دشن مهرجان كان السينمائي الدولي 2009، عاماً جديداً من عشق السينما،
تمجيداً لفنونها التي تقدم عصارة الحياة، وخلاصة الوجود في خيالات ملونة.
وتأتي أهميته لكونه يتقدم مع كل دورة جديدة، خطوات واسعة إلى الإمام، لذا
يمكننا أن نطلق على دورته الثانية والستين (مهرجان المخرجين العظام)،
فرانسيس فورد كوبولا، وجين كامبيون، وكوانتين ترانتينو، وكين لوش، وآلان
رينيه، ومايكل هاندكيه، بيدرو المودوفار، وإينابار، وإيليا سليمان،
لتنافسهم هذا العام على جائزة السعفة الذهبية وبقية الجوائز.
بدأ مهرجان كان فعالياته التي تختتم في الرابع والعشرين من الشهر
الجاري، وفي كل دورة يقدم مفاجأة مدوية، فهو ليس مجرد احتفالية عادية
بالأفلام، بل إنه مهرجان يحظى بمكانة متميزة في مجال السينما، يعتبره
القاصي والداني قبلة الفن السابع في العالم، ولا يخفى على أحد توجهه
السياسي بالدرجة الأولى، حيث يأخذ موقفاً مؤيداً لحركات النضال في كل مكان،
كما يقدم لكل مخرج كبير أو صغير، فرصة الإعلان عن ميلاده، بآرائه التي قد
ترفضها بلاده، أو بتفوقه الفني.ففي الدورة التاسعة والخمسين، ثار جدل شديد
بسبب عرض فيلم (شيفرة دافنشي) بطولة توم هانكس إخراج روان هوارد، وفي العام
1969، فاز الفيلم السياسي(زد) للمخرج كوستاغافراس بجائزة لجنة التحكيم
بإجماع الأصوات.
وفي العام 1970، فاز فيلم( ماش) إخراج روبرت التمان بالجائزة الكبرى،
وكان فوزه مفاجأة كبيرة، لأنه الفيلم الكوميدي الأول الذي يفوز بهذه
الجائزة، ونال فيلم(قضية ماتيه) عام 1972 الجائزة الكبرى( السعفة الذهبية)
مناصفة مع الفيلم الإيطالي(الطبقة العاملة تذهب إلى الجنة)، وقضية ماتيه
إخراج فرانشيسكو روزي أحد ألمع مخرجي الأفلام السياسية في السينما
الايطالية. والفيلم مأخوذ عن قصة حقيقية لأحد كبار رجال البترول في العالم،
وموقفه ضد استغلال شركات البترول لبترول العرب، بينما يعيش العرب في فقر،
فتسقط به الطائرة ويفقد حياته لموقفه المتصلب في محاربة الاحتكار.
أماالمخرج البولندي الكبير أندريه فاجدا فقد قلب الأحداث التي تشغل العالم
عام 1981 بفيلمه( رجل من حديد)، وفاز بالسعفة الذهبية، عندما قدم قضية
إضرابات عمال بلاده، وفاز بالتعاطف معهم.وفاز فيلم(بابا في رحلة عمل)
للمخرج اليوغسلافي أمير كوستاريكا بالجائزة الكبرى بإجماع كل الأصوات،وأعلن
عن ميلاد مخرج شاب عبقري.
وكانت لفيلم(الطريق) الذي أخرجه المخرج التركي يلماظ جونيه من منفاه
بتمويل سويسري، قصة أخرى،بينما نفذه مساعده، وتكاتف مهرجان كان مع مخرج
مناضل مضطهد في بلاده. أما فيلم(سلام بومباي) للمخرجة ميراناير، فقد فاز
بجائزة الكاميرا الذهبية في العام 1988، وهي تمنح للمخرجين الذين حققوا في
أول أفلامهم مستوى فنياً ورؤية جديدة للقضايا الإنسانية.
وفاز فيلم( البيانو) الذي أخرجته وكتبته جين كامبيون بالسعفة الذهبية
عام 1992، وكانت سابقة أن تفوز مخرجة شابة بهذه الجائزة.
ومن عادة مهرجان كان أن يكسر كل القواعد، وكما قدم من قبل الفيلم
الوثائقي (فهرنهايت 11/9) للمخرج الأميركي المثير للجدل مايكل مور، في
افتتاح الدورة السابعة والخمسين.
والتي فاز فيها أيضا بالسعفة الذهبية، ها هو بكل جسارة، يقدم فيلم
رسوم متحركة في افتتاح دورة هذا العام، مادام مصنوعاً بحرفية متميزة
وقائماً على فكرة جيدة، ويحقق تجسيد المشهد بواسطة الرؤية عن طريق نظارة
مبتكرة تؤدي إلى الرؤية ثلاثية الأبعاد. الفيلم هو (أعلى) للمخرج الأميركي
بيت دوكتير من إنتاج استوديوهات شركة (باكسار) المتخصصة في أفلام الرسوم
المتحركة وتوزيع شركة (ديزني).
ورغم أنها المرة الأولى التي يفتتح فيها مهرجان كان بفيلم رسوم
متحركة، لكن سبق له أن عرض أفلاماً كثيرة مماثلة داخل المسابقة الدولية
مثل: رامبو (1974)، وشريك (2001)، وشريك (2004)، وباندا كونغ فو (2008).
هذه هي بعض مفاجآت (كان).. ومازال مهرجانها يتألق بالمفاجآت والأفلام
المنتقاة بعناية وإتقان لتحظى بالجائزة الكبرى وتقدير لجان التحكيم
والمشاهدين.
البيان
الإماراتية في 17
مايو 2009
|