أسدل مهرجان برلين السينمائي الدولي الستار يوم الأحد الماضي علي
دورته التاسعة والخمسين, بعد أن أعلنت لجنة التحكيم الدولية أسماء
الأفلام والنجوم الفائزين بجوائز هذا العام.
وإذا كانت دورة هذا العام قد شهدت العديد من المفاجآت سواء في أعضاء
لجان التحكيم أو في موضوعات الأفلام المتنافسة, لم تخل جوائز المهرجان
أيضا من المفاجآت.. حيث نجحت سينما أمريكا اللاتينية في الفوز للعام
الثاني علي التوالي بنصيب الأسد من جوائز المهرجان, لتؤكد نجاحها في أن
تثبت تفوقها وتواجدها بالعديد من المهرجانات السينمائية الكبري علي مدار
السنوات الأخيرة. فقد نجح فيلم حليب الأسي للمخرجة كلاوديا ليوسا من بيرو
في اقتناص' الدب الذهبي', أكبر جوائز مهرجان برلين.. وتدور قصة
الفيلم حول حالة الانقسام الاهلي في بيرو والعنصرية التي تمارس علي اتنيات
أو فصائل عرقية معينة, ممثلة في مدينة ليماوضواحيها الفقيرة..
حيث ركزت المخرجة في عملها الذي يصور عادات وتقاليد اتنية الـ'
كيتشوا' علي أهمية التقاليد والطقوس في حياة هذه المجموعة, ويصور
الفيلم علاقة هؤلاء السكان بالحياة والموت وكذلك الزواج, من خلال قصة
امرأة شابة تعاني من آثار النظام الإرهابي الذي ساد بيرو قبل عدة أعوام.
وتعد هذه هي المرة الأولي التي تشارك فيها بيرو في المهرجان, بينما يعد
حليب الأسي العمل الثاني لهذه المخرجة الشابة التي حصل عملها الأول علي
أكثر من20 جائزة في مهرجانات دولية. ولعل من أهم من الدوافع التي حفزت
لجنة التحكيم لإعطائها جائزتها, كما ورد في بيان صادر عن اللجنة, عزمها
مكافأة' الأعمال التي تتحدث عن الأوضاع السياسية القائمة بتوازن مع الصيغ
الشاعرية' ويعد هذا هو العام الثاني علي التوالي الذي يتوج فيه مخرج من
أمريكا اللاتينية بجائزة مهرجان برلين الكبري, حيث فاز المخرج البرازيلي
جوزيه باديلا بجائزة الدب الذهبي العام الماضي عن فيلم' فريق الصفوة'.
أما جائزة لجنة التحكيم الكبري, فمنحت مناصفة لفيلمين أولهما ألماني
والآخر أرجنتيني, يتناولان موضوعات اجتماعية.. حيث يبرع الفيلم
الأول' جميع الآخرين' للمخرجة مارين آد ثاني المخرجات الفائزات هذا
العام في رصد قصة وتوضيح مدي التقارب والتباعد والشك واليقين ومشاعر الحب
والكره القائمة بينهما, بعيدا عن زحام العمل والمدن خلال بضعة أيام
إجازة, والتي سرعان ما تتاثر عند اقتحام الآخرين لهذه العلاقة. بينما
اتجه الفيلم الأرجنتيني' جيجانتي' للمخرج ادريان بينيي, والفائز
مناصفة بجائزة لجنة التحكيم الكبري, نحو موضوع اجتماعي سلط من خلاله
الضوء علي الإنسان المطحون في مدن اليوم تحت وطأة الأزمات الاقتصادية,
وذلك من خلال قصة حارس ليلي لـسوبر ماركت يقع في حب عاملة تنظيف. وبمجرد
ملاحظته لها, يعكف علي مراقبتها من خلال كاميرات التصوير المصوبة في كل
مكان ويحاول التعرف عليها بشتي الطرق, وذلك في إطار من الحبكة الرومانسية
المؤثرة والشاعرية, التي تعبر عن المجتمع الأرجنتيني المعاصر. بينما
حصل المخرج الإيراني أصغر فارهيدي علي جائزة' الدب الفضي' لأفضل مخرج
عن فيلمه' عن إيلي' الذي يتناول قصة إمرأة اختفت في عطلة نهاية الأسبوع
مع صديقاتها.. ويتزامن فوز فرهادي بجائزة أفضل مخرج في برلين مع فوزه
بجائزة عن فيلمه في طهران. كما فازت الممثلة النمساوية بيرجيت مانشيماير
بجائزة الدب الفضيلأحسن ممثلة عن دورها في فيلم' جميع الآخرين'. بينما
نجح الممثل المالي سوتيجي كويات في اقتناص جائزة' الدب الفضي' لأفضل
ممثل عن دوره في فيلم' نهر لندن' الذي يتعرض للهجمات التي وقعت في
يوليو2005 في العاصمة البريطانية.الفيلم للمخرج الفرنسي الجزائري الأصل
رشيد بوشارب الذي يشارك لأول مرة في مهرجان برلين, من جانب أخر, فاز كل
من أورين موفيرمان واليساندرو كامون, كاتبا سيناريو الفيلم الأمريكي
الرسول بجائزة الدب الفضي لأفضل سيناريو. ويتناول الفيلم بشكل غير مباشر
حرب العراق وانعكاساتها علي المجتمع الأمريكي.
وبشكل عام, نجحت جوائز هذا العام, وإن لم تخل من المفاجآت, في
الانتصار لسينما المشاعر الإنسانية
الأهرام
اليومي في 18
فبراير 2009
|