لايزال المخرج الفرنسي الشهير «جان لوك جودار» قادراً علي إدهاش عشاق الفن
السينمائي، إنه واحد من أهم من قامت علي أفكارهم ما يعرف بالموجة الجديدة
في فرنسا والتي امتلكت رؤية إبداعية مختلفة أطلق عليها «سينما القلم» لأنها
اعتمدت علي أفكار عدد من النقاد أرادوا إثبات قدرتهم علي تقديم رؤية أكثر
طموحاً.
«جودار» ــ 80 عاماً ــ لايزال في الميدان يقدم رؤاه وجاء فيلمه الذي يحمل
عنوان «اشتراكية فيلم» وهو محمل بكل أفكاره، فأنت تري فيلماً لا يخرجه سوي
هذا المخرج.. عالم خاص به ليس له علاقة مباشرة بالسينما التي ألفناها.. هذه
المرة يقدم رحلة سفينة تبحر في البحر المتوسط يروي من خلالها ما يراه من
أحداث تتناولها بعض المدن والبلاد شاهدنا مصر وفلسطين ومدينتي نابولي
وبرشلونة.. السفينة وهي المركز الرئيسي للأحداث علي متنها العديد من
الجنسيات، وهكذا ينتقل المخرج من السفينة إلي تلك البلاد ويرسم صورة من
واقع التاريخ واللحظة الراهنة، يري المخرج تناقضاً في مصر بين انتشار
الحجاب وبين التحرر الذي تنشده المرأة، كما يقدم رؤية مليئة بالاعتزاز
للحضارة الفرعونية التي تشكل لدي الغرب حالة من الانبهار تزداد مع الزمن..
وكانت قضية فلسطين حاضرة بقوة أيضاً وعاد المخرج إلي وعد «بلفور» الذي قرر
أن يمنح بمقتضاه «أرض شعب إلي شعب بلا أرض»، وانتقل إلي المحرقة «الهولوكوست»
التي أقامها الألمان ضد اليهود أثناء الحرب العالمية الثانية ولكن في نفس
الوقت لم ينس المخرج صور الدمار والعنف اللذين مارستهما إسرائيل ضد
الفلسطينيين، كان المخرج عادلاً في تلك الرؤية الفكرية ويجب أن نلاحظ أن
الثقافة الغربية لا تتبني تماماً وجهة نظر العرب، إلا أنها في نفس الوقت قد
تتجه ناحية طرح وجهتي النظر، فهو لم يدن إسرائيل لاحتلالها أرضاً ليست لها،
ولم يقل إن الأرض لأصحابها الفلسطينيين إلا أنه أيضاً وفي نفس الوقت أدان
الصلف الإسرائيلي وفضح الممارسات العدوانية لها تجاه الفلسطينيين.. ما هو
المقصود باشتراكية فيلم؟ هذا العنوان الساحر الذي اختاره «جودار» يؤكد أن
العالم لا يمكن أن تبتعد مشاعره.. توجد نظرية في علم الطبيعة تقول إن جناح
الفراشة إذا تحرك في هواء الصين فإن الذبذبات في أمريكا تتأثر بتلك الحركة،
أي أن العالم كله إذا أراد أن يعيش فإن علي كل دولة أن تعتبر نفسها مسئولة
عن إقرار العدالة.. أكد «جودار» أن عدالة القانون غائبة عن العالم، ولهذا
لم يعد أمامه سوي ضرورة تطبيق قانون العدالة علي الجميع.. عرض «جودار»
فيلمه في قسم «نظرة ما» بعيداً عن المسابقة الرسمية للمهرجان، لكنه ليس
بعيداً عن التسابق؛ لأن «نظرة ما» لها أيضاً مسابقة وجوائز في نهاية أحداث
المهرجان.
عندما سألوا المخرج الأمريكي «تيم بيرتون» ــ رئيس لجنة التحكيم ــ عن
المعايير التي يضعها لاختيار الفيلم الفائز، أجابهم بأنه وأعضاء اللجنة
متفقون علي أن الفيلم الذي يمس المشاعر هو الذي سيحصد الجائزة، انتهت كلمات
المخرج العالمي الكبير والذي شاهدنا له في مصر مؤخراً فيلمه للأطفال ذا
الأبعاد الثلاثية «أليس في بلاد العجائب» ولو ألقينا نظرة حتي كتابة هذه
السطور عن الفيلم الذي ينطبق عليه هذا الشرط فسنجد أنه الفيلم المكسيكي
«جميل» للمخرج «أليخندو كونليز».. بطل الفيلم هو «خافير بارديم» الذي سبق
له أن حصل علي جائزة أوسكار أفضل ممثل مساعد عن فيلمه «لا وطن للعجائز» في
أوسكار 2009 وكان أيضاً هذا الفيلم قد سبق عرضه في «كان» وحصل علي السعفة..
فيلمه الجديد يقدم شخصية متورطة في أعمال خارجة عن القانون، إلا أنك لا
تملك سوي أن تتعاطف معها، فهو أب لصبية وطفل ومتزوج من امرأة دائمة السكر،
نعرف في بداية الأحداث أنه مصاب بسرطان متأخر في البروستاتا وأيامه في
الدنيا قليلة، يريد أن يجمع الأموال ليضمن علي الأقل للأسرة الأمان بعد
رحيله ولو لمدة عام.. يخفي علي الجميع حقيقة مرضه، إلا أن ابنته تلاحظ ذلك
ويموت وهو نائم بجوارها ويمنحها خاتم الزواج الذي توارثه عن أسرته.. يمهد
المخرج للتعبير عن الموت بالانتقال إلي مكان أبيض شفاف ويشاهد والده الذي
رحل وهو طفل، ولهذا يراه أيضاً شاباً كما كانت عليها الصورة التي يحتفظ بها..
وهكذا تقترب الكاميرا من وجهه في اللقطة الأخيرة بعد أن فارقته الحياة
ونشاهد لقاءه مع الأب الذي لم يره في الأرض، لكنه ينتظره في السماء.. بطل
الفيلم أتصوره مرشحاً بقوة لجائزة أفضل ممثل في هذه الدورة من المهرجان،
حيث إن الدور مليء بالانتقالات في المشاعر ما بين تأنيب الضمير والخوف من
الموت والتواطؤ مع الفاسدين يقدم أيضاً السيناريو المطاردات حيث تجري
الأحداث في برشلونة وهناك العديد من المهاجرين غير الشرعيين من أفريقيا
السوداء والصين وبعضهم يتاجرون في الممنوعات.. البطل هو صاحب تعبير
«الجميل» هكذا يراه المخرج جميلاً برغم تواطئه ومشاركته في الجرائم التي
يعيشها المجتمع ولا تكفي مطاردات الشرطة التي يتورط جزء منها أيضاً في
حماية الفساد.. بعد انتهاء عرض هذا الفيلم ضجت الصالة بتصفيق حاد، دلالة
علي أن هذا الفيلم قد مس مشاعرهم فهل يمس أيضاً مشاعر لجنة التحكيم ويحصل
علي جائزة السعفة الذهبية يوم الأحد القادم؟
الدستور المصرية في
19/05/2010
ثقافات / سينما
مهرجان كان: فيلم مؤثر عن مقتل الرهبان السبعة في الجزائر
قصي صالح الدرويش من كان:
بكثير من الجمال والحكمة والاتزان شاهدنا فيلما فرنسيا قويا مؤثرا في
المسابقة الرسمية لمهرجان كان. فيلم عنوانه {رجال والهة} للمخرج إكزافييه
بو فوا، ويتحدث عن خطف ومذبحة سبعة رهبان مسيحيين كانوا يعيشون في دير
منعزل في الجبال الجزائرية، ولهم علاقات طيبة مع الجزائريين المسلمين،
ينصرفون للصلوات والأغاني الدينية. أحداث الفيلم مستوحاة من المجزرة
الفظيعة التي وقعت عام1996 والتي كتبها بحرية من أفكار الرهبان التيبيين
الذين عاشوا في الجزائر منذ عام 1993 وحتى خطفهم. والرهبان الذين خطفوا ثم
ذبحوا هم الأب كريستيان دو شيرجي 59 سنة وكريستوف ليبريتون 45 سنة وسيلستين
رينغارد 62 سنة وبرونو لومارشوند 66سنة والاخوة لوك دوشيير 82 سنة وبول
فافر ميفيل 57 سنة وميشيل فلوري 52 سنة.
كان الرهبان الثمانية يعيشون بهدوء وسط المسلمين بتفاهم من دون اية مشكلة،
لكن الأزمة السياسية فجرت العنف المتزايد وقد حاول المتمردون المسلحون طرد
الاجانب من الجزائر، لكن الرهبان القائمين هناك لم يعتقدوا انهم مهددون،
خصوصا وان بعض المسلحين، احتاجوا الى الأدوية، فاعطوهم، والمخرج لم يتول عن
القتلة، أو عن الذين قاموا بعملية الخطف وكأنه يعتبر الارهابيين هم الذين
قاموا بذلك، انسجاما مع الرواية الرسمية، وقد اثيرت اسئلة كثيرة حول هذا
الموضوع بين اراء مختلفة ومتناقضة. وان كان الكراس الصحافي قد نشر سلسلة من
التواريخ للأحداث السياسية من الانتخابات التشريعية في 26 ديسمبر 1991حيث
فازت الجبهة الاسلامية للانقاذ بها، ثم حالة الطوارئ عام1992 ثم مقتل
الرئيس محمد بوضياف بعدها بايام والاعلان عن الجماعة الاسلامية المسلحة
الارهابية، وتبني هذه الجماعة المسلحة الارهابية لاختطاف الرهبان في 18
ابريل 1996 والاعلان عن قتلهم بعد شهر ويومين من ذلك، وقد وجدت رؤوس
الرهبان مقطوعة مرمية على الطريق يوم 30مايو 1996 ووقعت مذبحة فظيعة في بن
طلحة خلفت عددا كبيرا من الضحايا الأبرياء يوم 22 سبتمبر 1997. وفي عام
1998 خف العنف نسبيا، وبدأت العدالة الفرنسية التحقيق حول اختطاف الرهبان
وقتلهم، من دون التوصل الى نتيجة، وفي 29 سبتمبر 2005 اعلن الرئيس الجزائري
بو تفليقة المصالحة الوطنية، الأمر الذي اعفى بعض الجمعيات المسلحة عن
اعمالها التي قامت بها بعد 1990 في اطار شروط خاصة. ويوم 20 نوفمبر 2009
رفعت اسرار الدفاع، ما سمح بكشف وثائق للمستشار العسكري الفرنسي في الجزائر
بان الجيش الجزائري هو الذي قتل الرهبان السبعة عن طريق الخطأ. وقد حاول
بعض الممثلين الفرنسيين المشاركين في الفيلم اتهام العسكريين الجزائريين
بالفساد مثل ليمبيرت ويلسون. رغم الأحداث السياسية ومآلها، فان الفيلم كان
اكثر واوسع افقا من الحدث السياسي الضيق، فالفيلم ليس سياسيا مغلقا. او ليس
مغلقا فقط. وليس في الفيلم اية حساسيات دينية بين مسيحيين والمسلمين، فهو
يميز بين المسلمين والتزمت الضيق. الفيلم جميل من هذه الزاوية وفيه افاق
رحبة عن المحبة والتسامح، تبين ان معاناة المسيح كانت طريقا للخلاص والمحبة
والتسامح. والفيلم صور بحساسية مرهفة، وباداء تمثيلي رائع، وقد اثار تصفيق
النقاد الأمر الذي يسمح بالتطلع إلى جائزة من جوائز المهرجان. وكان مخرج
هذا الفيلم قد حصل على جائزة التحكيم عن فيلمه السابق الذي عنوانه لاتنسى
انك ستموت. عام1995. كما حمل قميصا عليه دفاع عن المخرج البولوني رومان
بولانسكي. وكان المدافعون عن بولانسكي في بداية المهرجان قد صمتوا اثر
الفضيحة الجديدة التي اتهمته الممثلة البريطانية شارلوت، وشاركت في فيلمه
{القراصنة}، باغتصابها له قبل ثلاثة ايام من تصوير فيلم القراصنة وكان
عمرها انذاك ستة عشر عاما فقط، وقد رفعت قضية ضده بواسطة اشهر محامية
بالدفاع عن النساء، وكان وزير الثقافة الفرنسية فردريك ميتران قد دافع عنه
بحرارة، لكنه التزم الصمت بعدها. كما رفض نجوم كبار الدفاع عن بولانسكي مثل
مايك دوغلاس، اما رئيس مهرجان جيل جاكوب فقال {ان بولانسكي مخرج كبير لكن
الجميع يخضعون للمساءلة } ان الفضيحة الجديدة تبدو غريبة لان بطلتها مثلت
فيلمه بعد ثلاث سنوات من اغتصابها حسب قولها، وينفي المخرج هذه التهمة،
ويرفع دعوى قضائية ضدها، خصوصا ليس عندها ما يثبت التهمة، وليس عنده ما
ينفيها، وتجدر الاشارة إلى ان التونسي طارق بن عمار هو الذي انتج فيلم
القراصنة، وبتمويل الشيخ صالح كامل، وقد فشل هذا الفيلم من الناحية الفنية
والنقدية والتجارية، بل انه افشل فيلم للمخرج البولوني رؤمان بولانسكي، وهو
مخرخ كبير جدا سواء يحب الفتيات الصغيرات، ويغتصبهن او لا.
إيلاف في
19/05/2010
ثقافات
/ سينما
أفلام في كان تتحدث عن الازمة المالية العالمية
رويترز / كان: يشارك في مهرجان كان السينمائي فيلمان تسجيليان يظهران صورة
مدمرة للنظام الفاسد الذي يخرج عن نطاق السيطرة حول الازمة المالية في
الوقت الذي يعود فيه المخرج الامريكي الى السينما بفيلمه (وول ستريت). يقدم
فيلما (مهمة داخلية) (Inside Job)
اخراج تشارلز فيرجسون و(كليفلاند مقابل وول ستريت) (Cleveland
versus Wall Street)
اخراج السويسري المولد دان ستيفان برون وصفا تفصيليا للكارثة التي سببت
انهيارا للنظام المصرفي العالمي. وينقل الفيلمان اللذان يسردان سلسلة معقدة
بشكل هائل من الاحداث رسالة بسيطة من خلال تناولهما لموجة مضاربة محمومة
جمعت بين مشتري المنازل الامريكيين في المدن والمسؤولين الذين لم يكترثوا
بأخطائهم والمؤسسات المالية العالمية غير المسؤولة. وقال فيرجسون لرويترز
في مقابلة "كانت عملية سطو على بنك لكنه سطو قام به رئيس البنك وليس مجرد
شخص عادي يمشي وهو مسلح بمسدس." ومضى يقول "كانت جريمة ارتكبها القائمون
على النظام المالي.. سمحنا لهؤلاء الناس ان يعيثوا في الارض فسادا وأفسدوا
النظام." وتسعى أبرز شخصيات في وول ستريت جاهدة الى تحسين صورتها في اطار
حملة علاقات عامة لانقاذ سمعتها من موجة الغضب الشعبي الموجه لهذا القطاع
والتي يقولون انها كثيرا ما تكون غير عادلة وليست مبنية على أساس سليم من
المعلومات. لكن مع فيلم ستون "وول ستريت.. المال لا ينام أبدا" (Wall Street: Money Never Sleeps)
فان مشاعر الغضب العام امتدت فيما يبدو الى أكبر مهرجان سينمائي في العالم.
وقال ستون لرويترز في مقابلة بعد عرض فيلمه خارج المسابقة الرسمية "أعتقد
أن المصرفيين يجب أن يسجنوا لكن الامر لا يحدث بتلك الطريقة أليس كذلك؟
إيلاف في
19/05/2010 |