يدير
السينمائي
الإماراتي
مسعود أمر الله آل علي مهرجان دبي السينمائي الدولي الذي إحتفل هذا العام
بمناسبته الخامسة. والبارز في الموضوع أن مهرجان دبي واحد من المهرجانات
العربية
القليلة التي يشرف عليها ويديرها سينمائي فاعل ومعروف. فقد عمل
مسعود مخرجاً
سينمائياً من قبل واكتسب تجربة إدارية نافذة من خلال تأسيسه مهرجان أفلام
من
الإمارات وهو المهرجان الذي أقيم في المجمع الثقافي في أبو ظبي قبل أن ينضم
إلى
إدارة مهرجان دبي السينمائي الدولي. أنه إنسان هادئ الصفات
يختار كلماته بعناية،
ويتميز بالصدق ما خلق من حوله إجماعاً على أنه الرجل المناسب في المكان
المناسب.
معه دار هذا الحديث الذي تناولنا فيه شؤون وشجون مهرجان دبي والمهرجانات
العربية
بشكل عام.
·
هناك انتقادات حول عرض فيلم
'W'
في ليلة الافتتاح كونه فيلماً
سياسياً في مهرجان ثقافي وفني بالإضافة إلى كون الفيلم ضعيفاً برأي البعض،
كيف
تردون على ذلك؟
هذه مسألة
اختيارات وذوق وفهم. من الممكن أن أدخل أنا وأنت إلى
السينما لمشاهدة فيلم ما، فيعجبني ولا يعجبك وهذا لا يعني أنه، بغض النظر،
جيد أم
لا. أما بالنسبة لكونه فيلما سياسيا، فهل يمكن أن نفصل السياسة
عن الثقافة اليوم؟
هل
الوثائق العربية الخمس عشرة المشاركة مفصولة عن السياسة؟ هل السياسة عالم
والثقافة عالم والاجتماع عالم؟ هناك تداخلات وتأثيرات بينها جميعاً. قد
يكون طرح
الفيلم سياسي لكننا ننظر إليه من وجهة نظر سينمائية لأن
الانحياز للسينما هو الأهم
بالنسبة لنا. أوليفر ستون مخرج سينمائي بالدرجة الأولى، قد يطرح فيلما فيه
سياسة،
لكنه يطرحه سينمائياً.
·
هناك حديث عن تنافس سينمائي من خلال
المهرجانات بين ثلاث
مدن خليجية هي دبي، أبو ظبي، ومؤخراً تم الحديث عن مهرجان الدوحة، ما الذي
سيميز كل
مهرجان عن الأخر؟
هل نحزن
إذا كان لدينا خمس مكتبات في مدينة واحدة؟ فلتكن هناك
مهرجانات، كل مهرجان له سياسته وإستراتيجيته وفهمه الخاص بحسب أوليات
وأهداف يضعها
لنفسه. كلما كثرت المهرجانات كلما زاد الوعي و استيعاب
الجمهور، وشُجِّعَتْ صناعة
الأفلام الجديدة. التنافس الذي سيكون موجود سيكون صحيح، وطالما أنه تنافس
شرعي فهو
مهم. أما إذا كررت المهرجانات نفسها، فهذا هو الخطأ.
·
ألا يمكن أن تضر
المهرجانات العربية بعضها بسبب قرب الفترات الزمنية؟
كل مهرجان
يغطي مساحته وله
أهدافه وجمهوره وهو مختلف تماما عن جمهور وأهداف دبي على سبيل المثال.
تزامن
المهرجانات مع بعضها يمكن أن يشكل إرباكا بالنسبة للضيوف و نسخ الأفلام.
لكن
بالنهاية، لكل مدينة ظرفها أيضاً.
·
العام الماضي كان هناك تضارب بين مهرجاني دبي
ومراكش، كما أن الكثير من النقاد طالبوا بالتنسيق بين
المهرجانات،هل حدث تنسيق هذا
العام أو هل سيكون هناك تنسيق في المستقبل ؟
التضارب
سيحدث في المستقبل أيضاً،
أنا لا أرى المسألة بهذه الحدّية. لماذا لا يطرح النقاد المسائل
الايجابية؟،
وأتساءل هل كان مهرجان مراكش أو دبي أو أبو ظبي فاشلا، إذا كانت كل
المهرجانات
ناجحة فأين المشكلة؟
أنا أقول
أن هناك تضاربا في بعض الأشياء لكن ليس في كل
الأشياء، فجمهور مهرجان القاهرة لم يتأثر عندما تزامن مع مهرجان دبي. لأي
مهرجان
عدة جوانب منها الصناعي والثقافي؛ بالإضافة، لوجود الرعاة. كما
أنني شخصياً لا
أعتقد أن الجلوس على طاولة واحدة للتنسيق سيحل المشاكل. فهل نقل مهرجان دبي
إلى
فترة الصيف الحار سيحقق هدفنا الذي نسعى إليه؟
·
بعد خمس سنوات، ما سر نجاح
مهرجان دبي؟
أنا آخر
من يمكنه التكلم عن سبب النجاح. نحن نعمل للأفضل، أما مسألة
النجاح أو الفشل فهي مسألة نسبية خاضعة للحضور نفسه. لكننا
نسعى دائماً لتفادي
أخطاءنا أولاً ، ولنقدم شيئاً مختلفا ثانياًً، ثم ثالثاً أن نكون معنيين
بالسينما
أكثر من أي شيء آخر. كما أننا نجحنا في تحقيق هدفنا في أن نقدم للجمهور
فرصة رؤية
سينما مجهولة لا تُعرض في الصالات التجارية في دبي.
·
استطاع المهرجان الوصول إلى
السينما، لكن هل استطاع توطينها وهل نستطيع أن نرى ملامح لهذه
السينما في الإمارات؟
لا يولد
الطفل من بطن أمه ومعه شهادة دكتوراة. المسألة تعليمية بالدرجة الأولى،
عمر دولة الإمارات 37 عاما وعمر السينما 115 عاما، نحن لا نريد
أن نقفز فوق الحواجز
ونقول أصبح لدينا سينما، فكل شيء يأخذ وقته. اليوم لدينا في الإمارات أكثر
من 140
فيلماً قصيراً ينتج سنوياً؛ هذا الانجاز لم يكن قبل خمس سنوات. هناك فيلمان
قصيران
من الإمارات في المسابقة الرسمية في المهرجان، وهناك برنامج
فيه خمس أفلام إماراتية
أخرى، هذا كله حدث في خمس سنوات. لنصعد السلم خطوة خطوة ولا نقفز لأننا
سنقع ونعتقد
أننا وصلنا إلى السينما بسهولة. السينما ثقافة ووعي وفهم. نحن بحاجة لعوامل
كبيرة
لنصنع سينما جيدة وهذا لن يحدث بين ليلة وضحاها، لأن هذا الفن
حديث في دول المنطقة،
رغم المحاولات التي قام بها المخرجون في السنوات السابقة والتي كانت
محاولات فردية
بحاجة إلى أن تصبح حالة جماعية، الأمر الذي يتطلب وقتاً طويلاً. أنا لست
مستعدا لأن
أر فيلما مصنوعاً بشكل سيء بسبب الاستعجال. و إذا أخذنا دولا
كمصر أو سورية فكم
فيلماً موجود عندهما يستحق ان يكون في المهرجانات؟ الجواب هو عدد قليل،
فلماذا نحزن
على حالنا؟
·
في دبي الآن مهرجان أخر مختص بالسينما
الخليجية تنتقون منه أفضل
الأفلام لعرضها في مهرجان دبي، ألا تظن أن فصل هذا المهرجان عن مهرجان دبي
سيحرم
أفلاما جيدة من الإطلالة العالمية؟
فليأت
المهتمون إلى الخليج ويشاهدونها، لا
يمكن أن يكون البرنامج جزء من مهرجان دبي، مع ذلك هناك برنامج أصوات خليجية
يقدم
أفلاما من دول الخليج. كما أن مهرجان دبي لا يستوعب 300 فيلم خليجي إذا
كانت كل
عروضه 181 فيلماً. كما لا يمكن مقارنة عمل تكلفته حوالي مئتي
مليون دولار وعمل
تكلفته حوالي خمسة الاف دولار، عندها ستكون المقارنة ظالمة جداً. كما أن
الهدف من
مهرجان السينما الخليجية هو تسليط الضوء على النجوم الخليجيين عندما يمشون
على
السجادة الحمراء والا سيأتي شخص من الخارج كنيكولاس كيج ويخطف
الأضواء.
القدس العربي في 23
ديسمبر 2008
|