بعد سنوات من الغياب
والحضور الخجل للسينما البريطانية في مهرجان كان السينمائي الدولي، تضرب
السينما
البريطانية هذا العام وبقوة في مهرجان كان السينمائي في دورته الثانية
والستين،
مؤكدة حضورها (بحفنة) بارزة من المخرجين، يتقدم القدير كين لوش
الفائز بالسعفة
الذهبية عن تحفته «الريح التي تهز حقل الشعير».
وقبيل ان نذهب الى الحضور
البريطاني السخي، نشير الى ان كان هذه الأيام تشهد كثير من
الازدحام، رغم ان تقارير
صحفية أشارت الى تراجع الحضور بنسبة 30 في المئة، كنتيجة للأزمة الاقتصادية
العالمية، والتي تعصف في جميع الاتجاهات، وتبدو السينما حتى الآن بعيد عن
تلك
التأثيرات، ولكن مثل تلك التقارير الأولية تؤكد بان الجميع تحت
مقصلة الأزمة
الاقتصادية العالمية ونعود لبيت القصيد...
حيث تعود السينما البريطانية، بعد
عامين من الغياب التام، عن المسابقة والاختبارات الرسمية، بعد
ان كانت هي والسينما
الأميركية والايطالية الأكثر حضورا، ولكن عودة السينما البريطانية، تأتي
مقرونة
بمساحة من التراجع في الحضور الأميركي (الصريح).
أول المشاركات، التي تعاول
عليها السينما البريطانية، تلك العودة المرتقبة للمخرج القدير
كين لوش، والذي يقدم
في المسابقة الرسمية، هذا العام، فيلم «البحث عن ايريك».
وهو يغزل على نفس
الاتجاه الواقعي، الذي اشتغل عليه لوش سنوات طويلة، عدا فيلمه الملحمي
الكبير «الريح التي تهز حقل الشعير» والذي حصد عنه
السعفة الذهبية عام 2006.
تدور
أحداث فيلمه «البحث عن ايريك» حول حكاية ساعي بريد في مدينة مانشستر
البريطانية،
والذي يعشق كرة القدم، والذي يبذل جهوده، للوصول الى النجم الكبير ايريك
كانتونا
«فرنسي»
يلعب مع فريق مانشستر يونايتد لكرة القدم، من أجل التعلم منه دروسا في
الحياة.
والطريف ان اسم ساعي البريد، هو «ايريك» وتبدأ رحلته، للوصول الى «ايريك كانتونا» الحقيقي، ولكن نجم الملاعب
المتألق، لم يكن في حقيقة الأمر متألقا
على المستوى الاجتماعي... وتتداخل الاحداث بشكل يجعلنا نقترب
من عالمين مختلفين،
ويشارك اللاعب الفرنسي المختزل «ايريل كانتونا» في التمثيل في
الفيلم.
والطريف ان كانتونا الذي اعتزل كرة القدم، اتجه لاحقا الى عالم الفن
السابع، حيث احترف الاخراج والتمثيل، وساهم في وضع فكرة الفيلم الجديد، وقد
عرضها
على كين لوش - وهو احد مشجعي مانشستر يونايتد - الذي رحب بدوره بالفكرة...
فكان هذا
العمل المرتقب.
ومن أبرز ما قال كانتونا، قبيل وصوله الى كان: «أحاول العثور
على طرق مختلفة لكي أعبر عن نفسي، لو لم أفعل ذلك... لمت».هكذا هي اللغة
التي يعمل
بها هذا النجم، الذي رغم ابتعاده عن الملاعب الخضراء، الا انه
لايزال نجما، بعد ان
التحق بالسينما.
وضمن جديد السينما البريطانية يأتي فيلم «حوض السمك» اخراج
اندريا ارنولد والذي كان قد فاز بجائزة لجنة التحكيم عام 2005 عن فيلم
الرعب «ريد
رود» وهذه المرة يقدم فيلما اجتماعيا، يذهب بعيدا في تحليل
المجتمع
البريطاني.
من خلال احداث الفيلم التي تتمحور حول فتاة عمرها (15) عاما،
تتصالح مع صديق والدتها الجديد الذي يجسده النجم المجري مايكل ماسبندر في
حكاية
تتداخل احداثها، وتتعامل مع الواقع بكثير من الشفافية المدهشة.
وتحت مظلة
السينما البريطانية ايضا، يأتي فيلم «النجم الساطع» من اخراج النيوزيلندية
جين
كامييون الفائزة بالسعفة الذهبية عن فيلم «درس بيانو» عام 1993 وفيلمها
الجديد
انتاج استرالي - بريطاني - فرنسي مشترك ويتناول الفيلم قصيدة
بنفس اسم الفيلم
للشاعر البريطاني الرومانسي «جون كيتس» تحكي تلك القصيدة قصة حب فاشلة بين
الشاعر،
الذي برز اسمه في القرن التاسع عشر وعلاقته مع جارته الشابة التي هام بها
ومنحها كل
حبه.
الفيلم من بطولة الممثل البريطاني الشاب بين ويشاو الذي يتقمص شخصية «كيتس».
هل تريدون المزيد...
وضمن الحضور البريطاني، يأتي المخرج
الكبير جون بورمان الذي يترأس لجنة تحكيم الافلام القصيرة،
ومعه في اللجنة مخرجنا
العربي التونسي مزيد بوغدير.
وحري بالذكر ان بورمان من اصدقاء كان، حيث حقق
كثيرا من الحضور والجوائز كما ترشح للاوسكار خمس مرات وهو عضو
الاكاديمية
البريطانية ومن أبرز رجلات السينما البريطانية اليوم.
بهذا الحضور، تحقق
السينما البريطانية معادلة حضور الأجيال، من أجل التأكيد للعالم، ان
السينما
البريطانية لاتزال تمتلك الحضور والمبادرة عبر أجيالها السينمائية.
فهل يحقق
ذلك الحضور شيئا من الحصاد، هذا ما ينتظره الجميع في نهاية المهرجان...
وهذا له
حديث وحكاية أخرى.
النهار
الكويتية في 14
مايو 2009
وجهة نظر
حصاد
عبد الستار ناجي
يتصور البعض ان دور المهرجانات يقتصر على
تقديم واستضافة الافلام ومنحها جوائز.
ولكن الملاحظة التي تطل هنا في «كان»،
وبشكل جلي، ذلك الحصاد القادم من عدد من المهرجانات، ولو توقفت
عند مهرجان دبي
السينمائي الدولي، والذي بات اليوم يحتل موقعه الراسخ والمتميز على خارطة
المهرجانات السينمائية الدولية، نجد بان عدداً من الاعمال السينمائية
العربية على
وجه الخصوص، وجدت الدعم، وحصلت عليه من خلال وجودها في دبي.
وهذا ما نلمسه
مع فيلم «أميركا» اخراج الفلسطينية شيرين دعيبس، والتي وفقت في الحصول على
الدعم من
عدد من القطاعات الانتاجية، خلال وجودها منذ عامين في مهرجان دبي السينمائي
الدولي،
من بينها قطاعات انتاجية كويتية تبحث عن الفرص الحقيقية، وتأخذ بيدها،
وتمنحها
الحياة والانجاز، وهذا ما تم من خلال مبادرة الشيخة «الزين
الصباح» والتي استطاعت
ان ترصد عدد من المعطيات الايجابية، في مجموعة من السيناريوهات الشابة
والطموحة،
والتي تذهب لتحقيق كم من القضايا والافكار عن قضايا الانسان العربي، على
وجه
الخصوص، وهو جهد يستحق كل معاني الاشادة، مشيرين الى ان الشيخة
الزين الصباح، كانت
وراء انجاز فيلم «رحلة الى مكة» عن الرحالة العربي ابن بطوطة والذي لايزال
يعرض في
انحاء العالم.
هكذا هو الحصاد، وهكذا هو دور المهرجانات السينمائية الدولية،
في تأمين فرص التواصل والحوار والتعاون الفني المشترك، وتأمين الفرص
المناسبة أمام
الطرفين المبدعين والمنتجين على حد سوء.
فتحية لمهرجان دبي على مثل هذه
الفرص، وتحية ايضا للشيخة الزين الصباح على مبادرتها وحضورها
ودعمها واختياراتها
الايجابية.
وعلى المحبة نلتقي
Anaji_kuwait@hotmail.com
النهار
الكويتية في 14
مايو 2009
|