'الهيافة'
هي أهم ما يميز الأعمال الرمضانية هذا العام بشقيها:
الدرامي والبرامجي، فالدراما والبرامج التي تعرض خصيصا بمناسبة هذا الشهر،
يغلب
عليها الاستخفاف والابتذال، البعض يعتبر أن الخفة سخرية، ومنذ أن توقف
كاتبنا
الراحل محمود السعدني شيخ الكتاب الساخرين عن الكتابة قبل عشر سنوات،
وكثيرون يرون
في أنفسهم القدرة على شغل الفراغ الذي تركه، فصرنا نشاهد حالة من الابتذال
غير
مسبوقة في عالم الكتابة، انتقلت إلى الدراما والبرامج التلفزيونية، كأن
السخرية
قرار، وبمجرد أن يمنح إنسان نفسه لقب الكاتب الساخر صار ساخرا، وبمجرد أن
يضحك
المذيع 'المستجد' ويسأل ضيوفه في التفاهة، وهو مبتسم، صار فكاهيا بالوراثة.
سبق
لي ان احتفيت بقناة 'موجة كوميدي'، في البداية، وبقدرتها على إشاعة قدر من
البهجة
نحن بحاجة إليه، فإذا بأصحاب تلفزيون الريادة الإعلامية، يدشنون فضائية
منافسة هي 'نايل
كوميدي'، لأن القوم يناضلون من اجل الريادة، وإذا كانوا قد فشلوا في
إعادتها
بالجدية، فلتكن عودة الريادة من باب الفكاهة، وإذا كانوا قد فشلوا في
منافسة 'الجزيرة'
و'العربية'، بل 'وروتانا سينما'، فلينافسوا 'موجة كوميدي'.
في البداية
ناضلت 'نايل كوميدي' من اجل المنافسة وعجزت فلجأت الى الابتذال، باعتبار ان
السخرية
نكتة، واذا بـ'موجة كوميدي' تصاب بالعدوى، لنشاهد أعمالا درامية وبرامج، هي
المسخرة
بعينها، مما كان سببا في نهاية فنانة واعدة هي إيمان السيد، ظننت أنها
ستحتل في
السنوات القادمة عرش الكوميديا.. لكن يا حسرة على العباد.
محطات تلفزيونية جادة
قررت منافسة 'موجة كوميدي'، و'نايل كوميدي' في مجال السخرية، بعرض دراما
غير ناضجة
لكتاب هواة وببرامج تلفزيونية لمذيعين جدد ومغامرين.. شاهدت احدهم يناقش مع
مطرب
شعبي أزمة الحشيش في مصر، ويلمح إلى حد التصريح مع فنانة عن 'الليالي
الحمراء'،
ويستدعي الفتى ابتسامات بلا مناسبة، ليقوم بما يقوم به الجمهور في البرامج
والدراما
الجديدة، فينبه المشاهد إلى ضرورة أن يضحك هنا، والا فالعيب فيه باعتباره
نكديا
بالفطرة، وبالتالي فهو فاسد المزاج ليس له علاج. ولان الحوار على درجة من
الهبوط
غير مسبوقة، فانه سيستقر في يقين المشاهد أن ما يشاهده ليس برنامجا
تلفزيونيا تم
تسجيله في استوديو ولكنها 'جلسة تحشيش'.
مسلسل 'راجل وست ستات'، الذي فقد مبرر
استمراره، يعلن في كل حلقة ان وصلات الضحك هي لجمهور كان حاضرا
وقت تصوير المسلسل،
وقبلنا هذا على مضض، كما قبلنا استمرار
المسلسل نفسه على مضض، الذي خسر كثيرا بغياب
الشاب سامح حسين، الذي يقوم بدور البطولة في مسلسل رمضاني آخر يفتعل
السخرية وينغمس
حتى كتابة هذه السطور في التفاهة، ولا نريد ان نتعجل الحكم عليه.
نحن إذن نعيش
في غابة من التفاهة، وهذه قاعدة لها بلا شك استثناءات، الأمر الذي دفعني
الى
الاعتزال النسبي لكل الأعمال التلفزيونية في هذا الشهر، فلا اشد الرحال إلى
مسلسل
أو إلى برنامج وأترك نفسي 'للصدفة' تقرر ما أشاهده.. وفي الواقع ان هذا
قرار اتخذته
قبل ان يهل علينا هلال شهر رمضان هذا العام، حتى لا أصاب بالتلبك المعوي من
جراء
كثافة الأعمال التي تعرض، والتي تتسبب في تخمة المشاهد، صحيح أنني صاحب
عبارة: 'لئن
يموت المرء من التخمة خير له من ان يموت من الجوع'، ردا على نصائح الأطباء،
التي من
يستجيب لها لن يأكل ولن يشرب، لكن هذا في التعامل مع الطعام وليس في مشاهدة
الدراما.
مسلسل جمال مبارك
عمل واحد يا قراء الذي احرص على متابعته،
وفيه من التسلية والجاذبية ما أسلي به
صيامي، ويجعل اليوم يمر بسلام، لواحد مثلي
يشعر في نهار رمضان بأن الموت يأتيه من كل مكان وما هو بميت.
هذا العمل الدرامي
البديع الذي شاءت إرادة الخالق عز وجل أن يعرض في هذا الشهر الفضيل، هو
مسلسل حملة
دعم جمال مبارك رئيسا، الذي يجمع بين الحسنين، فهو من وجهة نظري أعلى في
التراجيديا
من فيلم 'الخطايا'، وأفضل في الكوميديا من مسرحية 'مدرسة المشاغبين'.. مدين
أنا لمن
يقومون على هذا العمل الجبار بتجاوز مشكلتي مع الصوم، التي جعلت احد
الزملاء يقول
انني اذكره بمن يصومون على 'كبر'، مع أني ولله الحمد أصوم منذ ان كنت في
المهد
صبيا.. سبق وان قلت لكم انني كنت مشروع صوفي وفشل المشروع وخسرت الأمة
الإسلامية
كثيرا، ولم يبق من أثار هذا المشروع إلا عشقي المتجدد للشيخ ياسين التهامي،
أمير
دولة الإنشاد الديني، كما أن الشيخ محمد محمود الطبلاوي هو أمير دولة
التلاوة
حاليا.
الشيخ عبد الباسط عبد الصمد هو أمير دولة تلاوة في السابق، وقد مات وترك
كثيرين من مقلديه، لكن عظمة عبد الباسط ليست في جمال صوته فقط، ولكن أيضا
في درجة
الإحساس عنده وهو يقرأ كلام الله، فيأخذك معه إلى السماوات السبع، وما
فيهن. الوحيد
الذي استمعت إليه من مقلديه، فوجدته يشاركه الإحساس والسمو، هو قارئ إيراني
شاب
اسمه جواد فروغي، ادخل على اليوتوب واستمع إليه وقد وصل إلى حالة من التجلي
لا توصف
وهو يقرأ قوله تعالى: 'وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث'.
مسلسل ترشيح جمال
مبارك رئيسا أحدث حالة من الحراك الفضائي، ودفع المشاهد للعودة الى
الفضائيات
السياسية، التي تبور تجارتها في شهر رمضان، وقد تنافست هذه الفضائيات في
عرضه، كما
تنافست برامج لها اهتمامات سياسية على فضائيات أخرى، فلا تستطيع فضائية أن
تدعي
أنها تعرضه على شاشتها حصريا.
هذا المسلسل بدأ عرضه قبل أيام من حلول شهر رمضان،
عندما قام خمسة أشخاص بتشكيل ما سمي
'الائتلاف الشعبي لتأييد جمال مبارك رئيسا'،
وباعتباره ائتلاف بين هؤلاء الخمسة، الذين يمثلون الشعب المصري كله
بالانتخاب الحر
المباشر.
على الحرة
لقد شاهدت في الأسبوع الماضي حلقة ممتعة حقا على
قناة 'الحرة' ومن خلال برنامج 'تقرير خاص'،
الذي يقدمه الإعلامي السيد يوسف.
في
التقرير المصور أدهشني الحس الإنساني الرفيع الذي يتميز به منسق الائتلاف،
عندما
ذكر ان جمال مبارك يتعرض لغبن شديد لمجرد انه نجل الرئيس.
مسكين جمال مبارك،
فحاله 'يصعب' على الكافر حقا، فلمجرد انه ابن الرئيس يقف كثيرون ضد ترشيحه،
ليذكرني
هذا بحملة قام بها احد الصحافيين في بداية انضمام نجل الرئيس للحزب الحاكم
وكان
عنوانها: 'جمال مبارك حقه مهضوم'، وكان يقوم بإضافات في كل حلقة.. فالمقال
التالي
جاء عنوانه 'نعم جمال مبارك حقه مهضوم'.. والتالي: 'نحن نصر على أن جمال
مبارك حقه
مهضوم'، فتلقى تعنيفا من شخصية حكومية بارزة قال له: لا شأن لك بحق جمال
مبارك،
وابحث عن حقوقك أنت.. فبُهت الذي نافق!
أضم صوتي لصوت المتحدث، فجمال مبارك
يتعرض لغبن شديد لمجرد انه نجل الرئيس، وفي الوقت الذي يباح
فيه لأمثالي من عامة
الشعب بالترشح في يسر وسلالة للانتخابات
الرئاسية، فان هذا ليس من حق جمال مبارك،
الذي يستكثر عليه البعض أن يشكل الحكومة ويختار الوزراء، ويرأس لجنة
السياسات
ويتصرف في مصر تصرف المالك فيما يملك.. 'فالكعكة في يد اليتيم عجبة'.. كما
يقول
المثل الدارج.
جهاد عودة القيادي رفيع المستوى بلجنة السياسات كان ضيفا في
برنامج 'الحرة'، وهو شخص مبهج حقا، ما ان
يظهر على شاشة أي فضائية حتى تخسر الأحزاب
الحاكمة في الوطن العربي شعبيتها، وقبل ان ينطق.. أكثر الله من أمثاله،
وعندما ينطق
أشعر بمتعة لا تضاهيها إلا متعة مشاهدة عادل إمام في مسرحية 'الزعيم'.
يتعالى
عودة على المذيع وعلى الضيوف والمشاهدين، وتتلبسه حالة 'مدرس الفصل' مع
التلاميذ،
باعتباره وبطبيعة الحال يعرف أكثر مما يعرفون، وهو يتمشى مع كونه أستاذا
للعلوم
السياسية بجامعة حلوان.. عندما تشاهده 'يلت ويفت' ستقف بسهولة على سر خروج
الجامعات
المصرية على عراقتها من مسابقة الـ '500 جامعة' الأفضل على مستوى العالم.
اقصر
طريق ليظهر جهاد عودة انه الأستاذ 'مدرس الفصل' في هذا البرنامج وفي غيره
هي لعبة 'تفسير
وفك وتركيب المفاهيم'، فقد اعترض على عنوان حلقة السيد يوسف عن الحملات
الرئاسية، وعاد وزاد في أنها ليست حملات رئاسية فهي حملات شعبية، وهي جزء
من الحراك
السياسي، الذي هو دليل على الحرية التي تتمتع بها مصر، والذي تمثله جماعة
البرادعي،
وجماعة ايمن نور، وجماعة (الأستاذ) جمال مبارك. الوحيد الذي سبق عودة اسمه
بلقب (الأستاذ)
هو جمال مبارك.
ينبوع حنان
كلام مصطفى علوي القيادي بلجنة
السياسات كان مبهجا أيضا، لكن المساحة لا تتسع له.. وعلوي هو
أستاذ للعلوم السياسية
بجامعة القاهرة، وهو وغيره يمثلون نكبة
أساتذة الجامعات عندما قرروا ان يتحولوا إلى
ناشطين سياسيين، ليأخذوا نصيبهم من 'الفتة'، التي كانوا محرومين منها،
فيتطرفون في
انحيازاتهم ليثبتوا جدارتهم بالدفاع عن المشروعات التي ينتمون إليها،
وبتطرفهم لا
يمكن ان تميز بين كلامهم، وكلام منسق الائتلاف الشعبي لتأييد جمال مبارك،
مع انه لم
يؤت نصيبا من العلم، وشغل وظيفة متواضعة كسائق بهيئة النقل العام. واللافت
ان
الأساتذة الناشطين بلا تاريخ سياسي، فلم يشاركوا ولو حتى في أنشطة
الاتحادات
الطلابية عندما كانوا تلاميذا، وهذا هو سبب تهافت الأداء في أشغالهم
الجديدة.
ما
أود قوله ان هذه الحلقة من مسلسل ترشيح جمال مبارك رئيسا، التي عرضتها قناة
'الحرة'
أثبتت لي ان جورج اسحق القيادي بجمعية التغيير هو 'براميل عواطف' و' ينبوع
حنان'.
عندما قال ان صديقي جهاد عودة يعرف أنني أحبه واقدره. ولم يقدم مبررا واحدا
يستدعي
هذا الحب وذلك التقدير، ولا اعرف كيف يحب إنسان جهاد عودة ويقدره، إلا إذا
كان في
نيته ان يدخل موسوعة 'جينيس' في الحب العذري.
ان مسلسل حملة دعم جمال مبارك هو
أفضل الأعمال الدرامية التي تعرض في شهر رمضان فاستمتعوا
بمشاهدته يا
قراء.
'
صحافي من مصر
azouz1966@gmail.com
القدس العربي في
21/08/2010
الرجال في مصر لا يرون امرأة غير زهرة والـ'اف بي آي' يغار
من الأمن المصري!
ميساء آق
بيق
حب بعمر 5 سنوات
قالت له: انت ليه قاعد بعيد عني
ومابتكلمنيش
اجابها: اصل ماما منعاني من اني اتكلم معاكي
قالت: انت بتحبني قد
ايه، قال: بحبك قد الدنيا كلها واكتر ما تتصوري، انتي اكتر واحدة صاحبتي،
وانتي
بتحبيني قد ايه؟ اجابت: انا بحبك اكتر ماتتخيل وانا متأكدة ان
مامتك مسيرها حتفهم
وتقبل الامر الواقع!
قبل ذلك بقليل كانت الام تؤنب ابنها لانه كما قالت يضيع
نقوده على البنات..
الآن هل يتخيل احد كم عمر هذين المشاركين في الحوار؟ إنهما
طفل وطفلة لم يتجاوز عمرهما 5 سنوات والحوار كان يجري في مسلسل
'حكايات بنعيشها'
الذي تقوم ببطولته ليلى علوي. ومهما كان المسلسل من النوع الخفيف والكوميدي
ولكن
إلى هذه الدرجة؟ على من يريد إقناعي بأن هذه كوميديا معقولة وأن هذا الحوار
طبيعي
وصحي لمن يشاهده من كل الأعمار أن يقتنع هو أولاً بأن طفلين في
الخامسة من العمر
يفكران هكذا.
زهرة..... علي أن أتوقف بعد أن أذكر اسمها لأن من المفروض أن تكون
معروفة جداً، فهي رغم وجود الملايين في مصر، يجري خلفها عشرات
الرجال، يحاولون كسب
ودها والتقرب منها، والباقيات يكتفين بأن يحسدنها - هل نحن في ألف ليلة
وليلة؟ في
فطرة كل أنواع المخلوقات التي نشاهدها عبر القنوات الوثائقية هناك اثنان من
الذكور
يتقاتلان على الظفر بأنثى ومن يفز ينل، فقط بين البشر، وفي
الدراما المصرية هناك
خمسة يتنافسون على امرأة! أين النساء؟ أم أن الحاجة زهرة 'حاجة تانية'؟
دور هند
صبري في مسلسل 'عاوزة اتجوز' يجسد شخصية هستيرية تلهث وراء الزواج، أحدهم
قال لي إن
أسلوب مخاطبة الكاميرا هو شكل جديد من مخاطبة النفس بدل أن نسمع صوت الممثل
في
الخلفية ويبدو صامتا، قد يكون على حق، وقد ينفع الشكل الجديد
باعتباره منحى مختلفا
في الإخراج، ولكن حرام أن يجلس أحدنا ثلاثين يوما متتالية بانتظار الفرج
الذي سيحل
على بطلة المسلسل، فهي يا حرام عانت كثيرا وهي تنتظر بلهفة أن تتزوج، أخشى
أن يصدر
جزء ثان بعد زواجها نرى فيه أحد الطرفين 'بيطلّع عين التاني'
والآخر يلعن الساعة
التي تزوج فيها.. هذا كثير يا خلق الله، أليس من الإجحاف أن يكون الزواج أو
عدمه هو
همنا الأكبر في ظل كل هذه المصائب التي تحيط بنا؟ هل ينقصنا تخلف أو جهل في
عالمنا
العربي؟ والله لو وزعنا تخلفاً على أنحاء الكرة الأرضية لفاض
عندنا ما يكفي لبقية
سكان هذه الأمة المهزوزة.
صفحات مضيئة
أحيي العاملين على مسلسل 'الجماعة'.. هذه الكاميرا جديدة على الدراما
المصرية، هذه اللقطات والإضاءة والحركة
والإخراج تثبت أن مصر أعادت حساباتها، لم تتوقف عند مرحلة
معينة، التقطت الانتقادات
التي طالت أعمالها الفنية في الأعوام الماضية وقرر الفنانون فيها تغيير
اتجاههم،
وظهرت مواهب جديدة جديرة بالاحترام، وما العيب في التراجع عن خطأ والمضي
قدماً في
خط جديد ومبدع ومتطور؟
أحترم جداً خروج المصريين من عباءة الإخراج القديمة التي
دفعت بالمشاهدين إلى الابتعاد عن متابعة الأعمال المصرية،
واختيارهم عباءة جديدة
جميلة تستحق التوقف عندها. فقط أود أن أحلم بأن يكون الأمن في جميع الدول
العربية
شبيها بذلك الذي يصوره المسلسل، يحترم المواطن وحقوقه ويخاف عليه من الأذى
ولا
تنقصه الثقافة الواسعة في كل شيء! لا شك أن جميع عناصر الوكالة
الفيدرالية
الأمريكية سيتوارون خجلاً الآن لأنهم لم يعاملوا المواطن الأمريكي بهذه
الطريقة
الراقية!
المصريون كذلك خرجوا من مفهوم الانغلاق القطري وأصبحنا نراهم في أعمال
درامية عربية متعددة الجنسيات، فهناك ممثلون سوريون في مسلسلات
مصرية، وممثلون
مصريون في مسلسلات سورية، وأعمال فنية جمعت عدة جنسيات مثل كليوباترا،
وبمناسبة
الحديث عن كليوباترا لماذا يصر وائل رمضان على أن يكون
ممثلاً؟
عالماشي
تحية تقدير إلى الفنان قصي خولي على أدائه المتميز
في 'تخت شرقي'، وإلى الفنانة تاج حيدر على اختياراتها الذكية للأدوار التي
تقوم
بها، فهي مختلفة في أدوارها بين 'أنا القدس' و'أهل الراية' ومسلسل عصري
ثالث، وتحية
ثالثة إلى الفنانة سوسن بدر التي باتت متمكنة جدا وتلقائية وعفوية في
تمثيلها بين
مسلسل 'الجماعة' ومسلسل 'عايزة اتجوز'.
فكرة ذكية ولفتة إنسانية أن يتم تصوير
ذوي الاحتياجات الخاصة في مسلسل 'وراء الشمس'، ولكن ألم يكن من الأفضل
تقصير عدد
الحلقات وطول المشاهد؟ حرام أن نفصل حياة هؤلاء المساكين بهذا الشكل إلى
درجة
التكرار، محاولة الشرح بأن صاحب الاحتياجات الخاصة يمكن أن
يبدع في حياته بقدر ما
يتلقى من رعاية تحققت منذ الحلقات الأولى، والاختصار لم يكن ليعيب المسلسل
على
الإطلاق.
ازدادت جرعات العنف والضرب في مسلسلات الحارة الشامية القديمة، بهذا
الأسلوب ستفقد هذه الحقبة بريقها، ما تعلق به المشاهدون عندما
أحبوا هذا النوع من
الأعمال هو الأخلاق الأصيلة القديمة والعادات الظريفة التي كان يتمسك بها
أهل
الشام، الآن عندما نرى مصيبة تحصل في أحد المسلسلات لأن امرأة كشفت عن
وجهها في
السوق ونحن في عز أزمة تتعلق بالنقاب يتحول الأمر إما إلى
تنفير من هذه البيئة أو
إلى جعل البعض يتمثلون بها، حرام أن تكثر جرعات الشر في مسلسلات الحارة
ويكفينا
الشر البشع الذي تزكم رائحته الأنوف في أعمال تصور الزمن الحاضر.
ما ملكت
أيمانكم
لا أحد ينكر وجود حالات شاذة بين المتعصبين والمتشددين دينيا بشكل
أعمى، ولكن يجدر بالمخرجين والكتاب أن يصوروا مقابل هذه
الحالات الشاذة حالات
طبيعية ومتوازنة من المتمسكين بدينهم. في عائلتي كثير من المحجبات
والمتدينين
أزورهم ويزورونني، وهم، على اختلاف أفكارنا، تظللهم السعادة والرضا
والقناعة والكرم
واللطف، ما الهدف من تعميم الصورة المتوحشة التي جاءت في مسلسل
'ما ملكت أيمانكم'؟
هل المجتمع السوري يقتصر فقط على هذين النوعين؟ إما فتيات يمارسن البغاء
بشكل خفي
ومعلن، وإما فتيات منغلقات؟ لقد درست في جامعة دمشق ولا أنقطع عن زيارة
دمشق أبدا،
والحقيقة الساطعة أن المحجبات والمنقبات في الجامعة يجلسن مع بعضهن البعض،
ليس
واقعيا على الإطلاق أن تجلس فتاة مثل ليلى مع بقية الفتيات
اللواتي ينتمين إلى
بيئات مختلفة، بل إني إذا ذهبت إلى أبعد من ذلك سأقول إن تركيبة صداقة هذه
المجموعة
من الفتيات لا وجود لها لأن كل طبقة اجتماعية أو فكرية تصادق عموما من
طينتها. كما
أني لم أفهم هذه الجرعة الزائدة من الهوس الجنسي المنتشر بين
ثنايا المسلسل
وحواراته، وسواء أكان الهدف من اسم 'ما ملكت أيمانكم' هو الهجوم على توجه
الفتيات
إلى الاستهتار بأنفسهن وأجسادهن او كان الهجوم على فكرة ملك اليمين، فإن
المبالغة
طغت على جميع المعاني، على الأقل كانت الجارية في الزمن الماضي
ملكاً لسيد واحد فقط
كثيرا ما يعترف بابنه منها وقد يحررها من العبودية أيضا، في حين يصور
المسلسل
النساء وهن شبه ممتهنات للدعارة. أليس من الممكن أن هذا التشدد الديني
لدرجة التطرف
هو رد فعل على ذاك الانفلات؟ ألا يدفع الفقر الشديد والبطالة
والجهل والتخلف والظلم
ومشاهدة المظاهر الاجتماعية غير الطبيعية إلى الإرهاب؟ في هذه الحال أليست
مسؤولية
الحكومات أن توجد أنظمة تعليمية وتنويرية ومؤسسات تأمين اجتماعي وصحي تليق
بمواطنها
وأن تحفظ حقوق الإنسان في دولها كسبيل للقضاء على الإرهاب؟ ولا
يقولن أحد إن بلادنا
فقيرة لأن المنتفعين والمرتشين والسارقين وآكلي أموال الناس بالباطل وجدوا
في
بلادنا نقوداً كافية كي يغتنوا غنى فاحشاً يعجز اللسان عن وصفه..
'
كاتبة
واعلامية من سورية
القدس العربي في
21/08/2010
اعرف ابطاله واستبشرت به
خيرا:
مسلسل 'وطن ع وتر': تهريج وصفاقة وهبوط بالفن لدرجة اليأس
د. عبدالفتاح ابوسرور
رمضان جاء، وجاءت معه سلسلة من
المسلسلات التلفزيونية العربية والفلسطينية التي تختلف بجودتها وروعتها
وسذاجتها
وسطحيتها، وتتراوح بين الاداء الرائع، الجاد والملتزم وبين السطحي
والتهريجي الخالي
من الذوق او العمق. ورغم انني لست مولعا بمشاهدة المسلسلات،
الا انني احاول ان
اتابع الأعمال التي يشارك فيها زملاء من الفنانين الفلسطينيين. وقد شاهدت
خلال
العام الماضي وخلال الأيام الأولى من شهر رمضان في هذا العام، مسلسل 'وطن ع
وتر'
كوني اعرف ابطاله، واستبشرت خيرا بأن عندنا من الانفتاح والديمقراطية وروح
النقد
البناء ما يمكننا ان نفتخر به. وبعد مشاهدة عدة حلقات، وقفت وتساءلت مرة
أخرى ما
دورنا كمثقفين وفنانين في صناعة التغيير وزراعة الأمل وبناء
المستقبل وترك ارث
لأطفالنا وللأجيال القادمة نفخر به ويفخرون. وما هي النماذج التي يمكن أن
تحتذى
التي نخلفها لهم كمثقفين وفنانين؟ ورغم انني لم اكتب شيئا عن المسلسل في
العام
الماضي، الا انني رأيت لزاما علي ان اكتب شيئا الآن. لقد شاهدت
الفنانين المشاركين
في هذا المسلسل في اعمال مسرحية جادة وجميلة، ويفتخر بها كفن فلسطيني، فما
الذي حدث
ليصلوا الى هذا الترهل والتهريج والصفاقة التي يستمر هذا المسلسل بعرضها؟
هل نتسابق
في الهبوط بالفن الى درجة اليأس؟ وهل أصبح الفنان بوقا مرتزقا
يخدم سياسيا معينا او
حزبا معينا ويهاجم آخر؟ وهل المسخرة والتهريج والشتائم وبذيء الكلام،
والتهجم على
حزب او شخصية عامة هي رسالتنا الثقافية والفنية والوطنية التي نوجهها
لشعبنا
وللعالم؟ وهل نستخف بذوق جمهورنا وشعبنا لنعرض عليه اعمالا
بهذه الدرجة من السطحية
والاستخفاف بعقولنا وذائقتنا الانسانية والجمالية؟
ما الهدف من هذا المسلسل، وما
هي رسالته الى المشاهدين؟ هل هو النقد الذاتي للوضع السياسي والاجتماعي
والديني
وحالة الانقسام والتشرذم التي نعيشها والضغوط التي نواجهها كشعب تحت احتلال
في غزة
والضفة والقدس وفلسطين 48 والضغوط التي تواجهها السلطة
الفلسطينية والتهديد بقطع
'المساعدات
الإنسانية' و'التمويل' لها؟ هل هو نقد لتحويل شعبنا الى حالة إنسانية
وشعب يروض تدريجيا ويحول الى شعب متسول يعتمد على فتات موائد الآخرين؟ هل
هو نقد
يبغي النهوض بالحركة الثقافية وصناعة تغيير يلهمنا الحفاظ على
إنسانيتنا وجمالنا
ومقاومتنا الجميلة ضد قبح الاحتلال وعنفه؟ هل هو نقد بناء لممارسات حركة
حماس في
غزة ام لشخصية رئيس الوزراء في الحكومة المقالة السيد اسماعيل هنية؟
ام ان
الهدف من هذا المسلسل هو تدنيس شعبنا بمستوى فني هابط وبذيء، خال من الخيال
والابداع والجمال والقيم والذائقة الفنية؟ كيف يمكن ان يصل بأي
فنان الحال لهذا
التردي والانبطاح فيما يطرحه؟ كيف يمكن ان نرى مسلسلا يعرض يوميا وكأنه
ارتجالات
خالية من أي حس فني او اخراج فني او وجود للممثلين في هذا العمل؟ كيف يمكن
ان نرى
عملا من هذا النوع يقزم معاناة اهلنا في غزة والضفة ويحولها
الى حفلة تهريج مبتذله
بلا روح او عمق؟
لا يسعني كانسان فلسطيني يأمل بأن يتوحد شعبنا تحت راية
فلسطينية واحدة، وعلم واحد، وقوة واحدة نجابه بها ابتزازات العالم الخارجي
للرئيس
وللغفير وللعامل وللمبدع وللانسان الفلسطيني في روحه وانسانيته وجماله
ومواطنته،
ولا يسعني كانسان فلسطيني يدافع عن ثقافتنا وفننا وارثنا
الانساني والحضاري الذي
نأمل ان نورثه لأطفالنا وللأجيال القادمة الا ان اقول يكفي هذا الاستحقار
لنا
ولذوقنا، ولا يسعني الا ان اقف دقيقة صمت على روح من مضوا ليرتفع اسم
فلسطين عاليا،
ودقيقة حداد على من مضوا قبل ان يروا هذا الهبوط والابتذال
الذي يمثله هذا المسلسل.
لا ادري ما حال الحلقات المقبلة، ولكني آمل ان تكون هذه الوقفة فرصة
للفنانين
المشاركين والذين شاهدتهم بأعمال مسرحية يفتخر بها، لاعادة
التفكير بالعمل بشكل
جاد، وبفن رفيع يحترم المشاهد ويعيد صياغة الكلمات والوجود لهذا الفراغ
الذي يمثله
عمل مثل هذا.
'
رئيس رابطة المسرحيين الفلسطينيين
مدير عام جمعية الرواد
للثقافة والمسرح
القدس العربي في
21/08/2010 |