يعاد الزمن، تؤخذ قطعة منه وترمى في فيلم في محاكاة لما سادها وهيمن
عليها، ويمكن لهذه الاستعادة أن تكون متمركزة حول حدث بعينه ومكتفية به تجد
بالقدرة على محاكاته رهاناً سينمائياً وتوثيقياً، ولتكون المعالجة الدرامية
مبنية على أساس التعزيز من هذا التوثيق والمضي معه نحو بناء حكاية مولودة
من رحم ما توثق له، وقد تأتي أحداث الفيلم في سياق درامي تكون المرحلة التي
يتناولها مؤثرة تماماً بالأحداث التي نشاهدها.
مقدمة لابد منها مع مقاربة ثلاثة أفلام عرضت ضمن الدورة الرابعة
لمهرجان أبوظبي السينمائي، لها أن تكون على اتصال بالمرحلة التي تجري بها
أحداثها، لنا أن نجدها في فيلم السوري جود سعيد «مرة أخرى» ضمن عروض مسابقة
«آفاق جديدة» وفيلم الصيني وانغ بينغ «الحفرة» المشارك في مسابقة الأفلام
الروائية الطويلة مثلما هو الحال مع فيلم «تشيكو وريتا» لثلاثة مخرجين
إسبان على رأسهم فرناندو تروبيا.
إملاءات تاريخية
نبدأ مع فيلم «مرة أخرى» لجود سعيد في أولى تجاربه الروائية الطويلة،
التي تشكل ولادة مخرج سوري مميز، ولا نملك على ذلك إلا خير دليل وهو هذا
الفيلم تحديداً، وليضيء لنا معبراً إلى جيل جديد من المخرجين السوريين، لا
بل إن سعيد سيتناول للمرة الأولى شأناً سورياً لم يسلط عليه الضوء أبداً،
ألا وهو العلاقة السورية اللبنانية، من خلال وجود القوات السورية في لبنان
لأكثر من 30 سنة أثناء الحرب الأهلية وما بعدها، وعبر أخذه إعادة الزمن كما
سبق أن أسلفنا ومن ثم مواكبته وصولاً إلى عام ،2006 بحيث تتحرك حكاية
الفيلم ضمن هذا الإطار التاريخي وفي تقطيع زمني مبني بحنكة لجمع كل العناصر
والإحاطة بها في تناغم بين حكاية الفيلم وما يراد قوله، ووفق املاءات
العالم الذي يراد تقديمه.
فيلم سعيد مستوف تماماً كل عناصر الفيلم المحكم، يتحرك عسكرياً
ومدنياً إن صح التوصيف، ومن العسكري يخرج المدني، ومن العسكري أيضاً تنسج
العلاقات الاجتماعية بين الشخصيات، التي تتكون شاءت أم أبت وفق املاءات
تاريخية، وبالتالي فإن كل الشخصيات وأزماتها وعوالمها هي ابنة هذا المسار.
وفي جانب آخر توثيقي أيضاً.
كل ذلك سيحتكم إلى فضيلة مثلى هي تتبع الانساني في التاريخي والعسكري
والحربي وهنا يحضر الروائي بوصفه رواية موازية للتاريخي، فمجد شخصية الفيلم
الرئيسة لن يكون إلا ابن الحروب اللبنانية رغم أنه سوري، فهو من سيشهد موت
والدته في رصاصة قناص، بينما والده قائد فرقة عسكرية سورية موجودة في
لبنان، وبالتالي فإنه سينشأ في الثكنات العسكرية، وسيتولى تربيته أبوسعيد
(قدم الدور بأداء مميز المخرج السوري المعروف عبداللطيف عبدالحميد)، ومدرسة
مجد ستكون مدرسة الراهبات في إهدن، وعندما يفقد ذاكرته وهو طفل فإن ذلك
سيكون جراء لعبه بالأسلحة الحقيقة التي يجدها أينما التفت، ورصاصة تصيب
رأسه.
وحين يمسي شاباً (قيس الشيخ نجيب) فإنه سيفقد والده (جوني كوموفيتش)
أيضاً الذي ما عاد يطيق الحياة الهادئة الخالية من الحروب، والذي بدوره
يقدم شخصية الضابط الذي ولد لأن يكون محارباً مع احتكامه على كل الصفات
النبيلة من شجاعة ووفاء ورجولة في هذا الخصوص، التي سيقابلها لدى ضابط آخر
ما له أن يكون الضابط المـتأقلم المتلون حسب المرحلة والمستفيد دائماً من
الحرب والسلم وما بينهما أي الشخصية التي جسدها عبدالحكيم قطيفان، التي
ستبقى موجودة وقد تحول ذاك الضابط إلى رجل أعمال ثري.
يتحرك الفيلم في زمنين، أثناء الحرب والاجتياح الاسرائيلي للبنان،
وزمن آخر هو ما بعد خروج القوات السورية من لبنان، حيث مجد يعمل في الشركة
التي يملكها ذاك الضابط الذي كان زميلاً لوالده، ولتنسج علاقة حب تنشأ بين
مجد (قيس الشيخ نجيب) وجويس (بيريت قطريب) التي تأتي من لبنان للعمل في
الشركة نفسها، وليكون تموز 2006 موعداً آخر لما له أن يكون «مرة أخرى»،
فعلى مجد أن يساعد جويس للوصول إلى ابنتها وأمها المحاصرتين في لبنان،
وليبقى بعد نجاحه في ذلك على الجسر بين لبنان وسورية كما لو أنه مصيره أن
يبقى عالقاً بينهما مرة أخرى وربما مراراً.
وثيقة سينمائية
سنعود إلى فيلم جود سعيد مجدداً في صفحات السينما بعد المهرجان لأنه
يستحق الكثير، وننتقل الآن إلى فيلم الصيني وانغ بينغ «الحفرة» الذي لن
يمهلنا ولن يؤسس حكايته إلا في خضم ما يراد تسليط الضوء عليه، كما لو أن
بينغ وفي تجربته الروائية الأولى هو الذي عرف بأفلام وثائقية كثيرة، لم
يفارق إلا جزئياً الوثائقي، وهو يقدم في هذا الفيلم وثيقة سينمائية يراد
لها أن تكون معادلاً روائياً لمخيم «مينغشوي» لإعادة التثقيف، الذي أقيم
إبان ما عرف بالقفزة العظمى للأمام في أواخر خمسينات القرن الماضي،
وبالتأكيد عبر المراحل التي رسمها الزعيم الصيني ماو تسي تونغ لثورته
الثقافية وغير الثقافية ولنضيف هذا الفيلم إلى سلسلة من الأفلام الصينية
التي تشكل نبشاً في هذا التاريخ، وتوثيقاً لتلك المرحلة التي لا تخلو من
نقدية جذرية، نقدية لا حاجة لها لشيء إلا نقل ما حدث وفي هذا ما يكفي مثلما
هو الحال مع فيلم «الحفرة» الذي عرض أول من أمس، وصوّر حياة من عاشوا في
ذاك المخيم، أو ماتوا في ذاك المخيم التوصيف الأدق، ما دمنا وطوال الفيلم
نشاهد كيف يموت المعتقلون واحدا بعد الآخر، جراء ظروف أعمالهم الشاقة
وحرمانهم من الطعام، وهم في صحراء معلقة بين السماء والأرض، ويعيشون في حفر
لا شيء فيها إلا انتظار الموت.
في الفيلم مشاهد مفرطة القسوة يراد لها أن تصور ما كانت عليه حياة
هؤلاء الذي اعتبروا يمينيين فاقتيدوا إلى هذا المخيم، ومنهم من انتقد
ملمحاً من الثورة أو أبدى رأياً مثلما هو حال البروفيسور الذي قال في أحد
الاجتماعات إن «ديكتاتورية البروليتاريا ليست صحيحة يجب أن تكون هناك
ديكتاتورية الشعب، كل الشعب بمختلف فئاته» فكان مصيره أن يكون في هذا
المعتقل ليموت فيه، ونحن نشاهد في مشهد مفرط القسوة من يأكل جرذا ومن ثم
نكون شهوداً على آلام معدته، وعندما يتقيأ فإن معتقلاً آخر يقوم بأكل قيئه،
وصولاً إلى قيام أحدهم بأكل لحم الجثث، وغيرها من قسوة، لها أن تأخذ منحى
درامياً مع وصول زوجة أحد المعتقلين وبحثها عن زوجها الذي يكون قد مر على
وفاته أكثر من ثمانية أيام، ونبشها القبور الخالية من الشواهد في بحثها عن
جثته لتحرقها لئلا تبقى في هذا المكان البائس.
جاز
نكتفي بما تقدم من فيلم «الحفرة» ونمضي مع فيلم «تشيكو وريتا»
والمشارك أيضاً في مسابقة الروائي الطويل، الذي سيمسي ترفيهياً أمام ما
تقدم مع أنه ليس كذلك أبداً، لا بل إنه احتفالية سينمائية بموسيقى الجاز
والموسيقى الكوبية، احتفالية تتخذ من «الأنيميشن» خير ما يقدم مساحة جمالية
بهذا الخصوص، ولتكون الموسيقى زائد «الأنيميشن» مع قصة الحب التي تنسج بين
تشيكو وريتا معبراً لأن تكون صالة العرض ممتلئة عن آخرها، والفيلم يتحرك
بين أجمل مقطوعات الجاز، وعلاقة الحب المعقدة بين تشيكو عازف البيانو
والمؤلف الموسيقي وريتا المعنية الخلاسية الجميلة، ومن مصائرهما بين هافانا
ونيويورك، هافانا ما قبل الثورة وما بعدها لئلا نكون بعيدين عن كل ما تقدم.
الإمارات اليوم في
21/10/2010
اعتبر رقابة المجتمع على السينما أقوى من الدولة والمؤسّسات
داوود عبدالسيد: ممنوع أن نصنع فناً حقيقياً
إيناس محيسن - أبوظبي
طالب المخرج المصري داوود عبدالسيد بضرورة تغيير طبيعة الرقابة على
الأعمال الفنية في مصر، بأن تصنف الافلام وفقاً للمرحلة العمرية التي يتوجه
إليها العمل، موضحاً أن الرقابة تمارس عملها على الفكر وليس على العمل
الفني بعناصره المختلفة، مؤكداً أنه ليس هناك بلد لديه صناعة سينما، ويطبق
فيه مثل هذا النوع من الرقابة المؤسسية التي تلتزم بمجموعة من القوانين
الصارمة.
واعتبر عبدالسيد أن الرقابة المجتمعية التي يمارسها افراد المجتمع
أقوى وأكثر تأثيرا من الرقابة المؤسسية، وهي غالبا تقف أمام تقديم صناع
الأفلام لأعمال فنية خوفا من نظرة المحيطين بهم إليهم، داعياً إلى العمل
على تحديث المجتمع وإشاعة روح التحرر، وهي مهمة ليست بسيطة ولا تتم في فترة
قصيرة، بل تحتاج إلى سنوات طويلة، موضحاً أن السينما المصرية شهدت في
السنوات الاخيرة تطورا كبيرا في المعدات والتجهيزات الفنية والتقنيات، ولكن
في مقابل ذلك شهدت تراجعا في مساحة الحرية المتاحة لها. وأضاف «لا أريد
إصدار احكام قاسية، ولكن بات من الممنوع ان تصنع عملا فنيا بالمعني الدقيق
لكلمة فن».
ونفى عبدالسيد أن يكون قد واجه في فيلمه الأخير «رسائل البحر» الذي
يشارك في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة ضمن مهرجان ابوظبي السينمائي
الدولي، تدخلاً من الحكومة المصرية، في مقابل الدعم المادي الذي قدمته له
لإنتاج الفيلم، معتبراً ان مصر مازالت من الدول التي لا تتدخل في إنتاج
الأفلام بشكل مباشر، خصوصاً أنها لا تقوم بإنتاج الأفلام، ولكن تقدم فقط
دعما ماديا يمثل جزءا من الإنتاج. أضاف «مدى تدخل الدولة قضية تختلف من
دولة لأخرى وفقا لطبيعة كل دولة، فعلى سبيل المثال تدعم إسرائيل أعمالا
فلسطينية تنتقدها بشدة».
تراجع الحرية
وعن المشاهد الحميمية بين بطلي الفيلم، أوضح عبدالسيد خلال المؤتمر
الصحافي الذي عقد عصر أمس، في قصر الإمارات في أبوظبي أنه اذا كان هناك
مناخ مختلف، من المؤكد أنه كان سيقدم هذه المشاهد بشكل مختلف. «ولكن ما لا
يدرك كله لا يترك كله». وأوضح صاحب «الكيت كات» و«سارق الفرح» أن ما يسعى
إلى تحقيقه في أفلامه هو أن تكون هناك دائماً تجربة شعورية في الفيلم، وأن
يشعر المشاهد بالمتعة عند مشاهدة فليمه، وكلما شاهده أكثر ازداد شعوره
بالمتعة. وقال «ليس هناك صانع فيلم يريد تقديم فيلم لا جمهور له، كما ان
فكرة التنازلات لكسب الجمهور بالنسبة لي مرفوضة، ولكن بدلاً من ذلك علينا
بذل المزيد من الجهد لجذب الجمهور، ولا أعني بذلك إضافة مشاهد راقصة او
أغنيات معينة لتحقيق ذلك، ولكن أعني تقديم العمل في مستوى فني متميز».
إنتاج تجاري
وعن تراجع مستوى السينما المصرية، اشار عبدالسيد إلى انه من الصعب
ارجاع الظواهر إلى سبب واحد فقط، فهناك دائما أسباب عدة، مثل المستوى
الثقافي والتعليمي للمجتمع، ومدى حيوية السينما المصرية، فعندما يتم انتاج
60 فيلما في العام، يصبح من المنطقي أن تكون نسبة الاعمال المتميزة أعلى
منها في حالة انتاج 20 فيلما. لافتاً إلى أنه لا يمكن التخلص من الطابع
التجاري للسينما المصرية، طالما ان هناك صناعة سينما وليس فقط انتاج افلام،
«المنتج من الطبيعي ان يبحث عن أكبر هامش للربح، وخلال هذا البحث قد يهمل
شريحة معينة من الجمهور، باعتبارها الاقل عددا، في مقابل الوصول للشريحة
الاكبر، ولكن هذا لا يعني ان الجمهور المصري لم يتقبل سوى الأعمال
المتواضعة المستوى، ولكن هذا ما يقدم إليه».
وانتقد عبدالسيد تآكل الكثير من تقاليد صناعة الافلام في مصر نتيجة
لعوامل عدة مثل تدخل المنتج في الأعمال الفنية والتقنية كالمونتاج، وكذلك
تدخل النجوم في أفلامهم، حتى يمكن اعتبار ان هذه الأفلام «تصنع على حجر
النجم ووفقاً لمطالبه الخاصة».
وأشار عبدالسيد إلى أن قدرة مخرج الفيلم على اختيار الفنان المناسب
للدور تمثل 50٪ من عوامل نجاحه، بينما تظل النسبة الباقية مرهونة بقدرة
المخرج على توظيف الفنان، كما حدث مع المخرجة نبيهة لطفي التي شاركت
بالتمثيل في «رسائل البحر» ليحصل منها على الدور المطلوب. وقال ان «أداء
بطل الفيلم آسر ياسين كان مفاجأة له، أما بسمة فقد كان يشعر في أدوارها
السابقة بأن هناك شيئاً ما ناقصاً لم تستطع الأدوار أن تظهره لديها، ولذلك
حرص على اظهار هذا الشيء الناقص، والتركيز على ما تتمتع به من أنوثة لم
يلتفت إليها في أعمالها الأخرى». وأشارت بسمة إلى أنها لم تشعر بالقلق من
المشاهد الساخنة التي أدتها في الفيلم، لأنها تدرك ان هناك فرقا بين
الانسان وبين الأدوار التي يقدمها، معربة عن أملها ان يتمتع الجمهور بهذا
الإدراك. وقال آسر ياسين إنه اضطر لتلقي دروسا مكثفة في الأصوات ومخارج
الألفاظ ليتمكن من أداء «التأتأة» التي كان يؤديها في دوره، لافتا إلى حرصه
على التنويع في الادوار التي يقدمها. في حين اعتبر الفنان محمد لطفي أن
الفيلم يمثل فرصة العمر بالنسبة له، مشيرا إلى أنه سيقبل الأدوار المختلفة
التي تعرض عليه، لأنه إذا انتظر دورا في عمل بالمستوى الفني نفسه فلن يعمل
لسنوات. وقال «شاركت في فيلم عرض أخيرا بعنوان (أولاد البلد)، وهو فيلم
خفيف تجاري، ورغم ذلك حقق عائداً يقدر بمليون و450 الف جنيه في يوم واحد من
أيام عرضه خلال عيد الفطر الماضي».
الإمارات اليوم في
21/10/2010
دعم وتطوير المجتمع السينمائي
المحلي وقراءة صناعة السينما الخليجية جوهر
المهرجان
أربعة أفلام عالمية بمهرجان أبوظبي السينمائي
أبوظبي - عبدالرزاق الربيعي
عبَّر المخرج
داوود عبدالسيد عن سعادته بمشاركة فيلمه "رسائل البحر" في مهرجان أبوظبي
السينمائي
الذي أخرجه بعد توقف دام سبع سنوات وعد المهرجان علامة من العلامات
السينمائية
العربية في وقت يحتاج المشتغلون في صناعة السينما مثل هذه اللقاءات لمراجعة
المنجز
السينمائي.
وأكد بطل الفيلم "آسر ياسين" إن عرض الفيلم الذي يقوم ببطولته
للمرة الأولى في المهرجان مناسبة سارة بخاصة أنه عُرِضَ بحضور والده
ووالدته وحشد
من السينمائيين العرب والأجانب ويلعب آسر في الفيلم دور (يحيى)، الذي يعاني
من
التلعثم في الكلام، الذي يجعل التفاهم مع الآخرين صعبا، ما
يدفعه بعد وفاة والده
إلى ترك مهنة الطب والعودة إلى مدينة الإسكندرية ليعمل صيادا ويبحث عن حبه
القديم
جارته الإيطالية كارلا لكنه يصاب بالإحباط حين يعلم أن لها ميولا شاذة
ويتعرف على
(نوره)
الغامضة التي كان يظن انها تمتهن البغاء لكن يتضح في نهاية الفيلم انها لم
تكن كذلك إضافة إلى أحداث أخرى في الفيلم الذي يعاد عرضه عصر غد الجمعة.
وتواصلت أمس عروض مهرجان أبوظبي السينمائي حيث قدمت أربعة أفلام كعرض
عالمي
أول في قصر الإمارات، العرض العالمي الأول للفيلم الهندي "بان سينج تومار"
ضمن
برنامج السينما العالمية للمخرج تيجمانشو دوليا وبحضور النجم الهندي الكبير
عرفان
خان والنجمة ماهي جيل. يتناول الفيلم قصة شاب اشتهر كنجم في
مضمار الألعاب الهندية
القومية والألعاب الآسيوية، لكن مجده الرياضي يخبو سريعاً ويتحول إلى ذكرى
عندما
يعود أدراجه إلى مزرعته في القرية ويتورط في عداوة عائلية عنيفة.
وفي فئة
الأفلام الروائية الطويلة قدم العرض العالمي الأول لفيلم "شّتي يا دني"
لبهيج حجيج،
بحضور النجوم اللبنانيين حسان مراد وجوليا قصار وكارمن لبس ناقش الفيلم
قضية
المخطوفين والمفقودين خلال الحرب الأهلية اللبنانية من خلال قصة عودة شخص
اختفى قبل
عشرين عاماً من دون أن تعرف عائلته عنه شيئاً، ليعود إلى الحياة من جديد
وهو بعمر
الخمسين وجحيم تجربته الماضية يسكنه، ليبقى تائها غير قادر على
التأقلم مع الواقع
من جديد.
كما تضمنت العروض العالمية الأولى ومن ضمن مسابقة الأفلام
الوثائقية العرض العالمي الأول لفيلم "قصة رجل" لفارون بونيكوس وتدور
أحداثه حول
مصمم الأزياء أوزفالد بوتينج ذي الأصول الأفريقية الذي عاش في ضواحي لندن
الشمالية
قبل أن يحقق الثراء وينتقل إلى شارع "سافيل رو" المرموق، ليصور
الفيلم عوالم
أوزفالد السوريالية النابضة بالثراء والأضواء والشهرة.
وجرى عرض الفيلم
المصري "جلد حي" لفوزي صالح الذي يرسم صورة حية لعمالة الأطفال في مصر،
عارضاً
مقاطع من حياة هؤلاء في المسالخ الموجودة في عشوائيات ضواحي القاهرة
الفقيرة بحضور
منتجه النجم الكبير محمود حميدة. بالإضافة إلى عروض الأفلام
الأخرى التي يعرض
معظمها للمرة الأولى في الشرق الأوسط ونذكر منها في الروائي الطويل الفيلم
الفرنسي
الألماني "كارلوس" للمخرج أوليفييه أساياس، الذي يتناول سيرة المثير للجدل
إليتش
راميريز سانشيز الشهير بكارلوس. يشكل الفيلم شهادة حية، تجذب المشاهد إلى
عوالم هذا
الفنزويلي الثائر، ابن العائلة الثرية الذي يجيد سبع لغات منها
العربية عاشق السلاح
والنساء والمدمن على الخطر والمؤيد الشرس للقضية الفلسطينية، الذي أمضى
حياته
متنقلا خفية في أرجاء المعمورة منفذا بعض أخطر العمليات العسكرية وأغربها.
أما على صعيد مسابقة الأفلام الوثائقية فقد عرض أيضاً فيلم "شيوعيين
كنا"
لماهر أبي سمرا، وكان الفيلم قد تلقى دعم المهرجان وعرض العام الفائت من
ضمن
برنامجه كعمل قيد الإنجاز، قبل عرضه في مسابقة آفاق في مهرجان فينيسيا.
يقدم المخرج
معاينته الشخصية والمتحررة لموروث الحرب الأهلية في لبنان، عبر أربعة رجال
يسردون
تجاربهم في ميدان المعركة ويحكون انكسار أحلامهم وسقوط أوهامهم بفعل
استمرار أزمات
البلد.
وفي مسابقة آفاق جديدة عرض الفيلم الأرجنتيني "المتجول" لأدريانا
يوركوفيتش ليروي قصة مزعومة لشخص اسمه دانييل بورميستر، وهو مخرج رحال ذو
شخصية
غامضة غالباً ما يفكر به الناس على أنه أسطورة في المجتمع السينمائي
الأرجنتيني
المستقل. وتستمر عروض آفاق جديدة مع الفيلم الإيراني "جوزاء"
لزماني عصمتي الذي
يتناول موضوعاً جريئاً، يدور حول المخاطرة التي تقدم عليها
طالبة إيرانية بائسة
لتحافظ على سمعتها. فبعد أن وضعت حداً لعلاقتها بأستاذ شاب طائش، تنتظر في
شقة
حقيرة منعزلة إجراء عملية «ترميم» لعذريتها، لتبدأ مأساة ستتكشف خيوطها
تباعاً في
إطار تشويقي وحوارات جريئة. تمثل هذه الدراما الحادة انعكاساً قاتماً لوضع
المرأة
في مجتمع محافظ.
أما برنامج "ما الذي نرتكبه بحق كوكبنا؟" فقد عرض فيلم "رحلة
جاين" للمخرج لورنز كناور ليقدم نظرة عن كثب إلى حياة الأسطورة جاين جودول
المعروفة عالميا بأهم خبراء الشمبانزي، ويدعو في الوقت نفسه
إلى إنقاذ الكوكب الذي
تهتم لشأنه من أعماقها.
كما أقام المهرجان أمس في خيمة المهرجان يوماً من
الفعاليات السينمائية التفاعلية التي أقيمت بالتعاون مع أكاديمية نيويورك –
أبوظبي
السينمائية. يشكل دعم وتطوير المجتمع السينمائي المحلي جوهر
مهمة المهرجان ويقدم
هذا الحدث الخاص فرصة نادرة للجمهور للتفاعل مع المخرجين الشباب، ولقاء
خبراء هذه
الصناعة، ومشاهدة تصوير حي للأفلام واختتم باستعادة للأفلام المنتجة من قبل
الطلبة
في أكاديمية نيويورك – أبوظبي السينمائية منذ إطلاقها في 2008،
مما يمنح الجمهور
فرصة لقراءة مستقبل صناعة السينما المحلية.
الشبيبة العمانية في
21/10/2010
"جلد حي".. يخترق عالم أطفال مدابغ الجلود في مصر القديمة
العرب أنلاين/ أبوظبي
يخترق الفيلم التسجيلي المصري "جلد حي" عالما لم تدخله كاميرا مخرج
آخر إذ يقترب من عالم الأطفال العاملين في مدابغ الجلود في حي مصر القديمة
الذي كان على أطراف القاهرة وأصبح في وسط العاصمة.. لكن الاقتراب يخلو من
الاستعراض السياحي الاستشراقي ويميل إلى المحبة والتعاطف مع أحلام صغيرة
لأطفال يتحملون مسؤولية أسرهم الفقيرة.
ومنطقة المدابغ يحجبها عن المدينة سور أثري هو سور مجرى العيون يبدأ
من نهر النيل صعودا إلى قلعة صلاح الدين الأثرية وخلف هذا السور تقام ورش
الدباغة التي تعمل فيها أسر فقيرة تتوارث هذه المهنة القاسية حتى إن أحد
العمال يعترف بأن نسبة المخاطرة في العمل على إحدى الآلات لا تقل عن 90
بالمئة فمن الوارد جدا أن يصاب العامل بتعب فتلتهم الآلة أحد أصابعه.
وتستخدم في مراحل دباغة الجلود مواد كيماوية يقول الفيلم إنها تصيب
الأطفال بالسرطان وأمراض صدرية وجلدية وهي لا تقتصر على حدود الورش فقط بل
تصب هذه المخلفات الكيماوية في أزقة وشوارع ضيقة تتحول إلى أوحال من الطين
الكيماوي الذي اعتاد الأطفال على السير فيه وصولا إلى بيوتهم المتواضعة.
ولا يتدخل فوزي صالح مخرج الفيلم بالتعليق ولكنه يترك الأطفال يتحدثون
عن التحاقهم بهذه الورش منذ سن الخامسة إذ لم يتح لبعضهم دخول المدارس كما
تسرب البعض الآخر من الدراسة بعد سنوات قليلة تلبية لاحتياجات أسرهم
الفقيرة.
وعرض الفيلم "56 دقيقة" مساء أمس الأربعاء في مهرجان أبوظبي السينمائي
الرابع وينظم له مساء اليوم الخميس عرض آخر حيث يشارك في مسابقة "آفاق
جديدة" التي تنظم للمرة الأولى هذا العام وتستهدف المخرجين في تجاربهم
الأولى والثانية.
ويبدأ الفيلم بمشهد مولد شعبي وينتهي بالمولد نفسه حيث يذهب الصغار في
بعض الأحيان للترويح عن أنفسهم فيستمعون إلى الغناء الشعبي ويرقصون ببراءة
على أنغام الموسيقى ويمارسون بعضا من شقاوة طفولة حرموا منها.
ويحلم أطفال المدابغ بتجاوز سور مجرى العيون والانخراط في المجتمع
بشرط ألا يجدوا أنفسهم مضطرين لعمل لا يناسب أعمارهم كما أنه "بلا مستقبل..
لا تأمينات ولا معاش "بعد بلوغ سن الشيخوخة"" على حد قول عامل ورث المهنة
عن أبيه وورثها لابنه وهو كاره ولكنه لا يجد بديلا.
ولكن الفيلم يرصد أن هؤلاء الأطفال الذين شاخوا قبل الأوان ليسوا صيدا
سهلا بل يمتلكون قدرا كبيرا من "عزة النفس" فأحدهم يبلغ 12 عاما يعمل حوذيا
في بعض الأحيان ويجمع القمامة على عربة خشبية ويقول إن ضابط شرطة ضربه ذات
مرة بسوط فاحتمل الضربة ثم جذب السوط وضربه به كما اعتدى على طفل آخر ناداه
قائلا "يا زبال".
ويقسم المخرج فيلمه إلى ستة فصول أو ستة أيام وبدلا من أن يختم الفيلم
باليوم السابع فإنه ينهيه بتقرير عن خطورة هذه المواد الكيماوية على مئات
من الأطفال في مدينة لا ينقصها الزحام حيث يسكنها "20 مليون نسمة" ويعاني
كثيرون من فقرائها في تدبير قوت يومهم.
وقال الناقد العراقي سلمان كاصد لرويترز إن الفيلم "كأنه أنجز عمله
مقسما في ستة أيام وجلس في اليوم السابع ليستريح ويشاهد جماله" واصفا إياه
بالقسوة الناعمة.
وقال المخرج صالح عقب عرض الفيلم إنه عاش قريبا من هذه المنطقة
المهمشة ويعرف بعضا من أهلها وأراد أن يسجل كيف يحتفي هؤلاء الأطفال
المحرومين بالحياة على طريقتهم.
وأضاف أنه عمل مساعدا للمخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي عام 2008 وأطلعه
على عالم هؤلاء الأطفال فاقترح عليه مشهراوي أن ينجزه قائلا "هذا فيلمك
أنت".
وقال منتج الفيلم الممثل محمود حميدة إنه يتحمس لإنتاج أعمال تسجيلية
ويشعر بعاطفة مع هذا النوع السينمائي الذي لا يتحمس له كثير من المنتجين
لأن عائده قليل.
ومهرجان أبوظبي الذي يستمر عشرة أيام يعرض 172 فيلما من 43 دولة منها
71 فيلما روائيا طويلا و55 فيلما قصيرا و46 فيلما إماراتيا وخليجيا وتعلن
جوائزه في حفل الختام غدا الجمعة.
العرب أنلاين في
21/10/2010 |