قال رئيس مهرجاني دبي والخليج السينمائيين عبدالحميد جمعة، إن «الوقت
ما زال مبكراً لنرى أفلاماً إماراتية أو خليجية ذات جماهيرية كبيرة في دور
العرض»، معتبراً أن «العام 2018 سيكون موعداً مناسباً لذلك، ولجني بعض
الثمار الحقيقية للحراك السينمائي التي حققها المــهرجانان» على الصعيدين
المحلي والخليجي خصوصاً.
وأضاف جمعة لـ«الإمارات اليوم» أن «معوقات كثيرة ادت الى تأخر وجود
الفيلم الخليجي بشكل اعتيادي في دور السينما، بعضها راجع إلى طبيعة التطور
في هذا المجال، وبطء تأثير أي مبادرات مهما اختلف حجمها»، موضحا أن من بين
المعوقات أيضاً «ما يتعلق بثقافة المشاهدة لدى الجمهور الذي اعتاد أفلاماً
أجنبية تنتمي لمدارس مختلفة، وكذلك اعتياد جمهور السينما العربية على
الافلام المصرية»، معتبراً أن بعض تلك العقبات «يعود للفنان الخليجي نفسه»،
مضيفاً أن «احتجاب الفنان الخليجي وعدم تواصله مع وسائل الإعلام المختلفة
في المهرجانات وغيرها،جا من الفعاليات لا يصب في مصلحته»، ملقياً باللوم
على الفنان الخليجي الذي «يضر بمساعي دفع الحراك السينمائي الخليجي بتجاهله
استثمار أضواء الإعلام المسلطة هنا للترويج لأعماله».
ولم يقر جمعة بأن توقيت الأزمة الاقتصادية كان حجر عثرة أمام الصناعة
السينمائية «التي لم تتشكل معالمها خليجياً للآن» حسب تأكيده، مضيفاً أن
تأثير الأزمة في هذا المجال «كان إيجابياً، على الصعيدين العالمي والخليجي،
لأنه سلط الأضواء على وجوب الاهتمام بجوانب أخرى للتواصل بين الثقافات
والكيانات المتباينة بخلاف الاقتصاد، والبحث عن وسيط أعمق قدرة على
التأثير، وهو لغة الفن السابع»، فضلاً عن أنه حال، حسب جمعة، دون إغراق
السوق «بموجة إنتاج كثيفة كنا على أعتابها، ودفع الاتجاه بشكل أكبر إلى
الكيف»، ما يعني أن النماذج الأولى توافرت لها فرص تجويد استثنائية، وهو
أمر يمكن أن نلمسه في الكثير من الأفلام الروائية الخليجية الحديثة على
ندرتها، مستشهداً أيضاً بعدد الأفلام الخليجية القصيرة، وأن «هناك الكثير
من الدراسات الدقيقة المرتبطة بالفيلم الخليجي أصبحت تسبق الآن الشروع في
إنتاجه، وبشكل خاص على المستويين الفني والتسويقي».
وكشف جمعة عن اتجاه لبذل «مزيد من الجهد للارتقاء بمستوى كتاب سيناريو
الأفلام الروائية»، مشيراً إلى أن هناك برامج كمبيوتر متخصصة في كتابة
السيناريو سيجري تعريبها من الإنجليزية والفرنسية كي يتسنى استفادة الكتاب
الشباب منها، موضحا ان «لجان تحكيم مسابقات السيناريو المختلفة في مختلف
المهرجانات تقوم بتعديلات لإبداعات جميع الشباب المشاركين الذين وصل عددهم
إلى 17 كاتباً في الدورة الثالثة من مهرجان الخليج السينمائي الذي اختتم
منذ ايام، ومن ثم يصبح مجرد الاشتراك فيها بمثابة ورشة عملية للسيناريو،
فضلاً عن الاتجاه لتدشين ورشة متخصصة».
وأشاد جمعة بشكل خاص بفيلم «حنين» البحريني، على الرغم من عدم حصوله
على أي من جوائز مهرجان الخليج السينمائي في دورته الاخيرة، معتبرا ذلك
«دليلا عمليا على انفتاح المهرجان على مختلف الأفلام التي تسعى إلى معالجة
حقيقية لواقع اجتماعي، ونافياً في الوقت نفسه وجود خطوط حمراء تحكم خيارات
لجنة اختيار الأعمال المرشحة للعرض، مضيفاً «رغم تطرق الفيلم لفكرة يعتبرها
البعض إشكالية وهي العلاقة بين الشيعة والسنة، إلا أن أسلوب المعالجة
وطريقة الطرح السينمائي اتسما بحرفية فنية عالية، وتمكن من الخروج برسالة
إيجابية حملت درجة عالية من الوعي والمسؤولية، وهذا هو المؤمل والمتوقع
دائماً في أعمال تنبت من أصل البيئة الخليجية حاملة هموم وقضايا
مجتمعاتها».
وحول درجة التنسيق بين المهرجانات السينمائية العربية، اشار جمعة إلى
أن مهرجان دبي السينمائي «يسعى دائماً للتنسيق مع مختلف المهرجانات
العربية، ما دعاه الى تعديل موعده تمشياً مع موعد مهرجان القاهرة»، ومؤكداً
أن «المنافسة الصحية بين المهرجانات العربية بدأت تؤتي ثمارها لمصلحة
السينما العربية بشكل عام»، معتبراً أن «المنتَج المتميز يفرض حضوره على
مختلف المهرجانات».
قواعد جديدة
أقر رئيس مهرجاني دبي والخليج السينمائيين في دبي، عبدالحميد جمعة
بتغير قواعد المشاركة المهرجانية بالنسبة للأفلام المهمة لتصبح الكرة للمرة
الأولى في ملعب كبار المنتجين وليس إدارات المهرجانات العربية المختلفة،
كما كان سابقاً، بفضل زيادة عدد المهرجانات. وقال «أصبح بعض كبار المنتجين
يحسمون أمورهم مسبقاً حتى قبل بدء تصوير المشاهد الأولى في الفيلم، عبر
تحديد المواعيد المفترضة لإنجازه».
الإمارات اليوم في
19/04/2010
عن فيلمي «لعنة إبليس» و«السر الخفي»
الرعب الخليجي والأدرينالين المعطّل
زياد عبدالله – دبي
يبدو أن «الرعب» مطلب سينمائي، أو ما يشكل رغبة عارمة لدى سينمائيين
خليجيين في إحداثه في صفوف المشاهدين، وليكون الرهان بالتأكيد على كيفية
إحداثه وأدواته التي لن تكون بحال من الأحوال كثيرة طالما أننا نتكلم عن
سينما شابة لا تحظى بالتمويل اللازم لإحداث الرعب، دون الخوض في متطلباته،
كون أفلام الرعب كما نتابع في دور العرض الإماراتية لا تكاد تغيب في كل
أسبوع عنها، وتحظى بشيء من الأولوية لدى المشاهد الذي يرغب في تحريك
الأدرينالين الجامد، أو خلخلة الحياة الساكنة بساعة ونصف الساعة من
المفاجآت والمنعطفات، ولكل فيلم تجاري أن يفعل فعله على طريقته الخاصة، ومن
ثم يعود المشاهد إلى مجريات حياته المحاصرة بمشاغل وهموم كثيرة، لن تنجح
جرعات الرعب الصارخة في تخليصه من عادية الحياة اليومية وخلوها من مفاجآت
لها أن تكون رهان هذا النمط من الأفلام.
في المسابقة الرسمية للدورة الثالثة من مهرجان الخليج التي أنهت
أعمالها وعروضها الأربعاء الماضي، شاهدنا فيلمي رعب خليجيين، أو أطلق
عليهما اصطلاحاً هذه الصفة، لا بل إن عنوانيهما كانا يقولان لنا إنهما
ينتميان إلى هذا التصنيف، الأول جاء بعنوان «لعنة ابليس» للإماراتي ماهر
الخاجة، والثاني كان «السر الخفي» للسعودي محمد هلال، الأول يحمل إمكانية
ما، أو معبراً خانته الكثير من العناصر نحو إحداث مساحة سينمائية مرعبة وفي
محاكاة للسائد في هذه الأفلام، بينما يمكن إطلاق صفة الكارثية على الثاني،
وإحالته إلى فشل صارخ على صعد عدة تنأى عن السينمائي، وتقترب من فن مجهول
أقرب إلى «السر الخفي» الذي لا نعرفه ولن نعرفه من شدة تبعثره.
ولعل الحديث عن فيلم رعب خليجي سيحيلنا مباشرة إلى سؤال متعلق
بالإمكانات التي تحيط بهذا المطمح حتى يتحقق، فيسود هذا الرعب وندخل في حمى
الهلع، كون بناء عناصر التشويق والإثارة ارتبطت ارتباطاً وثيقا بالمؤثرات
البصرية والسمعية في جانب كبير منها، عدا خروقات قليلة تحدث الرعب بإمكانات
مفاجئة وعلى قدر كبير من الحرفية.
لن نقارب فيلم «لعنة ابليس» بناء على ما تقدم، ولعل المقاربة هنا تمضي
خلف تجربة تطمح إلى تحقيق ما تقدم وفق المتاح، وتوظيف هذا المتاح بما يخدم
الغرض التشويقي، الذي يكشف بداية عن معرفة لدى مخرج الفيلم وكاتبه بآليات
فيلم الرعب، دون أن ننسى التأكيد على اصابتها بتعثرات في أكثر من موضع،
مثلما هو الحال في الإفراط في استخدام المؤثرات هنا وهناك، والتطويل في
أكثر من موضع، وانفتاح الحوار على مصراعيه وانقلابه إلى ثرثرة في الموضع
الذي يشكل النقطة المضيئة في الفيلم ألا وهي الاستعانة بآلية «وثائقية» أو
لعبة وثائقية تستخدم كاميرا الفيديو المنزلي التي ستكون حلاً جيداً لتخبطات
الباحثة عن سر ما حدث في «الجزيرة الحمراء»، وعلى شيء من محاكاة أفلام
كثيرة استثمرت في هذه التقنية لإحداث وقع مضاعف له أن يوحي لنا بواقعيته
مثلما هو الحال مع فيلم
Activity lamronaraP لأورين بيلي الذي حقق فيلمه الذي لم تتجاوز تكلفته 15 ألف دولار
نجاحاً كبيراً في العالم وقد صور بكاميرا رقمية صغيرة.
بناء فيلم ماهر الخاجة طامح إلى تحقيق شيء ما، لكنه بقي محاصراً
بالكثير من الإعاقات سواء ما يتعلق بإدارة الممثلين الذين تفاوتت أدوارهم،
والتفرعات الكثيرة عن سيناريو الفيلم، وترتيب العناصر الدرامية، واستخدام
المؤثرات في مجانية، بما يقطع الخط الفاصل بين الضحك والرعب، ولعل هذا الخط
يكون واهياً جداً في أفلام الرعب، فالكثير مما يطمح أن يرعبنا يصبح مضحكاً
ما لم تتم حياكته جيداً، الأمر الذي يمنع الفيلم في النهاية من تحقيق
المرتجى منه، دون أن يمنعنا كل ما تقدم من اختبار إمكانية ما تَعِدُ بما هو
أفضل وأشد رصانة.
هذا الوعد لن نطلقه مع فيلم «السر الخفي» لمحمد هلال، وهو لا يتيح لنا
إلا مشاهدة فيلم متخم بالرداءة، تجعلنا بصدد تلقي إهانة سينمائية طويلة،
وركاكة ما بعدها ركاكة في السيناريو والتمثيل والتصوير والإضاءة، ولعل
السؤال الذي يفرض نفسه هنا: ماذا يبقى من الفيلم؟ ولعل الإجابة بلا شيء هي
إجابة مفرطة الدقة.
على كلٍ مشاهدة فيلم «السر الخفي» كانت بمثابة فرصة لا تتكرر، بدءاً
من شاربي الشخصية التي تقود المستأجرين إلى البيت الموبوء مروراً بحالات
الرعب التي يجترحها بكائنات مشوهة، وصولاً إلى كل ما في الفيلم، إنها بحق
فرصة لا تعوض لتعطيل الأدرينالين في حياتنا واستبداله بالضحك.
الإمارات اليوم في
19/04/2010 |