تودّع مصر اليوم الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة (١٩٤١ - ٢٠١٠)، الذى توفى
الجمعة الماضى، بعد معاناة طويلة مع المرض، وحياة إبداعية حافلة استمرت
أكثر من أربعة عقود، منذ أن جاء من كفر الشيخ، وتخرج فى كلية الآداب جامعة
عين شمس عام ١٩٦٢، وتفرغ للكتابة ١٩٨٢، بعد أن عمل ٢٠ سنة فى وظائف حكومية
متعددة.
ربما يبدو تعبير «تودّع مصر» أقرب إلى «الكلشيه» من كثرة ترديده فى موضعه
وفى غير موضعه، ولكنه مع أسامة وعدد قليل من الكتاب حقيقى مائة فى المائة،
ففى أغلب أعماله الأدبية ومقالاته السياسية كان الإنسان المصرى المعاصر
والتاريخ الحديث، الذى صنع مكوناته هو الموضوع الذى شغله واستطاع أن يعبر
عنه ببراعة.
وقد كتب أسامة القصة والرواية والمسرحية والسيناريو للسينما والتليفزيون،
ولكن نجاحه الكبير كان فى الكتابة الدرامية للتليفزيون، ونجاحه الأكبر فى
كتابة المسلسلات التليفزيونية، وخاصة فى خماسية «ليالى الحلمية»، التى
أخرجها إسماعيل عبدالحافظ، وجعلت كلاً منهما من الأسماء التى صنعت تاريخ
الدراما التليفزيونية، حتى إنها قورنت بثلاثية نجيب محفوظ (١٩١١ - ٢٠٠٦) من
حيث إن كلا العملين ينتميان إلى رواية الأجيال، أو أدب الأجيال.
فى عام ١٩٤٦، وببصيرته النافذة، قال طه حسين (١٨٨٩ - ١٩٧٣)، إن تعالى
الكتاب الموهوبين عن الكتابة للسينما سوف يؤدى إلى نتيجة واحدة، وهى أن
تترك لغير الموهوبين، وهذا بالضبط ما فعله أسامة أنور عكاشة وعدد محدود من
الكتاب الموهوبين، الذين كانوا رواداً بحق، عندما قرروا كتابة المسلسلات
التليفزيونية، ولم يتعالوا عليها باعتبارها تتوجه إلى كل جمهور التليفزيون
فى البيوت، والتباين الشديد بالضرورة بين المستويات الثقافية لهذا الجمهور.
بل يمكن القول إن كتاب ومخرجى المسلسلات المتميزة فى مصر، وكذلك فى سوريا،
استطاعوا الوصول إلى أعلى المستويات العالمية فى هذا المجال، فالمسلسلات
تعرف بـ«السوب أوبرا»، والمقصود الترجمة الحرفية لكلمة «سوب» أى «شوربة»،
وهى السائدة فى مصر والعالم العربى وكل الدنيا لقضاء الوقت فى تسلية فارغة
مثل «قزقزة اللب»، ولكن بفضل من لم يتعالوا عليها من الموهوبين أصبحت تقارن
مع الأعمال الأدبية الكبرى، ومنهم أسامة أنور عكاشة رحمه الله بقدر ما
أعطى.
samirmfarid@hotmail.com
فيديو جنازة «سيد الدراما التليفزيونية» على الرابط التالى:
http://www.almasryalyoum.com/ar/node/45353
المصري اليوم في
31/05/2010
أسامة أنور عكاشة
مازن يوسف الصباغ
إذا كان الصحفي مؤرخ اللحظة كما اعتاد الروائي الفرنسي الحائز على جائزة
نوبل للأداب عام 1957 ألبير كامو أن يقول، فإن الكاتب الدرامي هو مؤرخ
للحياة، يحفظها عبر شخصياته المتخيلة التي تمثل الفرد العادي، بأفكاره
ومعتقداته، أوجاعه وهمومه، آماله وتطلعاته، لترسم بمجموعها صورة تحليلة
للحياة الاجتماعية والمزاج السائد في حقبة زمنية معينة، تكمل عمل المؤرخ في
توثيق الأحداث التاريخية ودراستها، وفي الصف الأول من هؤلاء
(الكتاب–المؤرخين) يظهر اسم أسامة أنور عكاشة.
ولد الكاتب القصصي والروائي والسيناريست المصري أسامة أنور عكاشة في
27-7-1941 بمدينة طنطا، وتلقى تعليمه الإبتدائى والثانوى بمدارس كفر الشيخ
والتحق بكلية الآداب قسم الدراسات الإجتماعية والنفسية بجامعة عين شمس
وتخرج منها عام 1962، وكانت أولى محاولانه فى مجال التأليف خلال فترة
دراسته الجامعية.
عمل بعد تخرجه أخصائياً اجتماعياً في مؤسسة لرعاية الأحداث، ثم عمل مدرساً
بمحافظة أسيوط من عام 1963 إلى عام 1964، انتقل للعمل بإدارة العلاقات
العامة بديوان محافظة كفر الشيخ من عام 1964 إلى عام 1966، وأخيراً عمل
كأخصائي اجتماعي في رعاية الشباب بجامعة الأزهر من عام 1966 إلى عام 1982
تاريخ تركه الوظيفة ليتفرغ للكتابة والتأليف.
بدأ مسيرته الأدبية الإبداعية بكتابة القصة القصيرة وسرعان ما أضاف إليها
الكتابة الدرامية والمسرحية والسينمائية والروائية، كما دأب على نشر مقال
أسبوعي في صحيفة الأهرام القاهرية العريقة.
كانت تظهر في جميع أعماله موهبته الأدبية وبراعته في التوليف بين ما هو
أدبي وفلسفي وسياسي وتاريخي وتأملي وشعبي.
أعماله الأدبية: (خارج الدنيا، مجموعة قصصية 1967 - أحلام في برج بابل،
رواية 1973 - مقاطع من أغنية قديمة، مجموعة قصصية 1985 - أوراق مسافر،
مجموعة خواطر 1995 - همس البحر، مجموعة خواطر 1995 - تباريح خريفية،
مجموعة خواطر 1995 - منخفض الهند الموسمي، رواية 2000 - وهج الصيف، رواية
2001).
مسرحياته: (القانون وسيادته - البحر بيضحك ليه - الناس اللي في الثالث -
ولاد اللذين).
لكن مجال الإبداع الأقوى لعكاشة كان كتابة السيناريو حيث ابتدأت شهرته مع
مسلسل الشهد والدموع بجزئيه في حين سجلت ملحمته التاريخية المعاصرة (ليالي
الحلمية) بأجزائها الخمسة علامة فارقة في مسيرة تطور العمل الدرامي العربي،
حين استطاع الراحل عبر أكثر من مائة وخمسين حلقة تغطية قرابة أربعين عاماً
من تاريخ مصر الحديث منذ العام 1950 وصولاً إلى منتصف التسعينيات من القرن
العشرين.
وتضم قائمة أعماله الدرامية التلفزنية التي تزيد عن الأربعين أسماء:
(الراية البيضا - وقال البحر - ريش على مفيش - لما التعلب فات - عصفور
النار - رحلة أبو العلا البشري - أبو العلا البشري 90 - وما زال النيل يجري
- ضمير أبلة حكمت - أرابيسك - زيزينيا - امرأة من زمن الحب - أميرة في
عابدين - كناريا وشركاه - عفاريت السيالة - أحلام في البوابة - المصراوية).
بالإضافة إلى ذلك كتب عكاشة حوالى خمسة عشر سهرة درامية كان من أهمها (
تذكرة داود - العين اللى صابت - الشرير - الكمبيوتر - البراءة - مشوار عيد
- الملاحظة - الغائب - سكة رجوع - حب بلا ضفاف).
وفي مجال السينما كتب سيناريو أفلام: (كتيبة الإعدام - الهجامة - تحت
الصفر - دماء على الأسفلت - الطعم والسنارة - الاسكندراني).
حصد عن مسيرته الإبداعية العديد من الأوسمة والجوائز أهمها جائزة الدولة
المصرية للتفوق فى الفنون من المجلس الأعلى للثقافة عام 2002، وجائزة
الدولة المصرية التقديرية فى الفنون عام 2008.
تسنى لي الالتقاء عدة مرات مع الراحل الكبير بحكم عملي في اللجنة العليا
للانتاج العربي بجامعة الدول العربية.
كان أسامة أنور عكاشة يمثل النبض الحقيقي للشعب المصري، وعرف كيف يرسم
ويكتب ملاحم نبض الناس والشارع والشعب في مصر.
رحل يوم الجمعة 28-5-2010 عن 69 عاماً، له الرحمة وجنات الخلد والبقاء لله
والوطن.
مصدر الخبر:
sns-خاص
محطة
أخبار سوريا في
31/05/2010
أسامة أنور عكاشة غادر تاركًا التنابلة مع رز الملايكة
وليد أبوالسعود
يقام مساء اليوم بمسجد عمر مكرم عزاء الكاتب الكبير الراحل أسامة أنور
عكاشة الذى وافته المنية صباح الجمعة الماضى عن عمر يناهز، 69 عاما، بعد
صراع طويل مع المرض. بدوره، نفى المخرج هشام أنور عكاشة، أن يكون والده قد
ترك وصية مكتوبة على المستويين الشخصى أو المهنى، داعيا محبيه إلى الدعاء
له.
وأوضح هشام أن الكاتب الراحل اختار بنفسه الغياب عن دراما رمضان فى العام
المقبل نتيجة شعوره أن معظم نجاحاته كانت بعيدة عن رمضان وأن له «رمضانه
الخاص».ولم يخف نجل الكاتب الراحل شعور الأخير بالظلم الواقع على أعماله
الأخيرة خاصة الجزء الأول من مسلسل «المصراوية»، وأضاف باقتضاب «وكأن قبل
الرحيل كان يشعر بأنه سيغادر الحياة».
وحول ماذا إذا كان الراحل قد شرع فى كتابة الجزء الثالث من مسلسل «المصراوية»،
قال عكاشة الابن «هذا الكلام غير صحيح»، مشيرا إلى أن مسلسله الأخير الذى
كان يعمل عليه كان بعنوان «تنابلة السلطان»، وهو مسلسل معاصر عن المصريين
حاليا.. وكيف يبدون «كسالى» و«غير مبالين» ولكنهم فى الحقيقة ليسوا كذلك
على الإطلاق.
وكشف نجل الراحل أيضا عن وجود مشروع مسلسل كان يتم الاعداد له ليجمعهما
سويا، وقال إن العمل كان يحمل عنوان «رز الملايكة» ويدور فى أجواء منطقة
مصر القديمة والحسين والسيدة زينب وهو غوص آخر من أسامة فى أعماق الشخصية
المصرية وهويتها ولكن فى إطار جديد ومغاير، مؤكدا أن الفكرة الأخيرة ربما
يتم العمل عليها وكتابتها مستقبلا.
من جانبه، كشف الدكتور أشرف زكى، نقيب المهن التمثيلية، أنه دعا إلى عقد
اجتماع مع عدد من النجوم والكتاب لبحث امكانية إقامة تكريم ملائم لمكانة «جبرتى»
الدراما المصرية بحيث يخرج التكريم بشكل يليق بمكانة وعظمة الراحل.
وفى السياق ذاته، قال ممدوح الليثى، رئيس اتحاد النقابات الفنية، إن أى
تكريم لعكاشة لن يكون بمثابة تكريم الدولة له عندما منحته جائزتها
التقديرية وهذا يعتبر أكبر تكريم من الممكن أن يحصل عليه الفنان فى حياته
وبعد رحيله أيضا.
غير أن الليثى عاد وقال إن هذا لن يمنعنا من اقامة تكريم يناسب مكانة عكاشة
فى قلوبنا جميعا.. وسنقوم ببحث هذا التكريم بعد انتهاء مراسم العزاء.
الشروق المصرية في
31/05/2010
أسامة أنور عكاشة.. شاهد علي العصر
كتب : محمـد هـزاع
كان عام1982 نقطة التحول
الرئيسية في حياة اسامة انور عكاشة والتي غيرت مجري حياته تماما حيث قدم
استقالته
من العمل بالحكومة ليتفرغ للكتابة والتأليف.
كتب اكثر من اربعين مسلسلا تليفزيونيا بالاضافة الي عدد من الافلام
السينمائية
والمسرحيات, جاءت شهرته الحقيقية كمؤلف مع مسلسل( الشهد والدموع)
والذي حقق
نجاحا كبيرا, ثم توالت بعد ذلك المسلسلات التي كتبها عكاشة, والتي نالت
شهرة
واسعة ونجحت في تغيير شكل الدراما التليفزيونية كان من اهمها(
المشربية, ليالي
الحلمية, ضمير ابلة حكمت, زييزينا, الراية البيضاء, عصفور النار,
ارابيسك, رحلة ابوالعلا البشري, المصراوية وغيرها, و في مجال المسرح
كتب بعض
المسرحيات الناجحة منها مسرحية( القانون وسيادته) و(البحر بيضحك
ليه)
و(الناس اللي في التالت) وغيرها كما قدم اسامة انور عكاشة مجموعة من
الاعمال
الادبية من اهمها مجموعة قصصية بعنوان( خارج الدنيا) عام1967
ورواية(احلام
في برج بابل) عام1973 ومجموعة قصصية بعنوان( مقاطع من اغنية قديمة)
عام1985 ورواية( منخفض الهند الموسيمي) عام2000 ورواية( وهج
الصيف)
عام2001, كما قام بتأليف عدد من الكتب منها كتاب أوراق ساخر عام1985,
همس
البحر, وتباريح خريفية من العام نفسه.. عرف عنه ثباته علي الحق وقوله
بما يؤمن
به ويعتقده من آراء, وتمسكه بمبادئه الرافضة لكل أشكال التطرف.
استطاع أسامة
أنور عكاشة, الذي رحل عن دنيانا صباح الجمعة الماضي ان يكون واحدا من أهم
المؤلفين وكتابي السيناريو للدراما المصرية والعربية وتعتبر اعماله
التليفزيونية هي
الاهم والاكثر متابعة في مصر والعالم العربي, فقد عرف طريقه إلي قلوب
البشر بصدق
الكلمة ورشاقة العبارة وجمال المعني, ونجحت اعماله في إيجاد جيل جديد من
كتاب
السيناريو القادرين علي الإبداع وامتاع المشاهد, وتظل ابداعاته شاهدة علي
أكثر من
عصر وأكثر من تحول, تجمع اعماله في براعة بين الأدبي والفلسفي والسياسي
والتاريخي, كتب عن دراما الرأي والموقف والتأمل والتحليل وكتب عن الهوية
التي
باتت غير قادرة علي صد الاختراق, وكتب عن مافيا الفساد وعن الهم المصري
والعربي, وعن الرأسمالية الجديدة, وصراع الأجيال وغير ذلك كثير.
حصل عكاشة
علي العديد من الاوسمة والجوائز, أهمها جائزة الدولة للتفوق في الفنون
عام2002,
وجائزة الدول التقديرية في الفنون عام2008.
وصفحة دنيا الثقافة تنعي مبدعا
شارك الناس احزانهم وافراحهم واثري مكتبة الدراما المصرية والعربية بأعماله
الإبداعية.
الأهرام اليومي في
31/05/2010 |