حالة توهج عاشتها الدراما التليفزيونية طوال ٣٠ يوما، سبقتها أشهر
طويلة قضاها صناعها.. كل يحشد أسلحته لخوض المنافسة الشرسة لالتهام أكبر
قدر من التورتة الإعلانية، أخطر هذه الأسلحة كان اجتذاب السينمائيين سواء
نجوما أو مؤلفين..
وأيضا المخرجين الذين سحبوا بدورهم عدداً من فنيى الكاميرات والإضاءة
والصوت وغيرهم للعمل معهم، لتخرج السينما خالية الوفاض، من موسم صيفى قصير
وهزيل لم يحقق إيرادات تذكر وعرض خلاله عدد محدود من الأفلام، بل كان
الأضعف منذ سنوات، وعانى خلاله المنتجون من الحصار بين مطرقة كأس العالم،
التى ألزمت الجمهور شاشات التليفزيون لمتابعة المونديال، وسندان الموسم
الدرامى الرمضانى، الذى أعاد الجمهور مرة أخرى إلى الشاشات التليفزيونية،
لتقف السينما فى موقف لا تحسد عليه، وهو الذى سيتكرر خلال ما يقرب من عقد
كامل مقبل مع استمرار مجىء رمضان فى الصيف، وبالتالى قصر الموسم السينمائى.
وتلوح فى الآفاق رؤية مظلمة لمستقبل صناعة السينما خلال السنوات
المقبلة، وربما تنذر بنكبة و مصائب تبدأ من العام المقبل، لكنها تصب فى
مصلحة الدراما وتمنحها فوائد لا حصر لها. «المصرى اليوم» فتحت ملف توهج
الدراما على حساب صناعة السينما، واستطلعت آراء عدد من المتخصصين معظمهم
عمل فى الصناعتين.
المصري اليوم في
17/09/2010
بشير الديك:
مشاركة فنانين عرب هى المكسب الحقيقى
للسينما
رمضان واقتصار الموسم الدرامى فيه، وتركز موسم الصيف السينمائى فى
شهرين فقط، وموسم المدارس وعودة المغتربين.. أسباب ساقها السيناريست بشير
الديك لتغلب الدراما على السينما واختلال كل شىء ليتركز فى «إعلانات متغمسة
بشوية تمثيل»، على حد وصفه للموسم الدرامى الساخن، وقال الديك: «الغريب أن
يخوض التليفزيون المصرى تلك المنافسة مع الفضائيات الخاصة، رغم أنه يفترض
أنه يمول من دافعى الضرائب، وتقع عليه مسؤولية نشر الوعى». ويرجع الديك
انتصار الدراما على السينما هذا العام إلى وجود كم مرعب من القنوات
الفضائية اشترت الأعمال التليفزيونية، وقال: «إلا أن المسألة فى السينما لا
يجب حسابها بإيرادات دور العرض فقط، فالفضائيات السينمائية دخلت اللعبة
أيضا لتدر دخلا بعرضها المستمر للأفلام طوال العام، والإنترنت أيضا أصبح
مصدر دخل».
سيطرة النجم الواحد هى المشكلة الحقيقية التى تواجه صناعة السينما عكس
الدراما، وهى تؤدى إلى مزيد من التدهور من وجهة نظر الديك، فالنجم هو الذى
يختار المؤلف والمخرج وفقا للشلة الخاصة به، فأصبح النظام السينمائى قائماً
على خمسة أو ستة نجوم يعدون على الأصابع، هم الذين يتحكمون فيما يقدم، عكس
ما كانت قائمة عليه فى بدايتها وطوال تاريخها من شركات ورجال صناعة. ويحذر
الديك من فتح الباب على مصراعيه فى صناعة الدراما، مشيراً إلى غياب أى
قواعد فى الوسط الفنى و«أى حد عايز يعمل أى حاجة، محدش يقوله لأ»، لكنه يرى
ميزة كبيرة فيما حدث هذا العام، وهى مشاركة فنانين وفنيين عرب بشكل أكبر
وأوسع، يمكن الاستفادة بهم فى السينما، مؤكدا أن الجمهور لديه القدرة على
تقبلهم، رغم عدم معرفته بهم من قبل، أيضا تقديم أعمال تاريخية ونجاحها ربما
يحمس لتقديم فيلم من هذه النوعية، لكن المشكلة- كما يراها الديك- هى أن
المنتج السينمائى «عايز يكسب ويهرب».
إلا أن الديك الذى لم يعرض مسلسله «عابد كرمان» أبدى تخوفه من مزيد من
سطوة الإعلانات وتحكمها فى صناعة الدراما ليقضى على هذا التوهج، وقال:
«الحكاية أصبحت سبوبة وأكل عيش، وهناك تحكم فظيع من الإعلانات التى تزداد
كل عام، وبالتالى هذا يقودنا إلى أن يتحكموا فيمن يكتب، ومن يخرج ليضعوا
عليه إعلاناتهم».
محمد فاضل:
نمو الدراما «سرطانى».. وأموالها «غير
نقية»
بخبرة السنوات الطويلة التى وقف خلالها خلف الكاميرات، متأملا صناعة
الدراما وما مرت به من كبوات وطفرات، أكد المخرج محمد فاضل أن الدراما لا
تهدد السينما بالمعنى الحرفى للكلمة، ولكن الأخيرة بالتأكيد تأثرت كثيرا
بما شهدته الأولى خلال السنوات الأخيرة ووصل التأثير ذروته هذا العام، وقال
فاضل: «حدث تقارب كبير بين الصناعتين خاصة بعد انتصار الفضائيات، فعلى
الفضائيات السينمائية أصبح من المتاح مشاهدة الفيلم بعد عرضه فى دور العرض
بفترة وجيزة، أيضا الإنترنت والتقدم التكنولوجى، وبالتالى توفرت وسائل عرض
مجانية ومريحة بدلا من توجه الجمهور لدور العرض، فى الوقت الذى يعانى فيه
من أزمة المرور وركن السيارات مثلا، وهى مشكلة تؤثر على صناعة السينما،
وفى المقابل هناك نمو سرطانى لصناعة الدراما، حيث
تتقدم بشكل كبير، وتضخ فيها أموال كثيرة وهى ليست نقية، والهدف منها الربح
بأى شكل، وهذا يشكل خطورة عليها كما حدث مع صناعة السينما، وبالتالى يأتى
اتحاد الإذاعة والتليفزيون ليكون حائط الصد الأخير أمام تقديم موضوعات غير
جيدة ومسلسلات (مقاولات) مثل الأفلام تماما، ولابد من إعادة النظر فى مسألة
شراء الاتحاد الأعمال الجاهزة، وقد بدأ ذلك هذا العام، وسيعود بقوة أكبر
إلى الإنتاج المباشر له فى الأعوام المقبلة».
أضاف فاضل: الدراما هى المتاحة والمضمون عائدها الآن، حيث الفضائيات
موجودة، والراعى الإعلانى متوفر، وهذا إحدى كوارث الدراما، لأنه أصبح هو
المسيطر، وأصبحنا فى عصر الإعلان وليس عصر الإعلام، ورأس المال الكبير الذى
ينفق فى الدراما سببه أن العائد أسرع مما هو فى السينما، ورغم وجود فضائيات
سينمائية، فإنها لا تشترى الأفلام بالأرقام الكبيرة نفسها التى تشترى بها
الفضائيات الأعمال الدرامية، وبالتالى لا يغطى سعر بيع الفيلم الميزانية
الباهظة التى يلتهم أجر النجم معظمها، إلى جانب الارتفاع المتزايد لعناصر
الإنتاج السينمائى من تكلفة التصوير وإيجار المعدات وخامات الديكور وغيرها،
والعائد من دار العرض مهما كان، ومهما رفعنا قيمة تذكرة السينما لا يعوض
الميزانية عكس المسلسلات التى قد يعوض العرض الأول منها لو كانت جيدة أكثر
من ثلثى الميزانية، بخلاف العرضين الثانى والثالث، وفى المقابل المجازفة
كبيرة فى السينما، فالفيلم قد يرفع من دور العرض ولم يكمل أسبوعه الأول.
وعن مشاركة السينمائيين بشكل كبير هذا العام فى المسلسلات، قال فاضل:
الأمر يتوقف حسب موهبة كل منهم، ومدى تطورهم، فأعمال خيرى بشارة مثلا حاليا
غير أعماله فى بداياته، أيضا سمير سيف أصبح محسوبا على الدراما أكثر منها
على السينما، وبالنسبة للجدد لابد من إتاحة الفرص أمامهم، وهذا العام كانت
هناك عناصر جيدة بالفعل من السينمائيين الشباب شاركوا فى عدد من الأعمال
منهم محمد على مخرج «أهل كايرو»، وقد ثبَّت أقدامه بعد إخراجه «مجنون ليلى»
العام الماضى، وقد أصبح الطلب على المخرجين الجدد كبيرا لضخ دماء جديدة،
رغم أنها قليلة لأنه إذا كان هناك ٥٠ مسلسلا عرضت هذا العام، فهذا لايعنى
بالضرورة وجود ٥٠ مخرجا جيدا، كما أن وجود الجدد لا يعنى القضاء على
القدامى، بل المنافسة التى تؤدى إلى التطور، وكله فى صالح الصناعة.
محمد رفعت:
الدراما توهّجت أما السينما فقد أصابتها هشاشة
تحدث المؤلف محمد رفعت عن الحرب الشرسة التى تواجهها صناعة السينما من
قبل صناعة الدراما، وقال: منذ سنوات تتحدى الدراما التليفزيونية السينما،
وحجم الاستثمارات فى الأولى تفوق على الثانية بشكل كبير هذا العام، كما أن
عدد الأعمال أجدر وأفضل، إضافة إلى أنه فى الوقت الذى يعرض فيه ٥٢ مسلسلا
فى شهر واحد، فإنه لا يمكن أن يعرض ١٠ أفلام مثلا فى أسبوع واحد.
أضاف رفعت: عن تجربة شخصية مناخ صناعة المسلسلين اللذين قدمتهما سواء
«مجنون ليلى» العام الماضى، أو «كابتن عفت» لا يقل عن مناخ صناعة أى فيلم،
من حيث الجهد والدأب والتكلفة وغيرها، ففى الغالب مثلا يتكلف المسلسل ١٥
مليون جنيه، مثل أى فيلم متوسط التكلفة حاليا، أيضا التطور فى استخدام
تقنيات فنية معينة، ولم يحدث مثلا استبدال مكان للتصوير توفيرا للنفقات كما
يحدث فى السينما أحيانا، أو تقليل عدد أسابيع التصوير، أيضا الطاقم البشرى
وتحديدا عمال الصوت والإضاءة وفنيى الكاميرات الذين عملوا على المسلسلين
وأثبتوا كفاءتهم فى الدراما عملوا أيضا فى السينما، وذلك بعد عصر مظلم
عاشته الدراما التليفزيونية قبل ٤ سنوات، حين كانت القنوات الخليجية تختار
على استحياء ما ستعرضه من الأعمال المصرية على شاشاتها، إلا أن ظهور قنوات
مثل «الحياة» و«بانوراما دراما» أنقذ صناعة الدراما، وهذا العام كان الأكثر
فى تقارب الصناعتين من بعضهما، وتداخل عناصر السينما فى الدراما التى خطفت
الأضواء، والتى ستزيد من انحسار السينما بعدما واجهت ضربة عنيفة مع توقف
«روتانا» و«ART» عن دفع المال اللازم لتكلفة الأفلام مقدما للمنتجين، وهذا يعكس أى
هشاشة وصلت لها صناعة السينما.
الدراما أخذت وهجا تستحقه تماما.. هكذا لخص رفعت انتصار الدراما على
السينما وبرر ذلك: لأن المنتجين بها يتحملون مخاطرة فوق ما تحتمل، ووافقوا
على الاستعانة بعناصر سينمائية واجتذابها، عكس صناعة السينما التى
إشكاليتها تكمن فى اعتياد منتجيها على العمل بفلوس غيرهم وبأسماء محدودة
للنجوم، الذين بدورهم لديهم قائمة انتظار طويلة للأفلام المعروضة عليهم
ليختاروا منها، أيضا دخول الشباب لعبة الدراما ساهم فى توهجها، والذين
سيدخلون أكثر العام المقبل، إضافة إلى التنوع الذى شهدته موضوعات المسلسلات
فى رمضان، فهناك التاريخى والسياسى والتشويقى والكوميدى، صحيح بعضها نجح
والآخر أخفق، لكن التنوع موجود، ويتبقى تقديم الأكشن، وبالفعل هناك مسلسل
متصل- منفصل من هذه النوعية يجرى التحضير له ليعرض العام المقبل، بينما
المتأمل لموسم عيد الفطر سيجد ٤ أفلام، ثلاثة منها لا ترقى لمستوى الفن، بل
هى أفلام هابطة، ولا يغامر رأس المال السينمائى بفكرة التنويع هذه، أو
بالبطولة لمن ليسوا نجوم شباك، وكل ما يفعله هو خطف النجم وتسقيعه كذا سنة
عشان ما تاخدوش شركة ثانية وهكذا.
وأشار رفعت إلى النظرة الفوقية– كما أسماها- التى كانت تلازم بعض
السينمائيين تجاه الدراما التليفزيونية، بينما أصبحت هى المغذى الرئيسى
للسينما سواء فى المخرجين أو الكتاب أو الوجوه الجديدة حيث يجلس منتجو
السينما لمشاهدة المسلسلات والتقاط أى وجه جديد منها، بعد أن توقف بهم
الحال «لا عايزين يطلعوا وجوه جديدة ولا قادرين على النجوم الحاليين
وأسعارهم».
ونبه رفعت إلى ضرورة أن يدرس صناع السينما التوهج الذى حدث للدراما
للاستفادة منه، مع مراعاة بطلان مقولة «النجوم هم اللى بيشيلوا العمل»، لأن
عملين مثل «الجماعة» و«أهل كايرو» لم يقدما بسوبر ستارز لهم سطوتهم فى
التسويق، لكنهما حققا نجاحا كبيرا، كما أشار إلى خطورة استغلال الموقف من
قبل الفضائيات السينمائية لإنتاج أفلام للعرض المباشر عليها، وهى فى
حقيقتها أفلام مقاولات، وهذا هو القضاء الحقيقى على السينما، والحل كما
يطرحه رفعت يكمن فى فصل الإنتاج عن التوزيع كما الحال فى الدراما.
مجدى أحمد على:
الدراما أفضل من «قعدة البيت».. والنجوم
سيفسدونها كما أفسدوا السينما
استبعد المخرج مجدى أحمد على الاتهام عن الدراما بأنها وراء تهديد
صناعة السينما، وقال: «العكس هو الصحيح، فصناعة السينما المتراجعة هى التى
أنعشت الدراما التليفزيونية».
مجدى، الذى أخرج هذا العام مسلسل «مملكة الجبل» لعمرو سعد، برر
الأسباب التى أدت إلى تدهور صناعة السينما إلى سوء مستوى الأفلام ومشاكل
التوزيع والحرب بين كتلتيه- الثلاثى والعربية- وقلة دور العرض، والمشكلة
الأكبر التى قصمت ظهر الصناعة- كما حددها مجدى- هى الديون الكبيرة لشركات
الإنتاج و«art» و«روتانا» لدى شركات التوزيع، والتى صعّبت مهمة إنتاج الأفلام، وأدت
إلى قلة عددها هذا العام بشكل كبير.
شكل الصورة بالنسبة لصناعة السينما مظلم تماما بالنسبة للعام المقبل،
كما وصفه مجدى، والسبب هو النجوم الذين يتجهون للعمل فى الدراما
التليفزيونية بقوة، وقال: «النجوم الذين لم يعملوا هذا العام فى المسلسلات،
سيعملون العام المقبل، وعلى رأسهم عادل إمام وأحمد السقا، وهذا طبعا يساهم
فى مزيد من الحالة المزرية التى أصبحت عليها الصناعة، خاصة مع مغالاة
النجوم فى أجورهم، والتى يجدون من يلبيها فى الدراما، وفى السينما أيضا،
لكن الفارق أن فى السينما هناك نجوماً محددين بعينهم يعملون بها ولا يجلب
المنتجون غيرهم، لضمان تحقيقهم إيرادات كبيرة فى شباك التذاكر، كما يصر
الموزعون على أعمال معينة لتقديمها فى دور العرض التى يمتلكونها، وعدم
المجازفة بتقديم موضوعات جديدة أو متنوعة تكسر القالب المعتاد فى شباك
التذاكر، إلى جانب مشاكل ارتفاع التكلفة الإنتاجية لارتفاع أسعار الخامات
والمواد الفنية، وقلة دور العرض وتمركزها فى القاهرة والإسكندرية، واعتماد
التوزيع الخارجى على المؤسسات الخليجية، وكلها عناصر اجتمعت لنقول بمنتهى
الصراحة إن صناعة السينما «وقفت» تقريبا.
ولا يبدو مجدى أحمد على متفائلا باستعادة صناعة السينما لبريقها
وحيويتها، خاصة فى ظل انتعاش الدراما وعمل السينمائيين بها مؤلفين ومخرجين
وممثلين وفنيين، حيث قال: «الفوارق بين الاثنين قلت تماما، ولا أعتقد أن
السينما ستستعيد عافيتها، بعدما أصبح العمل فى المسلسلات بمزيد من الإتقان
والتجويد، كما يحدث فى الأفلام، ففى «مملكة الجبل» قدمنا مثلا الأكشن،
وصورنا فى ديكورات خارجية مكلفة جدا لنخرج فى أفضل صورة».
وعن اتجاهه إلى إخراج المسلسلات هذا العام بدلا من الأفلام قال مجدى:
«حين أعمل على الفيديو، فهذا معناه أنه ليس لدى أفق سينمائى أو عمل أخوضه،
وبالتالى أقدم مسلسلا بدلا من أن نجلس ككادرات فنية فى البيت، رغم أن العمل
فى الدراما مرهق جداً وكأنه بـ١٠ أفلام، والأجر الذى أتقاضاه عنه ليس
بالطبع أجر ١٠ أفلام، ورغم أهمية العمل التليفزيونى، فأنا كسينمائى أحب
السينما، مثل أى مخرج سينمائى أفضل العمل فيها، ولو استطعت تقديم فيلمين (حاعملهم
ومش حاشتغل فيديو)، لكن مشكلة السينما إنتاجية فى الأساس، وليست مشكلة
الموضوعات كما يروج لها، فلدى مثلا مشروعان سينمائيان أحدهما مع عمرو سعد
والآخر مع فتحى عبدالوهاب، والمشكلة التى تعوقهما بالطبع عدم وجود أفق
تمويلى للعملين، لأننى أقدم السينما (اللى عايزة تعيش)، وليس الكوميديا
الركيكة أو المسخرة».
مشكلة الأجور الباهظة التى يطلبها النجوم، والتى برزت بشكل حاد فى
الدراما هذا العام نقلا عن السينما علق عليها مجدى: هناك سفه حدث فعلا،
والنجوم حصلوا على أجور مغرية لم يستطع المنتجون تعويضها حتى الآن،
وبالتالى النجوم سيفسدون صناعة الدراما كما أفسدوا صناعة السينما».
المصري اليوم في
17/09/2010
صباح السبت
الجمــاعـــــــــة
مجدي عبد العزيز
لا أدري لماذا هذا الإصرار الغريب لدي بعض الأقلام الإخوانية علي
اتهام حلقات »الجماعة«
التي كتبها باقتدار شديد الكاتب الكبير
وحيد حامد بأنها تحمل الكثير من الكذب والافتراء علي الرغم من أن تترات
العمل تقدم في ظاهرة غير مسبوقة بالنسبة للأعمال الدرامية قائمة بأسماء المراجع والكتب
والوثائق والدراسات التي اعتمد عليها المؤلف في
كتابته لأحداث المسلسل الممتع الذي أمضينا معه
٨٢
يوما من شهر رمضان الماضي وتوافرت له كل عناصر المتعة والفن والفكر.
ومن وجهة نظري كناقد أؤكد أن وحيد حامد التزم بالحيادية والموضوعية في
كتابته لحلقات »الجماعة«
وكان بارعا في رسم خطوطه الدرامية ورسمه للشخصيات بدقة شديدة تتفق مع
الحقائق التاريخية الثابتة التي حددت بوضوح كيف نشأت جماعة الإخوان
المسلمين علي أيدي مؤسسها حسن البنا في عام
٨٢٩١
وانطلقت النواه الأولي لها في الاسماعيلية.
وكان من الطبيعي ان يستعرض وحيد حامد مشوار حياة حسن البنا منذ طفولته
وحتي رحيله عن عمر يناهر ال
٣٤
عاما علي ايدي أحد أفراد جماعته الذين استمدوا تعليماتهم وتعاليمهم منه
وأسقطوه في »حفرة« العنف والاغتيالات الدموية نتيجة لمفاهيم خاطئة ابتعدت
بالجماعة عن الخط الرئيسي لها والذي قامت علي اساسه في بدء الأمر وهو إعداد
الناس علي أسس أخلاقية سليمة حتي يصبحوا قادرين علي
المشاركة في بناء مجتمع قوي متماسك مؤمن بعقيدته
عامل علي نشر رسالة الإسلام وفقا لمفاهيمه الخاصة في شئون الدعوة التي جند
لها مجموعة من أنصاره آمنوا بأفكاره اثناء فترة عمله مدرسا في احدي مدارس
الاسماعيلية قبل أن ينطلقوا بها لتشمل القطر المصري كله.
وهكذا برع وحيد حامد في بناء حدوتته الدرامية التي يروي من خلالها قصة
حياة حسن البنا وأهم محطاته الحياتية وما تخللها من قرارات ومواقف خرجت
بالجماعة الي آفاق واسعة خاصة بعد تشكيل مجموعات كبيرة من
»الشُعب« التي تهتم بشئون اعضائها المنتشرين في كل قري ونجوع ومراكز ومدن
مصر وامتزجت في عملها بشئون السياسة والحكم تحت دعاوي مقاومة الانجليز
ومحاربة المصالح الصهيونية في مصر، واتخذت العنف وسيلة لتنفيذ أفكارها عن
طريق جهاز سري راح يعمل ضد المنشآت الاجنبية في بلادنا مما يزعزع الثقة في
الحكومة وفي مدي قدرتها علي إحكام قبضتها علي مقاليد الأمور
خاصة بعد انفلات الوضع الأمني.
وظلت العلاقات كما أوضحها كاتبنا المبدع وحيد حامد تسير من سييء الي
أسوأ بين حسن البنا وجماعته وبين أكثر من حكومة وفدية وسعدية حتي اضطر
محمود فهمي النقراشي رئيس الحزب السعدي ورئيس الحكومة لإصدار قراره بحل
جماعة الإخوان المسلمين بعد قيامها بسلسلة من الاغتيالات كان من أبرزها قتل
المستشار أحمد الخازندار رئيس المحكمة التي أصدرت حكما بالسجن علي بعض
أعضاء الجماعة الذين
ثبت تورطهم في أعمال العنف والتخريب مرورا بأحداث أخري مؤسفة، وهو الأمر
الذي بات مهددا لاستقرار مصر وهو ما ترتب عليه في نفس الوقت فرض عزلة
اجبارية علي حسن البنا أصابته بحالة نفسية سيئة!
وبدلا من تهدئة الأمور يقوم أحد افراد الجهاز السري للجماعة باغتيال
النقراشي رئيس الوزراء ووزير الداخلية آنذاك عقابا له علي حل الجماعة
ومصادرة كل ممتلكاتها وأموالها وتزداد الأمور سوءا وتأخذ في التدهور حتي
يذوق البنا من نفس الكأس ويتم اغتياله امام مبني جمعية الشبان المسلمين
التي كانت هي الملاذ الوحيد له بعد حل جماعته.
ويحسب للمبدع وحيد حامد قيامه بكتابة نهاية
الأحداث في الحلقة الأخيرة بإسدال الستار علي حياة حسن النبا وهو يردد بأنه
لو عاد به الزمن الي الوراء لتفرغ فقط لنشر تعاليم الإسلام معتزلا العمل
بالسياسة متنازلا عن أحلامه في كرسي الحكم وتكوين دولته التي عاش يخطط لها
منذ فجر شبابه.
وأتصور أن كاتبنا الكبير وحيد حامد سوف يستكمل في الجزء الثاني من
حلقات »الجماعة«
كيف صارت الأمور داخل تنظيمات جماعة
الاخوان المسلمين بعد رحيل البنا وماهي العلاقة التي تمت بين ثوار يوليو في
عام
٢٥٩١ عقب قيام الثورة ولماذا بدأت الأمور
بينهم بشهر عسل لم يستمر طويلا حتي جاءت حادثة »المنشية«
الشهيرة في الاسكندرية عام
٤٥٩١
عندما كان الرئيس جمال عبدالناصر يلقي هنا خطابا
سياسيا مهما!
وكما حدث في حكومة النقراشي باشا تضطر حكومة ثورة يوليو لحل جماعة
الاخوان المسلمين ويتم اعتقال رموزهم وتستقبلهم السجون وتصدرالمحكمة احكاما
رادعة ضدهم وصلت الي حد اعدام بعض قادتها،
ولا شك ان تلك الفترة شهدت احداثا علي درجة
كبيرة من الأهمية
اتصور انها سوف تكون مادة درامية خصبة بين ايدي كاتبنا المبدع وحيد حامد
لرسم بقية ملامح الصورة النهائية لتنظيم الجماعة عبر مشوار طويل من السنين
استمر حتي يومنا هذا رغم ان نشاط الجماعة مايزال محظورا، ولكن اصبحت له روافد تعمل في الخفاء وتحت الأرض
داخل البلاد أو في العلن خارج حدودنا في جميع انحاء العالم تحت مسميات
كثيرة اتخذت من الإرهاب سلاحا لها لنشر افكارها المسمومة لاغتيال كل صاحب
فكر حر ومستنير ولتدمير الاخضر واليابس في كل بلاد الله خلق الله مما اساء
لصورة المسلمين في العواصم الأوروبية وأمريكا وغيرها من الدول الأجنبية
الأخري.
ومن الانصاف ان أهنئ كل فريق العمل في حلقات
»الجماعة« بداية من السيناريو الرائع لوحيد حامد ومرورا بجهة الانتاج التي
قدمت عملا دراميا شديد التميز والاحترام والرقي وقف وراءه ايضا مخرج موهوب
صاحب قامة عالية خلف الكاميرا اسمه محمد ياسين نجح في اختياره لفريق
من الممثلين أصحاب الاداء الرفيع مثل الاساتذة الكبار:
عزت العلايلي وسامي مغاوري وسوسن بدر
والراحل عبدالله فرغلي واحمد عزمي واحمد فلوكس ومحمد نجاتي وآسر ياسين
وصلاح عبدالله وخليل مرسي وحسن الرداد ويسر اللوزي والنجم المفاجأة السوبر
ستار إياد نصار الذي جسد ببراعة فائقة دور حسن البنا بجانب اسماء أخري
كثيرة جاءت كضيوف شرف تمثل مشاهد صغيرة في هذا العمل الدرامي الناجح ومرورا
بموسيقي عمر خيرت وديكورات أنسي أبو سيف والاضاءة والتصوير لوائل درويش
وخالص تقديري مرة أخري للكاتب
والسيناريست الكبير
وحيد حامد المهموم دائما بقضايا أمته وهو كان ومايزال ضميرا
صادقا معبرا عن هذه الأمة التي نذوب جميعا عشقا في ترابها الوطني حتي يرث
الله الأرض ومن عليها.
أخبار اليوم المصرية في
17/09/2010 |