مهرجان دبي السينمائي في دورته السابعة الذي افتتح مساء
الاحد الفائت، شكل محطة جديدة في الطفرة السينمائية التي تشهدها إيران في
السنوات
الاخيرة. فقد شاركت الجمهورية الاسلامية بخمسة أفلام دفعة
واحدة، احدها يعرض للمرة
الأولى، وهذه المشاركة كانت في الماضي تقتصر على فيلم او فيلمين. ماذا وراء
الظاهرة
السينمائية الإيرانية؟
من الواضح أن السينما الايرانية، من داخل النظام ومن خارجه ، تشهد
قفزة نوعية في السنوات الاخيرة، بدليل أن أحد الافلام الايرانية "وداعاً
بغداد"
للمخرج مهدي نادري، يتنافس مع 64 فيلما عالمياً على الأوسكار، وقد يتم
اختياره لنيل
الجائزة في منافسات الدورة الـ37، عن فئة الافلام الاجنبية.
مخرج "وداعاً بغداد"
مهدي نادري تحدث الى وكالة "رويترز" عن هذا الفيلم، ومما قاله:
هناك من يعتقد
انني تقاضيت مبالغ كبيرة من الحكومة الإيرانية لإخراج هذا الفيلم، ومن
الواضح ان من
يقول هذا لم يشاهد الفيلم.
وأضاف المخرج الايراني البالغ من العمر 37 سنة: ان
ميزانية "وداعا بغداد" يمكن ان تقارن بما ينفقه شون بين على سجائره او
نيكول كيدمان
على جزء صغير من ماكياجها. لقد تطلب الحصول على الإذن بتصوير الفيلم 6
سنوات، وقد
غيّرنا السيناريو حوالى 18 مرة لإرضاء المسؤولين. أريد ان اظهر كيف يمكن
للسينمائي
الايراني ان يعدّ فيلما من دون دعم مالي خلال شهرين في بلد
يعجّ بالقوانين
والرقابة.
ويروي الفيلم قصة دانييل المواطن الاميركي ـ البولندي والملاكم الفاشل
الذي يحاول تجاوز هذا الفشل بالالتحاق بالجيش الاميركي، لكن بعد أن يقتل
احد رفاقه
فتاة عرضا، يفرّان الى الصحراء. وعند هذا المستوى من الاحداث تدخل شخصية
صالح
الانتحاري المتدرب، الذي لن تمنعه مشاعر الكراهية التي يحسها
تجاه الاميركيين من
إنقاذ روح تائهة: دانييل. ويريد نادري ان يقرأ فيلمه وفقاً لمعايير تتجاوز
القراءة
السياسية.
هذا الكلام، على صدقه، لا يحجب الجانب الآخر من الصورة، وخلاصته ان
الافلام الإيرانية المشاركة في المهرجانات العالمية، غالبًا ما تحظى برضى
الأجهزة
الإيرانية. صحيح ان بعض أهل السينما ممنوعون من المشاركة، إما شخصيا وإما
بأفلامهم،
ليس في مهرجان دبي فقط، وإنما في كل المهرجانات العربية
والاجنبية، لكن السينما
الايرانية بخير وهي تخطو نحو العالمية.
أحد هؤلاء "الممنوعين" المخرج جعفر بناهي
الذي سبق أن سجن في طهران في العام الحالي بسبب فيلم اعتبرته طهران
"مناهضاً
لتوجهات الدولة". هذا المخرج الذي يحظى باهتمام كبير في أوساط السينما
العالمية،
وقد تلقى أخيراً دعوة للمشاركة في عضوية لجنة التحكيم في مهرجان برلين
السينمائي
الدولي2011، لكن مدير المهرجان "بيتر كوسليك"، عبّر عن تخوفه
من عدم استطاعة المخرج
الايراني من المجيء، عندما أوضح انه "يأمل ان يتمكن جعفر بناهي من الحضور
والقيام
بمهام عضوية لجنة تحكيم المهرجان في شهر شباط (فبراير) 2011 المقبل".
و"توضيح" مدير
المهرجان لم يأت من فراغ، سيما وأن المخرج جعفر بناهي (50 عاما) لم يتمكن
من
المشاركة في مهرجان "البندقية السينمائي الدولي" في شهر ايلول
(سبتمبر) 2010
الفائت، بعدما صادرت السلطات الإيرانية جواز سفره ومنعته من المغادرة.
وكان
بناهي قد بعث برسالة الى جمهور مهرجان "البندقية" ولجانه قبيل موعد عرض
فيلمه "اكورديون"
قال فيها: "أمنع عمليا من إنجاز الافلام منذ خمس سنوات، وعندما لا يسمح
لمخرج سينمائي بإنتاج الافلام يكون في حقيقة الامر مسجوناً معنوياً". وقد
سبق ان
أوقف بناهي في شهر آذار (مارس) 2010، بعدما وجهت إليه وزارة الثقافة
الإيرانية،
تهمة "إعداد فيلم ضد النظام، يتعلق بالأحداث التي تلت
الانتخابات"، في إشارة الى
التظاهرات التي نتجت عقب إعادة انتخاب الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد في
شهر
حزيران (يونيو) 2009، ثم أفرج عنه بعد ثلاثة اشهر، إلا أنه لم يتمكن من
المشاركة في
عضوية لجنة تحكيم مهرجان "كان" يومذاك (في فرنسا)، وراجت في
حينه تساؤلات في
الاوساط السياسية ـ السينمائية، حول توقيت الاعتقال، ثم الإفراج، وإذا ما
كان
هدفهما في الاساس، منع جعفر بناهي من المشاركة في مهرجان "كان" ذات الشهرة
والسمعة
العالميتين، وحيث يكون الحضور الاعلامي الدولي كثيفا وفاعلاً.
وإذا كانت افلام
جعفر بناهي (وغيره بالتأكيد من المخرجين غير المرضى عنهم وعن أعمالهم)
مستبعدة بشكل
شبه دائم عن المشاركة في اي مهرجان، للدولة عليه "حظوة" (البعض يقول سيطرة)
فإن مثل
هذه المهرجانات مستعدة دائما، وتحت عباءة "الفن السينمائي"، لاستقبال اكثر
من انتاج
سينمائي ايراني ممهور بختم موافقة السلطة، بدليل مهرجان دبي الاخير الذي
استقبل ـ
كما ذكرنا ـ خمسة افلام دفعة واحدة، وبحيث عادت المخرجة سبيدة
فارسي، الحائزة جائزة
الاتحاد الدولي لنقاد السينما، وصاحبة الفيلم الوثائقي البديع "طهران بلا
استئذان"،
الى المهرجان بعرض عالمي اول لفيلمها "المنزل تحت الماء"، الذي يروي حادثة
مأسوية
تورط فيها المراهقان مرتضى وطاهر، وغرق بنتيجتها شقيق "طاهر" الاصغر.
ثلاثون سنة
مرت كلمح البصر، ليعود مرتضى، بعدما أُطلق من السجن، لكن أشباح الماضي
تلاحقه قبل
أن يبدأ في لملمة شظايا حياته، حيث توجه اليه من جديد تهمة التسبب بموت طفل
غرقا،
ليتخذ الفيلم مساراً جديداً، عندما يكتشف مرتضى ان الضابط الذي
يحقق في القضية
الجديدة ليس سوى صديقه القديم "طاهر".
الفيلم الثاني الذي مثّل ايران في مهرجان
دبي السينمائي الدولي 2010، حمل اسم "مرهم"، وهو الروائي
الطويل الـ18 للمخرج علي
رضا، الحائز العديد من الجوائز الوطنية والعالمية، ويتحدث في تفاصيله، عن
جيلٍ
ابناؤه هم اقرب الى جدودهم مما هم الى آبائهم، وحيث يروي الفيلم قصة عن ألم
الجدّات، وتعاستهن، وهن يكافحن لتحرير أحفادهن من شرور العصر
الحديث... ويضرب
الفيلم الذي عرض للمرة الاولى في الشرق الاوسط عبر مهرجان دبي السينمائي
الدولي،
مثلا، بجدة مسنة تجد نفسها في دور الملاك الحارس لحفيدتها المتمردة، التي
تهرب من
المنزل لتحصل على المخدرات، ولتصبح اشبه بالطير الضعيف، تحت
رحمة النسور.
أما
المخرج محسن عبد الوهاب، فهو يطل بفيلمه الروائي الطويل الاول "الرجاء عدم
الازعاج" (عرض
في مهرجان دمشق السينمائي اخيراً وفاز بالجائزة الفضية)، ليسرد ثلاث قصص
تدور
أحداثها في العاصمة طهران، فتروي الاولى قصة شابة يضربها زوجها وتوشك ان
تشكوه الى
السلطات، لكن الزوج لا يهتم للأمر إلا من زاوية تأثير هذه الشكوى على
وظيفته؟ ومن
زاوية الإحراج الذي سيقع فيه، فيما القصة الثانية تحكي قصة
موظف تسرق محفظته
وملفاته، وكيف يحاول استعادة مسروقاته من اللص.
القصة الثالثة تروي حكاية زوجين
عجوزين، تعطل جهاز التلفزيون عندهما، وهما يخشيان فتح باب
منزلهما للشاب الذي حضر
لإصلاح الجهاز، لأنهما بمفردهما في المبنى!
المخرج رافي بيتس، صاحب الفيلمين
الشهيرين "الموسم خمسة" و"سانام"، شارك في المهرجان بفيلمه
الروائي الطويل الخامس
"الصياد والفريسة". مأساة "علي" تبدأ فور مقتل زوجته، اثناء تبادل
لإطلاق النار بين
رجال الشرطة والمتظاهرين، لينتهي هذا الزوج التعس، بالبحث عن ابنته
المفقودة خلال
التظاهرة. نهاية مروعة تفقد الرجل صوابه، فيقتل اثنين من رجال الشرطة في
مطاردة
بالسيارات، قبل أن ينجح بالهروب الى الغابة، حيث يلقى القبض
عليه. يستسلم "علي"
لمصيره، ويراقب رجلي الشرطة وهما يتجادلان، الى ان يتعقد الموقف بينهما
وبحيث يصبح
من الصعب الفصل بين "الصياد والفريسة".
ويأتي اخيراً الفيلم الوثائقي "امين"
للمخرج شاهين برهامي، في إطار "مسابقة المهر الآسيوي ـ الافريقي للافلام
الوثائقية"، وفيه يجري "امين" ابحاثا لنيل درجة الدكتوراه في مجال
الموسيقى، في
معهد "كييف"، فينطلق في رحلة لاستكشاف الموسيقى الشعبية الفولكلورية الآخذة
بالزوال
لدى قبائل "قشقاي" التي تقطن منذ الازل في جنوب إيران، لكن مسار الفيلم،
السعيد حتى
هذه المرحلة، لا يلبث ان يتحول الى سبر عميق لأغوار حياة "امين" التعسة،
وتكون
النتيجة، لوحة مؤثرة، تدفع المشاهد للتأمل في الكنوز الثقافية المفقودة،
كما يراها
رجل يسعى لاكتشاف ذاته، من خلال اكتشاف تلك الموسيقات المغرقة
في التاريخ!
وكما
هو واضح من العروض الخمسة، فإن السينما الايرانية المسموح لها بالخروج الى
العالم،
هي السينما المتميزة بهدوئها... صحيح انها افلام تصلح للمهرجان وتحقق ربما
الجوائز،
لكنها محددة المعالم، واضحة الرؤية، وذات أهداف غير قابلة للتغيير، وتتوزع
موضوعاتها بين الدراما الاجتماعية، فيما تتجنّب في المقابل،
الخوض في ما هو "مقلق"
او "مزعج"... فكل الدراما الايرانية التي تابعها المشاهد العربي، (حتى
الآن) هي من
النوع "الرزين" الذي يسلك المعابر في اتجاه واحد. وسواء كانت هذه الاعمال
دراما
دينية أم اجتماعية... أما اذا قدر لأي سينما إيرانية ان تخرج عن هذين
الإطارين،
فستكون عندئذ إما "مقيّدة" ومسموحاً لها بالعرض الداخلي، وإما "مسيئة
للنظام"
وممنوع عليها بالتالي العرض الداخلي و... الخارجي معاً.
إنها السينما الإيرانية
"الانتقائية" في الزمن الخميني كما في الزمن الخامنئي، وما يخرج منها
على هذه
الثوابت يندرج في إطار الأفلام المعارضة.
الكفاح العربي في
18/12/2010
جوائز ملتقى دبي السينمائي 2010:
حصة الأسد للمشاريع اللبنانية
دبي ـ ريما المسمار
أعلن مهرجان دبي السينمائي الدولي جوائز "ملتقى دبي السينمائي" للعام
2010. توزعت الأخيرة على سبعة مشاريع سينمائية في مرحلتي تطوير السيناريو
و"مشروع قيد الإنجاز". من بين تلك الجوائز ثلاث يمنحها المهرجان، قيمة كل
منها 25 ألف دولار، ذهبت إلى المخرجين: مازن خالد عن مشروع "فريدة" (Housekeeping)
من لبنان، سابين الشمعة عن مشروع "يوم و124 ليلة" من لبنان أيضاً وStandstill للفلسطيني مجدي العمري.
تسهم في الملتقى شركات وجهات إنتاجية، تمنح جوائزها في مجالات متخصصة.
فجائزة شركة "فيلم كلينيك" المصرية تركّز على المشاريع الروائية الأولى
وقيمتها 10 آلاف دولار، فازت بها المخرجة اليمنية خيجة السلامي عن مشروع
"أنا نجود إبنة العاشرة ومطلّقة".
وتُمنح جائزة "شركة بوابة الصحراء للإنتاج" (Desert
Door)، وقيمتها 25 ألف دولار، عمل تم الانتهاء من تصويره لكنه يحتاج إلى
مساعدة مالية ليُستكمل وهو ما توافر في مشروع المخرجة اللبنانية إيليان
الراهب "الإعتراف".
أما جائزة "مؤسسة الشاشة في بيروت" (SIB) المخصصة للمشاريع الوثائقية وقيمتها 15 ألف دولار فحازها المخرج
فيليب ديب عن مشروعه "البحث عن النفط والرمال" الذي سبق له الفوز بمنحة من
صندوق التمويل السينمائي "سند" التابع لمهرجان ابوظبي السينمائي لمراحل
التطوير. وهذه ليست المرة الأولى التي يتعاون فيها المهرجانان، دبي وابوظبي،
في دعم مشروع سينمائي. فقد سبق لفيلم "ابن بابل" للمخرج العراقي محمّد
الدراجي أن نال مساعدتين انتاجيتين من المهرجانين في العام 2009.
كذلك تقدم "آرتيه" ضمن الملتقى "جائزة آرتيه للعلاقات الدولية" بقيمة
6 آلاف يورو لمشروع يمتاز بالابتكار. جائزة 2010 ذهبت إلى مشروع المخرج
المصري ابراهيم البطوط "علي، المعزة وابراهيم".
إلى تلك الجوائز المادية، تمنح شبكة المنتجين في سوق كان السينمائي
خمسة منتجين من العالم العربي فرصة التسجيل لحضور اجتماعات الشبكة. وقد تمّ
اختيار كل من: كاتيا صالح من لبنان، ياسين لالوي من الجزائر، فيرونيك زردون،
جورج شقير من لبنان ووائل عمر من مصر للمشاركة في سوق مهرجان كان 2011.
وتجدر الإشارة إلى أن الملتقى الذي انطلق في العام 2007 بهدف خلق فرص
للسينمائيين والمنتجين العرب من خلال عرض مشاريعهم على منتجين وممولين عرب
وأجانب، استقبل هذا العام 15 مشروعاً، أشرفت لجنة من ثلاثة متخصصين (المخرج
والمنتج اللبناني محمد سويد، المنتجة التونسية درة بوشوشة والمدير التنفيذي
لتظاهرة "نصف شهر المخرجين" في كان كريستوف لوبارك) على اختيار الفائزة من
بينها.
المستقبل اللبنانية في
18/12/2010
صنّاع سينما يطالبون برفع القيود عن «حرية الإبداع»
أفلام تتحدى مقصّ الرقيب
محمد عبدالمقصود - دبي
تميز اليوم الخامس من أيام مهرجان دبي السينمائي الدولي، بتوقف بعض
فعالياته عند ملمح «حرية الإبداع»، التي تمثل همّاً أصيلاً لدى صناع
السينما في الوطن العربي، يزداد بمدى إصرار حاملي مقاص الرقباء في العديد
من البلدان على وأد تجربة سينمائية ما، لاسيما عند اقتراب الفيلم من مناقشة
جادة لإحدى القضايا المرتبطة بثالوث «السياسة والجنس والدين»، بغض النظر
أحياناً عن الرؤية التي يحملها العمل الجديد.
وروى صناع سينما تجاربهم مع الرقباء، والمشكلات التي تعرضت لها أفلام
قاموا بإنتاجها أخيراً، مطالبين خلال ندوة «حرية الإبداع» التي عقدت أخيراً
ضمن فعاليات المهرجان برفع القيود عن صناعة السينما خصوصا والإبداع عموماً.
الفيلم المصري «الخروج»، فوجئ البعض بقبوله ضمن مظلة المهرجان، على
الرغم من أنه يواجه مشكلات كثيرة في بلد إنتاجه، سواء أثناء تصويره، أو بعد
الانتهاء منه، إذ يدخل العمل نفق العلاقة بين المسلمين والمسيحيين، من خلال
علاقة بين شاب مسلم وفتاة مسيحية، وهو فيلم أعرب صانعوه عن امتنانهم لقبوله
ضمن مظلة «دبي السينمائي»، في الوقت الذي رفضت فيه فضائيات عربية الترحيب
بعرضه، ومازال يواجه تحدياً رقابياً في هيئة الرقابة على المصنفات الفنية
في مصر.
«طريق العودة»
في الوقت ذاته، مثلت المناقشة حول الفيلم الأميركي «طريق العودة»
مساحة جيدة حول حرية الإبداع، وعدم التربص لرؤية الفيلم، وتحميلها أبعاداً
أيديولوجية أو سياسية تعتمد على قراءة الواقع خارج الفيلم، إذ أكد مخرجه
بيتر وير، في لقاء إعلامي رداً على سؤال لـ«الإمارات اليوم»، «لم أقصد
الإحالة إلى سقوط التجربة السوفييتية، أو فشل الفكر الماركسي المقابل
للديمقراطية الغربية، من وجهة نظر أميركية، على وجه الخصوص، وكان شاغلي نقد
كل العقبات التي تحول دون حرية الإبداع والتفكير في مختلف المجتمعات».
وأضاف خلال اللقاء الذي حضره بطل الفيلم جيم ستارغز، وأدارته مديرة
البرنامج العالمي في المهرجان شيلا ويتاكر، أنه في سبيل ذلك عاد إلى العمل
الإخراجي بعد انقطاع دام سبع سنوات، متحملاً عناء العمل في طقسين سيئين
متناقضين، أحدهما تميز بارتفاع درجة الحرارة القاسية في الصحراء المغربية،
حملته وفريقه، حسب تعبيره، إلى مغامرات مع العقارب والثعابين، فيما عانى
صعوبات الطقس البارد الذي يجمد الأطراف في السويد التي استكمل فيها بقية
مشاهد فيلمه.
أعمال جريئة
خلال ندوة «حرية الإبداع»، أعرب متحدثوها الرئيسون عن امتنانهم
لاحتضان المهرجان أعمالاً جريئة، لا تلقى الترحيب نفسه في بلد إنتاجها،
وضمت الندوة المخرج المصري إبراهيم البطوط الذي اضطر لأن يشارك بأحد أفلامه
في مهرجانات دولية تحت مظلة الإنتاج المغربي، بسبب عدم إجازته رقابياً في
مصر، فيما فاز فيلمه الآخر «حاوي» بالجائزة الأولى في مهرجان ترابيكا
بالدوحة أخيراً، والمنتج المصري شريف مندور الذي أنتج فيلم «الخروج» المثير
للجدل، ويشارك في دبي السينمائي رغم عدم حصوله على إجازة الرقابة المصرية
حتى الآن، وهانية مروة من جمعية بيروت دي سيوكاتيا، وكاتيا صالح من «بطوط
فيلمز لبنان».
ورغم مطالبتهم بمزيد من العمل والضغوط على الرقباء الرسميين لتخفيف
قيودهم نحو حرية الإبداع، إلا أن المشاركين في الندوة اتفقواً على أن العمل
الفني يمتلك الكثير من العناصر لتمرير الفرص على الرقيب من أجل التدخل،
فيما عرضت الندوة لقطات من فيلم «شنكبوت» الذي اضطر صانعوه إلى الاستعانة
بكاميرا فيديو في تصويره بسبب المطاردة الأمنية لوقفه، وهي نوعية المطاردة
نفسها التي شكا منها منتج «الخروج»، وحالت دون تصوير الفيلم وفق ظروف
إخراجية وإنتاجية جيدة.
واستغرب البطوط الحرص الرسمي على التمسك بعقلية الرقيب، رغم سهولة
صناعة أفلام وتسويقها وتوزيعها، بعيداً عن الآليات الكلاسيكية وبشكل خاص
عبر الإنترنت، بينما أكد شريف مندور أن تحديات حرية الإبداع هي أهم العقبات
التي تحول دون ازدهار صناعة السينما في المنطقة العربية
فضاء بديل
اتفق سينمائيون على أن الرقابة الجائرة على المصنفات الفنية، هي العدو
الحقيقي للإبداع عموماً، والإبداع السينمائي خصوصاً، معربين عن قناعتهم بأن
الانفراجة الحقيقية في هذا الصدد تأتي من خلال انفتاح المهرجانات
السينمائية المهمة على أعمالهم، وثورة الاتصالات التي تجعل من الإنترنت
نافذة فعالة لوصول تجاربهم إلى الجمهور، بعيداً عن وجوبية التصريحات
الرقابية.
ولم تنفي منتجة فيلم «شنكبوت» اللبناني كاتيا صالح أهمية الرقابة على
المطلق في مراجعة بعض الجوانب، من دون أن يطال ذلك الحجر على معالجة قضايا
حقيقية في المجتمع لمصلحة جهات بعينها، فيما أعرب المنتج المصري شريف مندور
مخرج فيلم «الخروج» المثير للجدل والذي لم يحصل بعد على الموافقة الرقابية
بعرضه في بلده، عن أن «الرقابة، عدو الإبداع الأول، لن تربح معركتها لتغييب
الإبداع الواعي بقضايا مجتمعه الحقيقية، بفضل الواقع الجديد الذي يفرضه
تواصل العالم عبر الشبكة العنكبوتية».
«كابيتال ريغونز».. تعاون من أجل الفن السابع
دبي ــ الإمارات اليوم
ضمن أنشطة سوق دبي السينمائي أقيم، أول من أمس، عرض تقديمي حول «كابيتال
ريغونز فور سينما»،
وتحدث في الجلسة أربعة ممثلين عن هذه الشبكة السينمائية، هم: تيريزا
هويفيرت، وسيسيل بوتي، وكريستينا برياروني، ومانويل سوريا.
وتتميز هذه المجموعة التي تأسست في عام ،2005 بأنها تمثل أربع عواصم
أوروبية رائدة في السينما: باريس، وروما، وبرلين، ومدريد، إذ اجتمع عدد من
السينمائيين ومنتجي الأفلام، ممن ارتأوا أن يقلبوا ما هو معهود، وبدلاً من
أن يتنافسوا في مجال السينما، اقترحوا على أنفسهم أن يتعاونوا.
ويمثل هؤلاء هيئة إيل دولا فرانس، وهيئة روما لازيو للأفلام، وهيئة
مدريد للأفلام، وشركة ميدنبورد برلين - براندبورغ. و يحاول المنسقون أن أن
يتعانوا مع دول من خارج أوروبا، كما قالت برياروني، مبينة، أن الفرص متاحة
أمام الإنتاجات الأجنبية في مناطقهم.
وقدم كل من الحضور لمحة عن مؤسسته، وعن إجراءات التقدم لطلب دعم
لإنتاج سينمائي من خارج تلك المدن، كما عرضت صوراً لأهم مواقع التصوير
الأوروبية، التي استعملها واستلهم منها الكثير من مشاهير عالم الإخراج،
وعلى رأسهم فيلليني وسكورسيزي. ومن جهة أخرى، تم الدخول في التفصيلات
والمتطلبات التي تترتب على من يرغب في الإنتاج من المخرجين متعاوناً مع هذه
الجهة، التي تسعى إلى التشبيك بين سينمائيي العالم، وتتعاون أيضاً مع هيئة
الأفلام في نيويورك، إذ يبدو أن نشاطها يتوسع شيئاً فشيئاً، وطموحها يأخذ
طريقه نحو سينمائيي العالم.
«الجسر الثقافي».. السينما تشابه واختلاف
دبي ــ الإمارات اليوم
يجيء مهرجان دبي السينمائي الدولي هذا العام تحت شعار «افتح عالمك»،
مخصصاً خلال فعالية «الجسر الثقافي»، أول من أمس، للسلام، ولعرض الكثير من
الأفلام التي تتناول هذه الثيمة بمعانيها الخاصة والعامة.
وحول موقف السينما من العنف، هل هناك سينما شجعت ذلك؟ وكيف يمكن
استعمال السينما حين يتعلق الأمر بشعوب تتناحر وحريات تنتزع، وآلام تحفر
مكانها عميقاً في الحياة؟ يقول الفنان أحمد بدير «من خلال السينما تمر
رسائل السلام والحب، ويمكن تقريب الشعوب، لأنها لغة عالمية. كل الناس تتفق
على أن تحبها وتتمكن من فهمها، وممكن من خلالها تحقيق التقاء بين حضارات،
ليس من السهل تقريبها». وأضاف الفنان الذي يحل ضيفاً على دبي السينمائي «كل
الناس تحب السينما وهي تسعدها، ولذلك فهي وسيلة ناجحة».
بينما يرى السينمائي خالد المحمود أن السينما تجعلنا نرى صور بعضنا
بعضاً، تقرب صورنا عن أنفسنا لبعضنا بعضاً، ومهما كانت الثقافات بعيدة،
كثيراً ما نتفاعل بالطريقة نفسها، لطالما رأينا أفلاماً تحدث في مكان بعيد
ومختلف ونتعاطف مع الشخصيات ومشكلاتها التي قد تختلف عنا، مضيفاً «السينما
ترينا ما لا نستطيع رؤيته في ظروف اختلافنا التي نعيشها، لكن في السينما
تصبح الحالة إنسانية فقط».
وتقول منى العلي «أعتقد أن علاقة السينما بالسلام والحوار مع الآخر
متوقفة على نوعية الفيلم، فكثير من الأفلام والأعمال السينمائية الكبيرة
روجت للعنف، ولابد من التنبه إلى تأثر الناس باللغة البصرية أكثر من الكلام
في العصر الحديث، الذي باتت الصورة مسيطرة فيه، وهناك أفلام طرحت العنف،
وفكرت بطريقة إيجابية، وهناك أفلام تطرقت إلى العنف بشكل مباشر وأخرى على
نحو رمزي، وأحياناً نشاهد فيلماً كاملاً عن الحرب، ونخلص إلى نتيجة مختلفة
تميل إلى السلام، لأن من يقومون بالحروب يريدون الوصول للسلام أيضاً، ويمكن
التطرق للجوانب الإنسانية حتى في العنف والاختلاف والحروب».
السينمائي نواف الجناحي يقول إن «السينما تحكي حكايات، وتعرف بعادات
وثقافات مختلفة، وهي مادة معرفية بين شعوب بعيدة جداً، والوسائل الأخرى لا
يمكنها فعل ما تفعله السينما».
فيما يرى السينمائي عبدالله بوشهري أن السينما هي التي تنقل صورنا
وألمنا ومعارفنا وثقافتنا بشكل إنساني، وتحاول أن تظهر الأنا والآخر من دون
الانطباعات التي يأخذها كل طرف عمن يقابله، مضيفا «نحن نحاول من خلالها قول
ما لا تقوله السياسة أو الأخبار أو أي وسيلة أو مجال آخر، السينما تفصح عن
المسكوت عنه والمجهول الذي لا يعرفه كل منا عن الآخر، لذلك يمكنها أن تكون
من أفضل أدوات السلام. التواصل بين البشر موجود بغض النظر عن نتائجه،
والسينما تحاول بناء الجسور بين الناس، السينما هي محاولة التعفف على
الاختلافات التي بيننا لنرى كيف يمكن أن نصل إلى نتيجة ونتعامل مع كل ما
نواجهه من خلافات واختلافات».
الإمارات اليوم في
18/12/2010 |