لا تتمتع أفلام مسابقة
الفيلم الروائي الطويل في مهرجان دمشق السينمائي إلا بعدد قليل من الحضور،
لا يشبهه
ذلك الاكتظاظ الذي نجده في انتظار الفيلم السوري، هنالك دائماً أمل ما
بفيلم سوري
مخلّص. لكن الجمهور قطع الأمل أمس الأول مع بضع لقطات فقط من
«بوابة الجنة»، فيلم
ماهر كدو، صاحب «دمشق يا بسمة الحزن» و«صهيل الجهات». فالفيلم إذا سقناه في
إطار
السينما الفلسطينية، بسبب تناوله لمقطع من سيرة النضال الفلسطيني، كتبه
واحد من
أكاديميين قلائل مختصين بكتابة السيناريو، ونعني الكاتب
الفلسطيني حسن سامي اليوسف،
إذا سُقنا «بوابة الجنة» في الإطار الفلسطيني فهو متخلف ليس أقل من ثلاثين
عاماً،
حين كانت لغة الخطابة هي السيدة، وإذا سقناه في إطار السينما السورية فأين
هو من
أفلام السوريين المؤسسين؟
يدور «بوابة الجنة» حول عائلة فلسطينية زمن الانتفاضة
الأولى (العام 87)؛ شاب يواجه والده، التاجر الذي رفع الراية البيضاء في
حرب الـ
67، ولا يستبعد أن يكون قد تعامل مع قوات الاحتلال،
فيما أبناؤه يتفلتون من قيوده
ومخاوفه الأبوية ذاهبين باتجاه مواجهة المحتل. علاء (الممثل
محمد الأحمد)، وهذا هو
اسم الابن الشاب، غائب دائماً عن المنزل في مهمات قتالية على ما يبدو،
وحضوره يشعل
الجدل مع الأب حول ضرورة المواجهة. وندى (الممثلة نادين سلامة) عادت لتوها
لقضاء
إجازتها الدراسية وتنتظر العودة للمتابعة في لندن، لكن
الاحتلال يريد أن يبتزها في
فضح علاقتها مع شاب من فلسطينيي الشتات يدرس معها في محاولة لإجبارها على
التعاون،
لكن رفض البنت يجعلها تخسر فرصتها الدراسية، فتبقى في البلاد طبيبة في أحد
مشافيها.
في ليلة عاصفة تلمح البنت من شباك المنزل شاباً جريحاً على السياج، فتهب
لنجدته
وإدخاله المنزل، لكن الجريح (عمار شلق) يحتاج إلى المشفى، ما يجدد المواجهة
مع الأب
باعتباره الوحيد القادر على نقله بسيارته، يكتفي الأب (تيسير إدريس) خوفاً
من
العقوبة بالاستنجاد بطبيب من المشفى يكتفي بدوره بإرسال المواد
اللازمة لعمل جراحي،
في هذه الأثناء يستشهد الابن علاء في مصادفة تريد أن توحي بأن الجريح
الغامض الذي
أصرّ على أن يأخذ لنفسه اسم علاء، شيء يشبه إلى حدّ «رجل برجل». الأحداث
تمضي في
النهاية إلى تورط عائلة التاجر برمتها في المواجهة، خصوصاً حين
يداهم الإسرائيليون
المنزل بقوة كبيرة تقبض على الجريح المطلوب، ثم تهدم المنزل بتفجيره، تبني
العائلة
خيمة بجوار المنزل المهدم، بمؤازرة عدد من المتظاهرين وحاملي الأعلام
الفلسطينية،
وهنا، يسارع الأب المكلوم في ابنه ومنزله إلى الانتقام من ماضيه فيضع
الراية
الفلسطينية، بدلا من راية الـ 67 المذلة، فوق الخيمة.
تقرير المصير
ليست
المشكلة في الحكاية، رغم أننا في المدارس الابتدائية كنا نلفق مثلها على
عجل حين
يطلب منا، فكل الحكايات تصلح حين تخضع لمعالجة مبدعة، لكن المشكلة في
المشهد المحشو
بتفاصيل خطابية ورموز مباشرة، بدءاً من صورة الجدة التي تلبس
أحسن فساتينها
الفلسطينية المطرزة وتظل في كل مشهد تزرع شجرة في الحديقة، إلى تلك اللوحات
المعلقة
على الجدران، والتي من الواضح أنها اشتريت على عجل من مؤسسة «صامد» المختصة
بإنتاج
«الكيتش»
الفلسطيني. هنا ستجتمع الرموز كلها، المفتاح والكوفية وصورة عبد القادر
الحسيني والشهداء الآخرين، والجدة التي قتلت بيدها محتلين في مواجهات العام
1936.
وفوق ذلك الموسيقى التصويرية (وضعها معن
خليفة) التي لن تتوانى عن تكرار معزوفة
«وين
ع رام الله»، و«يا ظلام السجن خيّم» عندما نرى صورة السجن. لقد تخفف الفيلم
من
كل عبء، إلى حد أنه وضع منزل العائلة في مكان بعيد، لا هو مخيم ولا هو
مدينة، كي
يتخفف من قيود المصداقية في تصوير المكان، الأمر الذي يوفر
تكاليف إنتاجية باهظة.
لكن الفيلم في النهاية تخفف من كل مصداقية، فلا شيء يقنع، لا تصوير الحواجز
الإسرائيلية، ولا مكاتب الإسرائيليين، لا الشوارع ولا الجبال ولا حتى لغة
الحوار
التي تنقصها الحياة. فهل يستحق فيلم كهذا مهرجاناً لترويجه؟
وهل يهدى عمل كهذا إلى
القدس عاصمة الثقافة كما قيل؟ الجواب هو برسم مدير مهرجان دمشق السينمائي،
وهو قبل
ذلك الناقد السينمائي المتطلب ذو الذائقة الرفيعة.
وإذا كان هنالك من فضل
للفيلم فهو في تصويره، ربما لأول مرة في السينما، للجنّة السماوية، التي
يراها
المطلوب الفلسطيني بما يشبه الوعد في سكرات الموت أو في المنام، لكن لمزيد
من
الكوميديا، لا وجود لأنهار من العسل أو اللبن، فلقد قرر الفيلم
أن يضع الفلسطينيين
في مخيم في الجنة. إنه على كل حال نوع من تقرير المصير.
)دمشق(
السفير اللبنانية
في
05/11/2009
250
فيلماً في
«مهرجان
دمشق السينمائي الدولي» الذي يفتتح اليوم
ترويج مزاجي للسينما
السورية... والفلسطينية من دون الكبار
راشد
عيسى
«دمشق
سينما ومكان».
تحت هذا الشعار الفاتن تنطلق اليوم فعاليات
الدورة السابعة عشرة لمهرجان دمشق
السينمائي الدولي الذي يستمر أياماً ثمانية (حتى السابع من
تشرين الثاني). لكن ليس
بين التظاهرات المقررة ما هو مستوحى من العنوان، كأن يجري البحث مثلاًَ عن
صورة
دمشق في السينما، أو الإلهام الذي أعطته دمشق للسينمائيين، أو أي شيء من
هذا
القبيل، قلنا قد يكون المقصود جولة في نواحي دمشق أعدت
لسينمائيي العالم. أن تكون
دمشق مكاناً فهذا من نافل القول، أما أن تكون سينما فهذا هو حلمنا جميعاً،
وقد ينفع
أن يكون الشعار نوعاً من الحلم، مثل أشياء كثيرة، كتلك الصفة التي يصرّ
عليها
المهرجان منذ سنوات، وهي أن يضيف إلى اسمه صفة «الدولي»، عسى
يتحقق ذلك ذات يوم
قريب.
مئتان وخمسة وعشرون فيلماً توزعت تحت عناوين وتظاهرات عدة؛ تفتتح
بفيلم «حليب
الأسى» للبيرونية كلوديا ليوسا، الحائز جائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين
2009.
فضمن أفلام المسابقة الرسمية للفيلم الطويل سنجد عشرين فيلماً من
بينها
الإسباني «زهور عباد الشمس العمياء»، والإيراني «عشرون»، والإيطالي
«الانتصار»،
والفرنسي «جدار في وجه الأطلسي» والروسي «عنبر رقم ستة»، وسواها. أما
مسابقة الفيلم
القصير فقد بلغت أكثر من خمسين فيلماً، إلى جانب تظاهرات أخرى كتظاهرة
البرنامج
الرسمي، وتظـاهرة ســوق الفيلم الدولي، تظاهرة المخرج الإيطالي
فيديريكو فيلــليني،
وتظاهرة سينما الحب، وتظاهرة سينما القارات الخمس وتظاهرة السينما
الاسترالية،
والألمانية المعاصرة، وتظاهرة المخرج البريطاني ستانلي كيوبريك، وتظاهرة
المخرج
الألماني فريتز لانغ، وتظاهرة المخرج الروسي نيكيتا ميخايلكوف،
والمخرج الأميركي
سيدني بولاك، وتظاهرات شارلي شابلن ومارلين مونرو وآلان ديلون، وغيرها.
ومن بين
تظاهرات المهرجان اللافتة تظاهرة «فلسطين بعيون السينما» التي تضم أفلاماً
كـ «كفر
قاسم» لبرهان علوية، و«المخدوعون» لتوفيق صالح، و«السكين» لخالد حمادة،
و«رجال في
الشمس» لنبيل المالح ومروان مؤذن ومحمد شاهين، و«المتبقي»
للإيراني سيف الله داد،
و«باب الشمس» ليسري نصر الله، و«ظل الغياب» لنصري حجاج، و«ملح هذا البحر»
لآن ماري
جاسر، والأخيرة للمناسبة عضو في لجنة تحكيم الفيلم الروائي الطويل. وإذا
كان
الاحتفال بفلسطين من بديهيات الأمور، في بلد كسوريا، فإن من
الغريب أن تنسى تظاهرة
السينما الفلسطينية أسماء شغلت دنيا السينما، العالمية قبل المحلية، بل إن
بعضها قد
وصل إلى الأوسكار كفيلم هاني أبو أسعد «الجنة الآن»، أو أفلام إيليا سليمان
التي
لطالما شغلت المهرجانات العالمية وآخرها مهرجان كان السينمائي،
إلا إذا كان استبعاد
هذه الأفلام اعتراضاً على نَسَبها، وحينها تعالوا نفتح محوراً للنقاش في
المهرجان
حول هذه الأفلام، وأيّها يحق له أن يكون فلسطينياً.
الهدف
مدير المهرجان،
الناقد السينمائي محمد الأحمد، في كلمة عن المهرجان قال: «إن الهدف الأكبر
من
مهرجان دمشق السينمائي الدولي هو الاحتفاء بالفيلم السوري وعرضه على أكبر
عدد من
السينمائيين العرب والأجانب الذين يحضرون المهرجان، وفتح
الطريق أمامه بذلك
للمشاركة في مختلف المهرجانات السينمائية الدولية ومضاعفة حظوظه في
التسويق». أما
الأفلام المقصود ترويجها وعرضها على سينمائيي العالم فهي اثنان في مسابقة
الفيلم
الطويل؛ فيلم «مرة أخرى» للمخرج الشاب جود سعيد، وهذا هو فيلمه
الروائي الطويل
الأول، وبحسب المخرج فهو «يدور بين لحظتين تاريخيتين هما بداية الاجتياحات
الإسرائيلية لبيروت والتي تتمثل في إقامة الحزام الأمني (1978)
والوصول إلى بيروت (1982)
، واللحظة الثانية الاجتياح الجوي عام (2006). فهاتان اللحظتان هما
الحاضن
الزمني التاريخي للأحداث والمؤثر في مصائر الشخصيات، لذلك اسم الفيلم «مرة
أخرى»،
هو عبارة عن حكاية لعائلة سورية مؤلفة من أب، كان أحد السوريين الموجودين
في لبنان،
وابنه الصغير، بين عامي 1982 و1995. والحكاية الثانية تدور في عام 2006 وهي
حكاية
الابن الذي أصبح مهندساً في أحد البنوك، وتروي علاقته بمديرة
البنك التي أتت من
لبنان». أما الفيلم الثاني فهو «بوابة الجنة» لماهر كدو من تأليف الكاتب
الفلسطيني
حسن سامي اليوسف. وكدو هو صاحب فيلمي «صهيل الجهات» و«دمشق يا بسمة الحزن»،
أما
فيلمه «بوابة الجنة» فيرصد الواقع الفلسطيني في الأشهر التي
سبقت الانتفاضة الأولى
العام 1987، من خلال عائلة من الضفة الغربية الفلسطينية تتلقى الأحداث
وتصبح مشاركة
في صيرورتها.
أما المشاركة السورية في مسابقة الفيلم القصير فهي لفيلم «عيد
ميلاد» وهو الفيلم الأول لعمر علي (نجل المخرج المعروف حاتم علي،
والسنياريو لدلع
الرحبي)، وفيلم «شوية وقت» لماهر صليبي، «السيدة المجهولة»
لفجر يعقوب، «الطريق»
لرسلان شميط، «ملامح دمشقية» لريمون بطرس، «شاب سوري» لياسمين فنري، «ظلال»
لحسام
حداد، و«وأيضاً الأب» لغايه جيجي.
يذكر أن المهرجان يكرم اليوم في افتتاحه
الممثلة أمل عرفة، والمخرج والمدير السابق للمؤسسة العامة
للسينما مروان حداد،
الممثل خالد تاجا، المخرج التلفزيوني نجدت أنزور، المنتج الفلسطيني حسين
القلا،
المخرج السينمائي التونسي رشيد فرشيو، محمود حميدة، يسرا، الممثلة
السويسرية
أورسولا أندروس، المخرج والمنــتج الهنــدي أكبر خان، والمخرج
السينمائي البوسني
أمير كوستوريتسا، والممثلة الإسبانية فيكتوريا أبريل.
أما لجان التحكيم فقد ضمت
في عضويتها للأفلام الطويلة المخرج الفرنسي ريجيس فارنييه
(رئيس اللجنة)، والمخرج
الكوبي توماس نازاريو غونزاليس، والممثلة الهندية بوجا باترا، والمخرج
الكازاخستاني
داريزهان عمرباييف، والمخرجة سارة مالدورور من جنوب افريقيا، والألمانية
هيلما
ساندرز برامز، والناقدة السينمائية ديانا جبور، والمخرج
التلفزيوني حاتم علي،
والممثل حسين فهمي. وللأفلام القصيرة السويسري مارتن جيرو (ئيس اللجنة)،
والمخرج
موفق قات، والكاتبة ديانا فارس، والمخرجة الألمانية بترا وايزنبيرغر. أما
لجنة
تحكيم الأفلام العربية فتضم الكاتب حسن م يوسف (رئيس اللجنة)،
الممثلة سمية الخشاب،
المخرج اللبناني أسد فولادكار، والممثلة المغربية ميساء المغربي، والباحث
الروسي
أناتولي شاخوف.
السفير اللبنانية
في
31/10/2009 |