قد يبدو
مستغرباً القول إن النص الدرامي السوري هو الخاصرة الضعيفة في الدراما
السورية
الجديدة. برغم أن بعض المسلسلات السورية توصف بجرأة طرحها وتناولها قضايا
إشكالية
لم تتعرض لها غالباً الدراما العربية. بل يتفق الكثيرون على أن
الدراما السورية
تجاوزت الإعلام السوري وربما العربي في اختراق الخطوط الحمراء في بعض
القضايا، لا
سيما في الموسم الدرامي الحالي لعام 2010، الذي قدم موضوعات إشكالية أثارت
حفيظة
الرقابة الاجتماعية إلى جانب الرقابة الرسمية، كما حدث مع
مسلسلي «ما ملكت أيمانكم»
و«القعقاع». فضلاً عن الجرأة التي تضمنتها أعمال درامية أخرى، وخصوصاً
الجرأة
اللفظية.
إلا أن كل ما يحسب للمسلسل السوري في هذا السياق يتعلق بفكرة العمل،
فيما النص التلفزيوني في الحقيقة هو أكثر من مجرد فكرة. وبالتالي تبدو جرأة
الطرح
وفرادته هي الخطوة الأساس التي يقوم عليها النص التلفزيوني
ولكنها لا تصنعه. لأن
المشكلة تكمن في التفاصيل.
يعاني عدد لا بأس به من النصوص التلفزيونية في
السنوات الأخيرة، وعلى أهمية أفكارها، مشكلات بنيوية. فلا تعدد
للأصوات فيها وإنما
هو صوت واحد يسيطر على الكاتب (غالباً ما يكون صوته الشخصي) وينقله بدوره
لشخصياته.
فيما تمضي الحوارات سطحية لتصير مجرد
«حكي». وهو الطابع الذي صبغ بعض أعمال الموسم
الحالي.
والدليل على ما سبق هو غياب العمل التلفزيوني الذي يحدث إجماعاً
جماهيرياً ونقدياً حوله، بحيث يصير حديث الناس. ولكن ما صار حديث الناس
بالفعل هو
شخصيات ومواقف وحوارات جزئية في عدد من تلك الأعمال، لكنّ أياً
منها لا يصل إلى
مرحلة يخلد فيها في ذاكرة الدراما السورية.
ولعل ظهور مصطلح «المعالج الدرامي»
في أكثر من ستة مسلسلات هذا العام، هو أحد المؤشرات الحاسمة لضعف النص
الدرامي، ولا
يمكن اعتباره غالباً مؤشراً لحرص شركات الإنتاج على الخروج بنص أكثر
تماسكاً... ولا
سيما إذا أخذنا بعين الاعتبار آلية «شد الحزام» التي يمارسها بعض شركات
الإنتاج
السورية اليوم في ما يخص المصاريف الإنتاجية، وحرصها على عدم
تكبد مصاريف إضافية
مخصصة لمعالجة النص الدرامية ما لم تكن مجبرة على ذلك.
أما لماذا هي مجبرة على
التعامل مع نص ضعيف، فببساطة ذلك هو خيارها. ويكفي ان نعلم أن
أحد كتاب الدراما
المتميزين يتقاضى مقابل نصه ما يتجاوز الأربعة ملايين ليرة سورية، فيما لا
يتجاوز
أجر أحد كتاب النصوص الضعيفة المليون ليرة. ولا نذيع سراً هنا إن قلنا إن
النص
التلفزيوني الذي نتابعه اليوم ونشكو من ضعفه، هو حصيلة تدخلات
للمخرج وللممثلين
إضافة إلى ما يعرف بالمعالجين الدراميين في محاولة منهم لبث الروح فيه. فهل
يمكن
تخيل شكل هذا النص قبل تلك التدخلات؟!!
وتعمق مأزق النص التلفزيوني لهذا العام
أكثر مع غياب عدد من كتاب السيناريو الأهم في الدراما، مثل
فادي قوشقجي وفؤاد حميرة
والثنائي حسن سامي يوسف ونجيب نصير، إضافة إلى الكاتب هاني السعدي والكاتبة
أمل
حنا...
بالمقابل قدمت الدراما السورية هذا العام اسم الكاتب سامر رضوان، صاحب
نص «لعنة الطين» كأحد الأسماء الجديدة المبشرة في هذا المجال، فيما خطا
الكاتب محمد
العاص عبر مسلسله «وراء الشمس» خطوة متقدمة عما أنتجه في السنوات السابقة.
وتعود
الكاتبة المتميزة ريم حنا هذا العام إلى واجهة كتاب الدراما من
خلال مسلسلها «ذاكرة
الجسد» بعد غياب دام نحو ثلاثة أعوام، فيما نجحت الكاتبة هالة دياب في
تقديم نص
إشكالي جريء في «ما ملكت أيمانكم».
وفي المقابل برزت أسماء كتاب شباب خلال هذا
الموسم، تميز منهم الكاتبة يم «مشهدي» التي قاربت موضوعات مهمة
في «تخت شرقي»،
وقدمت شخصيات درامية مثيرة للاهتمام، وان كانت شخصياتها تشكو
من العبثية. والكاتب
هوزان عكو، وقد نجح في صياغة حكاية شامية لمسلسله «أسعد الوراق» محققا
التوازن بين
مصدر عمله الأدبي «الله والفقر» للكاتب صدقي اسماعيل ومخيلته.
السفير اللبنانية في
17/09/2010
الدراما العربية:
«بتر
اجتماعي» للشخصيات
نضال
بشارة
لعل نظرة سريعة على
الدراما الرمضانية التي عرضت مؤخراً، تفضي الى ملاحظة أساسية. وهي أن معظم
كتّاب
الدراما التلفزيونية العربية يتناولون شخصيات مبتورة اجتماعياً، من دون
الانتباه
إلى أن الزمن الدرامي لأعمالهم قد يستغرق وقتاً طويلاً، خلافاً
للزمن الدرامي الذي
يستغرقه الفيلم السينمائي. لذا يصعب ان تكون الشخصيات الرئيسية بلا علاقات
اجتماعية، إن أراد الكتّاب أن تأتي وفق طبيعتها في الواقع. فلا نزال نشاهد،
بنسب
متفاوتة، شخصيات ليس لها أصدقاء أو أقارب، وأحياناً بلا أشقاء برغم من أنها
العناصر
الأساسية المحركة للأحداث.
فالشخصيات المجسدة في المسلسل السوري «قيود الروح»،
من قبل الفنانين مرح جبر، جهاد سعد، إياد أبو الشامات، بسام كوسا، يارا
صبري،
وسلافة معمار، تفتقد أصدقاء أو صديقات أو أقارب أو جيراناً يتواصلون معهم،
برغم
امتداد الزمن الدرامي على مدى 30 سنة. فضلاً عن فقدان بعضهم
الأشقاء دون تسويغ ذلك
درامياً. والمؤسف أن المسلسل عندما قدم شقيقاً لشخصية بسام كوسا قدمه
كومبارس، وعبر
جملتين حواريتين فقط!
واذا كان المسلسل المصري «شاهد إثبات» قد قدم أشقاء
للشخصية التي جسّدتها جومانا مراد، وجعل لشخصية طارق لطفي شقيقته (سوسن
بدر)، إلا
انهم قدموا بلا أصدقاء أو أقارب. وينطبق ذلك على الشخصية التي
لعبها نضال الشافعي.
علماً أن طبيعة عمل هذه الشخصيات في مجال الصحافة والمحاماة والنيابة،
يفترض ان
تساهم في تواصلها الاجتماعي. وحدها شخصية بدر (بسام كوسا) في المسلسل
السوري «وراء
الشمس» لإصابتها بداء «التوحد» تعفيها من الأصدقاء. إلا أن الكاتب لم يسوّغ
لنا
لماذا جاءت شخصية البطل المهندس (باسل خياط) وزوجته (صبا
مبارك) بلا أصدقاء أو
معارف؟
والمسألة ذاتها اتسمت بها الشخصيات التي جسدها الفنانون مصطفى الخاني،
رنا أبيض، رانيا الأحمد، قيس الشيخ نجيب، نادين، وعدنان أبو الشامات، في
المسلسل
السوري «ما ملكت أيمانكم». والفنانون حسن يوسف، أحمد السعدني، محمد لطفي،
وشمس في
المسلسل المصري «زهرة وأزواجها الخمسة».
في ظل هذه السمة التي تطبع بعض الأعمال
الدرامية العربية، نتساءل: إن كان للكتّاب المصريين عذرهم في
هذا النقص المشار
اليه، لكون معظمهم قادماً من الكتابة السينمائية، فما هو عذر الكتّاب
السوريين؟
السفير اللبنانية في
17/09/2010
/لقطــات/
نضال
بشارة
÷
لوحظ أن الكاتب عثمان
جحي عالج درامياً نص مسلسل «الدبور»
الذي تعرضه قناة «الجديد»، في حين أن مسلسله
«عرب
وود» الذي عرضته «سورية دراما»، احتاج لمعالجة درامية من علي سفر، كما
أفادنا «جنريك» العملين.
÷
إن كان كاتب مسلسل «أبواب الغيم» عدنان العودة يقصد، أن
الشعر الذي جاء على لسان شخصية نسائية والذي مطلعه: «أَحِبْ أهلي البدو
والشوق
قتّال/ البدو يا أصل العرب قول وأفعال»، أنه بهذا الشعر يتباهى
بالبدو كأصل للعرب،
نشير له بأن نظرية ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع العربي تشير الى أن كل
الحضارات ذات
أصل بدوي. كما أن كلمة «عرب» تعني الحضر أيضاً ومدلولها، قد اختلف حسب
الزمان
والمكان، بحسب كتاب «فقه اللهجات العربيات» للباحث الدكتور
محمد بهجت قبيسي (دار
شمال - دمشق).
÷
كان من اللافت للنظر أن يتقاطع ما قالته يم مشهدي كاتبة «تخت
شرقي» على لسان الممثلة مها المصري، بضرورة أن تتجمل المرأة وتعتني بنفسها
حتى لو
كانت وحيدة، أي لذاتها وليس من أجل الرجل، مع ما قالته
الدكتورة هالة دياب كاتبة
«ما
ملكت أيمانكم» على لسان الممثل يزن السيد، الذي نصح الممثلة لينا دياب، بأن
تهتم بشكلها الخارجي من أجلها هي، وليس من أجل الآخرين.
السفير اللبنانية في
15/09/2010
«شاهد
إثبات»: خير
شاهد على فشل الكتابة للنجوم!
نضال
بشارة/ دمشق
حاول مسلسل
«شاهد
إثبات» بتقنية «الفلاش باك» أن يحقق شيئاً من الإثارة كدراما بوليسية،
وبواسطتها ادعى أنه أسقط الصورة العالقة في أذهان المعجبين بالصحافي القتيل
عصام
الكاشف (طارق لطفي)، لدى كشف حقيقته من خلال سير التحقيقات،
بعدما كان قدمه العمل
كرمز للدفاع عن الحق.
إلاّ أن المسلسل وقع في عثرات أضعفت حبكته البوليسية
والدرامية، وفي مقدمتها عجزه عن إقناعنا كمشاهدين كيف تشكلت صورة القتيل
الأساسية
كأيقونة للحق، بحيث إن الأحداث اساساً لم تبرهن ذلك. وكيف لم
يشك بتصرفاته معظم
الذين من حوله بمن فيهم شقيقته (سوسن بدر)؟ فضلاً عن خلط المسلسل في آن بين
شخصية
القتيل، كصحافي فاسد مرتش، وكشخص قادر على ابتزاز الناس على طريقة «رجال
المافيا»!
ولعل منطلق العثرات هو في انتماء المسلسل لخانة المسلسلات التي تفصّل
الادوار
للنجوم والنجمات، والتي يحاول كتّابها أن يقدموا النجم بصورة «خارقة»،
وبحضور يمتد
على معظم مشاهد العمل. وإلاّ كيف نفهم لماذا راقبت المباحث رانيا (جومانا
مراد)
محامية المتهم بالقتل في أول المسلسل، وهي تبحث عن صاحب «ميدالية السيارة»
التي
وجدت في مكان حادثة القتل، وعندما سلمتهم الميدالية، توقفوا عن المراقبة؟
وظلت
المحامية مستغرقة بدور المباحث، وقد تعاون معها كل الذين لهم
علاقة بالقتيل برغم
أنها تتهمهم بشكل أو بآخر بالقتل. عدم التسويغ هذا لا يشكل خللاً درامياً
فحسب، بل
يدل أيضاً على أن المسلسل قدّم المشتبه بهم وكأنهم سذّج، رغم أن بينهم
وزيرا سابقا
وتاجرا وممثلة!
وبهذا المعنى، لم يقدم المسلسل (كتابة فداء الشندويلي، وإخراج
محمد الرشيدي) جديداً على ما سبق وطرح درامياً في محور الفساد، الذي ساهم
به هنا
الصحافي، في القطاعين العام والخاص، من خلال ما فرضه من رشى
ليمتنع عن نشر
المعلومات التي بحوزته، والتي تفضح بعض التجاوزات.
وما أضعف الحبكة البوليسية
للعمل، أن المسلسل جعل وكيل النيابة يغفل عن أبجديات أي تحقيق
في أي حادثة قتل، كأن
يسأل بواب العمارة عن الأشخاص الذين ترددوا على العمارة في يوم ارتكاب
الجريمة،
والأشخاص الأكثر تردداّ على شقة القتيل. فمن هذا السؤال كان وكيل النيابة
سيصل
لعلاقة الصحافية مها (رباب طارق) بالقتيل التي تزوجت منه
عرفياً. فاستجوابها منذ
بداية التحقيق كان سيكشف خيوط الجريمة منذ الحلقات الأولى، وهذا بالطبع ما
دفع
الكاتب لإغفاله، ربما من اجل الإطالة وتأجيل الأحداث المفصلية الى الحلقات
الأخيرة.
والأكثر غرابة هو تلك المحاولة لتطهير صورة الصحافي القتيل والفاسد،
في نهاية
العمل، عبر إخبارنا بأنه بدأ التطهّر من ذنوبه كبداية للتوبة، من خلال قصة
أدبية
وجدتها شقيقته بين أوراقه. وكأن الكاتب يعتبر أن الصحافيين من صنف
الملائكة، ولا
يمكن لهم ان يخطئوا، ام كأنه خشي مهاجمة المسلسل من قبل الصحافيين، فاخترع
تلك
القصة «ليطهّر» عمله!
السفير اللبنانية في
14/09/2010 |