تستطيع أن تعتبر وأنت مطمئن أن مصر كانت هي العنوان المميز والأكثر
بريقاً لهذه الدورة من عمر مهرجان »الدوحة«
في دورته الثانية التي انتهت السبت الماضي..
كنت حاضراً
في الدورة الأولي التي عقدت في العام الماضي وأيضاً كانت مصر لها حضورها من
خلال نجومها وأفلامها..
كانت الدورة الأولي من مهرجان
»الدوحة ترايبكا«
أشبه ببروفة لإقامة مهرجان عربي وله مساحته العالمية وهو ما تم
بالفعل في الدور الثانية حيث ارتفع عدد الأفلام إلي
١٥ فيلماً في الأيام الخمسة التي استغرقها المهرجان، وبالطبع كان الطموح أكبر ولكن من الواضح أن إدارة
المهرجان تتبع سياسة الخطوة خطوة وهكذا في هذه الدورة بدأت تتضح ملامح
المسابقات وعدد من ورش العمل والحلقات الدراسية وكان أهمها تلك التي تناولت
الكوميديا واختلافها من بلد إلي آخر وكان من أهم الذين رصدوا شهادتهم في
هذا الشأن المخرج المصري الأصل الأمريكي الجنسية »أحمد أحمد«
والذي عرض له في المهرجان فيلمه »زينا بالظبط«
وهو فيلم تسجيلي يرصد من خلاله مشوار فرقته الكوميدية التي جابت العديد من
دول العالم ومن بينها بعض الدول العربية مثل لبنان والسعودية ومصر..
وبالطبع كانت الرحلة إلي مصر هي الأكبر مساحة علي الشريط السينمائي لأنه من
خلالها بدأ في التعرف علي جذوره المصرية، والتقي بأهل الحي والجيران وأقاربه ليرسم صورة
مصرية من خلال رؤية لرجل مصري الملامح والانتماء خفيف الظل كل ما فيه ينطق
بمصريته ماعدا لغته لأنه ينطق فقط باللغة الإنجليزية ومفرداته العربية
قليلة جداً
لا تتجاوز سلامو عليكو..
عليكو السلام وذلك لأنه لم يعش أبداً
في مصر.. أيضاً كان الهدف من خلال هذه الفرقة أن يري العالم الوجه الحقيقي
للعرب والمسلمين فهم بالتأكيد ليسوا هم الإرهابيين كما تصورهم بعض أجهزة
الإعلام حيث إن المخرج رصد تلك المفارقة وهي أن الأمريكيين وبنسبة كبيرة لا
يعرفون الفارق بين العربي والمسلم يعتقدون أن كل المسلمين هم عرب بالضرورة
والعكس أيضاً
صحيح.. أتصور أيضاً أن المخرج لو انتقل إلي أوروبا سوف يكتشف نفس المفارقة
أن أغلبهم لا يعرف الفارق بين مسلم وعربي، ورغم أن هذه قضية أساسية تناولها الفيلم إلا أن هدف المخرج الأكثر
وضوحاً كان هو تأكيد جذوره المصرية..
الحضور المصري كنا ندركه بالطبع منذ إصدار كتالوج المهرجان ويتصدره عادل
إمام، وأيضاً هذا التكريم الخاص الذي حصل عليه عادل إمام من خلال تعبير
»إنجاز العمر« الذي قالت إدارة المهرجان إنها تمنحه إلي عادل إمام صاحب
مشوار ٠٥ عاماً ورصيد متميز من العطاء الفني..
كرّمته علي المسرح ثلاث من الفنانات اللاتي عملن
معه يسرا (٩١
فيلماً)، ولبلبة (٩
أفلام)، ورجاء الجداوي التي زاملته (٩١
عاماً)
علي خشبة المسرح.. كنت أنتظر أن يتسلم جائزة إنجاز العمر مثلاً من »روبرت
دي نيرو« الذي حضر المهرجان باعتباره النسخة العربية من »تريبكا«
الأمريكي الذي يرأسه »دي نيرو«
ولكن لا أدري لماذا لم تدرك إدارة المهرجان
أن الأوفق هو حصوله علي تلك الجائزة من نجم عالمي له أيضاً
علاقته الوطيدة ب»ترايبكا«
بينما اكتفت إدارة المهرجان بأن قدمت له
»يسرا« الجائزة؟!
مصر كان لها حضورها المميز أيضاً
منذ افتتاح المهرجان من خلال رئاسة لجنة التحكيم التي أسندت إلي »يسرا«
وكان من بين أعضائها الفنانة العالمية »سلمي حايك«
المكسيكية الجنسية اللبنانية الأصل..
وجاء التكريم الأكبر للسينما المصرية في
نهاية أحداث المهرجان بتلك الجائزة التي حصلنا عليها وهي أفضل فيلم عربي
التي حصدها »إبراهيم بطوط«
بفيلمه
»الحاوي« والجائزة مقدارها
٠٠١
ألف دولار..
الفيلم بالطبع يحتاج إلي مقال تفصيلي
يستحقه بلاشك بكل ما حمله من صدق فني مهما كان لي من ملاحظات..
الفيلم يقع في إطار ما تعارفنا أن نطلق عليه تعريف السينما المستقلة حيث لا
نجوم في العادة تسند لهم البطولة بالإضافة إلي أن الفيلم يتم تصويره
بكاميرا ديجيتال بميزانيات ضئيلة جداً.
أشار »بطوط«
مثلاً إلي أن الفيلم لم تتجاوز تكاليف تصويره قبل التحويل إلي نسخة ٥٣مم
والمونتاج النهائي
٠٤
ألف جنيه مصري فقط إلا أن أهم ما في هذه النوعية من الأفلام
ليس كل ما ذكرت آنفاً
ليست الميزانية الضئيلة ولا عدم الاستعانة بالنجوم
ولكن الأهم من كل ذلك أنها تعبر عن إرادة مخرجيها ولا تخضع أبداً
لإرادة النجوم وهو ربما تستطيع أن تفسر من خلاله لماذا أصبحنا نادراً ما
نحصل علي جوائز في المهرجانات العربية وترفض أفلامنا في أغلب المهرجانات
الكبري لأن الشاشة السينمائية في العادة تؤكد أن إرادة المخرج غائبة..
بينما علي الجانب الآخر نجد أن الفيلم المصري مثل »الحاوي«
يحصل علي جائزة »الدوحة«
لأفضل فيلم عربي من بين عشرة أفلام كانت
تتنافس معه، وبعد
٤٢
ساعة فقط من إعلانه هذه الجائزة يحصل
»الميكروفون« علي جائزة »قرطاج« التانيت الذهبي وهي المرة الثانية لنا طوال
تاريخ »قرطاج« التي نحصل فيها علي جائزته الكبري الأولي كانت عام ٢٧ بفيلم
»الاختيار« ليوسف شاهين وسبق لكل من »عبدالله«
و»بطوط«
أن حصدا أكثر من جائزة عن أول أفلامهما »عين شمس«
بطوط، و»هليوبوليس« عبدالله.. ويبدو أن هذا هو الأمل المرتقب للسينما
المصرية لكي تحصل علي جوائز وهي ضرورة أن تعبر الأفلام عن أفكار مخرجيها
وليس عن شطحات نجومها..
ويبقي أن للسينما المصرية عرسان وليس عرساً واحداً،
الثاني كان »قرطاج« أيضاً الذي لم أستطع أن ألبي دعوته لتواجدي في نفس
الوقت في »الدوحة« التي شهدت العرس الأكبر للسينما المصرية ونجوم السينما المصرية!!
أخبار النجوم المصرية في
04/11/2010
الحاوي يفرض وجوده في مهرجان ترايبيكا
كتبت انجي ماجد
نجح المخرج ابراهيم البطوط
بفيلمه »الحاوي« اقتناص جائزة أفضل فيلم عربي بمهرجان ترايبيكا الدوحة ضمن مسابقة الافلام العربية.
ويقدم »الحاوي«
صورة حديثة لمدينة الاسكندرية يتناول خلالها نماذج لخسارة الانسان ونزوحه
عن أحبائه، ويعد ذلك الفيلم هو ثالث أعمال البطوط بعد فيلميه »ايثاكي«
الذي قدمه عام
٤٠٠٢
بميزانية ضئيلة لم تتجاوز الاربعين الف جنيه ونجح من خلاله في
لفت الانظار الي موهبته الاخراجية المتميزة ثم فيلمه
»عين شمس« الذي أثار ضجة كبيرة بعد عرضه وحصد عددا من الجوائز الدولية منها
جائزة أفضل فيلم بمهرجان تاورمينا الايطالي وجائزة أفضل فيلم أول بمهرجان
روتردام للأفلام العربية.
وذهبت جائزة أفضل مخرج عربي إلي المخرج السويدي اللبناني الأصل جوزيف
فارس الذي تعد أفلامه من الاختيارات المفضلة في المهرجانات السينمائية
الدولية خلال السنوات العشر الماضية، وفاز بالجائزة عن فيلمه
»فرسان« الذي يتناول فيه قصة والده الحقيقي كأرمل وحيد يسعي للعودة الي
حياته الطبيعية والاحساس بمشاعر العاطفة والحب من جديد.
بينما فاز فيلم
»طالب الصف الأول«
للمخرج الانجليزي جاستين شادويك بجائزة أفضل فيلم روائي ويروي
الفيلم قصة مزارع مسن في كينيا يتمني الالتحاق بالمدرسة من أجل تعلم
القراءة.
اما جائزة أفضل فيلم وثائقي فكانت من نصيب الفيلم اللبناني »تيتة ألف مرة«
للمخرج محمود كبور، بينما كانت جائزة أفضل فيلم عربي قصير من نصيب المخرج السوري سروار
زركلي عن فيلمه »مفقود«.
جديربالذكر أنه تم اطلاق المهرجان قبل عام
بالتعاون مع معهد ترايبيكا السينمائي بنيويورك بهدف عرض وتقديم الاعمال
السينمائية ذات النكهة السياسية الي جانب إلقاء الضوء ولفت الانظار الي
السينما العربية.
أخبار النجوم المصرية في
04/11/2010
حضرت السينما فأين الجمهور؟
الدوحة – «الحياة»
في دورته الثانية، قدم «مهرجان ترايبكا الدوحة» (26 - 30 أكتوبر)
مجموعة من
الأفلام المتنوعة جاء بها من أماكن متفرقة. جزء منها سبق أن عُرض في مهرجان
كانّ
والبندقية، مثل «نسخة طبق الأصل» لعباس كياروستامي و «ميرال»
لجوليان شنايبل، الذي
تعب فريق عمله من كثرة اللفّ والدوران على التظاهرات السينمائية في
المنطقة، حيناً
يحصدون الاهتمام وحيناً اللامبالاة.
إذاً، جمعت الإدارة التي تترأسها الأسترالية أماندا بالمر، مجموعة من
الأفلام،
ولا شيء يربط هذا الفيلم بذاك، إلّا واقع انها تتشارك الزمان والمكان
الواحد. وكان
الافتتاح مع شريط رشيد بوشارب «خارجون عن القانون» الذي مرّ مرور الكرام
على رغم
حضور مخرجه، خلافاً للضجة التي أثارها في كان، حيث عُرض في
ايار الماضي. في الدوحة،
الأفلام المعروضة، على أهميتها، لا تشكل مصدر الاهتمام الوحيد عند الجمهور
المتشكل
من الجاليات الأجنبية والضيوف. فهناك البساط الأحمر الذي يمشي عليه بعض
المشاهير
الذين جاء بهم المهرجان لإظهار «تفوقه» على مهرجانات أخرى:
سلمى حايك (التي شاركت
في لجنة التحكيم)، كافين سبايسي، وطبعاً روبرت دو نيرو، الممثل العملاق
الذي أسس
النسخة الأميركية الأصلية لهذا المهرجان، قبل أن يشتريه منه القطريون. هذه
الدورة
كانت أيضاً دورة عادل امام الذي حظي بتكريم، ويسرا التي ترأست لجنة التحيكم،
هذا
كله في ظلّ حضور عدد لا بأس به من الصحافيين المصريين، ما
جعلنا نعتقد، لبرهة، أننا
في القاهرة!
لا نستطيع القول ان المهرجان لم يقترح أفلاماً جيدة ومهمة على حفنة من
المشاهدين، في مدينة وضعت في خدمة مهرجانها الوليد كل الإمكانات المتوافرة،
والكثير
من المال والفخفخة. لكن، ظلّ البهتان سيد الموقف، فالصالات كانت شبه فارغة
في
الكثير من العروض، والأمكنة متباعدة، وهذا ما جعل التواصل بين
سائر المشاركين من
مهنيين وصحافيين ومخرجين شبه معدوم. ولم تستطع صور بريجيت لاكومب التي
التقطتها
لسينمائيين عرب والموزعة على كل الجدران المحيطة بقصر المهرجان، أن تصنع
احساساً
اصيلاً بمهرجان يخرج من جبّ الأرض، أرض الدوحة، عاصمة الثقافة
العربية لعام 2010.
في حمأة هذه الفوضى المنظمة وانعدام الروح المهرجانية الحقيقية، لم
يكن هناك
أمام الوافد من بعيد، إلا حلّ البقاء في الصالات المظلمة الواقعة داخل مول
«سيتي
سنتر»، والانتقال من فيلم الى آخر. والحق، أننا شاهدنا بعض الأعمال التي ما
كان من
الممكن مشاهدتها لولا هذا المهرجان، وهي تُعتبر من اكتشافاته، منها «مرجلة»
(نال
جائزة أفضل مخرج عربي وقيمتها مئة ألف دولار) لجوزف فارس، هذا
اللبناني المقيم في
السويد، والذي ارتكزت أعماله على الصدام الثقافي بين الغرب والشرق. هذه
المرة يشيّد
فارس نصه على والده (جان فارس)، جاعلاً منه هذا الممثل البارع الذي يضطلع
بدور
الرجل الفحل الذي يعتمد على ذكوريته الشرقية لإغواء النساء
وإسداء النصائح الى
الأصدقاء في كيفية التعامل مع زوجاتهم. فيلم رقيق يؤكد الشطارة التقنية
والسردية
التي وصل اليها فارس، سينمائي مدعوم من الدولة التي يقيم فيها، ينطق بلغتها
ويحمل
جنسيتها ويصور في ربوعها... لكن هذا كله لم يمنعه من الحصول
على جائزة أفضل مخرج
عربي.
طبعاً، هذا الدعم الحكومي ليس ما حظي به المخرج المصري إبراهيم البطوط
وفيلمه «حاوي»،
الذي يغوص في العالم السفلي لمدينة الإسكندرية من خلال شخصيات متروكة
لمصيرها. الفيلم سوداوي النبرة، لكن البطوط، الذي سبق أن عُرف
كسينمائي مستقل بعد
إنجازه «عين شمس»، يترك باباً مشرعاً على الأمل، مانحاً نصه أشكالاً
سينمائية
غريبة، في مكان ما بين الوثائقي والروائي. وكانت لحظة سعادة كبيرة للبطوط
عندما
اعتلى المسرح لاستلام جائزة أفضل فيلم عربي نالها مرفقة بمبلغ
مئة ألف دولار. وكانت
الفرحة أيضاً من نصيب المخرج اللبناني الشاب محمود قعبور الذي ذهبت اليه
جائزة
الجمهور وقيمتها، مرة أخرى: مئة ألف دولار! «تيتا ألف مرة» هو عنوان فيلم
قعبور
الذي يستعيد ذاكرة عائلة من خلال شخصية الجدة الطريفة. يحمل
الفيلم في طياته الكثير
من المفاجأت، يبدأ بطريقة عادية جداً ثم يسلك درب التميز تدريجاً. أما آخر
العنقود
في مجموعة الأعمال التي قد يمكن القول انها «اكتُشفت» في الدوحة، فهو
«الجامع»
للمخرج المغربي داوود أولاد السيد. فكرة في منتهى الغرابة يقوم عليها هذا
الفيلم:
سكان قرية مغربية يرفضون إزالة الجامع الذي
شيد كديكور لأجل تصوير فيلم مؤمنين بأنه
لا يجوز المساس بدور العبادة حتى لو كانت من الكرتون! هذه
الحادثة اكتشفها أولاد
السيد عندما ذهب لزيارة موقع تصوير فيلمه السابق «في انتظار بازوليني»،
فقرر أن
ينقلها الى الشاشة، ليظهر بطريقة الاستعارة الظريفة المستوى الذي وصل اليه
«الإيمان»
في العالم العربي.
الحياة اللندنية في
05/11/2010 |