يتميز حاتم علي الذي يشارك في المهرجان بفيلم سينمائي طويل يحمل عنوان
“الليل الطويل” بجمعه بين مهنتي التمثيل والاخراج وإن بدأ بالتمثيل أولا في
المسلسلات السورية، ثم انتقل إلى الاخراج من دون أن يتخلى عن التمثيل. تحدث
في هذا الحوار الذي أجرته “الخليج” معه على هامش المهرجان عن دور
المهرجانات السينمائية في خدمة الفن السابع، مقدما رؤية غير تقليدية بربطها
بصناعة السينما، وأشار إلى اهمية القطاع الخاص في صناعة سينما سورية، وكشف
عن بعض كواليس فيلمه وعن سبب دخوله الفيلم كمخرج وممثل.
·
يرى البعض أن المهرجانات
السينمائية لا تضيف جديداً لتطوير السينما وإنما مجرد فرصة للقاءات التعارف
طالما أنها لا تتبنى إنتاج أفلام، كيف ترى هذه المقاربة؟
يسود لدى بعض الاعلاميين والنقاد والمثقفين تساؤلات من هذا النوع في ظل
وجود أزمة تمويل حادة للأفلام وبالتالي أليس من الأجدى توفير مصاريف
المهرجانات أو جزء منها لتمويل صناعة سينمائية حقيقية؟ هذا السؤال يقود
لنتيجة محسومة سلفا، وهو عدم إدراك صاحبه أهمية المهرجانات التي توازي
أحيانا أهمية الانتاج السينمائي ذاته خاصة في المنطقة العربية التي لا توجد
فيها تقاليد سينمائية عريقة، بل تسود نظرة انتقادية لفن السينما لها علاقة
بالبيئة الثقافية والدينية إضافة لسيادة نوع معين من أفلام شباك التذاكر
سواء العربية أو الأمريكية. وبالتالي في ظل هذه الظروف أعتبر المهرجانات
السينمائية جزءاً لا يتجزأ من صناعة السينما وبناء تقاليد مختلفة تصبح جزءا
من التكوين الثقافي للمشاهد العربي.
·
طرح أحد الممثلين فكرة اطلاق
قناة تلفزيونية عربية تشتري الأفلام السينمائية في عرضها الأول كحل لانتشال
صناعة السينما من أزمتها طالما ان المشاهد لا يذهب إلى صالات العرض، هل ترى
أن الأزمة عميقة لهذه الدرجة؟
الاقتراح غير موفق وناتج عن سوء تشخيص للمشكلة، هل ستنتهي المشاكل لو تم
هذا الأمر؟ لا ننسى الرقابة العربية على التلفزيون، والقضايا التي تعالجها
السينما وطريقة عرضها للمشاكل لا تتوافق مع عرضها تلفزيونيا، أعتقد ان الحل
الأفضل هو توفير صالات سينمائية، لأنه لا يمكن الحديث عن أن الجمهور لا
يذهب لصالات العرض بينما لا توجد صالات من الأساس، إضافة إلى ضرورة ان
تتحمل الجهات الرسمية نفسها مسؤولية الدعم.
·
المؤسسة العامة للسينما في سوريا
كانت مستأثرة بالانتاج السينمائي في السابق، الآن دخل القطاع الخاص على
الخط، هل لمست تغيرا في الوضع نحو الأفضل؟
هناك محاولات لجر القطاع الخاص إلى السينما، مثلا فيلمي “الليل الطويل” من
انتاج المخرج هيثم حقي الذي أنتج أيضا فيلم “التجلي الأخير لغيلان الدمشقي”
وفيلماً آخر لنضال الدبس بعنوان “روداج” وفيلم سيليينا الذي أخرجته، وهناك
فيلم آخر للمخرج عبد اللطيف عبد الحميد. إذاً، لدينا في العام أربعة أو
خمسة أفلام للقطاع الخاص بينما في السابق كان ذلك معدوما، وأعتبر ذلك
مؤشراً بسيطاً ربما يتطور مستقبلا. مع ذلك تبقى السينما في سوريا واقعة في
مأزق والخروج منها يحتاج إلى معجزات.
·
وجدناك مؤخراً تتجه للاخراج
السينمائي، مع استمرارك في الدراما التلفزيونية. أين تجد الساحة الحقيقية
لتحقيق مشروعك ورؤيتك الفنية والثقافية من خلال الاخراج، الدراما أم
السينما؟
الدراما محكومة بشرطها، لدينا جهاز التلفزيون والجمهور غير المتجانس،
والرقابة، وطريقة الانتاج التي تجافي الفن الحقيقي، كل هذا برأيي يجعل من
الدراما مادة للاستهلاك السريع.
·
هل نفهم من كلامك أنك تتجه نحو
التقليل من الأعمال الدرامية على حساب التوسع في الاخراج السينمائي؟
دائماً نعمل في الدراما لكن عيوننا على السينما، وغالبية المخرجين
السوريين تخرجوا من مدرسة اخراج سينمائية لكن للظروف التي ذكرتها اتجهوا
للتلفزيون ليعبروا من خلاله عن أحلامهم السينمائية. وهذا العامل هو الذي
ادى لتطور الدراما ذاتها لأنها اقتربت من اللغة السينمائية. ولو أتيح لي
العمل في السينما سأتمسك بها على حساب الدراما.
·
كيف ترى وضع السينما في الشرق
الأوسط؟
السينما الايرانية متميزة سواء بموضوعاتها أو طريقة معالجتها الاخراجية،
وأعتبر ان هذه مفارقة تستحق التوقف عندها لأنها آتية من ثقافة اسلامية لكن
لها أسبابها أيضا، وهي الجذور والتقاليد السينمائية العريقة في ايران،
وسنويا تنتج بين 80 إلى 90 فيلما فهي ليست سينما حديثة العهد، ونفس الأمر
بالنسبة للسينما المصرية لكن الفارق بينهما ان الأولى تمتلك مجموعة من
المخرجين الذين صنعوا مجدا من خلال أفلامهم للسينما الايرانية.
·
حدثنا قليلا عن فيلمك المشارك في
المهرجان “الليل الطويل”؟
انهينا التصوير في 19 يوماً وبكاميرا غير سينمائية، بعد ذلك قمنا بنقلها
لشريط 35 ملم في موسكو، وتم التصوير بين دمشق وباريس، ولم يكن لدينا
التمويل الكافي مما اضطرنا للاقتصاد والتقشف، حتى أنني قمت بالتمثيل في
الفيلم لتقليل التكاليف لأن دوري كان في باريس ولم نكن في موقف يمكننا من
توفير نفقات إقامة ورحلة لممثل آخر، فقررت أداء الدور. والفيلم شارك بعدة
مهرجانات، وحصل على تنويه لجنة التحكيم في مهرجان روتردام، وحصل على جائزة
الثور الذهبي لأفضل فيلم في مهرجان توارفينا بايطاليا، ومدعو حاليا لعدة
مهرجانات في شيكاغو بأمريكا ومونبلييه بفرنسا والقاهرة ومومباي ونيودلهي.
الخليج الإماراتية
في
12/10/2009
الليل السوري الطويل.. الاستبداد يقتل الروح
المخرج السوري حاتم علي يدين التعذيب والسجن السياسي في
اشارة الى الاوضاع المرتبكة ببلاده.
أبوظبي - ليلة واحدة هي زمن أحداث الفيلم السوري (الليل
الطويل) الذي يبدأ بهطول المطر وضوء يحاول التسلل إلى ظلمات مغارة أو معتقل
لتكشف
اللقطات التالية عن مجموعة معتقلين قضوا سنوات في ظلمات السجن حيث تقرر
الإفراج عن
بعضهم ومنهم أبو نضال المسن الذي قضى 20 عاما وراء الأسوار ولكنه يموت
وحيدا بمجرد
الوصول إلى بيته القديم.
ولا يبدو السجين الذي قام بدوره الممثل خالد تاجا مكترثا بخروجه إذ ظل
مؤمنا بما
سجن من أجله ويبدو هذا حتى من أسماء أبنائه وبناته "نضال"
و"كفاح". و"عروبة". ولكن
خروج الأب فاجأ الأبناء وأصابهم بالارتباك وهم غير متفقين على الإيمان بما
يراه
أبوهم رسالة فالأخ الأكبر يرى أن أباه أضاع عمره والأصغر يرد
عليه بأن الأب ضحى
بالكثير من أجل الوطن.
ويمضي الرجل ليلته الأخيرة في سيارة أجرة ويكتشف أن معالم الطريق تغيرت.
ويطول
انتظار أبنائه له حتى الصباح فيذهب ابنه كفاح الذي يلعب دوره
الممثل باسل خياط
فيفاجأ بأنه لفظ أنفاسه وقد أسند رأسه إلى شجرة ممددا ساقيه بين أوراق
الخريف.
أما السجين الذي لم يفرج عنه وظل يحلم بأداء دور مسرحي وينتظر الخروج
ليشارك في
مهرجان للمسرح فيتكوم حول نفسه وقد أكل الخوف روحه مع إظلام
الشاشة وانتهاء الفيلم
الذي أخرجه السوري حاتم علي.
والفيلم الذي تبلغ مدته 94 دقيقة عرض مساء الأحد ضمن مسابقة الأفلام
الروائية
الطويلة في مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي في أبوظبي
وينظم له مساء الاثنين
عرض ثان.
والدورة الثالثة للمهرجان تختتم السبت القادم ويشارك فيها 129 فيلما من 49
دولة.
وتنظم المهرجان هيئة أبوظبي للثقافة
والتراث.
ولا يميل الفيلم إلى المباشرة ولا يسعى إلى إدانة نظام سياسي بعينه بل يهمس
في
تصاعد درامي ذي طابع إنساني مكثف ليجعل من حادث خروج الأب فرصة
لطرح أسئلة يصرح
الأبناء بعضها ويترك الفيلم البعض الآخر للمشاهد.
وعقب عرض الفيلم قال مؤلفه ومنتجه السينارست والمخرج السوري هيثم حقي إنه
يهدف
إلى الإعلاء من القيم الإنسانية ويأمل أن تطوى صفحة ماضي هؤلاء
السجناء بانتهاء هذا
"الليل الطويل" وألا تعود هذه الظروف التي أدت بهم إلى هذا الاعتقال.
وعبر كثير من السوريين عن إعجابهم بالفيلم الذي يدين فكرة اعتقال السياسي.
وقال
الشاعر السوري علي كنعان إن دموعه سالت وهو يشاهد الفيلم الذي
اعتبره عملا ملحميا
وأضاف "أنا واحد من أبناء هذا الليل الطويل الذي أرجو أن ينتهي".
ويثور جدل في سوريا حول قضايا حقوق الإنسان رغم أجواء التفاؤل التي واكبت
تولي
بشار الأسد حكم البلاد عام 2000 خلفا لأبيه حافظ الأسد الذي
أنهى حكمه عقودا من
الانقلابات في سوريا.
وقال مخرج الفيلم حاتم علي بعد العرض في شيء من التعميم إن فيلمه يحمل أكثر
من
رسالة ويمكن قراءته وتأويله على أكثر من مستوى إلا أنه لم ينكر
أن الأحوال والظروف
العامة في العالم العربي "تبعث على الأسى والتشاؤم".
ميدل
إيست أنلاين
في
12/10/2009 |