تلعب يسرا اللوزى فى مسلسل «الجماعة» دور «شيرين كساب» الفتاة ذات
وجهة النظر السياسية الحادة التى اكتسبتها من نشأتها فى عائلة قضائية شديدة
الحزم، وهو أول دور لها خارج شخصية الفتاة الرقيقة التى قدمتها فى كل
أدوارها السابقة.
يسرا ترى أن «الجماعة» نقطة تحول فى حياتها الفنية بعد أدوار عديدة لم
تخرج منها بأى شىء جديد، ووصفته بأنه «نصيبها»، لأن الدور عرض عليها منذ
عام ونصف العام، واعتذرت عنه، ولم تكن تتخيل أن يعود إليها مرة أخرى.
يسرا تحدثت مع «المصرى اليوم» عن كواليس العمل، وتفاصيل الشخصية
وعلاقتها بالإخوان، ورأيها فى الجدل الذى أحدثه مسلسل «الجماعة».
■
ما تفاصيل ترشيحك لدور «شيرين كساب» فى مسلسل «الجماعة»، وهل صحيح أنك
تراجعت خوفا من موضوع المسلسل؟
- منذ عام ونصف العام تقريبا، عرضت على الدور «شركة جودنيوز» التى
كانت ستنتج المسلسل وقتها، واعتذرت ليس بدافع الخوف من موضوع المسلسل أو
الدور، ولكن لأننى فى هذا التوقيت تعمدت التركيز فى السينما أكثر من أى شىء،
ولم أكن أضع خطوة التليفزيون فى حسابى، لذلك اعتذرت، واعتقدت أن الشركة
المنتجة للمسلسل قد رشحت غيرى وأن الدور ضاع، وبعدها لم أجد فى السينما
أدوارا جيدة أو مختلفة عن التى قدمتها من قبل، فقررت قبول أى دور جيد فى
التليفزيون، ووقتها رشحتنى الفنانة يسرا للعب دور ابنتها فى مسلسل «خاص
جدا» ووجدت الدور جديد فعلا، ووافقت.
■
وكيف عاد الدور إليك من جديد؟
- فوجئت فى شهر ديسمبر الماضى بالمخرج محمد ياسين يطلبنى للدور نفسه،
ووقتها لم أصدق أن الدور لايزال لى، خاصة أننى كنت متحمسة جدا للعمل فى
مسلسل ضخم ومع المؤلف الكبير وحيد حامد والمخرج محمد ياسين.
■
وما رد فعلك عند قراءة سيناريو «الجماعة»، وهل كان لديك أى خلفية عن جماعة
الإخوان المسلمين؟
- كنت مستمتعة جدا بقراءة سيناريو «الجماعة»، خاصة أنى درست «علوما
سياسية وتاريخاً وقانون دولياً، وأعرف الكثير عن جماعة الإخوان المسلمين
بحكم الدراسة، فأنا درست تاريخ مصر بالكامل القديم والحديث والمعاصر،
وبصراحة دخلت المسلسل وأنا كلى ثقة فى الكاتب وحيد حامد، لأننى أعرف أنه
كتب المسلسل فى ٦ سنوات.
■
لكن حساسية المسلسل وتناوله جماعة الإخوان يتطلب من الممثل مزيداً من
القراءة والمعلومات؟
- اعتمدت بشكل كلى على ما كتبه وحيد حامد، وأستطيع أن أقول إننى تركت
نفسى له وللمخرج وركزت فى دورى فقط، ثم إن دورى ليست له علاقة مباشرة
بالأحداث التاريخية والإخوان وتأسيس الجماعة، بل هو دور معاصر للأحداث
الحالية، وتاريخ الجماعة يأتى فى نطاق الحوار فقط، وأعتقد أن إياد نصار،
الذى يقوم بدور حسن البنا وكل الممثلين الذين يجسدون أدوار تلك المرحلة
أولى منى بدراسة التاريخ والقراءة بالتفصيل عن الجماعة.
■
معظم الحوار الذى يدور بينك وبين خطيبك فى المسلسل يركز فقط على الإخوان
المسلمين وتاريخهم ومشاكلهم، وانتقد البعض أن يكون الحوار بين خطيبين
سياسياً بحتاً؟
- وماذا أفعل إذا كان السيناريو والحوار بهذا الشكل؟ هل أقول لن أقدم
الدور أو أقترح مشاهد حب تجمعنى بخطيبى فى المسلسل؟ طبعا لا، فهذه هى طبيعة
الشخصية، والعمل شديد الدسامة ومعروف أنه يركز على أحداث سياسية، لذلك
فالحب بينى وبين خطيبى فى المسلسل ليس محورا للأحداث بأى حال من الأحوال،
لكن خطيبى هو محرك الأحداث فى المسلسل، وهو الذى يفتح الحديث بالحوار ثم
بالفلاش باك، وهناك بعض الجمل موجودة بالحوار لتبرير حالة التركيز الشديد
على الحديث السياسى بين الخطيبين، مثل الجملة التى قلتها له: «إنت مش مهتم
بخطيبتك قدر اهتمامك بالإخوان».
■
هل توقعت كل ردود الأفعال المتباينة التى أثارها المسلسل بعد عرضه؟
- طبعا كنت أثق أن المسلسل سيحدث حالة من الجدل، لأنه يتناول فترة
تاريخية وسياسية مهمة جدا ومازالت مؤثرة ومثيرة للجدل حتى، الآن لكن لم
أتابع المشاحنات والجدل عن قرب، لأننى خارج مصر منذ بداية شهر رمضان وكل
معلوماتى عن ردود الأفعال حول المسلسل تأتى من الإنترنت.
■
بوصفك دارسة للعلوم السياسية والتاريخ، ما تقييمك للمسلسل والهجوم الذى
يتهمه بمخالفة بعض الحقائق؟
- طبعا لست مؤهلة للتقييم الدقيق، لكن بالنسبة للمعلومات فلا أعترف
بوجود شىء اسمه حقيقة مطلقة، وهناك كميات كبيرة من المعلومات عن شىء واحد
قد تبدو متوافقة أو متناقضة، والإخوان المسلمين جماعة لها مؤيديها
ومعارضيها، وهناك معلومات متضاربة كثيرة عنها، لكن فى النهاية لا أعتقد فى
وجود معلومات ثابتة يمكن الرجوع إليها وحدها فى موضوع جماعة الإخوان
المسلمين.
■
ما تقييمك الفنى لدورك فى المسلسل، وهل ترين نفسك محظوظة بالمشاركة فى عمل
ضخم ويحظى بجماهيرية؟
- طبعا المسلسل على أعلى مستوى فنى فى الصورة والكتابة والإخراج
والممثلين، وبالنسبة لى أعتبر الدور نقلة فى حياتى الفنية، لأنه أخرج منى
انفعالات وطاقة عنيفة كنت أتمنى ظهورها على الشاشة فى أى عمل، لكن للأسف كل
الأدوار السابقة لم تخرج منى إلا المشاعر الهادئة الرقيقة، رغم أن طبيعتى
أقرب لشخصية «شيرين» فى «الجماعة» فأنا «مش رقيقة خالص»، بالعكس، أنا
انفعالية وجريئة ومشاكسة وحادة، لكن لم أجد الفرصة لإخراج هذه الطباع أمام
الكاميرا حتى جاء مسلسل «الجماعة» بدور شيرين، وأكيد أنا أيضا محظوظة، لأن
أى ممثل من أحلامه أن يعمل مع وحيد حامد ومحمد ياسين، وأنا لدىّ قائمة
أتمنى العمل معها بعدما تعاونت مع يوسف شاهين وأسامة فوزى، فأحلم بالعمل مع
محمد خان وشريف عرفة وداوود عبدالسيد وغيرهم من الكبار.
■
قوة المسلسل وجماهيريته ألم تخيفك، خاصة أنك الدور النسائى الأكبر وسط
أدوار مهمة يقدمها ممثلون رجال على أعلى مستوى من النجومية والاحتراف؟
- طبعا هذا شىء أصابنى بالرعب لأن البعض قال لى «أنتى البطولة
النسائية فى المسلسل أو أكبر دور»، وهذا أخافنى جدا لأنه سلاح ذو حدين،
فصحيح أن المسلسل سيحظى بأكبر نسبة مشاهدة، لكن ستكون العيون على كل دور
وإذا أجدت سأنجح، وإذا فشلت لن يرحمنى أحد، وسيقول الناس: «البت الهبلة
بتاعة المسلسل»، لأن الجميع يرى مباراة ساخنة بين النجوم فى التمثيل، لكن
الحمد لله أعتقد أن الأمور مرت بشكل جيد جدا، وأنا راضية عن الدور جدا،
خاصة أن محمد ياسين مخرج يلعب على نفسية الممثل، فقبل كل مشهد يستطيع تهيئة
الممثل، وفى المشاهد العنيفة والعصبية كان يدخل ليثير أعصابى حتى أدخل
التصوير وأنا شديدة الانفعال.
■
قدمت العام الماضى مسلسل «خاص جدا»، مع يسرا إلا أنه لم يشعر بك أحد لماذا؟
- لا أنكر أن طبيعة المسلسل كانت مختلفة جدا ولم يجذب الناس فى رمضان
بسبب إيقاعه الهادئ جدا، لكن كنا نثق أنه سيأخذ حقه بعد رمضان، وأعترف بأن
«البقال اللى تحت بيتنا لم يعرف أنى فى المسلسل أصلا»، وكنت أندهش أنه لم
يلحظ وجودى طوال رمضان فى «خاص جدا»، لكن بعد رمضان شاهده الناس وبدأت تهتم
به وتعرف الممثلين فيه.
المصري اليوم في
01/09/2010
زوبعة (الجماعة)
بقلم: سلامة أحمد سلامة
يمثل مسلسل «الجماعة» أحد الأعمال الدرامية التى خرجت من رحم شهر
رمضان، مستفيدة من سيطرة الفراغ الذى يُسمِّر عقول الناس أمام شاشات
التليفزيون، ومن إغداق الدولة على كل إنتاج فنى يخدم أهدافا سياسية مطلوبة،
ومن الغموض وتضارب
زوبعة(الجماعة)
يمثل مسلسل «الجماعة» أحد الأعمال الدرامية التى خرجت من رحم شهر
رمضان، مستفيدة من سيطرة الفراغ الذى يُسمِّر عقول الناس أمام شاشات
التليفزيون، ومن إغداق الدولة على كل إنتاج فنى يخدم أهدافا سياسية مطلوبة،
ومن الغموض وتضارب الآراء الذى أحاط بتاريخ الجماعة، وهى سمة لا ينفرد بها
تاريخ الإخوان المسلمين، ولكنها تنصرف إلى حقبة من تاريخ مصر منذ ثورة
يوليو حتى الآن. اختلفت الآراء بشأنها ولم تبذل أية جهود حقيقية للإفراج عن
وثائقها وكتابة تاريخها بالموضوعية والأمانة اللازمة! وإن كان هذا لا يقدح
من الجهد الذى بذله وحيد حامد وقدم من خلاله رؤيته الدرامية الخاصة للجماعة
وتاريخها وتطورها وتأثيرها على الحياة السياسية المصرية.
ونظرا لما تمثله الجماعة فى الأوضاع السياسية الراهنة من شد وجذب، وما
تثيره من توقعات ومخاوف، سارع الكثيرون إلى اتخاذ مواقف من المسلسل حتى قبل
أن تنفرج حلقاته وتتوالى أحداثه.. تراوحت بين التسليم بالدور الدعوى الدينى
الذى عرفت منه مصر أشكالا وألوانا كثيرة فى حقبة سادت العالم الإسلامى فيه
اتجاهات صوفية ونزعات سلفية وحركات وطنية تدعو إلى الاستقلال.. وبين النظر
إلى الجماعة على أنها بدأت دينية ثم انقلبت سياسية، لا تخفى أهدافها فى
السعى إلى السلطة بأساليب عسكرية وامتثالا لمبدأ السمع والطاعة.
ونحن نرى أحداث المسلسل فى لحظة تاريخية معينة، يجرى التركيز فيها على
الصراع بين الجماعة والدولة، دون ذكر أو إيضاح للخلفيات السياسية
والاجتماعية والاقليمية، ودور الأحزاب الأخرى فى إشعال الصراع أو الإفادة
منه. وبنفس القدر الذى كان دور «الجماعة» ينمو فيه لإقامة تنظيمات داخلية
شبه عسكرية، كانت قبضة أجهزة الأمن تزداد رسوخا ووحشية. ويضعف الإيمان
بالديمقراطية وبالدولة المدنية لدى الجميع.
وربما كان أفضل ما كشف عنه المسلسل إلى حد كبير، هو الكارثة التى سقط
فيها جيل بأكمله. ومدى الحيرة والضياع الذى انتاب أجيال الشباب جيلا وراء
جيل. فانقسم بين جيل الآباء بأفكارهم التقليدية وعقائدهم الجامدة، وجيل
الموظفين وحراس السلطة والمدافعين عن بقاء النظام على ما هو عليه. تعطلت
بذلك ملكات التفكير النقدى المستقل، والقدرة على التمرد وحرية الاختيار لدى
أجيال بأكملها. فجرى اغتيال العملية الديمقراطية فى مهدها، وما زالت كسيحة
عاجزة!
يقدم المسلسل نظرة سطحية إلى تاريخ «الجماعة». تتكرر فيه لقطات بعينها
فى إلحاح ممل، ليؤكد أن الجماعة منذ نشأتها كانت وستظل كيانا ضد الدولة.
يغذيها فكر دينى متطرف يتميز بالانتهازية. فهو مع القصر ضد الأحزاب
الوطنية، ومع الإنجليز ضد الحركات الاستقلالية، ومع السلفية ضد التنوير ومع
التخلف ضد التقدم!!
ولا يمكن لمسلسل جرى إعداده وتقديمه فى جو الانتخابات وترقب مصير قضية
التوريث، وفى ظروف البحث عن نقطة بداية تاريخية للمشهد السياسى برمته أن
يشكل حكما صائبا على الواقع الراهن فى مصر. ولا أجد شخصيا أى سبب يدعو
«الجماعة» إلى اللجوء إلى القضاء لوقف عرض المسلسل بحجة أنه يسىء إلى
شخوصها وتاريخها.
فالمسلسل يجرى خارج السياق الراهن. وهو ليس دراسة تاريخية. ومن حق
كتاب الدراما أن يقدموا تصوراتهم المتباينة لفترة حافلة ومختلف عليها فى
تاريخ مصر.
لا يهم كثيرا إذا كان عمل «الجماعة» قد ساعد على تحسين صورة الإخوان
المسلمين أو الإساءة إليهم. ولكن ربما كان الأهم أن يكشف المسلسل عن
الأسباب التى أدت إلى فشل التجربة الإسلامية الحديثة فى مصر، بينما نجحت فى
دول أخرى مثل تركيا وماليزيا. أو أن يكشف عن الظروف السياسية والاجتماعية
التى أدت إلى فشل الديمقراطية. وعجز الحياة السياسية فى مصر عن التطور
والتحول من الجمود إلى الحركة والتقدم اعتبارا من الثورة وحتى الآن. هذه
كلها حقائق تحتاج إلى مزيد من المصارحة وإلى معالجات درامية أكثر عمقا
وشمولا!!
الشروق المصرية في
01/09/2010
مسلسل فى المنفى
بقلم: كمال رمزي
صناع «ملكة فى المنفى»، ربما من دون أن ينتبهوا، حكموا على مسلسلهم
بالنفى. صحيح، إنهم يقدمون مأساة «نازلى»، الملكة التعيسة، التى عاشت حياة
مديدة «1894 ــ 1978»، قضتها فى سلسلة من المتاعب والآلام، فحين تزوجت من
الملك فؤاد، فى عام 1919، بدت كمن دخلت قفصا مذهبا لا فكاك من قضبانه، وعقب
وفاة جلادها، بعد ما يزيد من العقد ونصف العقد، غدت والدة للملك فاروق، وما
إن تفتح قلبها للحب وابتسمت لها الدنيا حتى لقى حبيبها، أحمد حسنين، مصرعه
فى حادث أليم، ودبت الخلافات مع ابنها الملك وبدأ المرض يداهمها. سافرت مع
بنتيها إلى فرنسا، ومنها إلى إيطاليا، ومنها إلى أمريكا، فى رحلة ضياع
طويلة، انتهت بمقتل ابنتها فتحية برصاصات من زوجها رياض غالى، الذى حاول
الانتحار، ولم يعد أمام «نازلى» إلا أن تعيش بقية سنواتها فقيرة، مريضة،
وقد نزع ابنها عنها لقب «الملكة الأم»، الذى لم يكن يعنى عندها شيئا.
فى الفن، لا توجد شخصية غير صالحة للتقديم، مهما كانت ضآلتها أو خفتها
أو تفاهتها، فالمسألة أولا وأخيرا، تعتمد على طريقة المعالجة، ومدى قدرة
الكاتب على اكتشاف العالم من خلال تلك الشخصية، حتى لو كانت سجينة أو طريحة
الفراش أو معزولة عن الاندماج فى الحياة على نحو مباشر. وهذا ما لا يتوافر
فى المسلسل، الذى شاهدنا فيه حدائق وقاعات وثريات وستائر مسدلة على أبواب
وشبابيك، فضلا عن خيول وطرابيش، بالإضافة لثرثرات نساء متأنقات ورجال بلا
ملامح، ينحنون فى دخولهم وتتابعهم الكاميرا فى انسحابهم، بذات الانحناءة،
حتى خروجهم من الأبواب.
كاتبة السيناريو، راوية راشد، المثقفة، تعلم تماما أن زفاف «نازلى»
كان إبان «ثورة 19» التى اندلعت على طول البلاد وعرضها، والتى لابد أن يكون
لها أصداء داخل القصر الملكى، وأيضا عند «نازلى»، ذات التعليم الفرنسى
الرفيع، التى تخرجت فى إحدى جامعات باريس. امرأة هذا شأنها، وهى المحبة
للاطلاع والقراءة، هل يعقل أنها لم تقلب أو يصل ليديها أحد مجالات تلك
الفترة؟ ولا تدرى شيئا عن حركة تحرير المرأة ونزعها للحجاب.. نعم، «نازلى»
تكاد تكون سجينة فى القصر، ولكن هذا لا يعنى بالضرورة أن يعزل المسلسل نفسه
معها، فثمة حياة فى الخارج، لا ترى ولم تسمع بطلتنا عنها شيئا. قبل رحيلها
من مصر عام 1946، كانت البلاد عامرة بطه حسين وقضيته حول «الشعر الجاهلى»
وعباس محمود العقاد، الذى دخل السجن لعيبه فى الذات الملكية، لقد عاشت فى
عصر أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب وأسمهان ونجيب الريحانى، وبعضهم درج على
تقديم أعماله داخل القصر.. يمكن القول إن مصر، غائبة عن المسلسل.
المخرج محمد زهير رجب، لم يلتفت إلى أن فرنسا المحطمة، عقب الحرب
العالمية الثانية، تختلف عن أجواء البساتين، التى ظهرت فى المسلسل. وفى
أمريكا اكتفى بالتصوير المتوالى إما داخل «بار» أو فى حديقة وصالة فيللا..
وبهذا ساهم بفعالية فى نفى المسلسل.
الشروق المصرية في
01/09/2010
تمرد على القوالب التي تخنقها المحاذير الدينية
والاخلاقية
'تخت
شرقي':
هكذا تكون الحوارات
راجي
بطحيش
يكمن الفرق بين عمل درامي سوري معاصر وبين عمل آخر مشابه ويبث
في نفس الساعة بعنصر أساسي يتمثل في الحوارات التي تعبر عن الشخصيات وقد
يجتهد
المشاهد العادي في اكتشافها ولكنها ترتقي به أو تسقط معه لاحقا
الى ابعد الحدود حين
كشفها والتركيز عليها.. ففي مسلسل 'تخت شرقي' تطلق الكاتبة الدرامية يم
مشهدي التي
يمكن اعتبارها جزءا من تيار الكتابة الدرامية النسائية الشابة في سورية
والتي تتمثل
بـ'ريم حنا' و'دلع الرحبي' والصديقة 'ايمان سعيد' وغيرهن
العنان لشخوصها ليقولون ما
يشاؤون وما كنا نرغب بالبوح به وخفنا أو ترددنا طويلا لأن هذا درب من
الجنون
والهبل..
ولكن يم مشهدي تقرر في حلقاتها أن لا مجال بعد لتأجيل البوح فقد طفح
الكيل كما يقولون وهي تتمرد هنا على القوالب المعدة سلفا في مثل هذه
الأعمال والتي
تخنقها المحاذير الدينية والأخلاقية واعتبارات الذوق العام
التي لم تتكون سوى في
ذهنيات الخائفين من موظفي أجهزة الرقابة العربية.. ففي 'تخت شرقي' وهو
مسلسل قد
يبدو عاديا يدور حول مجموعة من الأصدقاء التي تجمعهم شبكة اجتماعية شائكة
في أطراف
مدينة دمشق تستمع الى الحوارات فتأخذك ثم تطلب المزيد فتمنح الكاتبة
شخصياتها هذا
المزيد مما خفنا أن نسمعه أو لم نتخيل أن يكون هكذا في مسلسل
سوري اجتماعي عادي ..
فالحوارات في 'تخت شرقي' هي سيدة الموقف وهي عماد العمل وهي مثيرة، مفخخة،
تشكيكية
واتهامية الى أبعد الحدود ... تظهر الشخصيات في أول حلقة وكأن غشاء من
الزيف يلفها
ولكنها سرعان ما تتفكك الى عواملها الشيقة، من خلال ما تنطقه من جمل تتراكم
وتتراكم
لتحول المشاهدة الى أمتع وأهم وتحمل قدرا كبيرا من التأمل..
فالشخصيات التي تمثل
طبقة عربية وسطى تمارس حرب بقاء يومي تترنح على حافة الهاوية وتسخر من كل
شيء
بطبيعية شديدة كما أنها وعلى الرغم من شبكة الصداقات الشائكة في الحكاية لا
تحب
بعضها البعض بحق بل هي تتواجد سوية بحكم مكافحة الوحدة واستباق
السقوط وهي تنهض كل
صباح وترمم ما خلفه دمار الأمس وتحاول أن تمضي مع أنها متيقنة أن لا
فائدة...
فالشاب الفلسطيني ـ مكسيم خليل، لا يكف عن التلميح الى التمييز
الافتراضي الذي قد يواجهه في كل مناحي حياته كونه فلسطينيا يعيش في سورية
أمام
سخرية حبيبية ـ سلافة معمار التي تفكك علاقتهما الجنسية حواريا
بشكل غير مسبوق
بالدراما السورية.
أما الأم- سميرة (مها المصري) التي تعيش أزمة الخمسين لا تكف
هي وابنتها وابنها عن إهانة احداهما الأخرى حيث تتهم الإبنة أمها انها تغار
منها
ومن جمالها وشبابها ونضارتها ..انتقالا الى 'سارة' التي تقرر
ارتداء الحجاب لأن
الشبان يفضلون هذه الأيام الفتاة المحجبة حيث اصبحت السافرات مثارا للتشكيك
بسلوكهن
مع ان الجميع يعرف انه يمكن ارتكاب العجائب من وراء الحجاب.. أما 'أماني'
فهي التي
تشكك طوال الوقت بمفهوم الزواج وقداسته والتابوهات التي تحيطه
وبإمكانية عيشها هي
وابنها لوحدهما بعيدا عن زوجها التي لا تكف عن السخرية منه والتنكيل به
وبشخصه
الشرقي المهزوز ...وريما ـ الريفية التي تحطمت احلامها بالعاصمة تبث سمها
في حوارات
رائعة ومستفزة وتعلنها بصراحة أنها تريد ان ترى حياة كل من
حولها مدمرة ..في 'تخت
شرقي' تجلس الشخصيات لاحتساء القهوة سوية فيما قد يبدو مشهدا عاديا من
مسلسل عربي
بقوالب جاهزة من القيل والقال ولكن سرعان ما تأخذك الكلمات الى عوالم مفتتة
يكسوها
العنف والحيرة والحسرة والفظاظة الاستيتيكية ويذكرني هذا بفيلم life during wartime
للمخرج السيناريست الأمريكي الرائع تود سولونديز والذي شاهدته بالصدفة هذا
الأسبوع
حيث تتحول كل جلسة عائلية هادئة وحالمة الى حرب كلامية عنصرية شاذة وتبعث
على
الضيق، فتصبح كل جملة حوارية سيتم نطقها بعد قليل بمثابة قنبلة
موقوتة ستنفجر في
وجه المشاهد ومن ثم ستضيء له بعضا مما فاته من مجهول.
قاص من فلسطين
القدس العربي في
01/09/2010 |