لا أظنها ولا أتمني أن تكون صدفة أن يختار داود عبدالسيد الأسكندرية
مسرحاً لأحداث فيلمه الجديد "رسائل البحر"، فالأسكندرية هي "النبع اللغز"
للفن والسحر والمقاومة والتسامح والعجائب والتناقضات..
هي بحر الدهشة الهادر، وطبيعي أن يخرج منها فيلم يحمل كل هذه الخصائص
ويعلي قيمة التسامح والنظر إلي جوهر الأشياء وليس إلي مظهرها الخارجي لأن
"المظاهر تكون خادعة"، و إذا كان التسامح ثقافة ميزت المجتمع المصري في
مرحلة قديمة ، وكانت الأسكندرية المدينة "الكوزموبوليتانية" نموذجاً مجسداً
لهذه الثقافة كمدينة مفتوحة علي البحر وعلي الآخر متقبلة إياه وقادرة علي
الحوارمعه، فإنه بالتأكيد لم تكن صدفة أن تطل أحداث "رسائل البحر" من
الأسكندرية "الفريدة" التي أنعم الله عليها لتكون "جنة" التميز.. هي لمحة
مهمة لابد تلفت انتباهك في هذا الفيلم الذي تدور تفاصيله حول "يحيي" 'آسر
ياسين' وهو طبيب شاب يعاني اضطرابات في طريقة نطق الكلام، تعرضه للسخرية من
أصدقائه وزملائه فيترك الطب ويقرر العمل صياداً فيلتقي أكثر من شخص كل منهم
له قصة مختلفة عن الآخر، ويتعلق يحيي بحب فريدة 'بسمة' وهي فتاة ليل ويدخل
في جدل كيف يتقبلها ويتعامل معها، هذا غير الانفتاح الانساني بين يحيي
وجارته الإيطالية العجوز 'المخرجة نبيهة لطفي' وابنتها وحالة الحب المتواصل
حتي وان قطعه الغياب احياناً، فيرصد حالة من حالة "التوهان" الانساني
يصنعها الفيلم جيداً في نسيج متشابك وناعم مثل "الدانتيلا" تغوص في تفاصيله
لتكتشف أنك جزء من هذه التفاصيل..
وهذا التماهي مع الفيلم يعبر عن احتياج بدا داود علي دراية جيدة به،
فهاهو يغيب سبع سنوات ويعود ليفاجئنا، كعادته، بعشق ووله سينمائي من غير
حدود، ذلك أن داود عبدالسيد، المسكون بالسينما مستمر في بحثه البصري
والدرامي عن أسئلة معلقة بالإنسانية تبدأ بمجتمع لديه الكثير من شواهد
الانحدار ، ولا تنتهي عند أناس يعيشون مآزقهم وتحولاتهم وانكساراتهم. وفي
مقابل ذلك كله، لم ينزو داود عبدالسيد في الحيز المحلي الضيق، بل ينفتح علي
الإنساني العام، ويلتزم بالهم الإنساني البحت، من خلال موازنته البصرية بين
المواضيع 'التي لا تخلو من نفس ثقافي وفكري واضح ومباشر' وصناعته الصورة.
ففي "رسائل البحر" يستكمل داود مساره الفكري والجمالي، حيث لم تخرج
أفلامه عن سينما رفضت الانصياع إلي تركيبة الأعمال التي صنعها سينمائيون
آخرون ولم تخضع للشروط التجارية والاستهلاكية، واستمدت موادها من غليان
ثقافي واجتماعي وسياسي واقتصادي وانفعالي وذاتي وروحي، أي من غليان إنساني
بحت. سينما حاولت أن تجعل من الشكل المتجدد 'تصويراً وتأليفاً وتركيباً
بصرياً وإدارة ممثلين وبناء شخصيات' لغة تتلاءم ومتطلبات فنية جديدة رغب هو
في طرحها.
الأحداث كانت متلاحقة في الفيلم وكشفت عن ان الاسكندرية لم تعد هي
الاسكندرية القديمة، لا المكان هو ذاته ولا البشر هم أنفسهم ولا المصائر
صارت واحدة، لكن يظل الفيلم بقعة ضوء جديدة في السينما المصرية ومنعطف مهم
في مشوار داود عبدالسيد، وترنيمة فنية فيها من الجرأة الفنية والموضوعية
مايستحق أن نعترف بأننا كنا في حاجة اليه..
nahedsaladin@yahoo.com
الأسبوع المصرية في
20/02/2010
يعرض تحت لافتة "للكبار فقط"
"رسائل البحر" .. حوارات جريئة وشذوذ جنسي
الفن أونلاين – دعاء حسن
وسط حضور عدد كبير من وسائل الإعلام المختلفة احتفل فريق عمل فيلم
"رسائل البحر" بالعرض الخاص وذلك بحضور أبطاله حيث حرص مخرج الفيلم داوود
عبد السيد على الحضور مبكرا وأجري عدد من الحوارات الصحفية واللقاءات
التليفزيونية بينما تأخر أبطاله عن الحضور حيث حضر كل من اسر ياسين وبسمة
ومحمد لطفي بعد بداية عرض الفيلم بنصف ساعة .
فوجئ عدد من الحضور بان الفيلم يعرض تحت لافتة "للكبار فقط" حيث لم
تعلن الرقابة عن ذلك من قبل ولم يحدث تصادما بين الرقابة والمخرج على أحداث
الفيلم.
تدور أحداث الفيلم حول يحيي الذي يقوم بدوره اسر ياسين وهو طبيب شاب
تخرج من كلية الطب ولكنه يعانى من اضطرابات فى طريقة نطق الكلام، ويتعرض
بسبب ذلك للسخرية من أصدقائه وزملائه فيترك الطب ويقرر العمل صيادا فيلتقى
بأكثر شخص كل منهم له قصة مختلفة عن الاخر.
تباينت الآراء حول الفيلم حيث يتطرق للعدد من القضايا الجريئة التي لم
يتم التطرق إليها من قبل بهذا الشكل حيث القي الضوء على قضية الشذوذ الجنسي
بين النساء بشكل صريح ومباشر وهو ما يعتبر صدمة للمشاهدين وخاصة أنه اعتمد
علي الحوار والمشاهد الجريئة ولست الساخنة حيث يدور حوارا بين الفتاتين على
السرير وهو ما لم يقدم من قبل بهذا الشكل الصريح، بالاضافة إلي الحوارات
الجريئة التي جمعت بين اسر ياسين وبسمة.
ويري البعض أن الفيلم به الكثير من المد والتطويل مما أدي للشعور
بالملل وخاصة في الجزء الأول من الأحداث فضلا عن أن أحداث الفيلم تزيد عن
120دقيقة .
وأشاد عدد كبير بالدور الذي قدمه اسر ياسين حيث استطاع أن يتقن دور
الشاب الذي يعاني من اضطرابات في طريقة الكلام، بشكل جيد وغير مفتعل .
وقد التقي "الفن أونلاين" بمخرج العمل داوود عبد السيد حيث أكد أن
الفيلم يعتبر عملا مختلفا عن الأعمال التي تعرض حاليا مشيرا إلي أنه يتناول
العديد من النماذج الشخصية التي يتطرق من خلالها لطبيعة الانسان والعلاقات
التي تجمعه بالاخرين .
وحول وضع لافتة "للكبار فقط" أكد أن الرقابة هي التي صنفت الفيلم
"للكبار فقط" رغم أنه لا توجد به مشاهد ساخنة ولكنه يتضمن موضوعات وحوارا
جريئا.
شبكة الإعلام العربية في
20/02/2010 |