء حيال ذلك، غير العض على إحدى شفتيها غضباً. شريط مقلق يأخذ معه الكثير
من
الأسرار والأسئلة العالقة، يدعمها تمثيل كلٍّ من سوينتون وايزرا ميللر في
دور كافن.
هذه العلاقة المتأزمة بين العائلة والأبناء هي ما يصوّره ايضاً المخرج
الاسرائيلي جوزف سيدار، مخرج "بوفور"، في رابع أفلامه، الذي
يمكن ترجمة عنوانه
بـ"هامش". عن عائلة شكولنيك والصراع الذي
سيدور بين الأب المنبوذ، والابن الذي
يعترف به زملاؤه، على خلفية "جائزة اسرائيل". في هذا الصراع الحيوي يجد
سيدار ضالته
مشيداً عليها شريطاً أخاذاً يستعين فيه بنمط تفخيمي خاص بمرحلة
سابقة من تاريخ
السينما، مدخلاً اليه البوليسي والقصص
المصورة، الخ. هناك مشاهد تعلق في العقل،
كهذا الذي يدخل فيه الرجل لتسلم الجائزة في نوع من نفق أبيض، وايضاً كل
الفصل
الأخير من الفيلم الذي يختار انجازات مهمة على الصعيد الشكلي. أهمية فيلم
سيدار انه
متجذر في واقع اسرائيلي، وهو ليس رحوماً مع الكيان، اذ يحوّل جائزة اسرائيل
مادة
للتهكم.
تيمة الطفل الضائع التي انكبّت عليها السينما مذ وجدت، حلّت في فيملين
مهمين، الاول "ميشاييل" لماركوس شلاينزر والثاني "صبي الدراجة"
للأخوين داردين،
الحائزين "سعفتين ذهب" في كانّ. فيلم النمسوي شلاينزر يرينا يوميات موظف
بيروقراطي
في منتصف الثلاثينات يدعى ميشاييل، يعيش حياة رتيبة ومتكررة.
فجأة نكتشف انه يحتجز
صبياً في العاشرة في قبو منزله وهو على
علاقة جنسية محرمة به. الفيلم يلتزم نمط
سينما اسكندينافية مع كادرات باردة وحيوات جامدة في كل مكان وتراجيديا
شخصية تلوح
في الأفق. يبقى شلاينز على مسافة من شخصياته وينظر اليها بعطف وحنان من دون
اطلاق
الاحكام. أما طفل الاخوين البلجيكيين، ففي الثانية عشرة. كان يبحث عن والد
رحل ولم
يعد حين يجد سامنتا (سيسيل دو فرانس) التي تقبل أن تؤويه في منزلها في عطلة
نهاية
كل اسبوع. بيد ان سيريل سيحتاج الى أن يعرج على الخطيئة الاولى والجنحة كي
يعرف
معنى أمومة لم تلامس إحدى خديه. خلافاً لعادتهما في تعزيز السوداوية في
افلامهما،
يشرع صاحبا "روزيتا" نافذة مفتوحة على الأمل من خلال انقاذ الصبي من الموت
الذي كان
ينتظره.
دائماً في القضية التي شغلت الكروازيت في الايام الاولى للمهرجان، أي
الطفل، كنوع من ضمير لمجتمعات يتأكلها الذنب والعزلة، وتعيد التفكير في سبل
الخروج
من هذه الذنوب، عُرض واحد من اذكى الأفلام وأكثرها تأثيراً في وجدان
المشاهد: "بوليس" لمايوان، الممثلة المخرجة، المولودة لأم فرنسية وأب جزائري.
صوِّر الفيلم
بطريقة الريبورتاج مع كاميرا ثابتة حيناً
ومحمولة حيناً آخر، بحركية تمنح الفيلم
غنى اسلوبياً وواقعية استطاعت المخرجة
توجيهها في المكان الصحّ والمثمر. على مدار
ساعتين وثماني دقائق يقحمنا الفيلم داخل مقر للشرطة التي تتولى حماية
القاصرين من
الحوادث التي يتعرضون لها. نتابع يوميات افراد الشرطة، ولقاءاتهم مع من
سيحققون
معهم، وتقنياتهم المستخدمة. في البداية يتبادر ان الفيلم تمجيد فارغ للنظام
البوليسي الفرنسي، قبل أن يتمرد الفيلم على نفسه ويرينا حقيقة أخرى، في
المقلب
الآخر للشرطة. فمن يحمون القانون ليسوا منزّهين بقدر ما يعتقدونه. معظم
الحالات هي
تحرش بالأطفال، والمتهمون هم احياناً أكثر المقربين الى الضحايا. بالنسبة
الى
المحققين، انها نزلة يومية الى حجيم البؤس والعقد النفسية التي تنعكس شيئاً
فشيئاً
على نفسية مطاردي العدالة الاجتماعية وسويتهم العقلية. يراهن العمل على هذا
التوتر
الذي تتيحه الحوادث المتعاقبة والمتسارعة وهي تولد لحظات ملهمة تخطف
الانفاس. برغم
كثرة الكلام، يبقى "بوليس" فيلماً بصرياً يتحرك مع حركة رجال ونساء نتعرف
اليهم
لقطة بعد لقطة ونحبّهم ونهتم لمصيرهم الجماعي. واذا كان الفيلم
يعاني من منافسة
شديدة من أفلام أكثر اهمية، فليس مستبعداً
أن ينال ممثلوه جائزة التمثيل الجماعي،
الا اذا اراد دو نيرو تكرار ما فعله شون بن
قبل ثلاثة اعوام مع "بين الجدران"
للوران كانتيه واعطاءه "السعفة الذهب".
الاثنين كان يوماً ماراتونياً في مهرجان
كانّ. صباحاً، كان لنا موعد مع عودة تيرينس ماليك الى السينما. الطبقة
الارضية من
الصالة امتلأت منذ الساعة الثامنة وأقفلت أمام حاملي البطاقات الزهر. فجأة،
اسدلت
الستارة الحمراء وصعد جنريك المهرجان. في الظلام الدامس، حملنا ماليك الى
حيث أخذنا
كوبريك قبل 42 عاماً في أشهر أوديسة فضائية. ظهراً، غاص بنا الفرنسي القدير
برونو
دومون في تجسيد آخر للشيطان من دون المرور بالتصنيفات المستهلكة حول الخير
والشرّ.
سينما أخرى، مناخات تشكيلية مختلفة، لكن هموم متقاربة، ودائماً سعي الى
اقتحام
المساحة السوداء في الطبيعة الآدمية، الشغل الشاغل للفنّ مذ أبصر النور.
في
انتظار عرض فيلم "البرتقالة الآلية"
لستانلي كوبريك اليوم، ومعاينة بقية افلام
المسابقة (المودوفار، سورنتينو، ربفن، الخ)، يلتفت كانّ الى الثورتين
المصرية
والتونسية في زمن ليس من الواضح بعد مآل هاتين الثورتين. من البديهي
لمهرجان مثل
كانّ بنى جزءاً كبيراً من مجده على الفضائح السياسية والدينية، أن يهتم بما
يدور في
العالم، لكن السؤال الذي لا يمكن التغاضي عنه: هل كان هناك احتمال أن تصل
هذه
الأفلام الى هذا المهرجان لولا التدليس الذي ينتهجه كانّ في اعفاء بعض
الأفلام من
معايير يطبقها على أفلام أخرى باسم قضايا مشتعلة هنا وهناك؟ في هذه المسألة
تحديداً، يكيل المهرجان بمكيالين، وليس اشراك فيلم جديد للايراني جعفر
بناهي وآخر
لزميله محمد رسولوف، في التشكيلة الرسمية، سوى امتداد لسياسة استفزازية
ودعاية أخرى
لقضية عادلة (منعتهما السلطات الإيرانية من العمل لعشرين عاماً ووضعتهما في
اقامة
جبرية) انطلقت من هنا العام الماضي وعادت اليه بعد عام كالـ"بومرانغ"،
تأكيداً الى
ان الكيدية ليست الاسلوب الانسب للتعامل مع مَن يعتبر ان
الثقافة والفنّ حكر على
صنّاعهما. بناهي عنون مولوده الجديد الذي
صوّره في السرّ، "هذا ليس فيلماً"، على
أمل الاّ يكون الادعاء سوى نزوة مخرج بدأت سمعته تتجاوز قدراته.
(hauvick.habechian@annahar.com.lb)
نقد
نادين لبكي عرضت فيلمها "وهلأ لوين؟" في قسم "نظرة
ما"
كوميديا أم طائفية؟
"وهلأ لوين؟" الذي ولدت فكرته غداة
اندلاع حوادث 7 أيار 2008 في بيروت، يوم علمت لبكي أنها حاملة
يسلك دربين
متوازيين (كوميديا ومأساة) من دون أن يعترض الواحد الآخر.
تتولد أمامنا سينما غير
سياسية تعالج في قالب حيوي ومتماسك موضوع
الطائفية من دون أن تعود الى معطيات
واقعية، آنية أو ظرفية، لا بل تذهب الى
المواقف العبثية قدر المستطاع.
الفيلم
الثاني لكل مخرج هو الامتحان الأصعب: لا
تعود حجة الفيلم الأول تنقذ ما لا يُنقذ في
التجارب الاخراجية التالية. أول ما يلفتك في فيلم نادين لبكي التي طار
صيتها بعدما
عرضت هنا باكورتها "سكر بنات" قبل أربعة أعوام، كثرة الكلام والثرثرة. في
حين يختار
كلٌّ من تيرينس ماليك وبرونو دومون الصمت والعزم البصري مدخلاً
لمناقشة قضايا
يحملانها في وجدانهما، تأتينا لبكي بفيض من
الكلمات، مستندة الى حوارات سجالية،
لمعالجة ما يُمكن اعتباره القضية الأمّ
التي يرزح تحتها الشرق الاوسط: الانتماءات
الدينية.
قرية صغيرة، سكانها يعرفون بعضهم البعض، تتحول الى "ميكروكوزم" صغير
للمجتمع اللبناني القروي والبيئة المتواضعة
المعرضة أكثر من غيرها لسطوة الدين.
كلمة لبنان لا تذكر طوال الفيلم، رغبة من المخرجة في منح الرواية بُعداً
دولياً
وتوسيع البؤرة. هنا تجد المخرجة البالغة من العمر 37 عاماً، ديكوراً
مناسباً لفيلم
جماهيري، وهو فيلم أذكى من أن يقع في سذاجة مسرحيات الرحابنة باعتبار
صاحبته ابنة
جيل آخر، وأقل ذكاء لكي يرتفع الى مصاف الكوميديات الايطالية (النموذج
الأول
للفيلم) التي روت في سبعينات القرن الماضي ما امتنعت عنه السينما الايطالية
ذاتها
في ستيناتها. ومثلما كانت الحال في ايطاليا آنذاك، ها نحن أمام وضع مشابه،
اذ يحكي
الفيلم اللبناني ما كان يصعب عليه قبل عشر سنين لافتقاره الى نظرة حيث
السخرية
تختلط بالألم، من دون أن يخرب الواحد الآخر. تأتي موهبة لبكي لتلملم
الايقاع أشلاء
وتعيده الى سياق يتجدد كل لحظة، علماً ان النص متطرف في الضحك والاسى. فأيّ
موقف
يمكن ان يكون الشيء وعكسه.
فيلم لبكي يسبح في الهواء، لكن لا يمكن أن تُنكر
جذوره التي تمتد الى الانقسام الذي حصل في 7 أيار 2008. كل ما نعلمه عن
القرية
يأتينا من دخولنا السريع اليها. لبكي لا تهتم بها الا بقدر ما يتيح لها
المكان ان
توظف الفكرة من خلاله. المكان، أي مكان، هو سجن، وهي تدرك ذلك ادراكاً
لاوعياً.
هنا، كنيسة تتجاور مع جامع، وهناك أمكنة عامة يجتمع فيها من حرصت الحتمية
الدينية
على تفرقتهم. بين الطرفين، امرأة تحمل ملامح نادين لبكي، تملك حانة صغيرة.
كل ما
نعلم عنها ان لديها ابنا صغيراً وأنها معجبة بالدهان الشاب الذي يتولى
ترميم
الحانة. لكن، مهلاً، اياكم ان تعتقدوا ان لبكي هي هنا بطلة الفيلم وشخصيته
الاولى،
فلا بطولة هنا الا جماعية، وهي لطائفة من النساء يحملن جزءاً كبيراً من
الفيلم على
أكتافهن. هنّ نساء من المعسكرين. الفروق بين المحجبة والسافرة عند لبكي لا
تقتصر
فحسب على الملبس والبيئة بل تتخطى ذلك لتشمل المنطق وفهم الحياة. الأهم في
هذا
المجال، عدم انصياع الفيلم الى خطاب (باستثناء المشهد حيث تطرد آمال/ لبكي
المتخاصمين من حانتها)، في ما يجمع المسلمين بالمسيحيين، بل ما يفرق بعضهم
عن البعض
الآخر.
العنصر النسائي سيكون حاسماً للتطورات الدراماتيكية التي ستحل بالبلد.
هذا فيلم، المرأة فيه تقود الرقصة، من دون أن يكون نسوياً. فيلم الأمومة
أكثر منه
فيلماً عن صبية يذهبون الى الجبهة. فيلم اللاحرب أكثر منه فيلم الحرب. ففي
لحظة
معينة، يطلعنا احدهم أن الوضع بين الطائفتين متأزم، وسينعكس هذا على علاقة
سكان
القرية، تمزقاً، وكرهاً. هؤلاء النساء اللواتي يشبهن الكثيرات من عماتنا
وجداتنا
وامهاتنا، سيلجأن الى حلول عبثية لجبه الفتنة: حيناً يستعنَّ بخدمات
متعريات
أوكرانيات لصرف الانتباه عن الخطر الطائفي المحدق برجالهن واطفالهن، وحيناً
آخر
يلجأن الى بدع وشعوذات تتأتى من الايمان الاعمى لشريحة كبيرة من سكان
الضيعة، وهذا
كله باسم المحافظة على ما بات يعرف بالسلم الاهلي ومنع قبضايات القرية من
الاقتتال.
فضلاً عن انه معني باستخراج الضحك من الأوضاع البائسة، يحاول الفيلم
أن يقترب
من النمط الذي يلتصق بالفيلم المتوسطي: كادرات ممتلئة بالجموع،
المرأة كعنصر اغواء،
الخ. ينبغي القول ان الفيلم المتوسطي ليس
المكان الأفضل للهمس. فالكل يريد أن يصرخ
وكل كلمة تجد طريقها الى الشاشة، وهذا ما يملأ الفضاء ضجيجاً وظلالاً تتحرك
في حركة
متواصلة. في حمأة انشغالاتها الشكلانية (البعيدة جمالياً عما صنع اسمها في
عدد من
الفيديو كليبات)، توظف لبكي الخفة في سبيل قول بعض ما قد يعلق في أذهان
الناس، وهي
غير قادرة دائماً على القفز فوق أسوار الواقع الممسرح. الأغنيات المستخدمة،
بين
لحظة حاسمة وأخرى، تعمّق الاحساس بأننا أمام مجموعة حلول مترابطة زمانياً
ومكانياً
لمعضلة هي في الحقيقة أكثر خطورة مما يود الفيلم اقناعنا به. الهنّة ان وضع
جامع
الى جانب كنيسة وبناء خطاب حول الحتمية والعبثية لا يخلص بالضرورة الى نظرة
قوية
ذات قيمة عن التسامح.
بيد أن المكان الذي تنجح فيه لبكي، أكثر من غيره، هو حيث
يتاح لها اخراج الشخصية اللبنانية الى العلن، مع ما يُضحك فيها وما يبكي.
طبعاً، مع
اللجوء الى بعض الكليشيهات الثقيلة والمملة (اعادة بناء الجسر في القرية
تغدو رمزاً
للمصالحة مثلاً) التي لا مفرّ منها، وبعض الشرح الذي يحتاج اليه المُشاهد
الغربي
غير المطلع على الخلفية الاجتماعية التي تجري فيها الحوادث، وخصوصاً ان لا
ذكر
لكلمة لبنان ولو لمرة واحدة. في الملف الصحافي، تقول لبكي: "في لبنان،
غالباً ما
تكون واجهات المباني جميلة مع شرفات مزيّنة بالورود، لكن من الجانب الآخر،
في
الباحة الداخلية، تجد القمامة". في النهاية، لا يمكن الا ان نشيد بجرأة
لبكي
الأدبية في التطرق الى صراع الطوائف العبثي من المنظار النقدي الذي سيجعلها
حتماً
هدفاً للحرصاء على "السلمي الأهلي" والنفاق في بلد معرض للانقراض في كل
لحظة. هناك
تالياً مشاهد قد لا يجد الرقيب فيها طائلاً مثل الأم المفجوعة
بموت ابنها، التي تصب
غضبها على تمثال السيدة العذراء: "ألست
أماً؟". أما الفصل الأخير الذي قد يبدو
لبعضم نوعاً من تابو يفلت من براثن المنطق، فهو الخاتمة التي تقرر فيها
مسيحيات
القرية أن يرتدين اللباس الاسلامي في حين تقرر المسلمات السفور، وهنا يؤكد
الفيلم
علمنة كان كتّاب السيناريو أجّلوا تأكيدها طوال الفيلم. بعيداً من نمط
متكلف في
صناعة سينما لبنانية تسعد حفنة من المشاهدين، تتكرس مخرجة "سكر بنات" كرمز
من رموز
سينما شعبية لا تهزأ بعقول المشاهدين، لكن في الحين نفسه
تعطيهم ما يريدونه من آمال
وإغواء بصري.
هـ. ح.
النهار اللبنانية في
19/05/2011
الفيلم الكويتي فلترقد بسلام سُجل في مهرجان كان
يأتي
بين 90 فيلماً مشاركاً في زاوية الأفلام القصيرة
فادي عبد الله
تم اختيار الفيلم الكويتي «فلترقد بسلام» للمخرج فواز المتروك،
للمشاركة في
زاوية الأفلام القصيرة في مهرجان «كان» السينمائي.
يشارك نحو تسعين فيلماً من الخليج وشرق البحر المتوسط وشمال إفريقيا
في زاوية
الأفلام القصيرة في الدورة الحالية لمهرجان «كان» السينمائي الدولي، وقد
سبق لها أن
شاركت في الدورة السابقة لمهرجان دبي السينمائي الدولي ومهرجان الخليج
السينمائي
الرابع.
وتشتمل هذه المجموعة من الأفلام السينمائية على 16 فيلماً لبنانياً،
و15
إماراتياً، و8 قطرياً، و4 لكلّ من الأردن وفلسطين، و3 من مصر، و2 من كل من
سورية
والمملكة العربية السعودية وفيلم واحد من كل من البحرين
والكويت والعراق. وتم تمثيل
المغرب والجزائز وتونس وتركيا أيضاً إما من خلال أفلام أخرجها مخرجون عرب
أو تدور
حول مواضيع من العالم العربي.
وتعتبر زاوية الأفلام القصيرة، التي تتواصل فعالياتها حتى 21 مايو
الجاري، ملتقى
مهماً لمخرجي الأفلام القصيرة من كل أنحاء العالم يعرضون من خلاله أفلامهم،
ويتواصلون مع رواد القطاع السينمائي ويطورون من مواهبهم من خلال حضور ورشات
العمل
والمؤتمرات. وبإمكان جميع حاضري المهرجان والمبرمجين والمشترين حضور
الأفلام
المختارة للمشاركة في زاوية الأفلام القصيرة، وسيكون بمقدور
السينمائيين الاختيار
من قواعد بيانات الأفلام وصالات العرض، فضلاً عن تسلمهم لاعتماد إدارة
المهرجان
أفلامهم.
19
فيلماً
وقد تم اختيار ما لا يقل عن 19 فيلماً قصيراً كانت قد شاركت في مهرجان
دبي
السينمائي الدولي في شهر ديسمبر أو في مهرجان الخليج السينمائي في دورته
للعام
الحالي وهي: «قبل العاصفة» لمخرجه حيدر رشيد (العراق)، و«فلترقد بسلام»
لمخرجه فواز
المتروك (الكويت)، و«لولوة» لمخرجه أسامة آل سيف (البحرين)، و»خروج» لمخرجه
توفيق
الزيدي (المملكة العربية السعودية)، و»حبيبتي» لمخرجه نور وزي (المملكة
المتحدة)،
و«مختار» الفيلم الحائز جائزة مسابقة المهر العربي لمخرجته
حليمة ورديري.
«مشمش» و«2 ونصف»
ومن الأفلام المشاركة أيضاً الفيلم السوري الكندي «مشمش» لمخرجه عمار
شبيب،
والفيلم اللبناني «2 ونصف» لمخرجه إيلي كمال، وكلاهما من الأفلام التي
شاركت في
مسابقة المهر العربي للأفلام القصيرة في مهرجان دبي السينمائي الدولي في
دورة العام
الماضي، إضافة إلى الأفلام الخمسة المشاركة من قطر من إخراج الطلبة والتي
شاركت في
فعاليات مهرجان الخليج السينمائي في دورته لهذا العام وهي: «بلاد اللؤلؤ»
لمخرجه
محمد الإبراهيم، و«دنيا» لمخرجه أمير سكندر، و«أم الصبيان»
لمخرجته وفاء الصفار،
و«كناري» لمخرجته صوفيا المري، و»دمي بلية» لمخرجه فيصل آل ثاني.
واشتملت قائمة الأفلام الإماراتية التي تم اختيارها والتي سبق أن
شاركت في
مهرجاني دبي السينمائي الدولي والخليج السينمائي أفلام «موت بطيء» لمخرجه
جمال
سالم، و«السيفة» لمخرجه محمد المري، و«حياة من صخر» لمخرجه معاذ بن حافظ،
و«جمل
مجنون» لمخرجه محمد فكري، و«ملل» لمخرجته نايلة الخاجة.
وتضم قائمة الأفلام الأخرى المشاركة في زاوية الأفلام القصيرة من
مهرجان «كان»
السينمائي الفيلم الحائز جائزة مهرجان الخليج السينمائي «قانون الأشياء»
لمخرجه
سيزار إستبان أليندا، وعددا من الأفلام الأخرى التي شاركت في
مهرجاني الخليج
ودبي.
الجريدة الكويتية في
19/05/2011
طرد مخرج دنمركي من مهرجان كان لتعاطفه مع هتلر
كان –العرب أونلاين
طرد مهرجان كان السينمائي الدولي المخرج الدنمركي لارس فون ترير بعدما
أدلى بتعليقات في مؤتمر صحفي قال فيها مازحا فيما يبدو إنه نازي ومتعاطف مع
الزعيم النازي أدولف هتلر.
وقال بيان صادر عن المهرجان "يأسف مجلس إدارة المهرجان بشدة لاستغلال
لارس فون ترير لهذا المنتدى للتعبير عن تعليقات لا يمكن قبولها أو إغفالها
وتتعارض مع مثل الإنسانية والكرم التي يقوم عليها هذا المهرجان ذاته."
وأضاف البيان "يدين مجلس الإدارة بشدة هذه التعليقات ويعلن أن لارس
فون ترير شخص غير مرغوب فيه في مهرجان كان على أن يسري القرار فورا."
وكان المخرج الدنماركي لارس فون تريير قد أثار ثائرة الحضور في مهرجان
كان بفيلمه الذي يصور نهاية العالم وكذلك بتصريحاته الفاترة التي أعرب
خلالها عن تعاطفه مع هتلر.
قال المخرج -55 عاما- خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد على هامش العرض
الأول لأحدث أفلامه "ميلانكوليا" أو "كآبة": " أفهم هتلر .. أعتقد أنه قام
ببعض الأشياء الخاطئة.. أراه قابعا في مخبأه".
وأضاف ترايير "إنني أفهم الرجل "هتلر".. هو شخص لا يمكن أن تصفه
بالطيب" لا يمكن وصفه بالرجل الصالح".
وقال المخرج الذي عانى من حالة اكتئاب متكرر، إنه ليس لديه مشكلة مع
المجتمع اليهودي ولكنه ليس سعيدا بإسرائيل، التي وصفها بأنها "مصدر ضيق"
دائم.
وكادت التعليقات التي بدت مجرد مزحة تلقي بظلالها على الفيلم الذي
يتناول قصة زوجين في منتصف العمر يواجهان نهاية العالم يجسدها تهديد من
كوكب يدعى "ميلانكوليا"، على وشك الاصطدام الأرض.
وقال المخرج: "ميلانكوليا فيلم لا يتعلق كثيرا بنهاية العالم، إنه
فيلم عن حالة الذهن.. لقد مررت بعض مراحل الكآبة خلال حياتي.. لذا اعتقد أن
السبب وراء فعل هذا واضح".
ويستلهم العمل سمات الرومانسية الألمانية حيث تدور الأحداث على وقع
موسيقى رائعة ريتشارد فاجنر "تريستان وإيزولده".
هذه هي المرة الثانية التي يهز فيها تريير مشاعر جمهور مهرجان كان
بأعماله، بعد فيلمه "ضد المسيح" عن سيدة مصابة بالاكتئاب تهوى إلى الجنون.
لقد أثار الفيلم الذي عرض في دورة 2009 من مهرجان كان، حفيظة من
شاهدوه خلال العرض الصحفي، حيث يضم مشهدا لثعلب ناطق، بالإضافة إلى مشاهد
عنف وبتر أعضاء تناسلية مزعجة ولا يخلو من قدر لا بأس به من الدماء أيضا..
وكما كان الحال مع "ضد المسيح" تدور قصة ميلانكوليا حول سيدة مصابة
بالاكتئاب.
يأتي الفيلم أيضا بعد ما يزيد عن عقد من فوز فون تريير بالسعفة
الذهبية، الجائزة الاولى للمهرجان، عن فيلمه "رقص في الظلام".
ويعد "ميلانكوليا" تاسع مشاركة للمخرج في المهرجان، منذ فوز فيلمه
الروائي "عنصر جريمة" بثاني أكبر جوائز المهرجان "الجائزة الكبرى" عام
1984.
أما آخر أعماله، والذي ألقى الروع في نفوس كثير من النقاد بسبب
مؤثراته البصرية المرعبة، فيجمع بين طاقم من كبار الممثلين، بينهم شارلوت
لوسي جينزبرج وكريستن دانست.
مرة ثانية وبأسلوب المازح على ما يبدو، يغوص فون تريير في وصف مسهب
لعمله الجديد والذي من المفترض أنه يدور حول اليقظة الجنسية لدى امرأة..
كما أنه كشف عن أن هناك شكوكا انتابته بشأن "ميلانكوليا" بعد أن شاهد عددا
من المقاطع الأولية الصامتة للفيلم.
وقال انه فكر "قد يكون محض هراء.. لكني آمل ألا يكون كذلك"، واضاف
للصحفيين "لكن قد يكون هناك احتمال قائم أنه لا يستحق المشاهدة". وتبدو
تصريحاته عن هتلر هي الأكثر غرابة. " دب أ"
العرب أنلاين في
19/05/2011 |