قبل 11 سنة وقف سينمائي كندي في حفل توزيع جوائز الأوسكار وقال: "أنا
ملك
العالم". لقد نجح في تحويل سفينة غارقة ونسج خيوط قصة "روميو وجولييت" في
عرض
المحيط واستطاع أن يحصد ما لا يقل عن 11 جائزة أوسكار ومن بينها جائزتا
أحسن فيلم
وأحسن إخراج. أما الايرادات الصافية التي حققها فيلم تايتانك
فقد بلغت 8،1 مليار
دولار.
بعدها لم نعد نسمع عن جيمس كاميرون تقريبا كأنه اختفى مع سفينة
تايتانك
علما أنه يهوى الغطس بعد عشقه الأول السينما. لقد ظل منذ سنة 1998 يغوص
بصحبة
كاميراته وطاقمه في أغوار البحر ويستكشف سفينة تايتانك الحقيقية.
يقول جيمس
كاميرون: ''لقد كانت الفائدة مضاعفة حيث أمكن تجربة كاميرات الأبعاد
الثلاثية التي
تبعث الحياة في المياه الظلماء ..لقد استفدت من كل ذلك في تصور وتصوير كوكب
"بانطورا" في فيلمي الجديد
Avatar
وهي عبارة عن جنة حقيقية غنية بمناجم الذهب إضافة
إلى شجرة الأرواح التي توجد فيها''.
يقول جيمس كاميرون:
"لقد بدأت ممارسة
رياضة الغطس في أعماق البحر منذ أكثر من 20 سنة وقد لا حظت
الدمار العارم الذي
ألحقه الانسان بالمحيطات".
يعتبر جيمس كاميرون مزيجا من المواهب. فهو سينمائي
بارع أطبقت شهرته الآفاق كما أنه مستكشف وغواص ومخترع ويعمل أيضا مستشارا
لوكالة
الفضاء الأمريكية "ناسا"..
يقول جيمس كاميرون متحدثا عن مسيرته: ''لقد كتبت أول
سيناريو سنة 1995 وقد كنت تحت تأثير أدب الخيال العلمي لكن في سنة 1995
كانت
التكنولوجيا السينمائية ما قبل التاريخ. قبل أربع سنوات كتبت
سيناريو Avatar.
إن
الأخبار سعيدة. ففيلم Avatar
للمخرج جيمس كاميرون جيد ونحن نعطي كل ذي حق حقه نقول
منذ البداية ان المثيرات التي استخدمت في هذا الفيلم مذهلة.
يعتبر Avatar
أول
فيلم ضخم له ينجزه جيمس كاميرون منذ فيلمه الشهير "تايتانك"Titanic
الذي لعب بطولته
دي كابريو وكيت وينلست وحصد الكثير من جوائز الأوسكار عدا الإيرادات
المالية
القياسية.
يجب أن نقول أيضا ان
Avatar
لا يمثل أفضل فيلم للمخرج جيمس كاميرون،
خلافا لما قيل حتى الآن من كلام استبق بداية عرضه في دور
السينما الأمريكية
والعالمية. فلا أحد ينفق مبلغا يفوق 214 مليون جنيه استرليني من أجل إنتاج
مجرد
فيلم جيد علما أن فكرة الفيلم ظلت قائمة منذ سنة .1995
إن جيمس كاميرون قد أنجز
مجرد فيلم ملحمي من نوع الخيال العلمي وهو سيأخذ مكانه إلى جانب أفلام أخرى
شهيرة
مثل Star Wars
وTerminator
وThe
Matrix.
إن فيلم Avatar
ثري جدا وهو ما يتطلب
مشاهدته أكثر من مرة حتى نتذوقه.
رغم أن Avatar
قائم على قوة المثيرات الخاصة
التي تكاد تكون السمة الدائمة للأعمال السينمائية في هوليوود غير أنه لا
يخلو من
تعليقات ومضامين سياسية واجتماعية.
إن المخرج جيمس كاميرون مخرج بارع ومعروف
بلغته السينمائية الشعبية وهو يعرفنا دائما على شرور الفكر
الرأسمالي.
لقد برهن
جيمس كاميرون في فيلم Avatar
عن اهتمام كبير بالتفاصيل السينمائية. فهو يرسم عالما
غير واقعي مليئا بكثير من الفنتازيا السينمائية التي لم يسبق
أبدا أن صورت بمثل هذ
الواقعية وهي سمة لا يكاد يوجد أحد في هوليوود يضاهي فيها جيمس كاميرون.
تدور
أحداث فيلم Avatar
في المستقبل، في مكان بعيد يسمى "باندورا" وهو عبارة عن كوكب
شبيه بالغاب. هناك تعيش "نافي"
Naصvi
وهي قبيلة شعبها من اللون الأزرق ويصل طول
الواحد منهم إلى عشرة أقدام ولهم ذيول ويعيشون في تناغم كامل مع الطبيعة.
فجأة يصبح
وجود هذا الشعب مهددا من شركة رأسمالية أمريكية جشعة مستعدة للجوء لاستخدام
القوة
من أجل السيطرة على الثروات الطبيعية المنجمية هناك. تدور
الأحداث أيضا حول مجموعة
من العلماء المرتبطين بالشركة بقيادة الدكتورة جريس أوغستين (تتقمص دورها
الممثلة
سيجورني ويفر) التي تريد التوصل إلى حل سلمي. يقوم العلماء من مكانهم الآمن
على متن
السفينة بالتواصل مع أفراد شعب "نافي" الأزرق باستخدام أجساد
صناعية تسمى
- Avatar.
عندما يموت أحد العلماء ياخذ أخوها جايك (سام ورثنجتون) وهو جندي. رغم
أنه يعطي
الانطباع بأنه يساعد على إيجاد تسوية دبلوماسية فإن جايك سالي كان في
الحقيقة يعمل
لحساب العقيد المتشدد مايلز كواريتش (ستيفن
لانج) ويجمع المعلومات عن شعب "نافي"
تمهيدا لمهاجمته والقضاء عليه.
يستخدم جايك سالي الجسد الصناعي
Avatar
ويتوجه
إلى "باندورا" حيث وقع في غرام "ناتيري زو سالدانا" وهي محاربة وابنة زعيم
القبيلة.
تأخذ الأمور منعرجا آخر عندما تقرر الشركة الرأسمالية الأمريكية أن وقت
التفاوض
والحلول الدبلوماسية قد ولى وانتهى وتبدأ الاستعداد لمهاجة أفراد القبيلة
والإجهاز
عليهم والاستيلاء على الثروات المنجمية الهائلة. هناك يتولى
جايك سالي قيادة الحركة
المقاومة للشركة الرأسمالية الأمريكية.
رغم كل الضجة التي أثارها فيلم
Avatar
ورغم التقنية المتطورة التي استخدمت في تصويره وإنتاجه فإنه لا يخلو
من سينما
الماضي. فإذا ما سلمنا بالتقارير التي أسهبت في امتداح تقنية الأبعاد
الثلاثية التي
استخدمت في تصويره فإنني لا أملك إلا أن أقول ان فيلم
Avatar
رمز حي لما ستكون عليه
سينما المستقبل. غير أن هناك فيه عناصر كثيرة تذكرنا دائما بسينما الحاضر.
يقوم
الفيلم على الفكرة المتمثلة في إمكانية استخدام البشر لأجساد صناعية
مستقبلا
.
يعتبر جيمس كاميرون من خلال فيلمه الجديد
Avatar
أن تاريخ العالم يمكن اختزاله
في تاريخ الثروات الطبيعية التي تتكالب عليها القوى العظمى.
ففي هذا الفيلم تدور
الأحداث سنة 2154 حيث اندثرت الثروات الطبيعية من الأرض ولم تتبق إلا في
كوكب "باندورا"
تحت جذوع الأشجار العملاقة وحماية الآلهة الوثنية. هنا يسكن أبناء قبيلة "نافي
الذين يبلغ طول قامتهم ثلاثة أمتار وهم محاربون أشداء". "إنهم يمثلون خير
ما
فينا ويجسدون صلة الإنسان القوية بالطبيعية وهي الصلة التي دمرتها الحضارة
الغربية".
تلك هي الجنة الساحرة التي يصورها الفيلم حيث الإنسان بقامته العملاقة
والخيل بأرجله الستة والمخلوقات الأخرى الطائرة التي تثير الرعب في النفوس.
أما
المؤسسة الصناعية-العسكرية فإنه لا هم لها سوى استغلال الثروات التي تزخر
بها تلك
الأراضي حتى إن تطلب الأمر اعتبار سكانها من "الارهابيين". لذلك فإن القائد
العسكري
العقيد كواريتسش يردد نفس الكلام الذي كان يقوله الرئيس الأمريكي جورج بوش
في حديثه
عن الارهاب والإرهابيين ونشر قيم الديمقراطية.
يقول جيمس كاميرون "اللعنة على
جورج بوش. فليذهب إلى الجحيم!" كما أنه يعترف بأن الحرب
الأمريكية في العراق قد
ألهمته بعض الأفكار في إنجاز فيلم
Avatar
مثلما ألهمته صور الشعوب التي تم تهجيرها
بالقوة على الكرة الأرضية جراء الحروب والمآسي.
لاشك أن فيلم
Avatar
يوفر المتعة
الكبيرة التي ينشدها عشاق الفن السينمائي غير أنه مليء أيضا بالكثير من
المضامين
السياسية والبيئية القوية أيضا. يتمثل التجديد الأهم في فيلم
Avatar
في استخدام
تقنية الأبعاد الثلاثية القائمة على مونتاج الصور والكاميرا الافتراضية وقد
أدار
جيمس كاميرون عملية التصوير وكأنه يدير مختبرا علميا علما أنه ظل ظل يختبر
كاميرا
تسمى Fusion 3D
على مدى عشرة أعوام كاملة. أما النجاح الكبير الذي حققه جيمس
كاميرون في فيلم
Avatar
فهو يتمثل في إزالة الحدود الفاصلة ما بين الافتراضي
والواقعي والصور المتحركة.
يقول جيمس كاميرون: "السينما ليست قول الحقيقة 24 مرة
في الثانية الواحدة بل هي الكذب 24 مرة في الثانية. فبفضل هذه التقنية
الفائقة
التطور يصنع كل شيء ويمتزج الواقعي بالافتراضي".
هذا مفهوم للسينما قد يتوج جيمس
كاميرون مرة أخرى كملك للعالم.
أخبار الخليج
البحرينية في
28/12/2009 |