غادة عبد الرازق تتحدي نفسها من أجل ادخال الإغراء في الدراما
الرمضانية لأول مرة، وبغض النظر عن ترويج البعض بأن دورها في المسلسل هو
صدي
لحياتها الشخصية وخوضها لتجربة الزواج والطلاق أكثر من سبع
مرات فإن غادة لها خطة
فنية تسير عليها، فهي تستغل خلو الساحة الفنية من النجمات اللاتي يتقمصن
أدوار
الإغراء وعزوف البعض الآخر عن ذلك، لتثبت جدارتها، بأن تكون الوريثة
الوحيدة لنادية
الجندي، فعلي خطاها تحاول غادة عبد الرازق أن تقدم نفسها فنياً
سواء من خلال أعمال
مصطفي محرم وإعادتها في ثوب عصري مثل مسلسل «الباطنية» أو من خلال كتابته
لتوليفة
خاصة باسم «الحاجة زهرة» علي غرار «الحاج متولي» وعبر هذه المسلسلات
اللافتة للنظر
تبني غادة نفسها بشكل تجاري يفتح أمامها أبواب شركات الإنتاج
فهي الممثلة الوحيدة
التي لا ترفض ثلاثية العري والأحضان والقبلات ولا تضع التحفظات أمام
موضوعات
أعمالها الساخنة لذلك سوف تحصد ثمرة التواجد الفني طوال المرحلة الحالية إن
لم يكن
أيضاً في الفترات المقبلة لدرجة أنها أصبحت تعتمد علي مصطفي
محرم أيضاً في اختيار
الأعمال الدرامية التي تخدم خطتها.
تعتقد غادة عبد الرازق أنها توليفة
حصرية باسمها في الوسط الفني إلا أن الهدف من ذلك هو تقديم
أكبر مجموعة من الأعمال
الفنية تواكب هذه الموجة التي سرعان ما تتمرد عليها لتنتج بعد ذلك لنفسها
وتقدم
الأعمال الفنية التي طالما حلمت بها وما يحدث حالياً ماهو إلا استثمار فني
لهذه
المرحلة ولكن روح الممثلة داخل غادة عبد الرازق لها طموح وحضور
يفوق زهرة وأزواجها
فهي لا تتحرك جزافاً وانما تعي أنها ممثلة تمتلك طاقة ربما لا تتوافر
لغيرها، فمن
خلال مشهد واحد في فيلم «عن العشق والهوي» استطاعت أن تكون ركيزة أساسية
للبطولة
فلماذا لا تفتح لهذه البطولة ذراعيها سواء في السينما أو في
الدراما وبعد ذلك تحاول
أن تتوقف قليلاً لتنتقي أدوارها.
نفسية غادة عبد الرازق التي تقاذفتها
الأمواج بين أكثر من تجربة قد وضعت ضوابط جادة لاستعادة
توازنها والوقوف علي قدميها
مرة أخري بعد أن تصور الجميع أنها قد انتهت فنياً وإنسانياً منذ انفصالها
عن وليد
التابعي وفشل فيلم «أزمة شرف»، ولكن غادة عبد الرازق التي كتبت علي ذراعيها
وشماً
يحمل كلمتين هما «الإيمان والعزيمة» استطاعت أن تفلت من مخالب
تدهورها وفشلها وتصنع
لنفسها انطلاقة جديدة تعتمد فيها بشكل أساسي علي اثارة الموضوعات الصادمة
لتشغل
الرأي العام تارة وتشغل أقلام النقاد معها أو ضدها ولكن ما الذي ستحققه
فنياً إذا
كانت تصنع طاقتها التمثيلية الجيدة في آخر أولوياتها، ربما
تحقق حضوراً إعلامياً
طاغياً لكنها تؤجل مرحلة العمق الفني وتظلم موهبتها واخشي أن تنسي غادة عبد
الرازق
مفرداتها الفنية وتجري وراء حلمها الأبدي بأن تكون نادية الجندي الثانية، ،
فنحن لا
نريد نجمة إغراء بقدر ما نحتاج إلي غادة عبد الرازق الممثلة
فالنجومية لا تساوي
شيئاً إذا فقدت الفنانة زمام موهبتها.
روز اليوسف اليومية في
09/09/2010
'
زهرة وأزواجها الخمسة':
متع العين وضنى العقل هل فرضت
'
زهرة' دلالها على السيناريو أيضا؟
فاتن شوقي
علي
يقول
الكاتب والسيناريست الكبير مصطفى محرم في كتابه
'
السيناريو والحوار في السينما المصرية' الصادرعن الهيئة العامة المصرية
للكتاب 2002 (
ومنذ بداية التسعينيات استغل النجوم والنجمات نجوميتهم أسوأ استغلال وفرضوا
وجودهم على كل صفحة من صفحات السيناريو التي قاموا بتمثيلها مهما كانت
النتيجة
الفنية).
ونتساءل:
هل تم هذا بالفعل معه في مسلسله الرمضاني 'زهرة وأزواجها
الخمسة'؟ هل فرضت بطلة المسلسل غادة عبد الرازق سلطانها ودلالها المفرط على
قماشة
سيناريو المسلسل حتى امتدت لتصبح عباءات لها وحدها؟!
فالتيمة
الفنية الدرامية في
مسلسلات الأستاذ مصطفى محرم دخلت حيز الكشف للأحداث قبل أن تولد لدى
المشاهد العادي
فمنذ 'الحاج متولي' وهو يتخذ حدوتة وجود حاج ولا بد له من زوجات متعددات؛
حتى يتشعب
موضوعه بقصص وثرثرة جمة باختلاق مواقف وتنافس وغيرة يصنعها محرم بين زوجات
البطل
ليظهر مدى تهافتهن الدائم على زوجهن الحاج فلان ليتركهن مستمرات في منطقتهن
الدرامية
ثم يأخذنا في قصة أخرى بشخصيات أخرى في نفس المسلسل إلى أن يتم الله له
إنهاء الثلاثين حلقة أو أكثر. ودائماً يلعب المكان دوراً مهماً وبطلاً
اسطورياً في
أعمال محرم وكأنه يناجي العين بضخامة الإنتاج حيث تلعب الكاميرا أدوارا
مبهرة
لاستعراض الفيلات والشواطئ والأماكن لتضيف بعداً جمالياً يُعلي من قيمة
النقص أو
القصور الناتج عن طول السيناريو. ويتجلى هذا الخلق الدرامي في مسلسلات '
الحاج
متولي' و' العطار والبنات السبع'، حتى كسر تابو تعدد الزوجات لتعدد الأزواج
في '
مشوار امرأة' لنادية الجندي والآن 'زهرة وأزواجها الخمسة'.
منطق اللا
منطق
أما عن
مسلسل ' زهرة وأزواجها الخمسة' فالمغالطات المنطقية والمط
الدرامي بل والملل من الأحداث غير المنطقية طغت على موضوعه ولم تشفع متعة
مشاهدة
المكان والإنتاج الضخم والملابس المثيرة لبطلة المسلسل كي يخترق العقل، حتى
أن
المشاهد العادي شعر بهذا الخلط وعدم الرضا منذ الحلقات الأولى لأنه شعر بأن
المسلسل
يحتال على عقله البسيط.
فمصطفى محرم اعتمد في مسلسله هذا على فكرة كيف تجمع زهرة
بين الأزواج الخمسة مرة واحدة وقد ساق لفكرته هذه أسباباً غير مقنعة ليلبس
الفكرة
مرة ثوب الشرع ومرة ثوب القانون، وقد ساق كل الأسباب التي تخترق منطق
المشاهد
العادي فلم يفلح، فقد فشل السيناريو في كسب تعاطف الجمهور العادي مع بطلة
المسلسل
مثلما جاهد السيناريو في هذا، فقط حاول محرم إظهارها لنا بأنها فتاة مغلوبة
على
أمرها وتتقاذفها أمواج الحياة منذ بداية المسلسل. وهو يبرر لنا هذا بداية
من اختيار
كلمات مقدمة ونهاية تتر المسلسل والتي كتبها حسين مصطفى محرم وشدت بها صوت
الملائكة
المطربة جنات رغم جمال الكلمات إلا أنها أبداً لا تعبر عن شخصية البطلة وكل
الأحداث
تثبت عدم مصداقية هذا، فهي منذ البدء تتاجر بأدوية المستشفى وعند الزواج من
الحاج
فرج أبو اليسر كسرت قاعدة غيرة الضراير من الزوجة الجديدة، بحيث ظهر عداؤها
لهن من
دون أي مبرر، واعتمد الكاتب على مبرر غير منطقي بالمرة حتى يختلق طلاقها
منه بتهديد
أعداء الحاج لها. فماذا كان يمنعها من أن تصارحه بهذه التهديدات كي يعطي
أوامره
بالتصرف؟ وإذا افترضنا أنها مظلومة واضطرت إلى الرضوخ إلى الطلاق من الحاج
وكانت
النية طيبة فلماذا هذا الإصرار المتعنت منها بعدم رؤية الحاج طليقها
لولدها؟ فكما
اعتقدت أنه ضعيف ومقيد ولم تلجأ إليه وتصارحه لينقذها بنفوذه من أعدائه لم
الآن
تخاف من نفوذه المعدم ليخطف ولدها مثلا والتناقض يقودنا إلى عدم تعاطف
الجمهور الذي
قد خسرته البطلة رغم حرص المؤلف على عكس ذلك وتبريره دائماً حتى عندما
تخدعها
صديقتها نوال، لا ترى تعاطفا منا أبداً مع البطلة لأن حدود رسم شخصيتها
الدرامية من
حظ وغنى وملابس لا يشفع لها عند الجمهور العادي، بل بالعكس هتف الكل 'تستاهلي'
فهناك عدم توافق وهوة سحيقة بدت في خلق الشخصية
الرئيسية، زهرة التي يسعى الكاتب
إلى إبراز ضعفها الإنساني والمبرر لها لفعل ما تفعل، ففي رأيي فشل الكاتب
في صنع
علاقة صداقة وحب وتعاطف بين المشاهد العادي والبطلة وهذا ما لا يسعى إليه
الكاتب.
فمم خلق هذا التناقض؟!
الرسالة.. وفحواها
وما دام
محرم قد اعتمد على
الجمع بمبرر قوة القانون بين الأزواج لزوجة واحدة فكان لا بد للسيناريو من
أن يأخذ
قوته بالحوار المقنع النابع من سلطة القانون حتى تظهر فكرته وجدله وإقناعه
للمشاهد
في المرافعات القانونية التي تبث لنا الرسالة التي قال انه يسعى إليها من
المسلسل
ليضع المشاهد على بينة قانونية، ونحن هنا لا ندعو للثرثرة القانونية، بل
للتوضيح في
مثل هذه القضية الخطيرة، لكننا نجد محامي الحاج فرج وهو أمام محكمته يترافع
مرافعة
هزيلة لا تأخذ عقل المشاهد أبداً عندما يبرر بقاء زهرة على ذمة الحاج فرج
واضعاً
سبباً ساقه على عجالة من دون فهم للعامة رغم أن هذا السبب هو أحد أعمدة
سيناريو
محرم في هذا المسلسل.
فلا بد
للسيناريو والحبكة الدرامية من أن تفاجئ المشاهد
وأن تبتعد عن المتوقع، كما يقول الكاتب 'بادي تشايفسكي'، أهم شيء بالنسبة
إلى
الحوار هو أن يظهر للمتفرج معنىً جديد لبعض أوجه حياته وليس مهماً بأي شكل
تصاغ
العبارة.
لكننا هنا نجد أن توقعات المشاهد العادي تكتب السيناريو بل والحوار مع
الكاتب وتتوقع وتخطط لما سيحدث في المسلسل قبل حدوثه حتى آمنا جميعاً بدعاء
الكاتب
دوايت سدين في كتابه 'كتابة السيناريو السينمائي': 'أرجو من الله أن يحميني
من
السيناريو الذي يحاول كاتبه أن يكتب حواراً مطابقاً للحوار الفعلي'، فمنذ
أن عرفنا
أن ماجد يعمل طياراً تنبأنا جميعاً بموته في حادثة طبعاً وبما أن المسلسل
من عنوانه
يشير إلى وجود أزواج خمسة لزهرة في نفس الوقت فلا بد له من أن يظهر مرة
ثانية
وطبعاً سيفقد الذاكرة وهو ما حدث بالضبط في السيناريو والحوار.
وقد لجأ
مصطفى
محرم إلى حيلة غير منطقية عندما جعل ماجد وهو أخو زوجة الحاج فرج أبو اليسر
السورية
وهو
السوري يتحدث اللهجة المصرية. أيعقل أن زوجته التي تقيم في مصر مع زوجها ما
زالت تحتفظ بنضارة لهجتها السورية وأخوها المقيم في سورية ويأتي إلى مصر كل
حين
يتحدث اللهجة المصرية بطلاقة دائماً من دون أي مشهد أو مكالمة تليفونية مع
أخته
السورية بها بعض الكلمات السورية للمصداقية؟!
لكن
الكاتب لجأ لهذه الحيلة حتى
تنفعه بعد ذلك عندما يفقد ماجد الذاكرة فلو كانت لهجته سورية لانكشف أمره
بأنه ماجد
السوري لكنه يريد للحدث أن يمتط بأن تكون اللهجة مصرية حتى يتوه بين ملايين
المصريين من دون تمييز ويختلق قصصاً على يد شمس 'نوال' صديقة زهرة إلى أن
ينكشف
أمره.
فشخصيات
محرم دائماً تعاني من الظلم الدرامي دون البطل، فالبطل أو البطلة
هما لدى
الكاتب محور وبؤرة الحدث وكل ما دونهما هباء.
فزوجات
الحاج فرج لا يكدن
يظهرن إلا ليتنافسن عليه، حتى عندما خرج من سجنه لم يأتِ مشهد واحد يجمعه
مع بناته
اللواتي لا أدري ما ضرورتهن في المسلسل إلا لكي يبررن مدى شغف الحاج
للولد.
وتستمر
اللامنطقية في المشاهد من حيث تهافت كل الرجال على زهرة الممرضة
من دون
مراعاة لمكانة اجتماعية أو غيره فيهواها الحاج والطيار والمحامي وابن البلد
وتتجلى اللامنطقية مثلاً في مشهد تسلل إحدى الزوجات إلى غرفة فرج حتى يفاجأ
بها
ليخبرها بالرحيل من غرفته لأن زهرة معه حتى تذهل الزوجة وتنعته بالجنون لأن
زهرة
غير موجودة. فكيف يزهد الحاج فرج بزوجاته إلى هذا الحد وكيف كان يعيش معهن
قبل
زهرة، ناهيك عن مشهد ركوب ماجد 'الفاقد للذاكرة' الطائرة مع نوال من شرم
الشيخ
للقاهرة وهي تقول له معاك تذكرة الطيران؟ فكيف لشخص مجهول الهوية أن يُحجز
له في
الطائرة.
زعل الستات
وهكذا
يعاني مسلسل 'زهرة أزواجها الخمسة' من
شيوع اللامنطق في الأحداث ويحتال على عقل المشاهد البسيط بإبهار الصورة
وملابس
البطلة المثيرة التي لا تتناسب مطلقاً مع ما تمر به من أحداث حتى لتتزوج
أحمد
السعدني بثوب أسود مما جعل الكل ينطقها مدوية 'إيه اللي جبرك على الزواج
بعد العدة
ما دمت
وفية لماجد؟'، فبررها المؤلف بأنهما اجتمعا على حب ماجد وهذا هراء. وكل هذه
الأقاويل والنقد للمسلسل في ذهن المشاهد العادي وكنت أؤجل الكتابة حتى يبرر
لنا
الكاتب مصطفى محرم كل هذا بحجج فنية أو تصريح شاف إلى أن تحدث في برنامج
تلفزيوني
وللأسف لم يشف غليل المشاهد ولم يبرر ما يحدث بفنية، حتى عندما اتصلت
مشاهدة على
الهواء ووصفت المسلسل بـ'الأهبل قوي' لم يتفوه بكلمة واحدة، وتحدث في
عموميات
المسلسل رغم الضغط الكلامي من المذيع كي يفجر لنا أكثر مدى رؤيته، فبرر
محرم لبس
البطلة لفستان الزفاف الأسود بأنه من قبيل المسحة الكوميدية (الفارس) في
المسلسل،
وأتساءل هل لاحظ الجمهور أي كوميديا من زهرة أثناء حزنها ومرضها وصراخها
على موت
ماجد؟ إنما أراها كلها اكسسوارات لجذب عين المشاهد بافتعال مشاهد لا منطقية
بالمرة
ولا تنبع من المجتمع كما يؤكد محرم. وحين كثر النقد صرح محرم 'بصراحة أنا
كاتب
المسلسل ده عشان كنا في جلسة مناقشة منذ مسلسل (الحاج متولي) فزعلوا منه
الستات
فوعدتهم إني أصالحهم وقررت أن أكتب لهن مسلسلا ومنذ وقتها وأنا أفكر في (
زهرة
وأزواجها الخمسة). نعم، تصالحهن لكن بفكر ومنطق، وما زالت الأحداث تمضي
واللامنطق
يفوح من زهرة وأزواجها وكاتبها ومخرجها لكن ما زال عند المشاهد العادي يقين
بصحة
عقله ومنطقه.
كاتبة وشاعرة مصرية
القدس العربي في
09/09/2010 |