المخرج السوري المخضرم يرى أن عدم الثقة بالانظمة العربية
يفتح المجال أمام امتداد الأفكار الدينية.
يقول المخرج
السوري المخضرم نجدت انزور الذي فاجأ
المشاهدين بتصوير شخصية متعصب دينيا يسيء
للنساء ان مسلسله التلفزيوني قد يساعد في وقف انحدار العالم العربي باتجاه
التطرف.
ويقدم مسلسله "ما ملكت أيمانكم" نموذجا لمتشدد يدعى توفيق يجبر شقيقته
ليلة على
ارتداء النقاب في حين يقيم علاقات غير
مشروعة، ويعرض على عدة محطات تلفزيونية خلال
شهر رمضان في لبنان وسوريا واليمن وسلطنة عمان وليبيا.
واجتذب المسلسل الذي يقع في 30 حلقة وصور في سوريا وفرنسا نسبة مشاهدة
مرتفعة
كما أثار انتقادات من جانب بعض السوريين الذين يرونه يستهدف
المتدينين بشكل ظالم
خاصة، مشيرين إلى أن عنوان المسلسل مأخوذ
من نص قراني.
وكان محمد البوطي رجل الدين السوري المدعوم من الحكومة والذي يقوم
بتدريس
الشريعة في جامعة دمشق وصف المسلسل في باديء الامر بأنه سخرية
من الله غير انه
تراجع فيما بعد عن تصريحاته هذه قائلا انه
لم يشاهد العمل.
وقال انزور "عندما كنت اصور دمشق من جبل قاسيون رأيت أضواء الماذن
الخضراء
بالالاف وفي المقابل وجدت دور السينما
والمسارح تعد على اصابع اليد".
وقال المخرج البالغ من العمر 56 عاما "المطلوب خلق توازن لنحافظ على
هذا المجتمع
السوري" وأضاف انه يستهدف من هم في منطقة
الوسط والذين لم يتحولوا بعد الى التطرف.
ويدافع انزور عن نطاق أوسع من الحرية السياسية في العالم العربي ويقول
انه يجب
الا يسمح للتفسير "الخاطيء" للاسلام بأن يسود الاعلام
والتلفزيون العربي مع سيطرة
السعودية على وسائل اعلام رئيسية.
ويقول "عدم الثقة بالانظمة العربية بشكل او باخر يفتح المجال أمام
امتداد أفكار
جديدة ومنها افكار دينية وافكار متطورة...
ان هدفنا ليس ازدراء الاسلام وليس
الاساءة للاسلام بل البحث عن الاسلام
الحقيقي في هذا المجتمع".
والدراما التلفزيونية السورية صناعة ضخمة بالمعايير العربية وتجتذب
استثمارات
واعلانات بملايين الدولارات وتتنافس مع الدراما المصرية على
جذب المشاهدين من الشرق
الاوسط خلال شهر رمضان.
ورغم أن القضايا المطروحة قد تثير الجدل الا انها عادة ما تواكب سياسة
الحكومة
التي يسيطر عليها حزب البعث منذ توليه السلطة عام 1963 ليحظر
المعارضة ويفرض قانون
الطواريء الساري حتى الان.
واوضحت الدولة التي كانت سحقت الاخوان المسلمين وأحزاب المعارضة
العلمانية في
ثمانينات القرن الماضي في الفترة الاخيرة انها لا تفضل عمل
المنتقبات في مجال
التدريس.
لكن السلطات أبدت تسامحا تجاه مظاهر اسلامية أخرى وتساند حركة
المقاومة
الاسلامية الفلسطينية "حماس" وحزب الله اللبناني الشيعي.
وقال أنزور ان المسلسل لا ينتقد الشخصيات الدينية وانه يعرض نماذج
علمانية سيئة
كذلك.
ويعارض والد ليلى المتدين أن يفرض عليها شقيقها ما يتعين عليها أن
ترتديه كما
يعارض قراره جلدها بعد أن يضبطها مع صديقها على الرغم من كشف
طبي اثبت أنها ما زالت
عذراء.
ومما يظهر التناقض أن توفيق يجعل تلميذة في المرحلة الثانوية تحمل منه
ثم يبدأ
علاقة مع زوجة مجاهد اسلامي قتل في العراق.
ويظهر المسلسل الذي ينتهي عرضه هذا الاسبوع توفيق يتبنى العنف في حين
تعرف أسرته
لمحات من انتهاكاته السابقة. ويدعو لاستخدام العنف لحمل الناس
على التمسك بما
يعتبره الايمان الصحيح وانه من واجب المؤمن
الاطاحة بالنظم غير المتمسكة بالاسلام.
وأشار المخرج الى أن بعض الانتقادات التي تعرض لها المسلسل كانت سابقة
لاوانها
وقال "المخاوف بدأت تتلاشى مع بدء عرض الحلقات وهذا دليل ان
الدعاية التي صارت
للمسلسل لا تنسجم مع طبيعة الافكار التي
جاءت فيه ... وضح للناس تماما".
وتابع "الظروف السياسية تعلب دورا اساسيا في تغيير تركيبة هذا المجتمع
وافكار
الارهاب التي تطرح فيه".
وتركزت أعمال انزور في السنوات القليلة الماضية على الموضوعات الدينية
ومنها
الدفاع عن الاسلام في مسلسل "سقف العالم" الذي عرض في أعقاب
غضب المسلمين من رسوم
مسيئة للنبي محمد نشرتها صحيفة دنمركية.
وفي مسلسل "المارقون" وصف كيف يمكن أن
يتحول المهاجرون العرب في المجتمعات الغربية للعنف.
وفي مسلسله المعروض حاليا تتزوج ليلى في نهاية الامر من رجل طيب
وتنتقل للعيش مع
زوجها الذي يموت وتقيم في فرنسا حيث تخلع
الحجاب تماما لكن تظل مسلمة مؤمنة.
وقال انزور وهو شركسي ولد في مدينة حلب انه ليس ضد الحجاب لكن يجب ان
يكون من حق
المرأة الاختيار.
وقال "انا لست ضد الحجاب ولكن سلوك هذا الشخص هو الذي يعنيني. هل
الحجاب الذي
تلبسه من ضغط الاهل او ضغط اهل الحي او
المحيط الذي تعيش به او هي تلبسه عن قناعة
شيء. مهم ان يركز الفنان الضوء على هؤلاء الاشخاص ويدرس حالتهم".
وتابع "لم اتصور ان اضع كاميرا تصويري في الشارع في دمشق في
الخمسينيات ونرى هذا
العدد من المحجبات في الشارع والذي يقارب
التسعين بالمئة".
وتابع "المجتمع السوري لوحة متكاملة وارى هؤلاء الناس في هذه الافكار
(المتطرفة)
خارج هذا النسيج".
ميدل إيست أنلاين في
07/09/2010
'الدخول
لعالم ذوي الاحتياجات الخاصة أمر ملح، لكنه حساس
وشائك'
سمير حسين: 'وراء الشمس' يضيء الجانب المظلم من حياة
المعاقين
ميدل
ايست اونلاين/ دمشق
المخرج السوري يؤكد أن الشراكة بين الكاتب والمخرج مهمة جدا
لنجاح العمل الدرامي.
منذ حلقاته الأولى حقق مسلسل وراء الشمس للكاتب محمد
العاص إخراج سمير حسين حضوراً لافتاً ومتابعة جيدة عند المشاهد نظراً
لجديته في طرح
موضوع الإعاقة والرسالة التي يحملها.
ويتطرق العمل لنماذج وحالات إعاقة مختلفة كحالة الشاب علاء الذي يؤدي
دوره علاء
الدين الزيبق (22 عاماً) وهو شاب مصاب بمتلازمة داون ويجسد شخصيته الحقيقية
على
الشاشة إضافة إلى نموذج آخر من نماذج الإعاقة العقلية وهو التوحد مع بدر
بسام كوسا.
كما يسلط العمل الضوء على مدى أحقية الأبوين اللذين يكتشفان في وقت
مبكر من
الحمل أن الجنين سيولد معوقاً في التخلي عنه لكي لا يتحملان تبعات مستقبله
وصعوبة
تربيته وتأهيله.
ويشير سمير حسين مخرج العمل إلى أن التطرق لذوي الاحتياجات الخاصة أمر
ملح
بالتأكيد لكنه احتاج منه لصبر وتفكير وبحث غير عادي على مدار سنتين كونه
موضوعاً
حساساً وخاصاً وشائكاً للغاية.
ويضيف "إن الدخول في عالم ذوي الاحتياجات الخاصة ربما فكر فيه الجميع
ولكن
المسألة هي كيف تكتب نصاً كاملاً من ألفه إلى يائه عن هذه القضية وبهذا
الاتساع".
وأوضح حسين أن هذه القضية احتاجت أيضاً توثيقاً طبياً واجتماعياً
وعلمياً ومعرفة
علاقة المجتمع بهذه الحالات ومستوى الوعي من قبل الناس لهذه الحالات التي
تشكل
شريحة في مجتمعنا.
ويؤكد حسين أن وراء الشمس هو استكمال لما يعتمده في أعماله الفنية وهو
البحث عن
المختلف والصعب وغير المألوف بدءاً من مسلسل أمهات مروراً بليل ورجال الذي
تحدث عن
حالات الشعوذة ثم قاع المدينة.
ويضيف "البحث عن الاختلاف واجب لنقدمه للمشاهد بهدف الإفادة وتشكيل
حالة من
الإضاءة والتنوير تجاه الظاهرة التي نطرحها".
ويرى حسين أن "وراء الشمس" استطاع أن يضيء الجزء المظلم من عالم ذوي
الاحتياجات
الخاصة وقال يجب ألا نكتفي بجهود المؤسسات الرسمية في هذا الإطار على
أهميتها "إذ
علينا تسليط الضوء على من هم وراء الشمس بشفافية عالية دون إثارة الشفقة
لأنهم
ليسوا بحاجة إليها بل هم بحاجة إلى فعل حقيقي حتى يتنبه
المجتمع بكافة مؤسساته إلى
ضرورة مد اليد لهذه الفئة لفعل حقيقي كتأسيس معاهد تمتلك أجهزة علمية وطبية
موجودة
في دول أخرى على أعلى مستوى".
ويقول "إن حجم المتابعة الكبيرة التي يلقاها العمل مؤشر على أن النص
مكتوب
بتقنية عالية وأن العمل بشكل عام بقيمته الفنية استطاع الوصول إلى الناس
الذين هم
على عكس ما يتم الترويج له بأنهم يرفضون الأعمال التي تحمل مضامين فكرية
ويميلون
إلى البساطة والسذاجة".
ويضيف ان "وراء الشمس" إلى جانب عدد من الأعمال الدرامية الأخرى "التي
تحمل
قيماً فنية قدّرها الناس كثيراً وخاطبت عقولهم وقلوبهم في آن واحد".
ورغم أن الموسم الدرامي الحالي يقدم للجمهور نحو 33 مسلسلاً سوريا إلا
أن حسين
يرى أن هناك كما من النصوص فيها "شيء مخيب للآمال جداً فنحن بحاجة إلى
مسؤولية
المنتج ووجود مستشارين دراميين لهم علاقة بالمهنة التي تحتاج إلى أناس ذوي
ضمير
مهني متسلحين بالوعي والتحصيل الأكاديمي للارتقاء بالكم والنوع
وهذا الأمر ما زلنا
نفتقره".
والدراما برأي حسين صناعة حقيقية لها شروطها وتقاليدها "التي نفتقر
إليها
فالنصوص ما زالت تكتب خبط عشواء وكثير من القائمين على العمل الدرامي لا
يوجد لديهم
ضمير مهني ولا يحسون بالمسؤولية".
ويتساءل حسين "ما الذي يفسر هذا الكم من النصوص على حساب النوع"؟
ويضيف "إن
الوقت حان ليأتي موهوبون وليس صنايعية تمكنوا بطرق غير مشروعة أن يكونوا في
مركز
قيادة عمل درامي".
وربط حسين نجاح أي عمل درامي بثالوث أساسي هو المخرج والكاتب والمؤسسة
المنتجة.
وأضاف أن "الشراكة بين الكاتب والمخرج مهمة جداً في أي عمل درامي وهي
بحاجة
لمؤسسة تحتضنها للتأسيس لعمل هادف، وعلى الصعيد الشخصي هناك علاقة وتفاهم
مهمة بيني
وبين الكاتب محمد العاص الذي يكتب من منطلق الهاوي والمحب لتقديم الجديد
فهو كاتب
متفهم ومرن لأنه يدرك أن العمل هو عمل جماعي ويتقبل الآراء
وصولاً إلى صيغة مهمة هو
المفتاح الأساسي فيها".
وأبدى حسين تفاؤله بمستوى التلقي عند المشاهدين مستشهداً بالمتابعة
الاستثنائية
لمسلسل وراء الشمس.
وأضاف "إن هذه المتابعة تبطل مقولة إن العمل المسطح الفارغ هو الذي
يحظى
بالشعبية فالمتلقي يميل الى الأعمال التي تحمل نصاً متماسكاً وحواراً عالي
المستوى
وأداء رفيعاً للممثلين".(سانا)
ميدل إيست أنلاين في
07/09/2010
هوامش
راسم المدهون
مــــــع دخول مســلســلات رمضـــــان السوريــــــة حــــلقــــاتها
الأخيرة
أُمكنت ملاحظة الفوارق الواضحة بينها على المستويات كلّها: ثمة أعمال عرف
صانعوها
عملهم وأتقنوه، ابتداء من النص حتى آخر العمليات الفنية، وأخرى راوحت في
حيرة
وتلعثم الوسط، بينما نسبة غير قليلة سقطت في السطحية والهشاشة.
من الواضح هنا تأثيرات الفورة الإنتاجية التي تشهدها الدراما السورية،
والتي على
رغم إيجابياتها الكثيرة بدأت تعاني أزمة في النصوص الصالحة التي تمتلك
الحدود
الدنيا من السوية الفنية والفكرية معاً. هي أزمة بتنا نلحظها في الموضوعات
التي
تبدو «نيئة» وغير معدّة بعناية كافية، ناهيك عن تكرار مواضيع
أخرى إلى حدود مملّة
باتت تدفع المشاهد للعزوف عن المشاهدة، والبحث عن أعمال أخرى.
في سياق آخر، تبرز ملاحظة أخرى فرضت نفسها في أعمال الدراما السورية
هذه السنة،
وهي صعود عدد من الممثلين الشباب، وبعضهم شاهدناه سابقاً على الشاشة
الصغيرة، لكنهم
حققوا هذه السنة قفزات في الأداء التمثيلي ما يجعل خريطة الممثلين الجيدين
تتسع
أكثر.
ملاحظة تشمل بالطبع الممثلين من الجنسين معاً، خصوصاً وقد لعب معظمهم
الأدوار
الرئيسة الأولى ولفتوا انتباه المشاهدين بقوّة أدائهم وجاذبية حضورهم.
أما في مستوى النجوم فما من جديد. ثلاثي الدراما التلفزيونية الأوائل،
خالد تاجا
وجمال سليمان وبسام كوسا، ما زالوا يقدمون حضورهم المعتاد، بل هم أضافوا
إليه
تألقاً واضحاً، خصوصاً بسام كوسا في «وراء الشمس» وجمال سليمان في «ذاكرة
الجسد»
وخالد تاجا في غير عمل شارك فيه هذه السنة.
مع ذلك تبقى ملاحظة أزمة النصوص شاخصة، ونضيف إليها تصاعد أعداد
الأعمال المنتجة
بتمويل غير سوري، ما يعيد القلق على مستقبل الدراما السورية فنياً وفكرياً،
وما
يهدد بوأد فكرة تحوُلها إلى صناعة كاملة، تُشغّل أعداداً من الفنانين
والفنيين،
خصوصاً أن المواهب السورية لا تحصى في المجالات كلّها.
هي ملاحظات سريعة تحتاج بالتأكيد لعودة موسعة وتفصيلية في مقالات خاصة
نعتقد
أنها باتت ضرورية في شأن هذا الفن الحيوي الجميل.
الحياة اللندنية في
07/09/2010 |