بينما يخوض كبار المخرجين غمار المنافسة في مهرجان كان السينمائي سواء
في المسابقة الرسمية او التظاهرات الموازية، وفي انتظار اطلالة المشاركة
العربية الوحيدة في المهرجان وهي للفلسطيني ايليا سليمان وتحمل عنوان "
الزمن المتبقي"، يتردد في اركان الأجنحة العربية لسوق الأفلام نقاش قديم
جديد حول السوق العربية لتوزيع الأفلام والانتاج المشترك بين الدول العربية
والأسباب التي أصبحت تدفع بعض شركات الانتاج للتوجه الى مهرجانات دولية كما
هو الشأن بالنسبة لمهرجان كان لترويج أفلامها حتى في الأسواق المحلية.
سوق الأفلام
ومن بين هذه الأفلام "دكان شحاتة"، و"ابراهيم الأبيض" و"هيليوبوليس"
وهي أفلام حمل منتجوها حقائبهم الى كان ليس للمشاركة في أي مسابقة رسمية او
غير رسمية وانما للترويج لها في السوق الدولية للافلام التي تقام هنا كل
عام موازاة مع أعمال المهرجان.
فهل يعتبر منتجو هذه الأفلام ان ما يعرضونه في السوق توافرت فيه
المواصفات الكافية لدخول سوق دولية، ام انهم يخاطبون في الواقع السوق
المحلية أيضا من خلال هذا المنبر الدولي؟
لا شك ان الاحتمال الثاني اكثر واقعية أو هذا على الأقل ما فهمته من
حديثي مع عينة من المنتجين والمخرجين والممثلين، ومنهم الممثل المصري خالد
ابو النجا الذي دخل مؤخرا تجربة اشتراك في انتاج في فليم هليوبوليس.
قال ابو النجا: "السوق العربية لتوزيع الافلام غريبة جدا وتاريخها
أغرب، إذ كانت الأفلام العربية توزعها شركات عربية، أما اليوم فمع الاحتكار
الذي تقوم به شركات أمريكية وغيرها، أصبح يسهل انتشار الأفلام العربية ليس
فقط في الخارج بل في الدول العربية أيضا."
ولكن هل من الطبيعي ان تعتمد صناعة السينما العربية على مهرجانات
دولية لتصل الى المشاهد المحلي؟ بالنسبة لخالد أبو النجا "الأمر طبيعي وانا
اعتبر ان هذه المهرجانات وايضا المهرجانات العربية فرصة كبيرة لترويج
أفلامنا".
أما المخرج اللبناني سمير حبشي الذي حضر الى كان للترويج لفيلمه "دخان
بلا نار" وهو انتاج مصري لبناني فيعتبر ان حضور المهرجانات الدولية يغطي
على النقص الكمي والكيفي للمهرجانات العربية التي لا تفتح أبوابا كثيرة على
حد قوله.
ويقول حبشي: "ليس المهم ان يكون المهرجان عربيا أو دوليا، فالمهم هو
ان يوفر لك فرصة الانتشار المطلوبة".
وسواء كان حضور مهرجانات دولية ككان بكل ما يعنيه ذلك من تكاليف باهضة
بالنسبة لشركات الانتاج يدر على أصحابه ربحا يعوض تلك النفقات أم ان
مشاركتهم في المهرجان تظل مشاركة رمزية فان عددا من المخرجين والمنتجين لم
يخفوا اهتمامهم بالدعاية التي يتيحها لهم المهرجان والحصيلة النقدية
الايجابية التي تستفيد منها أفلامهم بعد عرضها ولو في سوق موازية في كان،
لا سيما إذا كانت أعمالهم مثار جدل أو نقاش حول قضايا مرتبطة بالرقابة، وهو
سبب كاف في نظر بعضهم للبحث عن تزكية في الخارج.
فمن يتحمل مسؤولية الخلل في عدم وجود سوق عربية متينة لتوزيع الافلام
العربية ربما تغني أصحابها عن مصاريف الدعاية في الخارج؟
يقول سمير حبشي: "إن الواقع الذي يشهده القطاع يعكس واقعا أشمل من عدم
الانفتاح والتعاون بين الدول العربية، فالسينما وليدة العصر والبيئة،
وبالتالي فان المشاكل السياسية والاقتصادية بين الدول العربية تنسحب على
قطاع السينما أيضا".
وبين من يعتبر أن الحضور العربي في سوق الأفلام الدولية امر طبيعي
بحكم مشاركة كافة الدول على اختلافها وتنوع تجاربها في هذه السوق وبين من
لا يرى فيها سوى رغبة في تمكين الطواقم المشاركة من ممثلين ومخرجين من
تسجيل حضورهم في مهرجان دولي مرموق والتقاط صور تذكارية، يبقى من المؤكد أن
الاهتمام العربي بهذا النوع من المشارك يتزايد عاما بعد عام.
موقع
"الـ BBC
العربية" في 15 مايو 2009
|