هناك فيلم إيراني في قسم «نظرة خاصة» بعنوان «وداع». فيلم روائي من
إخراج محمد رسولوف يبحث في أزمة محامية متزوجة يضعها النظام الإيراني في
محنة متعددة الجوانب. إنه يحظر عليها العمل بعدما سحب رخصتها، ويراقبها لعل
زوجها الصحافي الهارب من السلطات داخل البلاد يتصل بها. وهي حبلى وعليها
اتخاذ قرار بشأن جنينها. هل تتخلص منه درءا لمزيد من المشكلات وتبعا لحياة
شاقة، أم تمنحه حق الحياة وتسعى لوضعه تحديا لتلك المصاعب التي تواجهها؟
تقرر الحل الأول على أساس أن تجد في الوقت ذاته وسيلة لترك إيران واللجوء
إلى الغرب، لكنها محكومة بالمصاعب التي تواجهها حين تحاول الانتقال من
القرار إلى التنفيذ، فلكي تتخلص من الجنين عليها أولا أن تجد المستشفى الذي
سيقبل إجراء هذه العملية، ولكي ترحل عليها أن تجد من يؤمن لها سبل الهروب.
سنترك نقد الفيلم للغد، لكن ما هو لافت هو التالي: قبل ساعة من بدء
عرض الفيلم في صالة ديبوسي الخاصة بالصحافة، قامت المخابرات الإيرانية بطلب
المخرج إلى مكتبها. هذا معناه أنه بينما كنا نشاهد فيلمه الرائع عن المرأة
التي تجابه مجتمعا مكبلا بالحواجز المصطنعة، كان المخرج - الذي لم يستطع
السفر بسبب المنع الذي تعرض إليه منذ أكثر من سنة - يتعرض للاستجواب بخصوص
فيلمه هذا وكيف استطاع إيصاله إلى «كان» من دون المرور على أهل الوصاية
والسلطة.
نحن نسمع قصصا كثيرة عن الثائرين على النظم التعسفية، لكن البطولة هي
لأولئك الذين يصرون على العمل تبعا لمواقفهم من دون خوف أو وجل. محمد
رسولوف واحد منهم.
أفلام اليوم
* بحاجة للحديث عن كيفن إخراج: لين رامزي تمثيل: جون س. رايلي، تيلدا
سوينتون، إزرا ميلر دراما بريطانية (المسابقة) تقييم الناقد: *** (من خمسة)
* إذا كان أداء إميلي براونينغ في «جمال نائم» على نحو يرشحها جديا
للفوز بجائزة أفضل ممثلة، فإن أداء الممثلة (الأكبر سنا بالطبع) تيلدا
سوينتون سيكون من الصعب إغفاله حين النظر إلى ترشيحات هذه الجائزة قريبا.
«بحاجة للحديث عن كيفن» يضعها مجددا في الواجهة كأفضل المواهب
الحالية. تمثيلها تجسيد للحظة المتواصلة للشخصية التي تؤديها، وهذه اللحظة
تبدأ من الظهور الأول وتمتد عبر الشريط بأكمله في تماسك ملحوظ كان المرء
يتمنى لو أن المخرجة مارسته على فيلمها أيضا. بصريا، لا غبار على الفيلم،
لكن من حيث المادة هناك ذلك القدر من التفاوت بين المطلوب والمنجز. في
الحقيقة يحمل الفيلم عنوانا مختلفا عن مادته؛ فالحاجة للحديث عن كيفن لا
علاقة لها بما يحدث تحت سقف هذا العنوان. على ذلك، قصة الفيلم المغلفة بلغة
بصرية جميلة (المخرجة رامزي مصورة محترفة ومخرجة أفلام وثائقية أيضا) لا
تغفل طرح جوانب اجتماعية مهمة في حكاية امرأة تكتشف أنها ربما لم تكن تعلم
كيف تربي ابنها لكي يواجه الحياة في ظل غياب والده.
كيفن هو ابن تلك المرأة.. شاب غاضب ومتألم يخفي ألمه بقدر عالٍ من
العدائية لمن حوله بدءا بأمه. نتابع كيفن منذ أن كان صبيا وننظر إليه كيف
ينظر إلى أمه. نتساءل، وليس طلبا لجواب سهل، عن السبب في أن تلك النظرات من
العداء لدرجة أنها تبدو كما لو أنها ستشكل تهديدا. ولاحقا، حين ينمو ليصبح
شابا ندرك أن كيفن، كما يؤديه إزرا ميلر، فجر غضبه ذاك في عمل إجرامي فتح
عيني والدته لا على وضع مأسوي جديد جعلها معرضة لغضبة محيطها الاجتماعي
فقط، بل حملها شعورا بالذنب، معتبرة أنها ربما تكون مسؤولة عما مر به ابنها
من أزمات.
كيفن موجود كحالة، لكن الأم هي التي يتحدث عنها الفيلم، وتقصد المخرجة
بحثها. في رصد متاعبها الشخصية، بدءا من انفصالها عن زوجها (رايلي) إلى ما
تعيشه حاليا من وضع، يقوم الفيلم بتقديمها كضحية، لكنه يتبنى موقفها الكامن
في أنها غير مسؤولة عما حدث لابنها؛ لأنها لم تقصر حياله، بل هو الذي قصر
حيالها. هذا موضوع غير مطروح من هذه الزاوية في الأفلام التي تتناول، بقصص
مختلفة، الموضوع ذاته. هنا لا ضرورة لاعتبار أن الخطأ يبدأ من البيت، بل هو
يبدأ من كل مكان ومن دون تخطيط أو قصد.
الفيلم مصوغ لكي يكون رحلة فنية وتعبيرية مستوحى من قصة ذات خطوط
محدودة إذا نظر إليها الناقد وحدها من دون الشكل المختار لتقديمها. وهو
مصور بالسينما سكوب، مما يؤكد منحاها في تحقيق سينما قائمة على لغتها
ومفرداتها الجمالية والتعبيرية.
أفلام المرأة مستمرة.. جمال نائم ومشاعر يقظة
Sleeping Beauty جمال نائم إخراج: جوليا لي تمثيل: إميلي
براونينغ، راتشل بلايك، بيتر كارول دراما أستراليا (المسابقة) تقييم
الناقد: ** (من خمسة)
* لوسي فتاة شابة تعمل في أشياء كثيرة غير متجانسة، إنها تعمل في مكتب
لشركة نهارا، وفي مقهى مساء، ومومس تحت الطلب ليلا. كذلك فإن أصحابها
ومعارفها ليسوا في سوية واحدة: هناك الشاب الذي لا يستطيع التعبير عن حبه
إلا كلاما، والشاب وصديقته التي تشاركهما لوسي السكن وبضع شخصيات أخرى
يدخلون ويخرجون على نحو رتيب إلى حياتها ومن دون أثر يذكر لا في تلك الحياة
ولا في الدراما التي تحاول المخرجة الأسترالية لي توفيرها في فيلمها الأول
هذا.
حين تقرر لوسي الاتصال بمؤسسة تديرها امرأة أسمها كلارا (راتشل بلايك)
وتعمل في تأمين فتيات لخدمة الزبائن، فإن دوافعها غير واضحة؛ لأن خلفيتها
ليست مؤسسة جيدا. هل كل فتاة تحتاج إلى العمل تجد أن الطريق إلى الحياة
المادية هو هذا الطريق وحده، أم أن في ماضي لوسي دوافع جنسية مكبوتة تحاول
التعبير عنها عبر ممارسة هذا النشاط؟ كلارا تؤكد لها، بعدما قبلتها
لجمالها، أن أحدا من الزبائن لن يتمادى في ممارسته معها وهي تعرف زبائنها
وواثقة منهم؛ فهم مجموعة من المسنين الذين يعيشون حالات من الأوهام
العاطفية وأحدهم لا يرغب أكثر من الاستغراق في النوم لجانبها. شرط كلارا
الوحيد هو أن تتناول لوسي نوعا من شاي الأعشاب الذي سيجعلها تنام في سبات
عميق بحيث لن ترى من يدخل غرفتها من الزبائن. مهما كانت أهمية ذلك، فإن
شيئا من الترجمة الفعلية لهذه الأهمية غير وارد في الفيلم.
الحبكة تبدو قريبة من رواية غابرييل غارسيا ماركيز «مذكرات عاهراتي
الكئيبات»، كذلك الجو العام للفيلم القائم على مشاهد محددة الأطر لا تسمح
بكثير من التجاوب، لا مع وضع البطلة (لذلك لن تثير الشخصية أي إعجاب أو
تعاطف) ولا مع محيطها (الذي سيبقى خياليا من دون مؤازرة فنية أو واقعية).
الأكثر من ذلك ضررا للفيلم هو أن نظافته الصورية تبدو مصطنعة. تلك الكادرات
العريضة، وغالبا البعيدة؛ إذ تخلق حاجزا بين المشاهد وبين ما يتماثل أمامه،
كفيلة أيضا بتغريبه عن مشكلات هي أساسا غير واضحة المعالم. بذلك ينجح
الفيلم في إطار وضع واحد: إشاعة البرود في الفيلم كما في تلك العلاقة
المفترضة بينه وبين المتلقي.
المخرجة هي صاحبة قلم روائي، لكن لمن لم يقرأ شيئا مما كتبته (كما
الحال هنا) فإن سبر غور التأثير الأدبي على المحاولة السينمائية مستحيل. ما
هو مؤكد أنه إذا كانت كتابات جوليا لي مثل هذا الفيلم من حيث استخدامها
الحركات المحدودة والشخصيات المقطوعة من أسبابها، فإن الفيلم حين ذاك يأتي
منسجما مع قصور محتمل في الصياغة ومفهوم زمني مكاني لا يتعاطى مع الواقع
ويفتقر في الوقت ذاته إلى الخيال.
أخبار «كان»
* المنافسة بين المهرجانات الثلاثة الكبيرة (دبي، أبوظبي، الدوحة)،
على استحواذ الأفضل من الأفلام، لم تعد ظاهرة ومعلنة على نحو بارز كما كانت
عليه من قبل، لكن ذلك لا يعني أنها خفت. مخرجون عدة باتوا يصنعون أفلامهم
وعيونهم على من يدفع أكثر. وبين الثلاثة مهرجان واحد يرفض النزول إلى هذا
المستوى من التنافس على الرغم من إمكاناته. هل عرفتموه؟
المخرج الأميركي مارتن سكورسيزي والمخرج الدنماركي لارس فون تراييه
سيشتركان في تحقيق فيلم واحد بعنوان «5 عقبات».. الفيلم من النوع الوثائقي
ويدور حول السينما.
في أحد تصريحاته الصحافية قال المخرج وودي ألن لمحدثه: «باريس مثيرة
للرضا، أما ما يحدث في مصر فهو مثير للقلق». المخرج المعروف كان قد افتتح
المهرجان بفيلم «منتصف الليل في باريس».
المخرج الكويتي وليد العوضي ترك «كان» بعد 3 أيام من وصوله وعاد إلى
مدريد لإنجاز النسخة الصالحة للعرض من فيلمه الجديد «تورا بورا». ومن
المنتظر عرض الفيلم في مهرجان أبوظبي لاحقا هذا العام.
المخرج الإسرائيلي إيران ريكليس، صاحب «شجرة الليمون»، حاك قصة فيلمه
الجديد «زيتون» وجذب إليها المنتج غارث أنون الذي سبق له أن أنتج «خطاب
الملك». الفيلم المزمع يدور حول طفل فلسطيني في مخيم صبرا في بيروت وطيار
إسرائيلي أسقطت طائرته خلال غزو لبنان سنة 1982.
السينما المصرية في «كان».. قرارات مهمة وتحديات أكبر
* كان من الطبيعي أن تختار إدارة مهرجان «كان» السينمائي مصر لتكون
دولة شرف هذا العام.. إنه تقليد جديد للمهرجان الفرنسي (سبقته إليه
مهرجانات كثيرة أخرى) وتحية للسينما المصرية من ناحية، وأخرى سياسية أكبر
شأنا. حقيقة أن ما حدث في مصر من تحولات مهمة كان يستدعي مثل هذا الاهتمام
وتلك التحية، يجب ألا تشغلنا عن أن هذه المسألة تبقى سياسية في المقام
الأول، وفنية أو ثقافية أو إبداعية أو غير ذلك في المقامات الأخرى بعد ذلك.
سهير عبد القادر، نائبة مهرجان القاهرة السينمائي الموجودة في
المهرجان، تؤكد أن هذا الاحتفال في موقعه وفي لحظته: «لقد ترقبنا هذه
اللحظة من التاريخ طويلا، وأعتقد أننا نستحق هذا الاهتمام وأكثر منه
بالتأكيد، فما حدث لم يكن أمرا صغيرا يمكن تسجيله في المفكرة الشخصية
والعودة إليه لاحقا من باب الذكريات.. إنه تحول حقيقي». وتضيف: «همي الأول
أن أجد أن للسينما المصرية متسعا كبيرا للمواهب الشابة. نحن نصنع المستقبل
لهم ونريدهم أقوياء قادرين على التمتع بشروط الإبداع وممارسة حقهم في
التعبير».
السيدة عبد القادر لا تتحدث عن مهرجان القاهرة إلا حين نسألها عن صحة
الشائعات التي ترددت عن أنه تم إصدار قرار بإلغاء المهرجان، فتقول: «سوف
يتم تأجيل المهرجان بسبب الانتخابات الرئاسية وانتخابات مجلس الشعب في
الوقت ذاته. ليس من الطبيعي أن يتم عقد المهرجان في موعده في الوقت الذي
تشهد فيه البلاد هذا الوضع السياسي الحساس الذي يتطلب وضعا أمنيا
استثنائيا». لكن مصدرا من خارج المهرجان ووفد مصر الرسمي يوسع الإطار
قليلا.. يعترف هذا المصدر بأن هناك حالة أمنية تستدعي مثل هذا الإجراء،
لكنه يضيف: «وهناك أيضا الوضع الاقتصادي. سابقا كانت وزارتا الآثار
والثقافة تمولان هذا المهرجان، ووزارة الآثار لديها إمكانات مادية أكبر
بكثير مما هو متاح لوزارة الثقافة. أما الآن فقد تم فصل النشاطات المشتركة
بين الوزارتين، مما يجعل المهرجان عاجزا عن تأمين التمويل الذي تتطلبه
إقامة مثل هذا النشاط». خلال ذلك، تتواصل تداعيات الرغبة في نقل صور مما
حدث في مصر إلى العالم، كما سبق لـ«الشرق الأوسط» أن أشارت في أكثر من
مناسبة. فإلى جانب فيلم «18 يوما» الذي سينقل لمشاهديه حكايات مستقاة من
الأحداث التي شهدتها مصر مؤخرا، وهو الفيلم الذي شارك في تحقيقه مروان حامد
وكاملة أبو ذكري وشريف عرفة ويسري نصر الله من بين آخرين، يتم العمل على
الكثير من المشاريع التي تتلون بحسب الأحداث. بعضها يتعاطى مباشرة مع الحدث
في نقد لعهد سابق ومباركة لعهد جديد، والبعض من خلال إيحاءاته أو إضافاته
لمشاهد تسجيلية تم لصقها بالفيلم لكي يطرحه في إطار الوضع الحالي (كما حصل
مع فيلم سامح عبد العزيز «صرخة نملة») وهناك حقيقة أن المنتجين والمخرجين
لديهم حذر من التعامل مع وجوه اتخذت موقفا ضد الثورة أو امتنعت عن تأييدها،
وهو أمر مفهوم عاطفيا، لكنه نوع من الرقابة التي يقول الجيل الجديد إنه يقف
ضدها كجهاز رسمي، مما يعني أنه إذا تم إلغاء أجهزة الرقابة، أو معظمها على
الأقل، وبقي ذلك المبدأ في مقاطعة الأسماء التي لم تستجب للتغيير، فإن شيئا
فعليا لم يتم على أرضية العمل المشترك أو على مبدأ حرية المبدأ والرأي
الآخر.
الأفلام المصرية التي شاركت في «كان»
* من ناحية أخرى، فإن السينما المصرية ليست حديثة الشأن في المهرجان
المصري ولم تكن ولادة مخرج واحد كما تشي القائمة التالية. لقد كانت السينما
المصرية أول سينما عربية شاركت في مهرجان كان، وذلك حين اشترك المخرج محمد
كريم بفيلمه «دنيا» في الدورة الأولى من المهرجان. وبمراجعة الأفلام التي
اندرجت تحت قوائم المسابقة وعروض التظاهرات الموازية، سنجد أن المخرج يوسف
شاهين كان أكثر المترددين؛ إذ شارك أول مرة سنة 1951 بفيلمه «ابن النيل»
وبعد ذلك تسع مرات أخرى، آخرها حين عرض فيلمه «الإسكندرية نيويورك» سنة
2004 لجانب مشاركته في أفلام جماعية كما حال «سبتمبر 11» (2002) و«لكل
سينماه» (2007).
1947: «دنيا» - محمد كريم (المسابقة) 1949: «مغامرات عنتر وعبلة» -
صلاح أبو سيف (المسابقة) 1951: «ابن النيل» - يوسف شاهين (المسابقة) 1954:
«صراع في الوادي» - يوسف شاهين (المسابقة) 1955: «حياة أو موت» - كمال
الشيخ (المسابقة) 1956: «شباب امرأة» - صلاح أبو سيف (المسابقة) 1959:
«السيد جوليوس» - خالد عبد الوهاب (قصير) 1964: «الليلة الأخيرة» - كمال
الشيخ (المسابقة) 1964: «هروب مصر» - ولي الدين سامح (قصير) 1965: «الحرام»
- هنري بركات (المسابقة) 1965: «سنوات المجد» - عاطف سالم (المسابقة) 1970:
«الأرض» - يوسف شاهين (المسابقة) 1973: «العصفور» - يوسف شاهين (المسابقة)
1973: «لغة الإشارة» - كمال الشيخ (قصير) 1985: «الحب فوق هضبة الهرم» -
عاطف الطيب (نصف شهر المخرجين) 1985: «وداعا بونابرت» - يوسف شاهين
(المسابقة) 1997: «عودة مواطن» - محمد خان (خارج المسابقة) 1990:
«الإسكندرية كمان وكمان» - يوسف شاهين (نصف شهر المخرجين) 1997: «المصير» -
يوسف شاهين (خارج المسابقة) 1999: «الآخر» - يوسف شاهين (نظرة خاصة) 2001:
«القاهرة» - يوسف شاهين (نصف شهر المخرجين) 2004: «الإسكندرية نيويورك» -
يوسف شاهين (نصف شهر المخرجين) 2004: «باب الشمس» - يسري نصر الله (نظرة
خاصة) 2006: «البنات دول» - تهاني راشد (نظرة خاصة) فيلم «قتل غير مشروع»
يتناول قصة موت الأميرة ديانا
* دافع المخرج كيث ألن عن فيلمه بشأن وفاة الأميرة ديانا وسط هجوم
منحاز على ما وصفها بـ«المؤسسة» البريطانية؛ إذ يصر رجل الأعمال محمد
الفايد، الذي قتل ابنه عماد (دودي) مع ديانا في حادث سيارة في باريس عام
1997، منذ وقت طويل، على أن الاثنين قُتلا بناء على أوامر من الأمير فيليب،
زوج الملكة إليزابيث، ملكة بريطانيا.
وفي المؤتمر الصحافي الذي اتسم بالسخونة في بعض الأحيان في «كان»، حيث
دشن ألن فيلمه «قتل غير مشروع» على هامش المهرجان الرسمي، وصف المخرج
الفيلم الوثائقي بأنه فيلم «تفصيلي»، وهو ما شكك فيه بعض الحاضرين.
ويركز الفيلم، بشكل جزئي، على التحقيق بين عامي 2007 و2008 في وفاة
ديانا، ويرى أن الصحافة البريطانية فشلت في إبراز نتائج التحقيق بشكل سليم
بسبب ضغوط الأسرة المالكة. وقال ألن، المشهور أكثر بكونه ممثلا تلفزيونيا
بريطانيا، للصحافيين في «كان»: «كنت أعتقد أن من المهم أن يفهم العالم بشكل
تفصيلي ما كان يحدث في هذا التحقيق». وأضاف: «لم أكن أريد أن أصنع فيلم
إثارة ولا أعتقد أنه فيلم إثارة. أعتقد أنه تحليل تفصيلي جدا لعملية
قانونية يكشف عن أشياء محددة.. غير منطقية».
وواجه ألن انتقادا مباشرا من صحافي، بسبب عدم توضيحه أن الفيلم ممول
بالكامل من الفايد بنحو 4 ملايين دولار، وهو مبلغ أعلنه رجل يزعم أنه ممثل
للفايد. ولم يحضر الفايد مهرجان كان لعرض الفيلم.
وقال ألن: «إنه مول الفيلم لأنه لن يفعل أحد غيره ذلك.. لو كان ممكنا
أن أحصل عليه من مكان آخر لحصلت عليه من مكان آخر، لكنني لم أتمكن؛ لذلك
أخذته منه».
وخلصت تحقيقات أجرتها الشرطة الفرنسية والبريطانية إلى أن وفاة ديانا
ودودي نتجت عن حادث مأساوي تسبب فيه السائق الذي ثبت أنه كان مخمورا. ورفض
الجهازان نظرية المؤامرة التي يرددها الفايد.
الشرق الأوسط في
15/05/2011
نشاط قليل ثماره كبيرة
السينما اللبنانية سفير العرب في
"كان"
محمد رُضا
الوجود الرسمي الوحيد بين أفلام مهرجان “كان” السينمائي الدولي هذا
العام هو الفيلم اللبناني “هلا لوين؟” (“الآن إلى أين؟”) للمخرجة نادين
لبكي، والذي تم ضمّه إلى عروض تظاهرة “نظرة ما” .
إنه فيلمها الثاني كمخرجة بعد “سكر بنات” (أو “كاراميل”)، والذي كان
تم تقديمه قبل ثلاث سنوات في إطار تظاهرة “نصف شهر المخرجين” المهمّة، وإن
لم تكن رسمية . وذلك الفيلم، كما يذكر المتابعون، شهد عروضاً متلاحقة من
أبوظبي إلى نيويورك ومن باريس إلى لوس أنجلوس وبنجاح نقدي لافت .
آنذاك لم تكن لبكي وحدها في عروض ذلك القسم، إذ شاركتها العرض في ذلك
القسم المهم من أعمال المهرجان المخرجة دانييل عربيد بفيلم “الرجل الضائع”
الذي كان ثاني أعمالها بعد “معارك حب” . في الفيلمين أثبتت رغبتها في توجيه
نقد اجتماعي حيال الأوضاع، سواء أكانت لبنانية أم عربية .
خلال السنوات الثلاث الماضية، داوم اللبنانيون على صنع الأفلام بمعدل
ثلاثة إلى خمسة أفلام روائية وتسجيلية طوال في السنة الواحدة، علماً أن
الصعوبات والعقبات متعددة ومختلفة، إذ ليس هناك ستديوهات، ولا شركات
عاملة دوماً في هذا المجال، ولا يوجد إقبال كبير على الأفلام اللبنانية
داخل البلد، ولا إقبال عليها في الأسواق العربية الخارجية ورغم ذلك هناك
عدد مهم من المواهب أثمرت مجموعات من الأفلام الجيّدة خلال السنوات القليلة
الماضية .
في العام الماضي مثلاً، تقاسمت السينما اللبنانية جوائز أهم
المهرجانات العربية مع زميلتها المصرية .
وعلى سبيل المثال، فاز فيلم بهيج حجيج الأخير “شتّي يا دني” بجائزة
أولى في مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي، في حين فاز “رصاصة طائشة” لجورج
الهاشم (الذي أدت نادين لبكي بطولته) بالجائزة الأولى في مهرجان دبي
السينمائي الدولي في ديسمبر/كانون الأول الماضي . وفي صعيد الأفلام
الوثائقية فاز فيلم “شيوعيون كنا” بجائزة رئيسة في مهرجان أبوظبي السينمائي
الدولي، كما عرضه مهرجان فينسيا الإيطالي باهتمام ملاحظ من قبل الحضور .
ومع أن لبنان لا ينتج بالقدر نفسه الذي تنتجه سينمات عربية أخرى، مثل مصر
والمغرب، إلا أنه في الأعوام الثرية قادر على توفير أربعة أفلام طوال وعدد
من الأفلام القصيرة أيضاً، بل يحقق الجوائز في المهرجانات المختلفة، وبعض
العروض العالمية، ويشترك في مهرجان “كان” السينمائي، كما الحال هذا العام
عبر فيلم نادين لبكي الثاني .
وهذا أمر يُثير قدراً من الغرابة، لأن المسألة ليست في الحقيقة مسألة
فوز الأفلام اللبنانية في العام الماضي، وما يُنتظر منها هذا العام، بل هي
مسألة ملاحظة ذلك النشاط غير المدعوم إلا من مستثمرين مغامرين قليلين في
لبنان، وبضعة منتجين طموحين وراغبين في فرنسا على الأخص . وهو أمر متّفق
عليه ذلك الذي يشير الى أنه لولا الدعم الفرنسي للسينما اللبنانية، ومن
أيام المخرج الراحل مارون بغدادي في الثمانينات من القرن الماضي، لم يكن
معظم ما تم إنتاجه من أفلام لبنانية قد أنتج بالفعل .
إلى ذلك، هناك ملاحظة أخرى مفيدة في هذا المجال .
المعظم الكاسح من الأفلام اللبنانية التي أنتجت مباشرة بعد الحرب
الأهلية اللبنانية تختلف كلّياً عن تلك التي كانت سائدة قبلها . ليس فقط في
أن العديد من المخرجين اللبنانيين، مثل مي مصري وجان شمعون وغسان سلهب
والثنائي جوانا حاجي توما وخليج جريج، كما فيليب عرقتنجي، طرحوا مسألة حرب
السنوات الست عشرة وما تلاها على طاولة النقد والتقييم، بل أساساً لأن ما
كان يُنتج في الستينات والسبعينات من أفلام لبنانية، بقيادة عدد من
المخرجين النشطين من بينهم الراحلان محمد سلمان وسمير الغصيني اللذان أنجزا
فيما بينهما أكثر من مئة فيلم في نحو عقدين ونصف العقد من الزمان، كان لا
قيمة له سوى تنشيطه الحركة التجارية ذاتها . وتلك الأفلام والإنتاجات
المصرية والسورية التي حطّت في لبنان خلال تلك الفترة لبعض الوقت لإنجاز
أعمال أغلبها “أكشن” وكوميدي .
الحال الآن مختلفة للغاية . السينما اللبنانية في التسعينات والعقد
الأول من القرن الجديد حفلت بأغلبية من الأفلام ذات المكانة الفنية الجيدة
والاهتمامات الاجتماعية الجادّة . إنها السينما التي لا تحتاج إلى أن تكون
بديلة أو مختلفة عن السائد، لأنها السائد فعلاً .
الخليج الإماراتية في
15/05/2011
كان : ثلاثة أفلام نسائية تعرض شخصيات مُتعبة
محمد رُضا
آثر مهرجان "كان" البدء بمجموعة من الأفلام
التي تشترك فيما بينها بعاملين: من إخراج نساء، وتتحدث عن شخصيات مهمومة
ومتعبة
لأسباب متباينة. هذه الأفلام هي "بوليس" الفرنسي، و"الجمال
النائم" الأسترالي
و"السنجاب" الأميركي.
بوليس..
على أكثر من ساعتين
مشحونتين بالمعايشة المتواصلة وبرصد حالات الرجال والنساء المتقلّبة بين
الخوف على
وضع إنساني فالت، والانقلاب إلى الذات العاطفية بحثاً عن قرار، وبين البذل
في سبيل
تحقيق العدالة حيثما كانت مطلوبة، يمتد فيلم "بوليس"
فيسرد المطلوب ثم أكثر منه. فما كان يمكن قصّه في ساعة ونصف يتوالى
متعرّجاً بين
الحالات وغير قادر على إضافة جديد فعلي لساعتين وسبع دقائق.
تختصر المخرجة أسمها
إلى مايوين لكنها لا تختصر كثيراً في رغبتها الحديث عن فرقة من رجال ونساء
الشرطة
الفرنسية تنتمي إلى "وحدة البوليس المكلّفة بحماية الأطفال". لكن إذا ما
كانت غاية
المخرجة توجيه الأنظار إلى تلك الوحدة التي تبذل مجهودا في سبيل حماية
الأطفال
والأحداث والحديث عن شخصياتها المتعبة بقدر الحديث عما تواجهه
من مهام فإن المخرجة
حققت غايتها تلك جيّداً.
تتألّف الفرقة التي نتعرّف عليها من رجال ونساء يمثّلون
شرائح مختلفة. شخصيات حيّة يمكن تصديقها تكشف عن حالاتهم الخاصة المتباينة
والمتفاوتة في أطر التناول من شخصية لأخرى، وذلك من خلال رصد
وقائع يومية لأعمالهم.
هذا النوع من المعايشة شوهد مراراً وتكراراً في مسلسلات تلفزيونية (بدءاً
من "هيل
ستريت بلوز" في الثمانينات). في هذا الشأن، لا يتنزل عمل المخرجة. المعالجة
واقعية
وكذلك إدارة المخرجة لشخصياتها. ما لا لزوم له هو الكاميرا المحمولة كما لو
أن
اهتزازها وتحركها الدائم شرطان لإتمام الواقعية بالضرورة. في
هذا الإطار، ينضم فيلم
"بوليس" إلى تلك الأعمال التي لا تخلط بين المعايشة وبين أسلوب
الكاميرا المحمولة
فقط، بل تضيع على الفيلم التأسيس الفني الصحيح.
جمال نائم..
المخرجة هي صاحبة قلم
روائي، لكن لمن لم يقرأ شيئاً مما كتبته فإن سبر غور التأثير الأدبي على
المحاولة
السينمائية مستحيل. إنها ترى في أن الرواية والفيلم متماثلان من حيث أن
الشخصيات
مولودة في الوسيلة الوصفية نفسها، وأن الملاحظات الواردة في
سياق الوصف الشخصي من
الكثرة في الحالتين بحيث تؤلف سياقاً متشابهاً بين الاثنين. على ذلك، وفي
حين أن
المشاهد لا يستطيع إلا الموافقة على هذه الملاحظة، يكتشف أن ما ينقص الفيلم
ليس
الوصف ولا الملاحظات الشخصية، بل مجرّد وضع الشخصيات في إطار
يمكن معه تفعيل
الأحداث درامياً وجعلها أكثر إثارة وتبلوراً.
بطلة الفيلم هي لوسي (إميلي
براوننغ)، فتاة شابّة تشتغل في أشياء كثيرة غير متجانسة: إنها
تعمل في مكتب لشركة
نهاراً، وفي مقهى مساءاً، وعاهرة تحت الطلب ليلاً. كذلك فإن أصحابها
ومعارفها ليسوا
في سويّة واحدة: هناك الشاب الذي لا يستطيع التعبير عن حبّه إلا كلاماً،
والشاب
وصديقته التي تشاركهما لوسي السكن وبضعة شخصيات أخرى يدخلون ويخرجون على
نحو رتيب
إلى حياتها ومن دون أثر يُذكر لا في تلك الحياة ولا في الدراما
التي تحاول المخرجة
الأسترالية "لي" توفيرها في فيلمها الأول هذا. تقرر لوسي الاتصال بمؤسسة
تديرها
امرأة أسمها كلارا (راتشل بلايك) وتعمل في تأمين فتيات لخدمة الزبائن.
هؤلاء هم
مجموعة من الأثرياء المترفين والمسنين يعيشون حالات من الأوهام
العاطفية وأحدهم لا
يرغب أكثر من الإستغراق في النوم لجانبها وبمشهد النوم هذا ينتهي الفيلم في
الوقت
المناسب قبل أن يؤدي الى تنويم المشاهدين بقليل.
تبدو
القصّة قريبة من رواية
غبريال غارسيا ماركيز "مذكرات عاهراتي الكئيبات" أما العنوان فمستلخص،
للعجب، من
عنوان فيلم وولت ديزني الكرتوني البريء بالعنوان نفسه. أما الجو العام
للفيلم
فيقوم على مشاهد محددة الأطر لا تسمح بكثير من التجاوب لا مع
وضع البطلة (لذلك سوف
لن تثير الشخصية أي أعجاب أو تعاطف) ولا مع محيطها (الذي سيبقى خيالياً من
دون
مؤازرة فنية أو واقعية). الأكثر من ذلك ضرراً للفيلم هو أن نظافته الصورية
تبدو
مصطنعة. تلك الكادرات العريضة و-غالباً- البعيدة إذ تخلق
حاجزاً بين المشاهد وبين
ما يتماثل أمامه، كفيلة أيضاً بتغريبه عن مشاكل هي أساساً غير واضحة
المعالم. بذلك
ينجح الفيلم في إطار وضع واحد: إشاعة البرود في الفيلم كما في تلك العلاقة
المفترضة
بينه وبين المتلقّي.
السنجاب..
هذا هو الفيلم الثالث من إخراج جودي فوستر، بعد
"الرجل الصغير تايت" و"منزل للعطف" وكلاهما أفضل من هذا الفيلم الذي
تدور قصّته حول
حالة يأس صعبة بطلها، وولتر (مل غيبسون): رجل محبط في
كل شيء خصوصاً
بعدما خسر عمله كمدير شركة لإنتاج وبيع الألعاب. حين ينفصل عن زوجته (فوستر
نفسها)
يتّجه إلى فندق حيث يحاول الانتحار وحين
يخفق يغيب عن الوعي. عندما يفيق يجد نفسه
كما لو أنه أصبح شخصاً آخر. فهو يبدأ بالاعتقاد بأن دمية
السنجاب التي وجدها في أحد
المخازن تتحدّث إليه (بلكنة إنكليزية) وتتواصل معه. سيحاول وولتر إيهام من
حوله بأن
الدمية كيان حيّ ومنفصل. سيذوب - بلا سبب نفسي حقيقي- في ذلك الكيان وسوف
يترك
للدمية الحديث عنه. هذا الوضع غير الممهد بدوافع ولا بنتائج
يُطرح كواقع مجرّد ما
يفقده الفرصة تواصل بين وولتر وبين الجمهور. في الوقت ذاته، وبموازاة هذا
الانحدار
من حضيض لآخر، ينقلنا الفيلم إلى حالة غرائبية أخرى متمثّلة في ابنه الشاب
بورتر
(أنطون
يلشن) الذي يستطيع الدخول إلى عقل الآخر ومعرفة تفكيره. هذا يترك علامات
استفهام حول علاقة زمالة مدرسية مع فتاة تعرض عليه مكافأة لقاء مساعدتها في
واجبها
المدرسي. ما يبدو كما لو أنه تمهيد لخط درامي جديد يتحوّل
سريعاً إلى استطراد يزيد
من دكانة الوضع وغرائبيّته من دون الوثوق بأن رغبة المخرجة هي فعلاً الوصول
بالفيلم
إلى حالة تشويق تضعه على حافة سينما التخويف. لأنه إذا ما كانت هذه هي
رغبتها،
فإنها أخفقت في إنجازها، أما إذا لم تكن فالفيلم وخيوطه ضاعت
بين يديها ولم ينقذه
ذلك المونتاج المتسارع الراغب في تقريب الحكاية من جمهور عريض.
السيناريو لكايل
كيلين وكان مركوناً في أدراج أكثر من شركة إنتاج حينما تناهى إلى سمع فوستر
فقرأته
وقررت أن يكون ثالث عمل إخراجي لها بعد فيلميها السابقين "الرجل الصغير
تايت" و"بيت
للعطل". قرار صعب لأنه في حين أن المرء سعيد باختيارها الدائم لمواضيع
متباينة
الطروحات ولقصص تبحث في الشخصيات الصعبة، لا يجد ما يستطيع
قبول الفيلم بحسناته
القليلة، بل يجد نفسه يواجه عملاً متشابكاً من دون خلفيات أو نتائج.
"السنجاب" يبدأ
داكناً ويزداد دكانة قليلا قليلا من دون أن تجد فوستر المعالجة الصحيحة له.
فالفيلم
ليس دراسة نفسية، ولا هو دراسة اجتماعية ولا فيلم رعب (ولو أن أداء غيبسون
يعكس
جانباً سوداوياً قاتماً بمهارة فائقة).
الجزيرة الوثائقية في
15/05/2011 |