مهرجان كان 2010
يؤكّد المهرجان الذي ينطلق بعد غد، أنّه متمسّك بهويّته كـ«قلعة
سينما المؤلف». من ريدلي سكوت إلى وودي ألن، وجان ــ لوك غودار ومانويل دي
أوليفيرا... برنامج منوّع وأسماء تعد بواحدة من أخصب دورات المهرجان
نظرات قلقة في عالم متحوّل
تتوزّع أفلام الدورة الـ63 على توجّهين أساسيين: الأوّل ذاتي ينتمي إلى
سينما المؤلّف، والآخر تاريخي يتّخذ من الماضي مادة لمقاربة الراهن... بين
هذا ذاك، تحضر الأزمة المالية في أعمال تبشّر بثورة مقبلة للتخلّص من
النظام الليبرالي المتهالك
«مهرجان كان السينمائي» الذي تفتتح دورته الـ63 بعد غد الأربعاء، يكاد
يمثّّل دليلاً قاطعاً على أن الفنّ السابع مؤهّل لتجاوز الأزمة المالية
العالمية، وانعكاساتها على الإنتاج السينمائي. وفيما أُعلن وقف تصوير فيلم
«جيمس بوند» الجديد بسبب الأزمة التي تتخبّط فيها استوديوهات
MGM،
وهي أحد أبرز رموز هوليوود... استطاع المهرجان الفرنسي العريق أن يلمّ ثلّة
من أبرز صنّاع السينما العالمية، من ريدلي سكوت إلى وودي ألن، ومن أوليفر
ستون إلى عباس كياروستامي، مروراً بأليخاندرو غونزاليس إيناريتو، ومايك لي،
وتاكيشي كيتانو، ونيكيتا ميخالكوف، وجان ـــــ لوك غودار، وستيفن فريرز،
ومانويل دي أوليفيرا.
هذه السنة، يقدّم المهرجان برنامجاً رسمياً منوّعاً وثرياً، يبشّر روّاد
«الكروازيت» بواحدة من أخصب الدورات، ويثبت مرة أخرى أنّ «كان» ما زال
يستحق لقب «قلعة سينما المؤلف». ولعل الميزة الأساسية لأفلام هذه البرمجة،
أنها تتطلّع إلى جس نبض المرحلة، وتسلّط نظرات قلقة، محاولة رصد «الخلل»
الذي أصاب «العالم المتحضّر» جرّاء الهجمة الليبرالية المتوحشة. هذه الهجمة
التي أسفرت عن الأزمة المالية التي ما زالت تبعاتها تتفاعل وتتفاقم، رغم
تطمينات أنصار «أخلقة الرأسمالية».
لتسليط الضوء على هذه «الخديعة» الليبرالية الجديدة، يعود الأميركي المشاكس
أوليفر ستون، على خطى شبابه، ليقدّم تتمة لأحد أشهر أفلامه: «وول ستريت»
(1987). يستعيد النجم تشارلي شين هنا دور باد فوكس، اختصاصي المضاربة في
البورصة الذي صنع شهرته قبل ربع قرن. أما النجم مايكل دوغلاس، فيعود لتقمّص
شخصية رجل الأعمال الفاسد غوردن غيكو الذي سُجن في نهاية الجزء الأول من
الفيلم. ونكتشف هنا، بعد ربع قرن، أن أسوار السجن لم تمنعه من الاستمرار
بالاتجار غير الشرعي والمضاربة، إذ إنّ المال لا يجب أن ينام، كما تقول
الحكمة الليبرالية الشهيرة التي يستعيرها ستون عنواناً فرعياً لهذا الجزء
الثاني من فيلمه (خارج المسابقة) على سبيل السخرية، وللتلميح إلى أن المال
لا ينام أبداً، لكن الأزمة الأخيرة أثبتت أنه قد يتبخّر بلا رجعة!
أما ريدلي سكوت الذي يُعرض فيلمه في افتتاح المهرجان، فيستعير أسطورة «روبن
هود»، قاطع الطرق النبيل الذي يسرق الأثرياء ليعطي الفقراء. ولا يكتفي صاحب
«سقوط الصقر الأسود» (2002) باستعمال رمزية روبن هود لتشريح أسباب الأزمة
العالمية الراهنة. بل يقدّم مقارنة مثيرة بين الملك الإنكليزي جون (1166
ـــــ 1216)، والرئيس الأميركي باراك أوباما. فـ«الملك جون» ورث عن والده
الملك ريتشارد الأول «قلب الأسد» بلداً على حافة الحرب الأهلية وشبه مفلس،
بسبب غزوات «قلب الأسد» الصليبية. ويقارن سكوت ذلك بالإرث المثقل بالهزائم
والأزمات الذي ورثه أوباما عن خلفه جورج بوش. من هنا، يسعى صاحب «أكاذيب
دولة» إلى استشراف الثورة المرتقبة التي تتفاعل بوادرها في أتون الأزمة
المالية الحالية، عبر استعادة الدوافع التي تقف وراء تمرد روبن هود، رغم أن
الملك جون كان ـــــ على غرار أوباما ـــــ «مسكوناً بالأفكار الخيّرة
والنيّات الحسنة» كما يقول سكوت في حوار لمجلة «نوفيل أوبسرفاتور»
الفرنسية.
أزمة النظام الرأسمالي هي أيضاً التيمة المحوريّة لجديد جان ـــــ لوك
غودار. وهل من دليل أكبر على «شباب» رائد «الموجة الجديدة» الفرنسية، من أن
فيلمه «اشتراكية ـــــ فيلم»، يُعرض، مثل شريط أوليفييرا، ضمن تظاهرة «نظرة
ما» المفتوحة غالباً للتجارب الشابة أو المغايرة؟ وإمعاناً في تحدي
الإستبلشمنت الرأسمالي الذي يتحكّم في صناعة السينما، قرّر صاحب «بيارو
المجنون» (1965) طرح عمله للمشاهدة بطريقة شبه مجانية على الإنترنت،
بالتزامن مع عرضه في «كان»!
لكن الحضور البارز للثلاثي ستون ـــــ سكوت ـــــ غودار، لا يعني أن الدورة
ستقتصر على السياسة! الباقة الرسمية لـ«كان»، سواء الأفلام الـ20 التي
تتنافس على «السعفة الذهبية»، أو تلك التي تُعرض خارج المسابقة، يتنازعها
توجهان أساسيان: أعمال حميمة تنتمي إلى سينما المؤلف على اختلاف توجهاتها
ورموزها من جهة، وأفلام تاريخية من الجهة الأخرى، تستعيد الماضي مرآة لفهم
الراهن واستشراف المستقبل.
ضمن الفئة الأولى نجد العمل الجديد للمعلم الإيراني عباس كياروستامي الذي
يدخل مجدداً السباق على السعفة الذهبية بعد تكريس فيلمه «مذاق الكرز» عام
1997. في شريطه الجديد «صورة طبق الأصل»، يصوّر كياروستامي ـــــ لأول مرة
ـــــ فيلماً تدور أحداثه بعيداً عن بلاده وبلغة غير لغته، ويروي قصة حب
إشكالية بين صاحبة غاليري فني إيطالية في فلورانس (جوليت بينوش) وكاتب
بريطاني (ويليام شيمل).
وضمن المسابقة، يقدّم المكسيكي أليخاندرو غونزاليس إيناريتو عمله الروائي
الرابع بعد «الحب كلب» و«21 غراماً» و«بابل». وقد كانت هذه الأعمال الثلاثة
كافية لتكريس إيناريتو ضمن كبار صنّاع السينما العالمية، بفضل أسلوبه
المبتكر في حبك الأواصر الخفية، والمصائر المتشابكة، لشخصيات متباعدة في
الظاهر، تبدو كأن لا رابط بينها. في
Biuttiful، يصوّر إيناريتو قصة ضابط شرطة إسباني (خافيير
بارديم) يكتشف أنّ تاجر المخدرات المرعب الذي يطارده، منذ سنين، ليس سوى
واحد من أصدقاء طفولته!
«روبن هود» يتمرّد على أوباما، ... وجان ــ لوك غودار يهزأ بالرأسمالية
و«إستبلشمنت» الفنّ السابع
ضمن هذه «الموجة الحميمة»، نجد في المسابقة جديد مايك لي «عام آخر»،
وتاكيشي كيتانو «استفزاز»، وباكورة الفرنسي ماتيو أمالريك الذي قفز إلى
واجهة النجومية العالمية ممثّلاً، بفضل أدائه المبهر في رائعة جوليان شنابل
«الفراشة وبذلة الغطس» (2006). وهو يقف هنا وراء الكاميرا لأول مرة، ليقدّم
فيلماً واعداً بعنوان «جولة». وتضاف إلى هذه الموجة الحميمة أفلام أخرى
خارج المسابقة، مثل «ستلتقي بغريب طويل غامض» لوودي ألن، و«تامارا درو»
لستيفن فريرز.
أما الأفلام التاريخية فتتضمن (إلى جانب فيلم الافتتاح «روبن هود») جديد
السينمائي الروسي الكبير نيكيتا ميخالكوف «الشمس المخادعة 2» الذي يستكمل
فيلماً بالعنوان ذاته قدّمه سنة 1994، وصوّر فيه اليد الحديدية الستالينية
التي أطبقت على الاتحاد السوفياتي في الثلاثينيات. وقد أثار هذا الشريط
الجديد جدلاً في روسيا، إذ انتُقدت الصورة التي رصد بها ميخالكوف أحوال
الجيش الروسي خلال الأشهر الأخيرة من الحرب العالمية الثانية.
أما الجزائري رشيد بوشارب (راجع الصفحة المقابلة)، فيقدّم جديده «الخارجون
على القانون» (ضمن المسابقة ـــــ راجع مقالاً آخر في الصفحة) حيث يبدأ من
حيث انتهى في فيلمه الشهير «بلديون». بعد الإسهام في تحرير فرنسا من
النازية، ينخرط أبطاله في النضال الوطني من أجل التحرر، ويؤسّسون شبكة
موالية للثورة الجزائرية في فرنسا.
ويتجاور هذا الفيلم الذي يصوّر جانباً من «حرب الجزائر»، مع فيلم آخر في
المسابقة الرسمية هو «بشر وآلهة» للفرنسي كزافييه بوفوا، يتناول إحدى
الجرائم الأكثر بشاعة في «حرب الجزائر الثانية»، خلال سنوات الإرهاب في
التسعينيات، وهي ذبح سبعة رهبان في دير «تيبحيرين» الشهير، قرب مدينة
المدية، جنوبي غربي العاصمة الجزائرية.
«مهرجان كان السينمائي الدولي» في دورته السادسة والثلاثين يحتضن أيضاً
جديد المعلم البرتغالي مانويل دي أوليفيرا (1908 ــ الصورة). وكان المهرجان
الفرنسي العريق احتفل في العام الماضي بعيد ميلاده المئة. وها هو دي
أوليفيرا يعود في شريط جديد يحمل عنوان «حالة أنجليكا الغريبة» الذي سيعرض
ضمن تظاهرة «نظرة ما». في هذا الفيلم، يستعيد دي أوليفيرا تجربة شخصية
عاشها هذ السينمائي بعد موت إحدى قريباته.
جيل جاكوب سعيد بوجودنا، ولكن...
عثمان تزغارت
على هامش المؤتمر الصحافي السنوي، الذي أُعلنت خلاله الأفلام التي ستدخل
الباقة الرسمية للدورة الحاليّة من «مهرجان كان»، التقينا برئيس المهرجان،
جيل جاكوب. سألناه، بداية، عن انطباعه الشخصي عن برنامج هذا العام، فقال:
«يجب الاعتراف بأنني لم أشاهد كل الأفلام. لذا، فانطباعي الأول هو الفضول
لرؤيتها. لكنني أستطيع القول إنه من مجرد قراءة لائحة الأفلام المشاركة في
هذه الدورة، يتضح لأي متتبع أن هناك حضوراً أفريقياً افتقدناه منذ فترة
طويلة. وهذا ما يسعدني كثيراً. هناك أيضاً حضور مثير لدول أخرى، مثل
أوكرانيا وكوريا وغيرهما. ذلك، بالطبع، إلى جانب الدول التي جرت العادة أن
تمثّل الروافد الأساسية للمهرجان، ما يخوّلني القول بأن انطباعي الأوّلي عن
هذه الدورة إيجابي للغاية. وأضيف أنه في ظل الأزمة المالية التي أصابت
العالم ولا تزال تبعاتها مستمرة حتى اليوم، فإن اللجان الفنية للمهرجان
حققت إنجازاً كبيراً من خلال هذه التشكيلة التي تتّسم بالكثير من الثراء
والتنوّع والتغيير».
وعن رأيه في العودة القوية التي تسجلها «سينما الجنوب» في الدورة، 63 من
«مهرجان كان»، يقول جيل جاكوب: «أنا سعيد جداً بعودة سينما الجنوب إلى
الحضور في «مهرجان كان». إلى جانب الإيراني عباس كياروستامي والجزائري رشيد
بوشارب، وهما من الأسماء المكرسة. هناك أيضاً فيلم تشادي لمحمد صالح هارون
في المسابقة الرسمية، وآخر جنوب ـــــ أفريقي في تظاهرة «نظرة ما». وأعتقد
أنهما سيكونان ضمن المفاجآت السارة لهذه الدورة...».
لكن قبل مواصلة التفاؤل، سرعان ما يستدرك جيل جاكوب قائلاً: «أتمنى ألا
يكون هذا الحضور طفرةً عارضةً سرعان ما تختفي، بل أن يكون هناك على الدوام
حضور جنوبي منتظم ومستمر. وذلك لا يتوقف على رغبة إدارة المهرجان، بل إنّ
المقياس يكمن في قدرة سينمائيي دول الجنوب على أن يرتقوا إلى مستوى مهرجان
مثل «كان». من دون ذلك، لا يمكن أن نساعدهم على الحضور، على الرغم من أننا
في كل مرة نكون سعداء للغاية بوجودهم بيننا».
ويختم جاكوب قائلاً: «على السلطات في دول الجنوب أن توفّر للسينمائيين
الموارد المالية اللازمة لتحقيق أفلام جميلة، إذ إنّ السينما ليست فناً
فقط، بل هي أيضاً صناعة ذات كلفة عالية جداً. ومن دون التمويل الإنتاجي
الكافي، من الصعب صناعة أفلام قادرة على تحقيق الحضور في مهرجان بمكانة
كان».
سينما الجنوب بين حفاوة وجدل
عثمان تزغارت
الحفاوة التي استقبلت بها الأوساط السينمائية عودة «سينما الجنوب» بقوة في
هذه الدورة من «كان»، لم تحصّن هذه الأفلام من زوابع النقد والجدل السياسي.
الجميع يرتقب ما سيقوله السينمائي الإيراني الكبير عباس كياروستامي عن
الأوضاع في بلاده، وعن الأسباب التي دفعته إلى المغادرة إلى المنفى، ليصور
أول فيلم له تدور أحداثه بعيداً عن إيران.
وكان صاحب «مذاق الكرز» قد قرّر المغادرة إلى إيطاليا، قبل أشهر طويلة من
انفجار الأزمة بين الإصلاحيين والمحافظين في إيران، على خلفية الجدل الذي
أحاط بإعادة انتخاب الرئيس أحمدي نجاد في حزيران (يونيو) الماضي.
بخلاف سينمائيين آخرين، من أمثال محسن مخملباف، وابنته سميرة، وجعفر بناهي،
المسجون حالياً في طهران (كان يُفترض أن يكون ضمن أعضاء لجنة تحكيم هذه
الدورة) وغيرهم من الفنانين الإيرانيين الذين أشهروا تأييدهم لـ«انتفاضة
الشباب الإيراني»... التزم كياروستامي الصمت. رغم نضالاته المعروفة، منذ
ربع قرن، من أجل الحريات في إيران، إلا أن المعروف عنه أنه يكتفي بالتعبير
عن آرائه في أعماله. لذا، ترتقب الكروازيت بفارغ الصبر ما سيقوله في هذا
الشأن. وإذا تحصّن ـــــ كالعادة ـــــ وراء نظاراته السوداء، ورفض التعليق
على ما يحدث في بلاده، فإن الأنظار ستتجه إلى فيلمه، بحثاً عن أي تلميح
يمكن تفسيره بأنه موقف من الأحداث التي تشهدها إيران.
إلى جانب هذا، فإن سينمائياً جنوبياً آخر يواجه موجات متصاعدة من الانتقاد،
رغم أنه لا أحد شاهد فيلمه، هو الجزائري رشيد بوشارب الذي نال فيلمه
«بلديون» الإجماع في فرنسا بسبب تثمينه لنضالات المجندين المغاربيين في
الجيوش الفرنسية خلال الحرب العالمية الثانية. لكن جديده «الخارجون على
القانون» الذي يصور انخراط أبطال «بلديون» لاحقاً في الكفاح الوطني ضد
الاستعمار الفرنسي، ألّب عليه الطبقة السياسة الفرنسية.
بدأت الضجة حين سرّبت وكالة الأنباء الفرنسية مضمون تقرير لـ«لجنة التاريخ»
في وزارة الدفاع الفرنسية، يعدّ «الخارجون على القانون» تزويراً للتاريخ،
رغم أن تلك اللجنة العسكرية لم تشاهد الفيلم، بل حصلت على نسخة غير مكتملة
من السيناريو. سرعان ما تلقفت مواقع اليمين المتطرف الفرنسي على الإنترنت
هذه القضية، وعملت على تصعيد الحملة على بوشارب. وإذا بنائب برلماني من
الأغلبية الرئاسية، هو ليونيل لوكا، يركب الموجة، رافعاً عريضة إلى
البرلمان الفرنسي تطالب بسحب الفيلم من «كان»! وفيما تفادى وزير الثقافة،
فريدريك ميتران، الوقوع في فخ هذه المكارثية، مكتفياً بالقول إنّه لا
يستطيع الحكم على فيلم لم يشاهده، جاءت المفاجأة من قصر الإليزيه. إذ طلب
الرئيس ساركوزي من منتج الفيلم تنظيم عرض خاص في قصر الرئاسة قبل ذهاب
الفيلم إلى الكروازيت! لكن منتج «الخارجون على القانون»، جون بريا، رفض طلب
الإليزيه، وردّ على مستشاري الرئيس قائلاً إنّ «من يريد مشاهدة الفيلم،
أياً كان، فما عليه سوى أن يأتي إلى الكروازيت».
على الضفة الأخرى للمتوسط، ضجت الصحف الجزائرية بانتقاد هذه الهجمة على
رشيد بوشارب وفيلمه. لكن الصحف ذاته تفرك أصابعها، منذ أسابيع، ترقباً
للتصدي لفيلم «بشر وآلهة» لاكزافييه بوفوا، لأنه قد يتطرق لما يثار منذ
سنوات من شكوك بخصوص تورط أجهزة الأمن العسكري الجزائري في مقتل رهبان «تيبحيرين»
المختطفين من الجماعة الإسلامية المسلحة. وهي شكوك رجّحتها شهادات العديد
من الدبلوماسيين والضباط الجزائريين المنشقين. لكن الأوساط السياسية
والإعلامية الجزائرية تتمسك بالرواية الرسمية التي تزعم أن الرهبان خطفوا
وقُتلوا من المتطرفين الإسلاميين. لذا، يمكن القول إنّ المكارثية والنظرات
الاختزالية لتاريخ حربي الجزائر (الأولى والثانية) تتوزع بالتساوي بين ضفتي
المتوسط!
قد لا يفلت فيلم جنوبي آخر يشارك في المسابقة من هذا الجدل السياسي، وهو
فيلم التشادي محمد صالح هارون «رجل يصرخ...»، وهو عنوان مقتبس عن قصيدة
إيمي سيزير الشهيرة «رجل يصرخ ليس دبّاً يرقص». يروي الفيلم قصة أب تشادي
وابنه يسرّحان من العمل إثر بيع الفندق الفاخر الذي يشتغلان فيه لمستثمرين
صينيين. عبر هذه القصة، يقدّم الفيلم صورة غير مسبوقة للإمبريالية الصينية
الناشئة في القارة السوداء.
ولعل الفيلم الجنوبي الوحيد الذي سيكون بمنأى عن الجدل هو «الحياة قبل كل
شيء» للجنوب ــــ أفريقي أوليفر شميتز، الذي يُعَدّ من الأقطاب التاريخيين
لحركة محاربة الأبارتايد. وهو فيلم عن التآخي والمصالحة في جنوب أفريقيا
بعد انهيار نظام التفرقة العنصرية...
كواليس الكروازيت
■ النجمة كيرستن دانست سيكون لها حضور مزدوج في
«كان»، إذ سيُقدّم أول فيلم قصير من إخراجها، بعنوان «لقطاء»، في ختام
تظاهرة «أسبوع النقاد». كذلك فإن وجودها على الكروازيت سيكون مناسبة
للتوقيع رسمياً على عقد تتقاسم بموجبه مع الفرنسية شارلوت غينسبور بطولة
فيلم جديد للمعلم الدنمركي لارس فون تراير، بعنوان
MELANCOLIA...
■ قرّرت وكالات الأنباء والتصوير مقاطعة هذه الدورة
من مهرجان «كان» السينمائي، احتجاجاً على استحواذ المموّل الرئيس للمهرجان،
«تلفزيون كانال +»، على المزيد من الامتيازات الحصرية، التي تضيّق أكثر
فأكثر على حظوظ بقية الوكالات والقنوات التلفزيونية في تغطية المهرجان. وقد
خصصت «كانال +» هذه السنة ميزانية قدّرت بـ6 ملايين يورو للانفراد بالنقل
المباشر لفعاليات المهرجان، وستستحوذ على نحو 425 ساعة بث طيلة انعقاد
المهرجان.
■ تواصل الممثلات الفرنسيات تصدّر واجهة السينما
العالمية. فبعدما أدت شارلوت غينسبور بطولة
Antichrist للارس فون تراير (جائزة أفضل ممثلة في «كان»،
العام الماضي)، واشتركت ميلاني لوران في
Inglorious Bestards
لكوانتن تارانتينو... جاء الدور على ليا سيدو وأستريد بريجاس. الأولى تشارك
في بطولة «روبن هود» لريدلي سكوت. أما الثانية فيُرتقب أن يُترجم حضورها
على الكروازيت بالتوقيع رسمياً على عقد للمشاركة في بطولة الجزء الرابع من
سلسلة «قراصنة الكاريبي».
■ وزير الثقافة الإيطالي ساندرو بوندي يقاطع
«مهرجان كان». الوزير الوفي لرئيس وزراء إيطاليا سيلفيو برلوسكوني يحتجّ
على عرض فيلم وثائقي إيطالي بعنوان «دراكويلا» للممثلة الكوميدية سابينا
غوتشانتي. عنوان الفيلم يتلاعب بالكلمات، إذ يجمع كلمة «دراكولا» مصاص
الدماء مع مدينة «لاكويلا» (وسط إيطاليا) التي لقي فيها أكثر من 300 شخص
حتفهم في زلزال العالم الماضي. ويشير الوثائقي إلى أنّ برلسكوني استغل
الزلزال لتوسيع شعبيته.
■ على هامش حضور البريطاني ريدلي سكوت «مهرجان كان»
لعرض فيلمه «روبن هود»، يرتقب أن يُعلن رسمياً التوقيع بينه وبين
استوديوهات «بارامونت» على عقد يتولى بموجبه صاحب «مملكة السماء» إخراج
فيلم جديد من سلسلة
ALLIEN، التي كان مخرج أول جزء منها سنة 1979. ورغم
إعجابه بسيناريو الفيلم الجديد الذي يكشف لأول مرة أن الـALLIENS
ليست مخلوقات قادمة من الفضاء، بل كائنات هجينة من صنع البشر.. إلا أن
ريدلي سكوت تردد كثيراً في قبول المهمة الموكلة إليه، مبرراً ذلك بأنه بعد
«أفاتار» لجيمس كاميرون، يصعب على أي مخرج آخر أن يأتي بجديد في مجال سينما
الخيال العلمي...
الأخبار اللبنانية في
10/05/2010 |