على الرغم من مشاكل القارة السوداء الاقتصادية والسياسية، إلا أن
السينما الأفريقية التي ولدت بعد الاستقلال لم تستسلم لهذه المشاكل
والتحديات.
وحاولت قدر المستطاع استخدام السينما في عملية التجديد الثقافي وطرح
مشكلات القارة ومعاناتها، وكانت النتيجة أن خرج منها سينمائيون أفارقة
أصبحوا فنانين ذوي قامات سامقة تعرض أفلامهم في أهم المهرجانات
العالمية.لكن هذه النجاحات لم تمنع وجود الكثير من المشكلات التي لاتزال
تعانى منها السينما الأفريقية، وهو الأمر الذي وعاه القائمون على مهرجان
القاهرة السينمائي الدولي في دورته الثالثة والثلاثين، حينما خصص جزءا من
فعالياته وورش عمله ناقشت موضوعات عدة منها (الأفلام السينمائية في مواجهة
القارة الأفريقية).وشارك في الموضوع كل من المخرج المصري عمرو عرفة والممثل
والكاتب والمنتج التونسي الفاضل الجزيرى، والمنتج والمخرج الجنوب أفريقي
فايث ايسكابيري، والمخرج والمنتج الجزائري أحمد راشدي، وأدارتها المخرجة
والمنتجة الجنوب أفريقية فيرودز بولبوليا، والمخرج جميل كبابه.
المخرجون والمنتجون المشاركون في الموضوع أوصوا المهتمين بصناعة
السينما في كل دول القارة بأن يهتموا أكثر بمشاكل القارة السمراء وطرح
مشكلاتها ومعاناتها أكثر من ذلك في أعمالهم السينمائية، إلى جانب توسيع
دائرة المشاركة بينهم؛ حتى يستفيدوا جميعا من ميزات وفوائد القارة
الأفريقية.في الوقت نفسه أشار المشاركون إلى أن السبب الرئيسي في عدم وجود
قدرة تنافسية بين أفلام القارة السمراء وأفلام أوروبا وأمريكا مثلا هو
الاستعمار الذي حاول محو الهوية الثقافية لدول القارة التي كان يحتلها، وهو
ما أثر بعد ذلك في جميع مجالات الحياة الثقافية والفكرية والفنية، لاسيما
السينما.
أفريكانو
يقول المخرج عمرو عرفة: إن السينما المصرية والأفريقية جزء واحد، وأي
مخرج يحركه الموضوع، وكلما كان أشمل وأوسع ويمس بلادا كبرى محيطة به، كان
ذلك أيسر، لكن عرفة أشار أنه على الرغم من حجم الصناعة الضخمة للسينما في
جنوب أفريقيا التي تفوق مصر مثلا بخمسة أضعاف فإن السينما هناك شبه متوقفة،
ومقصورة على الإعلانات التجارية التليفزيونية وتصوير أفلام للغير.
عقبات بالجملة
وأوضح المخرج الجزائري أحمد راشدي أن أول فيلم قدمه عن أفريقيا كان
فيلم (فجر المعذبين)، وكان يريد من خلاله أن يطرح كل تساؤلات السينما
الجزائرية والمجتمع الجزائري في فترة الستينيات، وما بها من مشاكل وأزمات.
وأكد أنه يرى أن العائق الأساسي لتطور السينما الأفريقية هو الاحتلال
الأجنبي للبلدان الأفريقية، وأضاف: إننا لو عدنا بالتاريخ للقرنين الخامس
عشر والسادس عشر عندما وصل إلى الساحل الأفريقي الكثير من المستكشفين
وبدأوا يشعرون بالأخوة بيننننا ذهبوا ثم عادوا مرة أخرى ولكن بشكل أكثر
قسوة، مدججين بالأسلحة، وقالوا لقد جئنا إلى هنا لنقدم لكم حضارتنا، وأكدوا
أنه ليس لدينا علماء مثل نيوتن، وقد جعلونا نكره أنفسنا وكان هذا هو العائق
الأكبر وهناك بعض العوامل الأخرى منها الحالة الاقتصادية ونقص الهيكلة.
سينما جنوب أفريقيا
وتحدث المنتج الجنوب أفريقي أيضا جميل كبابة قائلا: أنا منتج أفلام في
جنوب أفريقيا، وأعتبر نفسي أصغر الأشخاص في هذا المجال، وسعيد بأنني أنتمي
إلى مجموعة منتجي الأفلام وسأفخر بعد عشرة أعوام قادمة أنني كنت هنا وناقشت
مشاكل أفريقية.
وأضاف: إذا تحدثنا عن الفيلم الذي أنتجته وسمحتم لي أن أعبر عن وجهة
نظري فيما يتعلق بسينما جنوب أفريقيا، فلدينا هيئات أساسية ولا تنتج
الأفلام للأسف، لدينا أفضل تقنيين في العالم لدينا كبار في الصناعة، خاصة
الإنتاج المتعلق بالإعلانات التي تطورت وأصبحت تمكننا من أن نعلن عن وجهة
نظرنا، وقد كانت صناعتنا صغيرة، وقبل أن نحصل على الاستقلال كان الكثير من
الأفلام يتأثر بوجهة النظر الحكومية والجهات الخاصة بتمويلها، وبدأنا ندخل
في العصر الرقمي الذي بدأ منذ عشر سنوات.
ولم أدخل فيما يسمى التكنولوجيا الرقمية، وهذا لأنني أنتمي إلي قبيلة
مانديلا، وبغض النظر عن التناقضات التي نعيشها في بلدي فلقد بدأت بنفسي
وقدمت أعمالي باللغة المحلية وبالإنجليزية.
وبالتأكيد كغيري تأثرت بالثقافة «الأنجلو ساكسونية» ولا أنكر ذلك
وأشعر بالانبهار بها؛ لذلك وجدت أنني لا أستطيع القيام بإنتاج فيلم أقل من
ذلك، بل أستطيع أن أفعل ذلك وأن أتطور عنه، ووصلت فكرتي بعد أن انتهيت من
فيلمي الأول مع صديقتي «فيردوس» وكان الأساس هو التعبير عن الاستقلالية في
الفكر بمعنى أن أتعرض لهمومي ومشاكلي الأفريقية، ومن هذا الوازع كانت
انطلاقتي.
سينما متنوعة وثرية
على جانب آخر تحدث الممثل والمنتج التونسي فاضل الجزيري عن السينما
التونسية قائلا: الأمر الإيجابي بالنسبة لي في صناعة السينما التونسية هو
القضايا المستقلة، بمعنى القضايا التي تتعلق بتونس كوطن وجغرافيا وتاريخ،
ونحن نستطيع أن نحارب لحماية آرائنا بالنسبة للشباب الصغير التونسي، فعندما
نقدم عملا سينمائيا نرى مدى تقبلهم للحالة، لقد كان أمرا مذهلا بالنسبة
لهم.
ومنذ عام 1956- وهو تاريخ استقلال تونس ومجيء الجمهورية- والسينما
لدينا كانت من جميع دول العالم، فكانت هناك السينما الأميركية والأوروبية
والإيطالية والروسية والمصرية، ولكن بعض الدول مثلنا لم تكن بدأت في نفس
توقيت الدول التي ذكرتها ودول أخرى، ولقد طرحت فكرة مخيلة هواة السينما من
الشباب الذين ينتمون إلى نوادي السينما وتم تقديمهم في أول مهرجان سينمائي
عربي أفريقي وهو مهرجان قرطاج، وبهذه المناسبة اكتشفنا وجود سينما أفريقية
وعربية في المغرب والشام وقطر.
وهى ليست كالسينما المصرية التي اعتدنا عليها، ووجدنا أفلاما من
كينينا و جوهانسبرج ولا تنتمي في الوقت نفسه للسينما الأمريكية، حيث كانت
متنوعة وثرية، وفى الوقت نفسه متقاربة إلى حد كبير حيث كانت تتعرض للحرية
والتعبير عن أنفسنا وترغب في طرح قضايانا بحرية.
أفريكانو
يقول المخرج عمرو عرفة إنه كان من أحلامه أن يقوم بإخراج فيلم في
أفريقيا، وهذا الحلم تحقق له من خلال فيلم (أفريكانو)، الذي قام ببطولته
الفنان أحمد السقا ومنى زكي، وتم تصويره في جنوب أفريقيا.
أفلام أفريقية
السينما الإفريقية موجودة في مهرجان القاهرة السينمائي هذا العام من
خلال أفلام تمثل عددا من الدول الإفريقية، منها فيلم تيزا ( أثيوبيا)، ثم
فيلم الغياب ( السنغال)، وفيلم فيتيك ليام (المغرب)، وفيلم رحلة إلى
الجزائر ، ثم الفيلمان التونسيان «سفرة يامحلاها» «أسرار دفينة» ومن مصر
يشارك فيلمان أولهما هليوبليس في المسابقة العربية وعصافير النيل في
المسابقة الدولية.
تنافس
يقول المنتج والمخرج فايث ايكابيري: هناك عناصر متعددة يجب أن تفهم،
وحتى نجذب الجماهير العريضة كانت مقدمة الافلام تحمل بعض العناصر وأهمها أن
يشعر الأفراد بالمتعة حتى نجذب المشاهد، وهذا بدأته هوليوود، وأصبح هناك
بوليوود في الهند، ونوليوود في أفريقيا تتنافسان معها.
البيان الإماراتية
في
23/11/2009 |