في مسلسله «أهل كايرو» قدم «بلال فضل» تشريحا حادا وصادما للمجتمع
المصري الآن بكل ما يحمله من تناقضات وممارسات تؤدي في النهاية إلي تعمق
الفساد
وتغلغله داخل مؤسسات المجتمع المختلف.
«بلال» جعل الناس تنصرف عن التفكير
في هوية الذي قتل الفنانة الشهيرة ليجعلهم يطرحون علي أنفسهم
سؤالا أهم: كيف ولماذا
وصلوا إلي هذه الدرجة من الفساد والزيف الذي أصبح مسيطرا علي كيانات كثيرة
وأفراد
أكثر.. زيف لا يفرق بين الداعية السوبر ستار .. أو نجوم السياسة الذين
يعرفون من
أين تؤكل الكتف .. أو حتي الصحفيين الذين تحولوا في بعض
الأحيان إلي أدوات يحركها
كل لمصلحته.
عن كل هذه الإشكاليات تحدثنا مع «بلال» والذي تحدث بصراحة تامة
في السطور التالية:
·
المسلسل يحمل إدانة غير مباشرة
لأطراف
كثيرة.. هل قصدت هذا ؟
-
ولماذا لا تقول إنها إدانة مباشرة. هذا
ما أستطيع أن أقوله إجابة عن سؤالك، لأن أي إجابة أخري سبق أن
قلتها في المسلسل حتي
آخر مشهد فيه.
·
هل تتصور أن المجتمع مسئول عن
فساده وعن أخطائه أم
أنه يدفع ثمن أخطاء آخرين؟
-
طبعا كل مجتمع مسئول عن فساده
وأخطائه، لأن الله عادل ولا يخلق مجتمعات قابلة للفساد وأخري
محصنة منه، ربنا بيخلق
الناس كلهم علي الفطرة أو علي المحجة البيضاء زي ما بنقول وهم مسئولون عن
أفعالهم،
وإلا لانتفت فكرة الحساب والعقاب، لا أريد أن يتحول كلامي إلي درس ديني،
«بس أنا
بجد محروق من فكرة إن المجتمع بيتعامل مع نفسه علي أساس إنه
مغلوب علي أمره وبينفذ
سيناريو مرسوم سلفا، ومالوش يد فيه»، في رأيي إن خلاص المجتمع المصري أصبح
يكمن في
مفهوم فكرة الجبر والاختيار، وهل نحن مسئولون عن حالنا أم أنه قدر لا فكاك
منه».
·
نجوم الصحافة .. والفن والسياسة
والدعوة الدينية .. تعودنا أن
يصبح الفن دائما مصدراً للنجومية ولكن هل أصبحت المجالات الثلاثة الأخري
أكثر جذبا
للأضواء كما حدث في المسلسل ؟ وهل هذا شيء صحي أم يعكس شكلا من أشكال
الفوضي؟
-
الفن كان ينفرد بالنجومية قبل عصر الإعلام والفضائيات
والإنترنت
أو بمعني أصح عصر الماركتنج علي رأي صديقنا مصباح قطب، الآن أصبحت النجومية
غير
مرتبطة بمهنة، غير مرتبطة بفكرة إنك فنان أو صحفي أو سياسي أو داعية، وإنما
بفكرة
إنك عارف تسوق لنفسك صورة أمام الناس، صورة تخليك محط اهتمامهم، مثلا صورة
إنك رجل
جريء وممكن تدوس علي أي حد، أو أنك امرأة جريئة ومايهمكيش حد خالص، أو صورة
إنك
ممكن تريح التعبانين وتدخلهم الجنة، أو صورة إنك الصحفي بتاع
فلان الفلاني في
الحكومة، فبالتالي أنت بتعبر عن فلان، وهكذا، للأسف من الممكن أن تجد عالم
دين
رائعا وفقيها في الدين ويستطيع أن يقول للناس كلاما ينفعهم بس ياعيني مش
قادر يسوق
لنفسه أو يبيع نفسه، لذا تجده متواريا في الظل وغير قادر علي
الوصول للناس، كل
شخصيات المسلسل علي سبيل المثال تجد أن كلاً منهم لديه فكرة نجح في تسويقها
للناس
وهي التي جعلته شخصية شهيرة. وهذا ما حاولت أن أفعله في المسلسل أن أجعل
الناس تفكر
في الصورة التي يتم تسويقها هل هي حقيقية، ربما تكون حقيقية، وهذا شيء جيد،
وربما
تكون كاذبة مثل إعلانات المطاعم وهنا يبقي كلنا رايحين في داهية، ورأيي إن
الناس
لابد أن تفكر بهذا الأسلوب مع كل ما حولها حتي معي أنا شخصيا،
وأن نتوقف عن فكرة
الانبهار بالأشخاص ونتعامل مع الأفكار فقط، خصوصا أن عندنا في تراثنا مبدأً
رائعا
هو أن الحق يعرف بالحق ولا يعرف بالرجال.
·
وأيهما يلعب الدور
الأكبر في هذه المجالات الطموح المشروع والرغبة في التغيير أم البحث عن
الشهرة بأي
وسيلة حتي وإن كانت غير مشروعة ؟
-
إحنا بشر، وده أسوأ ما فينا
وأجمله في نفس الوقت، حتي الذين يحملون الأفكار العظيمة كان
لديهم طموحات ونقاط ضعف
وانكسارات وأخطاء، وده لا يدينهم بل بالعكس يخلينا نفهمهم أكتر ونتصالح مع
تناقضاتهم، وهذا يعود بنا مرة أخري إلي النقطة الماضية، لو تعاملنا مع
الأفكار
وركزنا معها بعيدا عن الأشخاص نستطيع أن نكتشف أن هناك فقاعات
كثيرة في المجتمع
صنعت لنفسها هالة لا تستحقها، وحينها نستطيع حتي لو كنا نكره بعضنا البعض
أن نجعل
خلافنا خلافاً حقيقياً يجعلنا نتقدم وليس العكس.
·
إلي أي درجة من
الفساد وصل المجتمع المصري من وجهة نظرك؟
-
إلي الحد الذي تراه في
مسلسل «أهل كايرو».. بالطبع أمزح، وإنما «يعني اللي مايشوفش من
الغربال يبقي أعمي»،
وفي رأيي أن السؤال الذي يجب أن ننشغل به هو: لماذا وصل
المجتمع المصري إلي هذه
الدرجة من الفساد؟ والإجابة في رأيي باختصار حتي تتسع المساحة من أجل
التحالف بين
الاستبداد والتطرف.
·
نظرة سريعة علي أشخاص شاهدناهم
في المسلسل
لنكتشف أن بينهم وزيراً سابقاً مازال علي الساحة.. داعية شهيراً.. صحفية
شابة
وطموحة.. فنانة تنكرت لظروفها وأهلها.. فتاة تعمل في فندق
وتعامل من سائق التاكسي
علي أنها فتاة ليل.. بالطبع عرضك لكل هذه الشخصيات ليس من منطلق الصدفة
وكأنك تؤكد
أن جميعهم علي صلة مباشرة أو غير مباشرة بالقتيلة وبالجريمة .. هل هذه
إدانة شاملة
للجميع ؟
-
الله ينور عليك، والحقيقة أنه من أكثر الأشياء التي
أعجبتني وجعلتني أحمد ربنا أن قطاعا كبيرا من المشاهدين علي الأقل الذين
شاركوني
رأيهم يرون أن ما حدث لفتاة الفندق فاطمة جعفر من السائق ومن الوزير ومن
الإدارة
جريمة لا تقل فتكا ولا بشاعة عن جريمة قتل صافي سليم. وهذا هو
المنطق الذي يحاول
المسلسل تقديمه. لا أعرف إذا كان من الصواب أن يقدم الفن إدانة أم أن يجعل
الناس
تفكر وخلاص، لكني لا أستطيع أن أكذب عليك ، لقد حاولت ان أدين هذا، ولكني
حاولت
أيضا وأرجو أن أكون وفقت في أن أعطي الفرصة لكل شخص أن يعرض
منطقه ويتكلم بلسانه
وليس بلساني، شاهد الحوار بين يونس الغول الوزير السابق وبكري الشربيني
المعارض
المزيف كل منهم يري نفسه علي صواب وأنه هو الذي يدافع عن البلد.
·
•
فساد.. هل أرغمتك هذه الكلمة بكل مرادفاتها الحاضرة بقوة في المسلسل
علي التخلي عن
سخريتك .. وهل أصبحت بهذا التشاؤم ؟
-
بالعكس أنا أري أن المسلسل
هو أقوي عمل ساخر قدمته، هذا رأيي غير المتواضع علي الأقل، في
رأيي إذا كان الواحد
لازم يسخر من المجتمع فلازم يسخر منه كده، السخرية اللي تخلي الناس تفكر مش
تضحك
وبس، لست نادما علي الأعمال التي قدمتها من أجل أن أجعل الناس تضحك، ولكني
سعيد أن
الفرصة قد أتيحت لي لكي أقدم سخرية من هذا النوع لأنني أحبه أكثر.
·
أيهما أخطر علي المجتمع «ادعاء
النخبة» أم «اختفاء
النخبة»؟
بمعني آخر هل تري أن النخبة في مصر اختفت أم لجأت
إلي الادعاء والمزايدة .. وبالطبع لا نقصد الجميع؟ وهل باع الكل القضية ؟
-
بالعكس يمكنني بكل غرور أن أدعي أنني من أكثر الناس التي
تستطيع أن تقول
لك «قد إيه في نخبة عظيمة في مصر»، إذا تابعت برنامج عصير الكتب، تجدني
قدمت كتابا
ومفكرين ومثقفين في منتهي الروعة والتميز عمر ما حد شافهم في الجرايد
والبرامج،
لأنهم عاجزون عن تسويق أنفسهم، لأنهم لا يستندون إلي سلطة غبية
أو صوت عالٍ، هم ناس
يعملون ويحبون الحياة «وبينوروا اللي حواليهم وبيبدعوا وبيكتبوا»، هؤلاء هم
النخبة
الحقيقية. الخطأ خطؤنا في النهاية لأننا تصورنا وصورنا للناس أن المتواجدين
علي
الساحة الآن بمن فيهم أنا هم النخبة. يعني لما راجل من قرية في
الدلتا ياخد أجازة
ويقدم علي منحة تفرغ ويلف مصر كلها عشان يكتب موسوعة للبلدان المصرية هتصدر
من عشر
مجلدات من وزارة الثقافة بعد خمسين سنة من القاموس الجغرافي للبلدان
المصرية بتاع
إبراهيم رمزي الله يرحمه، هذا الرجل اسمه جمال مشعل، عندما
سجلنا معه وأذعنا الحلقة
لا تتخيل كم استغراب الناس لأن هناك شخصا يحاول أن يفعل هذا في مصر، أو ليس
هذا
الرجل من النخبة؟ هل هو أفضل أم الذين ينشرون اليأس وسط الناس بينما يضيفون
أموالا
إلي رصيدهم في البنوك، وهذا مثال واحد، وعندي عشرات الأمثلة،
يبقي العيب في مين،
العيب يقع علي من أصبحت في يدهم مقاليد الأمور في مصر، لأنهم قدموا نماذج
مزيفة
وصرفوا فلوس البلد علي ناس ماتستاهلش، وبالتالي الناس وصلت إلي درجة من
كراهية
الأوضاع لدرجة تجعلها تصدق أي شخص يرفض هذا حتي إن كان ضلالياً.
·
ألا تعتقد أن المسلسل قريب فنيا
أو فكريا بدرجة ما من «علي من نطلق
الرصاص»؟
-
ياريت أوصل للمستوي الراقي اللي قدمه أستاذنا رأفت
الميهي في هذا الفيلم العظيم المظلوم، وإن كنت أصارحك بأنه لم يكن في بالي
أبدا
وأنا أكتب، أنا كنت مشغولا بفكرة إزاي تقدر بنت عادية تتعملق
في مجتمع لمجرد أنها
تمتلك مواهب أنثوية، لما البنت دي تدفع رجال أعمال كبار إلي أنهم يصرفوا
عشانها
الملايين ويحاولوا يقتلوها، يبقي الغلط في مين، ما الذي حدث إذن؟. هذا هو
ما جعلني
أقدم هذا المسلسل، كمحاولة شخصية مني للفهم، وأعتقد أنني أقدم إجابة تمثل
تفسيري
الشخصي مع آخر مشهد في المسلسل.
مجلة روز اليوسف في
28/08/2010
عبدالرحيم كمال:
معظم الأحداث الطائفية في الصعيد أسبابها غير طائفية
كتب
طارق مصطفي
عندما أقدم «عبدالرحيم كمال» علي كتابة مسلسل «شيخ العرب همام» لم
يكن معنيا بتقديم مسلسل عن الصعيد بقدر ما كان مهتما بقضايا أخري، أهمها
كيف استطاع
هذا الرجل منذ 240 عاما أن يوحد ذلك المجتمع رغم قبليته
وطبقيته وأن يجمعه علي كلمة
واحدة.عبدالرحيم كان منبهرا بفكرة المواطنة التي نجح هذا الرجل في تطبيقها
والتي
اختفت من قاموسنا الآن.
وعندما حاورناه بدا مهموما وهو يحاول أن يضع يده علي
الأشياء التي تغيرت في الصعيد الآن.. فالفقر مع الجمود السياسي والتهميش
الاقتصادي
انقضوا بقسوة علي أفراد المجتمع الصعيدي وساهموا في تغيير
الكثير من مفاهيمه.
·
في البداية لماذا الآن قررت أن
تخرج شخصية «شيخ العرب همام» من
الكتب إلي شاشة التليفزيون ولماذا هذا الاهتمام بالصعيد.. هل هو نتيجة
لشعور لديك
بأن الصعيد مظلوم إعلاميا؟
-
لأكثر من سبب.. أولا أني من الصعيد
وبالتحديد من سوهاج مركز أخميم قرية العيسوية شرق.. هذا هو محل
ميلادي والمكان الذي
قضيت فيه طفولتي إلي أن انتقلت إلي القاهرة.. السبب الثاني أن لدي حكايات
أريد أن
أحكيها. المسألة ليس لها علاقة بظلم أشعر به وإنما مرتبطة في الأساس برغبتي
في
توصيل رسائل معينة بصدق وبدون تأليف.
·
هل معني هذا أن هناك
تعاملاً إعلامياً مع الصعيد يجنح إلي نقل صورة غير حقيقية؟
-
أستطيع أن أقول إن في بعض الأحيان تكون الصورة غير كاملة..
تعاني من تلخيص وتهميش
وأشياء أخري كثيرة ليست صادقة.. ففي معظم الوقت يتم التعامل مع الصعيدي علي
أنه
عصبي ودائما مهموم بفكرة الثأر أو أن يتم إظهاره علي أنه تاجر مخدرات..
وإما أن
نسخر منه وإما أن نظهره كمتطرف.
·
وكيف تري أنت الصعيد؟
-
أراه كمجتمع شديد الخصوصية كجغرافيا وتاريخ يجعله أقدم حتي من
القاهرة..
مجتمع متعدد اللهجات والقبائل والحكايات له خصوصية أيضا في طبيعة أهله
وعلاقاتهم
بالدين إلي جانب التعاملات الطبقية بينهم.. مجتمع بالرغم من أنه ليس منفتحا
كمجتمع
القاهرة إلا أنه يعبر عن حالة من التسامح الديني أكثر تجليا.
·
هل
تري أن مجتمع الصعيد كان أكثر تسامحا علي الصعيد الديني؟
-
إذا
تحدثت عن الأشياء التي شاهدتها في طفولتي أستطيع أن أقول إن الصعيد بالفعل
طالما
كان متسامحا دينيا.. تسامحاً ليس له علاقة بافتعال الإعلام للوحدة
الوطنية.. لسنا
في حاجة علي الإطلاق لحفلات إفطار جماعية يتم تصويرها من قبل
التليفزيون لنؤكد أننا
متسامحون دينيا.. مازلت أذكر أن الموائد الرمضانية دائما ما كانت تقام في
الأديرة
وعلي طول الطريق وكانت علاقات المسلمين والمسيحيين علاقات طبيعية.. وإذا
كنا نتحدث
عن شيخ العرب همام نستطيع أن نعرف وفقا للوقائع الثابتة
تاريخيا أن شيخ العرب همام
كان يعاونه شخص مسيحي اسمه «بولس بن منقريوص» كانت مهمته أقرب إلي مهنة
وزير
الاقتصاد الآن.. ثم إن المعروف تاريخيا أيضا أن الشيخ همام كان ينتمي
لقبيلة
الأشراف مثلما كان منتميا لقبيلة هوارة.. وأكثر ما أبهرني في
شخصيته هو تحقيقه
المبكر لفكرة المواطنة فقد نجح في أن يمزج بين انتماءاته العربية وبين
انتمائه
لقبيلة هوارة وبين انتمائه أيضا لقبيلة الأشرف بشكل يؤكد علي المعني
الحقيقي لفكرة
المواطنة.
·
هل تخلي المجتمع الصعيدي عن
طبقيته؟
-حتي الآن المجتمع ليس متسامحاً بشكل كبير مع الطبقية، والمعيار الطبقي
في
الصعيد لا يقتصر علي الأموال وإنما له علاقة بالجذور والقبيلة وما إلي ذلك.
·
هل تري أن شخصية «شيخ العرب
همام» تحمل إسقاطاً ما علي
الواقع؟
-
هذا الرجل استطاع أن يوحد الصعيد بقبائله رغم قبليتهم
بمرونة وبمنطق رغم أن مصر في ذلك الوقت كانت تعيش فترة صعبة، فالقاهرة كانت
ولاية
عثمانية غير مستقرة في يد المماليك، وبينما كان ذلك الرجل شخصا
عربيا بسيطا في
تعليمه إلا أنه نجح في التوحيد بين المتناقضات، لذا أستطيع أن أقول إن
الباب بين
قصته وبين الحاضر باب رقيق و«موارب».
·
أكدت أكثر من مرة علي
الأصول العربية للشيخ «همام» هل تري أن الانتماءات العربية للشخصية المصرية
أصبحت
موضع سؤال؟
-
أنا مؤمن بأن اختصار مصر في هوية بعينها مرفوض من
وجهة نظري لأن الشخصية العربية مكون أساسي من مكونات الشخصية المصرية.
وللأسف هذه النبرة المؤكدة علي الانتماءات العربية لمصر خفتت وظهرت
نبرات
أخري. ولكني أري أن مصر دولة عربية ورغم أن لها منابع كثيرة فرعونية وقبطية
وأخري
مرتبطة بالفتح الإسلامي إلا أني أري أن أكثر المنابع تأثيراً هو المنبع
العربي وإذا
كان للشخصية المصرية مزايا فهذا لأن للمنبع العربي تأثير كبير
في أصولها.
·
ما الذي تغير في الصعيد المصري؟
-
الصعيد زمان
كان غنيا أما الصعيد الآن فهو فقير.. الصعيد قديما كان من أهم روافد الغلة
لمصر
وكان مستقرا وهادئا ولم يكن به تلك النعرة القبلية التي تراها الآن.. كان
صعيداً
أكثر تسامحا وأفضل علي المستوي الاقتصادي.
·
مازلت مصرا علي الحديث
عن التسامح.. هل فقد الصعيد تسامحه الديني؟
-
مصر كلها أصبحت أقل
تسامحا، وكل الشواهد تؤكد الآن أن المواطن المصري أصبح أكثر
حدة وتعصبا.. أقرب
للانفعال منه للرزانة وذلك لأسباب كثيرة سياسية واقتصادية وضيق ذات اليد
عند
الأغلبية وإلهاء المواطن في الجري وراء لقمة العيش.. كل هذه الأسباب جعلت
المواطن
يعيش تحت ضغوط كثيرة طوال الوقت وخسر سلامه النفسي وخرج عن
طبعه المعتاد فأصبح أكثر
تطرفا.
·
هل تري أن الصعيد يعاني من
تهميش؟
-
نعم
تهميش سياسي واقتصادي، وإن كنت أري أن التهميش السياسي أكبر.. فعلي الصعيد
الاقتصادي أري أن الصعيد في حاجة إلي اهتمام أكبر وليس مجرد مشاريع..الصعيد
يحتاج
إلي استراتيجية كاملة وإلي وضع اجتماعي أفضل.
أما علي الصعيد السياسي فأري
أن هناك محاولات للاستخدام السياسي للقبلية والطبقية المسيطرة
علي مجتمع الصعيد..
فطوال الوقت تجد فكرة الكبير والذي يكون في معظم الأحيان منتميا للحزب
الحاكم،
وبالتالي نجاحه دائما مضمون، الأمر الذي يجعل الحراك السياسي أقل.. وطوال
الوقت
أيضا هناك علاقة قوية بين الأقوياء والقادرين وبين النظام..
وهي علاقة ثابتة تعتمد
علي مصالح متبادلة تقضي علي الحراك السياسي.. قديما كانت هناك شخصيات
سياسية ناجحة
لم تعتمد في نجاحها علي أحزاب وحققت أشياء حقيقية
للشعب.. أما الآن فالناس العادية
مشاركتها أقل خاصة بسبب الفقر، لذا تجد الأغلبية في الصعيد في حالة تبعية
للكبير..
القاهرة علي سبيل المثال بها حراك سياسي
أكثر، أما في الصعيد فالطبقية تجعل الآخرين
في تبعية لمن يقود.
·
اهتمامك بالتاريخ يجعلني أتساءل:
هل تاريخ
الصعيد يتم تجاهله عن عمد؟
-
أولا علينا الاعتراف بأن التاريخ
المصري المعاصر يحتاج إلي مراجعة فلا يوجد شيء موثق فيما يتعلق
بتاريخ مصر في الـ
100
سنة الأخيرة..
أما إذا كنا نتحدث عن التجاهل فعلينا أيضا الاعتراف بأن
العاصمة «واكلة البلد» فقد ابتلعت الأطراف.. وتمددت وأصبحت غير مسيطرة علي
نفسها
وبالتالي أدت مركزيتها إلي فسادها.ف هل يتم التعامل مع الصعيد
بنظرة دونية؟- النظرة
الدونية لم تعد فقط للصعيدي فالناس بشكل عام أصبح يتم تلخيصهم علي أساس
مليون معيار
مثل الوضع الاقتصادي والانتماء الاجتماعي.. كل شخص يريد أن يصل لنتيجة عن
الآخر من
خلال ملابسه دون أن يعرفه وهكذا تحولنا إلي 80 مليون آخر لا نعرف شيئا
حقيقيا عن
بعضنا البعض.
·
إذا تصورنا أن هناك 3 رسائل
جوهرية أردت توصيلها من
خلال مسلسلك، فما هي هذه الرسائل؟
-
أولا هناك رسالة لها علاقة
بفكرة المواطنة وكيف يستطيع القائد توحيد الناس رغم اختلافاتهم
الدينية والطبقية
ويحقق مواطنة حقيقية فشيخ العرب استطاع توحيد الناس علي كلمة واحدة رغم أن
البلد
كان يمر بفترة سياسية مليئة بالتوترات.. ورسالة متعلقة بالحب وكيف تستطيع
أن تحكم
به.. والرسالة الثالثة والأخيرة هي أن البلد مازال به نماذج
مضيئة.
·
انبهارك بهذه الشخصية هل يعني
إيماناً بفكرة المستبد
العادل؟
-
في ظل هذا الظرف التاريخي وتلك الحالة من الطبقية كان
أفضل نموذج للحكم هو المستبد العادل.. أنا شخصيا مؤمن بفكرة توحيد الناس من
خلال
فكرة يملكها شخص، والفكرة عندما تخرج من عقل مستنير من الممكن
أن تتحول تلقائيا
لمنظومة كاملة.. الآن الموقف يتجاوز فكرة الشخص فنحن في حاجة إلي منظومة
وإلي فكر
مؤسسي.. خاصة أن المصريين اعتادوا دائما فكرة انتظار شخص وهو الأمر الذي
يجعلني أصر
علي أني ضد فكرة المستبد العادل.
كل حاجة بتتنسب.. دلوقتي الموضوع يتجاوز
الشخص، محتاجون منظومة كاملة، فكر مؤسسي.. اعتاد المصريون علي
انتظار شخص.. أنا ضد
فكرة المستبد العادل.
·
عودة مرة أخري للتسامح.. هل لديك
تفسير
لأسباب خروج الفتن الطائفية الأخيرة من الصعيد؟
-
من خلال المسلسل
نكتشف أنه منذ 240 سنة تقريبا لم نكن نناقش ما إذا كان فلان
مسلما أو مسيحيا.. و
الآن فقط نتحدث في هذه الأشياء.. ونسأل عما إذا كان الشخص مسلما أم
مسيحيا.. غنيا
أم فقيرا.. له نفوذ أم لا.
أما عن الفتن فأنا أشعر بأن الإعلام يلعب دورا
في هذه المسألة طوال الوقت.. الأزمة أن الصعيدي شخص سهل
الاستثارة أكثر من غيره
وتستطيع أن تجذبه إلي الغضب والانفعال بسهولة.
·
هل تقصد أن الوصول
إليه من قبل الأجنحة المتطرفة أسهل؟
-
لا، لأن أصول التدين عند
الصعيدي أميل للتصوف وهذا هو ما يحمي الصعيد من التطرف.. لذا
أنا أميل لأن أقول إن
معظم الأحداث الطائفية أسبابها غير طائفية بالمرة.. ربما تكون أسباباً
اقتصادية
ويقوم الإعلام كعادته بالتهويل وصبغها بصفة التطرف والطائفية.. والحل هو
مناقشة
القضية من جذورها بدلا من أن يكون الحل هو أن نصور الناس وهم
يقبلون بعضهم البعض..
كما أن النظرة إلي الصعيد نفسه يجب أن تتغير، وعلينا أن نستثمره بشكل أفضل
من أجل
مصلحة الوطن وأن ننظر إليه بجدية واحترام أكثر.. لأن ما أراه هو أنه ينظر
إليه نظرة
أقل مما ينبغي وباهتمام أقل، وإن كانت هناك محاولات لإصلاح هذا، فمثلا خطوة
افتتاح
مطار في سوهاج أسعدتني للغاية لأن كل خطوة تربط الصعيد بالدنيا
هي خطوة نحو احترام
المواطن الصعيدي.
مجلة روز اليوسف في
28/08/2010
د. مدحت العدل:
كثير من المصريين يتصورون أن كل ما يأتي من الخليج هو صحيح
الدين
كتب
طارق مصطفي
تناقض.. ازدواجية.. وفساد اجتماعي..
3
مصطلحات يلعب عليها
د. مدحت العدل من خلال أحداث مسلسله «قصة حب» الذي يدور حول
قصة حب بين ناظر مدرسة
تنويري ومثقف من جيل الستينيات وبين أرملة منقبة تنتمي إلي الجيل الحالي.
د.
مدحت استغل هذه القصة ليقدم وجهة نظره وشهادته علي ما حدث للمجتمع في
السنوات
الأخيرة عندما أصبح التطرف بكل أشكاله هو اللغة التي يعرفها
سواء كان تطرفا لصالح
العري.. أو تطرفا لصالح مطرب.. أو تطرفا لصالح ناد، وبالطبع التطرف الديني.
أسباب
كثيرة ذكرها د. مدحت في الحوار التالي لوصول المجتمع المصري إلي هذه الحالة
من
التفتت والتشتت.. وحقائق كثيرة صادمة ذكرها تؤكد أننا في لحظة
علينا جميعا أن ننتبه
فيها إلي ضرورة التحرك بسرعة من أجل إنقاذ ما يمكننا إنقاذه.
·
في
البداية ما تفسيرك لهذا الانقضاض المباشر من قبل الدراما هذا
العام علي المجتمع
وقضاياه الشائكة بشكل لم نشهده من قبل؟
-
الحاجة أم الاختراع كما
يقولون، وفي بعض الأحيان يكون هناك احتياج في توقيت معين لكي
تتحرك وتقوم بخطوة ما.
لم نعد نملك رفاهية الانتظار وأصبح علينا أن نواجه، خاصة في ظل تلك
المشكلات
الواضحة ومناطق الخلل التي نعرفها جيدا.. وإذا كنا نريد إصلاحا حقيقيا
للبلد فعلينا
أن نبدأ بالمواجهة.. وبحديثي هذا أعني كل شخص مهموم بهذا المجتمع سواء كان
صحفيا أو
كاتبا.. كلنا نشعر بما يحدث حولنا وكلنا نعلم أنه لم نعد نملك القدرة علي
الصمت.
والدليل علي هذا أني قرأت اليوم حوارا في إحدي الجرائد القومية لم
أتصور
علي الإطلاق أن أجده في جريدة كهذه بسبب موقفه المعارض. الحوار كان مع أحمد
الليثي
وزير الزراعة السابق الذي قال صراحة إن كل من يحاول تحقيق الاكتفاء الذاتي
من القمح
لمصر يتم استبعاده، وكيف أننا فشلنا في سياسة المحصولات الدولارية.
حوار
كهذا لم أكن لأتصور أن الناس تستطيع أن تقرأه في جريدة رسمية، وهو ما يعني
أن الكل
سواء كان مع أو ضد الحكومة يعرف جيدا أن أوان الصمت قد مضي.
·
التعليم.. هل تري أنه أصبح مصدر
الفساد والإفساد في مصر؟
-
علينا
أن نعترف أن التعليم إذا صلح صلح كل شيء.. والتعليم هو أساس الخيبة في
مصر.. مازلت
أذكر جملة «غاندي» عندما قال ما معناه: «نحن فقراء لدرجة أننا لا نملك
رفاهية ألا
نقدم تعليما جيدا».. أتصور أن هذه جملة كفيلة بأن تجعلنا نفكر
جيدا كيف سيكون حالنا
إذا لم نهتم بالتعليم؟
·
ولكن هل تحولت المدارس إلي خلايا
لكل
المتناقضات كما صورتها بالمسلسل؟
-
نعم للأسف الشديد أصبحت
المدارس في مصر خلايا للتطرف والبانجو.. والدليل هو ما نقرأه
في الصحف.. كأن تسمع
أن مدرسة من المدارس بها مسجل خطر أو أن ناظر مدرسة يقوم بتأجير المدرسة
بالمساء
للدعارة.
علي أيامنا لم يكن دور المعلم يقتصر علي تقديمه للمعلومات
الموجودة بالكتب وكفي.. لا أنسي أبدا مدرس اللغة العربية الذي جعلني أحب
اللغة
العربية بشدة لأنه كان رجلا تنويريا.. وكنا نتحدث في حصصه عن
السياسة والمجتمع وكل
القضايا التي تشغلنا.
·
هناك سؤال يشغلني بشدة.. ما
تفسيرك لهذه
الحالة من التطرف الديني التي أصابت الكثير من المصريين؟
-
دعني
أجيب عليك بسؤال.. هل تستطيع أن تفصل بين المشجعين الذين تصل بهم العصبية
إلي درجة
حرق مشجع لفريق آخر وبين التطرف الديني؟
أتصور أن الإجابة هي لا.. فإذا كنا
وصلنا إلي هذه الدرجة من التطرف في الكرة فكيف لا نصل إليها في
نظرتنا للدين.
نحن الآن أمام نقطة مفصلية ومحورية في تاريخ مصر.. يا تقبلني وأقبلك..
يا
البلد دي حتتقسم.. لابد أن نتعايش ونختلف باحترام.
نعم، الهوس أصبح مسيطرا
علي قطاعات كبيرة من المجتمع.. هوس بالعري.. باللبس.. بالدين..
واختفت الوسطية..
تلك الوسطية التي دائما ما كانت مصر بلدا لها من قبل أن يدخلها الإسلام..
مصر دائما
ما كانت تمتص كل ما يفد إليها وتتفاعل معه وتؤثر في الآخر إلي أن يصبح مصري
الهوي
وإن لم يكن مصريا. لا أعرف أين ذهبت الوسطية التي كانت من أهم
سمات الشخصية
المصرية.
·
أتصور أنك تملك تفسيرا لهذه
الردة؟
-
كلنا نعلم أنه في السبعينيات وبداية الثمانينيات شهدت مصر أكبر
حركة هجرة في
تاريخها.. في الفترة التي اعتدنا وصفها بفترة البترودولار.. عندما سافر
المصريون
إلي دول الخليج ليتعلموا هناك عادات قبلية بدوية ثم عادوا إلي مصر متصورين
أن هذا
هو الإسلام.. وإذا قلنا إن الذين سافروا 5 ملايين فالذين عادوا
كانوا 25 مليونا
مثلا لأنهم كونوا أسرا هناك وتزوجوا وعادوا بأسرهم.
كل هذا أدي إلي تأثيرات
مرعبة نتج عنها تآكل الطبقة الوسطي وتحول الدين إلي شكل من
أشكال الوجاهة
الاجتماعية.
فالغني الذي حصل علي كل شيء في الدنيا يريد أن يضمن الجنة،
والفقير الذي يعيش في جهنم ليس له سوي أن يحلم بالجنة.. وهكذا أصبحنا أمام
تطرف في
الثراء والفقر والمشاعر الدينية.. وهذا هو ماحاولت قوله في
المسلسل من خلال شخصية
زوج «رحمة» الطبيب الذي أحبها وهي طالبة في الجامعة في رحلة من الرحلات
التي كانت «قبل أن نهتدي» كما قالت هي لـ«ياسين» في
المسلسل.. ذلك الطبيب الذي دعمته النقابة
وهرب إلي العراق مع زملائه الأطباء ليحارب أمريكا.
وبالمناسبة علينا أن
نعترف بأن نقابة الأطباء في مصر تتحكم فيها الجماعات الإسلامية منذ سنوات
طويلة
وحتي الآن، وبالمناسبة أيضا فهم يقدمون خدمات هائلة «كتبا، ملازم» وغير ذلك
من
الأشياء التي تقدم للأطباء بأسعار زهيدة.
ولكن في المقابل فإنهم كانوا
يساعدون في سفر الأطباء إلي أفغانستان لمساندة إخوانهم هناك
بدلا من أن يرسلوهم إلي
الصعيد الذي هو أولي بالمساعدة.
·
وما الحل للخروج من هذه
الإشكالية؟
-
أولا الديمقراطية كمبدأ عام وكمبدأ سياسي، وذلك لن
يتحقق إلا من خلال التعليم الذي مازلت أري أنه الرهان الأهم والأصعب.
·
هل يغذي الإعلام التطرف أم
العكس؟
-
أعتقد أن
كلا منهما يغذي الآخر.. فمثلا موضوع مثل مباراة مصر والجزائر منذ عدة
أشهر.. من
الذي أشعل الأزمة سوي إعلاميين بحثا عن مكسب إعلامي يتلخص في أن تشاهد
برنامجا
بعينه ولا تنتبه إلي أي برنامج آخر.. وهكذا لخص عدد من
الإعلاميين بلدك وحلمك
القومي في انتصارك علي الجزائر.. وهكذا ظلت البرامج تغذي هذه النبرة إلي
درجة أن
حربا كادت تنشب بين مصر والجزائر بسبب مذيعين جهلة سواء بوعي أو بدون وعي.
هذا إذا كنا نتحدث عن كرة القدم، أما إذا كنا نتحدث عن علاقة الإعلام
بالتطرف فما عليك سوي أن تستكشف بنفسك كم عدد القنوات الدينية التي تظهر كل
يوم.
شاهد كيف يستخدمون الدين من أجل تحقيق مكاسب حتي لو اضطر في سبيل ذلك
إلي
أن يعرض الرأي والرأي المناقض ضده تماما خاصة عندما يكون النقاش دائرا حول
قضايا
ليس من الضروري علي الإطلاق التحدث فيها. علي سبيل المثال «فتاوي
إرضاع الكبير» هذا
موضوع مثلا تستطيع أن تستضيف فيه ضيوفا علي مدي 10 حلقات لأنك كلما كنت
مثيرا للجدل
والدهشة حقق ذلك لك نجاحا.
·
ألم تلاحظ أننا حتي الآن لم نذكر
الدولة.. كيف تجد دورها الآن في تلك المنظومة؟
-
أولا دور الدولة
انحصر في العالم كله ولم يعد لها القدرة علي فرض السيطرة فالنت
علي سبيل المثال
أصبح عالما مفتوحا.. ثم إنه طالما أن كل هذه المشاحنات الإعلامية العظيمة
تخفي
بلاوي بتحصل.. وإذا كان هذا سيساهم في التستر علي فساد ويحدث طوال الوقت
إذن «يا
مرحب أن شوبير إتخانق مع مرتضي»..
·
هل تستطيع أن تضع الخطوات التي
تستطيع من خلالها تحويل مراهق عادي إلي متطرف؟
-
العملية تبدأ من
البيئة التي تعيش فيها كل يوم.. مرورا بالمسجد الذي تصلي فيه..
والتليفزيون الذي
تشاهده وصولا إلي الناس التي تصادفها حولك في إشارة المرور أو في الشارع..
وبالمناسبة لدي مثال أستطيع أن أشرح من خلاله وجهة نظري.
هناك شاب يقوم
بتصليح الموبايلات بجوار الشارع الذي أسكن فيه.. يرتدي جلابية قصيرة ومؤخرا
أطلق
لحيته.. أرسلت له تليفوني لكي يصلحه لي أكثر من مرة وفي الحقيقة كان محترما
للغاية.
عندما أذهب إليه مثلا يصر علي إعطائي عطرا
اشتراه من الحسين ليبدأ في سؤالي بعد ذلك
عن ابني ولماذا لا يذهب إلي الصلاة في المسجد.. هذا الشخص
نموذج لإنسان بسهولة
يمكنك تحويله إلي متطرف لأنه متصور أن تلك الملابس وتلك الطريقة في الأمر
بالمعروف
والنهي عن المنكر، أنه بذلك بدأ في الانفصال عن حياته والحياة كما كان يحيا
السلف.
سؤالي هو: ألم يعد من المقبول أن تكون مسلما متدينا وفي الوقت ذاته
ترتدي
القميص والبنطلون.. ولهذه الدرجة تحول الدين إلي قشور؟
·
«أوديهم
الأهرام عشان أعرفهم تاريخ الجاهلية؟» جملة قيلت علي لسان المراهق المتزمت
في
المسلسل.. هل تعتقد أنه هكذا أصبحنا ننظر إلي حضارتنا
وتاريخنا؟
-
للأسف أصبح هذا منطقا شائعا لدي الكثير من أتباع هذا الفكر
المتشدد.. فعندما تتاح
لي فرصة الحديث معهم مع الأخذ في الاعتبار أن بعضهم أطباء ومهندسون أصدم
عندما أجد
أن بعضهم يعتبر أن الذي لا يعرف العقيقة لا يعرف صحيح الدين.. نعم أصبح
المصريون
مقتنعين أن كل ما يأتي من الخليج هو صحيح الدين.
مجلة روز اليوسف في
28/08/2010 |