للخيانة اشكال متعددة وطرائق، وللدسائس ألوان ودروب، وللحكايا الصحراوية قصة بطعم الرمل. هذا ما تعرضه شاشة تلفزيون ابوظبي في شهر رمضان المبارك من خلال مسلسل «المرقاب» للمخرج الأردني بسام المصري.

والعمل الدرامي البدوي للكاتب جبريل الشيخ، ومن إنتاج شركة أرى للإنتاج الإعلامي، وبإشراف المخرج والمنتج العربي إياد الخزوز.ويشارك فيه نخبة من الفنانين العرب من عدد من الدول العربية من بينهم أردنيون وخليجيون من أبرزهم الفنان الكويتي القدير عبد العزيز الحداد، أحد رموز الحركة الفنية الكويتية في مختلف مجالاتها. عيون «حنتوش» يقول الحداد خلال مهرجان الفجيرة المسرحي: كان عدد من الفنانين العرب مجتمعين على شاطئ البحر، وخلال جلسة سمر طلبوا منه تقديم مسرحية ميلو دراما.

عندها قدم ثلاث مسرحيات معا، ولاحقا أجرت قناة «العربية» لقاء معه، وخلال اللقاء قدم مسرحية ميلودرامية، وأثناء عودته، وإذا باتصال هاتفي مع المخرج إياد الخزوز، ويقول هناك شخصية جاهزة في مسلسل تلفزيوني تنتظره، ألا وهي شخصية حنتوش.ويقول الحداد بعد قراءتي للعمل واطلاعي على الشخصية وافقت من دون نقاش، ثم إنني رفضت أي عمل من اجل «عيون حنتوش». حنتوش موجودة وبكثرة وزاد حنتوش تمثل شخصية الانسان المراوغ القادر على الخداع والاقناع، وهي موجودة بكثرة في المجتمعات بأسرها، وهؤلاء الأشخاص يحققون المكاسب بحيلهم وأساليبهم. وهذه تعتبر نوعا من أنواع الشطارة في كيفية استغلال قدرته اللغوية على الاقناع، ومثل هذه الشخصيات موجودة بكثافة في مجتمعنا التقليدي.

سلامة .. أرملة راع

وتقول الفنانة الإماراتية سلامة المزروعي، التي تلعب دور أرملة لراع، أنجبت منه طفلا في مسلسل المرقاب: إن «دورها يعبر عن الظروف القاسية التي قد تقع على المرأة بعد وفاة زوجها التي تحبه وتخلص له حتى بعد موته».

وأضافت في تصريح ل«الحواس الخمس» خلال تصويرها آخر مشاهد المسلسل: إن «المرقاب استشهاد درامي للراهن العربي بما فيه من فوضى تأكل الأخضر واليابس»، مشيرة الى ان «العمل يحمل رمزية سياسية عالية ليس من الصعب على المشاهد التقاطها».

وتحيك قصة سلامة في المسلسل حبكته، عندما تقوم بقتل زوجها الثاني الذي أجبرت على الزواج منه، وعن ذلك تقول: هي حالة قامت بها زوجة الراعي من أجل إراحة نساء القرية من شروره، التي امتدت الى باقي القبائل الاخرى.

وثمنت المزروعي دور هيئة ابوظبي للثقافة والتراث ومديرها العام محمد خلف المزروعي، والتسهيلات التي قدمتها الهيئة من اجل السفر الى المملكة لتصوير العمل الدرامي.

مضامين سياسية

والعمل البدوي الذي يعتبر من أوائل الأعمال البدوية التي تطرح مضامين سياسية حقيقية يحتوي على الدسائس والمكائد والخيانات والكثير من السياسة، اضافة الى كونه نقلة نوعية في تناول الموضوعات البدوية المحرمة من أمثال «الخيانة الزوجية».

ولم يسبق لمثل هذه الحكايات، وإن طرحت من قبل في مثل هذا النوع من الاعمال الدرامية، ويتكون المسلسل من ثلاثين حلقة تلفزيونية، ويعرض في رمضان المبارك ليشكل بذلك نقلة حقيقية في مضمون العمل البدوي وشكله وعرضه للمشاهد العربي.

وجرى تصوير «المرقاب» في عدد من المواقع في الأردن من ضمنها الأغوار ووادي رم الصحراوي الساحر في بيئته وجماليته.

بدوية اللهجة

وحول مشاركته في عمل بدوي للمرة الأولى يقول: لقد لجأت للغة العربية المفهومة من قبل الجميع، ولكنني بَدْوَنْت ايقاعها اللفظي؛ فأنا اذكر مفردات عربية بإحساس بدوي، وانا لا استعمل الالفاظ البدوية غير المفهومة عند الجميع لان العمل يقدم للعالم العربي، وبالتالي أسعى لكي يفهمه الجميع فانا لا استعمل مفردات بدوية غير مفهومة، وانما استعمل كلمة عربية واضحة مع بدونة ادائها، واضاف انني اضفي على الشخصية ولا اضيف عليها.

وقال انني اركز على الشخصية المكتوبة كعمل بدوي، ولا انظر الى المسلسل «المرقاب» بأنه عمل سياسي لانه من الخطأ ان يتعامل الممثل مع النص بما يقصد الكاتب، ولكن احب ان اتعامل مع الورق المكتوب واجسده واترك المعنى في قلب الشاعر وانا اركز على ان يجمع العمل الدراما واللغة الجيدة والكوميديا.

مسلسل المرقاب من إنتاج ارى للانتاج الاعلامي ومن تأليف جبريل الشيخ واخراج بسام المصري والاشراف العام اياد الحزوز والاشراف الفني خلدون سويلم.

ويعتبر المرقاب، الذي تشترك في لعب احد ادواره المركزية الفنانة الاماراتية سلامة المزروعي، نقلة في الاعمال اليدوية من حيث الرؤية السياسية بالعمل والتي تتمحور بالعديد من الاحداث والشخصيات.

وشارك في العمل ايضا مجموعة من الفنانين الاردنيين والعرب ومنهم: منذر الرياحنة، ونادية عودة، وعبير عيسى، ونبيل المشيني، واحمد العمري، ومحمد العبادي، ونجلاء عبدالله، ومانع المزروعي، وسلامة المزروعي، ويوسف نوري، وشفيقة الطل، وعبد الكريم الجراح.. وآخرون.

كما عبر حداد عن تقديره لطاقم التصوير وفي مقدمتهم المصور جعفر النوفل الذي يستطيع الوصول الى هوليود اذا ما استمر العمل بجد اضافة الى نص مكتوب بطريقة جميلة جدا .

«الطامحة» في انتظار بدء الجدل حولها

يتوقع العاملون في مسلسل المرقاب الذي يقترب المخرج بسام المصري من تصوير مشاهده في الاردن ضجة في الاردن لتركيزه على شخصية الفتاة الطامحة التي تطلب خلع زوجها.

ولكن شخصية الطامحة في المسلسل الذي تقوم بادائه الفنانة الاردنية نجلاء عبدالله تهجر زوجها غير السوي نفسيا، وتعشق آخر من الصعاليك النبلاء في قصة حب تصفها الفنانة نجلاء ل«الحواس الخمس» بانها ذات أبعاد شائكة، متوقعة ان تثير ضجة خاصة وان الحديث عن هذا الجانب من حياة البداوة يعتبر من المحرمات في المجتمع الاردني.

وتعترف نجلاء بانها «خائفة من دورها» على حسب وصفها، مشيرة الى ان «نوف» امرأة جميلة وذات شخصية قوية، ولكن شخصيتها مركّبة.

وتضيف، هذا النوع من الشخصيات الخطرة اجتماعيا لم يسبق وان قدمت على الشاشة، فنوف «الطامحة» فتاة بدوية أحبت شابا وعاهدته، لكن زوجت بآخر، وهنا تقرر المخاطرة والطموح على الطريقة البدوية، أي الهروب من بيت الزوجية، لتلجأ الى أحد الشيوخ، وتطلب منه حمايتها، وتحقيق طموحها اي ما يعرف بلغة المدينة الحديثة، الخلع، فيوافق ويساعدها، لكنها تلقى المخاطر والمتاعب.

شكل مختلف

ويقول المشرف العام على العمل المخرج إياد الخزوز إن هذا العمل البدوي الأول هذا العام لشركة أرى، والذي وضعنا كل جهودنا وإمكانياتنا الفنية والتقنية ليخرج بشكل مختلف كثيراً، من حيث تفاصيله ونصه وآليات تصويره.

واشار إلى أن العمل يواكب التطور الكبير الحاصل في مجال الإنتاج التلفزيوني ليس عربياً فقط وإنما عالمياً، وبذلك فهم يسعون لتحقيق نقلة نوعية في هذا المجال، وهذا ما أثبتته إنتاجات آرى السابقة.

واوضح في السياق ذاته أن هذا العمل سخرت له إمكانيات كبيرة، وتم حشد فني له بهدف أن يظهر بصورة مشرقة على الشاشات العربية في شهر رمضان المقبل.

وعن الجديد في هذا العمل، يقول الخزوز: البناء الدرامي للعمل يعتمد على قصص الحب التي تمتزج بصراحات سياسية وثقافية أخرى ولها علاقة بالمها وليس فقط حياة المطاريد، فهو ليس عملاً استعراضياً.

كما كان يجري في السابق التعامل مع هذا النوع من الدراما، بل إنه يطرح وبقوة جدلاً سياسياً تحمل مغزى الرفض لتدخل الدخلاء في أوطاننا والذين يحاولون دوما فرض سيطرتهم من خلال عملاء لهم بالقبائل ولكن الحق هو المسيطر بالنهاية. وهو كما يؤكد الخزوز عمل بدوي بتفاصيله وليس كما كانت الاعمال البدوية السابقة تصور بحس مدني بعيد عن البادية.

حياة الصعاليك

ويشير مخرج العمل بسام المصري الى أن المسلسل يتناول حياة الصعاليك في البادية العربية وتأثيرها على حياة البداوية، حيث يغوص العمل عميقاً في تفاصيل حياة الصعاليك، ويقف أكثر على القيم الإنسانية للبداية، بعيداً عن الشكل الاستعراضي السابق لحياة البادية.

وأضاف المصري: العمل يركز على حياة المطاريد وقصص الحب العاطفية التي تسير بسياقاتها المنطقية كما هي في حياتنا اليومية وليس بشكل سطحي، ومن هنا سنركز بالكاميرا على جماليات الطبيعة الصحراوية، والبيئات المختلفة والمتنوعة، من ضمن سياق تفصيلات حياة وطبيعة وثقافة أهل البادية بشكلها الواقعي وكما هي بالحقيقة، والتي تتميز بالقيم والمبادئ، من غير أي محاولات استعراضية .

كما كان يجري بالسابق في مثل هذا النوع من الأعمال الدرامية فالمرقاب عمل بدوي حقيقي يخرج فنياً من بيئة العمل نفسه، فالعاملون فيه وعليه معظمهم من ابناء البيئة البدوية ولسوا دخلاء عليه لذلك فهم يتعاملون معه كما يتعاملون مع تفاصيل بيئتهم على حقيقتها وليس كما يفعل الآخرون بأن يتعاملوا مع العمل البدوي كما يتعاملون مع مسلسلات الحارات الشعبية.

واوضح المصري حول عمليات تصوير المسلسل بأنهم سيعتمدون أكثر على الكاميرا المتحركة كدليل على حركة هذه الشخصيات المستمرة سواء جسديا أو فكريا، وفي تقنية التصوير نعتمد على طريقة التصوير السينمائية بالكاميرا المحمولة .

وهذا يعطي مساحة من الحرية في حركة الكاميرا في إبراز العمل بصورة اكثر حيوية، وخصوصا أن العمل يتحدث عن الصعاليك وحياتهم البرية في المناطق النائية البعيدة، ولاحتواء العمل على مضامين سياسية واضحة فإنه سيكون أول عمل بدوي حقيقي لا يركز على الجزئيات بل يستعرض البداوة على حقيقتها واندماجها بقضايا أمتها العربية، ومن هنا جاء التعامل مع هذا العمل من منطلق الحياة البدوية وليس من منطق الإنتاج المتعلق بالحارات الشعبية.

وأشار مخرج مسلسل نمر بن عدوان وعودة ابو تايه، بأنه لن يكرر نفسه في هذا العمل، وسيسخر خبرته السابقة في الاعمال البدوية التي اخرها، ليخرج بمضامين جديدة ورؤية جديدة لهذا العمل يتم طرحها من خلال اللقطة والمشهد وحركة الكاميرا التي سيتولاها صاحب جائزة الابداع الذهبية في مهرجان القاهرة، المصور جعفر النوفل.

البيان الإماراتية في

17/07/2010