فى ٣ ديسمبر القادم يبلغ جان لوك جودار الثمانين من عمره المديد إن
شاء الله، وقد شهد برنامج «نظرة خاصة» العرض الأول لفيلمه الجديد المنتظر،
وعنوانه «فيلم الاشتراكية»، وجاء من أحداث المهرجان مثل كل فيلم يحمل اسم
جودار. هذا هو أول أفلامه منذ «موسيقانا» ٢٠٠٤، وفيلمه الطويل الـ٣٥ منذ
أول أفلامه الطويلة «على آخر نفس» عام ١٩٥٩، أى منذ نصف قرن تماماً شغل
فيها الناس وملأ الدنيا.
يمكن أن نقول من دون أدنى مبالغة إن فن السينما قبل جودار لم يعد كما
كان مع جودار، حيث يعبر من خلال أفلامه القصيرة والطويلة وكذلك كتاباته
ومحاوراته عن رؤية نقدية لاذعة ترفض السائد، وتقلب الجذور، وتثير العقل
بقدر ما تحرك الوجدان. وفى فيلمه الجديد يؤكد الابن المتمرد الذى أصبح
أيقونة التجديد منذ الستينيات من القرن الميلادى الماضى أنه لايزال فى
عنفوانه، أو أصبح «الجد المتمرد».
ومن بين أهم ما أضافه جودار إلى فن السينما التأكيد على أن الكاميرا
قلم، وأن لغة السينما مثل لغة الأدب يمكن أن يكتب بها فنان السينما
الروايات وقصائد الشعر والأبحاث والمسرحيات والمقالات. وجودار فى هذا يجمع
بين الحداثة وما بعد الحداثة على نحو لا يتحقق إلا فى أفلام عدد قليل من
صناع السينما فى العالم.
تداعيات محكمة
فى «فيلم الاشتراكية» يقدم جودار شكلاً جديداً من الكتابة السينمائية
مثل الخواطر فى الكتابة الأدبية، ولكن بلغة السينما. وتبدو هذه الخواطر
تداعيات غير محكمة، ولكنها ذات معمار دقيق خفى يتطلب جهداً لإدراكه، ومن
يجد متعة فكرية فى بذل هذا الجهد يتوصل إليه، مثل متعة شقاء البحث عن
المعرفة.
يتحدى جودار فى فيلمه الجديد كل موروثات السينما، بل وحتى الطريقة
المعتادة فى الترجمة. فهناك مشاهد مصورة للفيلم، وأخرى وثائق سينمائية أو
فوتوغرافية، وثالثة مشاهد من أفلام صامتة وناطقة، فضلاً عن كتابة كلمات على
الشاشة، والحديث على شريط الصوت من دون صور، وذلك فى كتابة حرة بالصور
والأصوات من دون حدود للحرية ولا سقف.
فى ساعة و٤٢ دقيقة يتأمل جودار العالم الذى نعيش فيه اليوم، والتاريخ
الذى يحمله من الحضارات القديمة فى مصر واليونان إلى الأديان فى فلسطين إلى
عصر النهضة فى إيطاليا وإسبانيا ثم عصر الاشتراكية فى روسيا. وذلك عبر
سفينة ركاب تتجول بين موانئ بحرية فى هذه الدول الست. وفى الفيلم لغات
متعددة منها العربية التى تقرأ بها سورة «الإخلاص»، وإن غلبت اللغة
الفرنسية. أما الترجمة الإنجليزية فهى ليست ترجمة حرفية لما يقال، وإنما
مختارات فى كلمات تجعل من الترجمة نصاً ثانياً موازياً غير النص المنطوق.
يتحرك جودار بين الماضى من آثار الفراعنة والإغريق والحروب الصليبية
وحروب النازية والفاشية إلى الحاضر فى واقع اليوم، ومن نصوص كلاسيكية
لكتَّاب مثل بلزاك وشكسبير إلى نصوص حديثة لكتَّاب مثل أندريه جيد ووالتر
بنجامين. ومن مشهد «سلالم الأوديسة» فى فيلم إيزنشتين الصامت «المدمرة
بوتمكين» عام ١٩٢٥، وهو مشهد مواجهة عنيفة بين الشرطة والجماهير الغاضبة
إلى مشهد مواجهات مماثلة تحدث اليوم. وهناك لقطة تتكرر طوال الفيلم لأسماك
حائرة فى أعماق البحر، وبدلاً من كلمة «النهاية» يكتب جودار: «لا تعليق».
وما يتكرر طوال الفيلم أيضاً ظهور «الحمار» فى عدة أماكن منها الدلتا
فى مصر مع أحد الفلاحين، وفى مشهد آخر فى مصر نرى المحجبات على كورنيش
الإسكندرية. وقد صور يسرى نصرالله مشاهد مصر بناء على طلب جودار، أما مشاهد
فلسطين فصورها إلياس صنبر.
جودار وقضية فلسطين
كان جودار أول مخرج عالمى يهتم بالتعبير عن موقفه المؤيد لحقوق الشعب
الفلسطينى، وذلك عندما صور عام ١٩٧٠ فى الأردن فيلمه القصير «هنا وهناك»،
والذى توقف عن إتمامه بعد أحداث سبتمبر فى الأردن، ذلك العام، ثم أتمه عام
١٩٧٢. وفى أحد مشاهد فيلمه السابق «موسيقانا» يسأله أحد طلبة معهد السينما
فى سراييفو: ما الفرق بين التسجيلى والروائى؟، ويرد جودار: «الروائى هو
مذبحة النازى ضد اليهود أما التسجيلى فهو مذبحة الإسرائيليين ضد
الفلسطينيين التى نراها فى نشرات أخبار التليفزيون».
تكتب على الشاشة أسماء الدول الست التى تشملها جولة السفينة، ولكن
الدولة الوحيدة التى يكتب اسمها على الشاشة باللغة العربية هى فلسطين
والدولة الوحيدة التى يسبق اسمها كلمة دولة هى فلسطين. والكتاب الذى صدر عن
الفيلم، مثل الترجمة على الشريط، نص ثالث مواز يحمل على غلافه عبارة
«الأفكار تفرقنا، والأحلام تجمعنا». والمقصود «الإنسانية»، وهى الكلمة التى
تنشر باللون الأحمر وسط أسماء الدول الست بالأسود.
وفى هذا الكتاب حوار مع جودار، ومن بين الأسئلة سؤال: «متى يحل السلام
فى الشرق الأوسط؟»، وإجابته بالنص: «عندما يقدم الإسرائيليون والفلسطينيون
٦ ملايين كلب، ويعيشون معهم كجيران لا ينطقون أو يتحدثون فيما بينهم عن
أشياء أخرى». وقد كنت أود سؤاله عن هذه الإجابة، ولكنه لم يحضر المهرجان
لوعكة صحية ألمت به.
بيان للمطالبة بالإفراج عن بولانسكى
كتب الفيلسوف الفرنسى برنار هنرى ليفى بياناً لمطالبة السلطات
السويسرية بالإفراج عن رومان بولانسكى الذى حددت إقامته فى منزله الريفى
إلى حين البت فى تسليمه إلى السلطات الأمريكية لتنفيذ حكم صدر ضده عام
١٩٧٨، وذلك لإقامته علاقة جنسية مع فتاة قاصر. وقع على البيان من مخرجى
أفلام المهرجان جان لوك جودار وماثيو أمالريك وبرتراند تافرنييه وأوليفييه
أساياس، بينما رفض نجم هوليوود مايكل دوجلاس الذى يحضر بمناسبة عرض فيلمه
«وول ستريت: النقود لا تنام»، وقال إنه لا يستطيع الدفاع عن رجل خرق
القانون.وصرح متحدث رسمى باسم إدارة مهرجان كان بأن الإدارة لا تملك الحق
فى إبداء الرأى حول البيان، وقال: «دورنا هنا الاحتفاء بصناع الأفلام التى
تعرض فى المهرجان، وهم أحرار فى اتخاذ المواقف التى يقررونها بصفاتهم
الشخصية».
بيان للمطالبة بالإفراج عن جعفر بناهى
أصدر الاتحاد الدولى للنقاد (فيبرسى) بياناً للمطالبة بالإفراج عن
المخرج الإيرانى جعفر بناهى المعتقل منذ أول مارس فى طهران بتهمة صنع فيلم
سرى ضد النظام فى إيران. وكان مهرجان كان قد وجه الدعوة إلى بناهى للاشتراك
فى لجنة التحكيم فى إطار المطالبة بالإفراج عنه. كما صدرت بيانات رسمية فى
فرنسا تحتج على اعتقاله ومنها بيان من وزير الثقافة فريدريك ميتران وآخر من
وزير الخارجية برنار كوشنير. أرسل بناهى رسالة إلى رئيس مهرجان كان نفى
فيها أنه كان يصنع فيلماً ضد النظام، وقال: «أوجه إليكم تحياتى الحارة من
زنزانتى الضيقة المظلمة فى سجن إيفين». وفى المؤتمر الصحفى الذى عقده
المخرج الإيرانى عباس كياروستامى بعد عرض فيلمه الفرنسى «نسخة معتمدة» أعلن
أحد الصحفيين الإيرانيين أن بناهى بدأ إضراباً عن الطعام فى السجن، وعندما
انفعل الصحفى وبكى، بكت جولييت بينوش، بطلة الفيلم، وهى على منصة المؤتمر.
وفى اليوم التالى نظم راديو «فرانس كالتور» ندوة مفتوحة بعنوان
«إيران: سؤال السينما» اشترك فيها محسن ماخمالباف وباهمان جوبادى اللذان
أصبحا فى المنفى فى باريس، ولم يشترك فيها كياروستامى الذى أعلن أنه سوف
يصور فيلمه القادم «الأب والابن» فى سبتمبر فى إيران.
بيان للدفاع عن نورالدين صايل
يتعرض الكاتب والسينمائى المغربى الكبير نورالدين صايل، رئيس المركز
القومى للسينما فى المغرب، منذ أسابيع لحملة عنيفة من الجماعات الإسلامية
المتطرفة التى تهاجم سياساته فى إدارة المركز، وترى أنه «يعرى السينما
المغربية».
ومن الجدير بالذكر أن المغرب شهد بعد تولى صايل المركز أكبر نهضة
سينمائية فى تاريخه حيث أصبح الإنتاج السينمائى الأكبر حجماً فى العالم
العربى بعد مصر، فضلاً عن القيمة الفنية العالية للعديد من الأفلام. وقد
صدر فى المغرب بيان للدفاع عنه وقع عليه حتى الآن أكثر من ٣٠٠ مثقف، كما
اشترك فى التوقيع عليه عدد كبير من السينمائيين والنقاد فى مهرجان كان.
المصري اليوم في
22/05/2010
«اختيار الشريك» و«حق الليلة» من إخراج 3 طالبات
فيلمان إماراتيان في مهرجان كان
وجيه السباعي – دبي
يشهد مهرجان كان السينمائي، المنعقد حالياً في فرنسا، مشاركتين
سينمائيتين إماراتيتين، لثلاث مخرجات مازلن على مقاعد الدراسة، الأول
لطالبتين في السنة الأخيرة بقسم الإعلام في كلية دبي التقنية للطالبات،
بعنوان: «اختيار الشريك المناسب على نمط دبي»، والثاني بعنوان: «حق
الليلة».
ويتضمن الفيلم الأول «رصداً لأهم القضايا والمشكلات التي يثيرها
الشباب في المجتمع خلال جلساتهم، ومناقشاتهم» حول اختيار شريك الحياة
المناسب، انطلاقاً من رؤيـة مخرجـتيه إلهـام شـرف وهـند الحمادي.
وقالت الطالبتان لـ«الإمارات اليوم»، إنهما اختارتا موضوع الفيلم،
نظراً «لأهميته ولشغله حيزاً كبيراً من نقاشات الشباب والبنات»، وقررتا
معالجته سينمائياً، على نحو يحاكي الظاهرة، بدقة شديدة.
وقالت شرف إنها سعت وشريكتها إلى ترجمة جزء من مشكلات وهموم الشباب
عبرعمل فني، يطبقن خلاله ما تعلمنه على مدار سنوات دراستهن في قسم الإعلام.
وأضافت أن الفيلم «تطرق إلى المواصفات التي يبحث عنها الشاب في فتاة
أحلامه، وما تبحث عنه الفتاة في رجل أحلامها، وتصورها عن الزوج المثالي».
مشيرة إلى أن «الفيلم أوضح أن الطرق التقليدية في الزواج شكلت العقبة
الأولى أمام حصول كل شاب وفتاة على الزوج المناسب».
وأوضحت الحمادي أن الفيلم الذي بلغت مدته 20 دقيقة فقط، واستغرق
تصويره وإنجازه شهرين، عرض تجارب واقعية لشباب من الجنسين، في المرحلة
العمرية ما بين 18 إلى 35 عاماً، جميعهم مواطنون، وذكروا أن الزواج
التقليدي يحرم الكثيرين منهم العثور على شريك مناسب، خصوصاً في ظل معتقدات
موروثة لدى عائلات كثيرة، تقيد حرية الاختيار عنـد الأبناء، إذ تحـظر بعـض
العائلات على الفتيات والشباب الزواج من خارج القبيلة، ما يخلف مشكلات عدة،
من بينها العنوسة.
ولفتت الحمادي إلى أن 16 طالبة من قسم الإعلام في كلية التقنية
للطالبات شاركن في فكرة وإعداد وإخراج وتنفيذ الفيلم، طبقن جميعهن ما درسنه
في الكلية، كل حسب اختصاصها، في حين وفرت الكلية الدعم اللازم للإنتاج،
والكاميرات، والمعدات اللازمة لتنفيذ العمل بكفاءة ودقة عاليتين.
وعرض فيلم «اختيار الشريك المناسب» في مهرجان الخليج السينمائي في
دورته الماضية، ضمن فئة الأفلام الوثائقية القصيرة، وحصل على المركز
الثالث، كما عرض في مهرجان دبي السينمائي للعام نفسه، قبل أن توافق اللجنة
المنظمة لمهرجان كان على عرضه ضمن الدورة الحالية.
إلى ذلك، يستضيف مهرجان كان أيضاً فيلماً إماراتياً آخر بعنوان «حق
الليلة»، للمخرجة الطالبة حمدة البستكي، التي قالت إن قصته تدور حول طفل
يتتبع رفاقه أثناء مرورهم على المنازل لجمع الحلوى بمناسبة «حق الليلة»،
وهي احتفالية شعبية متوارثة تقام في ليلة النصف من شعبان في جو من الفرح
والبهجة، والمنافسة بينهم لجمع أكبر قدر من الحلوى، لكنّ مشاهدي الفيلم
الذي تبلغ مدته ثماني دقائق، يكتشفون أن الطفل محور الحدث «ما هو إلا طيف
لطفل ميت، يعود إلى قبره بعد الانتهاء من الاحتفال».
وكانت لجنة أبوظبي للأفلام اختارت الفيلمين لتمثيل الإمارات، وحصلت
على موافقة بعرضهما من لجنة المهرجان، ضمن فئة الأفلام الإبداعية.
الإمارات اليوم في
22/05/2010 |