قبل ساعات من انطلاق الدورة الثالثة والستين من مهرجان «كان» السينمائي
الدولي، فإن السؤال الطاغي هو: إلى أي مدى سيترك شغل الطبيعة تأثيره السلبي
على هذا الحدث الكبير؟
هذا ليس أفضل وقت للسفر إلى «كان». برد ورياح غير مستقرة، وبركان أيسلندي
لا يزال ينفث غبار غضبه فوق أوروبا معرضا حركة السفر إلى «كان» لاضطراب
شديد نتج عنه إلغاء عشرين رحلة إلى مطار نيس، بوابة «كان» الجوية، في يومي
السبت والأحد الماضيين. وإذا كان هذا ليس كافيا، فإن الإضراب الذي يهدد به
موظفو الخطوط الجوية البريطانية في وقت لاحق من هذا الشهر يزيد من القلق
البادي على ملامح المهرجان هذه السنة متوقعا انخفاض عدد الحاضرين نحو 30 في
المائة عما كان عليه في العام الماضي (الذي سجل انخفاضا واضحا عن العام
الذي قبله) ولو أن هذا الانخفاض مرده أيضا الوضع الاقتصادي العالمي وما
ينتج عنه عادة من محاولات الحد من التكاليف.
السؤال إذن تحول عن إذا ما كانت أفلام المسابقة - وعددها الآن تسعة عشر -
ستأتي بالتنوع والثراء الذي تعد به، إلى سؤال حول حجم الضرر الذي سيعانيه
المهرجان جراء هذا المزيج من شغل الطبيعة والعوامل الاقتصـــــــــــادية
خصوصا إذا ما أضفنا إلى قائمة الأزمات قرار موظفي الخطوط الجوية البريطانية
الإضراب عن العمل في وقت لاحق من هذا الشهر مما سيعرّض
نســــــــــــــــــــــــــبة كبيرة من الحاضرين لمزيد من تغيير المواعيد
واضطراب جداول العمل.
كبداية، فإن المخرج ريدلي سكوت الذي كان من المفترض أن يصل إلى هنا لحضور
عرض فيلمه الأخير «روبين هود» الذي كان اختير لافتتاح الدورة، بعث يعتذر عن
الحضــــــــــــــــور ولو أنه ربط المسألة بســـــــــــــــــاقه التي
سقط عليها خلال تصوير الفيلم.
حين قابلته قبل أيام قليلة في هوليوود كان يتوكأ على عكاز وحين سألته ما
الخبر قال مازحا: «ضربني راسل كراو». لكنه بدا في حالة تسمح له بالحركة ولو
ببطء، بل أكد أنه سيحضر المهرجان قائلا: «أتطلع قُدما إلى هذه المناسبة،
فـ(كان) علمني بضعة دروس في السينما منذ أن قدمت فيه أول أفلامي
(المتبارزان) قبل ثلاث وعشرين سنة».
لذلك يأتي اعتــــــــــــــــذاره مفاجئا وموحيا بأن عامل الطقس لم يساعده
في تنفيذ رغبته. على هذا، فإن بطلي الفيلم، راسل كراو الذي يؤدي دور الثائر
الإنجليزي وكيت بلانشـــــــــــــــــيت التي تؤدي دور المرأة التي تحبه،
سيحضران، ولو أن كيت - حسب مصدر إعلامي من شركة «يونيفرسال» المنتجة -
ستضمي أقل من 36 ساعة تُجري خلالها بعض المقابلات المبرمجة سلفا ثم تطير
عائدة إلى بافاريا حيث تنجز تصوير فيلمها المقبل «هانا».
وسط ذلك، لم تتوقف عجلة العمل في المهرجان ولم يجلس أعضاء إدارته وموظفوه
حيارى بل واظبوا على العمل بثقة أن الأعمال ستسير حسب المعتاد بشكل أو
بآخر. ولا بد أن اتصال المخرج البريطاني كن لوتش في الأسبوع الماضي بإدارة
المهرجان ليزف إليها بشرى أن فيلمه الجديد «طريق أيرلندي» ساعد على إعادة
الابتســـــــــــــامة إلى المهرجان الذي كان أعلن وجود ثمانية عشر فيلما
في المسابقة واســــــــــــــــتمع إلى الكثير من التعليقات حول أن
هــــذا العدد أقل بنحو ملحوظ من العدد المعتاد في الدورات
المـــــــــــاضية.
ما هو ثابت، أن الدورة الجديدة من «كان» عليها أن تثبت أن المهرجان هو أقوى
من المتغيرات طبيـــــــــــــــــــعية كانت أو اقتصادية، لكن المهمة
لإنجاز هذه المهمة، صعبة بســـــــــــــــــــــــبب من كبر حجم المهرجان
المنقســـــــــــــــــم على نصفين متوازيي الأهمية: نصف يعبّر عن إبداع
السينمائيين ويلبّي رغبة الباحثين في الأفلــــــــــام عن الفن والثقافة
وأصــــــــــــــناف التعبير الذاتي والاجتماعي المصاحب، ونصف يعبّر عن
الصناعة والتجارة والتسويق ويلبّي رغبة الباحثين عما يشترونه أو يبيعونه من
إنتاجات. النصفان هما جناحا هذا المهرجان الكبيران، وعليهما أن يعملا جيدا
لينطلق المهرجان قويا ويحط سليما بعد اثني عشر يوما من اليوم.
الشرق الأوسط في
12/05/2010
إضافة فيلم في اللحظة الأخيرة عن حرب العراق
إلى المسابقة الرسمية في «كان»
إدارة المهرجان ترحب بالفيلم الجديد للبريطاني كين لوتش الذي خرج
من المعمل توا
باريس: «الشرق الأوسط»
الحادثة ليست فريدة من نوعها لكنها تبقى مثيرة وباعثة على التساؤل. فقبل
يومين من افتتاح مهرجان «كان» السينمائي الدولي، على الساحل الجنوبي
لفرنسا، أعلن المنظمون عن إضافة فيلم جديد إلى قائمة الأفلام المعلنة
للتنافس على السعفة الذهبية. وصاحب الحظ السعيد هو المخرج البريطاني كين
لوتش الذي كان قد اعتذر عن إرسال فيلمه الجديد «روت أيريش» إلى المهرجان
لتقديره بأنه لن يكون جاهزا في الموعد المحدد. وبهذا يرتفع عدد أفلام
المسابقة الرسمية إلى 19 فيلما.
وبادرت ربيكا أوبريان، منتجة الفيلم البريطانية، إلى إرسال الفيلم إلى لجنة
المسابقة قبل ثلاثة أيام، دون أن تخبر المخرج الذي فوجئ بخبر مشاركة فيلمه
في «كان» وبرمجته للعرض في 20 من الشهر الجاري. وقال مدير المهرجان إنهم
شاهدوا الفيلم، ولما تأكدوا من جهوزيته قرروا عدم تفويت الفرصة.
يتناول الفيلم قصة صديقين يتعاقدان للعمل مع إحدى الشركات الأمنية في
العراق. وحسب المنطق الغربي فإنهما يعرضان نفسيهما للموت في مدينة يجتاحها
العنف. وبهذا الفيلم يسجل كين لوتش مشاركته العاشرة في مسابقات المهرجان.
وقد سبق له أن نال السعفة الذهبية قبل أربع سنوات عن فيلمه «الريح التي
تحرك حقل الشعير». كما نال لوتش جائزة لجنة التحكيم مرتين في «كان». وقدم
في الدورة الأخيرة من المهرجان فيلما بعنوان «البحث عن إريك»، قام فيه لاعب
كرة القدم الفرنسي إريك كانتونا بدوره الحقيقي في الحياة.
صحيفة «الفيغارو» وصفت زج الفيلم الجديد في المسابقة بأنه مثل الأرنب الذي
يخرجه الساحر من قبعته. لكنها ليست المرة الأولى التي يضيف فيها المنظمون
فيلما في اللحظة الأخيرة، فقد حدث ذلك ثلاث مرات من قبل مع أفلام «يول»
للتركي يلماز غوني، و«الرجل الحديدي» للبولوني أنريه فاغدا، و«طعم الكرز»
للإيراني عباس كيارستمي. وفي المرات الثلاث فازت هذه الأفلام «الدخيلة»
بالسعفة الذهبية. فهل يكون لفيلم لوتش الحظ ذاته؟
الشرق الأوسط في
12/05/2010 |