توفي الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة صباح أمس الجمعة، بعد الأزمة الصحية
الأخيرة التي تعرض لها ودخل على أثرها مستشفى وادي النيل بالقاهرة قبل
أسبوعين عن عمر يناهز 69 عاما، وبعد رحلة طويلة مع المرض بدأها بعملية
استئصال الكلية اليمنى بمركز الكلى الدولي بالمنصورة، وبعدها تعرض لعدة
أزمات في الجهاز التنفسي كان آخرها الأزمة التي تعرض لها مؤخرا، وتم وضعه
على جهاز التنفس الصناعي داخل غرفة العناية المركزة حتى وافته المنية.
وأسامة انور عكاشة أحد أهم المؤلفين وكاتبي السيناريو للدراما المصرية،
وتعتبر أعماله التليفزيونية الأهم والأكثر متابعة في مصر والعالم العربي،
والكاتب الراحل غير وجه الدراما التليفزيونية، ونقل الرواية من الورق إلى
الشاشة، وهو واحد ممن صنعوا البهجة واحتفظوا بالكثير من ذاكرة الأمة. فقدم
في ليالي الحلمية تاريخا اجتماعيا واقتصاديا لمصر أنصف فيه المصريين بكل
تناقضاتهم وتاريخهم.
مولده ونشأته
وينتمي عكاشة إلى جيل الستينيات، وكان واحدا من أهم المؤلفين وكتابي
السيناريو للدراما المصرية، تعتبر أعماله التليفزيونية الأهم والأكثر
متابعة في مصر والعالم العربي، عرف طريقه إلى قلوب البشر بصدق الكلمة،
ورشاقة المعنى، ونجحت أعماله في خلق جيل جديد من كتاب السيناريو القادرين
على الإبداع وإمتاع المشاهد، عوضا عن تقديم أعمال تليفزيونية لمجرد
التسلية.
ولد الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة بمدينة طنطا عام 1941م وكان والده يعمل
في التجارة بمحافظة كفر الشيخ، وهي المحافظة التي ينتمي إليها، أما مدينة
طنطا فهي المدينة التي نشأت فيها والدته، تلقى تعليمه الابتدائى والثانوي
بمدرسة كفر الشيخ الابتدائية الثانوية وحصل على الشهادة الثانوية عام 1958م
والتحق بكلية الآداب قسم الدراسات الاجتماعية والنفسية، جامعة عين شمس التي
تخرج فيها عام 1962م، وقد كانت أولى محاولاته في مجال التأليف خلال فترة
الدراسة بالجامعة وفور تخرجه في الجامعة عمل أخصائياً اجتماعياً في مؤسسة
لرعاية الأحداث، ثم عمل مدرسا في مدرسة بمحافظة أسيوط، ثم انتقل للعمل
بإدارة العلاقات العامة بكفر الشيخ، وبعدها في رعاية الشباب بجامعة الأزهر،
إلى أن جاء عام 1982م ليتغير مجرى حياته تماما حيث قدم استقالته من الحكومة
ليتفرغ للكتابة والتأليف.
أعماله
كتب عكاشة أكثر من 40 مسلسلا تليفزيونيا بالإضافة إلى عدد من الأفلام
السينمائية والمسرحيات وهي التي حفرت اسمه في الذاكرة كمؤلف مصري، وقد جاءت
شهرته الحقيقية كمؤلف مع مسلسل «الشهد والدموع» والذي كتب له البداية عند
الناس خاصة البسطاء من أهل بلده.
توالت بعد ذلك المسلسلات التي كتبها عكاشة والتي نالت شهرة واسعة ونجحت في
تغيير شكل الدراما التلفزيونية ومنها: «المشربية»، «ليالي الحلمية»، «ضمير
أبله حكمت»، «زيزينيا»، «الراية البيضا»، «وقال البحر»، «ريش على مفيش»،
«لما التعلب فات»، «عصفور النار»، «وما زال النيل يجري»، «آرابيسك»، «امرأة
من زمن الحب»، «أميرة في عابدين»، «كناريا وشركاه»، «عفاريت السيالة»،
«أحلام في البوابة»، «المصراوية»، «الحب وأشياء أخرى»، «رحلة السيد أبو
العلا البشرى»، و»الحصار».
وفي مجال السهرات التليفزيونية كتب عكاشة أيضاً خمس عشرة سهرة دراميــــة
أهمها: «حــب بلا ضفاف»، «سكة رجوع»، «الغائب»، «الملاحظة»، «مشوار عيد»،
«البراءة»، «الكمبيوتر»، «الشرير»، «العين اللى صابت»، و»تذكرة داود»
وفي مجال السينما كتب عكاشة مجموعة من الأفلام السينمائية أهمها: «كتيبة
الإعدام»، «تحت الصفر»، «الهجامة» «دماء على الإسفلت»، «الطعم والسنارة»،
و»الاسكندراني»، أما في مجال المسرح فكتب مسرحية «القانون وسيادته» التي
قدمتها فرقة مسرح الفن عام 1988م، و»البحر بيضحك ليه» التي قدمتها فرقة
الفنانين المتحدين عام 1990م، و»الناس اللي في الثالث» وقدمتها فرقة المسرح
القومي عام 2001م، ولاقت نجاحا كبيراً.
وقدم أسامة أنور عكاشة مجموعة من الأعمال الأدبية أهمها مجموعة قصصية
بعنوان «خارج الدنيا» وهي صادرة عام 1967م من المجلس الأعلى لرعاية الفنون
والآداب، ورواية «أحلام في برج بابل» عام 1973م، ومجموعة قصصية بعنوان
«مقاطع من أغنية قديمة» صادرة عام 1985م، ورواية «منخفض الهند الموسمي»
وصدرت عام 2000م ورواية «وهج الصيف» وصدرت عام 2001م، كما قام بتأليف عدد
من الكتب منها كتاب «أوراق مسافر» وهو صادر عام 1955م وكتابي «همس البحر»
و»تاريخ خريف» وهما صادران في نفس العام.
أوسمة وجوائز
وينتمي أسامة أنور عكاشة إلى عدد من الهيئات فهو عضو اتحاد كتاب مصر وعضو
نقابة المهن السينمائية، وقد حصل على العديد من الأوسمة والجوائز أهمها
جائزة الدولة للتفوق في الفنون من المجلس الأعلى للثقافة، عام 2002م،
وجائزة الدولة التقديرية في الفنون لعام 2008م.
وأسامة أنور عكاشة هو روائي الدراما التلفزيونية بامتياز، قبله كان الأمر
مجرد تسلية لكنه في الحلمية قدم خليطا من المتعة والتسلية والصراع الإنساني
والمشاعر الجياشة. قدم انعكاسات الصراعات السياسية على المجتمع وكيف كانت
كل خطوة في السياسة تغير شيئا في المجتمع وتغير نفوس البشر. لقد فعل أسامة
كل هذا بذكاء وإمتاع تتسم به الدراما الإنسانية.
ومن خلال العديد من أعماله قدم أسامة أنور عكاشة الصراع الإنساني بواقعية
وبلا خطابة أو ادعاء، لهذا فقد بقيت أعماله خالدة تماما تبقى شاهدا على
انتقالات وتحولات تاريخ مصر، لقد قدم تجارب أخرى كانت رائعة تماما في
الراية البيضا وقبلها الشهد والدموع أو أرابيسك، لكنه ظل مشغولا بالصراع
البشري.
ولأسامة أنور عكاشة مسلسل لم يعرض كثيرا هو «عابر سبيل» قام ببطولته يحيى
الفخراني، وكان أحد أهم الأعمال التي مزجت الفلسفة بالأفكار والصراعات
البشرية. وإذا ذكرنا أسامة نذكر على الفور توأمه المخرج إسماعيل عبد
الحافظ، بلدياته الذي ساهم بنصيب في هذه المسيرة الإبداعية.
هموم الطبقة الوسطى
عبر أسامة أنور عكاشة عن الكثير من الأفكار السياسية والاجتماعية بشكل يفوق
الكثير من الأعمال الأدبية، وليس مصادفة أن يبدأ أسامة من حيث انتهى نجيب
محفوظ، صحيح أنه عاد إلى الوراء في العشرينات وإلى الريف المتطلع إلى
المدينة في «المصراوية»، لكنه لم يتخل عن رغبته في التقاط تحولات المجتمع
المصري.
ويمكن القول إن الدراما التلفزيونية اختلفت تماما بعد أسامة أنور عكاشة
عنها قبلها، مثلما اتخذت الرواية مع نجيب محفوظ اتجاها آخر مصريا وعربيا،
كلاهما كان مهموما بالأفكار الإنسانية والطبقة الوسطى والمجتمع والمشاعر
الإنسانية والصراعات والطموحات. وظل عنوانا على الإبداع والصدق.
إذا كان كثيرون يعتبرون نجيب محفوظ «أيقونة» الأدب المصري وعاطف الطيب
«فلتة» في الإخراج السينمائي ويوسف وهبي «عميد» المسرح العربي، فإن أسامة
أنور عكاشة بالنسبة للدراما العربية هو العميد والفلتة والأيقونة. هو صاحب
بصمة خاصة جعلت من يشاهد مسلسلاته يصرخ بكل ثقة هذا المسلسل يحمل اسم أسامة
أنور عكاشة وإن كانت الأفلام أو المسلسلات يتم تسويقها بأسماء الممثلين
المشاركين فيها فإن اسم هذا الرجل وحده على أي مسلسل يكفي ويزيد.
يكره المط والتطويل ورغم هذا فإن لديه «نَفسا» طويلاً جعله يصبح رائدا
ومعلما وأستاذا في مسلسلات الأجزاء، ومن غيره يمكنه أن يكتب «أيقونة» من
خمسة أجزاء مثل «ليالي الحلمية»؟ أو ملحمة من جزءين مثل «الشهد والدموع» في
وقت لم يكن الجمهور المصري أو العربي يستوعب فكرة أن يكون للمسلسل أجزاء في
بداية الثمانينيات؟ والغريب أنه يكتب كل هذه الأجزاء دون أن يفقد نكهته
الخاصة، تلك اللمسة السحرية التي تجعل من يشاهد العمل يتعايش معه، يشعر
بأبطاله فيدخل معهم صراعاتهم ويحزن لانكساراتهم قبل أن يقطف في النهاية
ثمرة الانتصار.
في كل أعماله يأخذنا أسامة أنور عكاشة في رحلة
مثيرة وممتعة من إبداعه الخاص والمميز. وبرحيل أسامة أنور عكاشة تكون
الدراما العربية قد خسرت عميدها.
الإتحاد الإماراتية في
29/05/2010
رحيل أسامة أنور عكاشة.. فارس الدراما التليفزيونية
توفي عن عمر يناهز 69 عاماً بعد صراع مرير مع المرض
"ليالي الحلمية والشهد والدموع وضمير أبله حكمت
وارابيسك وزيزينيا" أهم أعماله
القاهرة - وكالات : توفي امس عبقري الدراما المصرية والعربية الكاتب المصري
الكبير أسامة أنور عكاشة متأثرا بأزمة صحية ألمت به طيلة الشهرين الماضيين
وانتهت به في مستشفى وادي النيل للحالات الحرجة بالقاهرة. توفي مؤلف "ليالي
الحلمية" عن عمر ناهز 69 عاما وشيعت جنازته عصر امس من مسجد محمود بضاحية
المهندسين بالجيزة غرب القاهرة . وكان عكاشة يتلقى العلاج في مستشفى وادي
النيل التي نقل إليها اثر إصابته بضيق في التنفس بسبب معاناته من مياه على
الرئة قبل أن يصدر قرار من الرئيس المصري حسني مبارك بعلاجه على نفقة
الدولة كونه أحد أبرز المبدعين المصريين. وأجرى الكاتب الراحل من قبل
عمليتي قلب مفتوح بسبب ضيق في شرايين القلب الأولى كانت عام 1998 والثانية
قبل 3 أعوام. ويعد عكاشة أحد أهم مؤلفي وكتاب الدراما العرب وكان أول من
كتب دراما الأجزاء في "ليالي الحلمية" أحد أشهر الأعمال الدرامية في تاريخ
التليفزيون العربي. ومن أعماله المهمة "الشهد والدموع" و"عصفور النار"
و"قال البحر" و"الراية البيضا" و"رحلة أبو العلا البشري" و" مازال النيل
يجري" و"ضمير أبله حكمت" و"أرابيسك" و"زيزينيا" و"عفاريت السيالة" وأخيرا "المصراوية"
وكان يعمل في أيامه الأخيرة على مسلسل درامي حول الشخصية المصرية. ولد
عكاشة في 27 يوليو 1941 بمدينة طنطا بمحافظة الغربية وتخرج من كلية الآداب
1962 واشتهرت أعماله دائما بوجود لمحة عن مدينة الإسكندرية لحبه الشديد لها
حيث كان يقضي معظم أشهر العام فيها متفرغا للكتابة بعد تخليه عن وظيفته
الحكومية في وقت مبكر من حياته للتفرغ للكتابة. بدأ أسامة أثناء دراسته
الجامعيَّة أولى محاولاته في مجال التأليف، ولكن هذه المؤلفات لم تر النور
وقتها، ما دفعه فور تخرجه إلى العمل كاختصاصي اجتماعي في إحدى دور رعاية
الأحداث، وانتقل إلى إحدى مدارس محافظة أسيوط في صعيد مصر، قبل أن يعود إلى
مدينته كفر الشيخ ليعمل بالعلاقات العامة ومنها عاد إلى القاهرة حيث عمل في
جامعة الأزهر. في عام 1982 قرر عكاشة تقديم استقالته من العمل الحكومي حتى
يتفرغ إلى العمل الأدبي والكتابة .بدأت علاقة الراحل بالدراما عندما قرأ
الأدبيان كرم النجار وسليمان فياض مجموعته القصصية الأولى، والتي حملت
عنوان "خارج الدنيا" وصدرت عام 1967، حيث اتفقا على تحويل قصتين منها إلى
سهرات تليفزيونية تعرض على شاشة التليفزيون في المساء، وكانت أول أعماله في
الدراما "سباعية الإنسان والسراب" عام 1976. وعرف عن عكاشة كونه ناصري
التوجه وفدي الهوى وكتب الراحل المقال الصحفي لسنوات طويلة في صحيفتي
"الأهرام" و"الوفد" المصريتين وطالب في مقال شهير له بحل جامعة الدول
العربية وإنشاء "منظومة كومنولث للدول الناطقة بالعربية" مبني على أساس
التعاون الاقتصادي. وكان عكاشة من ابرز الكتاب الذين اعادوا الاعتبار الى
مؤلف الدراما المصرية بمسلسلاته التلفزيونية التي ارتبطت بممثلين بارزين
منهم فاتن حمامة في ضمير ابلة حكمت ومحمود مرسي في "لما التعلب فات" ومحمود
المليجي في و"قال البحر" ويحيى الفخراني في أكثر من عمل. وللكاتب افلام
سينمائية لكنها لم تحقق شعبية مثل مسلسلاته منها كتيبة الاعدام والهجامة
ودماء على الاسفلت. وله روايات منها منخفض الهند الموسمي. ونال عكاشة أوسمة
وجوائز أبرزها جائزة الدولة التقديرية. وقد بدأ عكاشه انتاجه الثقافي
كناصري وعروبي الا انه غير مساره الفكري في السنوات الاخيرة واصبح اكثر
تركيزا واهتماما بالقضايا المصرية.ومن بين مواقفه المثيرة للجدل في السنوات
الاخيرة مثل هجومه على عمرو بن العاص فاتح مصر يذكر أن اخر ظهور للراحل كان
في عزاء الكاتب محمود السعدني شقيق الفنان صلاح السعدني، حيث بدأ أسامة
عكاشة وقتها التأثر بشدة لرحيل أحد أصدقائه المقربين وقد شارك في تشييع
الجثمان لمثواه الاخير عدد كبير من الفنانين المصريين الذين اعربوا عن
حزنهم الشديد لوفاة رائد الدراما المصرية والعربية فقدنا كاتبا كبيرا
وصديقا عزيزا وانسانا جميلا " بتلك الكلمات عبرت الفنانة الكبيرة سميرة
أحمد عن بالغ حزنها لوفاة عكاشة الذي شاركته العديد من الأعمال الدرامية
مثل "امرأة من زمن الحب" و"أميرة في عابدين" و"أحلام في البوابة". وقالت ان
" "أعمال اسامة مميزة جدا وعلامة مضيئة في تاريخ الدراما المصرية، وانا
حزينة جدا على فقدان اسامة الصديق والكاتب وربنا يجعل مثواه الجنة".أما
الفنانة رجاء الجداوي، فأكدت انها لاتعرف ماذا تقول في ذلك المصاب الجلل،
الا انها تمالكت نفسها وعبرت عن مدى حزنها لفقد من قدم احلى الاعمال
التلفزيونية .وقالت كل" خوفي ما يطلعش أسامة انور عكاشة تاني، لأن كل من
يرحل يترك مكانه فارغا، ولا يستطيع احد ان يحل محله في الخط الدرامي الذي
يسلكه" .ووصفت الممثلة القديرة ليلى طاهر الفقيد بأنه قيمة فنية كبيرة
وعقلية متفتحة ومثقف يعبر عن الشعب والناس واستبعدت ان يستطيع احد يحل
مكانه قائلة " كان شخصا لا يهمه المال أو الوقت، فربما يمضي عامين في كتابة
عمل واحد يعطيه حقه ويعبر عما يدور في المجتمع ".واعتبر النجم خالد زكي،
الذي ارتبطت بدايته بالراحل في مسلسل "الشهد الدموع، وفاة عكاشة خسارة
كبيرة جدا على المستوى الفني والانساني.وقال "ادعو الله ان يتغمده برحمته
الواسعة ويسكنه فسيح جناته ويلهم أسرته الصبر والسلوان، وان كان قد رحل عنا
فإنه معنا بأعماله الخالدة وبصوت مليء بالحزن والشجن، قال الفنان القدير
رشوان توفيق "مصر فقدت عمودا أساسيا من أعمدة التاريخ التلفزيوني فهو كاتب
له فكر وله كلمة".وأضاف "الناس اللى في الثالث" كان آخر عمل مثلته من
تأليف أسامة انور عكاشة، والمعروف عنه صدق الكلمة ولا يخاف في الحق لومة
لائم ". ومن جانبه، قال الفنان أحمد بدير فوجئنا بنبأ وفاة اسامة انور
عكاشة، الذي اعتبره "الأب الشرعي" للدراما التلفزيونية وبوفاته فقدنا "نجيب
محفوظ الدراما"، واستبعد بدير ان يستطيع احد ان يحل مكان الكاتب الكبير
خصوصا انه رمز من الرموز الكبيرة .أما الفنان صلاح السعدني فقال : "كل ما
استطيع أن أقوله إننا فقدنا أحد أهم المؤلفين وكتاب السيناريو في العالم
العربي كله، فهو المؤلف الوحيد الذي تغلغل في أعماق الشخصية المصرية وقدم
نماذج مختلفة منها وأفتخر بانني كنت احد الشخصيات التي رسمها وقدمتها وكانت
من أشهر الشخصيات في الدراما التليفزيونية ألا وهي شخصية" حسن أرابيسك"
وفي النهاية لا استطيع سوى أن اقول اللهم اغفر له واسكنه فسيح جناتك"
.بينما قال الفنان القدير محمود ياسين: ندعوله بالمغفرة والرحمة فهو يعتبر
علامة من علامات عالمنا العربي كله فاعماله مميزة ومحفورة في أذهاننا جميعا
فيكفي أنه رصد مسيرة المصريين وقدم لنا تاريخنا عبر أعماله واشار إلى
التغيرات السياسية والاجتماعية التي طرات على المجتمع المصري بأسلوبه السلس
المميز لذلك فقد فقدنا اليوم علماً من أعلامنا.رفضت الفنانة صفية العمري
الحديث في البداية من شدة الصدمة قائلة : وفاته بالنسبة لي صدمة كبرى وخاصة
أنني اعتبره أبي الروحي فجمعتني به "عشرة عمر" ولكنني منذ تلقيت الخبر وأنا
لا استطيع الحديث لذلك اكتفي بقول "الله يرحمه ويغفر له".ومن المعروف أن
أهم أدوار صفية العمري التي ارتبطت في أذهان الجمهور هي شخصية نازك
السلحدار في رائعة الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة "ليالي الحلمية".ووصفته
الفنانة سميحة أيوب برائد الدراما التليفزيونية الذي أمتعنا باعماله التي
كانت تبرز تاريخنا وتعكس واقعنا بكل ما يحمله من هموم وافراح، فهو المؤلف
الوحيد الذي استطاع أن يجعل الشخصية المصرية تنبض خلال تقديمها على الشاشة،
فقدم شخصية الباشا والعمدة والهانم والشغالة وجميع النماذج المصرية الاصيلة
لذلك ستبقى أعماله خالدة .
الراية القطرية في
29/05/2010
أسامة أنور عكاشة امتلك بقلمه مفاتيح الشخصية
.. غاص في النفس البشرية
رحيل عملاق الدراما .. أسامة أنور عكاشة
فقدت الرواية العربية والدراما التليفزيونية عملاقا ومبدعا كبيرا بعد أن
استسلم للمرض واستراح قلبه من مشارط الجراحين.
رفع القصصي والروائي والسيناريست أسامة أنور عكاشة "الراية البيضا" وأسلم
الروح. تاركاً وراءه ميراثاً رائعاً وكنزاً أدبياً من الأعمال الفنية. بدأت
بسباعية "الإنسان والحقيقة" وانتهت "بالجزء الثاني" من مسلسل "المصراوية"
الذي عرض في رمضمان الماضي والذي حاز علي جائزة أفضل تليفزيوني. وهو يجسد
تاريخ الشعب المصري منذ عام .1914
وقد تكلل إنتاجه الثري بحصوله علي جائزة التفوق في الفنون عام .2002
يعد أسامة أنور عكاشة إحدي العلامات البارزة في تاريخ الدراما التليفزيونية
والسينمائية في مصر والعالم العربي.
وتعتبر أعماله للشاشة الصغيرة الأهم والأكثر متابعة وجاذبية.
والراحل من مواليد كفر الشيخ عام 1941 وحاصل علي ليسانس الآداب من كلية
الدراسات الاجتماعية والنفسية جامعة عين شمس عام 1962 مما ساعده علي فهم
الظواهر الاجتماعية وعلاقة الفرد بمجتمعه كما غاص في أعماق النفس البشرية
وناقش دواخلها وصراعاتها في أعماله المتنوعة والتي تجاوزت الأربعين مسلسلا
وأكثر من 15 سهرة تليفزيونية بالاضافة إلي أعماله الإذاعية والمسرحية
والسينمائية.
ولم ينس عكاشة ولعه بالرواية واعتبر أعماله الدرامية روايات تليفزيونية ولم
يجر الانتاج القصصي الذي بدأه بمجموعة خارج الدنيا عام 1978 وحتي آخر
رواياته سوناتا لتشرين عام 2008 وتحت النشر "شق النهار".
عميد الدراما
والراحل لقب بعميد الدراما التليفزيونية ونجيب محفوظ التليفزيوني لانحيازه
للحارة المصرية بأصالتها في أعماله وكتب مجموعة من أشهر وأنجح المسلسلات
خصوصا مسلسلات الأجزاء التي شرحت المجتمع المصري وطرحت التغيرات التي طرأت
عليه علي مدي زمن طويل مثل ليالي الحلمية والشهد والدموع ورحلة أبو العلا
البشري وزيزينيا بالاضافة إلي المسلسلات الاجتماعية مثل "ضمير أبلة حكمت"
و"أرابيسك" و"الراية البيضا" و"امرأة من زمن الحب".
وكان لنجاحه التليفزيوني الواضح أثر كبير في تبني الناقد الراحل عبدالقادر
القط لمقولة ان الدراما أصبحت ديوان العرب.
وكان الفقيد قبل وعكته الصحية الأخيرة.. يكتب مسلسلا جديدا بعنوان "تنابلة
السلطان" ويعد الجزء الثالث من "المصراوية" وخاض عدة جولات من الصراع مع
المرض لا سيما الفشل الكلوي والسكر والقلب وكان يخرج من أزماته الصحية بعمل
جديد يسعد به الجمهور.
وشكل ثنائيات فنية ناجحة مع المخرج عاطف الطيب في السينما والمخرجين محمد
فاضل وإسماعيل عبدالحافظ في التليفزيون كما قدم ابنه هشام عكاشة الذي أخرج
روايته "وهج الصيف".
كان والد الفقيد يعمل في التجارة بمحافظة كفر الشيخ. وهي المحافظة التي
ينتمي إليها. أما مدينة طنطا فهي المدينة التي نشأت فيها والدته.
تلقي تعليمه الابتدائي والثانوي بمدارس كفر الشيخ والتحق بكلية الاداب قسم
الدراسات الاجتماعية والنفسية بجامعة عين شمس والتي تخرج فيها عام 1962.
وقد كانت أولي محاولاته في مجال التأليف خلال فترة دراسته الجامعية. عمل
مدرسا بالتربية والتعليم 1963 1964. ثم عضوا فنيا بالعلاقات العامة بديوان
محافظة كفر الشيخ 1964 1966. واخصائيا اجتماعيا بجامعة الأزهر 1966 1982.
عضو اللجنة المصرية لحقوق الانسان. عضو لجنة التضامن الآسيوي الافريقي. له
أكثر من عشرين مسلسلا للتليفزيون وخمسة سيناريوهات للشاشة الكبيرة.
بدأ حياته الأدبية باصدار العديد من القصص والروايات وله في مكتبة الابداع
العربي مجموعة قصصية بعنوان "خارج الدنيا" صادرة في 1967 من المجلس الأعلي
لرعاية الفنون والاداب. رواية "أحلام في برج بابل" 1973. مجموعة قصصية
"مقاطع" من أغنية قديمة صادرة 1985. رواية "منخفض الهند الموسمي" عام 2000.
رواية "وهج الصيف" صادرة 2001. كتاب "أوراق مسافر" صادر 1995. كتاب "همس
البحر" صادر 1995. كتاب "تاريخ خريف" صادر 1995. الإسكندراني "نص سينمائي"
1992. عشر حلقات من سيناريو الجزء الرابع لمسلسل "ليالي الحلمية" نص درامي
منشور 1993. نص مطبوع مسرحية الناس اللي في الثالث 1994. وشارك في مؤتمر
الابداعا العربي الأول بالمغرب 1988. وحصل علي شهادة تقدير عن مسلسل "ليالي
الحلمية" في عيد الإعلاميين السابع .1990 وهو عضو اتحاد كتاب مصر وعضو
نقابة المهن السينمائية وحاصل علي جائزة الدولة للتفوق في الفنون من المجلس
الأعلي للثقافة عام .2002
وكان للروائي سليمان فياض دور كبير في اكتشافه ككاتب دراما والقصة. عندما
حصل سليمان فياض علي مجموعة قصصية للراحل وأعد إحدي القصص في شكل سهرة
تليفزيونية وبعد ذلك بعام اختار كرم النجار قصة أخري من المجموعة بعنوان
الإنسان والحبل وقدمها في شكل سهرة تليفزيونية بعد ذلك قيل لعكاشة لماذا لا
تكتب انت السيناريو مباشرة ففعل ليتحول بعدها لواحد من أبرز كتاب الدراما
العربية وتعد أغلب المسلسلات التي كتبها أسامة أنور عكاشة علامات في تاريخ
الدراما العربية. منها "الشهد والدموع" و"الراية البيضا" و"رحلة السيد
أبوالعلا البشري" و"ليالي الحلمية" التي قدم منها خمسة أجزاء. و"المصراوية"
الذي عرض جزؤه الثاني في رمضان الماضي. اضافة إلي أعماله. "وقال البحر. ريش
علي مفيش. لما التعلب فات. عصفور النار. ومازال النيل يجري. ضمير أبلة
حكمت. الشهد والدموع. أرابيسك. زيزينيا. امرأة من زمن الحب. أميرة في
عابدين. كناريا وشركاه. عفاريت السيالة. أحلام في البوابة".
اضافة إلي خمس عشرة سهرة درامية أهمها: "حب بلا ضفاف سكة رجوع الغائب
الملاحظة مشوار عيد البراءة الكومبيوتر الشرير العين اللي صابت تذكرة
داود".
وله من الأفلام السينمائية: "كتيبة الإعدام تحت الصفر الهجامة دماء علي
الأسفلت الطعم والسنارة الإسكندراني تحت التصوير".
كما قدم العديد من العروض المسرحية منها: القانون وسيادته "فرقة مسرح الفن
"جلال الشرقاوي" 1988. البحر بيضحك ليه؟ "فرقة الفنانين المتحدين 1990".
الناس اللي في الثالث "فرقة المسرح القومي 2001".
كان قد تم ترشيحه لكتابة عمل عن حرب أكتوبر غير ان المشروع قد تعثر ثم توقف
كلية وقد شارك في جلسات التحضير له لجنة مؤلفة من عشرين قائدا من قادة حرب
أكتوبر وعقدت جلسات عمل استغرقت أسابيع. ولدي الفقيد أسامة أنور عكاشة
تسجيلات هذه الاجتماعات وكانت هذه الجلسات برئاسة المشير محمد علي فهمي.
ومازال المشروع موجودا ومعالجته موجودة والتسجيلات موجودة ضمن مكتبة أسامة
أنور عكاشة.
رصيد كبير
ولأن لعكاشة رصيدا كبيرا في الفن والحياة جعل من الكاتب المصري الأقرب إلي
نبض الجماهير تنعيه د.نسرين بغدادي أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي
للبحوث الاجتماعية والجنائية اننا فقدنا كاتبا متميزا وأصيلا لمس الحياة
المصرية من كافة جوانبها بالتعايش والمعرفة ونبه إلي الحفاظ علي الثقافة
والهوية المصرية وركز علي قيمة التعليم كسلاح للطبقات الفقيرة.
وتضرب المثل بأعماله المميزة "كالشهد والدموع" الذي قدم قصة كفاح المرأة
المصرية التي تضحي بكل شيء من أجل أبنائها مظهراً أصالتها وإيثارها ومحذرا
في ذات الوقت من المادة التي تشوه العلاقات الأسرية والتراحم.
وفي "ليالي الحلمية" ألقي الضوء علي التغير الاجتماعي الذي أصاب ملامح
الشخصية المصرية مطالبا بالحفاظ علي الجذور الحقيقية للإنسان المصري التي
تتمثل في أصالة ودفء الحارة الشعبية.
وفي "أرابيسك" طرح بذكاء الثقافة المصرية الأصيلة وما تتمتع به من مفردات
مميزة وكيف تواجه بالأصالة رياح التغريب منها في الوقت نفسه إلي ضرورة
الحفاظ علي خصوصية الفن المصري.
وفي "الراية البيضا" تناول أثر المكان في الإنسان وحذر من موجات عاتية من
القبح والجهل تحاول السيطرة علي المقدرات الثقافية المصرية.
وتختتم بأن عكاشة برصيده الكبير قد حفر مكانه ضمن قائمة الكتاب المبدعين
الذين يرحلون بأجسادهم وتبقي أعمالهم في قلوب وعقول المواطنين.
وكان الراحل يقول دائما "أتمني أن أكتب حتي آخر لحظة في حياتي ولا أشعر في
أي وقت بأني عاجز عن امساك القلم".
موقع
"إيجيبتي" في
29/05/2010 |