|
في معركة الشطرنج الكبري التي تدور الأن علي الشاشات التليفزيونية
الرسمية والعربية والتي يمكننا ان نطلق عليها منذ الأن
(حرب المسلسلات)..
وشأن كل حرب..
هناك منهزم ومنتصر هناك معارك مباغتة
ومعارك مقدرة..
هناك بطولات اثبتت مقدرتها وبطولات تتحين الفرص وهناك
(حسابات) انتهي رصيدها.. وحسابات جديدة بدأت تسجل أرقاما متصاعدة في
ارصدتها.
وبالطبع فانه من المستحيل تبين نتائج المعركة ونحن لازلنا نتابع
مدافعها ورشاشاتها وطلقاتها النارية واحتشاد جيوشها،
ولكن يمكننا من القاء نظرة خاطفة سريعة علي أرض هذه المعركة وميدانها ان
نستشف الي أين تتجه رايات النصر وأين تتراجع الرايات المهزومة.
هناك (جماعة)
وحيد حامد ومحمد ياسين التي انطلقت كالحصان الأسود الجامح مقتحمة العقبات
كلها والحواجز ومثيرة خلفها عاصفة من الرمال والصراخ والصديد.
عمل كبير يواجه قضية كبيرة تشكل الآن الجرح الدامي في جسد الأمة وكان
لابد لصوت قوي كصوت وحيد حامد ان يمسك المبضع..
لكي يخرج الصديد..
ولكي يرسم لنا ولو بشكل
غامض طرق الشفاء..
المسلسل لازال في منتصف الطريق ولكن ما رأيناه وما سمعناه يبشر
دون شك بانتصار ساحق في ميدان الدراما العربية.
مسلسل آخر جاء ضربة مفاجئة مدهشة في توقيتها واتزانها والافاق التي
ترسمها والأهداف التي تتجه اليها.
المسلسل هو
(أهل كايرو) الذي كتبه بلال فضل واخرجه محمد علي ومثلته مجموعة من الوجوه
الجديدة.. يتصدرها نجم مخضرم كبير هو خالد الصاوي الذي يقدم لنا صورة اخاذة
لضابط مخابرات شديد الذكاء يعاني من ازمات عائلية..
ويحاول جاهدا ان يوازن بين سلوكه السياسي
وسلوكه الوطني وسلوكه الانساني.
اداء بديع ومتفوق لنجم أصبح يملك كامل أهلية النجوم الكبار..
الي جانب خالد الصاوي تتألق نجمه شابة..
اعتقد بدون جدال انها الاكتشاف الحقيقي
والسلاح الخفي في هذه الحرب المدمرة المستقلة علي شاشاتنا..
الممثلة هي رانيا يوسف..
التي لفتت الأنظار في رمضان الماضي بدور الجاسوسة السادية
الاسرائيلية في (حرب الجواسيس)
والتي تعود الينا هذا العام في دور مختلف
تماما..
يحتوي علي عواطف متناقضة ومشاعر مدهشة تتراوح بين الطموح
والحقد والحب والحنان وانسانية حارقة كامنة في الأعماق.
انها تمثل امرأة من القاع..
صعدت الي سطح المجتمع.. تزوجت مرارا وكونت لنفسها ثروة واسما..
وهي الآن تعيش تجربتها الأخيرة مع دكتور
كهل عاش في امريكا سنينا طوال وعاد ليمضي بقية حياته في مصر دور ينقصه
حساسية وموهبة ويضع هذه الممثلة الشابة التي تصعد ببطء وثقة في مشوارها
الفني مرة واحدة ضمن كبار النجوم الي جانبها تقف ممثلة سورية شابة..
هي اكتشاف عربي جديد للتليفزيون المصري هي (كندة علوش)
التي تلعب دور صحفية معارضة تحمل في قلبها وضميرها أوجاع أمة بأسرها.
بلال فضل يشطح بعيدا في كتابته الدرامية..
ويثبت ان له قلما حادا كالسكين المرهفة وشاعرية شعبية وحنانا دافقا
لشخصياته وقدرته عالية علي خلق التوازن بين الأحداث وان يضع دوائر حول
الشخصيات التي ما تكون بهالات النور.. تساعدنا علي فهمها وتمسك بأيدينا
لتقودنا في دهاليز النفس الانسانية المعقدة.
كتابة رائعة وأداء متميز واخراج مفاجيء لمحمد علي بأسلوب مختلف تماما
لم نره من قبل علي شاشة التليفزيون وايقاع ساحر عرف كيف يمسك بأطرافه بجرئة
وتمكن.
(أهل كايرو)
هو الحصان الأشهب النبيل..
الذي يقف منفردا متكبرا..
به جميع الأحصنة الأخري..
التي تواجهه (واثق الخطوة يمشي ملكا).
وكان هناك نسر كبير وجناحين عملاقين..
كان سيفردهما علي شاشاتنا هو للمبدع بشير الديك ونادر جلال باسم (عابد
كرمان) يتألق فيه (تيم الحسن) كنجم القطب المنفرد الذي لاحدود لضيائه
وابهاره.
لكن ظروف ادارية وسياسية..
حجبته عنا هذا العام.. وربما نراه في فرصة قريبة وضمن اجواء هادئة تمكنا من
الحكم عليه عن كثب.. لانه والحق يقال عمل متميز يجمع أكثر من صفة إيجابية..
لعل أهمها نجومية تيم الحسن وعبقريته الادائية وقوة حضوره.
ليلي علوي..
ربما كانت من بين جيل المخضرمين الذين
دخلوا هذه المعركة المسلسلاتية متحصنين بجماهريتهم السابقة..
وتعلق المشاهدين بهم.
ولكن يبدو ان اتجاه المعركة الجديد في هذه
(الحرب الشرسة) قد اضاع عليهم فرصة الفوز وحجب عنهم امكانية التألق فراحوا
يخوضون بمياه كانت في يوم من الأيام تجري هادئة متدفقة ولكنها تحولت الان
الي مياه اسفة.. يصعب الخوض فيها..
وتحمل من يعاني الأسي أكثر مما تحمل من شارات البهجة.
وحدها ليلي علوي التي عرفت كيف تستغل نجاحها في معركة رمضان السابقة
فقدمت اختزالا موفقا لمسلسلها وقسمته الي جزءين ان يكونا متناقضين وها هي
تعاود الكرة وتقدم لنا جزءا أول من هذه الحسابات التي نعيشها..
من خلال نص يطفح حرارة وحنانا وحبا..
عن أم لثلاثة أولاد..
تعيش معهم ومع والدها العجوز..
وتحاول ان تبحث عن عمل تواجه به..
مقتضيات حياتها.
القصة لاتحمل الكثير من التجديد..
ولكن الأداء والايقاع والحنان الذي تقدمه الممثلة الكبيرة وقدرتها علي
التعبير عن عواطفها بهذه السلاسة الحلوة..
وهذ العفوية المدهشة اعطي المسلسل ابعادا انسانية مؤثرة.
زادها قوة هذا النجم الصغير البارع الذي لعب دور ابنها الأصغر. والذي
استطاع رغم صغر سنه ان يقف وقفة الند للند امامها.
الي جانب ان المسلسل يقدم لنا الفرصة الحلوة ليكتشف الجمهور المصري
هذا الممثل السوري النابغة (عابد الفهد)
الذي ادهشنا العام الماضي في دور حسن الأطرش زوج اسمهان في المسلسل الذي
يحمل اسمها.. وزلزلنا قبل لك في ادائه العبقري لشخصية الحجاج ابن يوسف
الثقفي المثيرة للتساؤلات والتي قدمها (عابد) بعبقرية تمثلية مشهودة.
واذا اقتربنا من التاريخ فسنجد ان الدراما المصرية..
قد ساهمت بالاشتراك مع الدراما السورية في تقديم عملين كبيرين الأول هو
(سقوط الخلافة) الذي كتبه كاتبنا الكبير يسري الجندي شخصية هذا السلطان
الثري كان دائما مثار تساؤلات عدة لا تنتهي.
من قبل المؤرخين والكتاب..
هل ساهم حقا بسلوكه في اسقاط هده الدولة التي حكمت الشرق الأوسط وجزءا
كبيرا من اوروبا
ما يقرب من خمسمائة عام.
الي جانب عباس النوري تتألق مجموعة من الممثلين السوريين والمصريين
علي رأسهم (بريمادونا)
المسرح والشاشة
(سميحة ايوب).
المسلسل يتطرق الي قضايا سياسية
عويصة عرف يسري الجندي كيف يحلها..
وان كان الاعتماد علي الحوار فيها..
جاء أحيانا أكثر من اللازم..
وعلي حساب تدفق الأحداث المسلسل الثاني هو
(كيلوباترا) الملكة المصرية التي تجسدها السورية (سولاف فواخرجي)
وواضح ان حسن النية مسيطر تماما علي المسلسل..
كما يلعب جمال الملكة الأول دوره في
التأثير..
ولكن ضاع المسلسل في عدم تحديد هدفه..
وفي ضعف الامكانيات المادية من ديكور وثياب واكسسوارات.. رغم المبالغ
الكبيرة التي انفقت عليها..
بالمقارنة التي كان لابد لها ان تحدث رغم عنا بين مانراه وما
سبقنا لنا ان شهدناه في افلام امريكية واوروبية لعل اشهرها فيلم اليزابيث
تايلور
(واحد من أغلي الأفلام في تاريخ السينما)
كما صورت هذه الفترة الخصبة والمثيرة لشتي
التساؤلات والتفسيرات من تاريخ مصر.
حول مشارف في التاريخ المصري الحديث يأتينا ايضا مسلسلان كبيران ساهمت
فيهما الجهود السورية الي جانب الجهود المصرية.
اولهما.. هو (السائرون نياما)
المأخوذ عن قصة رائعة لسعيد مكاوي والتي اعتقد جازما انها الي
جانب (الزيني بركات)
من أجمل ما كتب عن تاريخ مصر في حكم
المماليك هذه المرة..
جاء محمد فاضل بكل خبرته وقوة ملاحظته..
لكي يعكس وقائع القصة المليئة بالأحداث..
مستغلا ديكورات شاحبة..
بعيد عن الديكورات المملوكية بثرائها وفستيائها..
وثيابها المزركشة.
كما جاء اختيار فاضل للنجمة الكبيرة فردوس عبدالحميد اختيارا شديد
التوفيق..
والتي اعطت دور زليخا كاهنة المماليك ومنظمة ثورتهم الشعبية
بعدا عاطفيا وسياسيا وانسانيا لا اعتقد ان نجمة
غيرها كان يكن لها ان تقدمه بهذا التأثير ولايمكن ان ننسي بسهولة مشهد
الافتتاح الذي نري فيه زليخا تشهد مصرع زوجها وقطع رأسه امامها..
وكيف تمسك بالرأس الدامية صارخة بها (اصحي..
اصحي) ثم هذه الاجواء الدرامية التي نجح فاضل في رسمها لتقف وقفة الند امام
الأجواء الثرية والتي يختفي وراءها الفن الذي يعيش بها سلاطين المماليك.
لقد عرف فاضل كيف يمسك بالخيط السياسي لهذه الفترة وكيف يجمعه مع الخط
الخاطفي..
وكيف يعطي هذا (الكوكتيل)
بعد ذلك بعدا معاصرا لايخفي علي احد السائرون نياماً
هو واحد من هذه المسلسلات التي يستحسن ان نشاهدها علي مهل فيما بعد لنشاهد
متعة مشاهداتها والرموز الحقيقية التي امتلأت بها أحداثها، والجواهر المشعة المتألقة التي عرف صانعو المسلسل
كيف يبثوها في ارجاءه من التاريخ الحديث تقريبا..
هناك (ملكة في المنفي)
الذي يعيد لنا نادية الجندي الي الشاشة الصغيرة..
لتجسد دور هذه السيدة التي اختلفت حولها الآراء..
البعض يتهمها انها كانت السبب الرئيسي في ازمات ابنها النفسية..
والتي انتهت بقطيعة تاريخية بينها وبينه اضطرت بعدها ان تعيش وحدها في
المنفي حتي وفاتها والبعض يحاول ان يدافع عنها وان يميز أسبابا نفسية
وسياسية لسلوكها الجامح. انها دون شك شخصية مثيرة للجدل وبالتالي..
تصبح ايضا مثيرة لكثير من كتاب الدراما
والممثلين كما يجسدوا شخصيات لازالت عالقة في الأذهان..
والحق إنني لم اعرف تماما سبب الاصرار علي تقديم هذه الرؤيا الجديدة للملكة
الأم المتمردة والعاشقة بعد ان سبق وجسدتها باقتدار (وفاء
عامر) في المسلسل الناجح الذي تناول حياة ابنها الملك فاروق.
هل هي محاولة لتجميل الصورة الملكية الباهتة التي شحبت كثيرا بعد ان
تناثر سلوك نازلي الشائك علي جميع الألسن.
المسلسل الذي اخرجه السوري محمد زهير رجب لايرقي الي المستوي الفني
الرفيع الذي قدمه (حاتم علي)
في مسلسل الملك فاروق ورغم نفقات الانتاج المرتفعة.
أما اداء السيدة نادية الجندي فانه لم يخرج كثيرا عن اسلوبها المعتاد
ونمطيتها الشهيرة حتي كان يخيل ايضا ان نازلي تلعب دور نادية الجندي.
جمال سليمان..
الذي اصبح نجما مصريا له شعبيته في بلدنا
قدر شعبيته في سوريا فإنه يطل علينا بمسلسلين الأول هو
(قصة حب) والذي يجسد فيه دور استاذ في مدرسة ثانوية حيث يقدم (كاراكتير)
مدروس بعناية وبمهارة ورغم ان المسلسل يخوض في ميدان شديد الاثارة هو ميدان
المدرسة والمراهقة.. فان الدور قد عان من محاولة تجنب اشعال الحرائق وهذا
اخطر ما يواجهه مسلسل يواجه هذا الموضوع الشائك.
لكن التوفيق كان اوسع مجالا واشد تأثيرا..
في مسلسل (ذاكرة الجسد) المأخوذ عن قصة احلام مستغاني الشهيرة والذي يروي
مأساة مناضل جزائري قديم فقد ذراعه وماذا اصابه في بلد المليون شهيد..
التي تناوبت علي افتراس جثثها مئات الغربان
السوداء.
جمال سليمان اعطانا درسا في كيف يمتلك لممثل ان يقدر في اعماق الشخصية
التي يجسدها..
وان يجلها تنبض بالحياة وتفور باللحم والدم.
وينجح المسلسل كما نجحت القصة في تصوير اجواء الثورة اشتعال الأمل ثم
احتراقه وتركه المساحة خالية في النفوس للاحباط والندم ودموع الشجن.
قد يقف في طريق هذا المسلسل الهام الذي اخرجه نجدت انزور بحرفيته
العالية كونه يتحدث باللغة الفصحي..
مما يضع سدا بينه وبين الجماهير الكبيرة
خصوصا في مصر ونجده يضرب في المعركة الرمضانية الجديدة سهما اخر مشتعلا هو
مسلسل
(وما ملكت ايمانكم)
والذي يتطرق كمسلسل الجماعة الي موضوع التراث الديني وتداخل
الدين والسياسة وتأثير الجماعات المتطرفة علي سلوكيات حياتنا ومحاولة تغيير
قطبيها.
المسلسل أهم وأكبر واخطر من ان نعلق عليه قليلة سريعة ولابد لنا من
عودة متأنية له كما نستوعب تماما كرة النار اللاهبة التي القاها علينا
المخرج الكبير بقوة وغضب وكبرياء.
الكوميديا هذا العام ظلت شاحبة ناطحة سطحية رغم قوة الأسماء التي
ساهمت بها جاءنا امل لم نكن نتوقعه من خلال مسلسل
(الكيبر اوي) الذي يحقق لنا ضحكات صافية حلوة..
من خلال اداء ممتع لاحمد مكي ودنيا سمير
غانم لم تستطع ان تحققها هند صبري في مسلسلها الأخير (عايزة اتجوز) وهو
مجرد نقل حرفي لمسلسل سوري رأيناه علي الفضائيات قبل اعوام،.. والذي تحاول
منه هند ان تخرج عن شخصيتها المعتادة
، ولكنها في هذا الخروج الغير موفق.
استخدمت أساليب ومناهج..
لاتليق بها وبفنها الكبير..
اذ حاولت الاستظراف وان تلعب لعبة الافيهات والمبالغة..
وان تعتمد علي الحركات الزائدة والصوت الزاعق..
فقدمت لنا
(كاريكاتور) لهند صبري ولكن علي لايضحك احدا سوها.
الحديث عن هند صبري يفتح امامنا سجل خيبات الأمل الكبيرة التي احتشدت
لها الكثير من المسلسلات الأخري..
ووقع في كمينها الكثير من نجومنا الكبار
والصغار ولكن مع الاسف الحديث في هذا المجال يطول والحبر لايكفي ليخفف عن
عيوننا وقلوبنا اثار الخيبة والدهشة الممزوجة بالألم..
والتي تدفعنا للتساؤل كيف يمكن لنجوم كهؤلاء ان يقعوا في اخطاء جسيمة كهذه.
أخبار النجوم المصرية في
26/08/2010
دراما مرئية
هل يوجد فن اسمه الدراما
الدينية
بقلم : د.حسن عطية
بنبرة تمزج بين الإدانة والدهشة طرح البعض،
خلال برامج التليفزيون الحوارية،
سؤال عن سر
غياب المسلسل الديني عن مائدة رمضان التليفزيونية العامرة بالمسلسلات
المختلفة، باعتباره عادة من عادات الشهر الكريم، وبنظرة تحصر هذا المسلسل في موضوعات معينة،
وزمن تاريخي محدد، عادة ما يدور حول ما يعرف بفترة صدر الإسلام دون التعرض لفترات
تاريخية اخري.
وهو ما حجم هذا المسلسل داخل صورة مرئية ثابتة وشخصيات متشابهة
وحوارات متكررة،
وفصله باسم
(الدراما الدينية)
عن بقية جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية والتاريخية
والراهنة، وكانت الدراما الدينية هذه لا علاقة لها بالمجتمع الحالي واحتياجاته
الروحية، وهي فقط التي تذكره بأمجاد الأوائل ونضالهم القديم لرفعة شأن
الاسلام ونشر الدعوة في بلدان الارض، متناسية بهذا،
ومتناسين معها صناعها والمتسائلين حولها، ان الدين ليس تاريخا محدد الفترات،
تتباين حوله الآراء والتفسيرات،
بل هو ارفع وأعمق من ذلك،
والدين الاسلامي لا يجب الحديث عنه من زاوية تاريخية فقط، بل هو منظومة من
القيم الرفيعة التي يجب ان تبدو جلية في كل المسلسلات التي تحمل اسماء
اجتماعية وكوميدية ورومانسية اخري، وتشترك هذه القيم النبيلة مع نظيرتها في الدين
المسيحي، ومن ثم فإن الدراما الدينية ليست مجالا فنيا في ذاته،
لابد من ظهوره في الشهر الفضيل، مقدما صراعا بين المؤمنين والكفار،
ومعروضا علي الشاشة قبيل الفجر،
كما أعتدنا ان نراه من قبل،
بل هو كل الفضائل المطلوب دعمها في كل زمان ومكان، وطرح الموضوعات
المجتمعية من خلالها، ودعوة الناس للتمسك بها،
دون مباشرة او مواعظ كلامية.
الشيخ حسن
لقد هزت مسلسلات الشخصيات الدينية المعاصرة،
التي قدمها خاصة الفنان الكبير »حسن يوسف«
في السنوات الاخيرة، مثل (إمام الدعاة)
و (العارف بالله) و »الامام المراغي«
المفهوم التقليدي للدراما الدينية،
فلم تعد مهتمة فقط بفترة زمنية قديمة محددة،
بل احتوتها ما نطلق عليها مسلسلات السيرة الذاتية أو الحياتية لشخصيات
معروفة ذات تأثير كبير علي حركة المجتمع، مثل »الشعراوي«
و»المراغي« ود. »عبدالحليم محمود«
وعلي الجانب الآخر »د.
طه حسين« و »قاسم امين« .»ود.مشرفة« وها هي تبرز اليوم في عمق مسلسلات
اخري مثلا »الجماعة«
ل »وحيد حامد« و»محمد ياسين« الذي يتعرض لمسيرة جماعة تعلن عن هويتها
الدينية بصورة قاطعة، وتتمسك بها بعيدا عن أية هوية سياسية او اجتماعية
تجعلها قابلة للجدل حولها والاختلاف معها، ومثل مسلسل (سقوط الخلافة) ل
»يسري الجندي« و »محمد عزيزية« ، المتعرض لاخر ايام الخلافة الإسلامية
ومحاولات هدمها من الغرب، استفادة من تداعيها وخلافاتها الداخلية، ومثل مسلسل السائرون نياما)
ل »سعد مكاوي« و »مصطفي ابراهيم«
و»محمد فاضل«
الذي يمنح
(البهاليل) البسطاء سمتا دينيا ذا ظلال اسطورية، تجعل العسكر يخشونهم،
وتدفع بالمتمردين علي السلطة المملوكية الباطشة باللجوء إليهم والاختفاء
بينهم، ومثل مسلسل (ما ملكت ايمانكم)
للكاتبة السورية د.
هالة دياب، واخراج »نجدة انزرو« والذي يحمل عنوانا ذا دلالة دينية، ويناقش وضع المرأة الراهن في مجتمع قاس،
يتعامل معهن ليس باعتبارهن حرائر بل كالإماء والجواري.
ثأر الله
هذا التغير في مفهوم الدراما التليفزيونية الدينية،
يدفعنا لضرورة تغيير تعاملنا نحن معها، وفهمها علي اساس كل دراما تدعو للقيم النبيلة
التي يجب بثها والدفاع عنها في كل مجالات الابداع الدرامي،
مثلما هو الحال في الدراما المسرحية، التي لا تعرف مصطلح الدراما الدينية،
الا باعتباره مصطلحا لنوعية محددة ظهرت وانتهت في التاريخ الأوروبي القديم،
وعندنا لم يتعامل احدا مع مسرحيات مثل (مأساة الحلاج)
لصلاح عبدالصبور، عن الصوفي الشهير »الحسين بن منصور الحلاج«
صاحب فكرة الحلول والاتحاد،
ولا ثنائية
(ثأر الله) المسرحية لعبدالرحمن الشرقاوي،
عن حفيد الرسول
»صلي الله عليه وسلم«
الحسين بن علي بن ابي طالب،
المغتال في العاشر من رمضان بكربلاء (ورابعة)
ليسري الجندي عن العابدة »رابعة العدوية«
مؤسسة طريق العشق الالهي في التصوف،
لم يتعامل معها أحدا باعتبارها مسرحية دينية، وحتي حينما ظهر في حياتنا،
في السنوات الاخيرة، وتحت ضغط سياسي ملتحف بالدين،
مصطلح المسرح الإسلامي، ومع بضعة عروض هزيلة استغنت عن النساء والموسيقي،
لم تقنن نقديا، ولم تستمر طويلا، وأن دفعت بالمقابل لظهور دعوات تنادي بالمسرح
الكنسي ومهرجان الفيلم المسيحي، جنبا إلي جنب أفلام ومسلسلات دينية مسيحية،
مقابل الافلام والمسلسلات الإسلامية، وهو ما يكاد يخرج الدراما من حقل الفن المتوجه
لكل المجتمع الي حقل الدين المرتبط بمعتنقيه فقط،
وهو ما يبعد المسلمين عن رؤية الأعمال الدينية المسيحية، والعكس صحيح، حيث
تنسي هذه الاعمال وظيفتها المجتمعية والجمالية،
المتضمنة القيم الدينية الاخلاقية، لتبدو أقرب للأعمال التبشيرية التي تمجد معتقداتها وتعلي من شأنها،
مما يخلق المشاكل داخل المجتمع ويهز بنيانه، ويطيح بفكرة المواطنة.
الدراما ابداع فني، والفن اسمي من التاريخ،
ووظيفته الارتقاء بذوق المجتمع، وتنمية وعيه بالواقع الذي يعيشه،
وتدعيم القيم النبيلة والاخلاق القويمة، التي تدعو إليها كل الاديان،
فلا تحصروا القيم الدينية في مربع مغلق اسمه الدراما الدينية، بل اعملوا
علي الارتقاء
بالفن، كي يرتقي المجتمع ويحقق ما حققه العالم من تقدم،
دون ان يحصر ابداعه، وعقله المبدع داخل حدود مربع دراما محصورة في زمن لا نعيشه،
وتتحدث عن شخصيات لا نراها،
وتدعو لقيم تبدو لمشاهد اليوم،
انها تخص الماضي البعيد، وهو في امس الحاجة لغرس هذه
القيم في الحاضر المعاصر.
أخبار النجوم المصرية في
26/08/2010 |
